بارت 8

قاد صغيرته بالطرقات بسرعة شديدة وهو مشغولة البال حقا بما يجب أن يفعله وكيف سيتحدث معها ، وأكثر ما جعله يتوتر هو تسائله عن سبب قدومها بوقت كهذا !

تسائل هل حصل شيء جعلها تأتي بهذه الطريقة العاجلة !؟ ليس وكأنه غير معتاد على أنفعالها المبالغ به فهي لو رأته مصاباً بالزكام قد تحبسه لعدة أيام حتى تتأكد أن الزكام زال ولن يعود إلا ان السفر من مكان آخر فقط إلا يتطلب سبب قوي ؟

وصل بعد مدة اخيراً للمطار بعد أن ركن صغيرته بموقف السيارات متجهاً بخطوات سريعة نحو مكان استقبال الوافدين رفيقه التوتر بكل خطوة ويزداد ذلك القلق ومعه ضربات قلبه التي شابهت موسيقى ملحميةحتى وقف ينتظرها عند ذلك الدرج الذي يتوافد عليه القادمين

حدق بالدرج في محاولة لرؤيتها لكن لا أثر لها ، اغمض عينيه تزامناً مع تنهيدة عميقة ليشعر بيدي شخص تمتد وتحظنه بقوة مع نبرة والدته المتحمسة والتي بانت السعادة بين طياتها وهي تعبر عن سعادتها برؤية ابنها الصغير
" صغيري ليو ! مر وقت طويل لم ارك "

هو والذي كان شارداً طوال الوقت وفور أن احتظنته بتلك الطريقة فزع وكاد يتراجع للخلف لولا تمسكها به بقوة شديدة كما لو كانت تراه طائرة ورقية بيوم عاصف فتحرص على امساكها بقوة حتى لا تضيع وتحلق مبتعدة

لم تتركه رغم مرور مدة كانت كافية لليو لكي يضع يديه على كتفها ويبعدها بهدوء للخلف راداً بنبرة لم تخلو من الارتباك
" أهلا بك امي ، أتسائل ما الذي جاء بك إلى هنا كل هذا الطريق ؟"
لم يتمكن من كبح فضوله ولا لدقيقه أخرى فعبست والدته من فورها لتتذمر
" فقط اشتقت إلى صغاري أليس هذا سبب كافي ؟! "
قطبت حاجبيها بعدها لتردف بأعتراض
"ثم ما هذا الذي سمعته ليو ؟!هل حقاً انت تعمل؟! "

صمت المعني واشاح بوجهه لترد هي بأستياء شديد
" فظيع ! ابني يعمل وانا حية ؟! هذا مستحيل !"

قاطعها ليو في محاولة لإغلاق الموضوع ليقول بسرعة
" لنذهب للسيارة امي سأوصلك "
صمتت قليلاً ثم اردفت بابتسامة لطيفة على شفتيها وهي تقول بسعادة
" صغيري كبر حقاً وصار يقود سيارة بنفسه ! "
ظهر الحزن عليها لتقول بشيء من التأثر
" بحق انهم يكبرون بسرعة !"

لم يعلم بماذا يرد لتنطلق هي للسيارة بينما هو وقبل أن يلحق بها لعدة ثواني وقف هناك ليتنهد وارتفعت يده نحو شعره لتحيله فوضى كل خصلة منه متنافرة مع الأخرى حتى سمع صوتها وهي تنادي عليه بوسط المطار
" صغيري ، ماذا تفعل عندك؟!"

خرج من شروده ليتحرك بخطوات سريعة تجنباً لأي إحراج آخر فمناداتها له وهو بهذا العمر بصغيري وسط الحشود كانت أكثر من كافية

أسرع متوجهاً نحوها ليلاحظ حقيبتها التي تجرها خلفها ، حدق لدقائق حتى امتدت يده لتسحب الحقيبة من يدها فالتفتت هي بسرعة لتنظر لما يجري فقال متجنباً النظر إليها
" سأحملها بدل عنك "

لم تفوت الأمر بل نطقت من فورها بفخر شديد
" يا إلهي ! ابني رجل مذهل بحق ! كم هي محظوظة الفتاة التي ستاخذك !"

