17
خيال 17
*
*
بمرور الأيام نستطيع أن نتعلم أشياءً جديدة ، ننعزل فترة عن أُناسًا ظننا أنَّه من المستحيل ذلك .. نترك عادة كنا نظن أنها لن تتغير .. و نُخرج هواية كنا لا نعتقد يومًا أن يمنَّ الله علينا بها!! .. لكن رحمة الله وسعت كل شئ !
قررت فجأة و أنا جالس على مكتبي أذاكر ، أن أذهب لأبي لإخباره عن ذلك الرجل و مضايقاته لي بالآونة الأخيرة ، لمرة سأضع ثقتي الكاملة بأبي ، لأنه أبي!
لذلك نهضت أترك مكتبي و أخرج لكني وجدته قد غادر للشركة و تميم قد غادر للجامعة .. اتجهت إلى هاتفي و طلبته لكنه لم يُجبني ، فقررت التحدث الى تامر .. بحديثنا قال أنه سيرسل لي سائق أو يأتي ليُقلني إلى شركة والدي .
و بالفعل خلال نصف ساعة ارتفع رنين هاتفي باللحظة التي كنت فيها أضبط ياقة التي_شيرت الذي كنت أرتديه باللون العنابي .. طلب مني النزول ففعلت .
.
.
.
هناك بالشركة كان قد سار بكل هدوء نحو مكتب والده ينتظره هناك الى أن يُنهي إجتماعه ، مُنشغلاً بقراءة إحدى الكتب الذي يضعها خالد في مكتبه لأجله حين يأتي معه كي ينشغل في القراءة أثناء عمله .
رفع عينِه عن الكتاب حين تهادى لمسامعه صوت شجار في الخارج ، فـ ترك ما بيده بسرعة و خرج ، هناك حيث كان يقف أمام والده رجل رآه من قبل ، حوله تجمع أناس أخرون و موظفين يحدقون بما يحدث بقلق بينما خالد كان يحدق بحدة شديدة لمن أمامه و الذي كان يصرخ عليه محاولًا التقدم منه و التهجم عليه الا أن هناك من يمنعوه عن ذلك :
" كيف تجرؤ أيها المسخ أن تستولي على كل أملاكي؟!! .. "
فرد خالد ببرود :
" لست من أخذها لكن المحكمة أصدرت بيان بذلك يا ذاكر ."
غضب ذاكر و حاول ابعاد أيدي من يُمسكاه بينما يرتفع صراخه :
" أقسم لو لم تعيد لي أملاكي سترى ما لا يعجبك أيها القذر !! .. و كما حدث بالماضي هذه المرة أنا من سأقتلك !! سأتأكد أنك مِت مَوتة شنيعة كما قُتلت زوجتك و ابنك..."
كان خالد يحدق فيه بغضب ينمو أكثر فأكثر ، يقبض على يديه حتى باتت بيضاء تخلو من نقطة دم واحدة ، لا أحد يجرؤ على مجيئ سيرة موت أسرته أمامه لكن هذا الأحمق جنى على نفسه !!
حين رأى خيال ذلك تقدم مُسرعًا ليقف أمام والده الذي كاد يُشاجر الأخر و يضربه بسبب غضبه ليقول بقلق:
" رجاءً لا تتشاجرا ! .. عم تامر إفعل شيئًا!! "
صرخ خالد فجأة بخيال :
" لا تتدخل!! إذهب من هنا ! "
أغمض خيال عينيه و نفى ليصرخ كذلك :
" لن أدعك تتشاجر و لن أدع أحدًا يلمسك يا أبي! لذا أوقفا ما تفعلاه أنتما لستما أطفالًا! "
انتهى به ينظر لوالده برجاء و ثوانٍ حتى تنهد يختفى غضبه لينظر لذاكر ببرود و حدة :
" إذهب من هنا يا ذاكر لأجل خيال فقط سأتنازل عن القضية .. "
قاطعه ذاكر بسخرية :
" أهذا هو الطفل المتبنى!!؟ .. إلهي لا أكاد أتخيل أن خالد بنفسه يتنازل عن قرار اتخذه لأجل طفل غريب! "
أرفق كلامه بضحكة ساخرة جعلت الشياطين تحوم حول خالد الذي جذب خيال و أوقفه أمام الجميع ليبتسم فجأة :
" أعرفكم .. خيال هو ابني الذي قُتل قبل عشر سنوات ."
