الدعوة الحادِية عشَر.

-
|أشهُر|

شارِداً بأفكارهِ المسمومة مؤخّراً ريثما يقبَعُ فوق مقعدهِ المُتحرِّك أمام شُرفةِ منزلهِ الواسِعة بجِنح الليّل،بتقاسيم وجهٍ تكاد تهوى أرضاً مِن شِدّة العبوس و عُقدة الحاجِبين.

منذُ تركهِ للعمَل وهو يأبى الإستمرار بحياتهِ و يودُّ أن يُنهيها.

تنهَّدَت فايث مُتمسِّكةً بالصينيّة الخشبيّة بين يديها لتسير إليهِ برويّةٍ،جاعِلةً مِنهُ يستمِع لخُطاها و يُغلِق عينيهِ بوهنٍ،مُحاوِلاً ألّا يُفرِغ غضبهُ عليها كما فعلَ طوال الأشهُر الماضِية.

"لو،العشاء.."همسَ بلُطفٍ واقِفةً أمام جسدهِ،لينفى برأسهِ بخِفّةٍ مُتنهِّداً كما الحال مع جميع وجبات اليوم.

"لا أُريد.."أجابها بخفوتٍ مُغلِقاً عينيهِ،لتضعَ الصينيّةِ فوق قدميهِ العاجزتين،قبلَ أن تُعاوِد الحديث قائِلةً:

"لكِن لو،عليكِ أن تـ..-"

"أخبرتُكِ لا أُريد!،ألا تفهمين!"صاح بغضبٍ شديد راكِلاً الصينيّةِ بكِلتا يديهِ لتهوى أرضاً،مُحطِّماً كُل ما يحويها مِن أطباقٍ.

"إهدأ لوى،تعلَم أننى فقَط أن تكـ..-"

"هل تريننى مُختلٌّ مثلاً كى تُخبرينى أن أهدأ!،أغرُبِ عن وجهى.."صاح بغضبٍ عارمٍ جعلَ مِن أوصالِها ترتجِف،لتُغلِق عينيها بخوفٍ مِنهُ.

إزدردَت لُعابها ثُم تنهَّدَت مُحاوِلةً عدمِ البُكاء أمامهِ كالعادة كىّ لا يظُن أنّها تُحاوِل نيل شفقتهِ،قبلَ أن تجثو على رُكبتيها مُعدِّلةً الصينيّة لتضعَ بداخلها الزُجاج المُحطَّم لقطعٍ مُتناثِرة.

تنهَّد مُجدداً مُحاوِطاً وجههُ بكفّيهِ كىّ يهدأ،هو حتّى لا يعلَم لِما يُعاملها بتِلك الطريقة رُغم أنّها حبيبتهُ التى تمنّى مليّاً أن تُجاورهُ للأبد.

وها هى بجانبهِ،لكِنّهُ يُبعِدها أكثَر،يصيحُ عليها بحُجّة أنّ حالتهُ النفسيّة سيئة و يُفرِغ غضبهِ مِمَّ آلَت إليهِ الأمور مؤخّراً.

لملمَت جميع الزُجاج بدموعٍ تكتَّلَت بمُقلتيها ثُم إستقامَت بقدمين بُمرتجفيتنِ كىّ ترحَل بالحُطامِ الذى يُشبِه قلبِها،لتشعُر بيدهِ تتمسَّكُ بخصرُها مُعيدةً إيّاها إليهِ.

"أنا أسِف فايث،أرجوكِ،إننى أعتذِر.."همسَ بضعفٍ مُرسِياً رأسهُ فوق معدتُها بإرهاقٍ،لتتنفَّس فايث الصعداء شاعِرةً بدموعِها تهوى لتسقُط فوق خُصلاتهِ.

إبتعدَ عنها مُلتقِطاً الصينيّة ليضعها جانِباً،قبلَ أن يجذِب جسدُها ليُجلِسها فوق قدميهِ مُحاوِطاً جسدها بعناقٍ قوىّ،جاعِلاً مِنها تشهَق باكِيةً بصوتٍ عالٍ،مُطلِقةً دموعِها المُتألِّمة.

"أنا لعين،لعينٌ عاهِر لجعل ملاكى تبكى،فقَط لا تبكى.."همسَ بلُطفٍ ريثما بدأ بالبُكاءِ برفقتُها عِندما إنفطرَ قلبهِ على حالهُما.

هى تُحاوِل مواساتهِ و هو ينفُر مِنها.

شهقَت مُجدداً دافِنةً وجهُها بتجويف عنُقهِ ريثما كفّيها يُحاوِطان كتفيهِ،لتشعُر بهِ يُقبِّل وجنتُها عميقاً بحُبٍ قد إفتقدتهُ لفترةٍ.

