« 09 »

[أذكر اللّٰه يذكُركَ]
________

|

|

{ A hundred million people couldn't deal with this..
But I'm into it! }

-Chase Atlantic /into it

______________

🔛|

- دعها تَذهب أيها السّافل. -

استصَرخت لولا وجهدها يضيع في إبعاد يَديْ إساي المتحجّرة عن رقَبتها وجسدها..

ضَحكاته ضَجّت في أُذنَيها بسببِ قُربه منها لكّن تخبُّطاتها العقيمة تزدَاد كلما رأت نيكولاي يلكم مُون بوحشِيّة سقيمة رَغمَ عدم إستسلامها ومقارعتها له..

صديقهم الثالث عَبس قليلا يمد شفته الزرقاء ويقول

- أنا أيضا أرِيد دمية لطيفَة كهاتَين!-

شخر نيكولاي ضاحكًا لتُفاجأه مون بلكمة قوية على وجهه حتى إرتدَّ للجانب.

مسحَ على ذقنه و عاد ينظرُ لها متأملا شكلها

- آه هذا يعيدُ لي الذكريَات..
أتذكرين حين كُنتي تبكين متوسّلةً
بتلك اللآلئ الثمِينة خاصتِك؟-

- أنتَ تجعلني أشعُر بالقَرف. -

صاتَت فيه قبل أن يصدحَ صوتٌ في الأرجاء ومع ذبذباته اخترقها الإطمئنان

- توسّلك لم يَكُن مختلفا أيضا يا رجل. -

كان ذلكَ إريك الذي تأهب يراقب وضع الثلاثة أمامه أمّا جوليان فلم ينتظر لحظَةً لما رأى مون و إنقضّ على خصمه باللكمات..

نيكولاي انسحبَ خطوات للخلف مصدومًا بسرعة الأحداث وإساي ترك لولا التي كادت تفقعُ عيناه عندما تشتت بتدخل إريك.

وصل أخيرا لصدِّ جوليان عن نيكولاي بقبضَة حاقدَة متلهفة للدمار تفاداها جوليان..

وقبل أن يفعل صديقهم الثالث شيئًا كان إريك في وجهه يحابي جوليان ظهره وهو يعين مون

إكتفت مون برمي ذراعها على رقبته فيتمسك بخصرها ويرفعهما معًا...

نظراتهم تحدّثت للحظات قبلَ الحروف، تلك اللحظَات مرّت على لولا كأشباح الموت..

- إبتعد عنها إساي ولا أحد يتأذى.. تراني صح؟ حتى أنا لا أنصحُك بذلك. -

هدّد إريك بأكثر الملامح رُعبا التي قد رأتها لولا يوما، وجهه لوحَة من شناعة الغضب البشري..

كانت لولا وسطَ تلكَ الجلبة دُون أدنى فِكرَة عن التيارات المتضاربة أو ماضيها..

إساي إبتسم ساخرًا ما هُدد به ثم نظر لوجوه الثلاثة وتنهّد تزامُنا ولسعات النسيم الصاقعة..

- الأكثَر إثارَة غائب..- تغنّى بحزنه لذلك الواقع وإستدار بعد ذلك ينظُر للولا التي تشتعلُ في عيناها النيازك والشموس.

قال إساي بعدئذ يعبس ويغمزُ ثم يبستم كمريضٍ تهابُ الناس الإقتراب منه.

-أسرارٌ كثيرة صحيح؟-

- ليس لكَ دَخلٌ بنا أيها الفاسقُ.
و يُفضّل لو تختفي من هنا قبلَ..-

جوليان أجابه أجش الصوت جلفَ النبرة ونظراته لم تكن أقل، الحربُ فيه واعدة نابضةً

- هوّن عليك يا صغِير، فقد كنا بصدد الرحيل. هذه الزيارَة إنتهت. -

إساي شرحَ له ثم أشار لرفيقيه بالعودة من ذات طريقهما...
أرجأ نيكولاي وجه مون مرة أخيرة يُراسلها  كلِما ذا معنى خاص و جوليان أحاطها مانعا عيون الآخر من بلوغها..

ما إن غادر إساي وصحبته حتى سارعَ إريك نحو لولا يمهدّ لها الطريق لتجلس على المقعد، فعلٌ حاكاه جوليان بمثله لوعَة وقلقا انسّلت بصدره قد بدأت تخبُو للتو.

