14 : ما بين فراقنا ولقاؤنا
_______
"ستذهبين إلى ميلانو ، بدلاً من ان تصبحي تحت يديّ جونقكوك هنا ، سيكون هذا افضل لك .." ، اردفت ببرود تام .
جونقكوك فتح الباب بعد ان اتى لتقفز هايرا للخلف كطلب من زينيث ان تبقى معهما بسبب ارتعابها من الاخر الذي اخذ يرمقها بنظرات قاتلة بينما ينتظر زينيث لتفسح له المجال حتى يجلس في مقعد السائق ، وبعد ان فعلت قد استمر بذلك عبر المرآة .
القى بجواز سفرها بحضنها ، استطاع بسهولة تدبير رحلة لها ، انتظر حتى وضع أحد الخدم حقيبة أغراضها والتي لم تفرغها اصلاً منذ وصولها في صندوق السيارة ...
..
كلُّ شيء مضى سريعاً حتى وجدا نفسيهما امام العائلة يستجوبان .
"هي بخير ، ارسلها لميلانو .." ، اجابتهم بهدوء لتتبع جونقكوك الّذي صعد لغرفته غاضباً لتجده يجري مكالمةً هاتفيّة .
هو كان غاضباً بحق ، قد اشتعل من الغيرة حينما رأى تلك الصورة لها مع مارك -وإن كانت مزيّفة- ، وكاد ان يفرغ غضب هوسه بكامله على هايرا ، سحبت الهاتف منه خوفاً من أنه يحاول ايذاء هايرا ..
نظر لها بحدّة : "اعيدي الهاتف .."
كانت نبرته لا تقلُّ حدة عن نظرته بينما يمدُّ لها يده لتقفل المكالمة ..
"مع من كنت تتحدث ؟"
استجوبته ليقلِّب عيناه مجيباً : "لا شأن لكِ .."
"حسناً .."، تمتمت لتعطيه الهاتف ، خرجت من الغرفة ليشعر بأنّها مقدمة على فعل شيء فتبعها بعد دقائق معدودة ولم يخب ظَنُّه حينَ وجدها تحادث مارك ويضحكان معاً ، هي حتماً اختارت الشخص الخطأ والوقت الخطأ ، اشتعل الدم في عروقه ليتقدّم نحوها ويسحبها ليجرها للغرفة بعدها .
القاها بها ليقفل الباب بإحكام .
"ماذا تطنين نفسك فاعلة ؟!" ، صرخ بها بحدّة .
"لا تصرخ بي جونقكوك .." ، أردفت ببرود ، لتقلب عيناها حينما أعاد الكرّة .
"كيف تتحدثين معه ؟!" ، صرخ مجدداً ..
"لا شأن لك .." ، أردفت بذات نبرته وطريقته حين قال هذا مسبقاً ليأخذ ثوان حتى يستوعب كلّ ما يحدث ، تنهَّد بإرهاق ليقترب منها غارساً وجهه برقبتها ..
"كنت أحجز شقةً لهايرا .." ، أردف بهدوء ، ابتسمت هي لتومئ له مربتةً على ظهره ..
"لا تكرريها مجدداً ... الضحك مع رجل آخر." ، قال بتعب محيطاً بخصرها .
__________
مضت خمسةُ أشهر انتقلت خلالهم عائلة جونقكوك للعيش في منزلهم الاصلي فهم لا يستطيعون احتمال غضب جونقكوك وغيرته المفرطان اثناء غياب زينيث في الجامعة وعليها .. كانوا ضحايا لذلك ..
كانت في المطعم رفقة صديقاتها بعد إجبارهم لها بسبب قدوم إحدى صديقاتهم من الولايات المتحدة لزيارتهم .
كانت تعبة بحق ، تشعر بالنُّعاس الشديد ، وهذا كان واضحاً فقد اوشكت على النوم عدة مرات ..
"ما خطبك زينيث ، الم تنامي ؟" ، سألتها ليسا بسبب ملاحظتها لفرط نعاس هذه الفتاة .
"جونقكوك اجرى تحقيقاً طوال الليل معي ، لم استطع النوم " ، اجابتها تستند برأسها على كفِّها ..
"تحقيق ماذا ؟" ، سألتها صوفيا عاقدةً حاجبيها .
"حول راين الذي اوصلني الاسبوع الفائت ، يجري تحقيقاً معي بشأنه كلَّ يوم ، لا ارغب في ان تسقط ضحية اخرى بسببي .."
اجابتهم ببرود ليلوذوا بالصمت لعلمهم بأنَّها تكره أن يتذمر أحد بشأن هوس جونقكوك الزائد ..
وصلت صديقتهم 'تريسيا' لتبدأ ضجة الفتيات بالظهور ، مضت ساعتان وهم بالمطعم يتحدثون بشتى الامور .
