بارت 19


توسطت الشمس السماء ناشرة أشعتها المعتدلة تنير معالم مدينة طوكيو ..

و أمام قصر آل سوزوكي توقفت سيارة تاناكا ليترجل منها بصبرٍ قد نفذ ليتجه نحو باب سيارته الاخر لكي يفتح بابها ، كان وقتها صياح يوتا و ضرباته علي زجاج النافذة لم يهدأ ، كان عصبي تماماً ! لقد كاد سيتسبب بحادث عدة مرات بسبب ما يفعله !

فتح الباب بشئ من العصبية و كاد يصرخ الا أن خروج يوتا بسرعة من السيارة ليركض داخل المنزل جعله يزفر أنفاسه بحدة و يحاول تهدئة نفسه و يعطيها بعضاً من الصبر .. عليه أن يتعامل مع هذا الفتي بإدراك لعل الامر يجدي نفعاً !

بالداخل كان الجميع يجلسون بهَم قد أحاط بهم بدائرة من القلق ، كازو و ميرا كانا يجلسان قرب ماكوتو الشارد حتي قطع شرودهم تلك الضجة ، توجهت عيناهما مع دخوله لتتوسع عيناهما بصدمة و لهفة !!

" ما .. ماكوتو .. "

انتبه المعني نحو أخاه ، لا يعلم لما من بين الجميع ناداه هو لكنه لم يفكر كثيراً بينما ينهض و يتجه له بقلق ليتفقده ، و الاصغر تقدم مقلصاً المسافة بينهما ليفاجئ أخاه بعناق خصره بينما يهتف بخوف :

" لا تدعه يقترب مني ! "

قطب جبينه بشئ من الحيرة ثم أبعده و انخفض نحوه يسأله بقلق بينما يحدق بوجهه يتفحصه من أي جروح أو كدمات :

" هل أنت بخير ؟ و من تقصد بطلبك ؟! "

" أنه يقصدني ، صحيح يا يوتا ؟ "

تدخل بينهما بتنهيدة متعبة ، يعلم جيداً أنه لا يستطيع التعامل مع عناد طفله لكنه هذه المرة سيحاول !

توسعت عين يوتا ليسرع فوراً يحتمي بظهر شقيقه بجسد يرتجف و أعصاب تالفة تماماً بينما يصرخ :

" أجل أنه أنت ، لا اريدك ، لا اريدك .. أنا أكرهك ! "

تقدم كازو و خلفه ميرا بسرعة ، وقف كازو إلي جانبه مستعداً للدفاع عن رفيقه بأي لحظة بينما اقتربت ميرا لتأخذ أخاها بعناق من الخلف تهمس نحو أذنه :

" إهدأ ، نحن معك ، لن يؤذيك أحد ."

و بالفعل سرعان ما هدأ علي كلماتها بل سكن تماماً غامراً وجهه بظهر أخاه الذي نظر الي والده متنهداً بانزعاج و قائلاً :

" أبي أيمكنك التعامل ولو لمرة واحدة مع يوتا بشكل ملائم لعمره ؟! .. ثم أين عثرت عليه ؟! "

تنهد :
" لقد كان مع أشينا ."

ذهل أغلبهم لكن لا أحد منهم تحدث الا أن يوتا تمرد بالحديث بينما يظهر جزء من وجهه ليرى والده :

" أنها .. أنها خالتي و هي ليست سيئة .. و أنا أردت البقاء معها ! "

أعطاه نظرات غاضبة جعلته يعود مجدداً ليخفي وجهه ، أحس ماكوتو لحظتها بذراعي أخاه تحاوط خصره أكثر برجفة خوف كامنة فنظر لوالده مبعداً الصدمة التي تلقوها تواً :

" أبي .. هذه المرة أرجوك تنازل .. ثم .. ثم أن يوتا صاحب هذا المنزل و هو مالك كل شئ لذا .. لتتنازل أبي "

و أرفقها بإبتسامة بسيطة تكمن خبثاً قد رآها والده و فهمها ، كان يود إيصال ليوتا هذه الفكرة ، لربما تنفع معه بإعادة ثباته و تنازل والده قليلاً عن أمر عقاب يوتا مما حدث ، و بالفعل كان له ما أراده حين إبتعد يوتا قليلاً و أظهر نصفه العلوي لوالده ينطق بغضب :

" أجل لا تنسى أني مالك كل شئ ، حتى أنت ملكي أنا ."

" و المطلوب أيها الطفل ؟! "

راوغه تاناكا بينما يكتف يديه لصدره و يغمض عيناه بملل ، فأخفض يوتا عيناه يفكر قليلاً لينظر له و قد هدأ غضبه ليسأل ببراءة :

" تعني لست غاضباً من كوني .. "

" لا .. أنها ممتلكاتك ، حتي نحن ملكك ."

رمش بصدمة ، يكاد يسقط من هولها .. للتو تنازل والده عن غضبه !! لم يصرخ او يتقدم لضربه و إيذائه !!

يداه لا إرادياً إمتدت لتمسك بيد ماكوتو بينما يظهر نفسه كاملاً لكنه لم يترك جانب ماكوتو فمازال خوفه من والده قائماً ، رفع نظره لأخيه الذي ابتسم له تزامناً مع شعوره بيد كازو تلمس كتفه فنظر له ليجده مبتسماً بتشجيع ، فنظر نحو والده و هتف بإرتباك :

" أريد .. أريد لوكي إذاً "

لحظة صمت أحاطت بالموجودين .. ما هذا الطلب الغريب ؟! و من لوكي ذاك ؟!

رفع كازو حاجباً و ترك جانب رفيقه بشئ من الغيرة متسائلاً داخل عقله ، هل وجد رفيقه رفيق غيره ؟!!

" من لوكي ذاك ؟ "

سأل والده بغرابة فأخفض يوتا رأسه ينطق بصوت منخفض لكن سمعه الموجودين لشدة الصمت :

" أنه ، جرويّ الصغير .. إشترته لي خالتي أشينا .. "

تنهيدة خرجت من كازو قد سمعها الجميع ثم رفع قبضته ليباغت الاصغر بلكمة غاضبة بينما يصرخ :

" غبي ظننت انك بدلتني !! "

فرك مؤخرة رأسه بألم لينظر لكازو قائلاً بإبتسامة مرتبكة :

" لم أستبدلك أخي .. لكنه هدية لطيفة من خالتي ."

عبس كازو لتضحك ميرا قائلة و قد تغلب ما حدث علي المشاحنة القائمة بين الفتي ووالده :
" لابد أنها إشترته لك لأنه لطيف مثلك يا اخي الصغير ."