و راحَ يسألهما ويعيدُ التفحّصَ

- هل أنتمَا بخير؟
كيف حصَل هذا؟-

أجابتهُ مون بإختصار أنها بخير لتندفعَ لولا في وجهها ترعدُ بكلِّ خلاياها ووعيها:

- ما لذي تقصِدينه بأنكِ بخير، لقد رأيتُ دمائكِ تخرج من فمك..
ذلك المُتوحّش كاد يقتلكَ هناك لو طال الأمر، والآن تقولين هذا الهراء؟
علينا أن نُبلّغَ عنه.. هذا ما سنفعله. -

أخفضَت مون رأسها وتركتهُ يرمي بؤسه ليحتضنه جوليان فوق كتفه، شارفَ مستواها راكعا ثم مسحَ على شعرها يربته ويرتبه.

شفتاهُ إفترقتا على مضضٍ، يجيب لولا دون رغبَة بذلك.

-- لن ينفعَ بشيء..--

- ما هذا الخبَلُ الذي تتفوّه به أنت؟
هل ترى حالتها حتى؟
لقد كادَت تمُوت بسببي. -

لولا صرَخت مع إندفاعِ الدماء لوجهها عندما تخيّلت ما كان ليحصُل.

صدمتُها وحنقها كل ما جرى حبس الدموع ومنظرِ مون المُجهد بين عيناها يدي جوليان بيدَ أنها تحبسُها فتخنُقها الغصة بحلقها..

انتشلَ إريك يدها يتمسّك بها وبصوتِ الوعي لو وجدَ فيها، هزها لتنتبهَ له أخيرا ثم إبتسَم لها وسأل

- هل ضربكِ أحدهم أيضًا؟
دعيني أرى.. -

فاهَ ذلك بعد أن لَمح ذقنها حمراءً و رقبتها ليُمسك بها و يدير رأسها بينما هي مستسلمةٌ لتحرّكاته على وجهها تُجاريه لتفهم، وحين ذاقت ذرعًا بذلك تنهدت وقالَت

-- لم يفعَل غير هذا لا تقلق علي..
علينَا أخذ مون للمستشفى.--

- قُلت أنني بخَير!-

صاحَت مون كرد فعلٍ لفشلها لا اقتراح لولا، رفعَت رأسها عن كتف جوليان بعدَ ذلك وتغيّر مجرَى الحديث بعيدا عن اقترَاح لولا.

- أينَ آليكس؟-

- ذلكَ ما لا أفهمه. -

أجَابها إريك متعجبًا ثم إنتصب من مكانه ولولا خزرتهم على حدى تكَاد لا تصدِّق هدوئهم ومحَاولتهم نسيان ما حدث منذ دقائق فحسب.

هي تعلمُ أن هذه العائلة غريبَة و لكن ليس لهذه الدرجة.

الفتاة أمامها كانت ستمُوت أو أسوأ، لكنها تسأل عن ذلك المتخلّف آليكساندر بدلَ أن تطلب معاينة سلامة أعضائها.

هذا ما جالَ برأسِ لولا حتى قاطعها جوليان حين هتفَ

- ها هُو قادم. -

نظرَت مع الجميع لهيكل آليكساندر الذي يهرول ناحيتهم بملامحَ مبهمَة الوصف..

ما إن وصلَ حتى عاين مون من أسفل إلى أعلى وهي أخفضَت بصرها، تحسرها وحزنها مريب ولا محل له هنا، لولا شردَت بها للحظَة تحاول سبر غورِ ما رأت بثنايا وجهها ثمّ زفرَت غليل صدرهَا وأشاحت وجهها عنهم، تتمهل قد إسقاطَ صخورها على رؤوسهم الخشنة.
انتقلَ نظر آليكساندر لحظتئذ للولا التي كانت تمَسّد رقبتها وعيناها على طريق إساي..

- من فعلَ ذلك؟-

سألَ آليكساندر و جوليان إستقَام ليجيبه

- علينا أن نتحدَّث على إنفرادٍ آليكس..-

لكن آليكسَاندر لم يرضَخ بل أعاد سؤالهُ بنبرٍ أجلف تطلبا، ينقر على تلك الوجوه الصامتة..

لولا و أخيرا شعَرت أن أحدهم يملك ذرّة عقلٍ واحدة فرمَت كلماتها عليه بعد أن يأست من أن يجيبه أحد الثلاثة المختلّين حولها.

- إسمهُ إساي!
لا أفهمُ لما لا تجيبه يا جوليان فالمفروض أن نُبلّغ عن ذلك المريض..
كان معه إثنان.. نيكولا أو لا أدري ماذا، كادَ يقتل مون أمام عيناي كحيوَان بري. -

عيونُ آليكساندر جحظت أثناء استماعه لها، نبرتها كانت تهتز وترتعشُ مع حركة يديها.

تمتم بشيءٍ ما بين أسنانه ثم أشاحَ ببصره نحو مون التي لم تستطِع النظر إليه فقط لينطق الإسم الذي اخطأَت لولا في تذكره..