"عليَّ الذهاب ، سيجنُّ جنون جونقكوك لو تأخرت .." ، اردفت تلملم أغراضها التي قد تناثرت لتضعهم في حقيبتها وتهمَّ بالمغادرة كثاني واحدة بعد ان غادرت صوفيا لاجل موعدها مع تايهيونق ..
"آه بالمناسبة يا فتيات ، ساقيم حفلاً اللَّيلة في إحدى الملاهي على شرف تريسي ، دعوت الكثير من الشبان الوسماء لذا فلتحرصن على أن تكنَّ الاجمل " ، اردفت اينجي بحماس ليصفق أغلبهنَّ يشاطرنها حماسها ..
"اعتذر مقدماً ، تعلمين ، جونقكوك.."، اعتذرت لتهمهم لها اينجي لتهمَّ هي بالمغادرة .. إلّا أنَّ صوت تريسيا اوقفها .
"مهلاً ، زينيث .." ، التفتت لها الاخرى لتسترسل : "منذ متى وأنتِ هكذا ؟ أشعر بأنَّني لا أعرفكِ .. تبدين لي كوردة ذابلة .. وايضاً أين زينيث التي أعرفها ، التي لا تسمح لأحد بالتحكم بحياتها ؟! لوهلة ظننتك شخصاً آخر ، الست من تقولين دائماً YOLO ؟ الم يكن ذلك شعارك الابديّ حتى تفعلي كلَّ ما تريدين دون سيطرة أحد ؟!! أتخليت عن هويتك ؟"
"تلك كانت لي زينيث ، انا الان جون زينيث.." ، اردفت بأكثر اجابة مثيرة للشفقة قد تسمعها ، رمت ابتسامة ساخرةً من نفسها لتغادر بينما ترفع شعرها المتدلي بمطاطةٍ سوداء ..
_____________
"لقد تأخرت .." ، سمعت صوته والمنزل غارقٌ في ظلام دامس لتدرك أنّه جالس على الأريكة ينتظرها ..
اشعلت الانوار لتقترب منه بهدوء ، نظراته وملامحه كانت حادّة إلّا أنّها سرعان ما تبدّلت لابتسامة لطيفة فور أن رأى ابتسامتها له لتقبّلَ شفتيه سريعاً بعدها ، لم يحتج بتاتاً لسؤالها مع من كانت او اين فهناك بالفعل من يراقبها وهي تعلم هذا جيِّداً ..
"جونقكوك .." ، همست بهدوء بينما تحدِّق بعينيه ، همهم لها كإجابة لتصمت لثوانٍ صانعة تواصلاً بصرياً بينهما .. انتهى بوقوفها مادّة له يدها ليلتقطها فتتجه به إلى غرفتهما ..
دلفا وأقفلت الباب رغم عدم تواجد أحد غيرهما في المنزل فهو يوم عطلة ، التفتت له لتفتح ذراعيها مشيرة له بأن يعانقها ليفعل سريعاً دون تردد ..
"أنا ملكُك صحيح .." ، كان تأكيداً أكثر من كونه سؤالاً ليهمهم لها بينما يدفن رأسه في عنقها ..
ابعدته لتبتسم له مسترسلة بابتسامة : "إذاً أنتَ ملكي .." ، قهقه لدى سماعه ما قالت ، قرَّب وجهه اليها ليسند جبينه على خاصّتها ..
"وهل لأحد اي اعتراض ؟" ، سخر بسبب ما قالته فهو أمر مسلَّمٌ به ..
اومأت نفياً لتنظر لرقبته ، قرّبت شفتاها منها لتفعلها لأول مرّة تاركةً علامةً تخصُّها هناك ..
حدَّق بها بتفاجؤ ، هو لم يتوقع ذلك بتاتاً ليأخذ بعدها شفتيها بين خاصّته بعنف ..
أردفت بينما تحاول التقاط انفاسها بعد ان فصل قبلته : "لننم .. اكاد أفقد وعيي لشدّة النُّعاس .."
همهم لها ليأخذها في حضنه حتّى تنام معانقةً إيّاه بكلِّ قوتها الجسديّة الهزيلة ..
...
استيقظ باكراً وغادر لأجل عمله ، هي قد بدأت عطلتها الجامعيَّة بالفعل لذا لم يكن لديها شيء لتفعله -كما يظن - ..
عاد للمنزل في المساء شاعراً بتأنيب الضمير لتركها وحدها في أوّل يوم عطلة لها ، وجميع الخدم ما زالوا بعطلتهم وقد صرف من يراقبوها مسبقاً بسبب شعوره بالاطمئنان بسبب ما حدث بالامس ، عاد ومعه هدية لطيفة آملاً أن تعجبها .
