عملية اختطاف


أيها الناس هذه الرواية من محض الخيال.
جميع الحقوق محفوظة للكاتبة هارون أسماء

في شارع من شوارع سان فرانسيسكو، بدأ الأمر من ذلك البار الكريه، الذي قامت رئيسة المافيا ببنائه، كان هذا أسوء ما يمكنها فعله، وهو اللهو والقيام بلعبة مسلية في الأرجاء، تسمى بلعبة الشجاعة، حيث يتم استخدام مسدس خاص لهذه اللعبة.

تستمتع بمشاهدة اللعبة، لعبة الدوارة الروسية

يصرخ الحكم معلنا أنه سيبدأ إدارة مخزن الرصاص بعد أن أدخل الرصاصة، ثم يعطي المسدس للفائز بالنزال الأول، ليطلق على رأسه، وقبل هذا تتعالى أصوات الأشخاص وهم يرهنون بأموالهم على أن هذا الشخص سيربح، وآخرون يتمنون أن يخسر فيرهنون بأموالهم، يقوم الشخص بتقريب المسدس إلى رأسه، ويضغط على الزناد، ولم يسمع أحدهم صوت طلق نار، فيعلن الحكم بأن هذا الشخص لم يمت ، ثم يعطي المسدس إلى اللاعب الآخر، فيقوم بنفس العمل، وتتعالى الأصوات ثانية، ولم يمت الشخص، فيعاد هذا الأمر بينهما مرتين، مما يجعل. فرص نجاتهم أقل، ومن ما بعني أيضا بأن أحدهم سيهلك لا محالة، بقيت محاولتان، كون المسدس يحتوي على ست طلقات ...قام الرجل الأول بتقريب المسدس إلى رأسه بارتجاف، ليصرخ الجماهير به، بمعنى أطلق، كان يعلم بأن هذه هي نهايته. لذلك، بسبب جبنه، لم يستطع الضغط على الزناد، لم يكن جريئا كفاية، فصرخ وبدأ بالنواح أنه يستسلم. ولكن...ليس بإمكانه هذا، فأحد المشاهدين، لم يعجبه الأمر أبدا!، إنها رئيسة المافيا قد وقفت وبوقوفها وقف الجميع احتراما لها، بإشارة واحدة من يدها، إنتهى أمر الشخص الذي رفض الضغط على الزناد، بإشارة واحدة، أنهت حياته.

عديمة الرحمة رئيسة المافيا مورينا دي فارتو Morina di varto، مع أنها جميلة، إلا أنها قاسية، ذات جبروت و طاغية، كان على أحدهم إيقافها، جرائمها تتراوح ما بين مائتين أو مائتين و خمسين ضحية، من دون شفقة قامت بقتلهم، من دون رحمة، إستمتعت بعذابهم، من دون أن تهتم، قضت عليهم، كانت تلك لعبتها المفضلة، و أجمل صوت تحب سماعه هو صوت طلقات النار، و أجمل منظر بالنسبة إليها هو منظر الدماء المتناثرة، و مظهر القتلى و هم يموتون، يتعذبون و يتألمون، كان منظرا رائعا جدا.

بدأت سلسلة الجرائم هذه منذ استلمت مورينا دي فارتو وريثة شركة فروديمكو (Frodemko) المنبوذة السلطة، بعد أن كانت عالة على العائلة، صارت طاغية!. سبب هذا كان ماضيا مؤلما جدا، ماضيا موجعا بحق و بكل ما تحمله الكلمة من معنى. كان صوت الألم يطرب أذنيها فتعشقه، لطالما كان صوت الألم هو الصوت الذي قامت هي بإصداره عندما كانت تحت رحمة عمها روماريو (Romareyo), بعد وفاة والدها الذي كان يحميها زانزاس (Zanzas), كان هو رئيس العائلة، و بعد موته استلم روماريو الرئاسة، و استولى على كل أملاك أخيه. و لكن أحدهم لم يعجب بالأمر لذلك لم يدم هذا سوى خمس سنوات حتى قامت مورينا دي فارتو بالقضاء على عمها روماريو، من دون شفقة أو رحمة، قتلته و هو يتوسلها، حتى عندما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، بدا لها مجرد حثالة، لا يستحق العيش.

