بارت3
رغم أن الشمس قد أشرقت إلا أن الغيوم وقفت لأشعتها بالمرصاد لتمنعها من الوصول إلى الأرض و في أحد شوارع مدينة طوكيو كان ذو الشعر الأبيض يركض و لكن لا يعرف إلى أين هو ذاهب بالضبط ، بدأت خطاه تتباطئ تدريجيا و الرؤية أمامه تتشوش شيئاً فشيئاً لتغدو ضبابية و قد نال التعب منه تماماً و ما هي إلا لحظات حتى زاغت عيناه و سقط أرضا فاقداً للوعي
و بنفس الوقت توقفت سيارة بيضاء بجانبه و ترجل منها رجل يبدو في الخامسة و الثلاثين من العمر و طفلان متشابهان في الثالثة عشر و أقتربوا بسرعة من يوتا و عندما نظروا إليه عن قرب توسعت أعينهم بقلق و صرخ أحد الطفلان بخوف و التي كانت فتاة بشعر أحمر قاني و عينان زرقاويتان و تشبثت بأخيها الذي له نفس لون الشعر و العينان .
قام الرجل بحمل يوتا و أسرع مع الطفلان للسيارة و توجه نحو أقرب مستشفى
.............
و في قصر آل سوزوكي
إستيقظ الجميع و تجمعوا بقاعة الطعام لتناول الفطور مثل كل يوم و لكن الفرق أنهم يشعرون بالنقص لعدم وجود يوتا معهم و مع هذا الجميع يحاولون إخفاء ذلك ، فالجميع قد يأس من محاولة إقناع تاناكا بالعدول عن رأيه .
كان الصمت مخيم على المكان حتى قطعه تاناكا موجهاَ حديثه لكاميليا بدون أن ينظر لها : " كامي ، أعطني الخبز "
و لكن كاميليا كانت شاردة و لم تسمع ما قاله ، فناداها بصوت مرتفع قليلاً فأستيقظت من شرودها و نظرت له فقال : " ما الأمر كامي ؟ ، هل أزعجك أحد الوغدان ؟ "
عبس كلاً من ماكوتو و هيرو إذ عرفا أنهما المقصودان ، فتحدث هيرو بنبرة منزعجة : " لا علاقة لنا بما يزعجها ، لقد قرأت الصحيفة قبل ساعة و من بعدها أصبحت شاردة هكذا "
أخذ ماكوتو الصحيفة و أكمل بذات نبرة هيرو : " مقتل سيدة عجوز في مساء ليلة الأمس برصاصة في الجبين و القاتل و السبب مجهولان "
صمت ماكوتو قليلاً ثم نظر لكاميليا و قال : " و ما شأنك بهذا ؟ ، إنها إمرأة غريبة و مسنة و أساساً هي على حافة المو..."
قاطعه ريو قائلاً بحزم : " ماكوتو "..
وجه ماكوتو نظره لعمه فأكمل ريو كلامه : " إخرس ، لا أريد سماع صوتك"
عبس ماكوتو بينما كلاً من كاميليا و ميرا و هيرو و كازو قد إبتسموا بتشفي ، أما تاناكا فقد نهض من مكانه و قال : " ليست لدي شهية للأكل ، سأذهب للعمل ".
أنهى كلماته و غادر المكان و هو يتسائل لما خبر موت تلك العجوز أزعجه و جعل القلق يجتاح قلبه ؟ إنه لا يعرفها ابداً و لكن لماذا ؟ لماذا يتألم ؟
.............
لنعد ليوتا المسكين....
توقفت تلك السيارة البيضاء أمام المستشفى و ترجل منها ذو الشعر الأرجواني و هو يحمل يوتا بين يديه و قد تلطخت ثيابه بدماء يوتا ، ركض لداخل المستشفى فأستقبله بعض الممرضين و معهم سرير نقال و أخذوا يوتا منه و ذهبوا لمعالجته بعدما قاموا بإستدعاء أحد الأطباء .