"زينيث .." ، كان هو يهمس باسمها بصدمة لدى تأكده فوق العشر مرات بأن المنزل وخزانتها فارغان تماماً ، لا أثر لها ، كما لو أنّها لم تكن موجودةً في هذا المنزل مسبقاً .. نظر للرسالة على السرير والتي حاول جاهداً تجاهل وجودها حتى يعثر على زينيث بسبب الافكار التي راودته ليستسلم ويفتحها ليقرأها بالنِّهاية ..
إلى جون جونقكوك خاصّتي ..
قبل كلِّ شيء .. أعتذر حقاً ..
جونقكوك ، لطالما أردت إخبارك بأمر ما .. أنتَ حقاً مثاليّ ، كما لو أنَّك كنت ملاكاً في الحياة السابقة .. مثاليٌّ معي ، في كلِّ شيء ، وقد يعتبرك الكثير غير ذلك لكن هذا لا يهمني ..
لقائُنا الأول ، زواجنا ، طلاقنا المزيّف ، كلُّ ما حدث كان ضربٌ من الجنون ، حياتي معكَ كانت مختلفة تماماً .. أنا حقاً ممتنة لتواجدك بها ..
كنتَ أنت حياتي .. كنت اخطط لتركها منذ فترة .. لقد تعبت من هذا جونقكوك ، حبي لك جعلني أتخلى عن نفسي .. لذا قررت أن أغادر لاستعادتها .. أنا حقاً أحبك بلا حد .. كنت أنت الوحيد الذي أجده بجانبي دائماً .. الوحيد الذي كان مستعداً لحبِّ سيئاتي قبل محاسني .. وأنا كذلك .. حتى هوسك أحببته ، وقد كذبت فلم أكرهكَ يوماً .. ولن أفعل .. نحن الان قد وصلنا لمفترق الطرق خاصتنا ، ربما ستلتقي طرقنا مجدداً وربما لن نفعل .. قد أعود ، كلُّ ما اعرفه أنَّني رحلت لاستعادة نفسي التي تخليتُ عنها .. أنت لم تسلبني شيئاً .. لكن كنت أنا غبية كفاية لأظنَّ أنّ كلَّ شيء سيكون على ما يرام حينما أتخلى عن نفسي القديمة وكنت أنا اول من هُدِم ..
سأعود لو استطعت استعادة زينيث الّتي عَشِقْتَها .. لا تحاول البحث عني ، اؤكد لك لن تفلح في ايجادي .. آسفة مجدداً
قد نلتقي مجدداً ..
جون زينيث
دموعه نزلت سيولاً على تلك الرسالة ، قلبه الان معلق ببصيص الامل الذي منحته إيّاه بعودتها ..
__________
اوراقها قد نقلت من الجامعة ، اثرها اختفى من كوريا بأكملها لذا تذكر ارسالها لهايرا لميلانو تحديداً وقرر البحث في ايطاليا غير آبه لجملتها الاخيرة في الرسالة والتي قد كانت محقةً تماماً بها لتبوء كل محاولاته بالفشل ..
في ظرف اسبوع ، هو قد تدمر نفسيّاً .. كان يبحث عنها كالمجنون ..
اسبوعان وثلاثاً حتّى اصبح شهرٌ وعشر ثمَّ سنةٌ تلتها الثانية والثالثة ..
هو كان يحيى مرّتين في كلِّ سنة ، كانت ترسل له رسالةً عبر بريده الالكترونيّ في كلِّ سنة ، مرّةً في ذكرى زواجهم والأخرى في عيد ميلاده .. حتّى توقّفت بعد مرور السنة الثّانية تذكر في نهاية رسالتها بأن زواجهما لم يعد يعني شيئاً فهي قد ارتبطت برجل آخر بالفعل وتأمل أن يفعل المثل ويستمرَّ في حياته كما فعلت هي .. وبرسالتها تلك هي قتلت كلَّ بصيص أمل بداخله .. هي جعلت حياته تتوقف لا تستمر ، هو في وقتها أقسم على استعادتها مهما كان الثَّمن ..
لم يكن يستطيع تحديد موقعها بتاتاً رغم محاولاته العديدة لسبب ما ، وبشكل ما هي استطاعت الاختفاء جيِّداً .. حظّه كان جيِّداً ليتعرف بالصدفة على 'جينكي' ، المخترق او (الهاكر) الأوّل في كوريا ، وقرر الأخير مساعدته مقابل مبلغ ماليٍّ كبير.
أتى الأول من سبتمبر لذلك العام ، هو توقّع كونها سترسل له رسالة معايدته ككلِّ عام آملاً أنّهى لن تتخلى عنها كما تخلت عن رسالة ذكرى زواجهما ..
