(2)

   (بقلم : نهال عبد الواحد )

خرج الحاج صالح وولده لصلاة المغرب ثم ذهبا لمجلس الرجال في بيت أحد كبار النجع وهو رجل مُهاب وحكيم له كلمة مسموعة للعائلتين.

واجتمعت العائلتين وأخذ كلا منهما يقص ما حدث ويرمي باللوم على الطرف الآخر؛ و لأن ذلك لم يكن الخلاف الأول بين العائلتين وإن تُرك الأمر هكذا ستنزف بحور من الدم في حروب الثأر والسبب لا شيء كالعادة.

وبعد عدة ساعات من الجذب والهجوم في الحديث تقرر قرار لا يمكن الرجعة فيه بأي حال ومن يعود فيه سيصير ناقضًا للعهد و سيقع عليه العقاب الذي يستحقه غير ما سيقال عنه.

تقرر أن يتزوج شاب و فتاة من العائلة الأولى بشاب وفتاة من العائلة الثانية، وبذلك سيصبح هناك نسب ودم بينهما فتصير العائلتان عائلة واحدة فتحقن الدماء ولا يحق لأحد الإعتراض أو الرجوع في ذلك و قد تم اختيار هؤلاء الشباب بالإسم.

بعد خروج صالح وعبدالرحمن جلست راضية بعض الوقت مع كريمة زوجة أخيها و أولاده؛ حيث أنه سيصبح في الغد يوم الجمعة يوم راحتها وظلت جالسة معهم يشاهدون التلفاز، و قد تأخر أبيها وأخيها ومع إرهاقها غلبها النعاس فذهبت للنوم في غرفتها.

عاد صالح وعبد الرحمن متأخرَين بهيئة غير الهيئة و حمدا الله أن كل من بالبيت قد نام.

وفي صباح الجمعة وكانت راضية قد اعتادت الإستيقاظ فيه متأخرًا نسبيًا فليس هناك خبيز اليوم، وأعني بمتأخرًا أي في حدود التاسعة فتستيقظ وتقوم ببعض أعمال المنزل ثم تعد الفطور  ليتناولوه قبل الذهاب لصلاة الجمعة.

وعقب صلاة العصر ككل يوم تعد الغداء و يجلس الجميع و بالفعل قد كان، لكن وجه صالح و عبد الرحمن متغيرَين كثيرًا.

ورغم فضولها الشديد لتعرف ما خطب أباها وأخاها وأيضًا تود أن تعرف ما حدث بالأمس وعلى أي شيء قد انتهى ذلك المجلس!

فتحدثت راضية: مالكم ساكتين ليه م الصبح؟!واكلين سد الحنك! استنظرتكم عشية بس إنتو إتأخرتم فرجدت، في إيه؟ شكلكم ما يطمنش!

فاستدار عبد الرحمن بوجهه عنها ونظر لأبيه يشير إليه أن يتحدث فهو لا يستطيع سرد أي شيء.

تنهد صالح قائلًا بتثاقل: شوفي يا بنيتي هي الجعدة طولت فتأخرنا.

فتابعت راضية: خير إن شاء الله.

- إنتِ عارفة طبعًا إن الحكم ف الجعدات دي نافذ وما منوشي رجعة واللي يرجع هو حر  والجاني على روحه.

- ما فهماش حاجة.

- الحكم اللي اتحكم بيه واتفج عليه العيلتين واتعاهدوا وجريوا الفاتحة عليه، يُبجى... يُبجى... واد و صبية من بيت صالح يتجوزوا واد وصبية من بيت علي؛ فيبجوا بعد النسب والخلفة دم واحد وعيلة واحدة ما يجدروش يعضوا ف بعض.

فنظرت له واجمة فقد وصلها إحساسٌ معين لكن لم تنطق وانتظرت ليكمل أباها حديثه: وإنتِ الصبية اللي من بيت صالح.

وهنا صرخت راضية وضربت على فخذها وهي جالسة تولول: يا مري يا مري ! وإحنا صالحنا إيه؟! لا لينا ف الطور ولا ف الطَحين.

فقال عبد الرحمن: ما إنتِ البنتة الوحيدة اللي ف بيت صالح ولسه مااتجوزتش.

فصاحت راضية بقهر: لا يا بوي ما هيحصلش واصل ماليش صالح بالحديت دي!  لا ما هيحصلش ما هيحصلش!

وقامت من أمامهم تبكي وتولول على حالها ذاهبة لحجرتها.

وعند العائلة الأخرى...

ينزل شاب من الطابق الأعلى بجلبابه المنزلي، ذات ملامح مقبولة منمق الشعر والشارب، ويبدو أنه مستيقظًا توًا من نومه فوجد أمه و إخوته و زوجات إخوته مجتمعين.

