5 : قلوبٌ ورقيّة


________

التفت القسُّ إلى زينيث بعد سماعه لموافقة جونقكوك ، ليباشر في سؤالها ذات السؤال ..

استغرقت وقتاً طويلاً في الإجابة ، حوَّلت نظرها لجونقكوك لتهمس في أذنه : " أنتَ لم تجب على أسئلتي بعد !"

"سأجيب اللّيلة ، بعد أن تصبحي زوجتي .." ، أجابها بابتسامة هادئة لتثق به معلنةً الموافقة على ما سألها القس والذي لم تفقه منه حرفاً .

"بإمكانكَ تقبيلُ العروس .." ، أردف القسُّ بابتسامة .

اقترب منها خالقاً التحاماً بين شفتيهما ، كان يرغب لو بقيا هكذا للأبد إلّا أن توقف تصفيق الحضور أجبره أن يبتعد عنها ..

غيرت فستان الزفاف خاصتها إلى آخر أكثر إراحة ، رغمَّ أنَّ من أصبح زوجها كان راغباً أن تبقى فيه ، مُذ رآها وهو شاعرٌ بأنها ملاك تجسد على صورة إنسان .. هو فقط ممتن لكونها ملكه الآن..

بينما كانت تعدِّل هندامها في غرفتهما الجديدة وهو كان صاعداً لأخذها ، شهدَ نيزكاً يمرُّ أمامه نحو غرفتهم .. احتاج ثوانٍ ليدرك أنّها ليسا .

أوشكَ على الدخول إلى الغرفة إلّا أن حديثهما استوقفه .

"واللَّعنة الملعونة لما أتى اليوم بالذات ؟!!!" ، صرخت بتذمر توشكُ على البكاء .

"لا أعلم ، وصلَ للتو وخالتي لي أخبرته بأمر زواجكما وأنَّك سعيدةٌ جداً وأنتِ وزوجك تحبان بعضكما بحق !" ، أردفت ليسا تربت على ظهر العروس الحزينة .

"الآن سيصدق ، وسيذهب ليتزوج أخرى .. لا لا لا ، هذا ليس عدلاً .. أنتظره منذ سنوات ، تباً لك آدم ، فلينتظر حتى نتطلق على الأقل ، تباً لي لما أقحمت نفسي في هذا الزواج !" ، قالت بتذمر بينما أوشكت على البكاء ، لتجفل كلتاهما بزوجها الذي فتح الباب بابتسامة صفراء مردفاً :

"هيّا زوجتي العزيزة .. ضيوفنا بانتظارنا .." ، لم ينتظر ردهاً ليتقدم سريعاً منتشلاً يدها ساحباً إيّاها معه ، يتوعد لها وللعين الذي يسمى آدم .

نزلا للأسفل لتلتصق نظراتها به ، هي لا ترى سواه حالياً وجونقكوك لا يرى سوا مشهد مقتل ذلك الأشقر ذي العيون الزرقاء أمامه .

"أوه آدم ، ما هذه المفاجئة السّارة ، جونقكوك ، أعرِّفك ، ابن خالتي آدم ، آدم ، جونقكوك .."

مدَّ آدم يده بقصد مصافحةِ ذلك العريض ليصافحه جونقكوك مصححاً : "زوجها جونقكوك.."

قهقه آدم بزيف ليومئ له ، تلا ذلك نظراته المتوعدة لزينيث والتي قد لاحظها جونقكوك بالفعل .

كانت زينيث تنتظر الفرصة للحديث مع آدم إلّا أنَّ جونقكوك كان ملتصقاً بها كالغراء ، نظرت لليسا مستنجدةً لتلهي زوجها العزيز قليلاً حتى تتفاهم مع ذاك الأشقر .

ما إن فعلت ليسا وتملصت زينيث من بين يديه حتّى سحبها آدم والذي على ما يبدو كان يريد المثل .

"ما هذه اللّعنة التي تحدث ؟ أعود بعد سنتين لأجدكِ تتزوجين من هذا ؟!" ، قال ممسكاً بمعصمها بحدّة .