كان يجلس أمام حاسوبه في مكتبه ينتظر وصول الرسالة بينما قد شُبك حاسوبه بخاصّة جينكي الَّذي أخذ يحملق بالشّاشة متأهباً بينما قد جهّز جميع برامج وأكواد الاختراق الّتي احتاجها عازماً على ألَّا يفشل هذه المرّة كما حدث في السَّنة الفائتة بسبب ضيق الوقت ، هذه كانت مسألة شخصية بالنِّسبة له ، شعر بالعار لدى إدراكه بأنَّ هناك شخص ما استطاع هزيمته في أمور الاختراق .
دَقّت الساعة الثامنة صباحاً ليصدر الحاسوب صوتاً معلناً عن تلقيه رسالة ليشرع جينكي بعمله بكلِّ ما أوتي من سرعة ..
كان هذا وقتها المعتاد لإرسال الرِّسالة ، لأنَّ فارق الزمن بين كوريا وحيث تعيش هو ثمانِ ساعات ..
انتهى جونقكوك من قراءة الرِّسالة والّتي كان واضحاً له أنّها تحاول جعلها عاديّةً وقصيرة قدر الامكان .. كانت ككل عام ..
التفت لجينكي الّذي ابعد حاسوبه ليتنهد براحة ..
"حددت مكانها ؟" ، سأله بتوتُّر استطاع اخفاؤه جيِّداً خلف ملامحه ونبرته الّتي لم تكن سوى باردةً منذ مغادرتها إيّاه .
التفت له جينكي نافياً برأسه ليردف : "ليس بعد ، قمت بالخطوة الأكبر واستطعت نسخ كود الموقع ، لكن هناك بعض التشفيرات به لذا سأحتاج لبعض من الوقت ، يبدو أنّها ترسله من مكانٍ سرّي كقاعدة لجيش أو ما شابه .. امهلني بعض الوقت وسأمنحك الموقع كاملاً .."
اومأ له جونقكوك بشيء من الحزن الّذي لامسه ، ظنَّ أنَّه وجدها أخيراً لكن تبيّن له أنّ عليه انتظار مزيد من الوقت بعد للقائها ..
___________
"خافي .. أين وضعت ملفات المفعِّل XXH 54 ؟ " ، سألت الّذي يجلس أمام حاسوبه مقابلاً لشاشة تحوي طلاسم ورموز تبدو وكأنّها شعوذة .
لم يلتفت لها الآخر ولم يجب ، اكتفى بالاشارة لكومةٍ من الأوراق بجانبه لتضع كوب قهوتها وتتجه نحوها لتناولها ..
"هذا رصاصُ الزِّئبق .. أريد ملَفات المفعل .." ، صرخت بانزعاج .
"لا اعلم ، برمجت كود الحماية ووضعته في مكان ما هنا ، إبحثي عنه .." ، قال منزعجاُ من صراخها بينما أخذ يضغط على لوحة المفاتيح بسرعة لا يمتلكها الانسان العاديّ .
"مالّذي تفعله ؟ رأس الأناناس قال أنَّك انتهيت من عملك بالفعل .." ، سألته بعد أن لاحظت كونه يعمل شيئاً ما بطلاسمه ..
همهم لها مجيباً : "احاول اختراق قاعدة الجيش الاسكتلنديّ ، جوناس يرجِّح أنّهم قد سرقوا إحدى ملفات أسلحتنا وطوّروا عليها بسبب تلميح رئيس القاعدة له .."
جلست بجانبه بعد أن وجدت ضالّتها ، لتشبك حاسوبها بخاصّته مساعدةً إيّاه بفكِّ تلك الطلاسم فقد علّمها الكثير من الأشياء بالفعل والّتي قد أفادتها بعملها .. و 'رسائلها'
شاشةٌ سوداء ظهرت لدقائق معدودة ليظهر فجأة عدادٌ صغير بمنتصفها باللَّون الأحمر .. انتظرا بترقب حتى بنتهي العدّ التنازليّ لتظهر لهم شاشةٌ بها طلاسم أسوأ من سابقاتها ..
"رائع .." ، قال بحماس ليستأنف عمله وهنا قد انتهى حدُّ مساعدة زينيث لتقف حاملةً ملّفها الذي كانت تبحث عنه وكوب قهوتها ، انحنت طابعةً قبلة على وجنته لتنظر لساعتها بعد أن استقامت : "اوه سأتأخر ، عليَّ الذهاب للمقر .."
"أمازلت ترسلين له رسائلاً في عيد ميلاده ؟" ، سألها دون أن يزحزح بصره عن حاسوبه ، بدا أنّه يعلم جيِّداً من يقصد ، اكتفت بالهمهمة له كإجابة للمغادرة سريعاً بعدها ، أوشكت على الدخول في الأول من سبتمبر وهي لم تصل للمقرِّ بعد ..
