بارت 5

قصر آل سوزوكي..

صمت رهيب خيم على المكان وكان كل واحد منهم يفكر بشيء مختلف و لكن الشيء المشترك بين تفكيرهم جميعاً هو " يوتا "

نظرت سايا لأخيها ريو بحدة ، فتنهد بضيق ثم قال : " ماذا ؟ ، لما تنظرين إلي كما لو أنني إرتكبت جريمةً ما ؟ "

أجابته بحدة : " لإنك أنت و إبنك قد شجعتماه على قراره الخاطئ ذلك اليوم "

صمتت قليلاً ثم أردفت بقلق : " و من يدري ما الذي أصاب يوتا خلال الأيام السابقة ؟ "

رد عليها ريو ببرود بعد أن أخذ رشفة من كوب القهوة الذي بيده : " و كأن قولي قد زاد شيئاً أو أنقصه ، تعلمين أنه لن يتراجع في أي قرار يتخذه مهما كان "

إرتسمت إبتسامة ساخرة على ثغر ريو بعد أن ألقى نظرة على أخيه تاناكا الصامت ثم نظر للسقف و قال بنبرة ساخرة : " هذا الفتى ، لم يكن محظوظاً يوماً ، فحتى والدته أرادت التخلص منه ، والأن والده فعل الشيء ذاته ولكن بطريقة مختلفة ، أشك أنه لم يحقد علينا للأن "

سقطت دمعة من عين تاناكا تبعتها رفيقاتها بينما ذاكرته تعرض عليه مشهد من الماضي حين كان يوتا في الثالثة من عمره.....

- قبل تسع سنوات -

في أحد أيام الصيف شديدة الحرارة وفي الوقت ما بعد الظهر حيث يفترض أنه وقت للراحة في كل منزل ولكن ليس في قصر عائلة سوزوكي حيث كان جميع أفراد العائلة مجتمعين والقلق يغمر قلوب كبارهم بينما الرعب قد إستوطن قلوب الصغار ، بالإضافة لمجموعة أشخاص يرتدون ملابس بيضاء يقفون بالقرب منهم ،

وقفت " سوزي " والدة يوتا أمام الجميع بشعر مبعثر و وجه شاحب وعينان جاحظتان ممسكة بمسدس في يدها بينما تترنح في وقفتها كشخص ثمل و من يراها سيقول هذه المرأة مجنونة حتماً !

كانت تنظر للجميع بحقد وبعد برهة نطقت بنبرة عالية : " إذاً ؟ تظنون أنكم ستتخلصون مني إن أرسلتموني للمصحة ؟ أنا لست مجنونة ، أتفهمون ؟! "

قالت ذلك ثم أطلقت النار على أحد الخدم لتستقر الرصاصة في جبينه ويسقط ميتاً ( هذا الخادم هو شقيق الخادمة التي وضعت السم في غرفة يوتا )

أردفت بعد صمت قصير بقهر : " تاناكا أهذا هو حبك لي ؟! لقد تم إذلالي كثيرًا ولكنك لم تفعل أي شيء ، لما فقط خدعتني ؟ "

تنهد تاناكا وقال بهدوء : " سوزي أنا لم أخدعك ، أنا أحببتك حق...."

قاطعته صارخة : " كاذب ، أنت لم تحبني ابداً ، أنظر حولك لقد قمتم بإستدعاء هؤلاء الأشخاص لإعادتي لتلك المصحة ، أيسمى هذا حباً ؟! "

أنهت كلامها مشيرة لذوي الملابس البيضاء الذين يراقبون ما يحدث بصمت

نظر تاناكا لعيناها الذهبيتان و كم يحب هاتين العينان ! ، ثم نطق بصوت هادئ : " لن أدعهم يعيدونك إليها ، أرحلي فقط عن هذا المكان "

أيطردها ؟! ، إستشاطت غضباً ولكنها نطقت بهدوء يغلف غضبها : : سأرحل ولكنني أريد أخذ شيء معي "

سألها تاناكا بتوجس عما تريد أخذه فنظرت إليه بحقد شديد وتحدثت بكل ذرة كره حملتها له ولعائلته :

" أريد أرواح أبناءك ، ثم سأرحل "

ما كادت تنهي جملتها حتى سمع الجميع صوت إطلاق النار فتوجهت الأنظار للشخص الذي تلقى الرصاصة فوجدوه ممدد على الأرض دون حراك بينما الدماء تتدفق من صدره !