-و بعد ساعتان -
دخلت إحدى الممرضات للغرفة لتتفقد المريض و بمجرد أن وقعت عيناها على النائم حتى تعرفت عليه فوراً فشهقت بخفة و قالت : " إنه السيد الصغير لعائلة سوزوكي ! "
نهض شين من مكانه بسرعة و سألها مستفسراً : " هل تعرفينه ؟ "
أومأت برأسها و قالت بينما تشير ليوتا بسبابتها : " إنه سوزوكي يوتا ، الإبن الأصغر لعائلة سوزوكي لابد أنك قد سمعت عنها فهي من أشهر العائلات المرموقة ، و لكن كيف حصل على هذه الجروح و الكدمات يا ترى ؟! ، لا بل السؤال لما لا أرى أي أحد من عائلته هنا ؟! "
تنهد شين و أجابها : " لا أعلم ، لقد وجدته في إحدى الطرقات و كان فاقداً للوعي و مضرج بالدماء ، و لكنني سأذهب لقصر آل سوزوكي لإعلامهم بأمره "
" حسناً ، أرجوك إفعل ذلك "
قالت الممرضة كلماتها تلك بينما تغادر ، نظر شين للتوأم و قال لهما : " آكي ، يوكي ، سأذهب لعائلته و أنتما إبقيا هنا ، حسنا ؟ "
أومأ التوأم بالموافقة ، فتركهما والدهما و خرج من المشفى قاصداً قصر آل سوزوكي ، و بعد ربع ساعة تقريباً كان يقف أمام القصر ، ترجل من سيارته و إقترب من الحارسان الذان يقفان بكل هيبة أمام بوابة القصر ، سأله أحدهما عن سبب قدومه و من يريد ؟ ثم توجه لداخل القصر لإعلام السيد بأمر هذا الضيف المجهول.
: " ساتو شين ؟ ، لم أسمع بهذا الأسم من قبل ، و ما الأمر الضروري الذي جاء من أجله ؟ "
كان هذا ما قاله تاناكا عندما أخبره الحارس عن الضيف ، رد الحارس بإحترام : " لا أعلم يا سيدي ، فهو لا يريد إخبارنا ، إنه مصر على مقابلتك "
تنهد تاناكا بقلة حيلة و ترك ما بيده من ملفات و نظر للحارس قليلاً ثم قال : " حسناً أدخله و ليأخذه الخدم لقاعة الضيوف "
إنحنى الحارس قليلاً مظهراً إحترامه لسيده ثم خرج .
.............
و في المستشفى
فتح عيناه ببطئ و ما إن توضحت الرؤية أمامه حتى بدأ يحاول أن يستوعب ما حدث أو أين هو الأن ؟ حسناً بالنسبة للسؤال الثاني فالسقف الأبيض و رائحة المعقمات كانت خير إجابة هو في المشفى و لكن لما ؟ و
ما هي إلا ثواني حتى تذكر كل ما حدث فإعتدل جالساً بسرعة و خوف .
: " هل أنت بخير ، يوتا ؟ "
رفع نظره لذات الشعر الأحمر التي تحدق به بعينان قلقتان و حين لم تلقى منه رداً كررت سؤالها فأكتفى بالإيماء كإجابة .
إقترب توأمها من السرير و نطق محذراً : " لا تتحرك كثيراً و إلا ستفتح جراحك من جديد "
تقدمت الفتاة أكثر و تحدثت بمرح : " أنا أدعى ساتو آكي ( أشارت لأخيها ) و هذا أخي الأصغر يوكي " ، أردف أخيها فوراً و بإنزعاج : " التوأم "
قهقهت آكي على منظر يوكي ثو قالت : " حسناً ، التوأم الأصغر "
رد يوكي بنفس الإنزعاج : " عشر دقائق لا تشكل أي فرق. "
ضحك يوتا على شكلهما و قد شاركته آكي الضحك بينما نظر يوكي لهما بإنزعاج ، و بعد لحظات توقف كلاهما عن الضحك و تحولت ملامح آكي للجدية بينما تسأل : " يوتا ، كيف أصبت بهذه الجروح ؟ "
ظهرت إبتسامة منكسرة على شفتي يوتا و لم يجبها.
شعرت هي بالندم كونها قد سألته عن ذلك و توترت بينما تحاول تغيير الموضوع و أول ما خطر ببالها كان : " ي...يوكي أنا جائعة و لابد أنك كذلك و أيضا يوتا عليه أن يأكل ليستعيد طاقته ، لذا لنذهب لشراء بعض الطعام " ، أنهت كلماتها و سحبت أخيها خلفها بدون أن تسمع رده أو رأي يوتا بالموضوع .
