بارت السادس



تخيل أن تسقط ما بين محاولاتك للتأقلم و بين محاولاتك للنجاه من أحداث يومك ثم ينتهي بك في وضع متأزم قاسي؟

كان هنا و مع تدفق نسمات الهواء بلطفها، كان يجلس في غرفته يُحدق في المصيبة التي افتعلها للتو! .. و معها ضاق تنفسه و هو يُسرع بحذف الرسالة التي أرسلت قبل أن يراها الأخر .. لكن يده المرتجفة شُلَّت مع تدفق اسمه من فم الخادمة التي نطقت بهدوء:
" يوتا، السيد تاناكا يطلبك فورًا في مكتبِه. "

متى ظهرت؟! .. بل متى هو ظل يُحدق في الرسالة؟ .. و حين النظر وجد نفسه يقف كالأبله بعد ارسالها بخمس دقائق! .. لكن لما حظه دائمًا سئ؟! .. في الواقع تاناكا لا ينتبه أغلب الوقت لهاتفه، فلما هذه المرة فعل؟!

ترك هاتفه جانبًا و تحرك يرسم قوة مزيفة على نفسه، لن يخف مما حدث، رغم ذلك هو يرتجف بقسوة! .. ماذا لو علم الشخص ذاك أن تاناكا عرف؟ .. كيف ستكون خطوته التالية؟!

مثَل أمام باب مكتب والده يتردد في الدخول .. هل يهرب؟ .. حسنًا ليست فكرة جيدة فوالده سيزداد غضبًا! ... إذًا هل يواجهه و يكذب عليه؟! .. لا! فهو سيكشفه بالتأكيد! .. إذًا ماذا عليه أن يفعل؟

_" ادخل يا يوتا. "

شهقة حادة خرجت منه و هو يبتعد عن الواقف أمامه خطوتين، يُحدقُه بصدمة ، فمتى فُتح الباب و وقف ينظر نحوه؟ و متى هو شرد في أفكارِه؟

قاطع أفكارِه مجددًا يد تاناكا التي أمسكت بيده، ثم التفت يسحبه معه و صوته يرتفع:
" ماريّة! .. أحضري هاتف يوتا من غرفته! "

هنا و قد سقطت كل حدودة الدفاعية، هو يعترف! .. هو يشعر بالرعب الآن! فلن يمر هذا من أمام تاناكا دون عقاب!

التفت للخلف و مع شعور الألم حول معصمه من امساك والده ليده، هو تمنى أن تأتي أشينا في هذا الوقت، قبل أن ينهار حقًا!

جلس و أجلسه قُربه، لم يستطع يوتا النظر نحو والده أو التحدث! .. و هنا عض على شفته بقسوة حين دلفت ماريّة نحو والده تُعطيه الهاتف ثم ترحل، ليُنبهها قبل مغادرتها:
" أغلقي خلفك الباب ماريّة ."

و انغلق الباب خلفها، ليستمع لصوت والده الهادئ:
" يوتا .. ما تلك الرسالة التي أرسلتها لي؟ "

و هنا انتفض يتبادل مع والده نظرة مرعوبة أدركها والده أنه أخطأ فيها بكل جدارة، لذا تنهد بغلظة يُمسك بهاتف الفتى الذي ما إن ترك يده حتى أزاح جسده بعيدًا عن والده دون القدرة على رفع نظرِه نحوه، بينما تاناكا كان يُفتش في هاتفه، هنا توقف للحظة تشنج بها ملامحه ثم أكمل رؤية الباقي بينما يتكلم بهدوء عكس ما بداخله:
" كَمّ تلك الرسائل، تقوم بوضعها في الأرشيف كي لا يراها أحد، يال الروعة عليك يا يوتا! .. بجدية أنا مذهول منك أيها الطفل! "

ارتجف يوتا و ابتلع رمقه بخوف يُبرر:
" أقسم يا أبي لقد كنت..."

