Three
خيال3
.
.
نقرات إصبع الصبي على خده كانت تزعجه منذ الصباح ، حينما فتح عينيه بعصبية تقابلت عينيه الرمادية بعين المحيط الممتلئة بالدموع مما جعله يقطب حاجبيه في قلق بينما ينهض يتفحص الفتى من أي مكروه قد أصابه و هو ينظر للنافذة ليتيقن أن الصباح لم يأتي بعد :
" خيال ما بك ؟ ..."
إقترب منه خيال بضعف ليعانقه قائلاً بصوت متحشرج مهتز :
" تميم لا أريدك أن تبتعد عني."
لف ذراعيه حول جسده و مسح على خصلاته يسأله مبتسمًا بهدوء :
" و من وضع فكرة تركي لك بعقلك أيها الشقي؟ "
فـ ابتعد عن عناق الاكبر يحدق به عابسًا :
" الجميع يتخلى عني ، لذلك لا أريدك أن تكون مثلهم ."
رفع يده ليمسح دموعه بابهامه و هو يخاطبه بحنان و دفء :
" صغيري ، مهما حدث لا تفكر أني قد أتخلي عنك ، لا شئ سيفرقنا الا الموت ."
أومأ خيال مقتنعًا و هو يرفع نفسه ليعانق أخيه الذي ابتسم و هو يعود ليستلقي معه بينما يفكر بكلام خالد منذ عدة أيام مضت حتى شعر بيد خيال ترتخي فنظر إليه فوجده نائمًا ، فأخذ يتطلع عليه مفكرًا ، فكم هو ظريف و هو نائم ؟ .. من له الحق بالتخلي عن طفل مثله؟!
تنهد و قرر النوم بجانبه ، و حين أتي الصباح كان اول من إستيقظ لينهض ببطء كي يُجهز نفسه للذهاب إلى عمله تاركاً الفتى نائمًا بما أنه ليس لديه مدرسة اليوم.
ما ان انتهى حتى أخذ هاتفه و محفظته ليغادر لكن استوقفه رنين هاتفه ، فنظر إلي الرقم الغريب ثم أجاب و هو يغلق الباب خلفه :
" مـ؟ ..."
بتر كلماته و هو يحدق بالذي ينظر إليه فأبعد الهاتف عن أذنه يغلق المكالمة بينما رمش تميم عدة مرات مستغربًا ، أكان هو المتصل؟!!
ابتعد عن سيارته و هو يحدق بتميم الذي تغيرت معالم وجهه للبرود يستمع لكلمات الأكبر :
" تميم تعال إركب ."
تجاهله تميم و دخل إلى منزله و الأخر انتظره بابتسامة حتى خرج تميم و اقترب منه ، امسك بيده بـ إحدى يديه ليضع المال بها قائلاً بجفاء :
" هذه أموالك ، لا أريد شيئاً الا إبتعادك عن حياتي و أخي ."
ثم التفت ليغادر لكن خالد نطق دون أن يهتم لما قاله :
" قدم استقالتك من عملك أيً كان و من الغد أريد أن أجدك بالشركة ."
" أيُّ شركة تقصد ؟! "
التفت إليه يحدق بعيناه مستنكرًا فنطق خالد دون اهتمام :
" شركتي ، أنها لي و لوالدك ، لقد بنيناها سويًا لكنك من ستكمل مشواره ."
اتسعت عينيه بصدمة بينما أكمل الاخر و هو يستقل سيارته :
" و من الغد ، ستكمل دراستك الجامعية .. لقد أرسلت أوراقك للجامعة قسم إدارة الأعمال ."
ما ان قال ذلك حتى تحرك بالسيارة و غادر تحت صدمة تميم بما قاله للتو ، و رغم فرحته بأنه سيكمل دراسته في المجال الذي أراده الا أنه نظر لحياته مع خيال و كيف سيكون وضعه ان إنشغل عنه؟!
انتهى به الحال يغادر بأفكار عنيفة تهاجم رأسه و تضعه بدوامة التفكير التي لا تنتهي !
..
الساعة السابعة مساءً ، كان يجلس خيال على الارض فارشًا كتبه و دفاتره و أقلامه لكنه لم يهتم بهم بعكس اهتمامه و انشغاله بتخطيط القلم بشكل عشوائي يرسم على احدى الاوراق البيضاء ، متذكرًا حصص الرسم بالميتم ، الاولاد بعمره و غضبه الدائم من أي شئ ، ثم انتهى كل ذلك بلمح البصر !
