بارت14

الحياة لم تكن سوى أحد فترات الزمان .. نمضي بها الي ان يأتي اليوم الذي سنختفي فيه عن العالم و لن يبقي منا سوى الذكريات التي سرعان ما سننساها مع مرور الزمان و انشغال عقولنا بالحياة و متقلباتها .. مهما ينقص من البشرية ستستمر حياتنا حتى يأتي اليوم الذي سنموت فيه جميعاً .. الكثير من البشر تنتهي حياتهم بأحد الطرق .. حادثة .. مرض .. موت فجأة .. لكن بالنهاية يسمى الموت الذي ينتشل من بيننا أحبائنا لينتهي بذلك فترة وجودهم معنا .. فتنزلق دموعنا فقداً و ألماً حتى نيأس من رجوعهم لنا او نتمني وجودنا بدلاً عنهم في تلك الغرف الصغيرة المساة ' القبور ' .. و ماذا هناك جيد في الحياة يا صديقي لنتمسك بها ؟ .. فنحن ولدنا نبكي و حين نموت يبكون علينا لكن الحياة ستنتهي ان كان بالبكاء او بالضحك لكن بالنهاية سيتم نسياننا كورقة رميت و طارت بالهواء .. كلعبة سقطت من يد طفل بكي عليها قليلاً ثم نساها بوجود ألعابه الاخرى .. لكننا سنستمر رغم الموت .. رغم الالم .. رغم المعاناة .. سنستمر ففي النهاية سينتهي ألمنا تحت وقع النسيان لتصبح ذكريات منسية .

هطل المطر بقوة مغرقاً أرض مدينة طوكيو و كأنه يودع فرد أخر من عائلة سوزوكي .. غطت المظلات السوداء أجساد أصحابها الملفحون بالاسود .. دموع إنهرت و أخرى جفت لتغطيها الامطار بعلوها و يعلو صوت البرق مخترقاً أذانهم بقوة لكن كان الهم و الحزن بوجوه الجميع من صغيرهم لكبيرهم .. دفن جسد أخر تحت التراب ليرمي بالحزن بقلوب أحبائه الاحياء .

:" إلهي لا ، أمي لا تتركيني أرجوكي ! "

صرخت سايا باكية بينما تحاول أن ترى والدتها لمرة أخرى .. أخذها الموت منها فجأة لتبقى وحيدة دون سند قوي يحميها ! .. أما هو فتمسك بها و إحتضنها من ظهرها متحملاً بكائها و ألمها و صراخها بإسم والدتها .

صغيرهما انهمرت دموعه بالفعل كحال باقي الاسرة بينما يسمع صرخات امه المتألمة و الحزينة بين يدي والده ، لكن كارل تقدم مبتعداً عن جين و رفاقه ليحتضنه فأراح كازو رأسه علي كتف ابن عمه مطلقاً العنان لدموعه و شهقاته التي تظهر مدى ألمه و حزنه لفراقها فقد كانت كالصدر الحنون الذي يعود إليه حين يحزن .. لكنه فقدها الان .. فقدها للأبد بسبب المرض .

:"لا بأس كازو ، لا تبكي ، هي لن تكون سعيده ببكائك هكذا .."

تكلم كارل بينما يربت علي جسد ابن عمه الذي لم يهدأ لكنه بقى مكانه لا يتحرك بل وقف كسند له يسنده بأزمته .

حدق بذهبيتاه المتعبة بتلك المقبرة التي رقدت فيها جدته الحبيبة لتكون مسكنها الاخير .. ذاكرته عرضت عليه هذا الصباح حين اكتشف موت جدته العزيزة ..

[[دخل عليها ليقدم لها الطعام مع كازو و اخته بالاضافة لكاميليا .. كان قد قرر أن يبقى معها اليوم حتى تعود بصحتها و عافيتها و لو قليلاً .

وضع لها الطعام علي مقربة منها ثم إقترب من جدته النائمة ظناً منها انها كذلك حتى شعر ببرودة جسدها الشديدة لينطق مستغرباً :

" جدتي إنهضي لما جسدك بارد ؟! .. جدتي هل تسعرين بالبرد ؟.. لما لا تستيقظي ؟! ..."

فزع الاولاد ليقترب كازو يبعد صينية الطعام و يهز جسد جدته و سرعان ما سقطت دموعه حين عرف الخبر الصادم لينظر لرفاقه هامساً بصدمة و ألم :" لقد .. ماتت جدتي! "

صرخت كاميليا بصدمة و انهمرت دموع ميرا بينما يحتضنان بعضهما بينما توقف الزمن عند يوتا بتلك اللحظة و لم يهتم بمن دخل الغرفة و لا بالصرخات ولا حتى البكاء !]].