شهق أغلب الموجودين بصدمة بينما نظر ماهر لتامر بتوتر ، كانوا يُخفون الأمر حتى يجدوا المجرم لكن خالد لم يهتم و هو يُظهر أمامهم أن خيال هو إبنه الحقيقي!
رمق ذاكر خيال بنظرة غريبة ثم التفت ليرحل فاتبعه الجميع ، كانوا بالاجتماع قبل أن يقتحم مجلسهم ذاكر و هو غاضب !
هدأ كل شئ تحت أنظار خيال الذي شعر فجأة بوالده ينهار على ركبتيه ، فالتفت بسرعة خوفًا بينما ذهب ماهر كي يُحضر بعض الماء و اقترب تامر ليُساعده بالنهوض بينما يُخاطبه بتوبيخ لأول مرة يتحدث كصديقه أمام الجميع :
" كم مرة أخبرتك أن لا تعقد إجتماعًا و أنت مريض ؟!! .. أنت مهمل يا خالد مهمل!! "
ابتسم خالد بسخرية بينما يساعده تامر على الجلوس على أحد المقاعد التي أحضرتها الفتاة و هي ترمق رئيسها بقلق كحال الباقي ، رغم عُنفه معهم الا أنهم يحبوه حقًا و لا ينزعجون منه فإن وقع إحداهم بمشكلة كان يُسرع بإصلاحها لهم !
رفع نظره على خيال الذي لمس جبينه و نطق بقلق :
" أبي أنتَ مريض!! "
ثم لم ينتظر أن يرد عليه بل رفع هاتفه و اتصل على تميم مخاطبًا إياه بدون مقدمات :
" تميم ، أبي مريض! "
أتاه صوت جوري بقلق :
" مريض؟! خيال أنتَ بجانبه ؟ أعطيه الهاتف و أنا قادمة "
جذب خالد الهاتف من يد خيال و رمقه باستياء فقد سمع صوت أخته لينطق بغضب :
" لا تفعل شيء دون إستئذاني مجددًا .. تامر أنت من سيقود السيارة ."
نهض دون أن يهتم بصحته و جذب يد خيال ليذهب ، كلمات ذاكر بعقله تدور و تدور دون أن تجد مكانًا ثابتًا لتنتهي عنده ، كذلك كحال أفكاره و ذكرياته !
حين عاد للمنزل وجد جوري تقترب منه ، ما ان خرج من السيارة حتى عانقته بقلق تتحسس جبينه فأعطاها ابتسامة بأنه بخير لكن تامر قال حين رآها :
" لا تجعليه يخدعك ، هو مريض لذا لا تتركيه الى حين يُشفى يا جوري ."
رمقه خالد يضجر لينطق :
" تامر مخصوم منك نصف شهر ."
ضحك تامر بخفة و تجاهله ليستقل سيارة خالد و يذهب للشركة بها فتنهد خالد و كاد يختل توازنه لولا جسد تميم الذي حال دون ذلك و هو يساعده بالسير :
" ستحظى برعاية لطيفة من الطبيبة جوري .. ستُجري التجارب عليك ، أليس كذلك جوري؟ "
ابتسمت ببلاهة :
" لا تستهن بي يا صديقي ، و أنتَ شقيقي لنبدأ الرعاية ."
ناظرها خالد بخوف و تمتم بقلق :
" خيال أنقذني! "
لم يجد غيره فتقدم خيال و ابتسم له :
" لا تقلق يا أبي ، سأحرسها ."
و رمقها بتحدي فعبست ترمقه بتحدي أكبر بينهما شرارة و كأن كلًا منهما يقول للأخر 'أنه مِلكي أنا ! '
مرت عدة أيام على ذلك .. قرر خيال أن يُبقي والده صوب عينيه و ذلك كان يجعل خالد يبتسم بعفوية لرؤيته يعتني به بعدم وجود جوري و تميم حتى أصبح خالد بخير و ها هو يقف يرتدي بدلته ليغادر للشركة .
حركته رغم خفتها الا أنها ساعدت ذلك الداكن على فتح عينيه و النظر إليه قبل أن يعتدل بملامح ناعسة و هو يخاطبه بوهن :
" خالد ، إلى أين أنتَ ذاهب؟ "
" للشركة .. لدي إجتماع ."
قالها و هو يتناول مفاتيح سيارته ليغادر لكن خيال نطق ببعض التردد :
" أود .. أود إخبارك بشئ ."
