بارت 2


أنارت السماء بصوت البرق القوي مصاحبةً لصوت رعدها لتضفي جو من الرعب علي قلب هؤلاء البشر علي أرض مدينة طوكيو !

هبت الرياح بقوة تكاد تحرك الاشجار و تنتزعها من مكانها ..

الساعة تجاوزت الثانية عشر صباحاً .. من المعقول ان في هذه الاجواء المشحونة بهذا الوقت لن تجد مخلوقاً يمشي فقط في الشارع .. لكن هو لم يكن يجد مكاناً يبيت فيه بعد أن طرد من اقربائه .. عائلته .. بل الاقرب إليه .. من خُلق منه و اختلط بدمائه .. أبيه .. ذلك الشخص الذي يجب ان يحميه و يصنع له كل ما هو مناسب لكي يعيش براحة و يكون بحياة هانئة .. هو من طرده و شرده و كأنه ليس أبيه .. هل نسي أنه من لحمه و دمه؟ .. هل نسي أنه من رباه؟ .. هل نسى انه عاش بكنفه لإثني عشر عاماً ؟ .. أنسي أنه ما زال طفلاً لم يتعدي ال12 عاماً ؟! .. ألا يكفي أنه تحمل عذاب زوجته المتوفاه ليأتي و يتهمه بقتلها و لأجل ماذا ؟ .. لأجل انه كان يحقد عليها و لا يحبها ؟ .. أليس من حقه إظهار كرهه لمن يهينه ؟ .. أليس طفل و لديه كامل الحق بكره من أراد ان كان يضره بشئ ؟

أحكم قبضتيه علي قميصه الابيض الخفيف بينما يحتمي من المطر تحت إحدى البنايات و يدفن وجهه بين قدماه بينما يسمح لنفسه بالبكاء كأي طفل ناله الظلم و حُشر فيه .. بين ليلة و ضحاها فقد مسكنه و مأمنه ليكون أحد المتشردين في الشوارع .. أين يذهب الان ؟ .. هو لا يعرف احداً سوي اسرة والده !

فقط لما الحياة قست عليه بتلك الطريقة ؟

***

بتلك الاثناء كان هو مستيقظاً .. قلبه لم ينفك أن يؤنبه علي قراره بينما عقله يجعله مصر علي ذلك القرار ..

أين هو الان ؟ .. هل أكل ؟ .. هل نام ؟ .. هل هو بخير ؟

حسناً من قال أنه لا يفكر فيه ؟ .. هو ابنه بالنهاية .. لكنه كان يجب فعل ذلك .. يعلم أنه أخذ الجانب القاسي لكنه لن يتنازل .. ان كان اصغر ابنائه فعل ذلك اذاً فكيف بأكبر أبنائه ان يفعل ؟ .. بالتأكيد ان لم يفعل ذلك ستسوء العلاقة بين الاسرة جميعها ! .. هو قراره صائب !

لا أنكر أن إبليس يوسوس برأس هذا الرجل !

****

الان لينتقل ابليس ليوتا الصغير ..

ظل يفكر بكل شئ تجاه والده لكنه رغم ذلك كان يضع مبررات كثيرة تجاهه الي ان نام تاركاً ابليس لوحده يشعر بالملل .

_السابعة صباحاً _

شهق حين صرخت عليه تلك المرأة المسنة من تلك البناية ، فقفز واقفاً لكنها جذبته من ملابسه صارخة بوجهه بصوت بشع : أيها المشرد كيف لك ان تأتي لهذه البناية لتنام هنا ؟

نطق بخوف و حزن : لست كذلك .. أتركيني .

دفعته فسقط علي وجهه و كادت تمسك بعصاتها لتضربه فهي تظنه احد المشردين الذين يأتون ليسرقوا ..

هو لم يمهلها الوقت بل وقف و ابتعد سريعاً عنها و لم يصمت لها .. كيف لها ان تصفه بهذا اللقب بدون ان تعلم بما حدث له من ظلم !! : أنا لست متشرد أيتها المشعوذة القبيحة .

شهقت بفزع و غضب لتركض ورائه لكن فعلها أضحكه فهو لم يرى عجوز تركض من قبل فجدته تجلس بكل هدوء اغلب الوقت و تحب الجميع !

إستطاع الهرب منها و الاختباء بأحد الازقة بينما يتنفس بقوة !