"آدم اسمعني .. هو زواجٌ مزيف ، بسبب شراكةٍ بيننا وشائعات ظهرت مؤخراً ، انا وجونقكوك لسنا سوى أصدقاء .." ، قالت مبررة له بنبرة باكية ليقهقه آدم ساخراً .

"أصدقاء ؟ أيُّ أصدقاء ؟؟ ألا ترين كيف يلمسكِ ؟ كيف ينظرُ إليكِ ؟ هذا يحبّكِ."

"لا تكن سخيفاً آدم ، جون جونقكوك لا يحبُّ أحداً !" ، قالت بامتعاض ليقربها الآخر إليه .

"لنرى ذلك .. سآتي كلَّ يومٍ لزيارتكِ ابنةَ خالتي العزيزة .." ، قال لتومئ له موافقة .

كلُّ ما حدث تحت نظرات جونقكوك التي لو كانت ناراً لحوّلت ذلك الآدم لرماد في لحظة ..

سيجعله يتمنى الموت ولا يجده .

..

كان واقفاً في مكتبه ينظر إليهما من الحديقة بينما يحادث إحدى رجاله على الهاتف : "أحضر لي جميع معلوماته ، راقبه ليلاً نهاراً .. إياك أن يغيب عن بصرك للحظة.."

لم يشعر بأحدٍ في الغرفة إلى أن حطت يدٌ على كتفه ليلتفت سريعاً .

"أوه ، مرحباً عمتي.. منذ متى وأنتِ هنا؟" ، سأل بتوتر ، بالتأكيد لا يريد من والدة زوجته أن تسمعه يأمر أحد رجاله بمراقبة ابن اختها ، لكن سرعان ما اطمئنَّ حين أظهرت تلك المرأة ابتسامة دافئة مردفة :

"نادني أمي .. وأيضاً أتيت للحديث معكَ بموضوعٍ هام .." ، قالت ليومئ لها مقفلاً الهاتف ثم يجلس على الكرسي المقابل لها أمام مكتبه من باب الاحترام .

"تفضلي .. كلّي آذان صاغية.." ، قال باهتمام ، هو بشكلٍ ما أحبَّ والدة زوجته جداً .. تذَّكره بأمه .

" اسمع يا بنيّ .. أعتقد أنّك علمت بأمر العلاقةِ بين زينيث وآدم .. هما كانا يتواعدان منذ أربعة سنين .. " ، قالت لتلاحظ انقلاب ملامحه الهادئة لأخرى حادة ..

استرسلت بعد أن تنهدت مربتةً على كفِّ يده الذي تناولته :
"لا تؤذ آدم في هذه الفترة .. في الواقع ، أنا لا أطيقه ، لكن لو آذيته في هذه الفترة فزينيث ستكرهك ، وإن كرهت هي أحداً فلن تحبَّه مجدداً .. كما أنّها تحبُّ آدم بحق ، لذا ستكره كلَّ من يحاول إيذائه .."

اومئ لها مردفاً : "زينيث زوجتي ، ما العمل إذاً ؟ كيف سأجعلها تنساه ؟"

" إن أردت فعلَ شيء سيء لشخص هي أحبَّته ، فاجعلها تحبُّك أكثر .. لا تكن أنتَ المؤذي بل اجعله هو المؤذي ، لا تفعل له شيئاً ما دام أنّه لم يمسك .. وأنا اعرف ابن اختي جيداً .. هو سيحاول أذيتك بأيِّ شكلٍ من الأشكال ."

لاحظت نظراته الضائعة لتسترسل : "ابنتي زينيث وقحة ، مغرورة ، وجامحة ... لن تصل لقلبها مالم تكسر غرورها ، هي تحتاج لترويض .."

"ألم يكسره آدم ؟ كيف أحبته ؟" ، سأل بحنق لتتنهد الأخرى .

