•٥• غويلو

تركيا: مدينة قيصري

أنتهى الدرس الأخير لذا وضبت حقيبتي الثقيلة بالكتب، وحملتها على ظهري ثم خرجتُ دون أي أبطاء؛ كون لدي أمتحان بعد الغد، ويجب أن أذاكر له جيدًا؛ فأنا أود أن أحصل على درجة عالية.

مشيت في طريق طويل بالنسبة إلى ساقيّ النحيفتين
أكملت الطريق الأول ثم أستدرت يمينا وبعدها أنعطفت في أول فرع أكملته إلى قبل الأخير بثلاث منازل؛ حتى أصل إلى منزلي البني.

غيرت ثيابي المدرسية بأخرى مريحة ثم ذهبت إلى المطبخ أكلت طعام الغداء.

كان المنزل هادئا كبقية الأيام فأبي يعود في الثاني عشرة وربع ثم يأخذ قيلولة إلى الثالثة وحيانا تمتدّ الى الرابعة مساء بسبب طبيعة عمله الشاقة، بينما أمي وأخويّ هازار و اونور فأن دوامهم في المدرسة مساءً، بالمناسبة أنا أدعى لين في الصف السابع أدرس في مدرسة للبنات .

عقب الغداء توجهت إلى غرفتي وشرعت في المذاكرة مضت عشرون دقيقة قبل أن أسمع صوت جرس الباب أستغربت قليلًا فمن يزورنا في هذا الوقت، الواحدة والنصف ظهرا؟

فتحت الباب لأجد فتاة في مثل عمري تقريبًا ترتدي الزي المدرسي سمراء البشرة، ذات عيناي بنيتان وشعرها على شكل ظفيرتان سميكتان حالكتا السواد.

أبتسمت عند رؤتي ثم أسترسلت بنبرة رقيقة آسرة
« مرحبا أنا أدعى غويلو كاموران أبنة جيرانكم، لقد علمت أنكِ في نفس صفّي وترتادين نفس مدرستي فقلت في داخلي لمَّ لا نذاكر معًا لمتحان بعد غدٍ؟»

بعد الأنتهاء من التعارف أدخلتها إلى غرفتي عقبها قدمت لها وجبة الضيافة وبعدها شارعنا في المذاكرة معًا وقد اندمجنا كثيرًا في القراءة سويا واكتشفت أن هناك كثير من القواسم المشتركة بيننا وأهمها العزلة فكلانا يحب الأختلاء بنفسه ولا يملك صديقات في المدرسة.

عندما أمست الساعة الثالثة ألا خمس دقائق أستأذنت للأنصراف وغادرت بعد أن وعدتني بأنها سوف تزورني غدا في نفس الموعد.

في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة وأنا مرفوعة الرأس أشعر ببهجة كبيرة أتخيل الألعاب التي سوف نلعبها معًا أنا وغويلو والوقت الرائع الذي سوف نمضيه معًا، فدائمًا كنت أشعر بالوحدة في وقت الاستراحة (الفرصة) ولا أحد تلعب معي كوني لستُ صديقتهن.

وصلت باكر إلى الصف بحثت بين الفتيات عن صديقتي غويلو ولكنني لم أجدها!

أنتابني قليلًا من الحزن ثم فكرت ربما تكون في شعبة أخرى فصّف السابع يحتوي على خمس شعب أردت البحث في الشعب الأخرى ولكن جرس الذي يشير إلى توجه الطلبة للصف قد دق لذا عدت إلى صفي خائبة قليلًا

بقيت انتظر أنتهاء الدرس بفارغ الصبر وشعرت أن الدرس قد طال أكثر مما يجب، بدأت أشعر بالضيق إلى أن أفرج الله عليّ لأسمع صوت الجرس الأستراحة( الفرصة)

أنطلقت كالرياح وشرعت بالبحث عن صديقتي في الصفوف الأخرى ولكن للأسف لم أجدها والغريب كل من سألته عن صديقتي جهل معرفته بها ولم أجد فتاة واحدة تعرف صديقتي غويلو

أنتهى اليوم وعدت إلى البيت أجّر أذيال الخيبة ثم طمأنت نفسي بأن صديقتي لم تأتي اليوم إلى المدرسة بسبب أمتحان الغد وربما غدًا أراها في المدرسة ونلعب معًا عقب أنتهاء الأمتحان.