اختفت ابتسامته بعبوس احتل ملامح وجه لكنه لم يرد بل عاد ليدفن وجهه بمعدة ماكوتو الذي رغم شعوره بالغرابة لكنه سعيد بكون العلاقة بينهما أصبحت قوية و نمت الثقة بسرعة كبيرة أيضاً !

بتلك اللحظة شعر تاناكا باهتزاز هاتفه فأخرجه و تحولت ملامحه للملل و الحدة حين رأي المتصل التي لم تكن غير "أشينا" لكنه رغم ذلك قرر إجابتها دون معرفة أحد بالامر :
" ألو .. "

" هيه إسمعني أيها الاحمق .. "

ضاقت عيناه حين إلتقط صوتها الصارخ يشتمه عبر الهاتف ليهمس :
" قولي ما تودين قوله بسرعة لأني مستعجل ."

تنهدت هي الاخرى بالطرف الاخر لتنطق بنفاذ صبر :
" إسمع .. أعلم أنك حاد الطباع لكن ذلك الامر لن يجدي نفعاً مع يوتا ، فحالة يوتا النفسية غير متوازنة .. لذا أيمكنك التعامل معه بحذر و الإهتمام قليلاً ؟ .. إن لم ترد الامر أعده لي ."

رفع الهاتف عن أذنه و بينما هي منتظرة إجابته قام هو بإغلاق الهاتف بوجهها ثم ابتسم و هو يخيل له ردة فعلها منه ، بالتأكيد تكسر المنزل الان!!

إختفت إبتسامته و هو يعود للداخل و يفكر بكلامها ، يبدو أنها محقة تماماً فما حدث قبل لحظات من يوتا جعله علي يقين مما يعانيه إبنه ، فيبدو أنه مشتت تماماً و لا يتعامل بطبيعية مشاعره !

توقف يرى الجميع يلتفون حول يوتا يسألوه عن حاله عدا ريو و ابنه بالطبع الذي غادرا فور رؤيته .. حدق بإبنه ، كان يجلس ملتصقاً بشقيقه يبتسم بصعوبة لهم لكن ذلك قبل أن تتقدم كيرارا منه لتبعثر شعره فدفع يدها و صرخ :
"لا تلمسيني ! "

تفاجئت بل صدمت من أمره بينما تعيد يداها لجانبها و تتحدث بحنان :
" يوتا ، أنا لن أؤذيك ! لما أنت خائف ؟! "

أخفي نفسه بصدر أخاه الذي بادله العناق بقلق ليسمع الجميع همسه بصوته المرهق :
" ماكوتو ... لا تدع .. أحدهم يقترب .. أنا خائف .. "

إختفى صوته و ثقل جسده لكن ذلك لم يجعل ماكوتو يقلق ، فهو يعلم جيداً أن أخاه يعاني من شئ ما كما أن فقدانه لوعيه بعد ما حدث كراحة بعد ما حدث فتلك الحادثة لم يمر عليها سوى ثمان ايام فقط لهذا بالتأكيد جراحه لم تلتئم بعد و هذا واضح جداً من بشرته الشاحبة و إرهاقه !

كيرارا انتبهت علي الامر لكن كان تاناكا قد وصل بهدوء ليحمل إبنه بين ذراعيه بهدوء بينما ينطق :

" لا تقلقوا ، هو مازال مريضاً ."

و لم يتنظر ليتحدث إليه أحد بل إلتفت و غادر نحو غرفة الفتى ..

بالاعلي حيث غرفة يوتا .. قام بوضعه علي السرير بحذر ثم أمسك بطرف الغطاء و غطاه ليقف يحل ربطة عنقه و يرميها تليها سترته و حزام بنطاله ليستلقى بعدها بجانب طفله لكن قبل ذلك إعتدل و أظهر معدة الصبي ليجد أنها مازالت ملتفة بشاش نظيف فابتسم ، يبدو أن أشينا كانت تعتني به جيداً و هذا مريح !

إستلقى مجدداً بجانب يوتا ، وضع ذراعه الحرة حول يوتا و أغمض عيناه مسترخياً حتي غلبه النوم ليغفو بجانب الصغير .

**

كان هائماً .. طائفاً بمكان شديد السواد .. لا يعلم أين هو و لما هو بهذا المكان ؟ .. كل ما يعلمه أنه تائه .. مضطرب المشاعر ..

" يو...تا.."

شهقة اختجلت فيها أنفاسه بينما يلتفت حوله ، صوتها الحنون سمعه برفق .. ثم .. و بدون توقعات ظهرت أمامه بإبتسامتها ، تقف بفستان بلون العناب طويل يصل لركبتيها رغم ذلك كان وجهها شاحباً ، تبسمت بوجه و نطقت :
" أنسيتني .. يو..تا؟! "

امتدت يده نحوها ، وجد نفسه واقفاً أمامها بإحدي القاعات التي رآها من قبل ، خطي نحوها لكنه وجد نفسه مكانه فتوقف و أنزل يداه ، كانت تبتسم تنتظر الرد منه فنظر نحوها بعيون حزينه يسألها :
" لما فعلتي ذلك ؟ "

همست بصدي بصوت :" لأني كنت أحبك ."

عقد جبينه ، تحبه ؟ .. تبعثرت مشاعره أكثر لينظر لها مجدداً لكنها تبخرت ! لتتسع عيناه و هو يبحث عنها ...

**

فتح عيناه منهياً ذاك الكابوس بينما يتنفس بإرهاق و كأنه كان في مسابقة للركض ، شعوره الضائع ذاك قوطع حين شعوره بيد تحط علي معدته تحيط به ، بينما أنفاس ثقيلة كان يشعر بها أمام أذنه تلفح جانب وجهه فرفع رأسه بسرعة ليجده نائماً بقربه و بل يحتضنه أيضاً !!

للحظات يستوعب فيها الامر و يفكر حتي عقد جبينه بحزن بينما يستدر لينغمر بصدر والده ، يديه إنفلت تتحرر لتمتد يتمسك بها بقميص أبيه ، كان يصارع ألا يبكي ، يأخذ أنفاسه بقوة ليزفرها بهدوء ، لا يريد لوالده الشعور بإستيقاظه ، لا يريد أن يبعد هذا الشعور بالدفء و أنك تمتلك الشخص الذي أردته حتي لو إمتلكته مستغلاً أشياء أخري للحصول عليه .. حتي لو كان قاسياً فداخله ما يزال يكمن حباً غير محدود .. ما زال هناك شئ داخله يطالبه بوجوده ! .. يطالبه دائماً !

فرت دمعة هاربة لم يشعر بها بينما يغمض عيناه دافناً نفسه بصدر والده الذي فتح عيناه لحظتها دون أن ينتبه الاصغر عليه ليبتسم بحزن و يراوغه .