مورينا Morina حاليا، لا تزال في ذلك المكان الكريه، في الجناح المخصص لها، تنظر بنظرات نارية إلى ذلك الممدّد أسفل شُرفتها الخاصة، الشخص الميت.

سأمت من النظر، أرادت أن ترى أمرا مسليا، أفضل من منظر هؤلاء السكارى، أشارت إلى أتباعها بأن يجهزوا سيارتها الفاخرة و أن لا يتبعوها عندما تنطلق، كانت تشعر بالضيق، شعور لم تشعر به منذ سبع سنوات ...أو أكثر. لم يبدو لها قتل الناس مسليا بعد الآن، لقد رأت الدماء كثيرا، لذلك لم يعد الأمر جديدا عليها، كان عليها أن تكون قاسية، ففي عالم المافيا يوجد قانون قاس، "إما أن تَقتل أو تُقتل"، كان على أحدهم دفع الثمن، كان على أحدهم الموت ليعيش الأقوى، كان عليها القتل لتنفذ آخر وصية أوصاها بها والدها و هو على فراش الموت.

كانت سيارتها تسير بلا هدف أو وجهة، فقط ذلك الطريق المستقيم...عندها بدأ المطر يهطل، و تلبدت السماء بالغيوم السوداء المكفهرّة، صار الطريق غير واضح لها. كانت تذرف الدموع...دموع الألم و الحسرة، لم ترد قتله، و لكن كان عليها ذلك، فإن أبدت أي تعاطف أو شفقة، فستسقط من قمة هرم السلطة، لم يكن هنالك خيار آخر عدى هذا الخيار، و لا سبيل آخر لتحقيق الغاية المنشودة، كانت تزيل قناع القوة و الصرامة من حين لآخر، حتى لا تنفجر، لم يبدو لها الطريق واضحا بسبب الدموع التي أخذت محلا من مقلتيها، و بسبب الأمطار التي رفضت التوقف.

أرادت إيقاف السيارة لبعض من الوقت في موقف ما لتستعيد هدوئها، و لكنها غفلت من أن أحدهم كان يتبعها طوال هذا الطريق، و منذ أن غادرت ذلك المكان المقرف، كان حفنة من الرجال في سياىتهم يتبعونها، كان أكبر خطئٍ اقترفته هو التوقف، لكانت فرصتها في النجاة أكبر لو سارت إلى الأمام من دون أن تتلفت إلى الخلف.

و إلى الآن، لا زالت غافلة عن ذلك، لم تحاول التأكد من خلوّ المنطقة، بل أوقفت سيارتها فحسب، و خرجت من سيارتها و وقفت تتأمل هذا الجو الغريب.

بعد لحظات قليلة لم تتجاوز دقيقتين. شعرت بيد تغطي فمها و أنفها، لم تكن يدا عادية، بل يدا تحمل قماشة مبللة، إكتشفت بعد فوات الأوان أنها كانت قماشة تحتوي على منوّم، من دون أن تشعر، غطّت في نوم عميق بعد أن سمعت آخر كلمات من شخص مجهول.

المجهول: لدينا فريسة دسمة لهذا اليوم، الرئيس سيكون راضيا.

شعرت براحة كبيرة و هي نائمة، كان ذلك السرير مريحا على غير العادة، مع أن أثاثها من أجود الأنواع الفاخرة، إلا أن هذا المكان كان عذبا للغاية، و كأنها تتنفس هواءً نقيا لم تستنشق مثله من قبل، كانت تسمع همهمات بالقرب منها، إلا أنها لم تستطع فتح عينيها، كانت تشعر بخدر شديد يجتاح كامل جسدها و لا يسمح لها بالحراك قيد أنملة، لم تمانع هذا الإحساس، لأنها كانت تشعر بالمقابل بالراحة و الاطمئنان، تمنّت لو أن هذا الحلم يدوم طويلا، و هذا الأمان يدوم للأبد، من دون أن تضطر لقتل أي أحد.

و مع ذلك، كانت أذناها تعملان بشكل جيد و وعيها يعمل أيضا، و لذلك سمعت بعض الكلام الذي كان سابقا مجرد همهمات.

_لا أصدق بأن هذه هي رئيسة المافيا الأقوى.

_و هل تعتقدين بأنني أصدق.