_" إخرس يوتا! إخرس! "

صرخ بغضب لينتفض يوتا بجزع يُزيح جسده أبعد منه لكن يد الأكبر طالته لتجذبه نحوه بـ غِلظة ليصرخ:
" أجبني يوتا! .. أترى أن ما تفعله صائبًا؟ .. أجب؟! "

انهمرت دموع الفتى يكاد يتوقف قلبه من الذعر، لكنه أجاب والده بنبرة مختنقة:
" لا .. كنت فقط خائف! "

_" خائف من ماذا يا يوتا؟ "

_" من أذيتكم! هو يُريد أذية الجميع! "

قالها من بين شهقاته، لكن ذلك لم يُمحي غضب تاناكا الذي دفع جسده بقسوة و نطق بحدة:
" سَتُمنع من كل ما تُحبه، ستظل في غرفتك حتى اشعار مني .. هيا غادر، الآن! "

وقف يوتا يُحاول تمالك نفسه من انهيارِه في البكاء ، نظر لوالده بنظرة اعتذار لكن والده تجاهله و نهض يبتعد عنه بحسرة، فتراجع يوتا و غادر، هو يعلم الآن أنه غاضب من فِعلتِه، لكنه معه حق، فقد أخفى عنه الكثير ، هو لا زال جبانًا حقًا، و هذا وحده كافيًا لردة فعل والده على تصرفه!

توقف فجأة و استند فورًا على السور الخشبي المرافق للسلم، وضع كفه فوق عينيه يُحاول تمالك نفسِه، لكنه كان يشعر بالدوار بطريقة حادة! .. ثم قبل أن يشعر بفقدان وعيه، شعر بذراعين تسندان جسده الذي انهار فورًا ليصرخ هيرو بفزع:
" يوتا استيقظ! "

ذُعر أكثر و أنفه ينزف بغزارة، ليرفعه بين يديه و هو يصرخ بالأقرب:
" عمي تاناكا! "

كان بالداخل غير قادر على التفكير في تصرفات ابنه الخاطئة، حتى سمع صوت هيرو الفزع، لذا ترك بُقعته و غادر فورًا بقلق، ما إن توقف و شاهد ما يجري حتى توسعت عينيه بصدمة!

بعد عدة ساعات بالمشفى، كان يجلس جوارِه غير راضيًا عما يحدث في أسرته، كل شئ يختفي تدريجيًا من بين يديه .. حال أسرته يتفكك و هذا أسوأ ما قد يحدث!

نظر ليوتا النائم بسكون، ليس و كأنه انهار قبل ساعتين من الآن، فتنهد يُغمض عينيه بيأس مع تذكره لكلمات الطبيب أن فقر دمه وصل الآن للستة، و هذا يجعله يقلق أكثر! .. خلال هذا الشهر وجد كل شئ ينساب من بين أنامله، هو حتى الآن مقهورًا على موت ابنه ماكوتو ، بينما ابنته ميرا لا يستطيع التقرب منها و دائمًا وحدها! .. و ها هو الان يرى يوتا يضعف أمامه!

_" أبي؟ ..."

رفع عينه نحوه بلهفة، لكن يوتا أشاح وجهه بعيدًا بخجل من فِعلته ليهمس:
" سامحني، لن أكررها. "

تنهد تاناكا، و تذكر ما كان بينهما قديمًا، لكنه الآن مُختلف، لذا نهض يُجاوره و قد عدَّل من جلوسه ليأخذه في عِناق ضيق مليئ بالحب الخالص له، ليهمس بشئ من الندم:
" أعرف أنك أهملت صحتك كثيرًا بسبب ما حدث خلال الأيام الفائتة، و أعرف أنك تُعاني من اكتئاب و شعور مُرهق .. لكن الآن عُد لطبيعتك صغيري، و عد لحياتك شرط أن تنسى ما فات و تبدأ من جديد دون أن تهتم لأي شئ يحدث معنا و أن تهتم بصحتك .. من الغد يُمكنك العودة مع يوكي و كازو لنادي التزلج. "

هو يُدرك أن ابنه ليس على طبيعته بسبب سجنه بالمنزل طوال الوقت و منعه عما كان يُنشطه! .. لذا ربما هو تجاهل ما فعله و قرر فجأة فعل ذلك، لأنه يرى جيدًا أن الفترة السابقة أثرت كثيرًا على الفتى، و جعلته يعود لحالته النفسية السابقة، و هذا ما لا يودُّه أن يحدث .. بينما هو هنا، كان عليه التحرك قبل أن يحدث شئ أخر و يجذب في شِباكه طفلاه المتبقيان.