" أقسم أني .. أحبك أبي ، لكني .. أكر..هك .."

سمع همسه الخافت بينما يشعر به يستكين تماماً دون حركة أو إرتجاف فلانت ملامحه بحزن يتمني أن ينتهي الذي زُرع داخل صغيره تجاهه مع الوقت ، ثم أكمل نومه مجدداً .

*****

اليوم التالي ...

بذلك المكان حيث تكمن المافيا ، و بأحد زنزاناتها إرتفعت ضحكات لم تكن في محلها ، رغم الألم الذي يشعر به لكنه كان لا يهتم ، كاي وقف أمامه يلهث بغضب و حقد بيده سوط ممتلئ بدماء ريكي الذي نظر له بثبات مستهزئاً منه :
"ماذا؟! .. أتعبت كاي ؟ .. "

" أصمت!! "

صرخ كاي بغضب أكبر بينما ترتفع يده بالسوط مقرراً إكمال ما بدأه ، لكن ريكي كان يبتسم .. تزداد إبتسامته ، رآها كاي .. و كأن الوقت توقف بينهما بهذه اللحظات .. كاي ينوي ضرب ريكي الذي يبتسم نحوه بخبث و كأنه يقول له 'لن تكمل عزيزي! '

"وداعاً "
كان هذا أخر ما همس به ريكي بكل خبث ليرتفع صوت انفجار بالمقر بأكمله فإهتزت الارض تحتهما مزلزلة ثبات كاي الذي نظر بسرعة لريكي فيجده قد اختفى ليقع مصدوماً و الصراخ بمقره يرتفع بلوعةٍ و فزع لزملاءه ، فعلم أن ريكي من فعلها مثيراً الفزع بنفوسهم .

" ريكي! .. ريكي لن تهرب! .. "
صرخ بجنون بينما يقف محاولاً الثبات فصوت الانفجارات مازال قائماً لتتوسع عيناه و أذنه تلتقط زئيراً حاداً فإلتفت بسرعة ليجد أسداً واقفاً أمامه يخرج منه زئيراً ليهمس بحده :
" تباً ريكي لك و لحيواناتك! "

هذا قبل أن يخرج سلاحه بسرعة ليصوب علي الاسد الذي لم يهتم بينما ينقض علي غريمه ليشعر كاي أنها نهايته ، فمن لا يعرف أسد ريكي المفترس ؟! .. لكن الذي لم يُفهم من كل ذلك ، هو كيف فعل ريكي ذلك و هرب و هو كان مقيد بسلاسل محكمة ؟!

شهق كاي مغمضاً عيناه حامياً نفسه بذراعيه و الاسد ينقض عليه ليرتفع صوت عيار ناري قوي و سط كل شئ من حوله ليفتح كاي عيناه بدهشة ليجد رجلاً ضخماً يمسك ببندقيته علي كتفه بينما يحدق به ببرود شديد ، عيناه حادة باردة ، ذراعيه مليئا بالوشوم ، يرتدي قميص جينز مقطع الاكمام و شعره أسود قصير .

تنهد كاي و هو يلتقط أنفاسه المسلوبة بسبب الخوف ليخاطب الرجل براحة :
" شكراً جينرا لقد أنقذتني بأخر لحظة ."

أجابه بصوته الغليظ بينما يحدق بالارجاء حيث المقر الذي يشتعل :

" لا وقت علينا إطفاء الحريق .."

قاطعه بدهشة :
" لكن ريكي .. !"

" لن نجده بهذا الوقت حتي لو كان ميتاً ، أنت تعرف ريكي جيداً فهو أقدم منَّا نحن ، و أفعاله لا يمكن توقعها ."

أراد الصراخ بغضب لأنه لحظتها تذكر وعد ريكي له بالهرب لكنه لم يفعل كاتماً غضبه داخله فالمقر أهم .. فهو إحدي المقرات المميزة للرئيس .

و بعيداً عن المقر بمسافة ليست بقصيرة لكن المقر فيها يتضح ، كان يستند ريكي علي أحد الشبان و الذي لم يكن غير ذلك الجاسوس من المكتب الفيدرالي الذي نطق مخاطباً ريكي :
" أنت بارع يا رجل ، كيف خططت لكل ذلك ؟! "

إلتفت ريكي ينظر نحوه ثم ينظر أمامه بابتسامة متعبة :
" دعك من ذلك و أوصلني لمنزل أختي ، يا ساتو ."

اعترض ساتو :
" يجب أن تذهب للمشفي و هناك سأجعل القائد ميغان يشرف علي قضيتك ."

" ليس الان .. "

" لا يا ريكي ، أنت أنقذتني ذلك اليوم و بسبب ذلك إستطعت الهرب لهذا دعني أرد لك جميلك معي ."

ابتسم ريكي بضعف :
" رد لي معروفي بإيصالي لمنزل أكيكو .. أرجوك ."

تنهد ساتو بحنق بينما يساعده بدخول سيارته ليقودها و يغادر حيث يريد .

****

يجلس علي المقعد بكافتيريا المدرسة بوقت استراحة الغداء ، لكن بدل أن يأكل طعاماً مناسباً كان يمسك بمصاصة بالفراولة يمتصها بطفولية رافضاً أكل طعامه .

حوله علي الطاولة كان يجلس كلاً من ميراً و كازو بالاضافة لكاميليا الذين نظروا له بإنزعاج لينطق كازو ببرود :
" إعلم أيها الاحمق ، رفضك للطعام لن يغير شيئاً و لن يقنع أباك المغفل أن يدعك تزور خالتك أشينا لذا كن عاقلاً و تناول الطعام ."

نظر له يوتا بطرف عيناه بينما ميرا و كامي يحاولان كتم ضحكاتهم علي النظرات المشحونة بين كازو و يوتا .. ضرب يوتا علي طاوله ينطق بصعوبة بسبب المصاصة بفمه :
" لا .. تتكلم معي هكذا .. يا .. أحمـ..ـق "

ابتسم كازو مستهزئاً :
" أخرج هذه المصاصة أيها الطفل و تكلم جيداً ."

أخرجها بغضب ليهتف :
" كازو ! "

" ماذا ؟ "

" أصمت قليلاً ، أنت تزعجني ."

" و ماذا في الامر يا وريث سوزوكي؟ ."

" سوف أجعل الخدم يضربونك ."

حل الصمت عليهم لينفجر ثلاثتهم بالضحك علي كلامه فإحمر وجهه بغضب و احراج ، ليتركهم و يغادر بينما يتابعون ضحكهم و سخريتهم منه .. رغم ذلك كانوا يحاولون إخراجه من عزلته و قلقه ليتصرف علي طبيعته .