ومجدداً كل ما استطاع قوله هو بضع كلمات أظهرت لوالدته ارتباكه وحسب
" لنذهب وحسب امي !"
ابتسمت بخفة لتتبعه وهي تحدق بما حولها حتى وصلا اخيراً للسيارة ، نظرت اليها بشيء من إلاعجاب
" مذهلة ! بحق جميلة ! أحسنت الاختيار ليو ! "
رغب بقول الكثير حقاً لكنه اكتفى بقول
"شكراً "

فور صعودها للسيارة تبعها ليو بعد وضع الحقيبة بالصندوق الخلفي اما والدته عيناه ارتكزتا على صغيرها تحدق به بحنان وفخر ، كل خطوة صغيرة أو كبيرة تجعلها تفكر كم أن صغيرها كبر بسرعة ! تذكرت من فورها موضوع العمل فهتفت بحاجبين مقطبين
" بشأن العمل ، ليو اترك العمل ، لا أريد لأي شيء أن يشغلك عن دراستك ، ساعطيك ما تحتاجه "

بينما كان يفكر برد ملائم سمعها تردف
"لحظة ! يجب ان يأتي الفين هو يجب أن يستمع لهذا ايضاً !"

التفتت والدته اليه لتطلب من فورها وهي تحدق به
" خذني لمنزل عم الفين ليو ، أريد رؤية صغيري ال "

نظر اليها من فوره مستنكراً متناسياً أنها لا تدرك كم أن عم ال يكره ليو وكل ما يتعلق به ، تدارك نفسه قبل أن يفضح الأمر حين التمعت برأسه فكرة مذهلة فإن كان هو صدم بمجيئها أليس عدلا ان يشاركه رفيقه الصدمة ويتعرض لمثلها ؟
ابتسم من فوره بأتساع وظهر الحماس على نبرة صوته بشكل فاجأ أمه أيضا
" ساخذك لرؤية ال فوراً ! أثق سيكون سعيد برؤيتك "

تسائلت عن سبب هذا التغير المفاجئ لكنها سرعان ما تذكرت كم أن صغيرها يكون مختلفاً حين يتعلق الأمر بألفين ، ابتسمت بشيء من الحزن صحيح أنها سعيدة أن هناك من يجعل صغيرها يتصرف براحة لكنها بداخلها تمنت ولو بعد حين أن يعاملها ليو بنفس الطريقة ربما

لم تتوقف عن التحديق به مطلقاً طوال الطريق بينما هو كل ما يفكر به وقتها هو ردة فعل ال حين يراها ، فكر بداخله ربما أن أمه قد تغير مزاج الفين المعكر منذ الصباح بسبب عجوز مزعج كما سماه ليو

وصل بعد وقت قصير أمام المطعم واوقف سيارته ، والدته حدقت بالمكان بحيرة وهي تنظر حولها
" لما توقفنا هنا ؟أين الفين ؟"

وجه أنظاره نحوها وهو يشير بيده نحو المطعم
"هو يعمل هناك ، هو بالعمل حالياً لذا احظرتك لتريه"

شهقت معترضة بينما تنزل بسرعة
" هذا فظيع بحق ! يجب إنهاء هذا وفوراً "

سبقته والدته بالتوجه نحو الداخل فأسرع يتبعها فلا رغبة له بتفويت ردة فعل رفيقه حين يراها

دخلت للمطعم كما لو كانت تقتحمه ، نظرت حولها بالمكان وعيناها تبحثان عن ضالتها حتى جاء مالك المطعم واقترب
"أهلا سيدتي ، هل يمكنني المساعدة بشيء ؟ "

تحدثت بينما ما تزال تجول بالمكان بحثاً عنه وأقبل ليو بتلك اللحظة ليقف قربها
" اهلاً ،ابحث عن صغيري وحسب "

حين رأى ليو يقف قربها تسائل موجهاً كلامه له
" اهي معك ليو ؟ هل تبحث عن الفين "
قبل ان يكون ليو من أجاب كانت والدته من ردت بشيء من الأنفعال
"أجل هو ! أين صغيري الفين ؟!"