بينما يوتا لم يكن سعيدًا أو مُهتمًا، كان لا يُدرك شعوره كما و أنه كان يشعر بدوار شديد و تشتت حاد في أفكارِه، هو لا يُركز كذلك عما ينطقه والده، لكنه نوعًا ما راضي الآن و مرتاح قليلًا.

في المنزل ..

جلس باستسلام يُحدق في كم الطعام و الأطباق المُعدَّة له خِصيصًا، بينما أشينا تجلس جواره غير راضية عن عبوسِه، في حين الباقي كانوا يبتسمون بسخرية عما يحدث ، بينما هيرو أول من نطق بهدوء عكس ما يُفكر به داخله:
" يوتا، تناولهم، أنتَ بالفعل لم تأكل شئ منذ عدة أيام و ما تتناوله ليس كافيًا لنمو جسدك أيها القزم. "

رمقه بحدة و لأجل ذلك نهض بعناد كي يُغادر و يتهرب من تناول تلك الكمية لكنه عاد ليجلس سريعًا بسبب الدوار الذي هاجم رأسه و حينها سخر هيرو:
" أرأيت أيها القزم؟! "

و اتبعته ميرا تسخر أكثر:
" على الأقزام أن تتناول طعامها كي تُصبح بصحة ممتازة، لكنك للأسف قزم متمرد، صح يا هيرو؟ "

و غمز لها المعني رادفًا:
" بالطبع يا ميرا. "

و يوتا رمقهما بملل يَقلب عينيه بضجر، ثم تركهما و نظر نحو الطعام .. حسنًا هو جائع بالفعل، فتنفس الصعداء و بدأ يأكل، لكن مرة أخرى يشعر بشهيته تنعدم ما إن تذكر ماكوتو و كيف كان سيسخر منه ثم سيأتي ليساعده في الأكل، ثم يَقصف جبهة هيرو و ميرا لأجله!

ترك ما في يده و رفع أنامله يمسح بها دموعه المتمردة التي لاحظها الجميع، لكن أحدًا لم يتكلم، بينما هو نطق بنبرة باكية و هو يتناول طعامه رغمًا عن نفسه:
" حين يأتي ماكوتو، سيعلمكما كيف تسخران مني .. و حينها أنا من سأضحك عليكما. "

ثم أخذ الطبق و غادر نحو غرفته تحت أنظار الجميع، في حين كان هيرو صامتًا يشعر بالحزن من مجرد التفكير أنه سبب لا ارادي فيما يشعر به يوتا.

****

كان يجلس جوارِه يُحدق في وجهه الساكن بسكون،  شاردًا في كل ما يحدث،  و متذكرًا لكل ما جعله هنا الآن،  يسير في طريق لا يعرف نهايته .. لا يتوقع نهاية مرضية بعد كل ما حدث حتى الآن .. نظر لوجهه و ابتسم .. ربما علاقته معه سابقًا كانت خانقة لكنه حين فهم المعنيّ جيدًا شعر بكم كان يظلمه .. بالنهاية كان بشر،  و البشر يُخطئون،  و التسامح خُلق كي يعود البشر إلى صوابهم!

_" سأنتظر إستيقاظك يا ريكي .. فلست سأقدر عليهم وحدي." همس يمسح على خصلات النائم غير مُدركٍ لأي شئ ثم نهض و التفت نحو الفتاة التي تبسمت نحوه قائلة بنبرةٍ لطيفة:
" لا تقلق،  سأظل أعتني به حتى ينهض و يصبح بصحة و عافية ."

ابتسم بخفة:
" شكرًا يا آيار .. أثق بكِ."