- نيكولاي!-

اختنقت قبضةُ جوليان لاعنا لولا تحت أنفاسه عدة مرات لتسرُّعها...

الصمتُ كان مخيّما للحظات حتى وقفَ آلكساندر أمام لولا، أمرٌ وطلبٌ في آن:

- تعَالي معي. -

قطّبت لولا جبينها، طلبهُ لم يرضي لا فضُولها و لا غضبها تجّاه ما جرَى.

- أنا لن أذهَب لأي مكانٍ غير مركز الشرطة،
و لكن هل جننتُم يا رفاق؟-

إنصدمَت وهي تقابل سبابته التي وضعها في وجهها محذّرا.

- انتِ ستأتين معي الآن..
و لن تعُودي إلى هنا مجددا. -

هنا قد فقدَت لولا كل تحكمها بردات فعلها.

وقَفت سريعًا حتى ارتد شعرها تجعل إريك يجفل، تلاعبَ به التوتّر مما قد يحصل بعد حيث أن قصيرة القامة تلك قد ثارت في وجهِ آليكسَاندر كما لم تفعل من قبل..

الإرتعاشُ في أطرافها و كلّ المَشاهد تُعاد في عيناهَا مِرارا حتى فقَدت السّيطرة.

مون حاولت إمساك يَدها لكنّها دَفعتها وصاتت

- برَبّك؟ حقا..
هذا ما توصّل له عقلُك الخارق؟من اَنت حتى لتقُول ذلك أو تأمُرني..
ثم ألا تَرى أنّك مَلئْت الكأس بما يكفِي؟
و ما خطُبكم جميعًا ؟ تُخفون عنه الأمر و تقولون لي لا يَنفع إخبارُ الشرطة؟ هل نحن في فيلم بُوليسِي ما ؟ لأنه وبحق الرب تمثيلكم لأدوار العصَابات ممتاز. -

إريك كان على وشكِ الضحك لكنّه قرر التمسك بكرامته التي ستهان لو فعل ذلك و قريبه الآخر فتح عيناه بصدمة لسُرعة الكلمات التي تدفقت من فمها و نبرتها التي بدت ذكورية المنبت حين غضبها..

هي ستكُون مغنيَّة راب جيدة فعلا، فكّر إريك في وضع لا يعين على التفكير بذلك.

لولا لم تقطَع التواصل البصري بينها و بين أحمر الشعرِ ذاك بل هو من فعل..

هو أخفض نظره يكَيّلُها بعيناه ثم تمتَم بين نواجذه.

- حسنٌ إذا،بما أنكِ لا تتّعِظين ولا تسمعين؟-

إنخَفضَ آليكساندر بعد قوله ذلك قليلاً..

أَمسكَ خصرَها،

و حملها فوق كتفِه بكل يسر و سُهولة.

لولا رَمشت عدة مرات لا تستَطيع استيعاب مرونَته و سرعته، عيناها قابلتَا الأرض في ثوانٍ.

كان إريك أكبر مستمتِع بالعرض، قهقه على شكلها حين انتصب آليكساندر  يهزّها كاللعبة مقارنة بحجمه و طوله.

صارعت لولا ظهره عدة مرات و قدميها تحاولان التحرّر منه بركله أينما سددت..

- أُتركـني،
أتركني أيها المعتوه..
دعني أنزلُ حالا! الآن!-

لم يكتَرث بصراخها كما تمنت أن يفعلَ طبعا إلا أن مُون حاولَت معه مرة بعد..

- آليكس لا شيء من هذا خطأها، أنا تأخرت.
لا يمكنكَ منعها من الكلية..-

صاحَ آليكساندر في الجميع يردعهم، ولا يسمح
لأي اَحدٍ بعد بنصحه.

- كفاكُم هذا الحد، سنعُود للمنزل..
إريك أحضر السَيارة إلى هنا
و جوليان ساعِد مون. -

إستلمَ إريكك المفاتيح التي رماها له من يد آليكساندر بيده الحرة، بينما يغمز الأصغر للولا التي كَادت تحرقه بنظراتها.

إنحنى جوليان لتضعَ مون يدها على كتفه وتستقيم، وجهها وغرٌ وسببه قرار آليكساندر المجحف والذي لم يردّ على صراخ ورفض لولا.

سارَ بطرا بين أصوات الإعتراض وصمته ريثما وصلَ إريك إليهم بالسيارة وترجّل.

لولا لكمتهُ أكثر ثم رفعَت نفسها قليلا لتخبره

- دعني أذهَب! لن أعُود للبيت لدي محاضرة لاحقا و اـ  آه حصة الجومباز الأولى
انزلني و إلا... -

هو نفضَ كتفه لتسقط هي مجددا خلفَ ظهره بينما يثبّت قدميها أعنف.