سمعت صوت الفين الذي بدت به الحيرة والاستغراب
"خالتي ؟! اهذه انتِ ؟!"

سماع صوته كان كفيلاً بجعلها تبتسم بأتساع وتقدمت منه بسرعة لتحضنه بقوة
" بني ال اشتقت اليك حقاً "

تجمد هو مكانه يوجه أنظاره المتسائلة نحو ليو والذي كان يشاهد باستمتاع صديقه البارد مرتبك لأول مرة منذ بضع أشهر

تحركت شفتا ال دون إصدار صوت وهو لا يزال بين يديها التي احتضنته بقوة
" ما الذي يجري ؟"

حرك ليو يديه نافياً معرفته بأي شيء فلم يجد الفين سوى أن يبادلها الاحتضان بابتسامة سعيدة على مجيئها
" مرحباً بعودتك خالتي ،سعيد برؤيتك "

نظرت اليه بعد أن ابعدت يدها قليلاً وهي تحدق بملامحه كما لو كانت لم تره منذ سنوات رغم أن الواقع لم يمر سوى شهرين ربما

"انا كذلك سعدت برؤيتك حقاً ، كيف حالك الفين ؟! هل أنت بخير ؟ لدي الكثير للحديث عنه لذا هيا بنا لنذهب "

ابتسم لرؤية اندفاعها هذا مجدداً بعد أن فقده لمدة بينما يقول بهدوء
" خالتي ، أرى أن تذهبي برفقة ليو حالياً بينما أنهي عملي وسالحق بكما لاحقاً "

كان مدير عمل الفين محتار بطبيعة علاقتها معه لكنه رأى تعلقها به واستنتج أنها كانت بعيدة لمدة فتدخل بالحوار ليقول ما تمنت والدة ليو سماعه
" عملك أنتهى تقريباً الفين يمكنك الذهاب طالما هي حالة خاصة "

التفت الفين من فوره ليحدق بمديره متسائلاً بحيرة
" أانت متأكد ؟ "

ابتسم المعني واومأ برأسه مؤكداً وأشار بيده
" إذهب وحسب لا داعي لترك السيدة تنتظر "

ابتسمت والدة ليو بأتساع لتشكره من فورها بسعادة بالغة
" شكراً لك سيدي حقاً سعيدة بوجود شخص لطيف مثلك كمدير لصغيري ال "

ال توجه للوقوف قرب ليو الذي لم يفوت الأمر ليقول من فوره ساخراً بصوت هامس
" أخي هل لا بأس معك بأن تناديك بصغيري وانت بهذا العمر ؟"

نظر اليه الفين نظرة جانبية ليبتسم واضعاً يده بجيبه
" تعرف أن والدتك هكذا دوماً والاعتراض قد يحزنها لذا تقبلها وحسب أيها الصغير "

قطب حاجبيه معترضاً ليقول بهمس مجدداً
" فظيع ال ! ثم هل تظن يحق لك قول هذا وانت تمت مناداتك بصغيري قبل ثواني ؟!"