و هو بخطوات غاضبة خرج من الكافتيريا لساحة المدرسة المليئة بالضوضاء ، ليتجه نحو أحد الاركان الهادئة لكن قبل مروره للمكان وجد نفسه يجذب من معصمه خلف أحد الاولاد في عمره تقريباً و معه ولد أخر و فتاة ليهتف بانزعاج بينما يحاول الافلات :
"هيه داني ! أتركني ! "

توقف أربعتهم خلف أحد جدران المدرسة الهادئة بعيداً عن الاعين ليحتجزه هناك داني صاحب الشعر شديد السواد و الملامح اليابانية ، دفع يوتا صدر داني محاولاً إبعاده عنه فالمسافة بينه و بين داني لا تفصل عن سنتيمترات بسيطة بينما يحتجزه علي الحائط ، لكن رغم دفعه الا إن بنية داني قوية و طوله مناسب عكس يوتا الذي كان بطول الفتاة ميا خلفهم صاحبة الشعر البني التي تبتسم بخبث بجانب الاشقر ميكارو ..

انزعج يوتا فهو يحاول دون جدوي ليصرخ :
" ابتعد عني داني ، لست بمزاج يسمح .. "

" إخرس ."

جفل يوتا بألم بعد أن بتر كلامه ، شعر بأن طبلة أذنه ثقبت بسبب صراخه أمامها ، ثم ابتسم داني ليخاطبه بخفوت قد سمعه أربعتهم :
" نعلم إنك طفل منبوذ ، لذا لا داعي لأن تظهر نفسك قوياً فأنت مجرد طفل ضعيف ."

لم ينطق يوتا ، كان يعلم أن الجميع يعرفون بأمره ، يعرفون أنه مجرد ضعيف ينبذه أهله و ليس كأي فتي أخر بعمره ، لهذا لم يستطع الرد ، كان داني دائماً يحاول التنمر عليه لولا وجود كازو معه يحميه لكنه الان بمفرده فإستغل داني و رفيقيه الامر بصدرٍ رحب !

" لما لا ترد و تدافع عن نفسك ؟ ."

قال ساخراً فإحتضن يوتا ذراعه الايمن بالايسر دون رد ، فقط سقط شعره الفضي علي عيناه مخفياً جزء من ملامحه ليبعد داني إحدي يديه التي امتدت ناحية يوتا ، أبعد شعره خلف أذنه لتظهر عيناه الحزينة فيقول داني بابتسامة مخاطباً يوتا :
" شعرك الفضي ليس كشعر أسرتك البني و الاسود .. و كأن مواصفات جسدك تخبر الجميع أنك مجرد منبوذ لا تنتمي لأحد .. مجرد قمامة .. "

رفع يوتا يده محاولاً دفعه بينما يهمس ب'دعني' لكن ذلك كان يزيد من رغبة داني و رفيقيه بالتنمر عليه أكثر و السخرية منه !

إستند يوتا فجأة علي الحائط ثم انزلق ليجلس أرضاً ، يتنفس بقوة ، كان قد أصابه الدوار فجأة لتختفي أخر ذرة من تحمله فإبتعد داني عنه يبتسم نحوه بسخرية واضحة قائلاً :
" سندعك أيها المشرد .. المنبوذ ."

ابتعدا فخرجت شهقة باكية من يوتا الذي تكور حول نفسه ، تنفسه العالي أمامه كان يحاول عدم البكاء كي لا يسخرون منه أكثر ، منبوذ ! .. هذا ما كان ينقصه ليكسر أخر ذرة امل داخله لإعادة ترميم قلبه المصاب .. هو بالفعل منبوذاً منذ صغره ، فهل سيتغير شئ ؟!

رنين جرس المدرسة سمعه لكنه لم يلقي بالاً بأن يدخل أو يهتم بالامر ، و كل ما كان يحاول أن يفعله هو الابتعاد لأنه و كما قال داني .. مجرد منبوذ !!

مر اليوم و عاد مع اولاد عمه و اخته للقصر ، كان يسير بخطوات ثقيلة غير مدرك لما حوله حتي اصطدم بجسد فارع الطول ، فتراجع خطوتين دون رفع صوته ، فقط رؤيته لقدميه علم أنه والده و الذي نطق لحظتها بقلق :
" يوتا ، أنت بخير ؟ .. أسف لم أنتبه كنت مستعجل و غاضب من أمرٍ ما ."

لم يتلقي رداً من يوتا فإستغرب الجميع و نظروا لكازو الذي نطق بقلق :
" منذ استراحة الغداء و هو صامت لا يجيب أحد ، حتي سينسي حين ناداه لم يرد عليه بل تجاهله ."

تلك اللحظة تقدم يوتا نحو طبق الفاكهة يترك حقيبته تسقط بإهمال فتقدم تاناكا خلفه مضيقاً عيناه بتركيز قبل أن تتوسع عيناه و يداه تمسك تلقائياً بمعصم يوتا الذي كاد يرشق سكين الفاكهة بمعدته !!

كان الجميع في حالة من الذهول ، إمساكه للسكين ثم محاولته لطعن والده ، تنفسه العالي و جنونه ، و لولا أدرك تاناكا الامر فوراً لكان قد قتله يوتا !

" يوتا ماذا كدت تفعل ؟! "

هتف تاناكا بصدمة ليحاول الفتي سحب يده بالسكين من يد والده بينما ينطق بتقطع و إنهيار :
" دعني .. أنت مِلك لي فقط .. أنا لست .. أنا لست منبوذاً .. أنا يوتا .. فقط .. "

هدأ يلتقط أنفاسه بوهن ثم سقطت السكين منه لينخفض جفناه تلقائياً يشعر بجسده ينهار فجأة فأمسك به والده من خصره بسرعة لكن كان الفتي قد فقد وعيه ليهرع نحوه الجميع لكن أوقفهم تاناكا بينما يحمل إبنه بقلق :
" هل تعرض له أحد بالمدرسة ؟! "

نظر كازو و الفتاتين لبعضهما لينفي كازو بعدم معرفته قائلاً :
" لا أعلم لقد أزعجناه بالاستراحة لأنه لم يرد تناول طعامه و قد تركنا و غادر و عندما بحثنا عنه لم نجده ووقتها الجرس رن فإضطررنا للدخول منتظرين منه العودة .. لكن .. لكنه لم يعود لصفه أبداً حتي انتهي الدوام لنجده جالساً أمام المدرسة ، فحاولنا محادثته لكنه لم يجبنا فتهيأ لنا غضبه منا لذا تركناه ..هذا ما حدث ! "

همهم تاناكا بغضب لينطق :
" أرسلوا الطبيب ليفحصه ."