ظل يحدق بالقبر بصمت بينما يحدثها داخله :

" لما؟ .. لماذا غادرتِ انت أيضاً و تركتني ؟ .. لما يا جدتي كل من أحبهم يرحلون ؟ .. هل كنت تعيس الحظ هكذا دائماً ام أن الحياة هي من تظلمني ؟ .. كيف سوف اكون بخير الان بعد رحيلك ؟ .. جدتي ... حفيدك سيتعذب بغيابك .. لن أجد من يقف معي بعد الان لكن .. لكن رغم ذلك أتمني ان تكوني بخير .. لقد تركتي الحياة و انتهت كل مآسيكي و ألامك .. جدتي ليتك كنت أخذتيني بدلاً عنكِ او حتى معك .. أحبك جدتي ."

أخفض بصره و تقدم بخطواته المتعثرة ليضع لها وردة بيضاء ثم تراجع للخلف و كأنه جسد بدون روح .. هو حتى لم يذرف دمعة واحدة علي موتها ..!

:" يوتا .. "

ناداه ماكوتو بقلق لكنه لم يستجب له بينما يتابع التحديق بالقبر الذي يضم جسد جدته .

لوهلة لمحت عيناه ذلك القبر بجانب قبر جدته " السيدة يامادا سوزي الملقبة بالسيدة سوزوكي سوزي .."

كان ذلك الاسم كالصاعقة التي ضربت جسده لتغرقه بالذكريات المشوشة حتى ذكرته بذلك اليوم .. كان يوماً سيئاً جداً ، اليوم الذي خذل فيه من اقرب الاشخاص لقلبه ..

:" أمي ."

همس و قلبه و عقله يغزوه الحنين و الالم .. الان علم إنها كانت مجنونة لكن كيف ، متي ، لا يعلم !

طبطب علي ظهره ليرجعه للواقع فإلتفت الصبي ليحدق بعين والده المشبعة بالقلق لكونه لم يبكي .. هل يكره جدته ؟! .. هو ظن لوهلة هذا لكن هو يعلم أنه لم يفعل و لم يكرهها يوماً لكن يقلقه صمته .. كان يجب ان يكون أكثرهم بكائاً فهو لا يخفي مشاعره أبداً !

فهم يوتا نظرته لينطق بخفوت بصوت بالكاد استطاع إخراجه بينما يحدق ببرود بأبيه :" ماذا ؟ .. هل كنت تريدني ان أبكي و أحتضنك ؟ .. هل كنت تريد رؤية ألمي ؟ .. "

أمسكه من كتفيه و نطق بنبرة متألمة مستاءة :" أصمت يوتا أنت لا تفهم شئ ، أصمت و دعنا نعود للقصر فلقد رحلت ..."

قاطعه ببرود بينما يبعده عنه :" اجل إنساها هي الاخرى كما نسيت امي .. ان نسيت جدتي فأنا لن أنساها ."

نظر له بنفاذ صبر للحظات قبل أن يصرخ به بينما يجذبه من كتفيه :" إسمع يوتا ، انها ليست جدتي بل كانت أمي ، تعرف ماذا يعني ام ؟ .. هي رحلت رحلت! .. أرجوك بني لا تزيد ألمي أكثر .. اعرف انك حزين اعلم ذلك جيداً لكن لا تؤلم نفسك و تؤلمني معك .. هيا لنعد للقصر ، أرجوك ."

أنهاها بنظره متوسلة تخفي دموع تكاد ان تذرف أمام الحشد الكبير الذي جاء للتعزية ليصمت يوتا و يحدق بوجه والده بشرود رغم أنه أراد أن يجيبه علي معنى الام بـ"أنا يتيم و لم أشعر بمعنى الام يوماً " لكنه لم يستطع أن ينطقها .

ابتعد خطوتان و تركه ليغادر لكنه لم يكمل طريقه حتى غشاه الظلام و سقط مغشياً عليه تسقط عليه الامطار الغزيرة ، فهرع تاناكا ليحمل طفله و قد وجد حرارته عادت لترتفع مجدداً .. هذا الفتى لا يتحمل رغم إظهاره عكس ذلك .. هو يهمل نفسه حتى ينهار أرضاً !

غادر الجميع تاركين أحباء أصبحوا من الماضي .

بعد ساعة~

كان ينام بغرفته علي سريره مدثراً بالأغطية بينما جلس قربه والده يحدق به بحزن ، لقد فقد أمه و الان صغيره مريض .. ماذا يفعل هو ؟ ... عائلته تتدمر أمامه دون استطاعته فعل شئ !

:"ء ء أمي ..."

فتح عيناه بعدها بينما يتنفس بقوة .. فجأة شعر بيد تمسك بيده المرتجفة فنظر ليجده جانبه .