- أقسمُ أنني سأمزّق شعرك الأحمر شعرة شعرةً إن لم تدَعني أذهب أيها مختل. -

تفاجَأت لولا بعد ذلك بآليكساندر يرمِيها في المقعد الأمامي للسيارة ثم يرفعُ قدميها ويلحقهما للداخل ثم يوصدَ الباب خلفها ويلتف متبهنِسَ المشية إلى مقعده.

ملامحُه رغم ذلك كانَت كؤودَة جلفة، غضبٌ حملتهُ عيناه ولم ينطق به لسانه شيئا.

كان جوليان و مون وإريك بالمقاعد الخلفية وما إن اَعادت لُولا نظرها للأمام حتى وجدتهُ بجانبها في مقعد السائق.

- آليكس أرجُوك لا داعِي لكل هذا. -

مون ناجتهُ ترهقها حاجتها لتتعامل مع هذا الآن، التفت آليكساندر إليهم، يدهُ على المقوَد ثم نظر لمون نظرة خاطفة وتأكّد من الطريق ليُدير المقود ويضغَط دواسة البنزين.

- ستندَم على هَذا صدّقني!-

لولا أردفَت له جلية النية واثقة لكن آليكسَاندر مال بجذعه نحوها لينكمش جسدها على نفسه وتنزاح للخلف حيث لا مجال لذلكَ حتى.

لكنه جذب حزامها الواقي الذي بجانب مقعدِها فحسب و ثبَّته عليها يهمسُ قريبا من وجهها..

- سنَرى بشأنِ هذا. -

ضغَط على حروفهِ وعلى الحزام ، ثم قاد بهم السيارة للمخرج وعدة أفكارٍ تناوبت في رأسه.

|

|

لقد قطعَت السيارة نصف الطريق الأكبر في مدة أقصر بسَبب سُرعة قيادة آليكساندر الجنونية و التي كادت تصدمهم بشاحنة لولا أن جوليان نبّهه ليركز..

الجميع كان صَامتا ما عدا جوليان الذي كان يطمئنُّ على مون كل فينة..

الشقراء، مرهقةً في عقلها أكثر من جسدها، وضعت رأسَها على كتفه بعد أن سعلت عدة مرات ما جعل لولا تستدير لتتفقدها

- مون هل تتألّمِين في أي مكان؟-

آليكسَاندر نظر إليها من طرَف عينه ثم عاد للطريق بينما مون إبتسَمت بهدوء في وجه لولا القَلقِ والذي بدى امتدَادا لأشعة الشمس خلفها

- لا، لا أنا بخَير لا تقلقي. -

تفطن إريك لذلك الإحمرار على ذقن ورقبةِ لولا حيث كان أبرَز الآن في مجال رؤيته عندما استدارت وظلت تحادث جوليان الذي سألها:

- ماذا عنكِ، ألا يؤلِمكِ ذقنك؟-

نفَت برأسها وعادت تنظر للأمام مُرسلة كل طاقتها السالبة ولعناتها للسائق بجانبها حتى لاَحت بوابة منزلهم في خطِّ النظر.

كانت السيارة هادئةً حين ركنَ آليكساندر قرب المستودع و ترجّل ليرمي المفتاح للبواب الذي لحقه فورا..

أمرَه آليكساندر أن يأخذ السيارة للمستودع ليومأ الآخر ويردف

- حسَنا سيد آليكساندر..
السيد رون أمَرني أن أُخبرك أنه سيسَافر ليومين رفقة السيدة ،قد إتصّل بك لإعلامك بنفسه لكنكَ لم تكن تردّ. -

إبتسَم آليكسَاندر ببذخٍ يجعلَ جوليان و الأخرين يشدهون بنا يشهدون حين ترجّلوا من السيارة مخلفين لولا ورائهم، تشبكُ ذراعيها لصدرها وتحرقُ ما في محيط بصرها غيظًا.

ربّت آليكساندر على كتف البواب الأربعيني قوي البنية فيبتسمَ الآخر له ثم يقول:

- توقيت مثَالي، سأنزُل ضيفتَنا وأنت إهتمَّ بالسيارة..-

- آه، نعم و قد طلبَ منك الإعتناء بالآنسَة لولا والحرص على سلامتها ريثما يعودان. -

- أُوه ألا أفعَل؟ سأعتني بها أيمَا اعتناء. -

ردَ عليه آليكساندر بذلكَ مقهقها، يا لألعَاب القدر الذي كان في صَالحه هذه المرة.

وبينما يزدادَ قلق مون بشأن لولا في لغة جسدها، لاحظ جوليان ذلك فمسّد خصلات شعرها بتأنٍ وساعدها على التقدم..

