(20)

  (بقلم :نهال عبد الواحد )

أخذت حُسنى في الزغاريد بعد ما علمت الخبر السعيد، بالطبع قد إستيقظت منال على صوت تلك الزغاريد، وانطلقت نحو مصدر الصوت فإذا به يأتي من عند راضية فدخلت عندهم مسرعة.

وصاحت منال: في إيه يا مرت عمي ع الصبح إكده؟

فأهدرت حُسنى بسعادة: جولي صباح الخير الاول.

صاحت منال على مضض: صباح الخير،  في إيه؟

- راضية حبلى ماشاء الله الله أكبر.

- وعرفتو كِيف؟ عتجول إكده عشان ترجد إنهاردة و تفر من شغلها!

قالت راضية: يا ولية الناس تجول مبروك، وبعدين أنا مااتعبش م الشغل واصل،  أحب ابجى موجودة مش تنبل.

فرمقتها منال مركزة ناظريها على ما تكشّف من جسدها وصاحت: كَنّك يا راضية اتعلمتي جلة الحيا من جعدتك ف مصر! إيه العريان دي ياولية ماعتستحيش!

- واه! واحدة و ف أوضة نومها ونايمة جار جوزها... عتنام كِيف يا فصيحة؟ ماحدش جالك إهجمي إكده.

- ولو، مفيش حيا!

فضحكت راضية وقالت: أمال إنتِ بتنامي كيف جار جوزك بالجلابية دي!

كان علي مستمعًا ناظرًا للأرض دون رد بينما حُسنى تضحك.

فقالت منال: مش للدرجة دي.

- الله يكون ف عونك يا عمي جاسم.

- إسكتي يا ولية بلا جلة حيا.

فضحكت راضية وقالت: طب كيديني وجلديني.

فانصرفت منال تستشاط غضبًا تاركة راضية وحُسنى تضحكان ثم قالت راضية: طب والله فوجتني!

صاح علي: كن الجط ما عيحبش إلا خناجه.

تابعت راضية توافقه: كنه إجده صُح.

قالت حُسنى: خليكي يا بنيتي مرتاحة ما تجوميش من مُطرحك وأنا اللي هعملك كافة شيء.

فأجابت راضية: كتير علي والله يامي! ماانحرمش منيكِ، أنا هفوج شوي وأنزل طوالي.

- لا وكتاب الله ما يحصل! هعملك كوباية لبن الاول.

قال علي: ماتحليهاش يامي عشان هاخدها بعد شوي تكشف وتحلل واطمن عليها.

فأجابت حُسنى: كِيف ماتريد ياولدي.

وخرجت حُسنى ولازالت تزرغد، فاقترب علي من راضية بسعادة وهمس: مبروك يا راضيتي، ربنا يكملك على خير.

- فرحان!

- طاير.

- يارب يباركلي فيك إنت وعلي الصغيِّر.

- أو راضية الصغيِّرة.

وبالفعل أخذها علي وذهب بها لطبيبٍ زميل له وقامت ببعض الفحوص والتحاليل المطلوبة، انتهزها علي فرصة لينزهها ويستجما معًا خارج البيت وقد قضيا وقتًا سعيدًا.

مكثت راضية عدة أيام في راحة في غرفتها لا تفعل شيء ويحضر إليها علي صينية الطعام و يأكل معها و يطعمها... وفي غياب علي تجلس معها حُسنى تحضر لها ما يؤكل وما يُشرب لتتغذي فهي إمرأة حبلى.

لكن راضية غير معتادة على هذه الراحة التامة وذات يوم استيقظت في الصباح وأعدت نفسها للنزول.

صاح علي: على فين؟

- عنزل اشوفلي حاجة أعملها ما طايجاش التنبلة.

- لا خليكي مرتاحة.

- مش متعودة، وبعدين أجليها أطبخ، كنك فاهم إني ما واخداش بالي، إنت يا حبيبي من يوم ماجعدت وانت مابتاكلش أكلتك.

- للأسف مابعرفش أستطعم الأكل إلا من يديكي،  تسلملي يدك يا حبيبتي.

- تسلملي إنت يا غالي.

ثم سارت بضع خطوات نحو الباب، فصاح علي: راضية.     

- نعم.

- ماتوطيش.                 

- حاضر.

ولمّا همّت بالانصراف ناداها مجددًا: راضية.                      

فالتفتت مجيبة: نعم.

- ماتشيليش.                 

- حاضر.

وثالثًا ناداها: راضية.                       

- واه!

- اطلعي ارتاحي من وجت للتاني ما تجعديش اليوم كلاته تحت.

- حاضر.

ومحددًا ناداها: راضية.                    

- عيون راضية.

- إنزلي ع السلم عل مهل.

- حاضر.

ومرة أخرى: راضية.                

فضحكت، اقترب منها قائلًا: إستني أنزّلك أنا.   

فضحكت ثانيًا، فقال علي: لااا... اكده هندخل تاني.

- خليك إنت ياحبيبي أنا عنزل لحالي.

- لا جاي معاكي، ماعرفش ماعحبش السلم دي، بخاف عليكِ منيه.

- ماتخافش عاخد بالي وربي الحافظ، وبعدين ماحريم البيت كلاتهم طول عمرهم طالعين نازلين وكل واحدة بتبجي حبلى وعادي.

- إسمعي الكلام.

- حاضر ياسي علي.

فضحكا ونزلا الاثنان ولايزالان يتسامران، لكن كانت تسمعهم منال وتتابعهما بعينها بنظرة شيطانية وكأنها تفكر في أمرٍ ما.