اعتدل و جلس بصمت فيما قد جلس والده قربه علي السرير لينطق يوتا بصوت مرتجف مرتبك :" أ أيمكنني .. أيمكنني إحتضانك قليلاً ؟ .. "

لم يكمل حتى أغرقه تاناكا بين ذراعيه و صدره و سرعان ما سمع نحيبه و بكاءه الحاد بينما يتشبث به بقوة باكياً .. لم يتحمل أكثر و خاصةً بسبب الكابوس الذي رأي فيه والدته تقتله و يعاد ذلك المشهد في ذاكرته .. كان يحتاج لأن يشعر أن أحدهم قربه حين يبكي سيجده حتى رآه قربه ليطلب هذا الطلب الذي ما كان يطلبه إن كان بخير .

الاكبر ظل يمسد علي ظهره و يلعب بشعره لساعة كاملة يسمع فيها صرخاته الباكية المكتومة حتى شعر بهدوئه الذي تخلله بعض الشهقات .

دام الصمت فجأة بعد أن هدأ تماماً .. كان يحتضن والده الذي يبادله هو الاخر بصمت .

بادر تاناكا متسائلاً بصوت حنون :" يوتا هل انت بخير ؟"

هز رأسه نافياً و عادت دموعه لتشق طريقها لخديه ليهمس بألم بصوت ضعيف :" إشتقت لها أبي ."

أغمض تاناكا عينيه و ذرف دموعه هو الاخر فقد فقد والدته الحبيبة !

:" لا بأس طفلي ، لا بأس ".

كان يواسي نفسه بمواساة صغيره الحزين الذي غفى بعد ساعة من البكاء و الألم .

هو تركه و غطاه قبل أن يغادر الغرفة تاركاً إياه نائماً بارهاق و تعب و ذهب ليرتاح هو الاخر .. منذ الصباح و لا أحد رأي الراحة أبداً بسبب ما حدث .

توقفت خطواته علي السلم عندما شاهد سايا بين يدي تاكاشي تبكي بأحضانه و هو يواسيها ، و بجانبهما كان كازو و كارل الذي يربت بين الفينة و الاخرى علي كتفه كي يتماسك لكن بكاء والدته كان يزيده ألماً .

تقدم منهما و عكس كل مرة هو لم ينزعج منه لوجوده بل إمتن له كثيراً لأنه لم يترك سايا بمفردها هكذا فهو يعلم أن شقيقته لم تفارق والدتهم بكل أوقاتها بل كان كظل واحد في جسدان .

ناد بعض الخدم ليجهزوا شئ لتاكاشي و الجميع ليفعل الخادم المطلوب منه في حين هو تقدم ليجلس جانب أخته و زوجها السابق لينطق بهدوء مشبع بحزن بينما يمسح علي شعرها :" سايا حبيبتي توقفي عن البكاء .. هي رحلت لكنها ستبقى بقلوبنا ، أنت كبيرة لتعرفي ذلك .. تماسكي لأجل كازو أنظري إليه هو يبكي لأنك تبكين ، سايا لأجلها لا تبكي ."

إسترقت سايا النظرات لصغيرها لتجده ينظر لها بعيون حمراء من شدة البكاء و دموع بالكاد يخفيها فأخذت نفس عميق مرة .. إثنان .. او حتى ثلاثة حتى تحاول التحكم بدموعها و نفسها المشتاقة المتألمة لتبتعد عن تاكاشي تمسح دموعها و أومأت بهدوء فتبسم تاكاشي براحة لأنها أخيراً توقفت عن البكاء ، فنظر بعدها لكازو الذي بجانب كارل و أشار له ليأتي فوقف كازو و تقدم لوالده فأخذه والده بين أحضانه فتمسك كازو بقميصه بقوة مخفياً وجهه لكنه كان قد إكتفى من البكاء .

******

صرخة عالية متألمة يليها تنفسه العالي المتقطع .. جسد ملئ بالكدمات و الجروح العميقة .. شعر قصير مبعثر .. عينان باهتتان متعبتان .. قدم مكسورة و يدين مصابتان .. جرح سطحي علي خده و إرهاق إحتل جسده المصاب !

تقدم منه و إنحنى بابتسامة لا تبشر بالخير تلك هي ابتسامة كاي البغيضة !

هو تكلم بينما يرفع رأس الرجل من شعره بقسوة فئنّ بألم فيما نطق كاي :

" أنت من تسببت بهذا العذاب لنفسك سيد ساكو .. أيها الخائن "

رغم ألمه الا أنه تبسم ساخراً و نطق بصوته المتألم :

" و ماذا يمكنك فعله بي ؟ .. أستقتلني؟ .. أم تتابع تعذيبك لي حتى الموت ؟ .. "

صمت قليلاً يلتقط أنفاسه ليكمل :

" أنا لا أخاف الموت يا رجل ، أنا دخلت الشرطة بإرادتي و دخلت للعصابة أيضاً بإرادتي و أنا أعلم أن طريقها موت بأي لحظة لذا لن يهمني ما تفعله ."