"أنا أسِف،أسِف.."همسَ مُجدداً مُتحسِّساً خصرُها بلُطفٍ ثُم قبَّل رأسها مِراراً،ليبدأ بُكاءِها بالهدوءِ تدريجيّاً.

"أنا أُحبِّك.."همسَ نُجدداً آخِذاً رأسهُا بين يديهِ ليُرسى جبينهُ فوق خاصّتُها مُغلِقاً عينيهِ مُثلُها،ريثما يستمِع لشهقاتها الخافِتة التى نبتَت عن بُكاءٍ مؤلِم.

"أنتَ تشعُر بحُبّى لَك لو،صحيح؟"همسَت مُتسائِلةً ريثما تُحاوِط وجههُ بكفّيها لتمسَح على وجنتيهِ،قبلَ أن تشعُر بهِ يومئ لها بخِفّة.

"أفعَل.."همسَ مُقبِّلاً باطِن يدها التى تقبَع فوق وجنتهِ،لترتسِم إبتسامةٍ صغيرةٍ فوق شفتيها.

"أشعُر بهِ فى إكتراثُكِ بشأنى،مُحاولاتُكِ بدفعى للأمام والمُضىّ قِدماً،بتقبُّلكِ لعجزى و على ما أنا عليهِ،لَم أسمع أُحبُّك منكِ قَط،لكِنى رأيتُها أفعالاً وذلِك الأفضَل.."إسترسَل رافِعاً إيّاها أكثَر لعناقهِ جاعِلاً مِنها تُحاوِط خصرهُ بساقيها.

"لتكُن أفعالاً و أقوالاً،أُحبُّكَ لو،كثيراً.."صرَّحَت هامِسةً قبلَ تدُس رأسها بعُنقةِ بعناقٍ ضيّق ، يدها تغورُ بين خُصلاته و أُخرى حاوط ظهره بطُمئنينة، ذلِك العناق أرسلَ لـ لوى الكثير مِن المشاعِر.

جعلتهُ يشعُر بأنّهُ أفضَل.

إبتعدَ بعد ثوانٍ،قبلَ أن يزدرِد لُعابهُ هامِساً مِن جديد:
"إننى أعتذِر عن جُل ما فعلتهُ مُسبقاً فايث،غضبى،نرجسيتى و حتّى إبتعادى عنكِ.."

"الأمر كُلّهُ أننى لازلتُ لَم أتقبَّل أمرُ عجزى بَعد،أشعُر كأننى بِلا قيمة،أنا أُعانى فايث.."همسَ بصوتٍ مُتخاذلٍ ضعيف،جعلَ مِن فايث تُعاوِد عناقه مِن جديد.

"لازلتَ أنتَ لو!،لازال لديكَ تِلك المهارةِ التى تُكسِبُكَ حُب الملايين،لَم يتغيَّر شيئٌ أبداً.."عقَّبَت بنبرةٍ شعرَ بِها و كأنّها تتوسّلهُ كىّ يُفكِّر بإيجابيّة.

"أعلَم،لكِن فِكرة أننى لَم أعُد أسير عِلاوةً على كونى لا أُبصِر جعلنى أشعُر بالضَعف،أشعُر وكأننى لا أستحِقُّ الحياة و..-"

"شش،لا تتفوّه بحديثٌ كذلِك،أنتَ أكثَرُ رجلٌ طيّبُ القلبِ و مُحِبٌ و لطيفٌ قد علِمتهُ بحياتى،أنتَ حُبّى لو.."أصمتتهُ مُبتعِدةً إنشاتٍ ثُم قبَّلَت رأسهِ،لتُرسى خاصّتها فوقِها مُتنهِّدةً.

"أنا أُحبُّكِ كثيراً فايث،مهما فعلتُ أرجوكِ،إعذرينى ولا ترحلِ بعيداً.."توسّلها بنبرةٍ حزينة لتحسَّس خُصلاتهِ ثُم تومئ.

"لَن أرحَل.."همسَت جاعِلةً مِنهُ يبتسِم براحةٍ مُغلِقاً عينيهِ برويّةٍ،مُتمنيّاً أن يحظى ببعض النوم.

"مِن المُفترَض أن نكون جالِسان نُشاهِد النجوم سويّاً كأحِبّاء،لكِن بِما أننى لَن أستطيع فِعل ذلِك فسأكتفِ بسماعِ نبضاتُ قلبُكِ المُريحةِ للأعصاب ريثما أنتِ تُشاهدين النجوم و تُخبرينى كَم هى جميلة.."أخبرها لوى مُحرِّكاً عجلات المِقعَد ليُصبِح وجهُها مُقابِل النافذةِ بدلاً مِنهُ،قبلَ أن يُرسى رأسهُ فوق صدرها مُستمِعاً لنبضُها المُنتظِم.