فصرخت سيلينا بخوف : " ماكوتو "

همت بالتوجه نحو صغيرها ولكنها توقفت حين سمعوا صوت إطلاق النار مرة أخرى ليشهقوا بصدمة عند رؤيتهم للشخص الذي تلقى الرصاصة الثانية والذي لم يكن سوى يوتا ذو سن الثالثة  ، فسقط على الأرض هو الأخر بينما تتدفق دمائه بغزارة ، ثم تعالى صوت ضحكاتها الهيستيرية المختلطة مع دموعها ثم وجهت المسدس لرأسها وأطلقت النار لتسقط جثة هامدة مضرجة بدمائها وسط صدمة الجميع....

إستفاق تاناكا من صدمته وهرع ناحية يوتا ، رفعه عن الأرض وتفحص نبضه وبسرعة حمله وركض خارجاً حيث سيارته المركونة لينطلق بأقصى سرعة نحو المشفى وفي الوقت ذاته قام كين بنقل ماكوتو للمشفى بينما تكفل ريو بأمر سوزي....

وصلوا ثلاثتهم للمشفى بنفس الوقت تقريباً وتم إدخال كل من يوتا وماكوتو لغرف العمليات بينما سوزي قد أعلنوا وفاتها ولكن ريو لم يخبرهم بأمرها ووقف ينتظر أمام غرفتيّ العمليات مع الأخرين حيث ماكوتو يقبع بإحداها ويوتا بالأخرى...

وبعد مضي ساعتين إنطفأ النور فوق باب إحدى الغرفتين ليخرج الطبيب ويهرع الجميع نحوه مطالبين بسماع ما يريح بالهم و يطمئن قلوبهم فقال لهم الطبيب بعد أن نزع الكمامة عن وجهه : " لقد أخرجنا الرصاصة و....هو بخير الأن ولكن لم يتجاوز مرحلة الخطر بعد " ،

صمت قليلاً ثم أردف بإستياء : " فقط من متحجر القلب الذي أطلق النار على طفل لم يتجاوز الثالثة من عمره بعد "

تركهم وغادر بعد أن أخبرهم أن يوتا سيبقى في العناية المركزة ليومين أخرين....

بعد قليل إنطفأ النور فوق باب الغرفة الأخرى فهرع الجميع للطبيب الذي خرج منها وقد كان كلامه مطمئناً جداً حيث أخبرهم أن عملية ماكوتو قد نجحت وتخطى مرحلة الخطر ، عندها قرر ريو إخبارهم بأمر سوزي بعد أن إطمئنوا على الصغيرين ، تقدم من تاناكا وقال بهدوء يصاحبه التردد : " أخي ، سوزي قد....قد....ماتت "

حل كلام ريو على مسمع تاناكا كصعقة كهربائية إختلطت بالماء فتمتم بغير تصديق : " ماتت ؟!.... سوزي ماتت ؟! ، هل رحلت للأبد ؟! "

صمت وجلس مكانه يحدق بالفراغ أمامه ولم ينتبه لما كانت تتفوه به سيلينا عن سوزي وعن كونها تستحق الموت وأن حتى الموت لا يكفي فهي قد رغبت بقتلها بنفسها بعد أن أطلقت النار على ماكوتو أمام عينيها وقد قررت في نفسها نقل ذلك الكره الذي تكنه لسوزي لإبنها يوتا وأنها لن تجعله يحظى بيوم هانئ في حياته حتى أخر يوم بعمرها وهذا ما حدث بالفعل !