ثم تركها و غادر،  تحتد عينيه لشئٍ عليه فِعله كي يضمن أن لا يتعرض أحد لمضايقات ذلك الرجل مهما حدث!

*****

كان يجلس بالحمام أرضًا بإهمال و إرهاق،  قبل لحظات كان قد تقيأ كل شئ في معدته قد تناوله مسبقًا  .. رفع يده يمسح طرف شفتيه ثم نظر نحو يديه يراها ترتجف .. لحظات حتى احتضن نفسه بخوف يستمع فجأة لأصواتٍ موترة للأعصاب! .. تمتزج مع غضب،  صراخ و خوف،  و عنف .. كان ذلك لثوانٍ قبل أن تنهمر دموعِه بعجز غير قادر على الصراخ ..

جسده سقط يحتضن نفسه في ذعر و اشمئزاز،  يتذكر كل ما مر به قبل سنتين،  لكنه فجأة حاول أن ينهض و يخرج من هنا! .. عليه ألا يبقى بمفرده!

كان يتنفس بذعر،  بشهقات متقطعة،  و جسد يرتجف و نفسٍ تشمئز! .. نهض يستند على الحائط ، و يسير بإرهاق نحو الخارج كي لا يبقى وحيدًا مع أشباح الماضي المخيف!  .. لكنه لم يُكمل خطواتِه و هو ينهار مرة أخرى فاقدًا للقوة دون أن يُدرك الشخص الملثم الذي دلف إلى غرفته من النافذة التي تركها مفتوحة!

في الأسفل كان هيرو يجلس في غرفته يتحدث عبر الهاتف و يظهر على ملامحه الجدية،  يستمع للطرف الأخر بغير تصديق ليقول:
" لا يُمكن ذلك!  .. لكن لما لم يتحرك أحد حتى الان؟"

استمع للطرف الأخر جيدًا ثم نهض قائلًا:
" حسنًا،  سأراه .. كان يبدو مريضًا اليوم و لم أره منذ الصباح ... حسنًا سنتحدث لاحقًا."

ابتسم بنهاية كلامه بحنان ثم أغلق المكالمة يترك غرفته متجهًا نحو غرفة الأصغر و توقف تمامًا بيدٍ تحُط على مقبض الباب ثم يتجمد و أذنه تلتقط صوتًا غريبًا بالداخل جعله يتحفز جيدًا و هو يدفع الباب برفق  ، و مع دَفعِه التقطت نظراته مع يوتا الذي توسعت عينيه يدفع الرباط عن فمه صارخًا بتحذير:
" ابتعد عنه! "

و تلقائيًا اندفع بجسده للخلف يضرب بظهره الباب مع مرور مزهرية أمام وجهه و تلاقت عينيه مع عين الملثم الذي ابتسم فورًا و هي يجذبه بحركة مباغتة من موضع معدته ليلكمه بقسوة في وجهه مما جعل هيرو يشهق بألم و ينهار على ركبتيه أمامه!

في حين كان يوتا يُحاول فك قيده رغم إرهاق جسده و ارتجافه بينما ينظر نحو هيرو بخوف ، قبل أن يجد فكِّ الحبل صعبًا و يصرخ بذعر صرخة قد وصلت للجميع حين وجد أن الملثم يضرب هيرو بقسوة:
" أرجوكم فلينقذه أحد! أي أحد! .. أبي؟!!!"

ثم وجد العالم يدور من حوله فيسقط أرضًا بارهاق و وعي ينسحب بينما عيناه لم تترك جسد هيرو الذي يُضرب من الملثم الذي أخرج خنجر من ملابسه و رفعه في استعداد أن يقتل هيرو!