" حين آتي ، أنا مُستعجِل ."
أومأ خيال متضايقًا ، و هو يرمق مكانه الفارغ بضيق ، لم يتسنى له إخباره بشئ بالأيام الأخيرة لأنه كان مريض و لم يُرد أن يُحمِّله فوق طاقته ، لكن الآن هو بخير و لم ينتظر بل ذهب للشركة مجددًا!!
بعد ساعة كان يجلس وحده ، على إحدى كراسي الطاولة الموضوع عليها الطعام الذي كان قد وضعه خالد قبل ذهابه ، تنهد بضيق أشد غير قادر على تناول ولا لقمة واحدة تُشفي جوعه ، عقله كان مشغولًا بالتفكير .. فأمر ذلك الرجل يزعجه ، و يُرهق تفكيره! .. هو سئم الصمت و عليه البوح لكن لا وجود لأحد كي يسمعه! .. حتى تميم غادر بالأمس لأن لديه امتحانات و كان عليه البقاء بسكن الطلبة .
أصدر هاتفه رنة هادئة فتنهد و هو ينظر للرقم الغريب ، لم يتمهل أن رد بتململ :
" نعم ؟ "
أتاه صوتًا مألوفًا :
" خيال هذا أنا تِيم ."
تيم؟! .. تفاجأ من هذه المكالمة! فمن أين أتى تِيم برقمه؟!
و الأخر فهم صمته ليقول بخفة :
" لقد أتيت به من المدير ، إذ أنه والدي ."
و شهقة خرجت منه ، والد ماذا؟!!! .. دون أن يرد على هذه المعلومة التي صدمه بها تِيم كان قد أكمل تِيم ضاحكًا :
" أعلم الصدمة التي تشعر بها ، لكن حقًا عامر هو والدي ، ألم تلحظ تشابه اسم العائلة؟ .. جميعكم مصدومون من الحقيقة ألست أشبهه؟ "
زفر خيال بضيق :
" تِيم أُخبرك و بجدارة أنك مزعج ."
ثم أغلق المكالمة بوجهه منزعجًا منه .. منذ ذلك اليوم و هو يُحاول محادثته لكنه يصدُّه ، الا أن ذلك التِيم لم يفارقه و هو يزعجه طالبًا منه أن يصبحا أصدقاء !
ارتفع جرس منزله فجفل بخوف ، من قد يأتي هذه الساعة إلى هذه الشقة؟ .. لا أحد يعلم بها غير تامر و بعضًا من رفاق والده المعروفين الجديرين بالثقة!
فضَّل عدم الرد و ترك ما يطرق الباب ييأس حتى يذهب لكنه حين سمع صوت هاتفه يرتفع بالرنين ارتبك يحاول كتم الصوت مما جعله يرد عليه بالخطأ ليأتيه صوته عابسًا :
" إفتح لي الباب يا أحمق ، أنا أمام الشقة ."
للمرة الألف كيف يأتي ذلك الولد بمعلوماته؟ أيعمل مع المخابرات؟! .. فكر بذلك و هو يسير صوب الباب ليفتحه و يظهر صاحب الأعين السوداء و الشعر حالك السواد كسواد الليل ، ابتسم بجاذبية و هو يدفع بكتف خيال و يدلف للشقة قائلًا بانبهار :
" جميل! شقة والدك جميلة رغم بساطتها ."
حينها انفعل خيال بعد أن أغلق الباب :
" فقط لتخبرني ما تريده و ترحل!! .. للمرة الألف كيف تعرف أخباري؟ "
قابل تيم انفعال الفتى بالضحك و هو يقترب منه ببلاهة :
" هذا سر يا صديقي .. كما و أنك رفضت صداقتي و أنا .."
دفعه فجأة فسقط خيال أرضًا و المعني يكمل بابتسامة حمقاء :
".. لا أحب أن يرفضني أحد و هذه الدَفعة لأنتقم مِنك ."
نهض خيال مستاءً منه و كاد ينطق لكنه وجده قد جلس مكانه على الطاولة يُناظر الطعام بابتسامة لينطق فجأة :
" لنأكل سويًا ليكون بيننا عيش و مِلح ."
خيال اقترب منه ليدفعه عن الكرسي حتى سقط فأخذ ينفض يديه ببرود و هو يعود للجلوس :
" غادر أيها المزعج الفضولي ."