أنزله علي الاريكة ليحل له ربطة عنقه و ينزع عنه جاكيت المدرسة ليتركه بالقميص ، لكنه شرع بفك أزرار القميص ليخاطبه كين بغرابة :
" تاناكا ، ماذا تفعل؟! "

" أري جرحه ، شئ ما حدث بالمدرسة لهذا هو فعل ذلك معي .. نفسيته تتحول للأسوأ ، و لا أعلم ماذا يمكنني أن أفعل ."

كان تاناكا رغم عدم إظهاره لمشاعره كان ضائعاً بأفكاره ، لا يعلم كيف يمكنه مساعدة طفله ، أيضغط علي كبريائه و يحضر أشينا ؟ أم يترك إبنه بهذه الحالة حتي تسوء أكثر ؟!

هو حاول قتله اليوم و غداً لا يتوقع منه غير فعل أبشع من هذا ! .. ماذا يفعل ؟!!

حضر الطبيب مطمئناً إياهم علي حالته ليذهب ، بعدها بساعتين فتح يوتا عيناه بضياع ليجد نفسه علي الاريكة ، اعتدل بتعب لينظر للجميع حوله مطلقاً سؤالاً بنبرة مستغربة :
" لما تجلسون بهذه الملامح ؟ أهناك شئ حدث ؟ "

بادلوا أنظارهم لبعضهم البعض ليخاطبه كين مستغرباً :
" يوتا ، ألا تذكر شئ ؟ "

" شئ؟ .. مثل ماذا عمي ؟! "

كاد كين يجيبه بما حدث فيسارع تاناكا قاطعاً ما أراد قوله بكل هدوء :
" لا شئ حدث غير أنك منذ جئت رميت نفسك كالاحمق علي الاريكة و نمت ، فتركناك .. "

أمال يوتا رأسه يرد بهدوء :
" لكن الجميع متجهم و هذا .."

" هذا لا شئ ، لا داعي للقلق و هيا غير ملابسك لتذهب معي ."

" إلي أين ؟! "

لم يكن الوحيد المستغرب فالجميع كانوا كذلك فأشبع تاناكا نظراتهم المستفسرة بمخاطبته ليوتا :
" للشركة ، أنسيت أنك تملك بها أكثر مني ؟ و للظروف الراهنة أحتاجك لأعلمك كيف يمكنك إدارتها لتستطيع مساعدتي ."

دهش الجميع ليثور ريو من بينهم :
" ماذا تقول تاناكا ؟! أستدخل طفل لشركة عملاقة كشركتنا لتجعله يفسدها َ؟! .. "

قاطعه تاناكا منزعجاً :
" و ما أدراك أنت بأنه قد يفسدها ؟ .. قلت سابقاً أني سأعلمه ."

"لكنه مازال .. "

قاطعه ببرود :
" طفل ؟ .. أهذا سبب ؟ .. "

إلتفت ناحية شقيقه الغاضب ليردف :
" ريو ، أعلم أنك تخاف أن ينقلب يوتا علينا و يدمر ما بنيناه لكنه لا يزال إبن هذه العائلة .. "

رفع يوتا نظراته بدهشة و كأنه وجد بصيص أمل لحياته هذه بينما أكمل تاناكا بينما يحدق به و يخاطب الجميع :
" لذا يجب علي إبن العائلة أن يصونها بأي ثمن كان .. أليس كذلك يوتا ؟ "

أنهي كلامه ينظر ليوتا بإبتسامة منتظراً إجابته فارتبك بشدة بينما ينهض و يتراجع لغرفته :
" آه .. أجل أجل .. أستأذن سأغير ملابسي و أتي ."

ركض بسرعة لغرفته بينما يتابعه الجميع بدهشة ، فهو قد نسي ما حدث تماماً و كأنه لم يدرك ما فعله حين أتي ، غير شخصيته المرتبكة تلك !!

تاناكا كان قد قرر بالفعل ، ربما هي الوسيلة الوحيدة لإشغال يوتا .. "فما هي أفضل وسيلة لإيقاف عقل عن التفكير هي إشغاله بعمل أخر يتطلب التفكير الايجابي ".. و أفضل طريقة هي هذه لكي يبقي يوتا معه طيلة الوقت .

إختفت ابتسامة حين تذكر السبب المجهول لمهاجمة يوتا له منذ أكثر من ساعتين لكنه ابتسم مجدداً و هو يرى يوتا مقبلاً نحوه بتيشرت أسود و بنطال جينر نفس اللون ، و شعره تركه بعشوائيته بينما يسير شارداً حتي وصل لوالده لينحني تاناكا ممسكاً بيده فأوقفه ريو بدهشة معترضاً :
" ماذا ؟! .. هل مازلت مصراً تاناكا ؟! .. "

تنهد تاناكا و توقف يجيب ريو بهدوء ولامبالاة :
"قلت مسبقاً أنه مالك الشركة و ممتلكاتنا معظمها ، لهذا لا أريد لأحد التدخل في هذا الامر ."

ظل ريو محدقاً بأخيه بإستياء شديد ليضع كين يده علي كتفه قائلاً :
" لا بأس ريو ، شقيقنا يعلم ما يفعله ."

من شدة الغضب نظر لكين دافعاً بيده ليغادر فتنهد كين و نظر لشقيقه مبتسماً بإحباط :
" لا تشغل بالك به يا أخي ."

أومأ تاناكا ليمسك بيد يوتا و يسير للخارج .

حين استقل السيارة كان يجلس يوتا الي جانبه حيث افترش مكان السائق ، التف للفتي يمسك حزام الامان ليلفه حوله لكنه تسمر و يوتا يحدق بالخارج بإبتسامة مرتاحة ، فربط الحزام و ربطه لنفسه بينما ينظر إليه من طرف عيناه يفكر :
«يبدو أن الامر بدأ يتحسن ، ربما هذه الابتسامة تنبع من قلبك بعد ما حدث أمامك .. لكن .. أهذا ما تريده حقاً يوتا ؟ .. لا زالت تلك الكلمة ترن في أذني ' أنت ملكي أنا ' أهذا ما تريده ؟ .. تريدني ؟! .. بعد كل ما فعلته بك ؟! .. »

أعاد عيناه للنظر للطريق ليسير بالسيارة للشركة بينما يتابع تفكيره :
«.. لا شك بأنك تشبهها ، كل شئ داخلك يشبها حتي روحك الطفولية مثلها .»

****

" حسناً أراك لاحقاً ، هيرو ."

ودعه رفيقاه ملوحان بيداهما ليلتفتا يغادران ، فأنزل يده مبعداً الابتسامة عن وجهه ، دفن قبضتيه داخل جيباه ليسير علي رصيف المارة بهدوء .. نساء ، رجال .. أطفال يصرخون ، الكثير منهم يسيرون بطريقه أو عكسه ، اليوم مزدحم ! بالكاد يعبر من بينهم !