كلامه إستفز كاي كثيراً ليدفعه ثم وقف مخرجاً مسدسه ليطلق بغضب ..

توسعت عيناه بدهشة حين لم تصب الطلقة جسد الشرطي الجاسوس لتلتقي عيناه بعين ذلك الوحش الغامضة .

أبعد يده عن يد كاي بعد أن تسبب بإنحراف الطلقة لينطق ببرود :

" لا تكن غبي لتقتله يا كاي بسبب أنه إستفزك .. هو كان جاسوس للمكتب الفيدرالي و قتله الان ليس حلاً .. علينا معرفة إن كان قد علم شيئاً عنا و أخبرها لمنظمته .. ببساطة إستفزازه لك لكي تقتله ."

حدق كاي به بغضب لينطق :

" لا شأن لك بما أفعله ، هو لن يتكلم و علي قتله حالاً فوجوده خطر أيضاً علينا يا ريكي ."

رمقه ريكي بإستخفاف و أفسح له المجال قائلاً بابتسامة ساخرة :

" إقتله .. يمكنك فعلها أو أتركه لي يا كاي إن لم تستطع يدك الضعيفة فعلها بعد كلامي و أوامري ."

غضب كاي و بدل أن يرفع مسدسه علي الشرطي رفعها نحو ريكي ليطلق و يصيبه بكتفه !

لم يرف جفن لريكي الذي تراجع للخلف خطوتين بسبب قوة الضربة بينما جحظت عين الشرطي بدهشة فيما صرخ كاي :

" من تكون أنت لتهينني ؟ .."

قاطعه ريكي بينما يرفع أنظاره نحوه ببرود :

" من المفترض أني قائدك يا كاي ."

غضب كاي أكثر و أطلق النار مجدداً بجانبه قائلاً :

" أنت لست قائدي أبداً يا ريكي بعد ما إكتشفته عنك .. لا تظهر لي البرائة فأنت مجرد خائن .. "

رمقه ريكي ببرود و قلق يتولد داخله فيما أكمل كاي بغضب :

" أنت تتعاطف مع ذلك الطفل يا ريكي لقد رأيتك .. أنت لا تريد إيذائه "

نطق ريكي بعد برهة بينما يلمس تلك الدماء التي تتدفق من كتفه :

" إذاً كنت تراقبني ؟ .. رائع حقاً .. أتريد معرفة لما أذهب إليه ؟ .. حسناً سأخبرك .."

صمت قليلاً و قد تجاهلا الشرطي المصاب الذي يستمع لهما بصمت و حذر فيما أكمل ريكي ببرود و هدوء شديدين :

" هذا لأني أحب رؤية دمائه علي يدي .. أحب تعذيبه و أحب قتله بالبطئ كما ..."

و توقف عن الحديث و ابتسامة خبيثة ظهرت علي شفتيه مكملاً بنظرات ذات معنى لكاي :

" يمكنني قتلك أمام الزعيم و لن يهمني الامر ، أنا في كلا الحالتين ميت .. فلا تنسى نفسك أمامي ."

إلتفت و غادر المكان فيما رمقه كاي بقلق .. هو هدده مباشرةً و كأنه لا يخاف من الزعيم .. يجب أن يفعل شئ ليضمن حياته .. يجب التخلص من هذا الشخص بسرعة قبل أن يموت بسببه .

*****

مر يوم ..

... يومان ..

..... و ثلاثة أيام ..

ثلاثة أيام مروا سريعاً لكن الحزن كان مخيم علي القصر لكنه كان أقل حدة منذ أول يوم .. ملامحهم هادئة لكن قلوبهم متألمة .. كان الجميع يحضرون ليقدموا تعازيهم لتاناكا و حتى شين و أسرته الذين جائوا و تاناكا بالفعل لم يستاء او يشعر بشئ كالغيرة تجاههم .

يوتا كان قد بقى يومان بغرفته يشعر بالحزن و يبكى أحياناً حتى دخل كازو و ميرا بالاضافة لكاميليا ليسحبانه للحديقة و هناك ظلوا حوله يحاولون جعله يبتسم و يعود لطبيعته حتى إستطاعوا فعلها رغم معرفتهم أنه ما زال حزيناً مثلهم تماماً .

و ها هو اليوم الثالث قد مر عليهم بهدوء شديد ليأتي اليوم الرابع ..

كان بتلك اللحظة يوتا يقف أمام المرآة بحمامه الخاص .. يحدق بتلك العلامات القديمة التي ما زالت ظاهرة قليلاً ، إنها فقط أثار .