فبعد خروج ماكوتو ويوتا من المشفى وإنتهاء جنازة سوزي ومراسمها لم تترك سيلينا يوتا وشأنه ابداً ،
فقد باتت تزعجه بكل الطرق الممكنة ولكن كان ثمة شيء غريب بالنسبة لعائلة سوزوكي إلا وهو

" يوتا لا يتذكر والدته ولا ما حصل "

والأغرب أن تاناكا كان يعلم بمعاملة سيلينا ليوتا حيث باتت تعامله كما لو أنه ليس بشراً ، تلقي عليه دائماً كلماتها السامة غير مكترثة بمشاعره ، تضربه أحياناً بدون سبب ، وببساطة لم يكن أحد يتدخل ابداً لإنه طالما والده لا يهتم لما سيهتمون هم ؟

رغم أن سيلينا كانت تتظاهر لكونها تعتني بيوتا بوجود والده ولكن الحقيقة أن تاناكا كان يعلم بكل شيء ولكنه يدعي عدم المعرفة....

........................

- الوقت الحالي -

الحزن طغى على ملامحهم جميعاً ، فبسبب سخرية ريو تذكر الجميع ذلك اليوم المشؤم والدموع أخذت مجراها على وجوه أغلب الموجودين .

كان قلب تاناكا يعتصر ألماً مع كل ذكرى تتدفق لعقله ، تذكر كيف أن يوتا لم يحظى برعاية أمه وحبها يوماً ، تذكر كيف باتت تعامله سيلينا بعد وفاة والدته وهو فقط كان يشاهد ولم يحاول الدفاع عنه ولو لمرة واحدة على الأقل ، تذكر كيف طرده من المنزل بمجرد سماعه أن السم وجد بغرفته ، وفي هذه اللحظة شيء واحد أخذ يجول ويتكرر في عقله..

" هل كان يبحث عن أي عذر للتخلص من يوتا ؟! "

رفع يده ليمسح دموعه التي تنهمر بغزارة ندماً وحزناً ، ولكن هل كان الندم نافعاً يوماً؟

فهو الأن لا يعرف أين صغيره ولا يعرف إن كان بخير أم لا !

تنهد بيأس وفرك جبينه بيده اليمنى وهو يفكر ما السبيل للعثور على إبنه ؟

تنبهت حواس الجميع حين إنتفض تاناكا فجأة قائلاً : " ساتو ، ساتو شين ، علي إيجاده ، إنه سبيلي للعثور على يوتا "

لم يسئل أي أحد عمن يكون المدعو ساتو فالمهم الأن عودة يوتا !

..........

مر هذا اليوم كأي يوم عادي وها قد إنتصف الليل بسكونه المعتاد وفي منزل عائلة ساتو حيث الجميع نيام وتحديداً في غرفة يوتا ..

كان نائماً على سريره بهدوء وفجأة بدأت ملامح وجهه تتقلص والعرق يتصبب من جبينه إذ أن إحدى ذكرياته السيئة قد تسللت لحلمه لتحيله كابوساً

- لندخل لكابوس يوتا -

بعد أيام من بلوغ يوتا سن الرابعة وكان كره سيلينا له قد إزداد أكثر فقررت إخباره بما فعلته والدته وكيف ماتت على الرغم من أن الجميع قد إتفقوا على عدم إخباره بما أنه لا يتذكر .

أمسكت سيلينا معصم يوتا و سحبته بقسوة خلفها للحديقة و أمرته بالبقاء مكانه و غادرت للحظات ثم عادت و بيدها مسدس و سكين !

إقتربت من يوتا و قالت بحقد : " قبل سنة من الأن والدتك وقفت هناك و بيدها مسدس كهذا "

أشارت للمكان الأخير الذي وقفت فيه سوزي قبل موتها ثم أشارت للمسدس بيدها وأكملت كلامها بحقد أكبر : " وأنت كنت تقف هنا تماماً كما تقف الأن ، وماكوتو كان يقف هناك "

أشارت لمكان وقوف ماكوتو عندما أطلقت سوزي عليه النار .