فتحت حاسوبها الشّخصيّ بعد أن توسّطت موقعاً مجهزاً بأحدث الأجهزة وأخطرها -على ما يبدو- لتكتب عدّة طلاسم في عدّة برامج كخاصة خافيير وبسرعة فائقة ، كتبت رسالةً له وارسلتها لتحذف ذاتياً بعد المدَّة الّتي حددتها كما لو أنّها لم تكن ..
____________
مضى شهر كان قد فقد فيه الأمل بالفعل ..
كان يجلس بمكتبه بانزعاج وغضب يسيطران عليه .. طرقت خادمةٌ بابه ليأذن لها بالدُّخول .
انحنت له لثوانٍ قبل أن تردف : "سيِّدي لقد أتى السيّد جينكي لمقابلتك.."
همهم لها ببرود آمراً إيّاها بإدخاله بلا مبالاة ، هو فاقد الامل بالفعل فقد مضى شهر على ما حدث ..
"لقد عثرت على المكان الّذي أُرسلت منه الرِّسالة .." ، تحدّث الشاب ليرفع جونقكوك رأسه الّذي لم يزحزحه عن الحاسوب منذ وصوله ليحدق به بدهشة .
وقف فجأة ليردف : "أين ؟؟"
"ايطاليا .. سان مارينو تحديداً .." ، أردف ليعقد جونقكوك حاجبيه باستغراب : "بحثت في ايطاليا بأكملها ولم أجد لها أثراً ! كيف يعقل هذا ؟!"
هزَّ الاخر كتفيه كإشارة بعدم علمه ، ليسترسل : "ربما ذهبت لدولة أخرى قبلها كتمويه .. المهم ، الرسالة أرسلت من ايطاليا من مقرِّ الابحاث الذريّة الخاصة بالدّولة في سان مارينو والتابعة للجيش الايطاليّ .."
نظر له لثوانٍ قبل أن يسترسل : "اتستطيع اختراق سجلات الجامعات الايطاليّة ؟"
همهم له الاخر ايجاباً إلّا انّه أردف فجأة : "لكن إن كانت تعمل هناك فلا أعتقد أنّها خريجةُ جامعةٍ ايطاليّة ، على الأرجح هي قد درست في مكان آخر ، فغالباً من يعملون في امور كهذه لا يكونوا خريجي جامعات الدولة ذاتها .. في إحدى الدول المجاورة ، ألديك فكرة عن تخصصها او مجالها ؟"
"علمُ الذَّرة.." ، أجابه سريعاً .
همهم الآخر ليسترسل : "سأضع في الحسبان أفضل الجامعات ، لكنَّني سأختار فرنسا ، جامعة باريس تحديداً كأفضل خيار ، فقد تخرج منها علماء كثيرون ، كماري كوري مثلاً .. سأبحث في سجلاتها كخيار أوّل .."
فتح حاسوبه بعد أن جلس ليبدأ بالعبث به .. مضت ساعتان ولم يتوقف ليسترسل سائلاً إيّاه : "الاسم والعمر .."
"جون ... أعني لي زينيث ، في التاسعة عشر قبل ثلاث سنوات .." ، أجابه بهدوء يحاول حساب عمرها بشكل دقيق جداً مما جعله يتشوش ..
عقد الاخر حاجباه بينما يحدِّق بالشاشة مردفاً : "تقصد جون زينيث .. هي بالفعل تخرَّجت من تلك الجامعة بامتياز وفي زمن قياسيّ .. وقد حصلت على شهادة البروفيسورا قبل بضعة أشهر .. لنقل أنّها من القلّة النادرون جداً من استطاعوا فعل ذلك ، يبدو أنَّ حياتها كانت مركزة على الدراسة بشكلٍّ مكثّف .."
شعر بالفخر لوهلة ، نظر له ليهمهم قائلاً : "شكراً لك .. سيكون المبلغ في حسابك في ظرف نصف ساعة .. "
____________
وصل لايطاليا دون إعلام أحد من عائلته أو اصدقائه ، برح المطار ليذهب لشقته التي قد حجزها مسبقاً ولم يتوقف فمه من الحديث ، مكالمة تلو الأخرى ، جُنَّ جنونه ..
استطاع التواصل مع جهات مسؤولة في الجيش الايطالي ، جون جونقكوك صاحب السمعة والمكانة المرموقة استطاع بسهولة اقناعهم بالتعاون معه مقابل دعمٍ ماليّ منه وتوطيد العلاقات مع كوريا الجنوبيّة أكثر من خلال توسطه للمسؤولين هناك بمساعدة مكانته ونفوذه .. ومن سيصدق أنّه قد فعل كلّ هذا لأجل فتاته ..
