البارت الثالث






كل ذلك حدث دون أن تدرك عائلة سوزوكي المصيبة و الخطر المحيط بهم! .. و مع ذلك كانت تلك الأعين تراقبهم من بعيد و مع انتهاء ذلك الشخص من تحديقه بظهور المكلومين راح يبتسم بسخرية و هو يختفي من المكان !

عاد الجميع إلى منزلهم عدى فردين!

كان يوتا جالسًا في صالة المعيشة يدرك لتوه أنه قد فقد أخاه،  بينما أخته ، و أبيه لا زالا في المشفى بسبب أزمة قلبية كادت تؤدي بحياته هو الأخر!

و للحظة توقف عندها الزمن عنده،  يرى ببطء عائلته تختفي واحدًا تلو الأخر! .. ببساطة كانت عائلة سوزوكي تنتهي! .. و السبب؟ .. عقد جبينه! .. ما هو سبب كل ما يحدث؟! .. لما كل ذلك؟! .. لما كل المقربين منه يبتعدون؟! .. لما؟!!!

و اتسعت عينيه يعود للواقع، مدركًا أنه السبب! ... كان يحاول إخبار أخيه عن من رآه لكنه لم يكمل إذ توفى شقيقه! .. أهو السبب؟!

ظل يلتفت حوله بخوف،  قلبه يؤلمه و عينه تحرقه لكن لا سبيل للخلاص! .. لا سبيل لإخراج ألمه! .. و لكنه مدرك أنه مراقب! .. عائلته جميعها مراقبة!

و في لحظة ذعر و التفات حوله وجد هاتفه ينبعث منه صوت لرنة الرسائل،  و رغم ذعره الا أنه نظر للهاتف فاتحًا الرسالة التي لم يكن مضمونها مبشرًا،  و كل تساؤلاته أُجيبت بالرسالة:
"مرحبًا يوتا،  لا أعرف لو كنت إشتقت لي أم لا تتذكرني،  لكن سأجعلك تتذكرني مدى الحياة .. كيرارا ماتت دون قصد مني لكني للأسف قررت التخلص من كل المقربين منك و لو وصل ذلك إلى إنهاء عائلتك عن بُكرة أبيها سأفعل! .. أعرف جيدًا أنك رأيتني فلقد تقابلت عيني بعينك المصدومة،  لكني لن أتساهل و أخاف و لو حتى أخبرت أحدًا لن يصدقك .. عامةً بما أنك كدت تُخبر أخيك الأحمق لذا تخلصت منه فورًا و هذا بسببك لأني هددته بإيذائك و .."

لم يقدر على إكمال ما تبقى! .. و دفع بالهاتف في الحائط ليصدر صوتًا أجفل الموجودين،  و راحت تسقط العيون عليه ليجدوه يقف بملامح مستاءة و أيدٍ ترتجف!

أشينا سرعان ما تقدمت منه و أمسكت بمعصمه بقلق الا أنه دفع بيدها بقسوة و نظر لها نظرة لم تعرف ما هيتها !! .. ثم إلتفت و غادر المنزل!

لم تعرف أبدًا ما تفعل! .. و عائلتها تنهار ! .. كيرارا ثم ماكوتو و ها هي ميرا التي أصابتها صدمة عصبية ثم تاناكا الذي كاد يموت بسبب الصدمة و للتو يوتا و تصرفه،  فـ وجدت نفسها تبكي،  تنهار و هي تجلس أرضًا،  صوت بكائها ارتفع بنشيج حاد غير قادرة على استيعاب شئ!

اقتربت منها سايا و انخفضت قربها تحيط جسدها في  احتضان لعلها هي الأخرى تستجمع أنفاسها!

و راح تاكاشي يرمقهما بحزن،  لا يعرف ما الذي سيحدث مجددًا! .. أهي صدفة أم مؤامرة؟!

---

ظل يمشي في الطرقات دون وجهة محددة لكنه ظل يتمتم بأنه ليس السبب بما حدث،  لكنه في عمق قلبه و عقله كان يدرك أنه أساس كل ما يحدث!

و في خضم أفكاره وجد يدًا قاسية تمسكه ؛ فجفل موجهًا عينه على ذلك الشخص و اتسعت بذعر و لم يشعر بنفسه الا و هو يصرخ موقفًا الناس من حوله،  فتركه ذلك الشخص بسرعة و هرب ، و من جواره ركض شخصًا ما خلف ذلك الشخص الذي رآه يوتا!