أخذت السكين و أمسكت بيد يوتا و مررتها على ذراعه بشكل طولي لتبدأ بالنزيف و ليصرخ هو متألماً و هي لم يرف لها جفن .

وبعد أن تساقطت قطرات الدم مكونة بركة صغيرة على الأرض أمسكت المسدس مجدداً ونطقت بينما تراقب إرتجاف جسد يوتا وعيناه تحدقان بالدم على الأرض : " في ذلك اليوم والدتك المجنونة أمسكت المسدس وأطلقت النار على ماكوتو ليبدأ دمه بالنزيف كما تنزف يدك الأن وهذا الدم كان كثيراً يومها " أنهت كلامها مشيرة للدماء التي على الأرض ، وبعد صمت قليل أردفت بسخرية :

" وبعدها هي قامت بإطلاق النار عليك أنت إبنها وأرادت قتلك ، ثم أمسكت بالمسدس ووضعته على رأسها هكذا "

وجهت المسدس لرأسها لتشرح ليوتا ما فعلته والدته وهو يستمع إليها برعب قد تملك قلبه ودموعه التي إنسابت على وجنتيه بالإضافة لإرتجاف جسده وبعد أن أنهت كلامها تعمدت إخافته قائلة بينما توجه المسدس نحوه :

" ماذا لو أقتلك الأن لتذهب إلى والدتك المجنونة ؟! "

فجلس يوتا على الأرض و أغلق أذنيه بيديه الصغيرتين وببكي بإنهيار بينما يحدق برعب ببركة الدم التي تكونت بفعل نزيف يده و سيلينا تراقبه مبتسمة بتشفي ثم تركته و دخلت للقصر وهو بقي على حاله ثم بعد ذلك اليوم بات يعاني من فوبيا الدم.

.............

إنتفض جالساً يلتقط أنفاسه بينما يحاول مسح العرق المتصبب من جبينه ، ضم قدميه لصدره و دفن رأسه بينهما مطلقاً العنان لدموعه بينما يردد بين بكائه بصوت مخنوق : " أكرهكم ، أبي أكرهك ، أمي أكرهك ، سيلينا أكرهك ، أكرهكم جميعاً "

.............

وفي الصباح إستيقظ أفراد عائلة ساتو نشيطون كالعادة وإجتمعوا حول المائدة لتناول الفطور ، نزل يوتا للمطبخ وجلس على الكرسي المقابل ليوكي فستدار الأخير بإبتسامة ليوتا ولكنها سرعان ما تبددت حين لاحظ شحوب وجه يوتا والإرهاق البادي عليه بوضوح.

تكلم يوكي بسرعة وقلق : " يوتا ؟ لما وجهك متعب هكذا ؟ هل أنت بخير "

نظر إليه يوتا وأجابه ببرود : " أجل بخير ، فقط قد راودني كابوس مزعج حرمني النوم "

أراد يوكي التحدث ثانية ولكن سكت حين نهض يوتا مقرراً المغادرة فأستوقفته أكيكو قائلة : " مهلاً ، يوتا أنت لم تتناول الفطور بعد "

أجابها بينما يغادر : " شكراً ، ليس لدي شهية "

تنهد شين بيأس فهذا الفتى عنيد بحق ، ولكن رغم أنه عنيد فقد نجح يوكي وآكي بالتقرب منه خلال الأيام المنصرمة فأصبحا صديقين له لا بل إخوة فقد بات يعد عائلة ساتو عائلته .

...............

دخل يوتا المطعم بخطى بطيئة وتوجه نحو المطبخ بعد أن ألقى التحية على الجميع وبدأ بالعمل كما كل يوم ولكن كارل والأخرين لاحظوا أنه ليس على طبيعته ولكنه أصر على أنه بخير .

