« 19 »
• [الحَمد للّٰه و لا إله إلا الله] •
__________
🔛|
-- المشاعر أولًا ثم القلم آنساتي و سادتي..
إن كل لونٍ ستستعملونهُ و كل إنحناء ما هو سوى ترجمةٌ لكم... --
قهقهَ بلطف واضعًا حافة أنامله اليققة على فمه كسيد من العصر الفكتوري.
في الواقع حتى هندامُه الكلاسيكي و شعره القصير المربوط للخلف يوحي بذلك.
قبعةٌ فرنسية بلون القهوة السمراء ناسبت معطفهُ الجلدي الذي يبرز قوامه النحيف.
الصورة النمطية لرسامٍ شغوف ، و مغتر بنفسه جدا خاصة و أن لا أحد في هذه الجامعة يستطيعُ رد طلبه أو الإستغناء عن خبرته...
بالطبع فهو شقيق المدير.
أنفه المدبب إرتفع بعد أن أومأ له جميع من في القاعة من طلبة و لولا كانت من بينهم..
مبهورة بشخصية أستاذ التشكيلية و الرسم الذي قرر تشريفهم بحضوره أخيرا بعد غيابين لن يعوضا.
-- إذا بهذه الفكرة في عقولكم اليانعة..
أود منكم أن ترسموا..--
أحادثهم البينية تعالت لوهلة ثم تكلمت أحدى الطلبة قصيرة القامة ذات خدين مكتنزين
-- أعتذر سيدي لكن ماذا تريد منّا أن نرسمَ تحديدًا؟ --
ختمت سؤالها بإبتسامة خجلة من نظراته المتفحصة ،لوهلة إعتقد الجميع أنه سيجعلها محط لسخريته لكن بدل هذا التخيل الدرامي فرقع الأستاذ الشاب أصابعه الطويلة غالية الثمن و شرح بصوت منعشٍ
-- أود منكم أن ترسموا زميلتكم هذه...
لا أريد صورة مكررة ،و من يمتاز بأصابع دافنشي فليتركها لنفسه.
أريد لوحة لما تشعرون به حين ترونها --
و الصراحة تقال...
تلك الفتاة لم تكن الألطف على الإطلاق و يبدو أن كثرة النظر لحسنها في المرآة أثّرت على خلايا عقلها ما جعلها تُسرِف في السخرية من أصدقائها و التهام الشوكولا أغلب الليالي مع مشاهدة سلسلة مسلسلات رومنسية رخيصة السعر.
و هكذا كانت أغلب اللوحات إما ’ وحشية ‘ أو كوميدية المنظر فإنتهت الحصة بضحكات الأستاذ و إعجابه بهذه الدفعة المبدعة..
-- آه لقد أحببتُ فصلكم..
سأحرص أن نحظى على الكثير من المرح --
إبتسم الطلبة له أثناء خروجهم، هو له أفكار كثيرة لذلك المرح~
|
و كالعادة قلبت لولا عيناها ما إن تخطّت تجمع زملائِها قُرب باب القاعة و وجدَت أحد ’الأمهاتِ الأربعة‘ كما صارت تدعوهم ، ينتظرها في الرواق..
إلا أنّ اليوم مميز عكس المعتاد فآليكساندر من سيحرسها حتى طاولة الكافتيريا اليوم..
-- تبا، كنتُ بمزاج جيد -- تمتمت لولاَ بينمَا تشدُّ ذراع حقيبتها الجلدية لصدرهَا و تشق طريقها جانبه حيث لا كلمات قد قيلت أثناء سيرِهما بين الجموع.
عندما وصلا لمكان توزع الطاولات المعدنية أمام منصة التقديم و متجر الطعام السريع المرفق بالكافتيريا ،تسارعت خطى آليكساندر و إنحنى مساره فلحقته لولا أين توجَّه لطاولة إريك و بعض رفقائه.
سترته تناسبت هذه المرة و لون شعره الذي غدى أدكن في خُضرته و جلسته كانت منعشة بتوقيع من ضحكاته العالية التي أظهرت العلكة الوردية في ثغره.
-- مرحَبًا بثنائيَ المفضّل!--
صاح إريك ما إن وقعت عينَاه على جسدي لولا وآليكساندر المُقتربين فردّت له بإبتسامة يائسة، كما قد لوّح رفاقه لهما مقهقهين.