في الواحد وثلاثة عشر دقيقة رن جرس الباب تركت الكتاب وهرولت بلهفة، فتحت الباب لأجد الطارق صديقتي غويلو ألقت عليّ التحية مع أبتسامتها العذبة

وعقب دخولنا إلى غرفتي وجلوسنا حول منضدة القراءة سألتها ببعض العتاب
« هل تعلمين اليوم بحثت عنك ولم أجدك في المدرسة وكل الطالبات اللواتي سألتهن عنكِ جهلن معرفتهن بكِ، حقًا في أي شعبة أنتِ ترتادين؟ أنا في شعبة باء»

بيد أنها بوغتت في أسألتي، أرتبكت قليلًا وتلعثمت في الأجابة
« نـ نعم أنا في شعبة زاي»

أبتسمت بغبطة ثم أكملت أسألتي
« حقًا أين هو منزلكم؟ حتى أتي لزيارتكم غدًا ونلعب معًا»

أحساس خالجني أنها تفاجأت من سؤالي ثم أردفت بتوتر عقب دقيقتان من السؤال
« هلًا بكِ في منزلي في أي وقت فهذا من دواع سروري، منزلي يقع قرب محل بيع الزهور أخر بيت في الشارع»

اؤمت لها ثم أكملنا دراستنا للأمتحان الغد ولم أجعلها تغادر إلا بعد أن أنتهينا من المادة الاحياء في تمام الرابعة ألا ربعً.

كان هذا الأمتحان أول مادة أذاكر لها بجد فقد حفظتها على ظهر قلب مما جعلني أنام تلك الليلة مطمئنة.

في اليوم التالي عندما قَدِمت الأسالة الأمتحانية أجبت عليها بيسر ولم أدخر أي مشقة في أتمامها، أنتهى الأمتحان وأنا أشعر برضا غامر يجتاح كياني بسبب البلاء الحسن الذي أبليته .

حينما رن الجرس الى الأستراحة ( الفرصة) توجهت بغبطة إلى شعبة زاي ولكن!

ولكن الغريب أنني لم أجد صفّ يحمل هذا الأسم كلما وجدته من شعب هي {الف، باء، جيم، دال، هاء}

دهشت كثيرًا هل يعقل أن غويلو أخطأت في الأسم؟

بحثت مرة أخرى في الشعب الأخرى ولكن دون جدوى والذي زاد حيرتي أكثر هو أنني لم أصادف أي طالبة قد سمعت بهذا الأسم

أستغربت كثيرًا ولم أجد أي تفسير مقبول لمَّ يحدث!

ثم أنتابني الحزن ربما غويلو ترتاد مدرسة أخرى ليست مدرستي؟ وتوهمت السمع؟

وبينما الأفكار تعبث بي لم أشعر على أنتهاء المدرسة والعودة إلى البيت، في طريق العودة أجتاحتني فكرة وهي زيارتها في منزلها.

ذهبت إلى العنوان الذي ذكرته وعندما وصلت حدثت المفاجئة المرعبة كُلما وجدته منزلًا مهجورًا منذ أمد طويل؟ ربما خمس سنين على الأقل!

بقيت مبهوتة أحاول أن أستوعب هذا هو محل الزهور وهذا هو أخر بيت في الجادة؟ ولكن هذا الدار مهجور ولا يسكنه أحد!

