(1)

بدايةً هذه القصة تعرض بعض العادات الصعيدية التي اندثرت في الكثير من البلدان لكنها لازالت موجودة في عدة قرى صغيرة، وأيضًا هذه اللهجة حقيقية وموجودة، أعلم جيدًا وجود فارق بين اللهجات من محافظة لأخرى، أتمنى أن انتبهوا لهذه النقطة أيضًا...
قد نوهت بخصوص اللهجة والعادات حتى لا تزداد التساؤلات أو تهكمات البعض فقد أغلقت هذا الباب، وشكرًا🌷✨

نبدأ القراءة المفيدة🌟

_________________________________

بقلم نهال عبد الواحد

قد تبدو أقدارنا في بدايتها مؤلمة وغير مرضية لكنها في الحقيقة خير لا نراه إلا في حينه، ولو خُيّرت لاخترت ما قُدّر لك، فرب الخير لا يأتي إلا بخير.

في إحدى قرى الصعيد استيقظت فتاة جميلة في الثامنة عشر من عمرها قبل الفجر أول من في البيت أخذت حمامه، جدّلت شعرها الأسود الطويل ثم ربطته معصبة رأسها مظهرة جبهتها الخمرية.

خرجت من حجرتها، جلست تعجن الخبز ثم غطيه لتفعل شيئًا آخر فأذّن الفجر فتوضأت وصلت ثم ذهبت تشعل الفرن، جلست جواره تفرد العجين و ترميه في النار ثم ينضج وتخرجه وتغطيه بقطعة قماش وتضع غيره.

وهكذا حتى انتهت وقد قاربت الساعة على السابعة فذهبت للمطبخ تعد الشاي و الفطور سريعًا لأخيها وأولاد أخيها قبل ذهابهم إلى المدرسة، دخل عليها أخيها عبد الرحمن بقميصه وبنطاله مصففًا شعره الأسود ومزيّنًا شاربه.

- صباح الخير يا راضية.

- يسعد صباحك يا خوي.

- ده انتِ راضية عنِّينا إنهاردة وعاملالنا راشتة كماني (أدوسية) تسلم يدك يا غالية.

- تسلم يا خوي، دوج وادعيلي.

- من جبل ماادوج والله!  يا ما نفسي أفرح بيكِ.

- بزيادة الحديت دي، أنا إجده فرحانة بنفسي، ست البيت وسلطانة زماني، لا حمى تنكد عليّ ولا سلفة تكيد لي.

- إنت شَديدة يا خيتي ما حدش يجدر عليكِ واصل.

- عارفة، وعشان إجده ماهعمرش وهتطلج ف الصباحية.

فضحك أخوها وقال: يا بوي على لسانك!

فضحكت وجاء والدها صالح بجلبابه الأبيض مثل ملامح وجهه السمحة، ومسبحته لا تفارق يده: صباح الخير عليكم.
فاتجه عبد الرحمن و راضية لوالدهما يقبلان يده، فنظر بينهما قائلًا: صوتكم عالي ع الصبح.

فضحكت راضية قائلة: مفيش حاجة يا بوي،  بنتحدت حديت ماسخ مالوش عازة.

تنهد عبد الرحمن وتابع: كويس إنك عارفة إنه ماسخ.

فنبست على مضض: فض الحديت يا ولد بوي وكفايانا رط فاضي ع الصبح.

وهنا نزل أولاد أخيها وسلموا على جدهم وقبلوا يده وعلى أبيهم وقبلوا يده هو الآخر.

فصاحت راضية: هِم ياض منك ليه وافطُروا، أبوكوا هيتأخر عل مدرسة.

أحد الأطفال: ما عايزش رشتة يا عمتي، عايز آكل بيض ف السمن.

فصاح عبد الرحمن في ابنه: ما تاكل من سكات يا ياض، هي عمتك عتعملها كل يوم، ولا حد بيعرف يعملها زين زييها؟

فقال: ماعايزش آكل منيها.

فربتت عليه قائلة: طيب طيب ععملك، حد عايز زييه يا عيال؟
فأجابوا بالموافقة.

فقال الولد: طب حطيلي شوية رشتة آخدهم معاي،  أحمد صاحبي عيحب الرشتة بتاعة عمتي.

فقال عبد الرحمن وهو يأكل: عجبال ما تحبها إنت التاني.

عقدت راضية حاجبيها بتفكير ثم قالت: ده ابن أم صبري اللي ف الشارع اللي جارنا.

أومأ الولد: آه!

فتابعت راضية: لما تاجي م المدرسة أديك تشيعلهم حبة عليهم الجيمة، اللي يخرج من بيت صالح لازمن يملى العين ويليج بمجامنا.