أغمض عيناه بهدوء و إرتكز بيديه علي الحوض يفكر بكل لحظة هو عانى الالم فيها ان كان نفسي او جسدي و ..

أخرجه من أفكاره ذلك الذي إنخفض ليحمله من وسطه و يضعه علي كتفه لتخرج شهقه قوية متفاجئة .. متى دخل ؟!

أما كارل فضحك مغيظاً الصغير الذي صرخ غاضباً خائفاً بينما نصف جسده العلوي يترنح بالهواء فتمسك بقميص كارل الخلفى بخوف :" يا غبي ! كارل سأقع ! كارل توقف و أنزلني يا كارل .. اللعنة عليك كارل .... "

شهق بخوف و غطى بكفاه عينيه حين قفز الاخر عن أخر عدة درجات من السلم بينما يضحك قبل أن يرميه عن كتفه ليجد الاصغر نفسه بين يدي أحدهم ففرق بين إصبعين ليرى إن كان ما زال حياً ثم أبعد يده و رفع رأسه ليرى أحدهم الذي أمسك به ، فشهق بصدمة و نطق بدهشة :

" أوه جين ! "

ابتسم جين و جعل يوتا مقابلاً له ليحتضنه فبادله يوتا سعيداً بينما يتكلم الاكبر :

" لم نستطع تركك هكذا بأحزانك لهذا أحب أن أخبرك أننا جميعاً سنخرج بنزهة ترفه عن أنفسنا ."

رغم عدم تقبله للفكرة لكنه لم يرفض فقط أخفض رأسه علي كتف جين و تشبث به بصمت .

تبادل جين و كارل النظرات ، هما يعلمان أنه لا يريد ذلك لكن هذه الطريقة الوحيدة ليسعدوه و يسعدوا كازو أيضاً .

و ها هم أسرة شين بالاضافة لأسرة تاناكا و تاكاشي و الشابان يجلسون معاً بأحد الحدائق العامة المشهورة يستمتعون معاً و يحاولون إخراج أحزانهم الكامنة داخلهم .

تجمع الاولاد معاً يلعبون و من بينهم يوتا الذي لم يرد اللعب لكن التوأم أصر عليه ففعل و ها هو أصبح الضحية العابسة فقد خسر في لعبة الورق ليكون خادمهم .. و الطلبات لا تنتهي!

:" يوتا نريد شاي ."

:" لا يوتا نريد قهوة ."

:" لا تنسى البسكويت ."

:" يوتا إذهب لإحضار العصير ."

سئم الفتي ليرمي بما في يده من عصير و يصرخ منفعلاً :

" تباً لكم أنا لست خادمكم يا أغبيااااء ! "

حسناً له الحق بالصراخ فالجميع بلا إستثناء أصابوا كرامته لهذا هو غاضب حد اللعنة !

لكن غضبه لم يزدهم الا ضحكاً فقط و زاده عبوساً و تجهماً أكثر !

بالقرب منهم لمحة أكيكو ما يحصل مع الصغير لتستأذن من الجميع و تتقدم للصغار موجهة حديثها لهم جميعاً :

" حسناً لأنكم تفعلون ذلك فسأخذ يوتا معي لشراء بعض الاشياء .. إذاً ماذا تطلبون ؟ "

فرح الجميع ليجيبها التوأم معاً :

" نريد عصير مانجا و بسكويت ."

يليه رفع كازو ليده بابتسامة قائلاً :

" و أنا أريد موكا ".

ماكوتو :

" أريد قهوة ".

ميرا و كامي :

" نريد شيكولاته ."

إبتسمت و أمسكت بيد يوتا برفق ليذهبان سوياً و هو أخرج لهم لسانه يغيظهم قبل أن يبتسم خبثاً و هو يسترق النظرات للتوأم الذي إغتاظا منه!

عبرا الطريق معاً من بين السيارات ليصلوا لذلك المول الذي يضم الكثير من المحلات و هناك أمسكت أكيكو بعربة التسوق تجرها و يوتا كان يساعدها بوضع الاشياء بها بينما يتحدث بإبتسامة متحمسة :

" تعرفين أمي أكيكو ؟ .. هذه أول مرة أشعر بأن أمي جانبي بعد كل تلك السنوات ، لقد عوضتيني فقدانها ."

سعدت بكلامه لكنها ردت بهدوء بينما ترفع يدها لتأخذ الشيكولا و تضعها بالسلة :

" لكن يا صغيري لا أحد يعوض فقدان الام أبداً حتي أنا ، فكيف تشعر بذلك تجاهي؟ ."

تقدم ليقف أمامها و ابتسم :

" أنا لم ألتقي بوالدتي منذ كنت طفلاً لهذا حين إلتقيتك عرفت معنى أن يكون لك أم .. شكراً أمي لذلك الشعور ."

