(4)

   (بقلم :نهال عبد الواحد )

عادت أم علي وزوجات أبناءها فوجدت علي يجلس مع إخوته في حاله مهمومًا وما أن وصلن حتى صاح كامل متهللًا: هه! شوفتو العروسة؟

أهدرت أسماء بإعجاب: زينة زينة زينة جمر والله!

بينما نبست منال بضيق: لا جمر ولا حاجة، عادية يعني.

اتسعت عينا أسماء بصدمة وصاحت: عادية! لا جمر.

- عتعرفي أكتر مني ده أنا الكبيرة و مرت الكبير.

- خلاص! عادية يا منال إرتاحتي!

صاحت حُسنى: بس يا بت إسكتي ساكته إنتِ وهي، وإنتو خدوا حريمكم و فوتوا من إهني، عايزة أتحدت مع ولدي حديت خصوصي.

غمز قاسم لأخيه وقال مشاكسًا: ماشي! أيوة ياعم مبروك يا عريس!

نبست منال بنفس ضيقها: فرحان على ايه إنت التاني؟!

صاح قاسم: إكتمي وفوتي جدامي!

وبعد أن انصرف الجميع وانفردت الأم بولدها، تحدثت بحنان: مالك بس يا وليدي؟

أجابها علي بقهر: مالي يا مي؟! في إيه؟

- عروستك يا ولدي زي فلجة الجمر، بدر مصور الله أكبر! مفيش ف جمالها ف بيت علي، لا! ولا ف البلد كلاتها! عنيها واسعة اكده وزينة، وشعرها أسود حرير تجعد عليه، ولا رَسمها يا ولدي تتمتع بيها يا حبيبي، دي عليها...

فقاطعها علي بضيق: بزياداكي يا مي الحديت دي، بتحليها ف عيني يعني إكده؟

- لا بجه هي جمرة وبكرة تسحرك بجمالها دي، و بيحكوا ويتحاكوا على وكلها، هو الراجل عيعوز إيه غير واحدة بت أصول وزينة يتمتع بيها وست بيت مفيش زييها؟! في إيه تاني!

- في إنه غصب بنغصب يا مي كِيف البنتة،  طب البنتة لما تتغصب جوزها يراضيها ويِجلّعها لحد ما ترضى بيه وتعشجه صوح،  الراجل المتغصب بجه عيعمل إيه! فوتيني لحالي و همليني يا مي.

- لا بجه ما ههملكش و هناجي مع الرجالة و تجعدوا و تتفجوا الخميس الجاي،  والجمعة ننزل كلاتنا نشتروا الدهبات، و يادوب الشهر الباجي على معاد الدخلة كل واحد يجهز فيها حاله... واه! عتفوتني و أنا بتحدت!

فالتفت لأمه قبل أن يغادر قائلًا بقهر: جالوها جبل سابج هي موتة ولا أكتر.

وجاء بالفعل يوم الإتفاق وامتلأ بيت صالح بإخوته و علي و إخوته وأعمامه وأمه و زوجات إخوته، كانت راضية قد طبخت كل شيء وخبزت الخبز المقدم، و تذوق الجميع أروع طعام يمكن أن يأكلوه لكن لم تظهر راضية إلا لحظات لأمه وسلفاتها ولم تخرج للرجال أبدًا.

اتفق الرجال على تفاصيل الزواج وثمن الذهب الذي سيشتريه العريس لها و...
قرؤا الفاتحة على ذلك، ظلت كريمة وحُسنى تطلقان الزغاريد والجميع سعداء بتلك الخطوة إلا أصحاب الزيجة أنفسهم راضية وعلي؛  في قمة بؤسهما وقلبهما يعتصر حزنا من اتمام تلك الزيجة.

وكان في الغد موعد شراء الذهب و الجميع قد ذهب في فرحة، لم يحاول كلا من علي و راضية أن ينظر كلًا منهما للآخر ولا حتى على سبيل حب الإستطلاع فواضح أن الأمر مرفوض تمامًا للطرفين، وكلما اقترب موعد الزفاف زاد الهم والغم في قلبيهما.

وذات يوم دخلت كريمة في حجرة راضية وأهدرت بسعادة: كيفك يا ست العرايس؟

صاحت فيها راضية بعضب: فوتيني لحالي سايج عليكِ النبي.