..
استلقى على سريره بإرهاق ، مئات الاجتماعات التي أجراها منذ قدومه ، هاتفه ورأسه لم يهدآ أبداً .. أغلقَ عيناهِ لثوانٍ حتّى اتصلت به سكرتيرته ذات اللكنة الايطاليّة الّتي أصبحت تستفزّه بشكل غريب لتعلمه عن مشكلة حدثت بالشَّركة التي استطاع شراء 80% من أسهمها بفضل تعرضها لأزمةٍ ماليّة ليستغل الفرصة .
زمجر بحنق ليردف : "حسناً .. اللعنة على من وظفكم في هذه الشركة .."
اغلق الهاتف ليعاود الخروج ولم تمض دقائق معدودة على دخوله ..
كان يجلس في غرفة الاجتماعات بسبب واحد طارئ ، المصانع التابعة للشركة قد توقفت بسبب استفاذ الزئبق الذي كان ضروريّاً للأسلحة المصنّعة ، وشركته كانت المسؤولة عن نسبة منها مع سبعٍ أُخرى ..
"العلماء والخبراء في مصانعي هم الأقل ، بسبب ما حدث قبل قدومي هناك العديد ممن توفيّوا اثناء العمل بسبب قلة الحماية ، وكما تعلمون قد انهارت ميزانية الشركة بسبب المبالغ الهائلة التي دفعت كتعويضات ، ولم يعد هناك علماء يوافقون على العمل في هذه الشّركة .. أرجوا أن توضحوا لهم كونني قد حسّنت من كلِّ شيء .. وأيضاً سأحتاج لنخبةٍ من العلماء في مصانعكم حتى نستطيع انقاذ هذه الشركة .. اخترت قائمةً بالفعل للعمل المؤقت هنا حتّى تنضم نخبة جديدة من العلماء الينا .. " ، قال بصمت ولم يجرؤ أحدٌ ممن كانوا في الاجتماع من التعليق ، هو أصبح أحد أهم الممولين لمصانعهم منذ قدومه قبل شهر ، وقد استطاع صنع مكانةٍ فولاذية له .. لاسيّما بتحسينه للعلاقات بين كوريا وايطاليا .
أخذ قائمة باسماء العلماء الذين اختارهم من السبع شركاتٍ الأخرى من سكرتيرته التي ناولته اياها بعد أن مدَّ يده ..
"اخترت اثنين من كلِّ شركة ، وثلاثةُ 'مبرمجين' بشكل عشوائي ..
البروفيسور توماسو فيسكونتي والدكتور تينو بوفون ، من شركة XTM ..
الدكتور نيكولاس هانز والدكتور بريم سميث والمبرمجة سيانا فلوون ، من شركة IAFW
البروفيسور جيمي باردي والبروفيسورة .. جون زينيث ... والمبرمج خافيير جيد ، من شركة IAFW II "
حاول جاهداً الحفاظ على ابرد نبرةٍ لديه بينما ينطق باسمها التابع له ، نبض قلبه بشدّة وهو يتخيل اقتراب موعد لقائهما ليزفر بهدوء وينطق بأسماء البقيّة سريعاً ..
"هل من اعتراض ؟" ، أردف سائلاً بعد أن انتهى من القائمة ، اجاب أحدهم بتوتر ليحول نظره إليه ..
"تفضّل سيِّد جوناس .."
"في الواقع ، مصانعي هذه الفترة بحاجة ماسة للبروفيسورة زينيث و المبرمج خافيير .." ، أردف بتوتر ليتمالك الآخر نفسه عن الايداء بحياة ذلك الرّجل ، همهم له ليسترسل : "بحدِّ علمي فهي قد قدمت للشركة أبحاثاً لمدة سنة إضافيّة .. لن تعمل هنا لأكثر من بضعة أشهر قليلة .."
كانت نبرته الحادة ونظراته كفيلة بجعل الاخر يتمنى لو تشق الارض وتبتلعه ، او انه قد ابتلع لسانه قبل ان يتفوه بحرف ليهمهم له ويعلن عن انتهاء الاجتماع ...
"آه ، بالمناسبة يا سادة .. أرجو منكم ارسال ملفات من اخترتهم إليّ .. " ، أردف بابتسامة ليومئوا له ويغادروا ..
___________
كان يجلس أمام حاسوبه يطالع الملفات الخاصة بمن اختارهم ليطّلع على معلوماتهم الشخصية .. او معلوماتها هي وحدها فلم يكلِّف نفسه حتى بتحميل ملفات البقيّة ..