إبتسم لابتسامته و عادا لتبضعهما معاً حتى قطع ذلك ما قاله يوتا :

" أمي سوف أتي بسرعة ، أنا ذاهب لدورة المياة ."

هو لم يمهلها وقت للموافقة فقد ذهب مسرعاً و إختفى عن أنظارها تحت نظراتها المبهمة !

أما هو فركض بين الرفوف الكبيرة يبحث عن ضالته .. لقد كان هنا ! .. لقد رآه .. هل هو يتخيل ؟ .. هل كان ريكي حقاً؟!

نظر للمكان ليجد نفسه يقف بمنطقة خالية من الزبائن و الكاميرات أيضاً فقلق و إلتفت ليغادر لكن ..

دفعة قوية وجهت له ليرتطم ظهره بالحائط خلفه ثم يسقط أرضاً يتألم !

أنّ بألم و لكنه تنفس بعمق ليرفع بصره لمن ضربه .. هذا الريكي الاحمق المجنون !

توسعت عينيه و إمتزجت بالدهشة و الخوف ليضيق تنفسه ذعراً ثم إعتدل سريعاً ليهرب لكنه لم يكمل حتى شهق بتوجع حين ركله كاي بمعدته هامساً بغضب و حقد بكلمات لم يفهمها الصغير الذي سقط أرضاً مجدداً :

" سنعرف الان الحقيقة ."

هو تقدم من يوتا ليرفعه من طوق سترته ثم ضرب ظهره بالحائط متجاهلاً ملامح الالم التي طبعت علي وجه يوتا الذي أغمض عيناه متلقياً الضربة بصمت .. منذ ذلك اليوم التي ماتت تلك المرأة بسببه و هو يخاف أن يطلب المساعدة من أحد لهذا هو سيتحمل العذاب بمفردة دون النطق بحرف .

ألقاه كاي أرضاً و قبل أن يتنفس حتى ركله مجدداً بمعدته فشهق يوتا و تكور حول نفسه بألم بينما يحاول إلتقاط أنفاسه كما أنه شعر بالطعم المعدني في فمه !

ركلة أخرى كانت أشد إيلاماً و الصغير يتلوى تحت قدم ذلك المجرم ..

كان كاي يتنفس بقوة من الغضب و التعب ثم تراجع خطواتين حتى وصل لأداة طويلة حديدية .. هو أمسكها و ابتسم بجنون قائلاً بغضب :

" سوف أقتلك و أجعله يتعذب .. سأكون انا الرابح و سوف يخسر أمامي .. سوف أجعل الزعيم يعرف أنه خائن ..( صرخ ) سوف أقتلك و انتقم منه "!

و مع صراخه بتلك الجملة هبط بالاداة الحديدية علي يوتا الذي كان يحدق به بألم و تعب مقاوماً فقدانه لوعيه ..

لم يصبه شئ و لكنه ظل محدقاً بعيناه المشوشة للجسد الذي دفع بكاي لتسقط تلك الاداة منه و لكن ذلك الاخير لم يترك الشخص ذلك هكذا بل أمسكها من شعرها ناوياً قتلها بعد أن دافعت عن الصبي .

:" أ .. أمي .. أكيـ..ـكو ؟! "

هذا أخر ما همس به بضعف قبل أن يبتلعه الظلام و يرتخي جسده علي الارض أما هي فأرادت التقدم من طفلها التي لم تلده لتطمئن عليه لكن كاي منعها عن التقدم حيث أمسكها من شعرها بقوة هامساً بغلظة :

" من أنت لتدافعي عنه أيتها الغبية ."

هي أمسكت بيده و رغم ألمها نظرت له بحقد صارخة :

" هو إبني أيها الحقير .. لن أدعك تلمسه أمامي ! "

هو غضب ليدفع بها ، فسقطت علي الارض بقرب يوتا فإستغلت الامر لتقترب من صغيرها لكنه لم يتركها بل أمسك بالاداة مجدداً .. سيقتلها .. أجل سيقتلها حتى يثبت أنه قادر علي أي شئ ...

يد أمسكت بالاداة قبل أن تسقط .. حدقت الاعين الغاضبة بتلك التي إستحالت بروداً و حقداً .. لبرهة توقف الزمن قبل أن يجد كاي الاداة قد سحبت منه و تلقى ألم عنيف علي تلك اليد التي أمسكت بأكيكو و بكلمات غاضبة هادئة خرجت :

" لا أحد يلمس أكيكو و ينجو .."

و تحت تألم كاي رفع ريكي الاداة مرة أخري و ضريه بقوة علي رأسه ، فسقط الاخر أرضاً ينزف فيما أكمل ريكي بغضب متزايد و لم ينتبه علي نظرات أخته المندهشة :

" أنا لا أرحم من يؤذي أختي .. أنا لا أرحمهم أبداً .."

