ضياع حلم


من المفترض أن يكون الجميع متساوين في هذه الحياة ، لكنهم ليس كذلك !
في هذه الحياة هناك الغني و الفقير ، القوي و الضعيف ، الظالم و المظلوم .
و كما يقول الكثير ، القوي يأكل الضعيف !
كأنهم في غابة ! لا يهتمون بمشاعر الآخرين و يفعلون ما يحلوا لهم !
حاولنا أن نصبح أقوياء ، حاولنا هزيمة القوي بالتمسك ببعضنا !
حاولنا و حاولنا و قاتلنا باستمرار .
لكننا ..

" ما زلنا عاجزين عن حماية حلمنا الوحيد "

نظرات الألم ، الغضب و الانزعاج ظهرت على وجه هاياتو و هو عاجز عن الحراك بسبب من يجلس فوقه يوجه الخنجر نحوه !
بينما نظرات ميكا الخائفة اتجهت لوالده ، ليس خوفاً مما سيحدث له ، بل خوفاً على رفيقه !

تحدث ميكا بقلق : ماذا تريدني أن أفعل ؟!

ابتسم نيكولاس و تقدم نحوه يجيب : انت ذكي ميكا ! بعد قضائك أربع سنوات حراً في الخارج لا أعتقد أنك ستكون مطيعاً تماماً كالسابق و تجلس في الطائرة بهدوء تام ، لهذا ساعطي الخيار لك ، ما الذي تريد أن تحتفظ به ؟ حريتك المؤقتة ؟ أم حياة هاياتو ؟

اتسعت عينا هاياتو بصدمة مفكراً  " هل يهدده بي ؟! "
نظرات ميكا ازدادت قلقاً و خوفاً ! زادت سرعة أنفاسه و هو ينظر لهاياتو بخوف و ألم ! نطق بصوت مهتز : انا ...!

قاطع كلامه صراخ هاياتو : لا ميكا ! لا تذهب معه ! لا يستطيع حبسك مجدداً ، انت تختار أين تذهب ! لا تستمع اليه !

اخترق الخنجر ظهر هاياتو ليصرخ متألماً فصرخ ميكا بقلق شديد : لا انتظر ! 

اخرج هيت الخنجر بينما يبتسم و وضعه على رقبة هاياتو ليتحدث : التالية ستكون هنا !

توسعت عينا ميكا بشدة و بدأت يداه بالارتجاف !
تحدث نيكولاس بابتسامة : إذن ميكا ما خيارك  ؟

نظر ميكا له بخوف فرفع هيت الخنجر في الهواء استعداداً لقتل هاياتو كأنه يهدده و يخبره أن يسرع !
بدأ الخنجر ينخفض متجهاً لرقبة هاياتو فاغمض عينيه بقوة ليسمع صراخ ميكا : حياة هاياتو !!

توقف الخنجر و فتح هاياتو عيناه فوراً ينظر لميكا بصدمة !
رفع ميكا رأسه ينظر لوالده بحزن ليتحدث بصوت متألم : لا أرغب أن أكون حراً ، أريد الاحتفاظ بحياة هاياتو !

توسعت عينا هاياتو ليصرخ : لا ميكا ! أنت ..

قاطع كلامه تقدم نيكولاس نحو ميكا بابتسامة و هو يتحدث : أجل ، سأتركه الآن .

إلا أن ميكا تراجع خطوة للخلف ليتحدث بصوت قلق و حزين : ليس الآن فقط ، لن تلمسه أبداً ، و ستنساه تماماً ، للأبد !

ابتسم نيكولاس و تحدث : حسناً انا موافق .

ضغط نيكولاس على أحد مفاتيح هاتفه لتأتي طائرة صغيرة نحوهم ! ابتسم نيكولاس و تحدث بينما يشير للطائرة : اصعد ميكا .

نظر ميكا للطائرة بقلق شديد ثم نظر لهاياتو ! كان هاياتو ينظر له بصدمة غير مصدق ، هل سيذهب ميكا عنه هكذا !
هل سيفترقان ليعود ميكا بمفرده لذلك المكان المظلم !
هو وعد نفسه أنه سيحميه و لن يدع تلك الأيام تتكرر !
ميكا وعده بأنه سيبقى معه للأبد !
لا يمكن أن يذهب ! هذه خدعة من ميكا مجدداً صحيح ؟

كان ميكا ينظر له كأنهما يقرآن افكار بعضهما فتحدث ميكا في نفسه " آسف هاياتو .. لن أستطع الوفاء بوعدي ! "

نزلت دمعه من عين ميكا لتشق طريقها على خده و تسقط على الارض !
كما يسقط حلمهما و ينهار في لحظة !

وصل ديفيل لهم أيضاً بسبب اتصال نيكولاس به ليركب الطائرة الصغيرة يتبعه نيكولاس !
نظر ميكا لداخل الطائرة بخوف شديد يحاول التفكير بطريقة تجنبه هذا المصير !
تمنى لو يستطيع الركض مبتعداً الآن !
يداه ترتجف و قدماه ترفض التحرك و الصعود لها !

