Ten
خيال10
.
.
أخذ يمسح على خصلات شعره برفق ، بينما هو كان يسعل من أسفل قناع الأكسجين ، متضايقًا من هذا المرض الذي أصابه فجأة ، لكن خالد كان هادئًا حتى أنه لم يفعل اي شئ لما حدث ، بل تولى تنظيف شعره من القاذورات و تنظيف ملابسه ، فجأة شهق خيال و نزلت دموعه ، لقد أهانه رافي بشدة أمام الاولاد الذين ضحكوا عليه ، فابتسم خالد حين فهم سبب بكاءه فقد أخبره الاستاذ بما حدث ، فخاطبه بهدوء :
" لا تكن مدللاً ، أنه شجار أطفال .."
بتر جملته حين دفع خيال يده عن رأسه و إبتعد بناظريه عن خالد ، لم يكن يبكي لأنه تشاجر ، لكنه كان يبكي لأن الجميع كان يعلم بالفعل أنه طفل متبنى ، ليس ابن خالد ، الجميع يعلم أن ابنه الحقيقي مات منذ كان بعمر السنة و نصف بينما هو مجرد مشرد لا عائلة له .
" أخبرني الآن لما تبكي؟ "
زادت حدة دموعه و ازدادت شهقاته حتى سعل بقوة فمسح خالد على شعره يحاول تهدأته و هو يقول :
" خيال إهدأ ، أنت مريض و عليك بالهدوء و إخباري سبب بكاؤك لأن الأمر غريب ، أنت لا تبكي لأنهم تشاجروا معك أو أهانوك صحيح؟"
هز رأسه نافيًا ، ثم نظر له هامسًا بشئ أدهش خالد:
" أنت تبنيتني لأكون بديلًا عن ابنك صحيح؟ .. و لو كان حيًا كنت ستتخلى عني أيضًا! "
" من قال لك ذلك ، أنت ابني يا خيال ! ابني!! .. لا أريدك أن تفكر بذلك مجددًا."
" لكن الأولاد ، قالوا ذلك لي! "
نهض خالد و خرج ، فأبعد خيال الاكسجين قليلًا و مسح دموعه الوهمية و ابتسم ، الآن سوف يقتلهم خالد ، أراد أن يضحك لكنه كتم ضحكته خوفًا من اكتشاف خالد لخدعتِه، و عاد يتصنع البكاء بعد عدة دقائق حين رأى خالد يدلف للغرفة قائلًا بضجر :
" الآن لن ينظر لك أحد نظرة لا تعجبك ، و إن حدث لن يعجبهم تصرفي وقتها ... لا أحد يضايق أو يُبكي طفلي ."
أومأ خيال ، مرتاح البال ، الآن لن يهمه ازعاج رافي فـ الأخير لن يستطع التحدث أو مشاجرته!!
عاد خيال للمنزل ، كان منهك تمامًا ، متعب ، أحكم قبضته على يد والده و سار معه يجر قدميه ، دلفا للمنزل فرمى خيال نفسِه على الأريكة بملابسه الفوضوية بينما ذهب خالد ليغير ملابسه ، و حين أتى رأى خيال غارقًا بالنوم ؛ فتبسم و هو يرفعه حاملًا إياه بين يديه يسير إلى غرفته ليقوم هناك بوضعِه على سريره ، كان سيذهب لكنه رأى أن ملابسه أصبحت ذات رائحة سيئة فأتى ببعض الماء في طبق و قماشة نظيفة ثم ذهب لإحضار له ملابس نظيفة مريحة للنوم ، جلس إلى جانبه يُحدق في ملامحه ، للحظات يفكر بما قاله له بالعيادة ، ثم أبعد خصلاته عن جبهته ليلاحظ ندبة أعلى رأسه ، أخذ يحدق فيها و كأنها تعيد له الذكريات ، لكنه تجاهل الأمر و هو يجذب خيال ليجلس و هَم بنزع ملابسه ، كان يعلم أنه لن يستيقظ فنومه ثقيل جدًا ، و إن قامت الحرب العالمية الثالثة لن يفعل!!