توجّه إريك صوبَ لولا يمنةً يفتحَ الباب متذمرا

- هيا هيا.. لننزِل و بربّكِ توقفِ عن المكابرة،
سنتحَدث وسيكون كل شيء بخير لا داع لكل هذا الغضب، أو لاستفزازه فهذه وظيفتي..-

لم ترفَع نظرها له حتى بل شدّت جبينها بإبهامها وسبابتها وردّت

- لا يهُمني أمره قترةً ليهمَّني استفزازه. -

يدٌ حطّت على كتف إريك حينئذ تبتُر  بذلك حديثه قبل أن يتفوّه به وتجعلهُ يستدير لصاحبها

- إذهَب لمساعدة جوليان أنا سأتكفَّل بهذا.-

- حسنا ولكن هلا تكونـ.. -

قاطَعه آليكساندر بصوتٍ أشد وطئًا علَّه يستوعبُ حاجته بتركه معها الآن.

- فقَط إذهب إريك!-

أومأ حثيثًا و عجّل في الإختفاء من هُناك تماما لاعنا دَور المُصلح الذي لعبه توًا.

سمَح آليكسَاندر أن تمرَّ بعض اللحظاتِ بينهما عله يقشعُ غلافها الجلفَ بأن يُمرجَ بعضها.
جدار الغضبِ الذي بنَته بدأ في التشقّق بسبب صمتهِ...

تقدّم قليلا منها  فتنحّت عنه للجانب ليصدرَ الحزام صوت إحتكَاك مزعج..

رمّمت لولا ما بها وإستجمعَت أفكارها تزيّفُ قسوَةً لتردعَ انهيارَ حنقها على رأسيهما، تقول

— ما الذي تُريده الآن؟—

— أُريدكِ...—

انفرَجت عن عيون لولا رموشها، إرتفعَت الحواجب لما تفوّه به وهو ينخفض لمستواها ثابتة يداهُ وعيناه وجسده في الفعل.


وحين إقتربَ منها تجمعت على نفسها لا تملك قدرة الإبتعاد بسبب حزام الأمان..

إرتفعت كفه نحوها كما هيمنَ جسدهُ عليها حين دنا طرفها وقد أغمضَت مقلتيها كطفلة..

مرّت ثوانٍ تشعرَ بأنفاسه دافئَة رطبة وحية على وجهها تجعَلها تسترجعُ أنفاسها أدنى حلقها لذلك الشعور..

أن تكُوني مطيعَة كما أمرتك!—

فاه آليكساندر حرفًا يتلو حرف ثم صدَر صوتُ تحرير حزام الأمان قربَ خصرها فشرّعت عن عيناها حين إرتفع جسدها في الهواء مجددا.

كان قد رماهَا فوق كتفه مرّة أخرى وردأ الباب بقدمهِ يغلقه، بدى طبيعيًا في فعله كأنه يرتشفُ ماءا أو يرتدي ملابسه ككلّ صباح.

لعَنت لولا أفكارها و هدوئها الذي جعلهُ يفوز بإخراجها من السيارة عكس مخططاتها.


فهي كانت تخطّط للبقاء فيها مطوّلا حتى يرضخ لرغبتها بالعودة للكلية..

لكنه فاز في هذه المعركة بإستراتيجية ذكية للغاية، القوة والهفة الجسدية.

تخَبّطت مجددا و مجددا فوق كتفه غير مكترثة لإصابة بطنهِ بقدميها لذا هو صفع تلك الساقين المتهوّرتين لتكفَّ محاولاتها البائسة عنه، الفعل سبب لها ألمًا صرخت به

—  لقد ألمتَني!—

إبتسمَ فخورًا وردّ — جيّد.—

راقبت لولا البوابَ و هو يقود السيارة للمُستودع بينما آليكساندر يتجه لباب المنزل فتمتمَت غيظها بين أسنَانها تستصعبُ التنفّس وبطنُها مضغوطة بعظام كتفه.

—نَذل. —



حين دلفَ آليكساندر للردهة أخيرا إستدَار يلقي نظرَه فوجد مون، جوليان وإريك بإنتظاره..

اخضرُ الشعر إنفجر ضاحِكا على منظر آليكسَاندر ولولا يخبرهُما ساخرََا

— نعم، لقَد تكفّلت بالأمرِ جيدا زعيم. —

جَحده آليكساندر بعيناه ليرفع الأخر بصره للسَقف، يدعي براءة لاَ تناسبُه.