"آدم ببساطة مخادعٌ كبير .. بل لنقل أنّه هو السبب في غرورها اللّعين ، جعلها تجرب أموراً قبل أوانها ، شعورها بالنشوة في ذلك الوقت كان لفتاة في عمر صغير كعمرها أشبه بالحب .. اعتبرت آدم قدوتها وقررت تجربة الحبِّ معه .. حتى أصبحت مقتنعةً تماماً بأنّها تحبُّه ، وبما أنّه أكبر منها بكثير كانت السيطرةُ عليها سهلة .."

"وكيف أكسر غرورها ؟ " ، قال باهتمامٍ أكبر .

"كيف تكسر غرور المرأة ؟ كن مغروراً أكثر منها ، النساءُ بطبعهن لا يحببن الرجل اللطيف بشكلٍ زائد .. فقط .. تصرَّف على سجيَّتك ، كما أنت حقاً .. ولا تجعل قلبك يلين لها بسهولة ، اخفي الحب في عيناك .. ولترويضها فعليكَ بأخرى .." ، قالت بابتسامة وأنهت كلامها متجهةً للباب دلالة على نهاية الحديث ، قلبَ جونقكوك كلامها برأسه قليلاً ليردفَ لها قبل أن تخرج :

"وكيف سأجعلها تهتم بي في تواجد آدم ، فهي لا ترى غيره ؟!!"

التفتت إليه لتحرِّك رأسها غير مصدقة لتردف : "وسيلةٌ كطفل ! لا أقصد أن تنجب طفل ، بل اجعل طفلاً تحبه هي جداً وهو يحبكَ ويمقت آدم كرباط بينكما ، وأنا تحديداً أعني ابن زوجي شون .. هو أتى مؤخراً كما علمت وهي تريد الاعتناء به."

وسّع عينيه بتفاجؤ ليردف : "أتعلمين بأمره ؟! كانت خائفة من ذلك!"

"كانت خائفة من والدها ان يعلم بأمره ويعيده من حيث أتى ، وأنا كنت سأنهار لو فعل ، ربيت شون في الولايات المتحدة كأنّه ابني ، مع أنَّ زوجي كان رافضاً له وقرر إعادته مع جدته لأنَّ امه قد توفيت أثناء ولادتها له .. زوجي لا يعتبره سوا خطيئة ، لكنني اعتبره ابني الثاني .." ، أردفت لتخرج بعدها ، هو نسيَ أمر زينيث ليفكر بكم أن هذه المرأة عظيمة ، حقاً زينيث محظوظة بامتلاك أمٍ كهته ..

__________

كانا يجلسان بالغرفة بصمت ، هي تزيل مساحيق التجميل وتضع مرطباتها وهو يقرأ كتاباً على كرسيِّه في ركن الغرفة .

"إذاً ، ألن تجيب ، نحن متزوجان الآن ؟" ، سألت بهدوء بينما تضع مرطب الشفاه لتزم شفتيها معاً بعدها .

"أتظنين ذلك ؟ قصدت عندما نصبح زوجان حقاً لا زوجان بحبرٍ على ورق .." ، أردف بعد أن نظر لها ببرود لتحملق هي بصدمة .

رائع زينيث ، لقد خدعتِ كالمغفلة !

"جدياً ؟! أنتَ تعلم أنَّني لا أراك كأكثر من صديق !! وأنت كذلك ، وتعلم أنني وافقت على الزواج تجنباً للفضائح وبسبب الشراكة والسؤالين .. ما هذا الغش الآن ؟" ، قالت بحدّة بعد أن ألقت بمرطب الشفاة على الحائط ليلطخه .

جال بصره بين الحائط الملطخ ووجهها ببرود اكتسحه ، أغلق الكتاب ليضعهُ على الطاولة الصغيرة بجانبه متجهاً نحو السرير مردفاً بعد أن تسطح : "تصبحين على خير .."

اطلقت ضحكة غير مصدقة... تكاد تنفجر غيظاً ، أتمَّ خداعها بهذه البساطة ؟! لكن لا هي ستعلم ولن تسلم نفسها لن ، لن تكون سوا لآدم ..

"سترى جون جونقكوك .. ستندم على ذلك .." ، تمتمت بحنق لتستلقي على السرير ساحبة البطانيّة منه بقوّة لتلفها حولَ جسدها بالكامل ..