عادت راضية من جديد لأعمال البيت لكن كانت معها حُسنى تلك المرة تجالسها، تعاونها وتحسن معاملتها وذلك قد أسعد راضية وعلي كثيرًا لكنه بالطبع لم يُرضي منال بل وزادها غضبًا وحقدًا.

قررت حُسنى تقسيم أعمال البيت على الجميع فليس عدلًا أن تتحمل واحدة فقط كل شيء لأنها أمهرهن بل عليهن التعلم منها والسير على خطاها.

لم يعد ذلك يهم راضية الآن فحبيبها معها يدللها ولا يطيق بعادها و حماتها صارت أُمًّا لها بحق،  فهي تجالسها وتمازحها وصار كل شيءٍ على ما يرام.

حتى أسماء صارت تتعامل معها برفق فهي في الأصل تنفذ الأوامر فقط، كانت مجرد تابع ليس إلا.

وذات صباح وقبل أن يذهب علي لعمله وكانت راضية أمام الفرن تعجن وتخبز الخبز وحُسنى جوارها تقسم العجين و تعطيها وصوت ضحكاتهما يملأ المكان، فإذا بعلي يدخل إليهما يمازحهما هو الآخر قبل ذهابه لعمله مثل كل يوم.

فقال علي: باجول إيه يا مي إحتمال أتأخر إنهاردة.

أجابت حُسنى: خير يا ولدي!

- هنروح مع ولاد عمي نشتروا الدبايح يادوب عيد الضحية جرب عايزين نلحج نعلفهم زين.

فقالت راضية: كل سنة و انتم طيبين وبخير، والعيد الجاي على عرفات إن شاء الله.

أجابت حُسنى بتمني: يارب يا حبيبتي! العيد الجاي يكون معاكم علي الصغير.

فتابع علي: أو راضية الصغيِّرة يا مي.

قالت حُسنى: كله فضل ونعمة يا ولدي،  أهم شيء تكوني باصة ف المراية كل يوم، عايزين العيل يطلع جمر لأمه.

صاحت راضية: واه يامي!  ومايطلعش لأبوه ليه؟

غمزها علي: بتجولك جمر هه!

قالت حُسنى: ألا مادريتش يا ولدي؟

فأجابها علي: خير يامي!

- خواتك راجعين اليامين دول، مانفعتش و رجعوا الكل.

- جولنا الحديت يامي جالوا لا هتظبط،  يلا الله غالب لسه النصيب ماجاش و راجعين ميتي؟

- يمكن إنهاردة.

- علي خير يامي ياجو بالسلامة إن شاء الله.

فخطف كعادته بعض القيمات الساخنة فنظرت نحوه راضية وضحكت ثم نظرت ثانيًا فوجدته لازال ينظر إليها لكن حاولت عدم الإكتراث فحُسنى جوارهما لكنها كانت تتابعهما ثم قامت فجأة.

فصاحت راضية: خير يامي؟

فأجابت حُسنى: عشطانة وريجي ناشف.

- خليكي يامي أزجيكي انا.

- لا خليكي إنتِ،  أحسن العيش، ينحرج.

ثم ضحكت فكلامها يلمح لشيء آخر وانصرفت ولازال علي ينظر لراضية.

فقالت راضية: وبعدين بطل تطلّع فيّ إكده.

- عتستحي يعني!

فضحكت، فقال:عايز أمشي.

- تروح وتاجي بالسلامة.

- وبعدين! دي حُسنى فهمت وحديها.

فضحكت وقالت: العيش عينحرج.

- ده انا اللي عنحرج.
فضحكت.
فأكمل: لا لا، إكده ماهروحش ولا هاجي.

وقبل أن ترد عليه أسكتها بشفتيه، وفجأه رائحة خبز محترق وصوت حُسنى مناديًا: إيه اللي بينحرج عنديكم دي؟

فضحكا ثم انصرف علي.

واستكملا الخبيز وباقي أعمال البيت وفي المساء قد عاد إخوته بالفعل وأعدوا الطعام لكن راضية لم تجلس معهم وانتظرت زوجها.

وبعد الأكل جلس الجميع يشاهد التلفاز و يتسامرون من حين لآخر..... فجاء علي وجد إخوته فسلم عليهما بحرارة، جلس معهم وبعد مرور بعض الوقت قرر أن يصعد غرفته بحجة تبديل ملابسه واقترب من راضية يهمس إليها: عطلع أغير.

- مش هتاكل؟

- لا مش جعان دلجيتي،  كَنِّك ماكلتيش؟

فهزت رأسها بأن لا، فصاح: ليه؟ ماجولنا ماعينفش إكده يا بت الناس،  إنتِ حبلى وشجيانة، كلي ولما آجي كلي تاني معاي.

- طب اطلع غير وانزل ناكل سوا، عخش أسخن الأكل.

فقال علي بخبث: طب ماتاجي إنتِ.

- لو طلعت ماعنزلش تاني.

- إيه يعني عنزل أنا أسخن وأجيبلك صينية الأكل بنفسي،  سلايفك مافضينش إنهاردة.

فضحكا ثم قالت: إطلع وخلِّص يا راجل، العالم بتطلع علينا.

فسار بضع خطوات ثم عاد قائلًا: طب ماتاجي.
فضحكت.

فأكمل: عارف إنك عتحصليني.

- لا.

- طب عنشوف.

فضحكت وتركها وصعد بالفعل وهو يتأكد تمامًا أنها ستجئ خلفه،  لكنه ما أن دخل غرفته و بدأ يفك أزرار القميص حتى سمع صوت سقوط وارتطام ثم صراخ وعويل............


NoonaAbdElWahed
                                     

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top