نزع أخر قطعة من ملابسه ليتصنم و تتوسع عينيه في صدمة ، يحدق بتلك الخطوط و الجروح القديمة ، جروح رغم قِدمها الا أنها تركت أثارًا لا تزول! .. تحرك خالد يتفحص جسد صبيِّه ، مندهشُا و محاولًا تذكر كيف أصيب الفتى بهذه الجروح! .. و قد غلَّفته الحيرة و القلق ليتوقف عن فحصه و هو يعانقه لصدره و قد أمسك بهاتفه يتصل على تامر ، و حين رد عليه أسرع بقوله :
" تامر ، اتصل على المياتم الخاصة بعائلة الدمنهوري حالاً ، هناك ذاك المدير الذي نجى من الحادثة قبل ثلاثة أعوام ، حاول الوصول إليه و معرفة كل شئ كان يحدث للأولاد ، خاصةً ، لخيال و تميم ."
" حاضر سيد خالد ، لكن هل لك شرح لي سبب طلبك ؟ "
" سأخبرك حين نلتقي ."
" حسنًا."
أبعد الهاتف عن أذنه و وضعه جانبًا ، الآن علم سبب رفض خيال لرؤيته حين يُبدل ثيابه ، منذ تبناه منذ سنتين و هو ينطوي على نفسه ، لقد ظنه يخجل لأنه ليس والده الحقيقي فتركه على راحته ، لكن السبب واضح جدًا الآن ، خيال يعرف شيئًا لا يريد لأحد أن يعرفه .. لكنه سيعرف ما جرى له ؟ ما كان يحدث له بالميتم .؟
.
.
.
بصباح اليوم التالي ، لم يكن خيال قد استيقظ بعد و قد تركه خالد مقررًا عدم إرساله للمدرسة اليوم أيضًا كما قرر البقاء دون الذهاب إلى الشركة .. أمام التلفاز المغلق كان يجلس على الأريكة يقرأ الجريدة و يحتسي فنجان من القهوة متذكرًا مكالمة تامر أمس في الحادية عشرة مساءًا ، و التي عكرت مزاجه بحدة حين أخبره أن الرجل الذي من المفترض أنه المدير السابق للملجأ الذي انفجر قُتل عصر اليوم حين كان معه يتحدث إليه و يسأله ، قبل أن تستقر رصاصة في رأسه ليسقط أمام تامر المصدوم ، و حين حاول رؤية مَن القاتل مِن النافذة رأى رجلاًا لا تظهر سوى ابتسامته قبل أن يختفي ، اتصل بالشرطة و هي تُحقق بالأمر لكن لا فائدة من معرفة المجرم .
وضع الفنجان بشئ من القسوة ثم نهض لغرفة خيال ، الشخص الوحيد ربما الذي يعرف سبب الانفجار ، هو ليس غبي لكي لا يُلاحظ مدى تكتم خيال ، كان يعلم شخصيته و هذا ما جعله متأكدًا ربما من أن خيال له علاقة بسر الانفجار ، ذلك الشخص بدأ يلعب معه مجددًا ، فقبل عدة سنوات قُتلت زوجته و ابنه و بعدها بتسع سنوات حدث انفجار قوي بالملجأ الرئيسي التابع للعائلة و بالأخص له بالتحديد ليموت كلْ من فيه من أطفال و لم ينجو سوى خيال و تميم و ذلك المدير الذي بالصدفة كان خارج المكان .
حين دلف إلي الحجرة رأي خيال يستوي جالسًا ، كان يبدو عليه أنه استيقظ توًا بينما يُحدق في ملابسه بغرابة ، مستغربًا مِن مَن غير له ثيابه؟ .. هل كان هو؟ .. نظر للساعة ، أشارت على الحادية عشر صباحًا ، إذاً كيف نام كل ذلك الوقت؟!