حاولَت مون إصلاحَ ما يمكن من ما يحدُث وبترجٍ خاطبت حاملَ لولا لعله يستمعُ لها

-- آليكس عليكَ التفكير بهُدوء أرجوك، لا يمكنك منعها من الدراسَة هذا غير عادل.--

رفعَت لولا نفسها قليلا تصيحُ أوبًا وغلظة

— من قال أنهُ سيفعَل؟
هذا لن يحدُث إلا على جثّتي، نُقطة. —

هزّ آليكساندر كتفه مجددا لتسقُط هي عليه ثم تسدد لكمة طفيفة لظهره.

” العريض و الدافئ. ”

لولا نفَضت تلك الفكرة من رأسهَا على عجل و إريك تهاوى على الأريكة الرمادية فكهًا.

— يجدُر بكِ الخروج من ورطتكِ ثم التهديد لُـو، بهذا الترتيب نحملكِ محمل جدٍّ.  —

قال إريك فزمجرَت به لولا ومون تنهدت يضِيق خاطرهَا كلمَا فكَّرت بحلٍّ، ملَامح آليكساندر أجَابتها دونمَا إجابة.
أشاحَ نظره للواقفِ جانبها و خاطَب جوليان موجّهًا دفة الأفعال اللازم مباشرتها.

—  إتّصل بكلوثار، أنتَ.. تعلمُ ما تفعلُ. —

أومأ جوليان يرجأ لولا دون وعي ثم صديقه وهو يسِير مغادرهم شاقا طريقه ناحية الدرج..

زفَرت مون هرجَ أعصابها فاقترب منها وتمسك بيديها حريصًا يمنحها مجَال الإفصاح ففعلت

— علينا إخبارهَا، جوليان.. إنها تمقت أن نخطط لشيء ورائها وهذا من حقّها..
إن كانت ستعيشُ معنا فعليها أن تعرف.
خاصة و أنَّها في قلب الخطر. —

همهم يوافقُ مبدأ فكرتها، يحتوي قلقها ويسايره لكنه يدركُ أن ذلك بعيد.
أ

خذ هاتفه بعد لثم جبينها يهاتف كلوثار

— مرحَبا أخي.. أجل.. عليك القدوم فورا لقد
لقد عَاد.. إساي..
أحضر الأب سنو معك مون تحتاجه. —

أغلقَ الخط بعد ذلك لأن الذي  يحادثُه قد انخرس ما إن سمعَ إسم إساي.

إلتفت جوليان صوب مون ليجعلَ رأسها في حضنه و يمدد قدميها قُربه..
رما إريك وسادة عليهمَا وصاح متأففا

—  ليلعنكمَا الربُّ ويلعن عزوبيّتي—

مون و أخيرا ضحكَت فشعر جوليان برغبة في تقبيل إريك الأرعن على ذلك.

|

|

كانت خُطواته الرتيبة على الدرج تسبب اضطرابها و صمته يوتّرها أكثر لذا تفضّلت عليهما بمقاطعَة ذلك لتفهم ما ينويه..

— أنتَ تعلم أن العم رون لن يسمح لكَ بذلك..
أنت لستَ مسؤُولا عني. —

كان قد شارفَ غرفتها حينئذ، فتح بابها مترويًا و دلف للداخل يستفسرهَا متهكما


— هل تقنعين نفسَكِ بذلك؟—

غنَّى لها واللحن قديمٌ ثم أنزلها أرضًا يقيمها على قدميها فتعدّل سترتها وأحيحها يشتدُّ..

رفعت كلا يديها تجمع شعرها وتعيده بكل الخصلات المتطايرة للخلف حين أكمَل متملمِلا يرخِي لسانهُ داخل فمه.

على كلٍ هو ليسَ هنا ولن يعود لمدّة لذا توخي الحذر فيمَا تفعلِين. —

نظراتهُ غياهبٌ لا ينسل لها ضياء حتى كادت لولا تُخطأ بين إنحسَار الضوء في الغرفة وإنكساره داخل بُؤبُؤيه.

— هل تظنُّني سأسكُت على أفعالك هذه؟
لا، أنت لا تعرفُني جيّدا، قد أفعلُ أي شيء إن إعترضتَ مخططاتي، لذَا فلتحذَر أنت. —

هدّدته بأكثر نظَراتها التهابًا تلسعهُ إن قدرت رعبًا و لكّن ذلك جعل إبتسامة حُلوة المنبت ترتسمُ على شفاه آليكساندر فيقتربَ منها واضعا أصابعه على ذقنها.

فكّرت حينئذ بعضِّ أصابعه لشدة حنقها لكنه ميَّل وجههَا ليرى العلامات التي ذكرها جوليان

— أيهُما فعلَ هذا ؟—

سألَ يصك حروفه بعد أن أخفضَ يداه فأجابته

— ذلكَ الخنزير المتعرّقُ المسمَّى إساي. —

— هل فعلَ غير ذلك؟—

  ملامحه استكانَت فيما زعجهُ من تفكير،  لكنها إكتفت بالصمت جوابه تجعلهُ يزكُّ سؤاله مجددا بنبرَ تمقّط.