أصدرت معدته صوت زقزقة ، فعقد جبينه و ضغط علي شفتيه مانعاً نفسه من البكاء بعد أن تذكر ما حدث .. هو حتى لم يتناول الطعام منذ الامس .

همس لنفسه بتشجيع:"لا بأس يوتا ، لا بأس .. لا يهم ما فعله بك ، عليك وجود حياتك بنفسك .. اجل سأعمل و أعيش بعيداً عنهم ."

هو يعلم أنه يكذب علي نفسه لكنه يحاول تصديق كلامه .

مر الوقت به و هو يحاول أن يجد مكاناً يعمل به لكن لأنه ما زال طفل فهو لم يجد ، فممنوع ان يعمل طفل قاصر بأعمال الكبار .

انتهي من بحثه ليجلس أمام احدى المطاعم التي رفضته أيضاً .. انهمرت دموعه و أخذ يبكي .. كل شئ اغلق بوجهه .. سيكون مشرداً حقاً كما قالت تلك العجوز ؟ .. شهق باكياً و لم يستطع ان يتمالك نفسه بينما يشعر بالضياع و الالم الذي يغزو روحه !

":_لما تبكي يا صغير ؟! "

رفع نظره علي صوت الشاب الذي نطق بقلق بينما ينحني و يجلس امامه .

كاد ينفي لكنه بكى مجدداً حين تذكر ما مر به فإحتضنه الشاب بتعاطف شديد ثم وقف و سحبه معه ليدخلا لداخل المطعم .

****

":_سيد سوزوكي ؟ .. هذا الطرد البريدي لك ."

تكلم الخادم العجوز بينما يناول السيد الكبير ظرف صغير .

اخذه منه ليغادر الخادم العجوز بينما قام هو بفتحه ...

مضمون الرسالة ":رسالتنا الي السيد سوزوكي العزيز .. هذا تحذير منا لك .. اما تقدم لنا المساعدة او نختطف ابنك العزيز ."

":_ماذا تفعل أخي ؟ "

توسعت عيناه بارتباك و ضغط علي الورقة بين يداه ليجعدها ثم رماها بالقمامة حين رأي أخته مقبلة نحوه بكأس من القهوة .

تجاهل الرسالة و ابتسم لها بينما جلست قربه بصمت لم يدم طويلاً حتى نطقت : أخي ، ألغي قرارك لأجلي ..

توقف عن شرب القهوة لينظر لها بهدوء فنظرت له سايا برجاء مشبع بالحزن و أكملت : يوتا ما زال صغيراً .. كيف تظن انه قد فعل شئ كهذا ؟ .. ألم تربيه أنت بين يديك ؟ .. أخي أرجوك أعده ، هو أكيد ليس بخير .. كيف لك أن تسمح لطفلك أن ينام خارج بيتك؟

وضع فنجان القهوة و نهض ليغادر متجاهلاً إياها فوضعت كفها علي فمها و بكت علي ما يحدث ..

تقدم ابنها كازو بمثل عمر يوتا ليحتضن أمه بحزن و نطق بصوت متألم : لا تبكي أمي .. أكيد عمي سيحن قلبه و سيحضر يوتا .

هزت رأسها نافية و نظرت لطفلها قائلة بألم : لا يا كازو .. لا يا صغيري لن يفعل .. انا اعرف أخي جيداً حين يأخذ قراراً لا يتنازل فيه ..

قاطعها كازو فجأة قائلاً : أمي لما لا نبحث عن يوتا؟

رفعت بصرها نحوه بتفاجؤ و أخذت تنظر حولها بتوتر قلقاً ان يكون أحد سمعه ثم أمسكته من كتفيه و نطقت بقلق : لا تقل لأحد هذا .. كازو لا أحد يجب عصيان الاوامر هنا .. أنسيت ما قاله عمك يوم أمس؟

نفي كازو و شعر بالحزن فيوتا رفيق طفولته و أخيه .. ابتعد عنها و تركها بدون أن ينطق بشئ أخر .

****

":_تناول الطعام يا فتى ."

أخفض وجهه بحرج .. أيحسبوه متشرد ؟

نطق بخفوت للخمسة الذين يجلسون حوله ، فتاتان و ثلاث شباب يعملون بهذا المطعم .. :لا اريد .. شكراً لكم.