نظر أمامه ليبتسم براحة حين وجد أنه يبتعد عن الإزدحام بهذا الشارع ، أين ذاهب ؟ .. هو حقاً لا يعلم .. أصبح ذهابه للمنزل يزعجه .. هو يشعر بأنه مجرد مراهق أحمق يسير مع التيار دون فعل ما يحبه ، مجرد كلمة أو أمر من والده يجعله يفعل دون إعتراض حتي لو شئ خاطئ ! لذا هو قد مل !

رنين هاتفه أجفله ليعود ادراكه المشتت حيث هاتفه الذي أخرجه ليزفر بضجر بينما يضطر للرد علي والده :
" ماذا أبي ؟ . "

أتاه صوت والده ثائراً :
" هيرو ، هيرو أنا في ورطة ! .. تباً .. "

" إهدأ أبي و أفهمني الامر ، ما الذي حدث بغيابي ؟ ."

زفر والده عبر الهاتف يحكي له ما حدث ليتنهد هيرو قائلاً بهدوء :
" و ماذا في الامر ؟ أنه بالفعل يملك كل شئ الان ولا مجال للإعتراض ."

" ماذا تعني ؟!! "

" أعني أن نتركه أبي ، هو حر ، للأن لم يسئ عمي تاناكا لك لهذا إرحمه ."

شاط ريو به غاضباً :
" أنا المخطئ لأني تحدثت إليك ايها العاق ! لا أريد رؤية وجهك أمامي حتي أهدأ ."

أغلق المكالمة ليزفر باستياء ، ما هذه الحياة المزعجة ؟! .. حتي ماكوتو منزعح منه لذا لا يتحدث إليه كما كان يفعل سابقاً !

وضع هاتفه بجيبه و عاد ليسير بغير هدف لكن اندفع جسده للخلف بدهشة حين ضرب به شخصاً ما فسقط ذاك الشخص أرضاً !

رمش عدة مرات محاولاً إستيعاب الموقف ! إمرأة؟!!!! .. تطلع بوجهها و هيئتها ، شعر أسود .. جسد هزيل مصاب ثم .. تقابلت عيناهما و الفزع تحول لذهول و تفكير !

أفاق هيرو من شروده بملامحها ليسرع لها حتي يساعدها لكن خطوات مسموعة أجفلتها لتنهض تتجاهله و تكمل ركضها محاولة الابتعاد لكنها توقفت و نظرت نحوه تنطق بهلع و ألم :
" لا تخبرهم عني ! "

التفتت بعدها تاركة إليه نظراتها البائسة الحزينة و كأنها تحاول إيصال له شيءٍ ما قبل أن يجد من يدفعاه بعيداً عن الطريق يتابعان مطاردتها !

بقى لحظات يتطلع للمكان الذي هربت منه ليتنهد بضجر و يلتفت مغادراً !

****

تنهد تاناكا بيأس حين وجد جميع الملفات تسقط مفترشة الارض بفوضي عارمة ! .. لحظتها كان يجلس مع هيجي ياماموتو الذي ضحك علي ما حدث بينما نهض تاناكا بغيظ من يوتا الذي تراجع بابتسامة بريئة مصطنعة بالطبع ينطق :
" لم أقصد .. كنت أساعد ."

كاد يُقدم علي خنقه حقاً فهذه ليست أول فوضي يحدثها إبنه ! .. تملك نفسه لينطق مصطنعاً اللطف بحديثه :
" إذاً أيها الطفل ، إذهب فوراً لرؤية ماذا حدث للقهوة ."

" حاضر ."
هتف بحماس و هو يلتفت و يغادر لكن تاناكا سارع بإمساكه ينطق بهلع من إفساده لشئ أخر :
" لا لا .. أبداً لن تبتعد عن عيناي أيها المزعج ."

عبس يوتا فقد كانت لديه خطة أفسدها هذا العجوز الغاضب ! و الان أعليه الجلوس كالاحمق ؟!

جذب تاناكا يد يوتا ليجبره علي الجلوس بجانبه بينما تكلم عبر الهاتف ينطق بنفاذ صبر :
" سانيا أيمكنكِ إرسال شخص لينظف الفوضي ؟ "

أنهي كلامه معها حين أعطته الرد ليجلس يحدق بإنزعاج بنظرات يوتا العابسة ليلتفت لهيجي الذي نطق مبتسماً :
" لم أعرف أنه مجرد عابث ! .. لقد أخبرني جين عنه .."

نهض يوتا يسعادة حين سماعه لإسم جين ليهتف بلهفة مقاطعاً :
" جين ؟! .. ياه ! أنت والده لقد نسيت ذلك ! .. "

" يوتا لا ترفع صوتك ."

وبخه تاناكا لكن يوتا تجاهله بينما يتجه لهيجي ليمسك بيده بلهفة :
" أهو يعيش معك ؟! .. أريد رؤيته أيمكنه المجئ ؟! "

قهقه هيجي علي تصرفاته بينما ضرب تاناكا جبينه بيأس ، قال أحضره هنا لكي ينسي التفكير قال ! .. هل أحضره ليفسد الشركة بطيشه و مشاغباته هذه ؟!

ابتسم بغباء بينما يتذكر كلام ريو ، لقد كان معه حق ، هذا الطفل !

تكلم هيجي بابتسامة بينما يبعثر شعر يوتا :
" سأخبره ليذهب إلي منزل والدك كي يراك هناك .. ."

" أوه شكراً لك يا عم ، شكراً ."

ابتسم ليردف :
" .. لكن ذلك حين تصبح عاقلاً سوزوكي يوتا ."

عبس يوتا أكثر ليترك يده و يلتفت حيث مقعده بجانب والده ليجلس بصمت ، فقهقه هيجي بينما تنهد تاناكا بقلة حيلة لينطق هيجي بجدية :
" الان لنتحدث عن أمر ما يحدث هذه الايام .. "

أومأ له تاناكا بينما ينظر للأوراق بإستياء ليردف هيجي :
" ذلك الشخص سمعته مرموقه لكننا للآن لم نستطع أن نمسك بالخيط الذي يقودنا لنعرف ما غرضه من إستهداف منتجاتنا نحن خاصةً ؟ .. شئ غير طبيعي يحدث ، ذلك الرجل يعرفنا لهذا يخفي نفسه رغم أن شركته و منتجاته معروفة !"