"هذا سريري ، غرفتي ، وبطانيّتي .. يستحسن أن تعيديها كما كانت .." ، قال ببرود بينما لم يكلف نفسه عناء إدارة جسده نحوها فهي لا ترى سوا ظهره .

"هذا سريرنا ، غرفتنا ، وبطانيّتي ، لذا فلتجلب لكَ آخراً .." ، قالت بحنق ، هذا انتقامٌ بسيط سيزداد بكلِّ فرصةٍ تراها مناسبة .

فجأة التفت لها جالساً ليردف بهدوء : "غداً سيأتي شون ، سجّلته بڤيكهام الابتدائيّة ، وسيعيش معنا من الآن فصاعداً ."

انهى كلامه لتظهر ابتسامةٌ سعيدة فجأة على محياها مردفة بحماس : "حقاً ... هذا رائع.."

لم تعي عليه حين سحب البطانيّة بعد أن ارخته عنها متشبثاً بهِ بقوة بعد أن اعطاها ظهره مستلقياً من حديد ، وكان ألطف منها حين ترك لها مجالاً لتغطي نفسها بها .

"تباً لك .." ، تمتمت بعد أن أغرقت جسدها تحت تلك البطانيّة السوداء ، ليناما متشاركان إيّاها ..

استيقظا متأخران كعادته هو وما أصبحت عادتها بعد أن انهت دراستها الثانويّة . 

ظلّا يحدقان ببعضهما حتى يستوعبا ما حدث وسبب وجودها معاً على ذات السرير ..

"اوه ، أنتِ جون زينيث.." ، تمتم لتظر ابتسامة لطيفة اثناء نطقه لاسمها الجديد لتعقد حاجبيها هي مومئة بعد تذكرها بأنّها أصبحت زوجته ..

"زينيث واللّعنة أخرجي ، اتستحمين أم تخترعين صابوناً ؟!!" ، صرخ بانزعاج بسبب تأخرها المبالغ بحمام غرفتهما ، أما هي فقد فعلت ذلك عمداً ، كجزء بسيط من انتقامها أيضاً .

خرجت بعد نصف ساعة بشعرها المبلل مع ابتسامة مستفزة تسترسل على محياها ، ولم تلبث أن وطأت قدمها الغرفة حتّى وجدت نفسها محاصرةٌ بين الحائط وهذا الغاضب أمامها .

"أقسمُ يا جون زينيث ، إن تكرر هذا فودعي الاستحمام وحدك .." ، أردف بحدّة وهو يعني كلَّ حرفٍ يقولها .. ابتلعت رمقها لتومئ له بشيء من الخوف ... معروفٌ أن جون جونقكوك حين يهدد يفعل ، وهذا أخافها ..

ثوانٍ ظلَّ يحدِّق بها بعد أن انتبه لكونها هي أمامه .
نظر لشعرها المبتل الذي زادها مثالية ، ثمَّ حول بصره لشفتاها ، كاد أن يضعف لولا تردد صوت والدتها في أذنه .. دلف إلى الحمام سريعاً قبل أن يقومَ بشيء سيندم عليه ..

"جون زينيث ، أنتِ ترهقين قلبي .." ، تمتم بهدوء بعد أن دلف الحمام ليستحم ..

نزلا معاً إلى الفطور ، هي استغرقت وقتاً لتجفف شعرها وتجهز نفسها فبدا له أنّها ذاهبةٌ لمكان ما ، أما هو ففعل كلَّ شيء بسرعة لينتهيا بالوقت ذاته .

"إلى أينَ أنتِ ذاهبةٌ اليوم ؟ " ، سألها بعد أن صارع فضوله كثيراً ، لتجيبه بلا اهتمام وهي تتناول حبةَ توت أزرق : " سأذهب مع ليسا ويونقي لاختيار فستان لها لحفلِ خطوبتهما ، ثمَّ لاختيار بذلة ليونقي .. وقد أقابل آدم بعد الانتهاء من ذلك .."