" لا تستغرب ، والدك من غير لك ثيابك يا صغيري."
قالها مستعدًا لرؤية ملامحه ، و بالفعل فقد جفل المعنى يُحدق موسعًا عينيه من الصدمة بينما يقبض على ملابسه ليهمس بتوتر :
" هـ هل رأيت ..."
" أجل ، رأيته ، رأيت الندبات كلها ."
أحاط خيال نفسه و ضم ركبتيه إلى صدره يحاول إخفاء توتره ، ليس عليه القلق ، ليس عليه إظهار رُعبه من اكتشاف خالد للأمر ، يجب عليه إبقاء الأمر بسرية تامة! و الا سيقتله ، سيقتل والده الحقيقي تميم !! ; أخذ يفكر ثم ابتسم بارتباك و قال :
" أنا جائع ، أريد ..."
" من فعل ذلك ؟ .. من أذاك يا خيال ؟ "
أخفض خيال رأسه حتى انسدل شعره يُغطي ملامحه ، لا يجب أن يعرف خالد بشئ ، ظل يكررها بعقله ثم نهض يسير للخارج بصدد المغادرة لكن خالد أمسك بمعصمه و جذبه للأمام ، فتراجع خيال مندهشًا دافعًا بيد خالد مما أدى لـ فقد توازنه ثم سقط ، استند على يديه بخوف، و الأخر يهتف بحدة :
" خيال أنا لا أحب الكذب أو المراوغة! "
رفع نظره له ليصرخ باعتراض:
" أي كذب!؟ ما الذي تحاول قوله أو فهمه أصلاً!! "
رمقه خالد كصقر جائع ، يُلاحظ غضبه رغم خوفه الظاهر من ارتجاف يده ، ثم نهض يحاول مجددًا المغادرة لكن خالد وقف أمامه فحاول مراوغته و قد فلت منه لكنه توقف بصدمة حين قال خالد ببرود :
" إن لم تخبرني سوف أذهب لتميم و سؤاله ."
تسمر لكنه سرعان ما عاد لصوابه و هو يجيبه ساخرًا:
" يبدو أنك جننت ! كما أنك لم تجد ..."
" تميم أعرف مكانه منذ غادر المدينة كما و أتواصل معه بالفعل دون عِلمك ، لكنه كما طلب مني ، كنت أخفي الأمر عنك ."
شهق و التفت يحدق فيه بصدمة ! .. كان يعرف مكان تميم ؟! و لم يخبره؟! لكن كان ذلك طلب من تميم!! لكن لماذا؟!!
تحرك خالد فهمس خيال بارتباك :
" إلي أين؟ "
" إلي تميم لأسأله ."
أسرع خيال بامساك يده هاتفًا دون أن ينتبه لما يفعله :
" لا تفعل! سأخبرك بكل شيء!! "
و ابتسامة منتصرة رُسمت علي شفتيه جعلت من خيال يترك يده و يتراجع مصدومًا مما قاله للتو!! .. لقد أفشى السر بغباءه!!.. لكنه بالفعل لم يرِد لتميم بالأخص أن يعلم!! حتى و إن كان يكذب خالد بمعرفة مكانه هو لا يريد أن يصله!!
صرخ بانفعال :
" أنت مخادع! أنا أكرهك! "
انحنى نحوه ، كان غاضبًا ، مستاءًا ، و الاصغر كان يرمقه بكُره ، مد خالد يده نحوه، فصفعها خيال لكن خالد الذي احتدت نظراته لم يتكلم ، بل ظل يجثو على ركبتيه أمامه ، تتقابل عيناهما في شرارة ، الزُرقَة تُغلفهما بثلجها المشتعل!! .. حينها خالد لاحظ شيئًا و انتفض يبتعد ، يُغادر .. يُغادر الغرفة ثم المنزل تمامًا ، فتراجع خيال تملأ عينيه الدموع ثم خانته قدميه ليجلس يبكي بألم ، كيف له إعادة فتح صفحات الماضي؟ .. كيف له فعل ذلك؟
" ان علم أحد بالحقيقة ، سوف أعيدك لوصيتي كوالدك الحقيقي ، و حينها سنستمتع سويًا ."