.............
أما في قصر سوزوكي..
دخل تاناكا لغرفة الضيوف بكل وقار ، فنهض شين و انحنى قليلً كإحترام لمن أمامه و نطق قائلاً بهدوء : " مرحباً سيد سوزوكي ، أنا ساتو شين "
تقدم تاناكا بهدوء و جلس على إحدى الأرائك و تحدث بينما يشير لضيفه بالجلوس : " إذاً سيد ساتو ، ما هو الأمر الضروري جدا ؟ "
جلس شين على الأريكة المقابلة لتاناكا و بدأ كلامه قائلاً : " الموضوع يخص الإبن الأصغر لعائلتك سيد سوزوكي "
نظر تاناكا لشين و سأله :" تقصد....يوتا ؟ "
أومأ شين فأردف تاناكا : " ما به ؟ "
تنهد شين و إسترسل في الكلام قائلاً : " في الحقيقة اليوم وجدته في إحدى الطرقات و كان فاقداً للوعي و أيضاً....الجروح و الكدمات تملأ جسده و لا أعرف سببها و قد أخذته للمشفى و هناك قد تعرفت عليه إحدى الممرضات و هكذا وصلت إليك ".
نظر لتاناكا منتظراَ ردة فعله و لكن ما قاله تاناكا قد صدمه و جعله يشك في حاسة السمع لديه
:" لا يهمني ، هو لم يعد إبنا لهذه العائلة ، لقد تبرأت منه "
رمش شين بعدم تصديق و نظر لتاناكا و قال : " عذراً سيد سوزوكي ، يبدو أنني أخطأت السمع لذا هلا أعدت كلامك رجاء "
تكلم تاناكا بحزم : " لقد قلت....يوتا لم يعد إبناً لهذه العائلة ، لقد تبرأت منه "
صمت قليلاَ ثم أردف : " لذا لا يهمني ما حدث أو ما سيحدث معه ، و الأن سيد ساتو أرجو منك المغادرة و عدم العودة مرة أخرى إلى هنا "
نهض من مكانه و أشار لشين بالخروج فنهض الأخر و قال بعد أن إحتل الغضب كيانه : " لا أصدق ما أسمع ! ، هل أنت أب حقاً ؟! ، كيف يمكنك التخلي عن إبنك بهذه البساطة ؟! "
تنهد تاناكا بإنزعاج و قال : " هذا ليس من شأنك ، هيا أخرج من هنا قبل أن يتم إخراجك بالقوة "
حدق شين بعيني تاناكا بغضب و تحدث بنبرة محذرة : " صدقني.....يوماً ما أنت ستندم على تخليك عنه و عندها الندم لن ينفعك ابداً "
أنهى كلماته و سار مبتعداً ثم خرج من القصر متوجهاً للمشفى أما عن تاناكا فهو قد جلس يعيد التفكير بقراره و هل كان صائباً أم خاطئ ؟
.............
وصل شين للمشفى و توجه لغرفة يوتا و عندما دخل إليها لاحظ أن يوتا منزعج جداً بينما التوأم يبتسمان بإنتصار فأقترب منهم و سأل بفضول : " ما الذي جرى ؟ "
رد عليه يوكي : " لقد كان يوتا يرفض تناول الطعام معنا و لكننا أرغمناه على ذلك "
أكملت آكي الكلام قائلة : " لقد أطعمناه بشق الأنفس ، إنه عنيد جداً يا أبي "
حسناً الأن فقط إنتبه يوتا أن هناك دخيل أقصد شخص أخر غير التوأم في الغرفة .
نظر شين ليوتا و قال بإبتسامة : " أنا ساتو شين ، والد هذان المزعجان ، أعتذر إن كانا قد أزعجاك أثناء غيابي ".
هز يوتا رأسه نفياً ثم قال بلباقة : " تشرفت بمعرفتك سيد ساتو "
و عندما حل المساء و حان وقت خروج يوتا من المشفى فجروح جسده لا تستدعي البقاء في المشفى ، التوأم كانا يجلسان في السيارة بإنتظار والدهما و يوتا فهو قد أخبرهما أنه سيأخذ يوتا لمنزلهم
و ما هي إلا دقائق حتى خرج شين و يوتا من المشفى و صعدوا للسيارة رغم إعتراضات يوتا التي لم تتوقف منذ أن علم بأن شين ينوي أخذه معه ، ليس و كأنه لديه مكان ليذهب إليه أصلاً ! ، و لكن هذا هو تأثير الكبرياء!