— لقد قُلت هل فعَل شيئا آخر؟—

—لا!

لم يفعَل شيئا و لن يفعل شيئا إذا قُمنا بالتبليغ عنه..
فقط أخبرني من يكُون إساي هذا؟
مون و البقية يعرفُونه.. أنت كذلك.. —

تنهّد آليكساندر تعبه وأخذ يجول ببصره في تلك الغرفة المرتبة وهذا جعَل لولا ترتعدُ على حافة أعصابها..

—   إذا.. —

قالت تدفعَه للحديث لكّنه نظر إليها مرة أخيرة و قال

— غيري ملابسكِ و إنزلي لتنَاول الغداء..
و إياك أن تفكّري بالمغادرة. —

— هل أنتَ أصم؟ ألا تسمَع؟
قلتُ أن لدي حصصٌ و مواعيد، لا يهمني
عدَاوتكم مع إساي هذا، لا تخصني، لا تهمني بعد.. أنا لن أدعَها تأثرُ على مجريات حياتي. —

— هذا مَا أحاولُ فعله!—

رما لها آخر جملهِ مع تحذيرٍ ارتسم على وجهه، يخرج من الغرفة مقفلا الباب خلفه ويتركُها في مخَاض الحيرة و الكمد.

إنتظرَ قليلا في الرواق الهادئ لكن يبدو أنها لن تعَارضه في هذا، هي بالفعل متعَبة وبحاجةٍ للراحة بعدَ كل ما حصل.

خزرَ آليكسَاندر أصابعه بينما يفرُكها ببعض متأنّيا، مستشعرا ذلكَ الإحساس الغريب.

شدّ شعرهُ يعيدُ خصلاته للخلف ثم مهّد طريقه لغرفته أيضًا...

أما لولا فقد أصَابت قدمها في محاولة بائسة لإفراغ غضبها و انتهى بها المطاف تنتزع حذائها لمعاينة إصبعَها الأصغر المسكين.

استقامت بعدها تتوجه للمرآة بينما تتحسس الخُدر في ذقنها..

لقد كَانت تُؤلم..

همسَت لنفسها ثم باشرَت نزع عدسات عيناها التي تستعملها بدلَ النظارات.

_________________

|

|


12 /2004

لولا الصغيرة تبدو في كاملِ نشاطها اليوم..

كانت تركُض وتهزُّ الدرجات صعودا لغرفتها حيث رمت قطّها آخر مرة من أجل مقابلة صديقها الجديد..

فتحت غرفتها لتجد القط الزغبي أبيض اللون متكوّرا كوسادة صوفية لطيفة على سريرها الملئ بالزينة.

حملته فصدر عنه صوت مواء محبب لمسمعها و ببراءة هي قبّلت خلف أذنه رغم تحذيرات والدتها من فعل ذلك،

بيد أنه حبها له وتعلقهَا يعيق تقدمها في ذلك.

و كم ألفت القصص عنه و عن أنه يفهمها حين تحادثه كما إدعت مرّة أنه يتحول لبشري حين تنام عندما كانت أصغر.

نزلت لولا مجددا لتقهقه ليندا عليها محذرّةً

— لولا أبطئي و إلا ستقعين. —

— حَسنا،حسنا لين-لين!—

دحرجت المرأة عيناها على ذلك الإسم  ثم عادت لتكمل أعمالها بينما لولا دخلت الصالة حيث تركت آليكساندر منذ دقائق على وعد إحضار قطها..

هو لم يكن هناك.

عبَست و خفضت رأسها كأرنبٍ حزين لتسقط جديلاتها الملونة بالأزرق و الأحمر على الطرفين كأذنين، والقط يحاول رفع نفسه من يديها المطبقتين عليه،


كان منظرها غاية السماحة.

زَوج من الأصابع نقر على كتفها بفجاجة لتستدير و ترجأَ على مقربةً إليها صاحب الضمادة يناظرها ورأسه يعقفه جنبًا..

— ماذا؟—

قال آليكساندر للصغيرة حين شقّت إبتسامة ممتلئةً وجهها المستدير و ترفع القط لصدرها.

— ظننتكَ قد خالفت وعدك. —

آه،لما تتحدثين هكذا؟ أنا فقط وافقتُ على..
البقاء هنا لتريني هذا،
الشيء.. —

صوّب مشيرا للقط بين يديهَا فاحتضنته إليها بعد، طارحَ صوت مواء منه مرة أخرى، وراحَ آليكسَاندر يتسائلُ عن مقدارِ ما بها من فوضى.