يتذكر تلك الجملة و يزداد بكاؤه حِدة ، ماذا لو علم الجميع بالأمر؟ .. إن علموا أن والده ما زال على قيد الحياة و هو الأكثر عداوه له ، الأكثر ألمًا و ظلمًا و قهرًا له ؟! .. بالتأكيد حينها سيتخلى عنه الجميع ، حينها فقط سيبتعد خالد كما فعل تميم ، و سيبقي وحيدًا تغمره أشواك ذلك المشوه ، سيعذبه ، سيذيقه ألامًا تفوق جسده !! .. هو لا يريد ذلك ! لا يريد للألم أن يعصر به! .. لا يريد للخوف أن يتمكن منه!!
وضع جاكت أسود فوق ملابس نومه و لم يقوى على تغيير ملابسه ، أراد الهروب الآن من هذا المنزل ، الذي أصبح أكثر الأماكن خناقًا لروحه المشتتة!!
مشى كالأحمق بالشوارع حتى وجد زقاق مناسب للاختلاء بنفسه فيه ، جلس مرتكزًا على الحائط في هدوء تام ، تغمره أشواك الذكريات ، كل شوكة كانت تنغزه بإحدى جروح الماضي التي تعطر صفوة حياته في الحاضر و تنزع منه مستقبله رويدًا رويدًا كرصاصة غادرة أصابت الماضي فلطخت الحاضر و شوهت المستقبل!!
.
.
.
يسير بتمهل ، يرتدي معطف من الجلد ، بيده حملت صينية يتوزع عليها كأسان من عصير البرتقال ، يسير نحو الزوجان الجديدان ثم يضعه بحب على الطاولة مبتسمًا ابتسامة هادئة للزبونين ثم التفت ، فاختفت الابتسامة و هو يغادر نحو المطبخ ، يترك نفسه يرتمي على الأريكة ليحيط وجهه بكف يده و بيده الأخرى يخرج هاتفه الجديد ، يفتحه و يظل يحدق بخلفية الشاشة التي وضعها ثم انتقل للصور ، أصبح يقلب بصوره ، و يبتسم ، هنا كان ملطخ بالشيكولا التي أحضرها له و هذه الصورة كان غاضبًا فيها و إلتقطها دون أن يشعر ، بينما هذه الصورة كان أخر ما جمعتهما قبل أن يتشاجر مع جارته و يقابل خالد !
ترك رأسه فتساقطت خصلاته البنية المحروقة على جانبي جبهته ، منزعجًا مما حصل ، و متشوقًا لرؤياه مجددًا ، كيف لا و هو كان طفلِه و أخاه ، كان ملاذه الوحيد ، و الآن هو يعيش بشقة بمفرده ، في المدينة و يأتي هذا المكان ليكون قريب من قريته ، ثم يقابل خالد ان لزم الأمر ، حتى يحاول رؤية أخاه لكنه سرعان ما يتراجع عن فكرته و يجلس لدقائق ثم يعود لحياته الروتينية المملة بدون خيال ! حتى أنه باع هاتفه القديم و شريحة هاتفه كي لا يصل إليه! و قد إشترى أخر بعد فراقِه !
" تميم هناك رجل يريدك ، يقول أنه قريبك بالطاولة رقم ستة ."