همهم تاناكا لينطق بهدوء و تفكير :
" شخص يعرفنا ؟ .. ربما تقابلنا معه من قبل و يبدو أن هناك شئ جعله يفعل ذلك .. شئ له صلة بي و بك .. لكن ما عساه يكون ؟ "

تزامن سؤاله بالنظر نحو عينا هيجي الذي عقد جبينه بضيق يفكر كذلك لكن يوتا تدخل قائلاً بعفوية :
" ربما شخص يضمر لكما الحقد .. "

نظرا نحوه ، هيجي يفكر فيما نطقه و تاناكا عاتبه قائلاً :
" يوتا لا تتدخل في حديث الكبار "

" لما ؟ .. "
نبس بغيظ ثم نهض يردف بينما يحدق بعينا والده بضيق :
" أبي لا تنسي كل ما حدث معي .. لا تنسي أنك سبب كل شئ أنا عانيت منه لأنك ببساطة تجاهلت تلك الرسالة التي أرسلت لك .. "

" كيف علمت بأمر الرسالة ؟! "

قاطعه متعجباً لينظر له يوتا بغضب يهتف :
" هناك .. لقد أخبروني هناك عن أمرها و تعرف ماذا أخبروني أيضاً ؟! ... أخبروني أنك لا تريدني و أنك السبب برفضك لي .. أنت السبب ! "

صرخ بنهاية كلامه بغضب لينهض هيجي ممسكاً بكتفيّ يوتا جاذباً إياه بعيداً عن تاناكا الذي نظر أمامه دون استطاعته الرد بشئ يبرر موقفه .. أجلسه علي أريكة بعيدة قليلاً و جلس إلي جانبه يسأله بهدوء :
" لما اندفعت يوتا ؟ .. أعرف أن معك حق بمشاعرك تلك لكن .. لكن أحياناً نفعل نحن الاباء أشياء نظنها مناسبة لمن حولنا و هذا ما يسيء الفهم بين بعضنا البعض ."

صمت دون رد ، كان يشعر بالغضب ، غضب لا يبرده أسف !

" أنا أعرف أن إعتذاري لن يجدي نفعاً لكن حاول فأنا أحاول التقرب منك لتسامحاني ."

"تسامحاني ؟!! "همس يكرر بغير فهم لينظر له تاناكا مردفاً بحزن :
" أجل ، أنت ووالدتك سوزي .. هي كانت تشبهك ، عيناها مثل عيناك و ملامحها أيضاً عدا لون شعرها الاشقر .. "

نهض يوتا يخرج دون رغبة بسماع باقي كلماته ، فصمت تاناكا و جلس يتنهد بآسف ، فيبدو أن يوتا لن يهتم بما يقوله و لن يسامحه .

*****

ضربت جبينها بغيظ منهما لتصرخ :
" تأدبا أيها الشقيان ! .. خالكما متعب !"

أبعدا كفيهما عن أذنيهما و نظرا لها بابتسامة لينظر يوكي لريكي تتحول ملامحه للغيظ بينما ينطق باستهزاء :
" هذا المزعج خالي ؟! .. يبدو أحمق !"

شهقت بينما ارتفعت شرارات الغضب بين يوكي و ريكي الذي ابتسم بشيطانية ينطق :
" ما رأيك أن تري حماقتي أيها الطفل ؟ .. "

هتفت موبخة أخيها :
" ريكي ! "

عبس ينظر بعداوة ليوكي :
" لكنه يشبه يوتا بلسانه الطويل ، أتركيني أعلمه درس بالاخلاق ."

" هه! أخلاق ؟ من اين جئت بها لتعلمني إيا.."خاطبه مستهزئاً ، فصرخت أكيكو بغضب عليهم :
" صمتاً ، يوكي هذا خالك وجب عليك إحترامه ! .. و أنت ريكي تعامل مع يوكي و آكي بلطف ، هما طفلاي ! "

أومئوا جميعاً ، فتدخل طرف خامس ينطق بابتسامة :
" يبدو أنهم أزعجوكي أكيكو ، ماذا فعلوا أخبريني ؟ "

تنهدت بقلة حيلة بينما تراه مقبل نحوها :
" لا شئ حبيبي .. "

" هيه لا تناديه هكذا أمامي ! "

هتف ريكي بغيرة معترضاً فنظروا إليه جميعاً بدهشة حتي ضحك يوكي بملء فمه يسخر منه :
" تغار .. أنت تغار من أبي .. ياه لا أصدق ! "

نبهته أكيكو بانزعاج :
" يــوكي ! "

كتم يوكي ضحكاته بينما يجلس بجانب والده الذي نظر لأكيكو التي وجهت له سؤالاً :
" جئت مبكراً ! هل أنهيت عملك ؟ "

نفي مبتسماً يقول :
" لا لكن .. السيد ياماموتو هيجي قرر الذهاب بدلاً عني لسوزوكي تاناكا .."

تنبهت حواس الجميع للإسمين ليقاطعه ريكي بينما يعتدل و هو يرتدي قميصه مخفياً جروح جسده :
" ياماموتو و سوزوكي ؟! .. بالتأكيد هناك شئ خاطئ بما قلته ! "

" بل بالعكس ، هذا بالفعل حقيقي .. السيد هيجي إضطر لوضع يده بيد تاناكا لمعرفة عدوهما الذي يخرب عليهما و يحاربهما من خلف الاسوار."

" عدو؟! "

" أجل .. أتعرف شئ عن هذا يا ريكي ؟ "

فكر ريكي :
" أظنني أجهل هذا الامر لكن إن كان هناك عدو مشترك لهذان الاثنان فلن يكون سواه .. "

" من ؟ "

سأل شين لينظر له ريكي بينما يحاول أن ينهض :
" إن وصلت لهذه المرحلة فـ.. "

" ريكي أنت مصاب ! "
قاطعته أكيكو بينما تحاول إعادته للجلوس مرة أخري فنظر لها بابتسامة:
" لا بأس أكيكو أنا بخير .. إنها مجرد جراح ."

" لكن ؟! "
همست معترضة و قلقة ليخاطبها شين بضحكة خفيفة :
" لا داعي للقلق عليه أكيكو ، فهو رجل عصابات و مثل هذه الجراح لا تؤثر في جسده ."

نظرت لزوجها منزعجة و قلقة علي أخيها الذي نظر لمكان يوكي فلم يجده فسأل آكي مستغرباً :
" أين ذهب توأمك الشقي ؟ "

" ذهب للخارج ."

أجابته بهدوء ، فنظر لشين و أكيكو يقول بجدية :
" إسمعاني ، يبدو أن العد التنازلي قد بدأ لنهاية هذا الانتقام ، لذا وجب علينا جميعاً الحرص علي أنفسنا و من يحيطون بنا لذا .. "

بتر كلامه حين ارتفع صراخ يوكي من الخارج مع صوت إطلاق نار قوي ، فتوسعت عين ريكي بصدمة حين علم أنهم بدأوا بالفعل ! .. لكن هل .. هل يوكي ..؟

أبعد تفكيره بينما يهرع للخارج قبل الثلاثة و الذين تسمروا بفزع و خاصةً أكيكو بعد أن وقف عقلها عن التفكير .