كل شئ حدث لثواني! .. وجد يوتا فيها نفسه دائخ فأمسك برأسه و حاول أن يستند على يديه بقدر الامكان،  يشعر بضغطه ينخفض!

و مع تشوش بصره وجد جسدًا يخترق الجمع من حوله،  خطواته باتت تقترب منه لكنه لم يجرؤ أن يرفع بصره نحو ذلك الشخص الذي انحنى ليسنده ثم وضع ذراعه الأخرى أسفل ركبتيه يحمله بينما يهمس بخفوت:
" لا بأس،  لازلت إلى جوارك يوتا. "

شعر براحة تغمره و هو يترك نفسه ينهار بين يدي ريكي و قد تمسك بياقته يبادله الهمس بخوف:
" أنا خائف،  لا تتركني. "

----

و أمام عمارة سكنية ذات خمس طوابق،  نزل ريكي من فوق دراجته و ساعد يوتا بالنزول ممسكًا بيده،  راقب يوتا سيره لتلك العمارة و أدرك أن ريكي آتى هنا به في مكان سكنه ليتحدثا.

و بشئ من الراحة التصق بذراع ريكي الذي ألقى نظرة عليه و ابتسم يسأله:
" أتشعر بالبرد؟ .. أو دائخ؟ .. لو لازلت دعني أحملك. "

أغمض عينيه، هو حقًا يشعر بوهنٍ ينتشر في جسده،  فهمس:
" سأتعبك."

توقف ريكي و قرفص أمامه قائلًا:
" إعتلي ظهري،  لا تقلق أنا قوي و أستطيع حملك. "

ابتسم يوتا و اقترب يفعل،  فاستقام ريكي يخاطبه بمزح:
" أنت ثقيل! "

اختفت ابتسامة يوتا و حل عبوسًا بدالها،  فقهقه المعني بخفة رادفًا:
" أمزح! .. للأسف أنت خفيف الوزن،  لم تتغير رغم مرور سنتين. "

إختفى العبوس عن وجهه يفكر بكلمات ريكي،  بينما يراقب الأرض أسفله بشرود .. دقائق لم يشعر فيها الا بوجودهما أمام باب خشبي لشقته.

بالداخل أنزله على الأريكة و ذهب ليحضر له كوب من العصير و بعض الأطعمة الذي تركها دون تناولها ، عاد ووضع كل شئ أمامه بينما يخاطبه و هو يعود إلى غرفته كي يغير ملابسه:
" تناول كل هذا حتى آتي."

و لم يترك له الفرصة ليوافق بل تركه و غادر .. بدأ يحدق بالطعام و تنهد مقتربًا منه،  أمسك بقطعة اللحم و قربها من فمه،  ثوانٍ حتى أعادها و نهض مسرعًا يدلف نحو الحمام!

حين سمع ريكي صوت خطواته ترك كل شئ و ذهب خلفه،  هناك بمقدمة باب الحمام وقف مندهسًا و الصغير يتقيأ بينما يستند على حوض الغسيل ، لم يلبث لحظات حتى اقترب منه و أسنده،  و راح الأصغر يستند عليه بوهن هامسًا:
" دم. "

حمله ريكي حين فقد وعيه و بدأ يهذي،  دون أن يعلم ما جرى له لكنه حين شعر بحرارة جسده اطمئن قليلًا فيبدو أن الحمى السبب!

وضعه على سريره و قرر أن يخفف تلك الحرارة بالكمادات حتى يستيقظ!

.
.

في المنزل ...

بعد مرور ساعتين لم يعد فيهم يوتا للمنزل،  شعرت أشينا بالقلق عليه و راحت تتصل بهاتف أكيكو لعلها تعرف إجابة أفكارها المتسائلة!

لكنها عادت خائبة الرجا،  تدعو أن لا يمسه مكروه،  و بلحظةٍ من لحظات شرودها وجدت هاتفها يرتفع برنينه،  ناظرته فوجدت ريكي من يتصل بها،  فهاتفته:
" مرحبًا ريكي؟ ."

و بدون مقدمات قال:
" أشينا،  سأتي لأخذك من المنزل،  يوتا معي و لكنه مريض. "

فزعت و هي تسأله بقلق:
" هل هو بخير؟! .. كيف هو مريض لقد كان جيدًا بالصباح! "

" لا تقلقي،  فقط سآتي لأخذك من المنزل ."

" حسنًا لكن بدل ذلك أرجعه.."