اقتربت منه الفتاة ذات الشعر الاسود الحريري و نطقت بخفة : ألست جائعاً؟ .. هيا لا تخجل .

أخفض وجهه أكثر و همس بإحراج شديد به بعض الكبرياء : لا أستطيع .. هو ليس ملكي .. لست من إشتراه لأسمح لنفسي بتناوله .

حدق به الخمسة بدهشة .. لديه عزة نفس و كبرياء غريب !! .. لكنه طفل !!

ابتسم احدهم بشعر بني و عينان بنية تميل للأحمر و نطق : لدي الحل..

نظر الجميع له و نطق احد رفاقه بملل : تفضل كارل و بسرعة قبل ان ينتهي وقت استراحتنا.

تابع كارل بابتسامة : سأذهب لأتحدث مع المدير بشأنك لتعمل معنا و عندها يمكنك ان تأكل بما عملت به .. ما رأيك يا فتى؟

رمش يوتا بهدوء يحاول ان يفهم ما قاله ثم أخفض وجهه و أومأ : أوافق .

بعد دقائق كان يقف كارل امام رجل بشعر أشقر و عينان سوداء مبتسماً برجاء ليتنهد المدير بيأس : حسناً كارل يمكنه العمل .

ابتسم كارل باتساع قبل ان يخرج ليتحدث إليهم .

مر اليوم بطوله و يوتا يساعد كارل و رفاقه بالمطعم من جلي اطباق لمسح الارض لمساعدتهم بمناولتهم اشياء الطبخ!

تجاوزت الساعة الثامنة مساءً .. كان أخر زبون بالمطعم .. وقف أمامه يوتا بهدوء .. يرتدي ملابس و المأزر الخاص بالمطعم لكنه يبدو صغيراً فيه بينما يرتدي علي رأسه قبعة صبيانية تخفي بعض ملامحه لكي لا يتعرف عليه أحد .

نطق بخفة بينما يمسك بقلم و و نوتة صغيرة : الحساب سيدي .

ابتسم الرجل و سأل عن قيمة الحساب ليخبره يوتا بهدوء و إحترام فرد الرجل : حسناً يا ولد .. اشكر مديرك بدلاً مني .

أومأ يوتا و انحني قليلاً يحترم الرجل الذي غادر بصمت بعدها .

ظل يحدق بشرود بالرجل حتى خرج و اغلق باب المطعم خلفه فتنهد و إلتفت ليغادر .

بهذا اليوم قدم له كارل و مجموعته كيس من الطعام المتبقي من المطعم و أراد كارل أن يأخذه معه لكنه نطق كاذباً أن اسرته الصغيرة تنتظره .. هرب منهم بعدها و غادر الجميع المطعم ليرتاحوا و يستعدوا ليوم جديد .

-

مشي علي قدميه بالشارع الذي يضيئه القليل جداً من عواميد الاضاءة البالية القديمة .. يده إحتوت علي ذلك الكيس يحتضنه لصدره بينما عقله شارد بكل ما مر به ..

فرت إحدى دموعه من عيناه الذهبية لكنه مسحها بكف يده و تابع طريقه بهدوء .. عليه أن يجد مكاناً ليبيت فيه .

توقفت قدماه فجأة و دق قلبه برعب حين حاوطه ثلاث رجال ملثمين بالاسود .. ابتلع رمقه بخوف احتل كيانه بينما يشعر بالتوتر و الارتباك .. من هم ؟ .. ماذا يريدون منه؟ .. كيف يهرب ؟ .

تكررت تلك الاسئلة بذهنه بينما يحاول إيجاد ثغره ليهرب بسببها .

شعر بالرجل خلفه يتقدم منه بسرعة فشهق و انحني ليسقط الرجل علي وجهه لذا هو وجد فرصة ليركض بسرعة مبتعداً عنهم .

بدأوا مطاردته بسرعة ليزيد هو بالركض بقلب يرجف ذعراً .. من هم ؟ .. ماذا يريدون منه ؟ .. ألا ينقصه سوى هذا .؟!!

سقط الكيس منه حين تعثر و كاد يسقط لكنه تماسك و سارع بالركض قبل ان يمسكوه .

لم يعلم أين تقوده قدماه لكنه دخل لأزقة الشوارع لعله يضيعهم عنه !