أغمض عينيه مع شهقة باكية مرتعبة و هو يهمس بذعر و انهيار يتذكر كل شخص قُتل بسببه:
" لا هيرو لا! "

يده أحكمت حول معصمه بقسوة و قبل أن يتجرأ و ينظر نحوه كان هناك قبضة قوية اصطدمت بوجهه ثم شعر بركبته تصطدم بمعدته بعنف جعلته يشعر بألم شديد و يسقط أرضًا بينما نظر له تاناكا بحقد و خلفه كان كين يُساعد هيرو الذي أخذ يستند عليه بتعب و قد غرق وجهه بالدم الذي نزف من أنفه و فاهِه رافعًا عينه نحو تاناكا ثم نحو يوتا الذي كانت أشينا قد احتضنته بقلق عليه بينما كان يُدفن وجهه داخل عنقها يتنفس بارهاق حاد و وجه مِحمِر !

_" هيرو أنتَ بخير صغيري؟ "

أمسك بخده بذعر،  لكنه نظر لها و ابتسم هامسًا بخفوت:
" لا تقلقي .. أمي."

نهض تاناكا بعد أن ربط ذراعيه للخلف برباط عنقه و ترك جانبه يتجه فورًا نحو ميرا و أشينا التي تحتضن يوتا برعب عليه ، تنطق حين رأته قادمًا نحوهم:
" تاناكا يوتا حرارته مرتفعة جدًا .."

بعد مرور ساعتين ... كان النهار قد أغلق مصابيحه و أسدل ستائره الليلية المرصعة بالنجوم،  كان يجلس بين ذراعيه،  هناك كمادة تلتصق بجبهته التي تناثرت حولها خصلاته بإهمال،  يتنفس بوهن .. لقد رفض أن يبقى بمفردِه .. هيرو كان يجلس مُقابله بجوار كين الذي كان شاردًا يُفكر بكل ما يحدث!  الرجل الذي أمسكته الشرطة اعترف كونه لصًا،  لكن الغريب أنه يظن أنه يكذب! .

_" تاناكا؟ "

ردف ينظر نحو شقيقه بنظرة ثابتة،  بادله المعني بأخرى مستغربة و هو يردف بجدية:
" ذلك الرجل ليس لصًا أنا متأكد. "

رمش تاناكا بهدوء ينظر نحو يوتا الذي تُعالجه والدته لينبس:
" أعلم. "

تحولت كل الأنظار عليه بصدمة و كاد كين أن يتكلم لكن تاناكا تنهد بقوة و نظر نحوه بجفاء رادفًا:
" أعلم .. نظراتِه معي تُثبت ذلك لكنه لم يعترف الا أنه جاء ليسرق رغم أنه لم يسرق شيئًا كما أنه فضَّل ضرب هيرو بتلك القسوة بدل إفقاده الوعي،  بينما يوتا قيده...."

_" أبي؟ ..."

جذب ياقته يهمس له بضعف كي ينتبه نحوه،  و ذلك جعل الأكبر يبتسم نحوه و هو يُعانقه أكثر بين ذراعيه،  ليُكمل يوتا و هو يُريح رأسه على صدر والده:
" لم يكن لصًا لقد جاء بسبب ذلك الرجل .. هو أخبرني بذلك و قال أن هذه رسالة منه،  و أنه سوف يعود لينتقم مني و يقتل أفراد العائلة و سيقتل ريكي حين يجده. "

تبادل الجميع النظرات بينما يوتا أغلق عينيه يتنفس بتعب ، في حين تنهدت أشينا تنزع عنه الكمادة لتضع أخرى و هي تنظر نحو تاناكا الذي شرد للحظات يُفكر بذلك الذي يُحاول إيذاء عائلته!

*****

بعد شهر ....

نادي طوكيو _الساعة 3.00عصرًا

ماذا نتوقع من أنفسنا حين نشعر و كأن العالم يضيق بنا؟ .. و في حينٍ آخر كنا نحن نخدع أنفسنا و لا نرى ذلك الباب الذي لازال جناحيه مفتوحان لنا كي ندخله و نصل للنجاة!