خاطبه سامر فنهض تميم يخرج بسرعة حين علم أنه لم يكن غيره ، و بالفعل سرعان ما جلس أمامه و قال بلهفة :
" خالد! هل خيال بخير ؟! "
صمت بعدها و قد قل حماسه و لهفته ، يحدق بملامح خالد المكفهرة ، فقال بقلق :
" ما الذي جرى؟ "
نظر خالد إلى عينيه ، و بشئ من الضعف قال :
" تميم ، ماذا تعرف بالضبط عن خيال ؟ .. "
" ماذا تقصد ؟ هل خيال بخير ؟ "
أومأ و تنهد تنهيدة تعيد له روحه الضائعة ليقول :
" لا تقلق ، لكن أرجوك أخبرني ، متى وصل خيال للميتم ، و ما الذي تعرفه عنه!! .. أي معلومة و لو صغيرة أخبرني بها يا تميم ."
لم يفهم ما الذي جعل خالد بهذا الضعف ؟ .. كلماته ! و ملامحه ، و كأن هناك شئ يقتله رويدًا رويدًا من الداخل ، و كأنه الآن تحت سيطرة مشاعره !!
فبدأ يقول :
" قبل عشر سنوات ، حين كنت في عامي العاشر ، ارتفع صوت بكاء لطفل حين أنار الصباح ينادي والديه و يصرخ من البكاء ، ركضنا جميعًا فوجدنا على باب الميتم طفل يبلغ السنتين الا قليل ، كان ملئ بالخدوش و الدماء ، لم يهدأ من البكاء فتقدمت منه ، أخذته من يد المربية و ركضت و خلفي الأطفال ، ثم وجدت الطفل يهدأ ثم يفقد الوعي تمامًا ، لتمسكني المربية و تأخذه مني و تذهب ، و لشعوري بالذنب ذهبت خلفها فسمعتها تتهامس مع المدير يقولان أنه كان معه رسالة تقول أن إسمه خيال و تطلب منهم الاعتناء به جيدًا حتى نعود و نأخذه ، لا نعلم من سيعود ليأخذه ؟ لكن المدير و المربية تكتموا على الخبر ، تم علاجه و بدأ بفتح عينيه ، ثم رأيته يبتسم لي و يضحك و يناديني بابا .. لا أعلم شئ عنه ، و مرت الأيام و فهمت أنه تم التخلي عنه من قبل عائلته التي لا نعرف عنها شئ ، كنت كل فترة أبحث بالأوراق سرًا و أحاول معرفة السبب ، قبل الحادث بأربع ساعات فقط كنت أقرأ أوراق خيال التي كانوا يخفونها عن أي شخص و كأنها كنزًا ما ... "
سكت و بلل شفتيه ليشبك ذراعيه أمام وجهه يحدق بنقطة ما وهمية ، و هو يتابع :
" .. حينها و أنا أقرأ إعتلتني الصدمة ، الإسم الكامل لخيال كان عليه حِبرًا، و كان سبب بقاؤه في الملجأ كذلك و كأن هناك من يحاول اخفاء الأمر ، هناك رسالة وقعت فالتقطها و شرعت بقراءتها بالاضافة لشهادة وفاة ، كانت تقول الرسالة أن من أحضره سوف يعود لأخذه ، و طلب أن يتم معاملته بسوء ، كفرد مات بالفعل ، و الا سيتم وقف الإمدادات لهذا الميتم ، حينها علمت سبب كره بعض المربيات لخيال رغم أنه طفل كأي طفل بعمره ، حينما كان يأتي شخص لتبني طفلاً كانوا يخفون خيال ، فَـ كَره خيال الميتم بكل من فيه ، أصبح أكثر مشاغبة و إيذاء للأخرين ، لكنه كان يحتمي بي و يطلب مني أن لا أتركه فأفعل ، لكن يوم الحادث كان حزينًا لأني سوف أتم الثامنة عشر و أخرج من الميتم ، حينها كان يلعب ببعض النيران و المفرقعات فأوقفته و وبخته ، فذهب غاضبًا لينام ، و في منتصف الليل و بيوم رأس السنة طلبت منه أن يأتي بسرعة ليشاهد الألعاب النارية ، يومها اهتزت الأرض بنا و انتشر الانفجار مع بداية لأول مفرقعات نارية صعدت للسماء ... حين استيقظت وجدت خيال مستلقيًا على ظهره فبدأت أتقدم منه الا إنني رأيت حركته الفزعة و رأيت جزء كبير من السقف يسقط عليه ، لم أشعر سوى أني سحبته و بطريقةً ما خرجنا لكني فقدت بعدها الوعي لأيام ، و حين أفقت وجدت أن خيال مفقود ، كنت منهارًا لعدة أيام حتى وجدتهم يخبروني أنه بخير ، ذهبت إليه و قررت الهرب به حتى لا يعيدوننا لملجأ أخر .. هذا ما حدث ."