أنتابني الخوف كثيرًا هل غويلو تكذب عليّ؟ ولا تريدني أن أعلم أين يقع منزلها؟ ربما هي لا تود أن يزورها أحد لذا قامت بتضليلي بهذا العنوان؟

في ذلك اليوم لم تأتي غويلو لزيارتي وكأنها علمت بكمية الأسالة التي أود طرحها عليها؟

عندما أمست الساعة السابعة مساءً وكنا مجتمعين حول المائدة خاطبني أبي
« هل قلتي أن صديقتك من عائلة كاموران؟ لقد سألت الجيران وأخبروني لا يوجد أسم عائلة بهذا الأسم في المنطقة؟»

أرتعشت كثيرًا من هذا الخبر والجمني الصمت عن الحديث وأزدادت دهشتي أكثر حول هذا الفتاة الغريبة التي زارتني مرتان والتي لا أعرف حتى هويتها الحقيقية ربما كانت تكذب عليّ بشأن أسمها أيضًا؟

شعرت بالرهبة الممزوجة بالحزن، فـلماذا كذبت عليّ؟
لماذا لا تريدني أن أعرف عنها شيئا وقدمت لي معلومات مضللّة؟

بقيت مبهوتة ولم أستطع أن أنام تلك الليلة بسبب الأفكار السوداوية التي تأكل رأسي هل هي عضوة في أحدا العصابات وارسلوها للتجسس وغيرها العشرات من الأفكار المظلمة إلى أن توصلت أخيرًا إلى سؤال المديرة عنها علّها تعرفها؟ فهي أمراة كبيرة في السن ذات خبرة واسعة في حيينا وربما تعرفها إذا وصفت لها بدقة.

مضى الليل بثقل ولم ينبلج ضوء الصباح ألا بعد عناء طويل، ذهبت إلى المدرسة مُبكرًا لأن الفضول قد وصل إلى أقصى مراحله.

توجهت إلى غرفة المديرة بقلب مضطرب طرقت الباب بهدوء قبل أن يؤذن لي بالدخول، ألقيت عليها التحية ثم سألتها بقلق
« مديرتنا الفاضلة لقد جاءت اسألك عن شيء؟»

أبتسمت لي المديرة ثم اؤمئت تحثني على طرح السؤال لأقول بنبرة مهتزة
« أود أن أعرف أن كان هناك فتاة تدعى غويلو كاموران في المدرسة، في الصف السابع»

بهتت المديرة من السؤال ومتلأ وجهها بعلامة الأستفهام قبل أن تفصح « نعم أنا أعرف هذه الفتاة لقد كانت تدرس عندنا ولكن ما الذي ذكركِ بها؟»

تخبطت قليلًا وعوضًا عن الإجابة سألتها مرة أخرى بنبرة متوسلة « وأين يمكن أن أجدها الآن؟»

ليأتيني الخبر الصادم الذي نزل على مسمعي كالصاعقة
« عزيزتي لين! الفتاة غويلو قد ماتت منذ سّتْ سنين مضت وأهلها قد أنتقلوا إلى منطقة أخرى عقب وفاة إبنتهم، فما الذي تتحدثين به؟»

توسعت مآقيّ على الخبر وتسمرت في مكاني فاتحة ثغري من الدهشة ثم نطقت بصدمة وأنا أحدق في الفراغ
« الفتاة التي زارتني ميتة!»

- النهاية-

💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀💀

نشرت في يوم الجمعة 25- 6- 2021

أنتهى من الأدب مايكروفكشن أشكر عزيزتي ASMsmile
على توضيحها لي معنى مايكروفكشن، والحقيقة لا اعلم ان كانت قصصي ينطبق عليها هذا المصطلح واشكرها ايضا في نصيحتها على العنوان 😘

* سؤال عندما ينتهي الدرس ويدق الجرس ماذا تسموه للفرصة ام للاستراحة؟ عندنا نسمية للفرصة انا لا اعلم من هي الاصح؟ لذلك وضعهتن أثنينهن

فكرة الفصل جاءتني عندما كنت في الصف الاول او الثاني متوسط ( السابع او الثامن) لا اذكر بالضبط لان الحدث وقع منذ مدة طويلة جدا جدا، انتشرت اشاعة قوية بين الطالبات عن بنت زارتها إبنة الجيران للمذاكرة وهناك تكتشف أنها ميتة، وقتها جميع الطالبات قد أرتعبن والخوف أكلهن بينما انا الوحيدة افكر هاي ماتت وما خلصت من الدراسة والدراسة لحگتها للقبر 😂

( ملاحظة ممنوع السرقة او الاقتباس دون أذاً مني تذكر الله موجود ^__^ )

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top