نظر لهاياتو مجدداً كأنه يحاول إيجاد طريقة لعدم ذهابه ! لكن هل يوجد ؟
كاي فاقد الوعي ، ديانا بعيدة و لا تستطيع فعل شيء ، لا يعلم اين جين حتى !
أو غيلن !

تحدث نيكولاس : هيا ميكا .

نظر ميكا للطائرة مجددا بحزن و الألم يعتصر صدره ! تقدم ببطئ ليصعد بها مكرهاً ، فابتعد هيت عن هاياتو و توجه نحو الطائرة أيضاً !

نهض هاياتو بصعوبة لينظر لميكا بصدمة بينما يضع يده على كتفه المصاب يتحدث في نفسه " لا .. لن يذهب ! "

ركب هيت الطائرة ليبدأ المحرك بالعمل بينما ميكا ينظر لهاياتو بحزن شديد !

تقدم هاياتو للامام ببطئ يفكر " لن يحدث هذا ، هذا غير ممكن ! "

ألا إن امنيته الوحيدة هذه بدأت بالتلاشي مع ارتفاع الطائرة في الهواء فركض هاياتو بصعوبة نحوها مفكراً " لا تتركني .. لا تاخذوه ، هذا غير ممكن ، غير ممكن !! "

مد يده نحو ميكا بقلق و خوف شديدين و الدموع تتجمع بعينيه ليصرخ بأعلى صوته : ميكا !!

نظر ميكا له بحزن شديد مفكراً  " انا آسف "

و لم يكتفي بالتفريق بينهما فقد ضغط نيكولاس على زر كان معه ليحدث انفجار كبير على الجسر !!

توسعت عينا ميكا بصدمة لتبدأ أرضية الجسر بالتحطم و السقوط ليصل التشقق للبقعة التي يقف عليها هاياتو !
تقدم ميكا بسرعة نحو باب الطائرة و مد يده لهاياتو يصرخ بخوف : هاياتو !!

ألا إن نيكولاس أمسكه فلم تصل يده لرفيقه فتحطمت الأرض تحته إلا أن نظراته المصدومة لم تفارق وجه ميكا ابدا ، كأنه لا يهتم للانفجار أو لحياته التي تكاد تسلب منه !
فهو الآن يرى حياته تؤخذ من قبل نيكولاس !

سقط نصف الجسر في الماء و سقط كل شيء كان فوقه ! 
رأى ميكا كل شخص عزيز عليه يسقط !
غيلن ، جين ، كاي ، ديانا ، والدته و مينا !
و الأهم ... هاياتو !

كان لا يرى شيء غير وجه ميكا الحزين و فجأة أحاطه الماء من جميع الجهات !
كأنه سقط في عالم آخر يسحبه ببطئ نحو قاعه حيث ظلام لا نهاية له !
تخلل لون الماء الأزرق شريط أحمر من دماء الغريق ليلوث نقاء ذلك اللون !

لكن هل يهتم ؟!
كما رماه العالم و لم يسأل عنه هو أيضا لم يهتم لأي هاوية تسحبه الآن ! لم يهتم للون الأحمر الذي يخرج منه و يلوث هذا العالم الجميل ! 
رفع يده نحو الأعلى محاولاً إمساك ذلك الطيف ، ينظر لسطح الماء بعينين ذابلتين حزينتين و آخر ما فكر به : مي..كا !

كانت هذه آخر كلمة همس بها في نفسه قبل أن يغمض عينيه بصمت و يسحب لذلك العالم الهادىء دون أن يودع رفيقه حتى !

سحب نيكولاس ميكا ليرميه على أحد المقاعد بقوة فنظر ميكا له بحزن شديد و الدموع شقت طريقها خارج عينيه ليصرخ بألم : لماذا ؟ لماذا فعلت هذا ؟ ألا اكفي انا ؟ الا يكفي تدمير حياتي ؟ قلت أنك لن تلمسه !

جلس نيكولاس بجانبه مبتسماً و مسح دمعة ميكا بينما يتحدث : أجل ، و لن المسه بعد الآن .

ازدادت ملامح وجه ميكا ألماً ليخفض رأسه و تسقط الدموع من عينيه بغزارة !

" لماذا يحدث هذا ؟
لماذا لا استطيع إنقاذ أحد ؟
لماذا يموت الجميع بسببي ؟
لماذا هاياتو ؟
أنا أكره نفسي ! أكره ضعفي !
أكره كل شيء فيا ! "

نظر نيكولاس له بابتسامة هادئة ليمسح على شعره بخفة .
كم يحب ملامح وجهه هذه ! الألم ، الندم ، التحطم !
لا يمل من رؤيتها على وجه ابنه !

حلقت الطائرة في الهواء مبتعدة عن الجسر تاركةً حطامه و انهياره يغرق الأشخاص فوقه !
لتفرق بين روحين .. لا ، بل هي اقرب لروح واحدة قسمت لنصفين !
لتسبب ألم شديداً فيهما  !
مجرد حلم صغير لم تعطه لهما ، و الآن .. كل شيء ينهار .. مع انهيار ذلك الجسر !
مع انهيار دموع الفتى الأشقر .

يتبع ...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top