وبينما كان يوصل طلب أحد الزبائن لطاولته وعندما صار بمحاذاتها شعر بالدوار ورؤيته تشوشت ليفقد توازنه ويسقط كوب العصير فوق الطاولة وينسكب على ملابس الزبون .

سمع من بالمطبخ صوت أحد الزبائن وصراخه المتذمر ، فخرج كارل وميني لرؤية ما يحصل فوجدوا ثياب الرجل مبتلة بالعصير بينما يوتا يجلس أرضاً والتعب واضحا عليه .

هرع كارل لمساعدة يوتا بالتوجه للمطبخ بينما إعتذرت ميني من الزبون الذي خرج غاضباً .

ومرة أخرى أصر يوتا أنه بخير وبقي يعمل بالمطبخ كي لا يتكرر ما حصل ولكنه بعد فترة أخبرهم أنه متعب ولن يستطيع إكمال العمل اليوم فأخبر كارل عمه بذلك فسمح ليوتا بأخذ إجازة اليوم.

: " هل يمكنك العودة لوحدك ؟ "

نطقت بها ايما بقلق فأجابها يوتا بصوت ضعيف : " أجل ، أنا متعب صحيح ولكني لست بعاجز "

ومرة أخرى هذا الطفل أدهشهم !

خرج من المطعم وبدأ بالسير إلى أن إستوقفته فتاة تبدو بعمر الخامسة قائلة : " هناك شخص يريدك ، في ذلك الزقاق الذي الي المنعطف "

ما إن أنهت كلماتها حتى ركضت للجهة المعاكسة لذلك الزقاق حيث يوجد مجموعة أطفال يلعبون بالكرة .

تردد يوتا بالذهاب ناحية الزقاق ولكنه بعد برهة تحرك متوجهاََ نحوه وما إن إنعطف حتى إتسعت عيناه رعباً و أراد الإبتعاد إلا أن قدماه لم تسعفاه للقيام بأي حركة فجذبه أحد الرجال الثلاثة من معصمه لداخل الزقاق وكمم فمه بيده الضخمة قائلاً بخبث : " هل عرفتني يا فتى ؟ المرة الماضية نجوت مني بفضل صاحب المطعم ولكن هذه المرة لن تفلت "

إبتسم بإتساع ونطق بنبرة أكثر خبثاً من سابقتها : " هل إشتقت لريكي ؟ ، سآخذك إليه الأن فهو مشتاق إليك أكثر مما تتصور ."

كلماته تلك كانت كفيلة بجعل الرعب يملأ قلب يوتا وقد ظهر ذلك جلياً على ملامح وجهه المتعبة .

تحدث الرجل الأخر بنبرة آمرة ومهددة : " الأن ستذهب معنا بهدوء وستصعد لتلك السيارة بدون مقاومة ، وصدقني إن قمت بحركة لا تعجبني ساتأكد من جعل تلك الصغيرة التي نادتك لهنا جثة هامدة أمام عينيك "

توجه الرجال مع يوتا الذي إنصاع لهم تماما للسيارة السوداء المركونة بجانب الطريق و بعد أن إستقلوها قاموا بتغطية عينا يوتا كي لا يحفظ الطريق وبدأ أحدهم القيادة متوجهين لمقرهم الحقير .

.............

قصر آل سوزوكي..

إرتمى كلاً من تاناكا وكين على الأريكة بيأس فهما قد بحثا عن يوتا وعن شين ولكن لم يحصلوا على أي معلومة عنهما.

دلفت سايا للغرفة و بيدها صينية تحوي فنجانيّ قهوة سوداء ، تقدمت منهما وناولتهما القهوة ثم جلست على الأريكة المقابلة وسألتهما إن كانا قد وجدا شيئاً ، فكان جوابهما " كلا ، لا شيء ابداً "

تنهدت بإحباط ولكن سرعان ما إلتمعت عيناها ببريق أمل وهتفت على عجل : " الإستعلامات ! "

نظر كلاهما لها وسرعان ما فهموا مقصدها فتناول تاناكا هاتفه وطلب رقم مركز الإستعلامات المدنية .