" لا .. المنزل خطر عليه. "

كادت تسأله بغرابة عن أي خطر يحيط بهم لكنه قاطعها حين استشعر سؤالها:
" لا تتحدثي،  لربما أنتم مراقبون،  أنا آتٍ لآخذك و سأخبرك بكل شئ."

راح يخرج من شقته مغلقًا خلفه الباب باحكام،  و حين اطمأن نزل السلم بسرعة.

.
.

فتح عينيه بوهن،  كل شئ يدور أمام عيناه،  فأعاد إغلاق جفنيه مخفيًا ذهبيتاه عن الظهور و بأنامل يده اليمنى راح يبعثر خصلاته الشيباء بينما يعتدل شاعرًا بجوع شديد يسري في معدته!

المنزل مظلم و لقد حل الليل بعتمته! .. راح يزحزح جسده عن السرير لينير أنوار الغرفة ، ما إن فعل حتى خرج رغم تعبه ليتناول أي شئ!  .. لكنه وجد نفسه يسير نحو باب الشقة و جذبه من مقبضه محاولًا فتحه لكن دون جدوى! .. لديه رغبة للذهاب لوالده! .. هل هو بخير أم حدث له شئ؟

" ماكوتو ... "

همس باسم شقيقه و عقله يتدارك لتوه أنه اختفى من حياته،  فلم يحتمل أن بكى! .. مفترشًا الأرض يبكي بصمت و حزن عانق عظام قفصه الصدري مطبقًا إياها على بعضها بضيق،  و حدق للسقف تُرسم أمامه لحظاته مع شقيقه! .. و انتهى به الحال يتذكر وعده له أنه سيحضِّر له طعامًا ليتناوله! .. لكنه كذب!

أغمض عينيه المبللة و راح يهمس بهذيان:
" كاذب! .. هذه المرة كذبت عليْ ماكوتو ... أنت .. أخ سئ! "

و راح يرفع ذراعه محاولًا إمساك طيفه ليستشعر يدًا تخرج من العدم لتحتوي يده،  و ابتسامة لاحت على شفتيه و هو يتقابل مع زوج الأعين المتعبة ليهمس بينما يستلقي إلى جواره متابعًا معه تحديقه للسقف:
" لم أكذب عليك .. كل ما في الأمر أنه رغمًا عني أهملتك. "

عادت دموعه تنهمر و هو يعتدل ليلتصق بحضنه و راح الأكبر يحيط بجسده المشتعل بحرارة المرض،  أنه لم يمت،  أنه لا يزال إلى جواره!

" لا تتركني أخي."

.
.

بعد نصف ساعة فُتِح الباب و هما يتحدثان سويًا،  ليجفل ريكي و هو يتوقف يعقد جبينه باستياء و تنهد،  و هو يتقدم من المتكور أرضًا حول نفسه ، و خلفه ناظرته أشينا بقلق بينما يحمله بين يديه،  كان نائمًا بارتياح رُغم حرارته التي عادت لتشتعل بجسده!

" مُهمِل! "

نبس ريكي و هو يعيده لفراشه بينما جلست أشينا جواره تمسح على جبينه فوجدته يهمس بهذيان:
" ماكوتو .. لا تتركني.. أخي."

تنفست بحزن و عيناها تنغلق باستياء من كل شئ يحدث حول عائلتها .. ثم فتحت عيناها لتحدق بالصغير الذي التفت إلى جانبه يتكور على نفسه كالجنين،  و من خلفهما تبسم ريكي و هو يجفف يده بعد أن غسلها و قال:
" دعيه يُكمل نومه،  حرارته ليست بالارتفاع السئ. "

تنهدت قائلة:
" لكنها لا زالت تُسمى حرارة و إن تركتها ستشتد عليه. "

" افعلي ما ترينه مناسبًا. "

ردها بنبرة لا مبالية بينما يدلف إلى المطبخ ليعد الطعام لكليهما مقررًا اخبارها بما طلبها من أجله لاحقًا.

حين انتهى و خرج لهما وجد يوتا قد استيقظ مظهرًا لها جانبه المنزعج الحاقد على كل شئ!  .. كان يتحدث لها بصوته المبحوح عن أمرٍ ما بجدية لكنها لم تأخذه منه الا استهزاءًا!

" هيا لتتناول الطعام يا أحمق. "

نبس فاتجه نظرات كلاهما نحوه،  الأمر الذي جعل يوتا يكاد يصرخ من غيظه من برودهما،  فقام بترك السرير و السير الا أنه ما ان وقف حتى تجمد مكانه مغلقًا عينيه مع شعوره بدوار يعصف برأسه!