عرضت الشاشة ملفّها الذي يحمل صورتها الشخصية ، ظلّ يحدق بها لدقائق طويلة .. فكّر أنّ شكلها لم يتغيَّر بتاتاً ..
تفحص الملف حتى وصل لضالّته ..
العنوان : بيزارو - casa del teatro - SS3
سجّل العنوان في هاتفه ليبرح شقته متجهاً لخاصّتها .. ما هي إلّا دقائق حتى اصبح يقف أمام الشّقة ، أوشك على طرق الباب إلّا أنّه استطاع سماع صوت ضحكات انثوية يخالطها صوت رجلٍ يتحدّث ..
ابتعد سريعاً ليركب سيّارته بعد تغييره لرأيه تماماً .. كان عالقاً في صدمته ، أصدقت حينما قالت بكونها تخطّته واستمرت في حياتها ؟!!
شعر بالاختناق ليشغل المكيِّف على أبرد ما يمكن متجاهلاً أنّهم في بداية نوڤمبر وتكاد تثلج في الخارج ..
فُتِح باب الشقة ليخرج منها شابٌّ خلفه فتاةٌ ترتدي قبَّعةً ولم يستطع رؤية وجهها ، إلّا أنّه علم أنّه يعرفها ، استطاع تمييز ذلك .. ثوانٍ حتى رآها تتبادل وذلك الشاب القبلة ، عانقته لتدلف المنزل سريعاً ويذهب الشاب في طريقه .. كان يتمنى فقط لو أنّه قد اخطأ المنزل وذهب إلى آخر ، تمنى لو تحدث معجزة ويتضح له أنّها ليست تلك الفتاة ، تعلق بأمل أنكرته دواخله كونه لم يرى وجه الفتاة واستند على حدسه بكونه يعرفها ..
زفر محاولاً ابعاد الألم الّذي أخذ يفتك به ويخنقه ، حرّك السيارة لعدم قدرته على البقاء ومشاهدة طيف ما حدث مراراً وهو ينظر لعتبة ذلك الباب ..
_________
أجرى مقابلةً مع من اختارهم ، حتى حان دورها ..
خرجَ البروفيسور جيمي باردي بعد المقابلة السريعة ليعلم زينيث أن دورها قد حان ..
صوتُ كعب حذائها العالي صدحَ في مكتبه ، توقف لثوانٍ ليسمعَ صوت إغلاق الباب .. لم يرفع رأسه عن الملفات الورقيّة أمامه بينما يسجل أشياءً عليها ..
رائحةٌ عطرها المميزة اخترقت أنفاسه لتجعل نبض قلبه يتخطى السرعة المسموح بها ..
كانت هادئة ولم تنبس ببنت شفة ..
"الاسم ؟" ، نطق أخيراً ليكسر حاجز الصّمت بسؤال يعرف إحابته بالفعل ..
هي التي كانت ملتهيةٌ بهاتفها منذ دخولها وتجاهلها لرائحة العطر المميزة ظانّة أنّه رجلٌ آخر لتجلس بهدوء دون أن تزحزح نظرها عن هاتفها .. لكنَّ صوته كان مميزاً تماماً لها .. صوتٌ أدمنته لترفع نظرها إليه بصدمة ، وجدته ينظر إليها بملامح تبدو كقطبٍ متجمد لشدّة برودها ..
"الاسم يا آنسة ؟ " ، سأل مجدداً بينما يقلِّب هاتفه بين وسطاه وسبابته ، تنهدت كونها أدركت تظاهره بعدم معرفتها لتردف : "جون زينيث .."
عقد حاجبيه بينما يسجل الاسم على ورقة أمامه ، هو لوهلةٍ شكَّ بكونها زينيث ، بالكاد استطاع إخفاء صدمته حين رفع رأسه وشاهدها تلعب بهاتفها كما كانت عادتها .. لكن باختلاف كبير ..
شعرها الأسود الطويل أصبح قصيراً بجذورٍ سوداء ولونٍ رماديّ مزرق ، بشرتها زادت سُمرة متعمّدة كما أن هناك قرطاً أصبح يزيِّنُ النصف الأيمن من شفتها السفلى ، بالإضافة إلى الوشوم البسيطة المنتشرة على جسدها والتي استطاع تمييز البعض منها كَـ
YOLO عند رسغها الذي كنت تسند وجهها عليه
و مجموعة الكواكب التي كانت خلف أذنها بشكلٍ مميز ، والفاصلة المنقوطة أسفل ظفر سبابتها ..
كما أنّها تضع عدساتٍ لاصقة باللّون الرماديّ .
هي ببساطة زادت فتنة .. كما أنَّ أحمر الشفاه الّذي كانت تضعه والذي كان بلون النبيذ أوشك على التسبب بأزمة قلبية له ..