توقفت يده عن الرسم و أسند خده على كف يده شاعرًا بالجوع فنظر للساعة ، أخيه لم يصل للآن !
ارتفعت طرقات الباب فترك ما بيده و اتجه نحو الباب .. فتحه ليظهر رجل غريب يرتدي بدلة بنية و يصفف شعره بطريقة غريبة ، أخذ يحدق به لبضع لحظات قبل أن يعقد جبينه يسأله ببرود:
" ماذا تريد ؟ "
حدق المعني به بابتسامة غريبة قبل أن يقول :
" أنا جاركم الجديد ، فقط هل لي ببعض ..."
انتفض بصدمة و الباب يُغلق بوجهه و قبل أن يخرج من صدمته سمع الاصغر يقول :
" أخي طلب مني ألا أساعد أحد دون وجوده ."
ثم التفت دون أن يهتم بالأمر ليقرر العودة للدراسة بدل الرسم ، لكن عادت الطرقات على الباب ، فزفر بحِنق و هو يأخذ أحد كتبه يسير نحو غرفته متجاهلاً صوت الرجل الذي يطالبه بفتح الباب !
" أنه جار جديد مزعج حقًا! "
نطق باستياء و هو يسمع طرقه الذي لم يتوقف ، فقرر الاتصال على شقيقه ، مرة و اثنان و ثلاثة و بدأ يقلق ، لماذا لا يرد؟!
أعاد الاتصال عليه مجددًا و هو يحدق بالخارج ، السماء أصبحت غائمة و يبدو أنها ستمطر بما أنهم قاربوا على فصل الشتاء لكن شقيقه لم يرد مما جعله يعض على أصابعه بقلق و هو يجلس على السرير بخوف مما حدث لأخيه؟ .. هذه أول مرة يتأخر فيها تميم عن عمله ، كما و أنه من المستحيل ألا يرد على هاتفه!!
تجمد جسده و اتسعت عينيه مع قشعريرة خوف أصابته ، انحبست أنفاسه بذعر حين شعر بشخص يجلس يتحرك ليجلس خلفه ثم شعر بأنفاسه بجانب أذنه و صوته ينتقل إلى طبلة أذنه بخبث :
" لن يأتي .. لقد تركك مثلهم! "
لحظات قبل أن يُدير عقله و هو يحاول الهرب نحو الباب لكنه وجد نفسه مرميٍ على السرير و الأخر فوقه ، حين حدق فيه ذُعِر من تشوه ملامحه المحروقة فصرخ :
" تميـ...! "
أخرسته صفعة قوية أدمت فمه ، فشهق بألم و هو يلتقط أنفاسه غير مستوعب ما حدث! .. أنَّ بألم و هو يعود لينظر للشخص الذي فاجئه بصفعة أخرى تليها جذبه لشعره بينما يقول بفحيح متجاهلاً ألمه :
" أخافتك ملامح وجهي المشوه؟ .. ألا تذكر أنك من كنت السبب بذلك؟ .. ما رأيك أن أعيد الكرَّة بهذا المنزل لكن هذه المرة .."
ضحك بسخرية و تهكم و هو يكمل بجانب أذنه بشر :
" هذه المرة أنت وحدك من سيندلع بجسده النيران و لن ينقذك أحد فذلك الغبي ليس هنا ."
نزلت دموعه بخوف يتمتم و هو يحاول إبعاد يد الرجل عنه :
" تميم ! تميم أنقذني ..."
ضحك المعني و هو يصفعه مجددًا:
" ليس موجودُا لينقذك يا فتى! "
بكى خيال أكثر و هو يغمض عينيه بذعر ، هو حتى لا يستطيع التفكير بالهرب لأن الاخر يقيده بجسده ، حتى شعر فجأة أنه يبتعد عنه فبدأ بفتح عينيه ببطء و ذعر ، فكه يؤلمه .. نظر حوله فلم يجد أحدًا ، فاستند على يديه و جلس بوهن ، أنفاسه كانت تضيق لتلك الفكرة .. حاول النهوض و الذهاب للخارج لكنه لم يكن لديه القدرة على السير إلا أنه شجع نفسه ونهض ينظر حوله ، خائفًا أن يكون ما زال هنا ، دخل إلى الحمام و وقف أمام المرآه يفكر .. ماذا لو رأى شقيقه ما حل بوجهه؟ .. بالتأكيد سيعلم ما يحدث له!
لكن أين هو أخيه الآن؟ .. أين ذهب؟!!