تقدمت منه آشينا باستياء و أسندته إليها بينما توبخه بغضب:
" أخبرتك أنك لا زلت مريض! أتحاول جعلي أغضب يا يوتا؟ "

عبس و هي تقوده نحو الطاولة و بينما تجبره للجلوس على إحدى مقاعدها،  تذمر:
" أمي،  حاولت إخبارك أنه لا زال حي لكنكِ لا تصدقين! "

و هنا انتبه ريكي على كلامه حينما صرخت أشينا بنفاذ صبر و ألم قد أحاط بقلبها:
" أنت تتوهم يوتا! تتوهم!! .. كيف للأموات أن يعودوا للحياة مجددًا! .. لو حدث ذلك لكانت أختي هنا ! .. أتفهم؟! .. لذا أخرج فكرة أن ماكوتو لا يزال حي من رأسك لأنه ببساطة قمنا بدفنه بأيدينا! "

ترقرقت الدموع بعيناه و انزلقت،  ثم وجدت أشينا نحيبه يتعالى أمامها ، فتوترت دون أن تعرف ما تفعل لتوقفه بينما اقترب ريكي جاذبًا مقعده إلى جواره جالسًا ثم تنهد يجذب الفتى إلى حضنه و يربت عليه لعلُّه يهدأ بينما يتحدث إلى أشينا:
" شقيقه توفى أمس لذا لا تصرخي عليه .. هو لديه حق بالبكاء و التصرف بأنانية لأجل شعوره! "

أومأت بتفهم فعاد ليحتضنه قائلًا:
" لا بأس يو .. كل شئ سيصبح بخير .."

سكت يُبعده عنه قليلًا ليقول:
" ما رأيك أن نذهب الغد إلى والدك؟ "

أومأ يوتا و هو يمسح دموعه فتبسم ريكي و هو يعود برأسه نحو أشينا المنزعجة رادفًا:
" سنتكلم لاحقًا."

هي أومأت بصمت ثم نهضت لترى ما تُلهي به نفسها حتى ينام يوتا كي يستطيعا التحدث بأريحية دون معرفة يوتا بما يوده ريكي ..

و باليوم التالي تحرك ريكي مصطحبًا الفتى خلفه على دراجته التي قد أسرع بها نحو المشفى كي يطمئن المعني على والده و شقيقته!

هناك أمسك بقبضته و لم يستطع أن يتركه يذهب وحيدًا،  و كل تفكيره هو أن يحميه من أي شئ! .. أخذ رقم الغرفة و سارا معًا نحوها بكل هدوء قبل أن يقطع ذلك الهدوء الصبي الذي خاطب ريكي:
" ريكي هل يُمكن أن أجلس مع والدي اليوم؟ .. "

نظر نحوه ريكي فتوسل:
" اليوم فقط! .. أرجوك! "

تنهد ريكي متعبًا و بينما يدلفان إلى الغرفة لمحا جسد ميرا تجاور والدها و تتحدث إليه و هو فقط كان يضع كفه على رأسها و يهدأها بابتسامة باهتة!  .. ترك يد ريكي و تقدم منهما و هو يحاول ألا يفقد السيطرة على مشاعره،  لكن ما ان لمحه والده حين اقترب الى سريره حتى انحنى يعانقه، و بالتالي كان تاناكا قد نهض و هو يلف ذراعيه حول ابنه حين شعر بأنفاسه تكاد تخترق صدره من عنفها و هو يكتم بكاءه!

" لا بأس،  يمكنك فعلها لا أحد سيلومك حبيبي. "

و هنا انفجر يوتا بالبكاء و كأنه كان ينتظر من أحدهم دفع البالون للانفجار! .. نحيبه تعالى و شهقاته ارتفعت و معها مسحت ميرا دموعها التي كانت تنهمر كلما مسحتها، عيناها التي تحولت للأحمر كما وجنتاها و أنفها .. رموشها المبتلة بفعل الدموع!  .. كل ذلك وجدته قد توقف مع رؤيتها ليوتا بهذا الشكل! .. ربما هي كبيرة كفاية للتحمل ألمًا كالفقدان رغم أن الفراق لا يقف على كبيرًا أو صغيرًا!