شرر تطاير من نظراته بعد أن ذكرت آخر مقطع ، هو قد بدأ يحبُّ يونقي بالفعل فلم يمانع كونها ستذهب رفقته كما أنّه علم أنّه يحبُّ حبيبته جداً ، أما الآخر فقد قتله مئات المرات في مخيلته قبل أن ينطق :
" أدعيهم للعشاء لدينا .. ليسا ، يونقي و آدم ، سيكون هذا لطيفاً .."

اومأت له مردفة : "ليسا ويونقي سيكونان متعبان كما أنَّ يونقي جهز لها مفاجأة اللّيلة ، سأدعو آدم فقط ، والآن ماذا عنك ، أستذعب لمكان غير الشّركة ؟" ، سألته ولم تزحزح نظرها عن هاتفها ، لكن سرعان ما شتمته تحت أنفاسها بحنق بعد أن وقف مرتدياً معطفه قائلاً :

" لا شأن لكِ.."

هكذا ببساطة بعد أن اجابته ، شعرت برغبةٍ في صفحه حتّى تصبح وجنتاه كالمدفأة..

_________

"إذاً ، كيفَ حالُ عروسِنا ؟" ، سأل يونقي بابتسامة ليغمز التي صعدت للسيارة بجانبه .

"آه اللّعنة عليه وعلى ما جعلني اتزوج به ." ، قالت بحدّة ، لينظر لها يونقي عاقداً حاجبيه وتسأل ليسا الجالسة بالخلف : "مالذي حدث ؟"

أخبرتهم بكميّة الاستفزاز التي تعرضت لها في هذين اليومين ، ليبدأ يونقي بالضحك بصخب : "تستحقين هذا .. جونقكوك قدوتي."

الاخرى حدّقت به بكره بينما ضربته ليسا على كتفه بخفة لتردف بانزعاج : "كفَّ عن هذا ، هو حقاً وغد ، أتمنى لو تزوجتِ آدم بلاً من هذا الشرير .."

قال لتومئ زينيث ممددة شفتها السفلى ، بينما قال يونقي بانزعاج وبرود : "اشكر الإله أنّك تزوجت بجونقكوك ولم تكوني مع ذلك السّافل ."

"أدفع عمري لأعرف لمَ تمقته لهذا الحد !!" ، قالت زينيث عاقدةً حاجبيها ، تعلم أن يونقي لا يطيق آدم بتاتاً منذ الأزل ، لكن لا تعرف سببه .

"وأنا وأنا .." ، أضافت ليسا ليردف يونقي بهدوء :
"لا شيء .. فقط جونقكوك هو من يستحقك ، كما أنّه أعجبني .."

قهقهت زينيث ساخرة لتردف : "نعم ، رأينا كيف كنت ترتجف بسبب هذا الذي أعجبك في حفل التخرج .."

"جدياً ، هكذا يجب أن يكون الرجل ، غيرته عليكِ دليلٌ على حبهِ لكِ!"
قال يونقي بانزعاج ، لا ينكر أنّ جونقكوك أخافه لكنه يعلمُ أنّه ليس سيئاً ، وهو لو رأى شخصاً لا يعرفه يضحك ويتحدث هكذا مع ليسا لفعل المثل ..

"جون جونقكوك لا يحبني ، أعتقد أنَّ وراؤه سببٌ غامض جعله يسأل عني ويتزوجني أيضاً ، هو فقط يفعل هذا لاستفزازي ." ، قالت وهي مقتنعة تماماً بما تقوله ليحرك يونقي رأسه غير مصدقٍ لعقلها العفن .. لم يناقشها لأنّه يعلم تماماً أنَّ عقلها عبارة عن كتلة صخرية متحجرة لو اقتنعت بشيء ..

________

"آه ، تكسَّرت أقدامي .." ، أردفت ما أن دخلت قصرها لتلقي بحقيبتها على الكنبة بفوضويّة وتلقي بجسدها على أخرى .

اختاروا فستان ليسا سريعاً ، إلّا أن رأس النعناع ذو الذوق العفن لم يكن يعجبه شيء حتى اضطرت هي لتهديده واجباره على أن يختار بذلةً أعجبتها .