كان خالد يجلس مصدومًا ، ثم سأل فجأة :
" متى كان تاريخ وجود خيال على باب الميتم ؟ "
" الحادي عشر من ديسمبر عام 2002 ."
توسعت عين خالد ، ثم أحاط رأسه بكفيه! .. بعد حادثة مقتل إبنه و زوجته بشهرين!! .. يوم إذاعه خبر موته الأكيدة !! لكن كيف؟ .. لقد رآه!!
توقف عن التفكير بصدمة ، لقد سمع صوت الرصاصة باللحظة التي فقد فيها وعيه لكنه كان لا يزال يسمع صراخ طفله !!
كاد تميم أن يُحادثه حين رآه بذلك الشكل لكنه وجد من يدفعه من كتفه و ما كاد يلتفت حتى تلقى خده صفعة قوية جعلت عينيه تتوسع بصدمة و هو يقابل عين خيال المتألمة ، زرقاوتاه كانت تلمع بدموع الخيبة منهما ، نظر إليه خالد ، دون أن يستطيع التحدث ، كان يراقب ملامحه المألوفة ، عيناه الزرقاوتان الصافيتان ، خصلاته حالكة السواد ، و ملامح وجهه و قسوة حديثه و بكاءه! .. كل شئ مر عليه ، دقق فيه خالد و تمعنه حتى سمعه يصرخ بكل قوته :
" أتمني أن تموتا و لا أراكما مجددًا ، أنا أكرهكما !! لن أسامحك أبدًا يا تميم أبدًا !! "
ثم إلتفت و ركض بكل سرعته للخارج ، فنهض خالد يلحق به لكن تميم أوقفه قائلًا :
" سألحق به أنا ..."
لكن خالد قاطعه بحدة :
" لن أتركه مجددًا ! يكفى أن ذلك الوغد تسبب بابعاده عني لسنوات!! "
" ماذا تقصد؟! "
نظر إليه لتلين ملامحه هامسًا :
" خيال يكون إبني الحقيقي ، و أنت تكون عمه ، أنتما ترتبطان بالدم كما أنا و هو بالضبط!"
ثم تركه في صدمته ، تركه و غادر مصدومًا ! .. كما تخلت عنه عائلته ، تخلت كذلك عن خيال!!
" خيال انتظـ....! "
أصدرت السيارة صوت احتكاك قوي انتهى بصدمة جسده بقوة جعلته يسقط على الأرض و كوِّنت دماءه بركة أسفله تحت نظرات خالد و تميم الذي لحق به !! في مشهد دموي ، هبط قلب الاثنان في أرجلهما!!
*
*
*
يتبع..
ثدمة! 🙂😊💔
هل نقتله أم لا؟ 👀
حسنًا من يريد البارت الجديد؟ 🙅♀️😂💔
ربما قد يموت او يدخل بغيبوبة?
الان و قد اتضح أن خيال يكون ابن خالد، فهل شكه بمحله ام انه مجرد ظن؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top