قاطع كلامهما تقدم والدة ليو لتقف أمامهما متسائلة بحيرة وعيناها تنتقل بين الاثنين
" ماذا هناك ؟"

تحدث ليو من فوره بهدوء
"لا شيء "

اما الفين ابتسم لها وتقدم منها
"فقط لنذهب خالتي ، كنت قد اتفقت مع ليو على قضاء اليوم معه ويبدو أن هذا من حسن حظي ليتوافق مع مجيئك "

ابتسمت ومدت يدها لتسحب ال بإحدى يديها وليو باليد الأخرى
" لنعد للمنزل حالاً أرغب بان اطهو لكما الكثير فلا شك انكما كنتما تاكلان طعام غير صحي !"

بعد التوجه للسيارة صعد الفين بالخلف بينما اخذ ليو مقعد السائق وبقربه أمه والتي التفتت لتحدث الفين بعبوس واضح لتنظر نحو الفين الذي كان يحدق بالشارع مفكراً كم أن الحظ كان حليفه هذه المرة حيث قد كان مجيئها سبباً لنسيانه ما حدث مع والده صباحاً فخرج من شروده على صوتها القلق
" الفين صغيري ، اخبرني ماذا حصل بشأن عمك ؟!من أين ظهر فجأءة! ؟وفقط هل يضايقك بشيء ؟"

رأسه اتجه ناحيتها وعيناه العسلية ارتكزتا عليها وهو يجيب بابتسامة مطمئنة عكست داخله الذي شعر بالسكينه بعد رؤية من اعتنت به وقت حاجته حين لم يكن لديه أحد يستند عليه وكم شعر منها بحنان الأم رغم أنها لم تلده
"لا تقلقي خالتي ، هو لا يزعجني وحسب ما قاله كان يبحث عني منذ زمن "

اخفض راسه قليلاً بينما يكمل كما لو كان يناقش نفسه أثناء أخبارها به
" هو يبذل جهده لرعايتي وعدم الضغط علي لذا لا تقلقي من شيء"

تنهدت براحة وانفرجت اسارير وجهها بأطمئنان عليه
وتحدثت بثقة تامة لم يشبها أي تردد أو خوف
" لو ازعجك ابلغني فقط وسيكون آخر يوم بحياته "

ليو والذي سمع هذا كان ينظر عبر تلك المرأة الصغيرة لملامح صديقه للاطمئنان عليه وكم كانت راحته كبيرة حين رأى تلك الملامح المسالمة على وجهه فأعاد زرقاوتيه للطريق أمامه بصمت وهو يفكر
"لو اذاه حقاً لن تلحقي على جعله يندم لأن سأكون حينها قد قتلته بالفعل وجعلته يندم على اليوم الذي ولد فيه !"

بالطبع ظلت تلك الكلمات طي الكتمان فهو يدرك أن ردة فعل والدته لن تكون أقل من أن تشهق برعب وتعترض على تهوره ولن تتوقف عن توبيخه حتى إشعار آخر ومؤكد ستعترض قائلة إن واجب الوالدين فعل ذلك وعلى الأبناء فقط أن يتقبلوا حماية اسرهم لهم !

وصلوا بعد مدة للشقة ليتوقف ليو في موقف السيارات وهم بالنزول مع الفين وتبعتهما والدة ليو والتي نظرت حولها بعينيها تجوبان المكان بفضول لتأخذ اول انطباع عن المكان الذي اختاره زوجها لصغيريها متذكرة ما حدث قبل مجيئها
Flash back
دخلت إلى مكتب زوجها الذي كان قد أنهى المكالمة للتو ليتنهد بأرهاق من سلوك ابنها وقبل أن يجد وقت لأخذ نفسه والراحة أقبلت زوجته كما لو كانت ضابط بالجيش اقتحم صفوف العدو متقدمة بخطوات سريعة لتضرب مكتب زوجها براحة يديها
وملامحها كانت أبعد ما يكون عن السرور ليكون ذلك كافياً له ليدرك أن القادم ليس خيراً
" لما تفعل ذلك به ؟!تعلم أنه سيعاند أكثر ويبتعد حين تعامله بهذه الطريقة وقد يهرب منا بالنهاية !"