و بعد دقائق توقفت السيارة في حي يبدو أنه للطبقة الوسطى فالمنازل تبدو رائعة و لكن ليس لدرجة الفخامة كل منزل يتألف من طابقين أو ثلاث ، الحي هادئ رغم وجود بعض الأطفال الذين يلعبون في الشارع .
ترجل كلاً من آكي و يوكي و شين ثم يوتا و العبوس يحتل ملامح وجهه ،
دخل أربعتهم للمنزل فأستقبلتهم سيدة جميلة ذات شعر أحمر كشعر التوأم تماما و لكن عيناها زمرديتان و للتو فقط إنتبه يوتا أن عيون شين و التوأم متطابقة .
أمسك شين بيد يوتا و سحبه خلفه للغرفة الشاغرة لديهم في الطابق الثاني و جعله يستلقي على السرير ليأخذ قسطاً من الراحة ، طبعاً هذا و يوتا لا يكف عن التذمر و الإعتراض
خرج شين من الغرفة فوجد زوجته أكيكو بجانب الغرفة و واضح من النظر لعينيها أنها تتسائل عمن يكون هذا الطفل و عن سبب وجوده هنا ، إقترب منها شين و تحدث لإشباع فضولها : " إنه سوزوكي يوتا "
قاطعته شاهقة بتفاجأ : " أقلت سوزوكي ؟! ، تلك العائلة المشهورة ؟! "
أومأ شين و أكمل كلامه : " وجدته و كان فاقدا للوعي فأخذته للمشفى و عندما عرفت هويته ذهبت لعائلته و..." ، صمت شين فحثته أكيكو على إكمال كلامه فتنهد و إسترسل قائلاً : " لقد قابلت والده و عندما أخبرته بأمر إبنه قال أنه لا يهتم و أنه قد تبرأ منه و لم يعد يريده "
شهقت أكيكو بصدمة و قالت بعدم تصديق : " كيف أمكنه ؟! ، إنه إبنه ! ، لا أصدق ! "
ترقرقت عيناها بالدموع فأحتضنها شين ليخفف عنها فما تفوه به قد ذكرها بشيء من الماضي ، و لم يعلم شين أن يوتا قد سمع كل شيء فقد كان صوتهما مسموع داخل الغرفة ، كان لايزال مستلقي و دموعه قد أخذت مجراها على وجنتيه ، رفع ذراعه اليمنى و غطى بها كلا عينيه ، هذا يفوق طاقته ، أولاً يتبرأ منه و يطرده من المنزل ، ثم يختطف بسببه و يلقى ذلك التعذيب و....و ربما ذلك الرجل الذي طعنه قد مات أي أنه قتل شخصاً و الأن يقول مجدداً أنه لا يهتم ، هذا كثير !
إنتفض جالساً حين سمع شين يقول : " لا تقلقي ، لقد قررت إبقاءه في منزلي ، سأعتبره إبني و سأتكفل بتعليمه و مصاريفه و كل شيء ، و لن أسمح لذلك الذي يسمي نفسه والده بأخذه لو جاء يوماً ما لإعادته "
لا مستحيل ، قطعا لا ، لن يقبل بهذا
ألا يكفي أنه أخذه للمشفى و أيضا أحضره لمنزله عنوة ، أيريد أن يصرف عليه أيضاً ؟! ، لا لن يقبل ، مستحيل !
مسح دموعه بعنف ثم نهض بسرعة و خرج من الغرفة ليتفاجأ الزوجان و قد كانت مفاجئتهما أكبر حين ألقى كلماته على مسامعهما : " لا لن أكون عالة ، لا أريد شفقة من أحد ، لن أبقى هنا و لن أقبل بما قلته قبل قليل "
جثى على ركبتيه بسبب أن التعب نال منه مرة أخرى ، تقدم شين و أكيكو منه بقلق : " يوتا ، هل أنت بخير ؟ ".
قالتها أكيكو بنبرة كان الخوف جلياً فيها ، رفع يوتا بصره لهما و الدموع تملأ وجهه و هو يردد بصوت منكسر : " لا أريد أن أكون عالة ."