المكان كان مليئ بالضوضاء،  لكن ضوضاء العقل دائمًا كانت أقوى من ضوضاء من حولك .. هنا كان يوتا يجلس يحدق في هؤلاء الشباب الذين يتزلجون على السكيت بورد بحماس شاردًا غير مُدرك لما يدور من حولِه .. لقد مر شهر دون أي شئ يُذكر .. لا زال ريكي مُختفي رغم بحث الشرطة عنه،  بينما لا يُدرك أرؤيته السابقة لعدة مرات لماكوتو جنون أم حقيقة؟!  .. هو حتى لا يعلم أما يحدث له صواب لأنه يستحق ذلك أم ما يحدث معه ظلم من الحياه فحسب!

_" يوتا؟ .."

جفل على صوت كازو الذي هز كتفه برفق،  فاستدار نحوه يرمش بدهشة قبل أن يرى نظراته القلقة و سرعان ما ابتسم له:
"هل كنت تناديني؟  "

أومأ يتنهد بضيق:
" كنت شاردًا للمرة الرابعة لهذا اليوم يا يوتا! .. هل هناك شئ يُشعرك بالسوء ؟ "

ظل ينظر له قليلًا ثم عاد لينظر نحو ذلك السباق في النادي قائلًا بخفوت:
" فقط كنت أريد التزلج معكما،  هيا لنغادر. "

نهض أولًا يرسم ابتسامة واسعة كاذبة على محياه،  أخذًا الاسكيتر ليسبقهم بحماس نحو الساحة،  فنظر كازو ليوكي ليراه ينظر نحو هاتفه بعبوس و هو يتمتم بغضب عن لعبته،  فزفر المعني بغيظ و هتف. :
" يوكي انتبه لنا قليلًا! "

جفل المعني بفزع و ظل ينظر نحوه ببلاهة ليتنفس كازو بصبر و يلتفت بغضب من عدم مبالاته لهما قائلًا:
" تعال لنلحق بيوتا ... هيا انهض! "

ثم لحق بيوتا ليظل يوكي يُحدق فيهما بصمت ثم تنهد بيأس و أغلق هاتفه ليلحق بصديقيه.

كانت قدميه تتحرك بتناغم،  تصدع عجلات إسكيتِه بلهفة ، بينما هو نظراتِه كانت مُصوبة نحو الأمام،  و لا زال يُفكر بكل شئ في حياتِه .. خلفه لحقا به كِلا رفيقيه اللذان نظرا نحو بعضهما بابتسامة خبيثة و ما كاد يتوقف يوتا حتى شهق صدمةً و هما يجذباه فجأة ليتعثر ثلاثتهم و يسقطون معًا!

لحظات ظل فيها مصدومًا حتى علت ضحكاتهما سويًا،  ما لبث أن ضحك بخيبة أمل على ما يفعلاه به!

نهض يوكي لينحني فوقه نابسًا بمشاغبة:
" نراك حزينًا لهذا لا بأس ببعض المرح! "

لم تُمحى ابتسامته و هو يدفع يوكي و ينحني هو هذه المرة فوقه يُحاوطه بجسده و ذراعيه :
" حسنًا لا تبكي حين أردها لك!  "

_" لكنها فكرتي يوتا. "
نبس كازو ببلاهة ليشهق فجأة حين اندفعا الاثنان ليوقعاه أرضًا،  ليصرخ بهما بغضب لما فعلاه لكن ارتفعت ضحكاتهما ليبادلهما هو كذلك بسعادة.

ظل ثلاثتهم يمرحون في النادي حتى موعد رحيلهما في السادسة مساءًا،  افترق ثلاثتهم ليبقى يوتا وحدِه يحمل حقيبته و يسير بملل في شارع منزله،  لكنه توقف فجأة و هو يُبحلق في الواقف أمامه و الذي ابتسم بخفة نحوه بينما يخطو تجاهه،  هنا فقد السيطرة على نفسه و توسعت عينيه بصدمة ثم تخطى الأخر بخطواتِه،  ظن الأخر أنه فرح بوجوده لكنه صدم حين تخطاه يوتا و هو يُوَجِّه حقيبته أمامه لترشق تلك السكين داخلها و يسقط الفتى بين يديه و لكنه سرعان ما جذبه يُبعده عن مرمى هدف سكين الرجل الذي سُرعان ما التفت يهرب لكنه جفل بصدمة للحظة قبل أن تنزلق الدماء من بين شفتيه و ما كاد ينظر لنفسه حتى سقط فاقدًا حياته و أمامهم كان يقف ريكي بملامح غاضبة مُشهرًا مسدسه أمامه بينما يوتا كان مصدومًا مما يحدث!