لكن تِيم لم يفعل حين لاحظا معًا وصول رسالة للمعني الذي توتر سريعًا و هو يأخذ الهاتف ليطفئه ليفاجأ بالهاتف يسحب قبل الوصول إليه واقعًت بيد تِيم الذي تغيرت ملامحه و هو يقرأ ما وصل من رسائل ، ثم رفع رأسه لخيال بضيق :
" هناك من يضايقك صحيح؟ .. هذه الرسالة تعني أنك قابلت ذلك الشخص و هو كان سبب ما حدث بينك و بين تمَّام و لا تخبرني أنه..."
قاطعه محاولًا إخفاء توتره أسفل قناع الغضب و هو يجذب منه الهاتف ، يصرخ :
"لا شأن لك ... غادر من هنا! "
لكن تيم لم يفعل ، ظل يرمقه ببرود و جدية و كأنه ليس نفس الفتى قبل دقائق! .. بل تقدم من خيال الذي توتر و رجع للخلف و هو يُخفي هاتفه ليقول تيم فجأة و هو يتخطاه و يجلس على المقعد :
" لِعِلمك يا خيال ، إن لم تخبرني بالحقيقة سوف أذهب للسيد خالد و أخبره أن هناك سر تخفيه عنه ."
تصنم خيال و توتر أكثر ، لا يعلم أيخبره أم يتجاهله ؟ لكن ماذا لو أخبر والده قبل أن يخبره؟ .. هل هو بالأصل سيخبره؟
" خيال أقسم لأفعلها إن لم تخبرني بكل شئ! "
توسعت عينيه ليصرخ بانفعال :
" ما غرضك من المعرفة عن حياتي؟ .. لم أطلب من أحد أن يصادقني و أنا بخير وحدي!!"
" كنت مثلك .. "
سكت خيال فجأة بينما أكمل تيم و هو ينظر ليديه بنبرة حملت شيئًا غامضًا :
" أجل كنت مثلك تمامًا وحيدًا، لا أشارك شيئًا مع أحد لأن لا أحد كان يستحق .. لكن يا خيال نحن بشر و غريزتنا في البقاء أن نجد من يقترب منا و يدخلنا داخل دائرته ، أو نجد سندًا حتى لو كان مجرد شخص عابر .. كلنا لدينا ما نخفيه لكن القِلَّة من يستطيع أن يُخرجنا مما نحن فيه ."
نهض عن المقعد و تقدم من خيال قائلًا :
" أعتذر لو إقتحمت خصوصياتك ، كنت أراك بالمدرسة شاردًا منذ أول يوم جئت فيه ، الجميع يرتعب من النظر لك .. في البداية أقنعت نفسي أن لا أهتم لأني كنت وحيدًا مثلك لا أحب أن يقتحم حياتي أحد خوفًا من أن أنكسر مجددًا .. لكن لم أستطع رؤيتك تضيع و لا أخذ بيدك .."
" لماذا؟ "
حدق بعينيه بجدية :
" لأني رأيت نفسي بك ، بلحظات تمنيت لو أجد من يأخذ بيدي و ينجدني مما كنت فيه لكن لا أحد .. حتى الشخص الذي أنجبني كان أول من تخلى عني و كان السبب الأول لمعاناتي .. فهل تقبل أن نكون أصدقاء؟ و نتشارك الأسرار ؟ "
مد يده منتظرًا من خيال أن يصافحه ، و بعد تردد دام لدقيقة نطق خيال بارتباك :
" ألن تخذلني؟ "
ابتسم تيم و هو يلتقط يده في وِد :
" ليس هناك صديق يترك يد صديقه في وسط الطريق ، وعد مني أن نبقي حتى الممات ."
ابتسم خيال و شعر لأول مرة بالراحة تتسلل الى قلبه من ناحية أحد، فهمس :
" يمكنني الثقة بك ."
فضحك تيم و هو يجذبه ليرتمي الاثنان على الاريكة :
" لن تذهب ثقتك للفراغ ، أنا أستمع ."
" لا أعلم من أين جاء هذا الفتى لكنه كان كالنور بالنسبة لي ، كما لو كنت بحاجة الى مرشد و وجدت من يُرشدني الى طريقي ."
*
*
*
يتبع...
بارت سريع 😂 يبدو انني سوف أتخلص من الرواية لقد تأخرت كثيرًا رغم انها قصيرة 🙂😀😂💔
المشهد؟
أراءكم؟
هل هناك شئ غير مفهوم مثلًا؟ أي أسئلة او تعديل؟
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top