و مع نهاية جملته أسقط الاداة مرة أخري علي جسد كاي الذي صرخ ألماً لكن ريكي لم يهدأ بل واصل ضربه و هو ينطق بغضب مشتعل بينما أكيكو تحدق به بنظرة مبهمة :

" أختي خط أحمر إن لمستها ستهلك .. لقد قتلت والدي بيداي فقط لأنه فكر بقتلها فما بالك بلمسها !."

توسعت عيناها بصدمة حين عرفت تلك الحقيقة و ترقرقت الدموع بعيناها بينما ترى شقيقها كالوحش الهائج و فقط بسبب ما فعله كاي بها لكنها تماسكت و إقتربت من يوتا بقلق شديد لترفعها عن الارض و تحتضنه بينما تبكي بالفعل حين وجدته فاقداً لوعيه :

" إنهض يوتا ، صغيري إستيقظ ! "

لكن لا إستجابة من الصغير الذي كان بعالم أخر تماماً و بتلك اللحظة ركل ريكي معدة كاي الذي فقد وعيه بالفعل ثم تراجع يتنفس بقوة لينظر لأكيكو و قد هدأت ملامحه بل تغيرت حين لاحظ أنه أدلى بحقيقة لم يكن يجب أن يعرفها أحد غيره .. الان سوف تكرهه أخته أكثر !

إلتفت ليغادر لكنها إستوقفته بلهفة :

" أخي ريكي إنتظر ! "

توقفت خطواته و أغمض عيناه بألم لسماعه صوتها لكنه إلتفت لها ببرود لتفاجئه بوقوفها مقابلة له بعد أن تركت يوتا مسطحاً علي الارض ..

" غادري هذا المكان و الا لن .."

حاول إبعادها لكن باقي الكلمات إحتبست داخله حين تعلقت هي برقبته و بكت قائلة :

" أنا أعرف كل شئ عنك ريكي ، أعرف كل شئ .. انت مازلت أخي .. اعرف أنك عانيت كثيراً بسببي ، فلا تظن أبداً أني سوف أكرهك فأنت أخي و سأحبك دائماً ، أخي ريكي ."

كلماتها ألمته بقدر ما أفرحته ليستسلم لها و قد رفع ذراعيه ليطوق خصرها بهما .. كان كطفل يتشبث بوالدته .. كم تمنى هذا الحضن بأيامه الصعبة .. تمنى دائماً أن تكون الحضن الدافئ لأوجاعه .. تمني أن تكون اليد الدافئة لألامه لكنه لم يجدها بتلك الاوقات أبداً و ها هو ذلك القلب الحجر يلين أمامها و بحضنها الذي إشتاق له .

:" أسف أكيكو .. أسف ."

:" لا تعتذر أخي ، لا تعتذر ريكي فأنت أخي ."

ابتسم بسعادة و لكن بخضم تلك المشاعر الاخوية النقية تذكرا من يكاد يفقد حياته لينفصلا ثم إقتربا معاً من يوتا .. تألمت أكيكو لحالة يوتا بينما يرفعه شقيقها عن الارض ليستقر بين يديه ..

:" سوف أخذه للأسرة معك ."

قلقت لترد :

" لا يا أخي ، قد يعرفونك و يبلغون عنك ."

ابتسم بهدوء و نطق :

" لا تقلقي فلا أحد يعرفني .. أنا فقط أساعد ."

و أرفق نهاية جملته بغمزة فهمتها أكيكو التي ابتسمت بهدوء ليغادروا ..

---

بالحديقة إستشعروا الجميع غياب أكيكو و يوتا فقلقوا و حينها وقف شين ليذهب خلفهما لكن إستوقفه كما إستوقف الجميع هو رؤيتهم لأكيكو و بجانبها شاب يحمل يوتا الفاقد للوعي !!

و ها هم الجميع ينتظرون خروج الطبيب يطمئنهم علي يوتا .. أما تاناكا فكان قلق بشدة بعدما أخبره ريكي أنها محاولة قتل من العصابة ليوتا و هو أنقذه ليذهب بعدها دون كلام أخر جاعلاً الشك يتولد داخل الجميع لكن الاهم كان الاطمئنان علي يوتا .

خرج الطبيب ليهرع معظمهم نحوه و بادر تاناكا بقلق :

" هل هو بخير ؟ "

لم يكمل حتى نطق الطبيب :

" لا تقلق يا سيد سوزوكي .. هو بخير حالياً لكن ذلك لا يمنع من وجود بعد التوعكات الصحية التي ستصيبه بين الحين و الاخر فمعدته مصابة و الحمدلله أنها لم تدخل بمرحلة النزيف الذي قد يدخله العمليات .. تلك المضاعفات كالقئ او الغثيان و قد لا يستطيع تناول الطعام جيداً لهذا سأصف لك طعام خفيف يستطيع تناوله كما أيضاً قد يصيبه الدوار حيال ذلك فبنية جسده ضعيفة جداً ..."