ثم نادت على أخرى: إنت يابت هاتي المشّاطة أمشطلك شعراتك، يلا همي أبوكِ عايز يمشي.

فصاح عبد الرحمن: وفين أمهم بت المركوب دي؟ مرجودة فوج وخلاص ما لهاش عازة وإنتِ تعملي كل حاجة!

فتأففت راضية من غلظة أخيها وأجابت: ما ليكش صالح بيها يا عبده، دي حبلى و تعبانة وشجيانة مع عيالها،  وأنا بعرف ميتى أشغلها وميتى أريحها.

فأردف عبد الرحمن بتهكم: خليكي إجده جلعي فيها يا خيتي  هي وعيالها!

تابعت راضية: ما جلتلك ما لكش صالح إنت بشغل الحريم وما تخوِتش راسك، أهي مشطت شعرات البت و بجيت زينة زي الجمر، هِم إنت عشان إتأخرت عل مدرسة يا أستاذ عبده.

خرج عبد الرحمن وأبناءه ذاهبين إلى المدرسة يسلمون على من يقابلون في طريقهم فهو مدرس بالمدرسة وأهل القرية تلاميذه.

وبعد الظهر بقليل يبدأ التلاميذ بالخروج من المدرسة و العودة لبيوتهم وقد اعتاد أخيها أن يذهب لوالده في دكانٍ لهم ويطل معه حتى صلاة العصر يصليان ثم يعودان للمنزل لتناول الغداء ثم ينام حتى قبيل المغرب فيستيقظا ويجلسون جميعًا لشرب الشاي ثم يخرج بعدها لصلاة المغرب مع أبيه ويذهبان للدكان بعد ذلك حتى الليل.

وقبيل المغرب كان عبد الرحمن و والده يتحدثان فجاءتهما راضية بأكواب الشاي.

بشّ صالح لابنته: تسلم يدك يا بنيتي.

أجابت راضية مبتسمة: يسلملنا حسك ف الدنيا يا بوي!

تأفف عبد الرحمن وصاح: برضيكي سايباها مرجودة وإنت اللي عتعملي كل حاجة!

فصاحت راضية: جرى إيه يا عبده؟ انت أول واحد عارف إن مرتك هي اللي طابخة إنهاردة فبلاش تعملهم عليّ،  صالح مرتك يا عبده و بزياداك.

تهكم عبد الرحمن قائلًا: عملالي أم العريف!

- بس عارفاك ياواد بوي، وكماني ما عحبش الظلم والإفتري، ودي بت عمك فبزيادة.

ربت صالح على ابنته وقال: ربنا يراضيكِ يا بنيتي زي مابتراضي بنت عمك، إسمع كلام خيتك وأول ما ناجي م الجعدة الشوم دي،  لازمن تصالحها صلح زين هه!

رشف عبد الرحمن رشفة من كوب الشاي وأومأ: حاضر يا بوي.

فضحكت راضية وصاحت بمكر: ما بلاش الحركات دي واعترف إنك اتوحشتها.

صاح عبد الرحمن مبتسمًا متصنعًا الغضب: بس يا بت.

ثم تسآلت بقلق: جعدة إيه يا بوي؟

أجاب صالح بتثاقل: هو حدانا غيرهم،  ولاد عمك اللي ربنا بالينا بيهم وما عيسكتوش إلا لما يجيبولنا مصيبة.

- مالهم؟

أجابها عبد الرحمن: مسكوا ف ولاد بيت علي، والتنين شبعوا بعض جَتل، وادينا رايحيين جعدة الصلح وربنا يجيب العواجب سليمة المرة دي.

فتأففت راضية صائحة باعتراض: وبعدهالهم ولاد عمي دول! شكلهم هيجيبولنا مصيبة صوح، وكنت زعلان يا بوي لما رفضتهم كلاتهم لما أتجدمولي!

تحدث صالح: يا بتي كانوا أولى بيكِ م الغريب.

- لا جريب ولا غريب يا بوي، هم دول رجالة دول! جاهم الهم بيعملوا كل بلوة وبلوة، ما تروحش يا بوي مالناش صالح،  سيبهم يتعكوا فيها لحالهم.

- وااه يا بنيتي! كِيف دي؟! ولما تتعجد بين بيت صالح وبيت علي ويضربوا ف بعض ما هيميزوشي وجتها وعيتاخد العاطل بالباطل، و ما عينفعش نجول وجتيها مالناش صالح، التار ناره جايدة وبحور دم غريجة ما عتنتهيش، هم يا عبده خلينا نلحج صلاة المغرب.

راضية: ربنا يجيب العواجب سليمة!

.........................................

NoonaAbdElWahed



Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top