إنحنى يفتح صنبور الماء و يغسل وجهه ، ثم خرج نحو غرفته ليُخرِج من أسفل السرير علبة مساحيق تجميل ، حاول بقدر الامكان وضعها برفق على مكان إصابته ليخفيها ثم أغلقها و وضعها مكانها ليسمع صوت رنين هاتفه .. التقطه بسرعة و رد على أخاه كاتمًا دموعه و هو يستمع إلى الاخر بينما يعتذر إليه بندم :
" أسف ، أعتذر جدًا يا خيال لم أرى الهاتف و لقد تأخرت بسبب المدير لأنه طلب مني أعمال إضافية ، سامحني لن أتأخر عليك .. خيال تسمعني ؟ "
فـرد بهدوء بصوت حاول بقدر الإمكان عدم إظهار ما فيه من خوف :
" عد بسرعة ، أنا قلق عليك ."
ثم أغلق المكالمة ليستند على السرير ، يلتقط أنفاسه و هو يشعر أن جسده مازال يرتجف ، ما لبث أن سالت دموعه مجددًا و هو يحتضن ركبتيه مخفيًا وجهه بهما ، هو خائف ، خائف بشدة .. يود لو يطمئنه أحد لكن لو فعل و أخبر أخاه سوف يقتله ذلك الرجل !
كانت قد تجاوزت الساعة للتاسعة مساءً حين عاد تميم من عمله ، منزعجًا و غاضبًا مما حدث معه مع مدير عمله ، لكنه ما إن دخل المنزل و أغلق الباب حتى رسم ابتسامة مزيفة تخفي ما خلفها من انزعاج ، فرغم اتقانه لعمله بتلك الشركة الا أن مديرها يزعجه بشدة و لا يقدر تعبه !
" خيال؟ .."
ناداه و كله استغراب ، لقد كان اول من يراه حين دخوله للمنزل ، هذه ليست من عاداته !
اتجه إلى غرفته يبحث عنه بناظريه حتى وجده يجلس ملاصقًا للسرير مخفيًا رأسه بين ركبتيه ، فتحرك تجاهه منزعجًا من رؤيته هكذا ، و قد جثى إلى جانبه يهز كتفه برفق ليشهق خيال بذعر و هو يبتعد عنه تحت دهشة تميم الذي قال بخفوت مستنكرًا ردة فعله :
" هذا أنا ."
أخذ يحدق فيه لبعض الوقت و كأنه لم يتعرف عليه حتى قال تميم مرة أخرى يحاول تهدئته :
" ماذا بك يا خيال؟ ألا تتعرف عليّ؟ "
زفر خيال أنفاسه بتعب و هو يخفي عينيه أسفل كف يده ، لحظة و اثنان حتى أبعدها و اقترب بتعب ناحية تميم و عانقه مخفيًا ملامحه المتعبة في رقبته، فبادله تميم مستغربًا حالته ليقول بهدوء :
" أخي هل أنت بخير ؟ تبدو .."
قاطعه بهدوء :
" أنا بخير .. كنت قلق عليك فحسب ."
ابتسم تميم متنهدًا بيأس :
" أسف خيال ، سامحني فلقد أهملتك ."
" هل لك أن تحضر لي الطعام ."
ابتعد عنه مبتسمًا بسرور :
" بالطبع ، نصف ساعة و ستجد ما تحبه جاهزًا."
نهض و خرج بعدها تاركًا إياه فظل خيال يحدق بمكان تواجده الفارغ قبل أن يُخفض أهدابه بحزن هامسًا :
" أعتذر لو كنت أزعجك ، أتمني أن تسامحني فلا يمكنني إخبارك عما يحدث لي ."
بعد نصف ساعة دلف إلى الغرفة حاملاً معه صينية عليها بعض الأطباق المغطاة لكنه توقف حين وجده قد غفى على السرير ، فتحرك ليضع ما بيده على الكومود و انتقل كي ينام بقربه مفكرًا بما حدث صباحًا ، يتذكر ما قاله خالد له .. نظر إلى خيال يفكر ، هل يُقدِم على تلك الخطوة؟ .. هل هو على صواب ان فعل أم ستتغير حياتهما ان استمع إلى خالد ؟ .. لكن للحقيقة ان كان الأمر كما يقول فهو وريث أبيه! .. ليس عليه الا أن يتقدم خطوة نحو مستقبله ، لطالما تمنى أن يكون لديه فرصة ليُظهر نفسه ! .. لكن ماذا عن خيال؟ .. هو يعلم جيداً كم تعلقه به .. هل سيكون سعيدًا أم حزينًا ؟ .. هل سيصبح بخير ان اندمج مع تلك الطبقة التي تتسم بالانانية؟ .. هو يعلم جيدًا أن عائلته أنانية ، و لديه بعض الشك أن ما خلف وضعه بالميتم بعد موت والديه هو شئ أكبر من أنانية! .. لكن ماذا لو اندمج؟ .. ماذا سيحدث له أو لخيال ان علم الجميع أنه ليس أخيه؟ .. بالتأكيد سيسلبوه منه و يضعوه بميتم أخر! .. حينها لن يفزع ان وصل خيال للجنون لكرهه لذلك المكان .. و ان لم يكرهه فالحياة بالميتم أشبه بحياة الجحيم بالنسبة له .. و السؤال الان : ماذا يختار؟ .. مستقبل مرسوم أمام عينيه أم أخ اكتسبه من ظلم الحياة له ؟!