- واه! ده إنتِ حتى ما فرحتيش بدهباتك اللي ما حدش جاله زييهم.

-عادي ما بصيتش فيهم.

- طب وعريسك؟ ده طلع بسم الله ما شاء الله جدع إحلوى وطول بعرض، عريس ملو هدومه صوح.

- ما بصيتش عليه هو التاني.

- وااه عليكِ يا بت عمي! ما بصتيش حتى من تحت لتحت!

- ما بصيتش ياكريمة يا بصيتش! ما عتفرجش كله محصل بعضيه؛ كده كده كله غصب.

- بجيتي بتعزي النكد كد عينيكِ.

- بجهز نفسي للعيشة الجديدة.

- واا!  إيه اللي عتجوليه دي؟

- واضحة زي عين الشمش، هو كماني متغصب، الحال من بعضيه يا خيتي؛ ما حاولش يشوفني ولا يكلمني، ولا حتى ياجي يسلم علي ويجولي أنا فلان تمثيل يعني الحال من بعضيه ماعايزاش أفكر ف أي حاجة حتى خايفة أفكر ف أيامي الجاية شكلها كِيف.

- خير وهنا يا حبيبتي  إن شاء الله، المهم دلجيتي عايزين ف الصبح ننزل نشتري جهازك وهدوماتك الجديدة يا عروسة.

- ييه يا ولية ما عتفهميش ما عايزاش أسمع الكلمة دي واصل! أجوم أبندجك وأخلص!

- يا بت عننزل نشتري هدومات جديدة وحاجات إكده لزوم الجلع....

قالتها كريمة ثم رنت ضحكتها فقوست راضية شفتيها باستخفاف قائلة: يا مراري منيكِ! جبيهم لنفسك يا خيتي  وإتجلعي لجوزك وفوتيني لحالي.

- وانا يعني مستنياكي تجوليلي جايبة يا خيتي كل حاجة...

فضحكت كريمة مجددًا، فصاحت فيها راضية: اختشي يا ولية عيب عليكِ!

- لا ما عيبش ولا حاجة مش لازم تعرفي عتعملي ايه...

وانفجرت ضحكتها ثالثًا فأغمضت راضية عينيها محاولة السيطرة على غضبها: يا مراري! جومي من إهني يلا جومي عايزة أرجد، يلا فوتي!

وخرجت كريمة ولازالت تضحك ضحكات مدوية وبعد أن خرجت كريمة ابتسمت راضية وقالت: هم يضحّك، الله يجازيكي يا بعيدة! جويني يارب!

قالت الأخيرة بحزن شديد، أما عند علي فكان يجلس على باب المندرة حيث الهواء المنعش ويدخن بشراهة سيجارة خلف الأخرى فجاءه قاسم فأعطى لأخيه يدخن معه.

فتحدث قاسم: إيه يا عريس؟

فنظر له علي ثم استدار دون رد، فأكمل قاسم: إيه؟ لحجت تشغلك للدرجة دي؟

- هي مين دي؟!

- واه!  عروستك ياض!

أومأ علي ببرود:ولا بصيتلها.

فصاح قاسم: واه!  يا جلبك! والله عروستك جمر ياض ما تخافش وعيشتك عتبجى زين الزين إن شاء الله.

- عجول إيه! ماانت مااتجوزتش غصب بحكم جعدة رجالة.

- يا خوي لا جعدة ولا وجفة، المهم جِسمتك زين الزين، مع إن البجرة اللي فوج مصممة إنها عادية.

فضحك علي: هي منال لحجت تحطها ف راسها، الله يرحمك يا راضية!

فضحك قاسم ثم قال: أيوة إكده اضحك، والله يا واد بوي كل الحريم واحد ف الآخر! بس أجليها عتصطبح و تتمسى بخلجة زين مش فجر مصور زي اللي حدانا، بجوا جوز غربان جمب مرتك ياعلي.

- عملتها مرتي خلاص؟

- أمال إيه؟! فات الكتير ومابجيش إلا الجليل وتبجى مرتك و ف فرشتك.

- ما تفكرنيش الله لا يسيجك.

- عيل فجري وبوز نكد، خليك جاعد إندب حظك كيف الحريم.

وتركه وذهب وظل عليًّا جالسًا وحده.............

NoonaAbdElWahed
                                        

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top