-- و لكن لما تجلسون هنا، أليست هذه الطاولة التي تعاني خطئًا في التصميم؟--
سألت لولا واضعة يديها داخل جيوب سروالها الخشن.
الجو كان باردًا قليلا اليوم و يمكن رؤية تشكل السحاب الرمادي من النوافذ العملاقة للكافتيريا جانبا لشعاع متذبذب من شمس اليوم.
كان آليكسَاندر يعدّل شيئا ما في ساعة يده ، قد بدى مهمًا فجأة.
إستمر الرفاق حول إريك بالضحك لسبب ما وهو وضع يده أسفل ذقنه و إنحنى ليجيب سؤال لولا..
-- هذا ما قالته ستيلا كذلك..
تعالي لتجلسي هنا قربي و سأشرحُ لكِ.--
هنا إنفجر أصدقائه ضحكًا ما جعل لولا تشعر بالغرابة تجاههم لكنها تقدمت لفعل ذلك على أي حال..
إلا أن آليكسَاندر سبقها لهناك جاذبًا الكرسي، ملامحُه كانت توحي بالسوء تجاه رفاق إريك الأربعة ما دفعهم للكف الفوري عن الضحك ، أو النهيق كما سماه آليكسَاندر حين هتف بعد وضع يده أسفل الطاولة منحنيا.
-- لما لا تذهبون للنهيق في مكان آخر
بعيد عني بحيث أكتفي بخنقكم في خيالي فقط. --
-- هذا قاسٍ يا صاحبي..-- قال أحدهم بصوتٍ متعجب ثم لوّح للولا و رحل خلف أصدقائه المسرعين..
منظرهم كان ممتعا جدا لإريك ،هو حتى لم يخشى ردة فعلهم عقبِ تصرف آليكساندر معهم لكن لولا فعلت.
-- حسنا.. تلك كانت وقاحة من أحدهم.--
لم يهتم المعني بها ريثما نزعَ ما كان ملتصقا بسفلية الطاولة ورماه في بيتزا إريك مباشرةً ليصيح الآخر..
:--بربّك يا صاحبي؟ جديا..--
-- ماذا حدث؟--
سألت فتاة قد وقفت توًا قربهم لينتبه الجميع لها ، كانت ترتدي سروال قصيرًا للغاية يكشف عن ساقيها بسُخي و يبدو أنها هي من قطعته.
إبتسم إريك ليردف:-- لا شيء ستيلا لا تهتمي..--
إبتسمت الأخرى بتوتر و شكرت إريك لإقتراحه السابق بأن تقطع مكان إلتصاق العلكة التي لا تعرف ' كيف وصلت لأسفل الطاولة' بدل أن تعود لمنزلها البعيد.
إقتراح مدروس من إريك لكنه لم يحسب لوجود آليكسَاندر حساب فالأخير جعل ستيلا تغادر الطاولة فورا و بذلك ضاعت فرصته لتأمل إنجازه.
-- فقط اللعنة عليك آليكس هل كان يجب أن تأتي الآن و تفسد علينا المرح؟-- تذمر إريك مكفهرّ الوجه ليتلقى ضربة قوية على رأسه من قبل جوليان الذي أتى توًا.
-- دعني أحزر..
إلصاق علكة ستيكي-روز بسروالْ و إقتراح تقطيعه لمناظر أجمل..
آه و بالطبع آليكس كان لك بالمرصَاد.--
غمز له آليكسَاندر فقهقه و أكمل
-- عملٌ جيد آليكس! --
قال ضاربا كفه بكف الآخر أثناء جلوسِه و شتائم إريك تطُولهما قبل أن تقطعها لولا تناديه.
إلتفت لها عاضًّا على حياته شفته من الهلع ،هي لن تمرر هذا و هو يعلم.
و بينما إستمر الآخران بالضحك عليه هو فتح عيناه على صفيحة البيتزا خاصته و هي ملتصقة بوجهه رفقة العلكة التي رماها آليكسَاندر بها سابقًا.
و نعم لقد حزرتم! إنها علكة ستيكي-روز نفسها التي إستعملها و هي الآن قد توسّطت مقدمة شعره.
--هذا لأنكَ كنت ستفعل بي ما فعلته بستيلا
أيها النذل. --
صرخت لولا في وجهه الملطخ و كل من في الكافتيريا إستداروا للطاولة الأبعد عن التجمُّع ليروا منظره..
-- و هذا لأنني أحبكَ جدا، جدا. --
همست مشيرة للحشد الذي ينظر إليه بينما أغمض هو عيناه لاعنًا.