تنهيدة عميقة أخرجها من فمه و هو يستلقي معانقًا الفتى ، دون أن يلاحظ الكدمة جانب فمه ، فتفكيره العميق بذلك الأمر يكاد ينسيه كل شئ حوله!
ناما الاثنان و كلٌ بقلبه ما يشغل باله و يعميه عن التفكير ! وينسيه راحته !
.
.
.
بعد يومين كان خالد يجلس بمكتبه يراجع أوراق الشركة قبل أن يدخل عليه تامر يقول :
" سيد خالد ؟ .. هناك أخبار سارة .."
توقفت يده عن التقليب بملل و ارتفع بعيناه الحادة نحو تامر الذي أكمل بابتسامة :
" سيد جابر سُليمان طلب رؤيتك في اجتماع لمجلس الشركة هنا كي يعقد معك صفقة مربحة تبلغ أكثر من خمسة مليون ، هل أرسل له الموافقة؟ "
شابك بين كفيه أمام وجهه يفكر ، هناك أمران يشغلان باله و ها هو الامر الثالث يصيبه بالعمى! .. تنهد دون أن يبالي قائلاً :
" أرسل له الموافقة ، لكن ليلزم حدوده ."
ابتلع رمقه بقلق متذكرًا ما بين خالد وجابر ذاك من نفسنة ، لا يتقابلان الا و تحدث مصيبة فكيف بصفقة عمل ؟! .. الان هو نادم لإخباره!
" تامر ، هل وجدت الفاعل ؟ "
انتفض تامر و التفت بتردد كبير يواجه خالد ، فتنهد المعني بضيق قائلاً بعصبية :
" أخرج يا تامر ! أخرج لا ينقصني سواك!! "
خرج تامر بسرعة من المكتب فتنهد خالد بغيظ ، لا أحد يعمل جيدًا!!
نهض يأخذ هاتفه و يغادر ، لذلك المكان الذي جمعته الصدفة بابن عمه فيه، كي يرى لما لم يفعل ما طلبه منه حتى هذه اللحظة!؟
*
*
يتبع..
شباب يمكنني انزال الفصل يوميًا لكن حقيقةً لا أشعر بالحماس لأني لا أجد تفاعل على الرواية
لكن ان وجدت تفاعل يمكنني حقًا انزال بموعد محدد و بما أن لديكم مذاكرة و ضغوط حياة فأنا لدي فكرة و هي أني سوف أضع يومين في الأسبوع و الساعة بتوقيت مصر ، يمكنكم أيضًا الاجماع على الساعة الذي سوف أنزل فيها البارت و يفضل بالمساء لأني أكون متفرغة ، و لكن اريدكم في ذلك التوقيت أن تكونوا متفرغين حقًا! .. كلماتكم تزيدني رغبة بالتنزيل لكن حين أجد البارت دون تعليقات أجد نفسي اريد الذهاب لحذف الرواية 😂💔💔💔
انا اعتذر لو ضغطت عليكم ولكن تعرفون لكل شئ ثمن 🙂 أنا أنزل كما ترغبون و لكنكم لا تشجعوني بتاتًا!!
هناك شئ أخر أريد أن أستشيركم إياه
، لو كان لديكم فيسبوك، ما رأيكم بعمل جروب نُشيِّر فيه بوستات عن رواياتنا؟ .. او ريفيو "وصف" روايات او كتب قرأتموها مثلاً و رأيكم فيها؟
مواعيد التنزيل سأخبركم بها في البارت القادم
و الان اخبروني رأيكم؟
توقعاتكم؟
المشهد؟ أثر؟ اجابي؟
التقييم
ما يعجبكم بالشخصيات حتي هذه اللحظة؟
و الان أراكم في البارت الرابع قريبًا ❤️✨🌧️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top