_" يوتا انهض،  كل شئ بخير!  "

جذبه لينهض و نهض كذلك يجذبه بعيدًا نحو تلك السيارة السوداء التي استقلها ريكي مُخاطبًا إياهما :
" اركبا هيا. "

.
.
.

انغلق الباب خلفهم ، كان لا يزال يحضن حقيبته بينما ارتفعت نظراته تنظر لأركان الشقة بفضول في حين أن الاثنان ابتعدا عن مرمى نظره ، أحدهما ارتمى فوق الأريكة و الأخر دلف نحو المطبخ بملل يهتف:
" هيرو هل حضرت الطعام؟ "

انبثق نصف جسده من المطبخ بينما يُمسك بمقلاه في يده هاتفًا بمرح:
" أجل يا ريكي! كله جاهز! "

كان ذلك كثيرًا على يوتا،  لقد ظل أكثر من شهر يُعاني و هؤلاء الحمقى لا يشعرون بألامه!

و فجأة عيناه التقت بها فاحتدت بغضب يمسك بالمزهرية و ثواني و كان أوسطهم يصرخ بألم بعد أن اصطدمت بجبهته يليها صراخه بغضب:
" ماكوتو أيها الغبي أقسم أني سوف أقتلك! "

و هجم فوقه بشراسة يَعضه من عنقه بغضب بينما يده لامست خصلاته ليجذبها تحت محاولات ماكوتو للتحرر و هو يهتف بخوف:
" هذا مؤلم يا غبي! أنتَ لستَ كلبًا! .. يوتا توقف! "

كان ريكي يضحك بالفعل بينما هيرو ينظر ببلاهة لهما ثم انسحب فورًا للمطبخ و هو يستمع لصراخ يوتا الذي كان من نصيبه:
" و أنتَ هيرو،  سوف أخبر أبي عنك! "

_" الأهم أنك بيننا الآن يا يوتا. "

نبس ريكي،  فجفل يوتا و ابتعد للخلف يُحدق بماكوتو الذي نظر لعيناه بابتسامة،  فما فعله يوتا ليس انتقامًا قويًا و لا عضته كانت مؤلمة أصلًا لكنه كان يدَّعي فحسب .. حدق الأصغر بعيناه بصمت حتى إغرورقت عيناه بالدموع و هو يهمس بتشنج:
" لن تُغادر مجددًا ؟ .. أنا لا أستطيع رؤيتك بعيدًا يا أخي! "

لف حولِه ذراعيه ليُريح الفتى رأسه على صدره غارقًا في عناقه،  ليدع كل أسئلته جانبًا الآن و يحظى بالعناق الذي اشتاق له و ظن أنه فقط للأبد!

قد نرى أنفسنا خاسرين في دروب الحياه ، لكننا نُدرك دائمًا أن نهاية كل خير هو دربٍ جميل نملئه بأمالنا ما دمنا نثق بقلوبنا!

*
*
*

يتبع..

فصل بـ2900 كلمة لتأخيري بقلم asmaa ahmed
رغم اني لست براضية تمامًا عن الصمت المريب هذه الايام منكم،  لكني أقدر ذلك لكون أغلبكم لديه امتحانات،  فقط من يقرأ يضع تعليق بسيط عن حبه للرواية حتى يعود الشغف مجددًا🙂

و بالتوفيق لكل من لديه امتحانات ❤️✨

كل من توقعي أن ماكوتو حي فهو بالفعل حي و ما حدث سوف نخبزكم به في الفصل القادم و كيف نجى؟

الان رأيكم؟

المشهد؟

اي شئ غير مفهوم حتى الان؟

تقييمكم للبارت؟

سلام 💜✨

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top