" يـــوكي !! "

هتف أكيكو بقلق بينما وقف أخيها بجسده المتعب يبحث بناظريه عن أخيها لتضيق عيناه بحقد حين لمح تلك الابتسامة عبر مرآة السيارة السوداء التي هربت ، فلم يكن غير جينرا !

" ولدي ! "
همس شين بينما يلتقط جسد يوكي الممد أرضاً محاولاً افاقته بينما ينظر لجسده ، يبحث عن أي دماء !

فنطق ريكي بينما يجلس بجانبهم :
" لا داعي للقلق ، لم يصيبه أي أذي لكنه فاقد الوعي بسبب مفاجئته بتلك الطريقة الغظيعة ! "

تزامن حديثه بامساك أنف الفتي يمنع عنه التنفس ، فسألت آكي بقلق و عدائية :
" أنت ماذا تفعل ؟! .. أترك أخي ! "

أمسكت بها أكيكو باللحظة التي شهق فيها يوكي و تركه ريكي بينما ينتفض جسده يسعل بقوة فتبسم ريكي ببرود :
" أنت مدين لي الان أيها الطفل ."

تجاهله يوكي رغم سماعه لجملته ليتمسك ببدلة والده بجسد يرتجف هلعاً ، فعانقه شين يهدئه :
" لا بأس ، أنت بخير إهدأ .. لقد ذهبوا ."

لم يستطع أن يتحدث ، فشعوره بالفزع حين تمت مهاجمته بتلك الطريقة المفاجئة كانت كفيلة بذلك ، طلقات النيران التي بالكاد تفاداها أو بالاصل هم من لم يريدوا قتله ، لكن ذلك كان مرعب بالنسبة له !

نظر شين لآكي ينطق بينما يحمل جسد ابنه :
" آكي أحضري كوب ماء ."

" حاضر أبي ."

عقبت آكي لتذهب مسرعة للداخل ليلحق بها والديها و ريكي التي تنهد بضجر ، فماذا عليه أن يفعل الان ؟!

بالداخل و بعد أن أفاق يوكي من صدمته جلس يبكي بخوف متذكراً تلك اللحظة و هم يتراشقون عليه بالرصاصات و رغم أنها لم تصب جسده لكن ابتسامتهم و ضحكاتهم المستمتعة كانت أكثر إرعاباً من ذلك ، و كأنهم يبلغوه رسالة مفاداها أنهم قادرون علي قتل الجميع بأي لحظة و بكل سهولة !

تنهد ريكي بضجر لينطق بملل :
" يوكي ، أين ذهب لسانك ؟ .. أأصبحت باكياًَ كيُوتا الآن ؟! "

ابتعد عن حضن والدته لينظر لريكي بغضب ينطق باكياً :
" أنت لا تتحدث معي !.. كل ما حدث بسببك ! "

تنهدت أكيكو و هي تراهما يتشاجران مجدداً لتنظر لشين برجاء فنطق المعني بحدة موقفاً الشجار :
" ريكي ، يوكي .. أصمتا أيها الطفلان !"

****

بهذه الاثناء ، حاصروها بزقاق فارغ من أي أحد ، ومغلق تماماً لتنزلق دمعاتها شاهقة بألم لتسقط جالسة باستسلام تام ، لما يحدث ذلك معها ؟! .. ألأنها قررت أن تشهد بالحق ؟! .. لما فعلوا بها ذلك ؟! .. مستحيل أن يكونوا هم من أحبتهم!

" أمسكنا بكِ أخيراً .."

تكلم أحد الرجال بتنهيدة مرتاحة ليكمل الاخر عنه بانزعاج :
" ان لم نفعل كنا خسرنا عملنا أيتها ال..."

" ولكنكم خسرتموه و انتهي الامر ."

التفت الجميع نحوه ليبتسم ثالثهم باستهزاء و هو ينظر لهيرو الذي يطالعهم ببرود :
"إذهب من حيث أتيت أيها الفتي حتي لا .. "

تحرك هيرو من مكانه و سرعان ما اقترب منهم ليبتسم فجأة و يباغت من يتحدث بلكمة أطاحت بأسنانه ليسقط أرضاً ينزف !

" هيـه أنـت ! .."

صاح أحد الاثنان ليركله هيرو بمعدته و كاد يلتفت للأخر لكنه شهق بألم و جثى أرضاً ليقوم الثالث بلكمه علي وجهه فسقط الفتي أرضاً بألم لتصيح المرأة بجزع :
" هيـــــرو ! "

تسمر هيرو لينظر لها بصدمة دون استيعاب ! .. كيف لهذه المرأة معرفة إسمه ؟!

لم ينتبه لتقدم ذاك الشخص محاولاً ضربه بصخرة ليفقده وعيه ، فرفع نظراته للأعلي و توسعت عيناه للحظات قبل أن يغمضها بفزع لكنه فتح عيناه مرة أخرى حين استطاعت المرأة دفع الرجل عنه لتصرخ بغضب :
" لقد أذتوني كثيراً و لكني لن أسمح لكم بإيذاء إبني أبداً ! "

توسعت عين هيرو لتلتقط ذاكرته تلك الصورة حين كان طفلاً ! .. أنها .. والدته !! .. نفس الملامح ، نفس العيون .. كل شئ كان يدل علي أنها هي ! .. لكن أين كانت مختفية إن لم تكن قد ماتت ؟! .

*
*
*
يتبع..

مفاجأة صحيح 🙂

والدة هيرو ظهرت

لكن ما الامر الان ؟ .. من أين جاءت والدة هيرو؟!

يوكي تمت مهاجمته !

ريكي هرب بالفعل لكنهم يعلمون مكانه !

جينرا ذاك من يكون 🙂!

هل سيستطيع هيجي و تاناكا معرفة العدو المشترك ؟

يوتا مازال غاضب من والده فهل سيستطيع تاناكا التصرف و إعادة المياه الي مجاريها مجدداً ؟

و هل لأشينا دور أخر أم انتهي دورها ؟

هل حقاً بدأ العد التنازلي للنهاية ؟

توقعاتكم للأحداث المقبلة ؟

البارت من 5300 كلمة هو طويل تعويضاً لانشغالي كل تلك المدة 🙂و من سيقول أنه قصير سأستخدم أسلحتي عليه 🙂🔪🥄🍴🗡️⚔️⛏️🔨🔧💉💊🚬🔫👈⚰️

البارت بقلم #asmaa487

و الي اللقاء ❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top