أوصلها بعدها إلى هنا ليذهب رفقة ليسا إلى حيث توجد المفاجأة التي أعدَّها لها ..

دقائقٌ مرت بلعبها بهاتفها حتى سمعت صوت طرق الباب ، التفتت لترى من أتى لتجده جونقكوك يحمل طفلاً .

قفزت فجأة صارخة بفرحة : "شون!"

اتجهت نحوهما سريعاً لتعانق شون بين يديّ جونقكوك بحكم أنّها لا تستطيع حمله ، هذا ما جعل قلب الآخر ينتفض لشدّة قربها منه .

"اشتقت لكَ أيّها الوغد الصغير ." ، قالت ودمعت عيناها ، هي حقاً تحبُّ شون ..

"أختي ، هل أنتِ الآن زوجة كوك ؟" ، سأل بلطافة وابتسامة تزين وجهه .

عقدت هي حاجبيها لسؤاله المفاجئ لتومئ ايجاباً بعد أن نظرت لجونقكوك لثوان .

"رائع .. جونقكوك يفي بوعوده ، أستطيع الوثوق بك الآن ." ، قال بحماس ثمَّ انهى كلامه معانقاً جونقكوك .

اوشكت على الصراخ إلّا أنَّ طرق الباب مجدداً قد قاطعها .

فتحت الخادمة ليظهر آدم من خلف الباب ، وفور أن رأته زينيث قفزت نحوه معانقةً إياه .

نظر هو لجونقكوك الذي التفت إليهما بابتسامة كان خلفها الكثير والكثير من الكره ، لكنه استطاع اظهار الابتسامة !

قرر آدم استفزازه أكثر ليبعدَ زينيث طابعاً قبلةً سطحيةً على شفتاها ، مردفاً : "اشتقتُ لكِ حبيبتي .."

قلب الواقف يحمل الصبيّ تقطّع لأشلاء .. لكنّه اكتفى بإظهار تلك الابتسامة فحسب .. لا يريد أن يضعف ، وكلَّ شيءٍ سيكون في أوانه .. هو حتماً لن يمرر هذا على خير ، لكنَّه لا يريد أن يخسر زينيث بسبب طيشه ولحظة غضب ..

"هل جهزتِ العشاء ؟" ، سأل خادمته لتومئ له مردفة :
"أجل سيِّدي .."

ابتسم بهدوء مومئاً لها لتتبعه .

وصل إلى غرفته ليسأل الخادمة :
"أتت مربية شون ؟"

اومأت له ايجاباً ليردف : "جيِّد .. خذيه لغرفته الجديدة وجهِّزوه للعشاء .. وايضاً .. نادي لي السَّيدة .."

امرها لتومئ له ايجاباً مقتربة منه لأخذ شون ، أنزله أخيراً ليقبل وجنته مردفاً : "والان أيها الرجل الصغير ، إذهب معها لغرفتك الجديدة ، لقد اقتنيت لكَ الكثير الكثير من الألعاب ، هم؟"

اومئ له شون بحماس مردفاً : "أنتَ الأفضل .." ، ليذهب مع الخادمة جاعلاً من ذلكَ يقهقه للطافته .

لم تمضِ دقيقة حتى دلفت زينيث الغرفة ، هو كانَ في الخزانة ولم ينتبه عليها إلى أن سألت : "طلبتني ؟"

التفت لها ليرمقها ببرود لثوانٍ ثمَّ أعاد نظره للخزانة ليردف دون أن يزحزحه : "نعم .. أردت أن أقول فقط .. انا لي مكانتي ، وما حدث اليوم عند الباب لا أريد أن يتكرر في منزلي وخاصةً أمام الخدم .. إن أردتم أستطيع حجزَ غرفةٍ لكما في فندق ، لكن ما حدثَ اليوم يعتبر إهانةٌ لي شخصياً .. لذا آملُ أن تخبري حبيبكِ ألّا يكرر هذا أمام العامة ، أما بينكما فافعلا ما تشاءان .."