أمسك شين بكتفي يوتا و قال بهدوء : " لست كذلك يوتا ، أنت لست عالة ، الأمر فقط أنني أريدك أن تصبح فرداً من عائلتي ، لذا...."
قاطعه يوتا صارخاً : " لماذا ؟! عائلتي الحقيقية تخلت عني و لم تعد مهتمة لأمري ، و المدعو والدي تبرأ مني فلما أنت مهتم و أنت غريب عني ؟! لما ؟! "
حاول شين تهدأته و لكن بدون جدوى ، أكمل يوتا صراخه قائلاً من بين شهقاته : " كل هذا بسبب موت زوجته ، ما ذنبي أنا بموتها ؟ ماتت مسمومة و السم وجد بغرفتي و لهذا بنظرهم أنا القاتل ، و هذا فقط لإنني أكرهها ! نعم أنا أكرهها و بشدة ، تلك الحرباء كانت تغير ألوانها كما تشاء ، أثناء وجود أبي هي ملاك مسالم و في غيابه تتحول ﻷفعى الكوبرا السامة ، حتى إنها كانت دائماً تسخر من أمي التي لا أتذكرها حتى ، و لكن.....لكن أقسم أنني لم أفكر بإيذائها....ابداً " ،
حسناً كلام يوتا جعل كلاً من أكيكو و شين متسمران بصدمة و التوأم يقفان قربهم بعيون متسعة بينما يوتا يحاول إيقاف دموعه و لكنها تأبى ذلك .
تحركت أكيكو بسرعة و عانقت يوتا و هي تبكي بمرارة فهذا الظلم أقوى من أن يتحمله قلبها ، نطقت بصعوبة بصوت حاني : " لا بأس يوتا ، إنسى ما حصل ، نحن سنكون عائلتك "
بادلها يوتا العناق فيما نطق شين مؤيداً كلام زوجته : " منذ اليوم أنت من عائلتنا ، لذا أنا سأقوم بواجبي كأب تج...."
إبتعد يوتا عن أكيكو و صرخ مقاطعاً كلام شين : " لا ، لا لا لا ، لن أقبل أن تصرف علي "
صمت قليلاً ثم أردف : " سأبقى معكم و لكنني سأعمل في المطعم الذي بدأت العمل فيه بالأمس و سأصرف على نفسي "
إعترض شين على ذلك قائلاً بغضب : " كلا لن تعمل ، ستعيش مثل آكي و يوكي و ستفعل مثلما يفعلان تماماً ".
و إستمر النقاش أو بالأحرى الجدال بين شين و يوتا لساعة كاملة و بالنهاية....
التوأم مع والدتهما يحاولون كتم ضحكاتهم و منعها من الخروج ، يوتا ترتسم على شفتيه إبتسامة منتصرة بينما شين عابس و هذا يدل على أن يوتا هو الفائز بالجدال حيث أن شين قد رفع الراية البيضاء مستسلماً أمام عناد يوتا و وافق على أن يعمل يوتا شرط ألا يرهق نفسه و أن يتوقف عن ذلك العمل حالما تنتهي الإجازة الشتوية و يعود للدراسة .
و بعد أن إنتهى جدالهما صفقت أكيكو بيديها و قالت : " حسناً ، حان وقت الطعام ، الغذاء جاهز "
نظر لها شين بإستنكار فمتى أعدت الطعام ؟!
نظرت له و إبتسمت إذ أنها عرفت ما يجول بخاطره بسبب ملامح وجهه البلهاء : " لقد جهزت المكونات قبل مجيئكم ، و قد أنهيت إعداد الطعام بينما كنتما تتجادلان ، لذا هيا إلى الطعام "
توجه التوأم مع يوتا للمطبخ لتناول الطعام و لحق بهم شين و أكيكو
و لم تكد تمضي دقائق حتى لاحظ شين الصحيفة الموجودة على الطاولة بالقرب منه فأخذها و فتح أول صفحة و قرأها و ملامح الإستنكار تعلو وجهه
: " تبا ، من الوغد الذي أمكنه فعل هذا ؟! ، إنها إمرأة مسنة ! ، هل إنعدمت الرحمة من قلوب الناس ؟! "
نطق شين بتلك الكلمات بغضب فسألته أكيكو عما كتب في الصحيفة كونها لم تقرأها أو بالأحرى هي لا تحب قراءة الصحف .