وبعد لحظات جاءه صوت إنثوي رقيق قائلاً : " مرحباً معكم مركز الإستعلامات ، هل من خدمة ؟ "

أجاب تاناكا بلهفة : " أود الحصول على عنوان السيد ساتو شين "

نطقت بهدوء وتسائل : " لما تريده ؟ "

تنهد وأجابها بكذبة ذكية : " هو صديق لي من أيام الثانوية وأنا أرغب بزيارته ولكنني لا أعرف عنوانه وأيضاً ليس لدي معلومات عنه سوى إسمه "

: "أمهلني لحظة من فضلك "

قالتها بينما صوت دق أصابع يدها على لوحة مفاتيح الحاسوب كان مسموعاً لتاناكا وبعد برهة عاد صوتها الهادئ : " السيد ساتو شين يبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً ، يعمل كمدير لإحدى الشركات من مجموعة ياماموتو ويسكن في حي " أساكوسا " ، لا أستطيع تزويدك بمعلومات أكثر من هذه "

رد تاناكا بإمتنان : " هذا أكثر من كافٍ ، شكراً لك "

أغلق الخط وتنهد بإنزعاج بينما بعثر كين شعره بإستياء وهتف : " من بين جميع الناس.... لما يجب أن يكون من مجموعة ياماموتو ؟ "

بدلت سايا نظراتها بين كين وتاناكا ثم هتفت بإستياء : " أنتما ستبحثان عن يوتا بواسطة هذا الرجل ، فقط ما شأنكما بماهيته ؟ ليس وكأننا مقدمون على عقد إتفاقية زواج معه "

سقط كوب القهوة من يد كين بسبب صدمته بما قالت بينما تاناكا يحاول كتم ضحكته ومنعها من الخروج.

وبعد دقائق وقف تاناكا وقال بينما يعدل ربطة عنقه : " معك حق يا أختي ، لا يهم من يكون أو مع من يعمل ، سأذهب إلى منزله "

في هذه اللحظة دخلت كيرارا يتبعها هيرو ونطقت موجهة حديثها لتاناكا : " سأذهب معك "

وقبل أن يتكلم أي أحد أردفت هي : " لا أظنه سيستمع إليك بعد الكلام الذي قلته له حين زار القصر ، ثم أنك قد طردته وبهذا تكون قد أهنته لذا سأذهب معك "

أومأ تاناكا بتفهم ووافق على مرافقة زوجة أخيه له .

............

توقفت السيارة وترجل منها الرجال وأحدهم يجر يوتا خلفه مستغرب من هدوئه.

مشوا بعدة ممرات ثم دلفوا لإحدى الغرف وعندها أبعد أحدهم العصبة عن عيني يوتا مما جعله يغمضهما بسبب الضوء رغم خفوته فقد أزعج عيناه.

فتحمها بعد برهة بإتساع حين تهادى لسمعه صوت ريكي قائلاً بسخرية : "لقد إشتقت إليك يا فتى. "

أردف بنفس النبرة الساخرة : " أظننت أنه بإمكانك الهرب ؟ ، مهلاً لا تنظر إلي بهذه النظرات الحاقدة ، فمن يجب أن تحقد عليه هو والدك لا غير ، فهو سبب مجيئك هنا "

أنهى كلامه متوجهاً نحو يوتا الذي يقف متسمراً والرعب قد إحتل كيانه ولم يتحرك إلا حين تلقى صفعة قوية من ريكي أسقطته أرضاً .

ضحك ريكي بسخرية ثم توجه نحو الطاولة القريبة منه وأخذ أحد السياط الموضوعة عليها وأخذ يقترب من يوتا ببطئ بينما يجر خلفه السوط بعدما تركه يتدلى على الأرض.