يلي ذلك إنقطاع أنفاس الطلبة من الضحك على إريك إلاغون ملك السخرية في هذه الجامعة 'السعيدة'.
أما جوليان فقد أسقط رأسه على الطاولة و راح يضرب بيده مقهقها على إستلال لولا ذلك العرش من قريبه.
-- أخبرتكَ أن تترك هذه العَادة منذ أن أبرحتكَ مون ضربًا في الثانوية..--
ختم آليكسَاندر بقوله ما إن تسبب منظرُ إريك بدخول مون حالة ضحك هستيري متناسب مع حبيبها حين رأته.
____________________________
|
” النهاية “
تذمرت كاثرين تحت ضحكات سالومون ، هو الذي كان قد وصل لنهاية قصة أعجبتها جدًا لذا لم يرقها ذلك.
بعد أن هدأت وضعَ الغطاء عليها يتأكدُّ أن كل جسدها دافئ به ثم أخذ سترته من الحاملة و أغلق الأنوار.
كانت الساعة تشير للسادسة و الأربعين دقيقة من مساءٍ بارد ذو غيم رمادي يوحي بإبكار قدوم الليل.
عندما سار وحيدًا في الشارع الضيق الموفد لعمارته تذكر أغنية قديمة ذات لحن مكرر فراح يدندن بها واضعًا أحد يديه بجيب السترة الكستنائية حتى غادر الشارع.
هناك قرب إشارة المرور و الأجساد القليلة المارة ،كان قد رأى شخصًا مألُوفا.
ليس وجهه بل وقفته و نظراته ، و نفس المعطف الأسود من ذلك المساء الذي وجده فيه سالومون يرقبُه أسفل الدار.
شاحنة كبيرة كانت الفيصَل بينهما ،حيث إختفى الرجل بعد مرورها تاركا سالومون في حيرة.
إنتبه لشروده بعد فينة ثم ركض ناحية وجهته ، مقهى بينولوبي.
هو لا يعمل اليوم لكن هناك العديد من الأسئلة عالقة بحلقه من ذلك الليوم.
كما أن أشياء غريبة أصبحت تحصل و الرجل الذي يراقبه أحدها.
رنات الجرس القصديري المعلق قرب باب المقهَى أصدر إعلانً ،شخص ما لا يهتم ببرودة الجو و نقص الوافدين قد دلف ما دفع بينولوبي لرفع نظرها من تجفيف الفنجان بيدها ناحيته..
تفاجئت بكونه سالومون، اليوم عطلة و الجو ليس مناسبًا لنزهات حتى لو كان ذلك السبب.
ألقى عليها التحية بإختصار و قبل أن ترد كان قد سبقها بقوله
:-- أبغُض شعُور الإستغفال يا بينولوبي و أنتِ تعلمين..
العمة كاثرين ليست بخير منذ أن أتينا لهذه المدينة و أشياء مقلقَةٌ لمضجعي تَحدُث..
لذا أنصحكِ بإخباري الأمر لأنني و اللعنة ذِقت ذرعًا بكتمانكِ. --
تنهّدت بتوتر لتضعَ ما كان بيدها و فَاهت
-- قلتُ أنّ العمة من ستروي لك،
و لكن أخبرني ما الذي يحدُث؟--
-- لا،لا لن أفعَل..
أنا سأجلسُ على هذا الكرسي اللعين بصمت
أنتِ من سيتحدث،
و أنا لن أغادر دونَ
معرفة كل شيءٍ عزيزتي. --
لكن و ما إن فُتح ثغر بينولوبي أخيرا بعد تفكير محيصٍ بخصوص إخباره حتى دقَّت أجراس المقهى معلنة وصول ضيف آخر ،و ذلك الضيف لم يكُن سوى لولا الذي يتطايرُ الحماس بين حروفها و صوتِها.
-- حمدا للرّب أنني وجدتكَ هنا،
أريد دعوتكَ لحفلٍ في بيت العم رون.
كلاكما.. --
أردفَت مبتسمة لبينولوبي التي لا يبدو عليها الترحيب بالفكرة مطلقا.
و لا بـلولا أيضًا.
_________________________
___________
___
قولوا أن التحديث قصير و سأستمتع ببتر أصابعكم و طهيها على نار هادئة ،لكن سأضع الملح على مكان الجرح وليس في الوعاء uwu
;-)
💜 أبنفسجكم 💜
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top