_أنظري إليها كم تبدو بريئة و هي نائمة، و لكنها في الواقع شيطان قاتل على شكل بشر.

_ستنتهي هذه المهزلة قريبا، بعد أن يقرر سيدي ما يفعله بها. أساسا، لا يمكنها فعل شيئ و هي على هذه الحالة.

_أتمنى أن يقوم بإنهاء أمرها، فكم من شخص مات بسبب هذه المرأة.

_هذا صحيح، و من سيتمنى أن تعيش واحدة مثلها، إنها عار على جنس البشرية جمعاء.

_تمنيت لو يعذبها السيد قبل أن يقتلها، سيكون هذا أفضل، لطالما عرفها الناس بأنها تعذب كل ضحاياها.

_نعم، أتمنى أن تتجرع من الكأس نفسها، و تشعر بأن حياة الأشخاص ذات قيمة.

_لابد و أنها لا تعلم معنى كلمة ألم، الألم الذي يعانيه كل من يقع في قبضتها.

_لو لم يحذرنا السيد من لمسها، لكنت أنهيت حياتها الآن.

_أشاطرك الرأي أيضا، فلو أنهينا أمرها الآن، فسأطلب من الرئيس أن آخذ رأسها اللعين و أعلقه في أعلى مكان من قصرها لتكون عبرة لمن يعتبر.

_حسنا، كفانا الآن من هذا الحديث.

_نعم، فنحن نضيع بعض الدقائق من حياتنا هباءً أثناء الحديث عن أمثالها.

_هذا صحيح، و الآن، لنعد إلى العمل.

_أي عمل؟ نحن نحرس امرأة نائمة منذ يومين، و كأنها ستستيقظ الآن بعد أن تجرعت ذلك المنوم الغبي ذا المفعول القوي.

_لو أن ذلك الغبي لم يقم بوضع منوم بمفعول قوي لكنّا قد أنهينا أمرها بعد أن تستيقظ.

_لا أفهم لما ينتظر الرئيس استيقاظها.

_ ربما لأنه يحب مواجهة أعدائه وجها لوجه.

_ربما

ثم اختفت الأصوات...مع أن تلك الأصوات كانت تذمها، إلى أنها كانت تؤنسها في الوقت ذاته، لم ترد أن تتوقف الأصوات عن الحديث، لأنها ستشعر بالوحدة الموحشة مرة أخرى.

كانت تتذكر، و تتسائل، متى كانت آخر مرة تكلمت فيها، أو ابتسمت فيها بصدق كما كانت تبتسم لوالدها، أو متى كانت آخر مرة نظرت إلى نفسها في المرآة و قالت هذه هي أنا... لطالما علمت بأن الانعكاس على المرآة لا يرجع إليها، بل إلى شخص آخر...شخص بلا رحمة، متجرد من الإنسانية تماما. مع أنها كانت تستمتع بأصوات الألم و منظر الدماء، إلا أنها كانت تكره ما تفعله كلما انفردت بنفسها، و تحاول التغيير، و لكن محاولاتها تبوء دوما بالفشل.

عادت كل حواسها مرة أخرى إلى النوم العميق، لتجد نفسها في حديقة خضراء ساحرة جميلة، لم ترى بروعتها أو جمالها ما يضاهيها من قبل، كانت منبهرة بهذا المنظر الذي غسل عينيها من منظر الدماء الذي تراه في كل وقت.

مالت بجذعها إلى الخلف و أدارت رأسها لتشاهد الجهة الثانية، و لكن، رأت شخصا على مقعد مزخرف جميل جدا، كان هذا الرجل مألوفا، لقد تعرفت إليه حالا، إنه والدها الذي لم يزرها في أرض الأحلام يوما، لم تره منذ ما يقارب الأحد عشرة سنة، لكنه هنا الآن، ينظر إليها و يبتسم، كان يحمل كتابا في يده، ذا عنوان: "أمل"، ذهبت لكي تعانقه، و لكنه ابتسم فقط، بدأت بالركض و الركض و الركض، مع أن المسافة كانت قريبة إلا أنها بعيدة جدا، مهما ركضت لم تصل، وقف والدها و هي لا تزال تركض، و لكنه لوح بيده و حسب، بمعنى الوداع، ثم اختفى فجأة.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top