وكلما إقترب أكثر كان قلب يوتا ينبض برعب أكبر بينما يتراجع للخلف وعيناه تراقبان ريكي الذي يقترب منه بكل شر وحقد.

توقف ريكي بعدما صار بمحاذاة يوتا الذي إلتصق ظهره بالحائط ولم يعد له أي مهرب!

إبتسم ريكي بسخرية وتحدث بلطف مزيف : " أنظر لهذا السوط الجميل ، أتعلم أنه الأفضل في المجموعة ؟ ، وأيضا هذا السوط لم يستخدم من قبل ابداً "

صمت قليلاً ثم أردف بشر وإبتسامته الساخرة لم تبرح وجهه : " لذا لتكن دمائك أول ما يلوثه "

قالها ثم أنهال على جسد يوتا بالضرب المبرح دون توقف بينما الأخر يصرخ متألماً ودموعه لم تتوقف للحظة.

توقف ريكي عن جلد يوتا بعدما تعبت يده فرمى السوط جانباً ووقف ينظر ليوتا الذي تحول لون ملابسه للأحمر القاني بفعل دمائه النازفة .

تحرك ريكي مجدداَ وأمسك بشعر يوتا ليرفعه ثم أخذ يجره خلفه متوجهاً لغرفة أخرى بينما يوتا يئن متألماً بسبب شد ريكي لشعره أولاً و لآلام جروح جسده ثانياً .

فتح الباب ودلف للداخل ورمى يوتا على الأرض وبعد لحظات تكلم بلطفه المزيف بينما عيناه تقدح شرراً : " أنظر لهذا ، يبدو مسلياً ، ما رأيك بتجريبه ؟ "

رفع يوتا رأسه بصعوبة ونظر لما يشير إليه ريكي والذي كان شيئاً يشبه التابوت فسأل يوتا بصوت واهن : " ما هذا ؟ "

إبتسم ريكي بشر وأجاب بينما يفتح ذلك الشيء : " يطلق عليه " التابوت الحديدي " وهو رائع فما رأيك بقضاء بضع ساعات داخله ؟ "

إبتعد ريكي ليتسنى ليوتا رؤية التابوت فتوسعت عيناه بخوف مما رأى !

فلم يكن هذا تابوت عادي حيث هناك مسامير طويلة داخله ومن ينظر إليه سيفكر أنها نهاية من سيدخله ولكن الأمر ليس كذلك فتلك المسامير موضوعة بعناية بحيث لا تخترق أي جزء حيوي من الجسم فالغرض من التابوت التعذيب و ليس القتل .

لم ينتظر ريكي رد يوتا بل سحبه من شعره مجدداً ورماه داخل التابوت ثم قال بسخرية : " نسيت إخبارك أن هذا التابوت مبطن بخشب الفلين العازل لذا لن يسمع أحد صراخك أو بكائك وكذلك أنت لن تسمع أي شيء ، و أيضًا سيكون مظلماً جداً ، أليس هذا رائعاً ؟! أنا أمنحك عذاباً جسدياً ونفسياً بنفس الوقت ! "

قهقه قليلاَ ثم قال : " والأن سأتركك لست ساعات هنا ، أرجو لك وقتاً ممتعاً "

قال تلك الكلمات بينما يغلق التابوت ويقهقه بإستمتاع بينما يوتا قد أطلق صرخة متألمة بسبب إختراق المسامير لجسده ، وبعدما أغلق ريكي التابوت بإحكام خرج من الغرفة ليقوم بعمل ما تاركاََ يوتا يتلوى من الألم بداخل التابوت ودموعه تستمر بالجريان وأستمر بترديد كلمتان لا ثالث لهما :

" أكرهك....أبي "

*
*
*
يتبع...

تأليف : @yonahema109

رأيكم؟

توقعاتكم ؟

الان حااااان دوري 😅💔 تباَ لما تكلمت بصوت عالي ؟!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top