ارتبك من رؤية زوجته الغاضبة فسماعها المكالمة كان آخر ما يتمناه خصوصا حين ختمها بذلك التهديد
جمع حروفه بعناية ليبدأ الدفاع عن نفسه أمامي قاضي هذه المحاكمة بصوت متردد وكلمات متقطعة دلت على إدانته من أول حرف
" عزيزتي ..... فقط كما تعلمين ..... أحاول فعل الافضل له ! هو عليه الاهتمام بدروسه
.. "

اردف بعدها بشيء من الاستياء
" ليس وكأني سعيد بالحديث مع ابني الأصغر هكذا ! لكن ان كان سيهمل دروسه ويسيء معاملة ابن عمه ماذا تتوقعين مني أن أفعل !"

قطبت حاجبيها بغضب شديد وقبضت على يديها بقوة شديدة
" وهل تلومه على ذلك بعد كل ما جرى ؟! لقد مر بالكثير بالفعل ولا عجب أن لا يرغب بالتعامل معه !"

تنهد مطلقاً ذرات الهواء المتزاحمة من رئتيه واضعاً رأسه على راحة يده عيناه اغمضها فما حاجته للرؤية وهو يغوص بالماضي المرير الذي يجعله يندم كلما تذكره؟! خرج من شروده على صوت زوجته الذي بدا فيه بعض الندم على تذكيره
" اعتذر لم ارد تذكيرك ولكن انت تقسو على ليو هكذا وهو فقط مستعد للهرب منا على أقل شي فما بالك بمعاملته بقسوة ؟!"

وقفت باعتدال مبتعدة عن الطاولة الخشبية أمامها لتقول بثبات وإصرار لتعلن لزوجها عن قرارها
" سأذهب لاتفقدهما ، هما وحدهما هناك وانا اشتقت لهما بالفعل ! ربما يمكنني الاطمئنان عليه أكثر لو رايته "

تنهد ورد من فوره كما لو كان توقع شيء كهذا بل إن صمودها لشهرين صدمه فهي التي كانت كلما خرجا تتصل بهما الف مرة ربما للتأكد أنهما لم يتاذيا وبالكاد وافقت على تركهما يسافران وقتها بجو مليء بالدموع وهي بالكاد توافق على الابتعاد عنهما وتركهما يذهبان

لم يبدي اعتراض مطلقاً
" حسناً لا مانع لدي ، ساحجز لك بأول رحلة "

ابتسمت بسعادة حقيقية حين سمعت هذا وشعرت أن الفرج حان أخيرا وسترى الصغيرين بعد طول انتظار وانطلقت من فورها لتجمع حاجياتها خشية أن يغير زوجها رأيه أو يحصل شيء يمنعها رغم أنها كانت بالفعل قد قررت ضرب كل شيء بعرض الحائط لو وقف أي شيء بطريق ذهابها

End of flashback
فور أن حطت قدمها الشقة بدأت تنظر حولها كمحقق يبحث عن آثار الجريمة ، تبحث عن أي شيء يمكن أن يدل على أن الصغيران وخصوصا ليو كونه من يعيش هنا حالياً يتناول طعام غير صحي أو يسهر بشكل مضر بصحته ، بدأت تتجول بالمكان بينما ال وليو واقفان ينظران من بعيد حين همس ليو
" لست مرتاحاً لهذه الجولة التفقدية! "

ابتسم الفين بمكر بينما عيناه العسلية تراقب والدة ليو
" اما انا فلست قلقاً فقد صادف اني لم أعد الشخص الذي يعيش هنا !"

عبس ليو من فوره ليهمس بتذمر
" مريع ! هل تتخلى عني ؟! نحن شريكان بالأمر !لا تنسى انك من كان يشجع على تناول الطعام خارجاً !"