و خلال ذلك أشارت لوالدها أن يفعل شيئًا متوسلة ،  فتنهد بتعب شديد و هو يجذب جسده ليعدله جواره و يمسح على خصلاته برفق ثم ربت على ظهره بينما يخاطبه:
" الموت لا يقف على كبيرًا أو صغيرًا .. أخوك ماكوتو كان يحبك و فتى لطيفًا،  سيكون حزينًا بشدة لو علم أنك تبكي بسببه! "

" أ .. أعرف! "

" إذا كنت تعرف؟ فلماذا تُتعبه ببكاءك؟  "

ابتعد عنه يعتذر و راح يمسح دموعه بكف يده،  فتبسم والده و هو يمسحها عنه،  رادفًا بابتسامة تُخفي ما خلفها:
" لو كان هنا لقرص لك وجنتيك و عاتبك .. لذلك لا تبكي ."

أومأ دون أن يعود لبكاءه مجددًا،  و ترك نفسه يعانق والده و يرمي بحمل رأسه على كتفه،  و كأنه رغم مرارة شعوره يود لو أن يستمد منه الدعم الكافي ليصير هادئًا لكن ذاكرته عادت بتلك الرسالة بعد موت أخيه .. ربما لو قرر مجددًا التحدث لأحد،  سيحصل ذلك الشخص على نفس مصير شقيقه و عمته كيرارا لذلك قرر التزام الصمت و حشر ما تبقى من ألمه في قلبه دون أن يعلم به أحد لعل و عسى يتوقف ذلك الشخص عن قتل من يُحبهم! لأنه ما عاد قلبه قابلًا للحزن مرة أخرى!

بعد ثلاثة أيام ...

تجمع أهل المنزل حول تلك المائدة التي نقصها عدة أفراد و بينما تاناكا مُنشغل في تناول طعامه بكل شرود كي لا تقع عينيه على المقاعد الفارغة من أسرته ارتفع رنين هاتفه أجفل الموجودين .. للحق هو و بطريقةٍ ما ذعر قلبه لسببٍ ما،  لكنه كبح قلقه و هو يجيب هاتفه يتلقى الصاعقة الأخرى بصمت،  و عيون المتواجدون صُبَّت عليه بقلق و خاصةً يوتا الذي لمح تغير ملامح أبيه ثم تفاجأ به يترك طعامه و يغادر القصر!

لذا،  هو ترك ملعقته و لحق به رغم نداء هيرو عليه و محاولته لايقافه لكن يوتا لم يفعل،  فما جال بفكره أن ذلك الشخص من تحدث إلى والده عبر الهاتف كي يصل إليه و يؤذيه!

دون أن يهتم بملابسه الخاصة بالمنزل هو ركض خلف والده لكن لم يلحق به فاضطر أن يوقف سيارة أجرة و يدلف داخلها هاتفًا به بقلق و عيناه على سيارة والده الراحلة:
" سِر خلف تلك السيارة الرمادية ، بسرعة أرجوك."

لحقته السيارة و هو يراقبها باضطراب يتمنى من قلبه أن يكون تفكيره خاطئًا و أن والده بخير!

حين وقفت السيارة مع توقف خاصة والده،  هو خرج دون أن يدفع الحساب فندهه السائق لينتبه يوتا عليه،  هو نظر إليه بحيرة قبل أن يشهق بصدمة و قد تلون وجهه بالخجل و هو يتكلم بتوتر و بسرعة كي يلحق بوالده:
" أسف لكن ليس معي مال،  لكن يمكنك الذهاب لمنزل...."

نظرات السائق أقلقته حين رآه ينزل من السيارة،  فقرر الهرب دون رغبة منه للاعتذار لكن يد ما أحاطت بكف يده تمنعه،  فرفع بصره و قد لمحه يناول السائق حسابه،  اضطربت دقات قلبه و المعني ينزل على ركبتيه يخاطبه برفق:
" مرة أخرى لا يجب أن تفعل ذلك. "

ثم بعثر شعره و غادر تاركًا إياه يحدق في مكانه بصدمة قبل أن يغمض عينه بألم يهمس بكسرة :
" لم يكن هو! .. لازلت أتوهم! "

عاد أدراجه نحو المشفى،  ليجد والده يخرج و هو يمسك برأسه و هالة من الغضب و الحزن تحيط به،  تنهد بعمق لكنه صمت بيأس حين لمْحِه لصغيرِه يقف مقابلًا له يحدق به بقلق،  هو تنهد و هو يجر قدميه نحوه،  مصيبة أخرى و موت أخر،  الآن الحزن سيُعيد سيطرته على الأسرة مجددًا،  رغم كل شئ!

