(13)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
أنهت راضية الغسيل وذهبت متجهة للمطبخ فوجدت منال تخرج من المطبخ تحمل صينية بها عصير و تتلفت حولها فاختبأت راضية و شعرت بأنها قد دبرت لها مكيدة ما.
وما أن غادرت منال المطبخ حتى دخلت راضية تفتش لتستكشف ما فعلته منال، بدايةً وجدت نار الموقد عالية فأخفضتها وتذوقت الطعام فوجدته شديد الملوحة.
فقالت: منك لله يا بعيدة! يجيكي الهم والغم! أدعي عليكِ بايه وأنتِ فيكِ كل العبر إسترها معاي يا رب!
أخذت تقطع البطاطس وتضعها بداخل المرقة و الصلصة لتسحب الملح ثم تنزعها وتضع غيرها، وبعد مرور فترة من الزمن تمت المهمة.
انتهت راضية من الطبخ وأعدت الطعام على المائدة و جلس الجميع لتناول الغداء بينما كانت لا تزال واقفة ربما يحتاجون المزيد من الطعام أو الخبز.
وبدأ الجميع في الأكل إلا منال التي كانت تتابع الجميع في دهشة و غيظ شديدين، بينما تنظر إليها راضية بابتسامة كيدية ثم قالت: واه يا منال! ما تمدي يدك يا خيتي ده الوكل زين أهو جدامك وكله تمام.
وكان قاسم يأكل و يتابع حديثهما ويبدو أنه قد فهم مابين منال و راضية، فقال: ما تجعدي يا بت كلي معانا.
أجابت راضية على استحياء: لا تعوزوا حاجة إكده ولا إكده.
قال كامل: إجعدي لو عوزنا حاجة تبجي تجوم بجرة منيهم وتجيبها، إجعدي عدمتي يا بت.
فما أن جلست راضية حتى قالت منال: وعلى إكده خلصتي الغسيل؟
أومأت راضية: خلصته.
- نشرتيه!
- لا.
فرفعت منال صوتها: ليه؟! الغسيل إكده يكمكم!
-أحسن ما الوكل ينحرج، إبجي جومي إنتِ واتشمللي ونشريه.
- واه!
- معلهش يا مي ماعدتش أغسل لحد واصل إلا لي وليكي ولعلي لما يعاود بالسلامة إن شاء الله، وهم كل واحدة منيهم تغسل غسيلها و غسيل جوزها وعيالها.
- واه!
فقالت حُسنى: لا، إما كنتيش تغسلي الغسيل كله يبجي ما تغسليش هدوماتي.
فأجابت راضية: بشوجك يا مي.
فصاحت منال بغيظ: شوف المرة جليلة الرباية عتكلم حماتها كِيف؟!
صاح قاسم: ماتسكتي يا بجرة إنتِ، إيه! الواحد ما عيعرفش ياكل!
- كن حديتها لادد عليك!
- أيوة لادد، ويمين بالله ماحد غاسل هدوماتي غيرك يا منال!
فصاح كامل أيضًا: ويمين طلاج ما حد غاسل هدوماتي غيرك يا أسما!
فسكت الجميع وأكملوا طعامهم في صمت ونظراتٍ بين مشتعلة ومرضية.
وفي المساء وبعد أن أنهت راضية كل الأعمال همت بالصعود لأعلى منهكة و تتمنى من يحملها ويوصلها لفراشها من شدة التعب، لكن هناك من ينادي!
نادت حُسنى: راضية، رايحة فين دلجيتي؟
- عتسبح عبال العشا ما تدن عصلي وارجد ما شايفاش جدامي.
- كنا عايزين فطير.
- حاضر يا مي ف الصبح عجهزلكم مع العيش فطير.
- لا عايزين نتعشي فطير.
- يا مي بجولك ماشيفاش جدامي .
- ونجول للرجالة اللي عايزة تتعشي فطير خليه ف الصبح عشان الست راضية هانم بدها ترجد.
فجزت راضية على أسنانها ثم ردت بهدوء عكس داخلها: حاضر يا مي.
ونزلت لمكان الخبز و أحضرت السمن وجلست تفرد الفطير وترش عليه السمن وتقول وهي تتألم: صبرني يارب! توب علي يا رب!
وظلت هكذا حتى انتهت ووضعته في صينية كبيرة حتى يبرد وكانت متعبة كأشد ما يكون ولا تستطيع النهوض وبالكاد تمسك في أي شيء وتقوم لتقف ثم تتحرك بوهن.
نادت راضية على أحد الأطفال ليخبر جدته أنها قد أنهت عمل الفطير.