ظلَّت تحملقُ به بصدمة ، أخلقَ من جليدٍ هذا الرجل أم ماذا ؟! ، همهمت قليلاً لتردف بابتسامةٍ ساخرة : "ولم عليّ ذلك .. انا انتقم لخداعك لي فهذا لا شيء مقارنة بما فعلت .. والان وداعاً فحبيبي ينتظرني .."
انهت كلامها لتخرج سريعاً .. شعرَ هو بالغضب يسير في عروقه لينتهي به الأمر موجهاً لكمة بكلِّ قوته للخزانةِ الخشبيّة ..

ينزلُ بكلِّ رجولية على ذلك الدرج بينما يعدِّلُ ساعة يده ، التفت كلاً من آدم وزينيث إليه .. حسناً آدم ذاك شعر بالغيرة ، لو فكرت زينيث قليلاً فآدم لا شيءَ مقارنةً بوسامته ، أو شخصيّته ..

"آمل أنَّني لم أتأخر على ضيفنا العزيز.." ، قال بابتسامة ليجلس على الطاولة .

"لا لا بأس .. في الواقع ، عندما أكون مع حبيبتي لا أشعر بالوقت .."
قال بنية استفزازه .

قهقه جونقكوك قليلاً ليومئ له مردفاً : "واضحٌ أنّك تحبها وبشدة .. أتمنى لكما الأفضل معاً .."

جونقكوك بحق خبيرٌ في إظهار البرود بينما هو من الداخل ثائرٌ كالبركان ، ما هوَّن عليه قليلاً هو شون الذي أردف بانزعاج :
"أختي آدم هذا مقرف ولا يحبك ، جونقكوك يحبك وأنا أحب جونقكوك ، أحبي جونقكوك .."

ظلَّ جونقكوك صامتاً ينظر له بابتسامة بينما آدم حدجه بابتسامة صفراء وهي حملقت به بصدمة .
"شون خفيفُ الظل .. هو يحبُّ المزاح كثيراً .." ، قالَ آدم لجونقكوك بحنق بينما يربت على رأس شون كالحيوان الاليف .

"أبعد يداك القذرتان عن رأسي ، لستُ حيوانكَ الأليف .." ، قال شون ولم يستطع جونقكوك كاتم ضحكته ، أما زينيث فجعدت حاجبيها لتردف بتأنيب :
"شون تأدَّب ... لم يكن عليَّ جعلك تجلس كثيراً مع يونقي اللّعين .."

أما آدم فتمنى لو يستطيع الالقاء بهذا الآفة الصغيرة من النافذة .

انتهوا من الطعام ليذهبوا الى غرفة الجلوس يتحدثون عن أشياء سخيفة ، نصف ساعة مضت ليتكلّم شون الذي اتخذ من حضن جونقكوك مجلساً له : "أختي أشعر بالنعاس أريد النوم .."

اومأت له لتردف : "حسناً سأنادي مربيتك لتضعك في السَّرير.."

رفض فجأة صارخاً بانزعاج : " لا لا لا ، أريدكِ أنتِ وجونقكوك أن ترويا لي قصةٌ قبلَ النَّوم ، كما تفعل لي ماما رونزا كلَّ يوم.."

عقدت زينيث حاجبيها لتردف سائلة : "أمي تحكي لك حكايةً قبل النوم كلَّ يوم ؟"

هَزَّ رأسه مرتين ليردف : " عندما كنا في الولايات المتحدة كانت تتصل بي كلَّ يوم وتحكي لي حكاية حتى أنام ، وعندما أتيت إلى هنا وعلمت أنَّني بالمدرسة الداخليّة كانت تأتي لي كلَّ يوم في التاسعة مساءاً لتحكي لي حكاية وتذهب بعد أن انام .."

قهقه آدم بسخرية ليردف : " خالتي العاطفيّة ! حتى أنتِ لم تهتمَّ بكِ هكذا ، والآن تهتمُّ بابن زوجها كما لو أنّه ابنها .."