أخرجتهُ من فكره لما تفوهَت فكهَةَ الثغر

--لا يهم لقد إعتبرتُه وعدًا خنصريا دون ملامَسة.--

قهقه دمثًا ثم مسحَ أثار ضحكته كما بدأها، يُعدم ما أوجده،  لكنها فاجأته بحشرِ القط في مجالِه، على بعد إنشات من وجهه..

رمقَه  القط بغرور السنوريَات ثم داعب أنف آليكساندر بيده، أبعده الآخر وأردف:

— حسنا لقد رأيته..
دعيني أرتَاح الآن ولا تزعجيني هذا الساعُ. —

عبسَت لولا ووضعت القط أرضًا تلحق آليكسَاندر الذي عاد للإستلقَاء على الأريكة..
ركعت قربه وهمسَت في أذنه

— لكنّكِ صديقي، من واجبي إزعاجُك..—

فتح عيناه على جملتها تلك، ينتزعَ الضمادة الطبية عن جرحه الذي توسط جبهته.

لولا بهُتت عيونها، والنارُ بين حدقتيها ارتَعشت وتراقَصت ألسنة اللهب.
~

______________

|

|

- مرحَبا عمّتي. -

غنا سولومان الذي يحملُ بعض الأكياس في يديه أثناءَ مروره من الصالة حيث العمة كاثرين.

كان قد عادَ من عمله للتو في ما لديه من فترة راحَة مسائية اليوم..

تنهّد بئسًا في رؤيته لعمتِه الشاردة مجددا..

البيتُ كان صغيرا نسبيا لكنه مرتّب وعملي و قد وضعت شُجيرة صغيرة عند كلّ نافذة.

بعثَر الأكياس على رُف المطبخ وانتزع سترته عازما تعليقها بحامل الملابس لذا توجه للصالة من سابقِ الطريق.

كان التلفاز يعرضُ فيلما وثائقيا عن الحرب لكنّ الصوت كان منعدما فزفر مجددا و اتجّه لفعل ما عاد لفعله..

أمسكَ جهاز التحكم يرفعُ الصوت قليلا ما جعلَ كاثرين تنتبه له لوجودهِ..

— آه.. لقد عُدت. —

قالت بصوتٍ وهنٍ وإبتسامة دافئة..

— نعم، هنا.. —

هو أجابَ أثناء وقوفه قرب النافذة يداعب أوراق النبتة الوحيدة هناك بأنامله..

— عمّتي كنتُ أود سؤالكِ عن أمر ما؟— أومأت له بعدَ أن كانت تنتظر حديثه ، فحركَاته و تصرفاته لم تتغير.


— هل تعرفينَ أشخاصا أخرين هنا غير عائِلة الآنسة بينلوبي؟ أقصِد، غيرُ أقاربنَا البعيدين.—

ضيَّقت كاثرين عيناها لتجيبَه..

— ليس الكثير، فقط أصدقاءٌ قدامى عرفتهُم من عملي القَديم وأظن أن بعضهم توفَى.
لماذا تسأَل؟—

قهقهَ مرتَابًا وخدشَ مكَانا خلف رقبته عدَّة مرات.

— لا، لا شيء.. فقط سؤالٌ عابر. —

أرجأ محيطَ النافذة قليلا حين إنشغَلت كاثرين بالتلفاز، لحظَ في تلك المدة شخصًا ما يرتدي معطفا أسود يقف قرب الشجرة المقابلة لبيتهم.

شقتهم تقعُ في الطابق الثالث لعمارةٍ في حي هادئ وبسيط حيث أغلب القاطنين يعرفون بعضهم حتى بالوجه على الأقل..

رغم هذا لم يتمكّن من رؤية وجهه لكنه بدَى مألوفا و مريبا له،

كاثرين سرقَت سمعه حين سألته

— إذا كيفَ حال بينلوبي؟
هل تقسُو عليك في المقهَى؟—

آه، ليس بالشيءِ الكثير.. لكنّها مخيفة بعض الشيء. —

ضحكت كاثرين على ملامحِ الخبَل التي يجِيدُ تزييفهَا.

إستدار سولومان بعدئذ للنافذة حيثُ ظلّت الشجرة المقابلة وحيدة بعد رحيلِ مرافقها المُتشح بالسواد.

_________________________

___________

_

3300 كلمة~

كيفكم و التصحر العاطفي لحصل  :'( 

شايفين ال gif لفوق هذيك هي إبتسامة آليكساندر الي قلت عليها.

إذا..

توقعاتكم؟

إريك قالهم انو في شي لم يفهمه،حطو هالنقطة ببالكم ✔

سؤَال سولومان أيضا✓️

أظن هذا كل شيء للآن

كونوا بخير 💜

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top