لكن لطالما سوء الحظ يأتي دائماً بنفس الوقت .. هو إنزلقت قدمه ببركة مياه صغيرة ، فسقط علي وجهه يتنفس بقوة و تعب .. لم يعد يستطيع الركض .. يشعر بالدوار و البرد يتغلغل بجسده بينما رأسه استحوذ عليه الارهاق كما حال جسده .. هل يستسلم ؟ .. هل يذهب معهم ؟ .. هو لم يعد له أحد ليهتم له .. لا بأس بما سيحدث معه طالما عائلتك من تخلت عنه ..

انهمرت دموعه بألم شديد بينما أمسكه احد الثلاثة من معصمه و سحبه ليقف بينما تستسلم لهم .. هو طفل بالنهاية ماذا يمكنه أن يفعل؟!

رفع الرجل يده و صفعة علي وجنته بقوة جعلت يوتا يصرخ من الالم بينما فمه و أنفه نزفا .. أمسك بخده بألم شديد و أخفض وجهه مخفياً ملامحه بشعره الابيض !

حين شعروا بهدوئه أخذوه معهم و هو لم يتذمر ، لم يصرخ ، لم يبكي ، هو استسلم فقط لمصيره .. ناله الاجهاد و التعب لكنه كان يتماسك ليقف .

وصلوا للسيارة ليدفعوه فيها و يدخلون خلفه .. ابتسم احدهم بخبث و نطق للصبي بجانبه : يبدو أن والدك قد تخلي عنك تماماً فلم نأتي سوى بسببه ! .. غير انك طفل هادئ .

توسعت عين يوتا بصدمة .. والده؟ .. هل هو سبب اختطافه؟ .. لا لن يسمح له .. لن يبرر له مجدداً .. سيكرهه .. سيبغضه .. لن يذهب معهم لانه هو السبب .

رأي يوتا عجوز تمشي بالشارع فتوترت ملامحه و قبل أن يروها الرجال صرخ عليها مستنجداً بينما يحاول الخروج : يا جده النجدة!

أمسكه من بجانبه و أغلق فمه بينما حاول يوتا المقاومة و تحرك بعشوائية .

تقدمت العجوز لترى ما يحدث و بالفعل رأتهم بينما يقيدوه بين أيديهم فتوسعت عيناه و صاحت بخوف و غضب : أتركوا الفتى ماذا تفعلون به ؟

أحكم الرجل1 إمساكه ليوتا و ضغط علي فكه ليهدأ الا ان يوتا ام يتوقف بينما ينظر للسيده برجاء لينطق من بمسكه بغضب : انت من اخترت ذلك ستكون سبباً بفقدان روح.

نظر لزميله و نطق : ريكي اقتلها بسرعة .

تصلب يوتا و هدأ بأعين متوسعة و خلال جزء من الثانية انتشرت دماء السيدة و سقطت مدرجة بدمائها بثقب منتصف رأسها .

دار المكان بعيناه ليغمض عيناه و يسقط فاقداً للوعي من هول ما رأى .. لكن ما لا يعلمه أنه سيرى الكثير .. القادم سيكون الاسوأ !

****

_الساعة العاشرة مساءاً _

جلس صاحب الاربعون عاماً علي مكتبة بشعر بني و عينان بنية يطالع بعض الاوراق الخاصة بشركة آل سوزوكي .

اقتحم خلوته شقيقه كين صاحب السابعة و الثلاثون بشعره الذي يشبه شعر أخيه و بجانبه زوجته كيرارا صاحبة الست و الثلاثون بشعرها الذهبي التي تركته منسدلاً علي ظهرها و عيناها الزمردية المفعمة بالطاقة و الايجابية .

شعر بالحيرة لأن الاثنان دخلا معاً لكنه لم يجادل بينما يبتسم بوجههما و يدعوهما للدخول .

جلسوا قربه و ينظران لبعضهما البعض بتوتر .. هل يذكروه ؟ .. هل يتكلمون معه ؟ .. لقد مر يومان بدون ان يعرفوا عنه شئ .

كيرارا فتحت فمها لتخبره الا إنه قاطعها بحده حين فهم ما يجول بخاطرهما : لا .. لن أسمح له بالمجئ .. لقد تبرأت منه و انتهي الامر .

شعرت كيرارا بالالم و ارادت البكاء علي ما حل بالصغير ...