" من جعلك تلحق بي؟ "

الصمت المحيط بجملته و النظرات الحادة كان كفيلًا بجعل قلب يوتا يضطرب، أبيه غاضب و هدوء كلماته هذه هي ما يجعله يخف منه،  لذلك هو أخفض بصره و همس:
" كنت قلق عليك .."

قاطعه بحدة:
" و ان مُت لا تلحق بي مجددًا يوتا. "

دق قلبه بقسوة ثم راح يرفع عينه إلى والده يعترض:
" إن مُت سوف ألحق بك حتى إلى الجحيم! "

" يوتا! "

" لا تظن أني لا أعلم ما يدور حول عائلتي! فكل ما يحدث هو بسببي! ثم أخبرني من لحق بالاموت مجددًا،  فلست صغيرًا! "

صرخ بوالده بغضب ثم ضرب الأرض بقدمه بغيظ ينتظر اجابة والده الذي راح يقترب منه قائلًا بهدوء يتبعه عاصفة:
" لست لأنك تملك من العمر أربعة عشر عامًا فتُعتبر من فئة الشباب فلست سوى طِفل ... كما من مات لم يكن سوى ريو. "

و كأن هناك من ملأ دلو شديد السقيع و دلقه فوق رأسه! .. و اتسعت عينيه و هو يتذكر ذاك الوجه الذي رآه قبل قتل كيرارا! ... كيف له أن يموت و هو السبب في كل سلسلة القتل التي بدأها بموت زوجة عمه!؟ ... ثم تلك الرسائل منه! .. أكان يتوهم كل تلك الفترة؟ أم أن شخص أخر غير ريو هو من كان يقتل؟! .. و ان كان،  فمن هو و من ..

اندفع جسده بفعل شخصٍ ما،  قبل أن يجد صراخ والده يعلو و هو يجذبه ليركض به بعيدًا!

ركض و لحسن حظه أن المباني قريبة من المشفى فاحتمى بأزقتها يخفي ابنه خلفه و هو يحدق حوله بحذر! .. لا زال يوتا تحت تأثير الصدمة لا يستوعب عقله كل الحقائق المزيفة التي ربطها مسبقًا لبعضها و لتوه أيقن أنه يجب ضرب رأسه بأكبر حائط على غباءه! و سذاجته! لكن ذلك ليس وقته،  فهما بخطر و المقصود ليس سواهما! أو ..

رفع كفه يحدق بتلك الدماء التي لوثت يده،  هو تقريبًا هناك من جرحه و الجرح بدأ يؤلمه لكن انزعاجه جعله لا يُدرك أي مكان تم جرحه فيه! أو يُدرك فوبيا الدماء التي يعاني منها! .. و من بعيد لمح كلب حراسة مُدرَّب يُحدق فيهما بشر ، فتنهد بخوف و هو يحتمي خلف جسد والده،  مُدركًا أن ذاك الشخص جرحه ليطلق عليه كلبُه!

لوهلة و مع تحرك الكلب نحوهما تذكر فوبيا الكلاب التي يعاني منها او ليشمل خوفه من كل الحيوانات منذ تعذيب ريكي له بهما؟! .. و حقًا تبًا لريكي و ليوم معرفته به!

هنا هو صرخ بذعر أكثر من خوفه من الجرح لكن الطلقة النارية التي أُطلقت جعلته يفتح عينيه بذعر،  و يتجمد مكانه دون رغبة منه لادراك من قُتل؟!

هنا فقط كان عليه أن يسمح لنفسه بالانهيار لكنه لم يفعل حين شعر أن كفي والده تجذبه لتحتضنه و من خلفه رآه واقفًا يبتسم له ثم يرتدي القناع مجددًا و بيده مسدسًا و بقربه الكلب مقتولًا،  لمح بعض الكدمات و الجروح بجسده لكنه فقط أغمض عينيه يطلب من جسده فقط أن يفقد الوعي و أن تحدث مشكلةً ما بعقله كي يفقد الذاكرة و لو رجح للأمر فهو سيختار موته ليُنهي كل شئ و يرتاح!

*
;
;
يتبع...

فصل هادئ 🙂

اذًا من توقع أن ريو صاحب المشاكل؟ .. فريو مات حقًا!

يوتا و أوهامه؟ .. هل حقًا يمكننا الجزم بأنه هو؟ أم أن يوتا قد يعود لحالته النفسية؟

ما كان يريد ريكي من محادثة أشينا على انفراد؟

هل هناك من سيموت مجددًا؟

توقعاتكم للأحداث المقبلة؟

تقييمكم للبارت؟

و الي اللقاء ❤️🥀

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top