ثم بدأت في صعود بعض درجات السلم وفجأة وجدت من يجذبها من رأسها فخلع العصبة من على رأسها و انسدل شعرها على ظهرها ونظرًا لشدة تعبها سقطت على الأرض ولم تستطع المقاومة.
إنها حُسنى تمسكها من شعرها نزلت بها ضربًا بالنعل و راضية تصرخ تحت يدها و تجمع كل من في البيت وطبعاً كانت منال في قمة سعادتها.
دخل قاسم وكامل من فورهم فصوت صراخ راضية يصل للخارج.
صاح قاسم: في إيه يا مي!
وصاح كامل: سيبي البت يا مي عتموت ف يدك، عملت إيه هي!
تابعت حُسنى ولازالت تضربها: بت المركوب دخلت تعمل الفطير وما بايتتش الطير بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية، إن شا الله تطسك عربية وتباتي مجطعة مافيكي حتة سليمة!
قال كامل: طب هي وبتعمل الفطير ماحدش م البجر اللي أكل ومرعى وجلة صنعه دول راح بيت الطير ليه؟
وتابع قاسم: وفطير ايه يا مي اللي عل مسا دي! النهار له عينين.
صاحت راضية بصراخ: والله بيته! والله بيته! وحطيتله الميه وجفلت عليه بيدي.
تابعت منال بكيد: صحيح إنك مرة جليلة الرباية، عتردي على حماتك يا ولية وتكدبيها! معلهش يا مرت عمي عادتها ولا هتشتريها! اضربي اضربي يا مرت عمي.
صاح قاسم : يمين بالله لو ما غورتي من وشي دلجيتي ماعخلي فيكي حتة سليمة ولا عيطلع عليكي صبح من الأساس!
تابعت منال معترضة: وعتدافع عنيها كماني دي حتى ف ذمة راجل!
فخلع قاسم نعله وجرى خلفها يضربها فعلى صريخها هي الأخرى ولا زالت حُسنى تضرب راضية.
ويعلو الصراخ والأصوات المتداخلة وإذا بمن دخل فجأة فصمت وتوقف الجميع.
تهللت حُسنى وصاحت: علي، جلب أمك يا ولدي إتوحشتك جوي.
وجريت عليه تحتضنه وبعد أن سلم عليها وعلى إخوته.
تحدث علي: إكده يا مي! هي دي الأمانة اللي فايتهالكم!
وكان ينظر نحو راضية المحاولة التحرك والوقوف بصعوبة، و رغم عينيها المملوءة بالدموع إلا أن هناك ابتسامة قد لاحت، وقد لاحظها علي وأذابت قلبه.
فصاحت حُسنى: دي مرة جليلة الرباية وش بومة شوم؛ طفشتك م البيت وخلتك تسافر و تسيبنا.
- يا مي إيه اللي عتجوليه دي! ده الشغل هو اللي نجلني وبعدين كانت عملت إيه عشان تدجي فيها إكده وتشبعيها جتل!
- دخلت تعمل الفطير و ما بيتتش الطير و بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية.
- فداها يامي فدا عيل من عيال خواتي.
فتحدثت راضية بصوتٍ قد بحّ من شدة الصراخ تخالطه الشهقات: والله بيتهم وجفلت عليهم وحطيتلهم المية كيف ما بعمل كل عشية!
صاحت حُسنى وهي تزيدها ضربًا: إكتمي! كن عفريت هو اللي فتح عليهم.
فنظر قاسم لزوجته وقال: لا وإنتِ الصادجة دي جزمة وبت جزمة اللي فتحت عليهم.
صاح علي بحنق: بزياداكي يا مي عتضروبيها جدامي كماني! هاتي يدك يا راضية اتسندي على.
تابع قاسم: شيلها ياعم إنت نفسك مجطوع ولا إيه!
فحملها وصعد بها لغرفتهما وكانت شديدة الخجل وصل بداخل الغرفة وأنزلها برفق وأغلق الباب.
تحدثت راضية بهدوء وسعادة خفية تطل من بين حروفها: حمد الله على سلامتك يا علي، ما جولتش يعني إنك جاي!
- كان عيفرج يعني لو جلتلك!
فهزت رأسها بأن نعم وهي تنظر للأرض خجلًا.
فابتسم وقال: اعتبريها مفاجأة...
فنهضت واقفة وأكمل: على فين؟
- عروح أتسبح من هباب الفرن دي.
فتحركت راضية وهي تستند في أجزاء الأثاث بجانبها حتى دخلت الحمام، بينما علي أبدل ملابسه وخرج وأغلق باب الغرفة خلفه.....................
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top