":_ابي ، امي .. لا داعي لتتفاوضا مع عمي .. سيأتي يوم و يعرف فيه الجميع و خاصةً هو ان يوتا برئ و عندها لن ينفع الندم .. "

تكلمت كاميليا صاحبة الخامسة عشر تشبه والدتها كيرارا كثيراً و أردفت بانزعاج بين تحدق بعيون عمها بجرئة : لن أتمنى ان يكرهك يوتا لكني اعرف انه سيكرهك حتماً حين تكتشف الحقيقة و تحاول ارجاعه للقصر .. انت تعرف يوتا جيداً ، هو لا يخفي مشاعر الكره داخله و يقر بها كما يشاء .

أنهت كلامها و غادرت بعد ان ألقت كلماتها القاسية لعمها الذي عاد لعمله مصنطعاً التجاهل الا أن قلبه ألمه من كلماتها و أدخل الشك بقلبه !

تركاها كين و كيرارا ليذهبا ليناما .

****

مع ضربة السوط التي لامست جسده صرخ بقوة مفزوعاً متألماً بينما يشعر بروحه انسحبت من جسده و عادت مجدداً مع المهلة الصغيرة التي توقف فيها ريكي عن جلده.

أخفض رأسه يتنفس بقوة .. قميصه الابيض تخطت بدماء جسده مكان آثار السوط .. كان مربوطاً بكرسي خشبي .. شعرخ الابيض متناثر بفوضى علي رأسه و عيناه تحدق بتعب و ألم أمامه !

":_إق.. إقتلوني ارجوكم ".

همس بإنكسار و ألم مشبع بالكثير من التعب و الارهاق لكن ريكي ابتسم بمرح و استمتاع بينما ينخفض ليفك قيده .

رفع يوتا عيناه بتعب لريكي صاحب العينان البنية و الشعر الغجري و همس : ارجوك لا تعذبني .

لم يرد عليه ريكي بل امسكه من معصمه ليجره خلفه بقسوة .. هو خرج لممر و سحبه الي ان وصلوا لمكان يشبه الساحة .. زنزانات كثيرة توزعت علي الجوانب و بمنتصف المكان كان يوجد قفص كبير مثبت بالارض .

ريكي كان الشخص المفضل عند الزعيم الذي يعذب الضحايا لكنه رغم ذلك يعتبر تعذيبه ليوتا من اخف التعذيب !

تقدم بيوتا المتعب ليدخله للقفص و قيد يداه ثم خرج و أغلق عليه .. تنهد يوتا بتعب و ظن أن عذابه لهذا الحد انتهي لكن ضحكة ريكي لم تكن تبشر خيراً ..

وقف ريكي بعيداً عنه لكن رؤيته واضحة و كلامه مسموع ليوتا ..

استغرب يوتا فعله و قبل ان يستفسر فتحت ثلاث زنزانات لتتوسع عيناه بفزع بينما يحدق بالدب و الاسد و النمر الذين يركضون نحوه .

وصلوا الثلاث حيوانات إليه ليضربوا بالقفص الحديدي فصرخ يوتا بفزع و أخفى وجهه برعب .. كان الثلاث حيوانات هائجين .. رائحة دمائه التي ملئت جسده كانت هي من جعلته بهذا الشكل و يبدو انهم لم يأكلوا و سيأكلوه اليوم !

كان القفص يهتز بسببهم بينما هو يصرخ حتى بح صوته و انهمرت دموعه بينما يشعر بقلبه سيخرج من مكانه .. هل نهايته ان يموت بتلك الطريقة ؟!

شعر أنه سيفقد الوعي فهو متعب نفسياً و جسدياً و لم يعد يتحمل لكنه انتفض حين سرت كهرباء بجسده جعلته يطلق صرخة متألم قبل أن يسقط يتنفس بتعب شديد و سرعة !

ضحك ريكي عليه .. ضغط علي زر ما فتركت الحيوانات القفص و ذهبت لزنزانتها ، فتقدم ريكي ليأخذ يوتا للداخل و الذي كان مرعوباً ، متعباً ، محطماً ، و متألماً !

كان طوال الطريق كان يحدق بالرجال الذين يملئون الممر و الاماكن داخل ذلك المقر الكبير .

توقف ريكي امام أحد الغرف فنظر يوتا بهدوء للمكان و فجأة دق قلبه بقوة ينبئه ان هذا أسوأ ما قد يحدث له !