نظرت له زينيث بحدّة ، أُمُّها خطٌّ أحمر لديها ، لن تسمح لأيٍّ كان بذكرها سوءاً ، لتردف : " لا تتدخل في ما لا يعنيك آدم .. أمّي حرّةٌ بما تفعل وأنت لا أحدَ لتحاسبها .."

قالت بانزعاج لتمسكَ يدَ شون وتأخذه للغرفة ، جونقكوك فهم كون زينيث تفضل أمها على كلِّ شيء ليبتسمَ ساخراً من ذلك الأبله .

وقفَ فجأة ليمدَّ يدهُ مصافحاً آدم : "سررتُ بزيارتك ، أتمنى أن نلتقي مجدداً .. والآن أرجو المعذرة ، فزوجتي وشون الصَّغير بانتظاري .."

كان هذا بمثابةِ طرد ، ورداً للإهانة التي قامَ بها آدم حين وصوله ، ليغادر منزل حبيبته وزوجها والدم يغلي في عروقه ، يلعنه ويلعن زوجها ويلعن شقيقها بل وخالته ..

"هل غادر ؟" ، سألت فورَ أن دلف جونقكوك لغرفة الصغير بينما هي تمسحُ على خصلاتِ شعره العسليّة ، ليتقدمَ جالساً على جانبه الأيسر لاحتلالها الأيمن ..

همهم لها كإجابة لينظر لشون مردفاً : " أيُّ حكايةٍ تريد أيها الأمير ؟"

نظر شون له ثمَّ لزينيث بضع مرات ، كان يحرك رأسه يميناً ويساراً بشكلٍ لطيف وشعره الطويل نسبياً قد زاده لطافة ليردف : " ماما رونزا لا تسألني هذا السؤال .."

نظرا إلى بعضهما باستنجاد ، كلاهما فاشلان في هذا الأمر وبالكاد يعرفان قصة ساندريلا ..

"جـ..جونقكوك يعرف الكثير من الحكايات الجميلة .. هيا أخبرنا بواحدة .." ، قالت بتوتر لتخرج نفسها من هذه الورطة ، شون إن لم يحدث ما يريد فسيبدأ بالبكاء ، ولا يوجد شيءٌ سوى معجزة قادرة على إسكاته .

نظر كلاهما لجونقكوك بترقب .. ليتنهد بضيق مردفاً : "في الواقع ، لستُ جيداً في الحكايات .. لكنَّني أجيد ال..ال...الغناء.." ، نطقَ آخر كلمة بصعوبة ، هو لم يغني منذُ زمن ، وهذا كانَ صعباً عليه ..

شون صفق بحماس وزينيث حملقت به غير مصدقة ..

"غني غني غني غني غني .." ، قال شون بحماس ملحاً على الاخر الذي ابتلع رمقه بتوتر ... تنفس بعمق ثمَّ اومئ له ليشرع بالغناء ..

أولُ أغنيَّةٍ هادئة خطرت له ..
Paper hearts

هدفهُ كان تنويم شون لا شون وأخته التي ما أن أنهى الأغنيّة حتى وجدهما ينامان بعمق .

أطلق ضحكة غير مصدِّقة ، يبدو أنَّه لم يفقد مهاراته الموسيقيّة بعد ..

طبعَ قبلةً على جبهةِ شون الصَّغير ليغطي جسده جيّداً ، ولم يشعر بنفسه حينَ حطّت شفتاه على شفتا الأخرى بهدوء .

ابتعد سريعاً لخوفه من ايقاظها ، وقفَ بهدوء ليحملها ويذهب بها إلى غرفتيهما .

تلكَ اللَّيلة شون وهي احتاجا لصوت جونقكوك ليغطا في النَّوم ويحظيان بأحلام سعيدة ، أمّا جونقكوك احتاجَ لتأمُّل وجهها حتى يفعل ، وها هو يحظى بأجمل حلمٍ قد رآه في حياته ..

______

يتبع ..

________

بدور عروس لشون ..

آدم مستفزززززز
لا ويت كلهم مستفززززين

فز عصبي وانا اكتب ..

البارت الجاي زينيث بتولع 😂😂
تستاهل وربي..

C u ..

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top