•٦• أنعكاس مرآة
أنا فتى في الواحدة والعشرين من عمري أقضي جّل وقتي بالتسكع بين الفتيات أسرد عليهن حكايات من نسّج خيالي عن شجاعاتي وبطولاتي الخيالية.
وفي أحد الأيام كنت داخل البار أجلس على الأريكة الوفيرة متكئًا إلى الخلف بينما فتاة على شمالي أتناول كأس من النبيذ مستمتعًا بمذاقه اللاذع
تسلل صوت سجال من الطاولة التي بجانبي بين مجموعة من الشباب أعمارهم تتراوح مابين الثامنة عشرة ومابين بدايت العشرينيات، حول مكان غامض كل من يزوره لا يعود منه حيث يختفي في ظروف غامضة ويقال يدعى سحر المرايا!
ألتفتُّ إلى الفتاة التي بجانبي وأسترسلت عقب أخذ رشفة من الشراب
« مارأيكِ بمَّ يقوله هؤلاء الشباب؟ حول هذا المكان؟ هل تخالي أن كلامه صحيح حول أختفاء الأشخاص؟»
تغيرت تعابير الفتاة إلى القلق وأفصحت في توتر واضح
« نعم، هناك أسطورة عن مكان مسكون، يحتوي على العديد من المرايا السحرية التي تجعل الشخص يحدق في نفسه ويسرح إلى أن تبتلعه المرايا إلى عالم آخر»
هززت رأسي كناية على فهم ما تقوله بينما في الحقيقة كنتُ أضحك في داخلي على هذه الأشاعات الحمقاء، فلا يوجد شخص يختفي دون سبب ولا يوجد دخان دون نار
ثم أستطردت بمزاح ممزوج بالتحدي بينما أرفع بعض الخصلان عن جبيني
« مارأيكِ بأن أذهب وأزور ذلك المكان؟ والتقط له بعض الصور وأعود إليكِ لأثبت لكِ زيف هذه الأشاعات»
هلعت الفتاة ونهرتني بقسوة على هذه الفكرة الطائشة ولم تتركني بحال سبيلي إلى أن اقسمت لها أنني كنت امزح وعلى أي حال أنني لا أعلم أين يقع هذا المكان؟
عندما خرجت من الحانة لم أعّر للأمر أهتمامًا.
مضى أسبوع كنت قد خرجت في رحلة لأزور عمي في تكساس كان الطريق العام طويل جدًا ويغلب عليه الطابع الصحراوي وشاء القدر أن تتعطل السيارة في وسط العراء
ترجلت من المركبة وشارعت في أصلاحها ولكن بيد أن العطل كبير جدًا ولم تأبى السيارة أن تتزحزح من مكانها عدت إلى الداخل أخذت الهاتف، لطلب النجدة ولكن سوء الحظ لم يكن هناك أي أشارة!
ثم لعنة الحظ سيما عندما تذكرت أن جهاز تحديد الموقع Gps الخاص بالسيارة معطل منذ أسبوع وقد تهاونت في أصلاحه ونسيته بتاتًا.
بدأت أتأفأف ثم قررت أخيرًا بأن أمشي إلى الأمام علني أجد شخص يستطيع أنقاذي وفعلًا مشيت دون أبطاء فعقب ثلاث ساعات سوف يهبط الظلام.
بقيت أسير قرابة فرسخًا إلى أن بدأ الأعياء يثقل كاهلي والعرق يتصبب من جبيني إلى أن لطف بي القدر ورأيت في مرأى عيناي منزلًا ضخمًا كان قديمًا وباهت الألوان ومنظره يوحي أن أحدًا لم يدخله منذ أعوام، توجهت نحوه وأنا أتأمل أن أجد آدمي ينقذني مما أنا فيه.
وصلت إلى الباب وطرقته بمطرقة الباب عدّت مرات ولكن دون أستجابة؟
تجرأت قليلًا وأدرت مقبض الباب ولحسن الحظ فتح ولجت الداخل حتى أجد قاعة فسيحة رحبة قديمة جدًا، حيث شباك العنكبوت والأتربة تملأ المكان وإلى الأمام سُلم مُهيب ضخم يرتقي إلى الطابق التالي
أخذت نظرة سريعة في الأرجاء، كان يحتوي على تمثالين حديديّن صدئين في أقصى اليمين والشمال وبجانبهما منضدة مستطيلة تحتوي على بقايا تحف نحاسية أكلها الدهر
أرتقيت السُلم إلى الطابق التالي بدافع الفضول لأجد ممر طويل يحتوي على مرايا متوسطة الحجم معلقة على أمتداد الجدران عندئذً تذكرت الإشاعة التي سمعتها منذ أسبوع مضى حتمًا أنه نفس المكان المقصود!
ابتسامة صغيرة شقت طريقها في فاهي وأنا أحدث نفسي
« ماهو الشيء المُخيف في هذا المكان؟ لألتقط صور وأثبت لهم زيف معلوماتهم»
أستخراجتُ هاتفي والتقاط الصور للمرايا ولجميع الزوايا حتى أبرهن لهم أنني شجاع لا يخشى شيئًا، إلى أن أخذت كفايتي في الصور، أعدت الهاتف إلى جيب بنطالي
وثم مشيت بتؤدة وأنا أحدق في المرايا، بعدها تدريجيًا بدأت هيأتي تكون مختلفة أو ثمة شيء غريب فيها أو ربما أنا أتخيل نتيجة الأرهاق، أكملت السير لاكتشاف المكان إلى أن غمزت صورتي في المرآة نحوي!
جفلت وعدت إلى الوراء ثم أستدرت بفزع وهرولت عائدًا إلى الخلف، وأظن قد أخذت كفايتي من المكان وحسنا أعترف المكان غريبًا حقًا
حاولت العودة إلى السُلم النزول، والخروج من هذا المكان الغريب ولكنني صعقت عندما لم أجد أي أثر للسُلم النزول وكل ما أستقبلني هي المرايا ولا شيء سوى المرايا والمزيد من المرايا
أخذت أصرخ وأنا أهرول بأقصى سرعة في الممر بينما عيناي منفرجتا على وسعها أحدق في انعكاساتي في المرايا وهي تبتسم نحوي بشر
عقبها بدأت صورتي تتحول إلى دموية حيث تحولت أنعكاساتي إلى فاقد أحد الأعضاء فمرة الساق مقطوعة ومرة اليد مبتورة ومرة إحدى الأذنين غير موجودة
أخذت صرخاتي تعلو وأنا أحدق برعشة إلى المرايا بينما دقات قلبي ازدادت إلى أقصى درجاتها
أخذت الهث من كثرة الهرولة وتحول المكان إلى دوامة من الانعكاسات غير المتناهية
أكملت أقدامي الجري كأنني في متاهة لا نهاية لها إلى أن وصلت إلى أخر مراية تفاجأت بهيئتي حيث كنت مقطوع الرأس والدماء تقطر من الجزء المقطوع
أطلقت شهقة كارثية مع توسع بؤبؤيّ وأنفتاح ثغري لدرجة سقوطهُ في الأرض وبينما أنا مذهول بصورتي المروعة أستدرت حتى هوى فأس على رأسي وقطع!
- النهاية -
💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀
أي نقد أو خطأ أملائي أخبروني به 😘
أشكر عزيزتي كل الشكر على مساعدتها الرائعة في تصحيح أخطائي الاملائية A1S1M1A
نشرت في يوم
10- 7- 2021
( ملاحظة ممنوع السرقة او الاقتباس دون أذاً مني تذكر الله موجود ^__^ )
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top