":_هذا المكان اسمه القاتل .. "

قاطعه يوتا بصوت مبحوح بتوجس : ماذا يعني ؟

ابتسم ريكي بجانبيه و نطق ببساطة : أي من يدخل إليه اما ان يصبح قاتل او مقتول .. عليك ان تقتل لتعيش او تموت !

لم يمهله وقتاً يفكر بل فك قيده و دفعه للداخل ليغلق عليه .

استند يوتا علي الباب بذعر .. كان المكان يعمه الفوضي و الضجيج .. فهناك من يمسك بالاخر و يقتله و أخر يُقتل .. و الكثير من الجثث تملأ الغرفة الواسعة و انتشرت الدماء و رائحة العفونة المكان .

شعر يوتا بالعثيان و الدوار لكنه عاد للواقع حين شعر بشئ لزج تحت قدمه فنظر له ليجده دماء الجثث الموزعة بالمكان ..

انخفض سريعاً ليعبر نصل الخنجر من فوقه و يضرب بالباب الحديدي الذي اصدر صوتاً .. وقف يوتا مفزوعاً .. هو كاد يُقتل من اقل من ثانية !!

هدأت الفوضي فجأة فإبتعد يوتا عن الرجل و رفع نظره للموجودين .. كانوا يقفون يحدقون به بهدوء قبل ان يرفعوا خناجرهم ضده و كأنه الهدف السهل امامهم !

صرخ فجأة و سقط ارضاً حين كاد أحدهم يفصل رأسه عن جسده !

تنفس برعب بينما يبتعد عن سكين احر كاد يشق معدته .. المجموعة اتحدت ضده !

رغم خوفه و رعبه الا انه لن يسمح لنفسه ان يموت علي يد سفاحين ! .. لهذا حين رأى خنجر احد المقتولين جانبه امسكه .. سيدافع عن نفسه .

صرخ أحدهم بينما يطعنه بسكينه ، فشهق يوتا و حدق مفزوعاً بما حدث !!

الخجنر الذي أخذه كان قد غرسه بمعدة الرجل و انهمرت تلك الدماء علي يده ليتوقف الزمن حوله .. هو قتل شخص ما ؟ .. هل هو من طعنه ؟!

فجأة شعر بضربات أقدامهم بينما اخذ الجميع يضربوه بأقدامهم كالمجانين و حاول احدهم قتله فيما هو كان قد غاب عن الوعي بجسد امتلأ بالجروح و الكدمات بكل مكان .

اطلق صفير الزنزانة ليتوقف كل ذلك بينما دخل ريكي ببرود ليحمل الفتي و يخرج .. هو قام بوضعه بغرفته و خرج بعدها .. سيكمل التعذيب فيما بعد .

بعد عدة ساعات فتح عيناه يئن بتعب بجسد مثقل لا يشعر به حتى لكنه حدق أمامه بتعب شديد مقاوماً رغبته بالدخول لعالمه الاخر .

شعر ان الجميع نائمون لذا هو تقدم من الباب و حاول فتحه حتى تذكر شئ ..

اخرج من جيبه مفتاح صغير و ابتسم بتعب .. يتذكر انه رأه بجيب ريكي و كان نسختان لهذا الباب و تأكد من ذلك حين رآه يفتح به لهذا راقبه خلسه و قبل ان يدحل لتلك الغرفة المشئومة سرق منه المفتاح بينما ريكي يفك قيد يداه ..

":_شكراً كازو لانك من علمتني هذا و نصحتني بفعلها بوقت الشدائد ."

همس ممتناً لابن عمته بينما يفتح الباب بهدوء و يخرج متسللاً من الممر الي ان خرج من البناية نهائاً ليجد نفسه بالغابة .. لم يتوقف بل ركض بسرعة الي ان خرج علي الطريق و هناك علم انه علي أطراف المدينة لهذا هو ظل يركض حتى دخل شوارع المدينة و قد بدأت تشرق الشمس بالفعل ..

*
*
*
يتبع...

اطول بارت 😁 2740 كلمة

كتبت البارت .. اريد رأيكم به ؟

هل أعجبكم السرد ؟

هي اول قصة مشتركة لي و لرفيقتي هديل و قد انهيت اول بارت بكتابتي

و الان بعد ان أنهيته اريد بارت من هديل 😎

# البارت من تأليف asmaa487
😘😘

دمتم بخير !

الي اللقاء .

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top