"حسنٌ،السماء تبدو أكثَر صفاءً مِن الأمس،الأمسِ كانَت تحويها بعض الغيومِ و قد أمطرَت لكِن لا أعتقِد أنّها ستفعَل اليوم.."همسَت فايث شارِحةً لهُ الأمر ريثما تُداعِب خُصلاتهِ ليُهمهِم بصدرِها،جاعِلاً مِنها تشعُر بالدغدغة.

"النجوم كثيرةٌ على غير عادة،لكِن دائِماً ما يكون هُناك نجماً يشِعُّ ضوءً مِن ضِمن الجميع،ذلِك أنتَ لو.."إسترسلَت مُقبِّلةً رأسهُ ثُم عاودَت مُداعبة خُصلاتهِ بخِفّة.

"وكأن تِلك النجومِ هى العالمُ الموازى،أعنى..غريبٌ أمرُها،دائِماً ما أجِد هُناك شيئٌ بِها ولا أعملهُ،لكِن كُلّما نظرتُ إليها أشعُر بمدى جمالها،أشعُر أننى أرى بِها مَن أعملهُم بحياتى فرداً تِلو الآخر.."قهقهَت بنهاية حديثُها مُعيدةً أنظارُها لـ لوى،لتجدهُ مُغلِقاً عينيهِ و يبو أنّهُ غفى.

"أتغفو بأوّل ليلةٍ لنا سويّاً لو؟"عاتبتهُ ثُم قهقهَت مُقبِّلةً رأسهُ مِن جديد،قبلَ أن تُعيد رأسُها فوق خاصّتهِ مُغلِقةً عينيها.

"نَم لو،فلتُرِح ذاتُكَ مِن قساوةِ عالمُكَ قليلاً.."
-
|صباحاً|

"صباحُ الخير لو.."أيقظتهُ بلُطفٍ ليبتسِم لها بنُعاسٍ فارِكاً عينيهِ بخِفّة،قبلَ أن يلتقِط رأسها بقُبلةٍ صغيرة.

"صباحُ الخير.."همسَ مُبتعِداً قبلَ أن يُحرِّك عجلات مقعدهِ جِهة دورةِ المياه عالِماً طريقُها،ريثما فايث تُناظرهُ بإبتسامةٍ حتّى أغلَق الباب خلفهِ.

أحضرَت فايث الفطور لتضعهُ بالطاولةِ الصغيرةِ بالشُرفةِ الكبيرة،ثُم تتخِذ مجلِساً أمامُها مُنتظِرةً مِن لوى أن يأتى.

ترجَّل لوى مِن دورة المياهِ بعد دقائِقٌ مُلقياً المنشفةِ على الأريكة،قبلَ أن يعقِد حاجبيهِ عِندما لَم يستمِع لصوتِ فايث.

"هُنا بوبير!،بالشُرفة.."صاحَت كىّ يسمعها ليُقلِّب عينيهِ على ذلِك اللقب الطفولى،منذُ أن أخبرها مارسلِن بذلِك اللقب و هى تُحِب أن تُمازحهُ بهِ.

"يكفى بوبير،أنا ناضِجٌ شارَف على الثلاثين عاماً.."أخبرها بإنزعاجٍ جاعِلاً مِنها تُقهقِه،قبلَ أن يوقِف مقعدهِ بالجِهة الأُخرى مِن الطاولة.

"هاك.."همسَت فايث مُناوِلةً إيّاه كوب الشاى خاصّتهِ،قبلَ أن تصنَع لهُ شطائِر الجُبن كفطورهُما الصباحى المُعتاد.

"فايث.."همسَ بإسمها لترفَع رأسُها لهُ بإهتمامٍ قائِلةً:

"أجل لو؟"

"لقد فكّرتُ بأمرٌ ما منذُ قليل.."تمتَم مُرتشِفاً بعضاً مِن الشاى لتُهمهِم لهِ ريثما تصنَع الشطيرة،قبلَ أن تُناولها لهُ و تبدأ بصُنعِ خاصّتُها.

تنهَّد لوى تارِكاً الشطيرةِ بعيداً،قبلَ أن يُعاوِد الإرتشافِ مِن الكوبِ مُسترسِلاً:

"سأعودُ للعملِ مِن جَديد.."
-
فصل عشان زبزب الكلبة Zou_Diman
كله توقَّع انه هيتشل الموضوع باين اوى يا جماعة بس عاش😂🤝
حلوة الدعوة؟ القصة قربت تخلض خلاص:(
بحبكوا❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top