صمت الطبيب قليلاً تحت ملامحهم ثم أكمل :

" لكن ذلك قد لا يظهر عليه و لكن فقط الاهتمام به سيجعله يتحسن ."

*****

جلست بغرفتها و قلبها قلق لاسباب عدة .. الشرود إحتل وعيها .. هي حتى لم تنتبه علي دخول شين لغرفتها .

هو إقترب منها و جلس جانبها علي السرير لينطق بهدوء مع إبتسامة علي شفتيه :

" أكي أنت تعرفين ذلك الشاب أليس كذلك ؟ .. "

و تلاقت عينيها بعيناه تشرد بها فإمتدت يده ليلامس خدها قبل أن تشعر بتلك المياة الساخنة تنزلق علي خدها فإحتضنها و بكلمات مواسية نطق :

" حبيبتي لا تبكي .. الان أنا علمت أنه كان شقيقك ، فنظراتك المتألمة نحوه و التي تطاله بعدم البعد عنك كانت واضحة لي و لكن ما يجعلني أشك به هو حيث أخبرنا أن ما حل بيوتا كان محاولة قتل من العصابة .. ان كام غريباً فكيف علم أن هناك عصابة خلف يوتا ؟ .."

هي قاطعته مجيبة علي أسئلته :

" أجل هو أخي ريكي .. هو أيضاً الشخص الذي كان يؤذي يوتا ، هو فرد من العصابة لكنه يعاني .. الان إكتشفت أن أخي عانى بسببي كثيراً .. لولا طرده لي تلك الليلة لكان قتلني أبي .. و الان حماني بعمره .. ذلك الشخص الذي حاول قتل يوتا هو من العصابة أيضاً و أخاف أن يعلم أحد من هؤلاء المجرمين بما فعله أخي من أجلي فسيعتبروه خائن و قد يقتلوه ! .. أرجوك شين لا تخبر أحد ."

ابتسم و ضمها لصدره أكثر بينما يجيبها :

" أنا لن أخبر أحد و فقط سوف أحاول حماية شقيقك و فقط لأجلك أكيكو ."

إبتسمت بإمتنان لزوجها المتفهم العاقل .. الان إطمئنت قليلاً من ناحية حبيبها و شريك عمرها .

****

_بعد يوم من الحادثة _

كان تاناكا ، ماكوتو و ميرا ، أسرة كين ، و اسرة سايا فقط .. جميعهم يجلسون بغرفة يوتا الذي يتلوى ألماً و يرفض الطعام .. حتى بعدما أعطاه والده مسكن لكنه كان يتألم !

" يوتا أرجوك إشرب الدواء .."

ترجاه والده لكنه قطع حديثه يوتا المستلقى علي بطنه ينطق بخفوت و ألم :

" معدتي تؤلمني ، لن أتناول..شيئاً ."

يبدو أن ركلات كاي كانت قوية للغاية !

صمت يوتا يحاول التنفس و قد دفن وجهه بالوسادة بعد أن شعر بصداع إنتشر برأسه كما شعر بضغط حاد ..

لاحظ تاناكا ما حل به ليقترب منه سريعاً بقلق و قد جلس بجانبه ليرفع الصغير الذي سرعان ما أغمض عيناه بحضن والده يحاول التنفس من الالم و الدوار .

تنهد تاناكا و مسح علي شعره قائلاً :

" يوتا عليك تناول الطعام ، هو صحي لا تقلق .."

قاطعه يوتا باشمئزاز بينما يضع كفه علي فمه:

" لن أتناوله ، إن طعمه سئ ! "

تنهد تاناكا ، هذا الطفل عنيد حقاً !

*
*
*
يتبع ..

البارت بقلم : asmaa487

عدد الكلمات :" 4000 كلمة
أنت أعوض تأخيري 😜

و الان فقرة الاسئلة و الكل يجاوب😑

_ من تأثر بموت الجدة ؟

_رأيكم بحقد كاي تجاه ريكي ؟

.. و هل سيؤثر ذلك علي ريكي؟

_إعتراف يوتا لأكيكو عن شعوره تجاهها ؟

_محاولة قتل كاي ليوتا ؟

_دفاع ريكي عن أخته ؟

_حقيقة قتل ريكي لوالده لأجل أخته ؟

_هل تخيلتم أن ريكي قد يلين أمام أخته؟!

رأيكم ؟

توقعاتكم ؟

و الي اللقاء ببارت أخر مع هديل الجميلة صديقتي الغالية ❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top