صاح قاسم (الأخ الأكبر): كل دي راجد!

فأجاب علي (الشاب): يا خوي كان عندي نبطشية في المِستِشفى و جيت بعد صلاة الجمعة.

فصاح كامل(الاخ الأوسط): جرى إيه يا واد بوي؟مش عايش ويانا ولا داري بأي شيء.

عقد علي حاجبيه وتسآل: في إيه بس؟ كل دي عشان ما جيتش جعدة الرجالة!

تحدثت حُسنى (الأم): ما عشية يا وليدي كانت جعدة الرجالة عشان اللي بناتنا وبين بيت صالح، إسمع اللي عيجوله عليه خواتك يا ولدي.

صاحت منال(زوجة الكبير) محركة حاجبيها المعقوصين: واه يا مرت عمي!  مش ياكل لجمة لاول!

نظر علي بينهم ثم قال بقلق: لجمة ايه بس! الموضوع شكله واعر جوي،  جول يا واد بوي.

قال قاسم: عشية اتفج الكل على جرار و جرينا كلاتنا عليه الفاتحة يعني ما عينفعش حد يجول لا ولا يرد كلمة.

- مفهوم طبعًا هم ولاد عمنا يعملوها ويدبسونا فيها، هه كمل كمل إستر يا ستار!

- الإتفاج إن واد وصبية من بيت علي ياخدوا واد وصبية من بيت صالح ولما يتجوزوا ويصير النسب و الدم و عنبجى عيلة واحدة ويد واحدة.

- طب والله رأي زين جوي وعين العجل ولو كنت حضرت عشية كنت جولته، ومين عياخد مين عاد؟

فتدخلت منال: أختي عياخدها الأستاذ عصام المحامي.

أومأ علي بإعجاب: أعرفه، ده راجل زين صوح و ولد أصول،  عاجل و عيخاف على بنتنا صوح، ماهم لازمن يختاروا الناس الزينة العاجلة عشان ما يغفلجوهاش عل كل!

فتابع قاسم: وإنت عتاخد راضية بنت الحاج صالح.

انتفض علي واقفًا وصاح: إيه! وأنا صالحي إيه بالموضوع المجندل دي! لا يا خوي ما عينفعش!

صاح قاسم: وااه! ماانت لساتك ماسك ربابة وبتجول وتعيد عل الإتفاج وإنه زين وما عرفش اية دلجيتي ما عينفعش!

قال كامل: وماعينفعش نرجع ف كلمتنا بعد ما جرينا الفاتحةالناس تاكل وشنا.

صاح علي بغضب: وأنا مش بنتة عتجولي اتجوزي دي أجول آمين! كِيف يا خوي؟ كِيف يامي؟  راجل ينجبر على جوازة كِيف دي يا عالم؟!

تنهدت حُسنى قائلة: خلص الحديت يا ولدي على إجده.

تابعت منال بمكر: ما كُت خت خيتي م الاول يا علي أهي كانت أحسنلك م الغريبة دي.

صاح علي: سكت مرتك يا جاسم!

تحدثت أسماء (زوجة الأوسط): بس نسمع إنها زينة وجمرة وعيحكوا و يتحاكوا على جمالها و أدبها وشطارتها.

رفعت منال إحدى حاجبيها بعدم رضا وصاحت: ماتنجي كلامك يامرة إنتِ! عتكون احسن من خيتي يعني!

صاحت حُسنى: إسكتي ساكتة انت و هي! بص يا ولدي عارفة والله إنه واعر عليك جوي  بس ما باليد حيلة، خدها و نفذ حديت الرجالة عشان دي الأصول وخليها وبعد إجده إبجى اتجوز اللي تريدها وماحدش عيجدر يجول حاجة، المهم ما تطلجهاش.

اعترض علي قائلًا: إيه الحديت الماسخ دي! ترضيها لبت من بيت علي يا مي!

تابعت منال باعتراض: وهم بنات بيت علي عيتساوو بالغريبة؟

صاح علي: اللهم طولك ياروح! ما تكتمي يا مرة إنتِ!

صاحت فيها حُسنى: فِزي إنتِ وهي جومو من اهني.

فانصرفت منال على مضض وأسماء خلفها.

فتحدثت حُسنى: خلاص يا ولدي الحديت خلص على إجده وأنا عاخد حريم خواتك ونروح نعملوا الواجب ونشوف العروسة،  ونتفج على يوم ياجو فيه رجالة العيلة ويجعدوا يتفجوا ويجروا الفاتحة، لما نشوف عيتشرطوا علينا ولا ايه! بيجولوا بترفض اللي ياجيلها،  أما نشوف شكلها كِيف السفير عزيزة دي!

وسكت علي بعد جدال طويل لم يثمر على أي شيء.......

NoonaAbdElWahed
                                   

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top