"الحالة الاجتماعيّة ؟" ، سألها سؤالاً غير موجود أصلاً ، حرّكت بصرها عن هاتفها لتنظر له رافعةً إحدى حاجبيها لوهلة وأعادته سريعاً لهاتفها تكمل اللعب لتجيب : "متزوجة .."
ضحكةٌ ساخرة سمعتها منه لتعتدل بجلستها ، تظاهر بكونه يكتبُ شيئاً ما ليلمح ساقاها اللّتان اعترضتا نظره ، رفع أحد حاجبيه واحتدّت نظرته ليردف بشيء من السخريّة : "يبدو أنَّ زوجكِ طويلٌ جدّاً .."
عقدت حاجبيها لتنظر له من الأعلى للاسفل وتردف سائلة : "اعتقد هذا ، لكن لم ؟"
قلّب عيناه ليضغط على بضعة أزرار في حاسوبه مردفاً : "ساقاكِ طويلتان لدرجة أنَّ التنورة تكاد تصبح لباساً داخليّاً عليك .."
ضحكت فجأة ليحدق بها باشتياق ..
زفرت بعدها لتردف : "يبدو أنَّ لديكَ حسُّ فكاهةٍ عالٍ جدّاً سيِّدي ، أحسد زوجتك .."
مدَّ بجذعه إليها ليسأل مستفزّاً اياها بابتسامته : "وكيف علمتِ أنّني متزوج ؟ أنا عازبٌ بالفعل .."
عقدت حاجبيها لثوانٍ لتردف وهي تشير ليده بينما لم تزحزح بصرها عن عينيه : "الخاتم .. في بنصرك .." ، تذكّرت اليوم الّذي أعطته إيّاه في عيدميلادها الأول رفقته .. كان أحد أسعد أيّام حياتها ، نظر للخاتم لثوانٍ قبل أن يردف : "إنّه من زوجتي السابقة .."
رفعت حاجبيها لتسأل : "ولم انفصلتما ؟"
"هجرتني.." ، اجاب بهدوء وهو سارحٌ في الخاتم ..
"لمَ فعلت ذلك ؟" ، سألته سؤالاً هي الاجدر بإجابته ، نظر لها بابتسامة منكسرة ليردف : "لتستعيد ذاتها بعيداً عني .. لكنني عندما رأيتها صدمتُ بامرأة أخرى .. كما أنّها حظيت بحياة جديدة وحب جديد .."
ابتلعت رمقها لتردف وهي تحاول تجنب النظر لعينيه : "ربما .. تلك كانت ذاتها الحقيقيّة أساساً .. وربما قد كذبت لأجلك .."
"تصبغ شعرها وتقصّه لأجل ذاتها الحقيقيّة ؟" ، سأل بحدَّة بينما يحدجها في نظراته .. هو شعر بشيء من الألم كونها غيرت من ذاتها القديمة والتي أحب كلَّ شيء بها على الرغم من كونه عشقها بتفاصيلها الجديدة ..
"ربما تحب تجربة أمور مجنونة .. تعلم ، الفتيات وافكارهن الغريبة .." ، أجابت ببرود ليقول بحدّة أكبر : "تثقبُ شفتها وتضع وشوماً كما لو أنّها فتاةِ عصابة ؟!"
"الاجابة لا تختلف عن سابقتها ، كما أن الوشوم جميلة !" ، اختفت نبرتها الباردة وأجابته بانفعال ، حتى صرخ هو : "تضع عدسات لاصقة بلونٍ غير لون عيناها ؟!!"
"إنّها عدسات طبيّة لأنَّ نظري قد أصبح ضعيفاً !!" ، صرخت هي أيضاً واجابت دون وعيِّ منها ..
حملق أحدهما بالاخر مدهوشاً ..
لم يعيا ما يفعلان ، حتى امسك هو الهاتف وأمر السكرتيرة بصرف البقية وتأجيل المقابلات للغد ..
وقف لينزل معطفه ناظراً للنافذة متجاهلاً إياها بينما هي القت بهاتفها على الطاولة بانزعاج ..
اوشكت على الحديث ليلتفت لها فجأة ولم تستوعب شيئاً حتّى أصبح كرسيها أمامه وهو يستند بذراعيه على ذراعيّ الكرسي بينما ينحني بجذعه نحوها محاصراً إيّاها محدِّقاً بعينيها بحدّة ..
"لم فعلت ذلك بي ؟ مالّذي فعلته لكِ ؟؟" ، سألها بذات حدّة نظرته ..
___________
"يتبع .."
عادي اقتل حد منهم ؟
ما بسأل .. نفسيتي تعبت من الرواية ذي !!
حلو الميك اوڤر الجديد حقها 🤣🤣🤣 ؟ اي لوف ات
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top