: " مقتل سيدة عجوز في مساء ليلة الأمس برصاصة في الجبين و القاتل و السبب مجهولان "
قرأ شين الخبر بصوت عالي بعد سؤال أكيكو فصدمت هي و التوأم من الخبر و لكن بالنسبة ليوتا...
سقطت الملعقة من يده بينما توسعت عيناه بصدمة ، هو قد نسي أمر هذه السيدة المسنة تماماً ، و أخذ مشهد موتها أو بالأحرى مقتلها يتكرر في عقله ، فنهض بسرعة و توجه لدورة المياه و بدأ بالتقيأ و بعد دقائق خرج و جلس على الأرض ضاماً ركبتيه لصدره دافناً رأسه بينهما و أطلق العنان لدموعه لتتسابق بالجريان على وجنتيه و هو يردد أنه السبب!
لحق به أفراد العائلة و جلسوا بجانبه و حدقوا به بقلق فاقترب شين منه و سأله بإستفسار : " ماذا تعني بأنك السبب ؟! "
رفع يوتا بصره لشين و أخبره بما جرى ثم قال : "أنا السبب ، لو أنني لم أناديها ، لو أنني لم أطلب مساعدتها لما قتلت ، لكانت الأن على قيد الحياة ، لقد ماتت بسببي "
طلب شين من يوتا إخباره بكل ما حدث معه منذ مغادرته لمنزل عائلته أو يجب القول بعد طرده من منزل عائلته و قد إمتثل يوتا لمطلب شين و أعلمه بكل ماجرى و مع كل كلمة ينطق بها يوتا يرتفع منسوب الغضب لدى شين ، وبعد إستمرار يوتا بالبكاء لساعتين نال منه التعب و خلد للنوم تاركاً مشاعر الغضب و الحزن و الإستياء تعصف بداخل أفراد عائلة ساتو .
................
قصر آل سوزوكي..
كانت ميرا تمشي بملل في ممرات القصر إلى أن توقفت قدماها أمام باب غرفة يوتا فدخلت إليها و جلست على طرف السرير تحدق بما في الغرفة بشرود....
المكتبة و الكتب المفضلة ليوتا ، المكتب المرتب بعناية ، الخزانة ، الأدراج ، السرير و كل ما في الغرفة يجعل الشوق لصاحب الغرفة يجتاح كيانها .
مسحت الدموع التي إنسابت على و جنتيها عندما سمعت صوت أخيها ماكوتو يسألها عن سبب تواجدها في هذه الغرفة ، رفعت عيناها الزرقاويتان لتنظر لأخيها ثم قالت بهدوء يتخلله الحزن : " أنا...أشتاق ليوتا "
قطب ماكوتو حاجبيه و نظر لها قائلاً بإستياء : " تشتاقين له ؟! ، لقد دس السم لوالدتنا و قتلها و أنت تشتاقين له ؟! "
قطبت حاجبيها هي الأخرى و ردت عليه بنفس نبرته : " هل أنت أحمق ماكوتو ؟ ، هل تصدق حقا أن يوتا من الممكن أن يفعل شيئاً كهذا ؟! ، إنه أخونا يا ماكوتو و لقد كبر أمام عينيك و أنت تشك به ؟!
تغيرت ملامح وجه ماكوتو للغضب و تحدث بإصرار : " أجل أشك به ، لا بل أنا مقتنع بإنه من قتلها ، أنت تعرفين أنه يكرهها و أيضا..." ، صمت قليلاً ثم أردف بغضب أكبر : " أنسيت ما فعلته والدته ؟! ، هو مثلها فقط "
ألقى كلماته و خرج غاضبا تاركاً الشقراء ذات الرابعة عشر تبكي بمرارة .
*
*
*
يتبع..
كيف كان البارت ؟
بارت مكون من 2780 كلمة
من تأليف yonahema109
توقعاتكم ؟
اسفة لاني لا ارد علي التعليقات لكني لا افتح كثيراً هذه الايام و لا اعرف السبب .. لكني سأحاول متابعة النشر مع هديل .
الي اللقاء ببارت اخر بقلمي ☺️😁❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top