•٩• رسمة

في قرية أرصون من قرى قضاء بعبدا في محافظة جبل لبنان، أشتريت كوخً وسكنت فيه كون هذه المنطقة تمتاز بأنها عبارة عن غابة، منعزل عن الناس أمارس هويتي المفضلة بهدوء وسكينة والتي هي الرسم لم أكن رساما مشهورا ولكن كان رسمي متقنًا أحفظ ملامح الناس من أول رؤية لهم.

أرسم اللوحات وفي كل يوم أحد أسافر إلى المحافظة وأبيع الرسومات، كنت رجل اعزب في الاربعين من عمري لم يقدر لي القدر على أن ألتقي بشريكة روحي.

في مساء أحد الأيام كنت على الكرسي الخشبي جالسا أمام الفريمة * أحاول البدء في رسم لوحة جديدة عندها سمعت صوت طرق خفيف على الباب.

أستغربت ذلك فمن يزورني في هذا المساء؟ فأنا رجل منعزل ولا يحب الاختلاط كثيرا مع الناس، أستقمت من مكاني وتوجهت الى الباب

حتى وجدت فتاة يتراوح عمرها ما بين نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، كان منظرها غريبا بحق فقط كان لون عيناها أسود بالكامل ولا وجود للبياض فيها وشعرها الناري اللون

أرتعدتُ لرؤيتها وبقيت مبهوتا في مكاني قطع فزعي صوت فحيحها قائلة
« هل أنت الرسام جاد؟ »

أبتلع القط لساني ولم أستطع أن أتفوه بحرف واحد وأومئت برأسي بالموافقة ولجت الفتاة إلى داخل البيت دون أن تمشي على أقدامها لقد كانت أشبه بالشبح الطائر لأن أرجلها لم تكن تلامس الأرض

وقفت في وسط الكوخ ثم أستدرات نحوي، تجمدت أطرافي عندما حدث تواصل بصري بيننا وأنا أرى عيناها تومض ببريق غامض لم أستطع أن أتحرك وبقيت ساكنن، أبتلعني الخوف كالحوت الذي أبتلع نبينا يونس (عليه السلام)

أبتسمت وأسترسلت بفحيح هامس لكنه قد أخترق إذني وكاد يمزق طبلتي وبقى يدوي في رأسي
« جاد أريدك أن ترسمني وغدًا في الثامنة سوف أتي لأخذ لوحتي، وإذا لم تكمل الرسم في الوقت المحدد سوف أسلب روحك »

صمت برهة ثم أستأنفت حديثها بنبرة واضحة مشددة
« حذار أذا فكرت بالهرب فعلم أنني سوف أطاردك حتى في أحلامك فأنا العفريتة شهريار »
أشتعلت حدقيتيها بالنار مهددة

أنفرحت مآقي وبقيت أبتلع رمقي بصعوبة بالغة وأنا أنصت لها ثم أستدارت وغادرت البيت وقبل أن تصل إلى الباب فُتح من تلقاء نفسه ثم أغلق بعدها من وحده!

بقيت مدة مرتعشا في مكاني ثم حاولت الهرب بسرعة ومغادرة القرية ولكن ما أن فتحت الباب حتى وجدت حائط من الاسمنت مبني!

ولا يوجد أي مخرج! أطلقت شهقة وأنا الاحظ السحر.

أرتجفت أوصالي ولم أعلم ماذا أصنع؟ فغدا الجنية سوف تقتلني لا محال!

أطلقت عدّت تنهيدات أحاول ربطة جأش نفسي.

عدت إلى الفريمة ومسكت الفرشاة بيد مرتعشة وبدأت أرسم وبين الحين والأخرى أمسح العرق البارد من جبيني نتيجة الرعب الذي طوقني كالثعبان عندما يطوق فريسته.

بقيت الليل سهران على الرسم ولم أعلم بجفاني عندما أطبقت، كنت قد أنهيت الرسم كُله ما عدى العين اليمنى وقليل من المسات الأخرى، حيث أستسلمت للنوم وغفوت ولم أستفق إلا في الصباح على صوت طرق الباب وعلمت إن العفريتة قد عادت لأستلام لوحتها.

أنتابني الفزع لأنني لم أنهيها فأسرعت وسحبت الفرشاة لتكملة الرسم وهناك صدمت أن اللوحة منتهية وأن باقي الأجزاء المفقودة قد رسمت من تلقاء نفسها!

سقطت الفرشاة من يدي على الأرض من هول الصدمة التي قد أعترتني، وفي وسط الفزع الذي ملأ قلبي، فتح الباب ولم يكن هناك أي أثر للجدار ودخلت الجنية وأخذت اللوحة ثم غادرت المكان بهدوء، مخلفةٌ وراءها رجل يتخبط في مكانه من العجائب التي رأها في غضون السويعات القليلة التي مرت عليه!

- النهاية-

💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀

* الفريمة: خشبة تحتوي على قماش ابيض يستعمله الرسامين في الرسم

تقيمكم للقصة 😍

نشرت في يوم السبت
31- 7- 2021

( ملاحظة ممنوع السرقة او الاقتباس دون أذاً مني تذكر الله موجود ^__^ )

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top