رفع الفين حاجبه مستنكراً والتفت نحوه ليعترض ويداه عقدتا لصدره
" أليس هذا لأن لدى كلينا مهارات مذهلة بالطبخ ستوصلنا فوراً لأقرب مشفى!؟"

سمعت والدة ليو ذلك لتقبل بعبوس شديد
" فظيع ! اكنتما تأكلان بالخارج ؟!لا أصدق ! ساطهو لكما شيئاً فوراً ! فقط أحتاج مكونات فالثلاجة فعلياً فارغة من كل شيء عدى بعض الحلوى المضرة !"

مدت يدها التي حملت بها ورقة لقائمة المشتريات
" أحتاج لهذه الأشياء "

ابتسم الفين لها وتبرع ليكون من يتسوق لغرض في نفسه أسّره
"سأذهب للتسوق خالتي وليو سيبقى هنا ليساعدك "

شهق ليو معترضاً من فوره
" لحظة ! لما أنا من يبقى ؟!انا صاحب الصغيرة ونحن بحاجتها للتسوق صحيح ؟! سأذهب أنا !"

الفين لم يعجبه الرد فحدق بليو بنظرة مفادها اصمت وحسب عبرت عن استنكاره
" عليك ترتيب غرفتي ، انا سأذهب وانتهى الأمر ، وداعاً !"

انصرف من فوره دون إعطاء مجال لليو والذي ازداد عبوسه خصوصاً حين أدرك نية الفين والتي كانت واضحة كوضوح القمر منتصف الشهر !

هو يريد ابقائه مع أمه ليقضي الوقت معها وقد حرص على أن لا يقول ذلك بصورة مباشرة إلا أن ليو أدرك ذلك من فوره حين رأى إصرار الفين غير المعهود

حدقت به أمه هي الآخرى بعد أن ادركت مساعي الفين وكم كانت باعماقها شاكرة له على تلك المحاولات لتقريبها لليو

التفت ليو متجهاً نحو غرفة الفين بخطوات معتدلة وتحدث بصوت توسط بين الهمس والجهر
" سأرتب غرفته بنفسي !"

" هل اساعدك؟! "

أجاب من فوره دون أن ينظر
" لا داعي ، سافعلها بنفسي"

لا تنكر شعور الخيبة الذي تملكها لكنها اخفته بابتسامة مشجعة نفسها أن حديثه معها يعتبر شيء إيجابي رغم كل شيء !

ذهب نحو الغرفة وأغلق الباب خلفه ليظهر العبوس أكثر على وجهه مع بعض العناد الذي انعكس بشكل واضح معطيه مظهراً طفولياً
" أحمق ! وكان شيء كهذا سيجعلني حقاً أقضي الوقت معها ! كان عليه فقط اخذي معه لنتسوق بدل هذا !"

بدأ بحمل الأغراض من على الأرض بعد أن كان كل شيء بفوضى عارمة والعبوس لازمه طوال الوقت

الفين والذي كان قد خرج بالفعل وفور أن اختلى بنفسه ظهرت تلك الملامح مجدداً على وجهه ، ألم ، شوق ، حزن ولوم خيم عليه وهو يتذكر ما جرى ، لا ينكر شعور الندم الذي تملكه على الموافقة على البقاء مع عمه بعد ما حدث فلا شيء سيضمن المستقبل أو أنه لن يراه يوماً ما بمنزل عمه وحينها هو يدرك دون شك أن لن يكون بخير مهما حدث !

بالطبع احتفظ بهذا لنفسه فلو قاله أمام ليو لن يضمن ردة فعله وقد يعيده للمنزل من فوره فهو سبق وكرر أنه لن يبقي الفين هناك لو سببوا الأذى له

وصل للسوق بعد وقت قصير ليبدأ بالتسوق بالقائمة التي قامت والدة ليو بأعدادها وهو يتجول هنا وهناك إلى أن انتهى اخيراً بعد عناء إلا أن الاغراض كانت ثقيلة بالفعل فلم يكن منه إلا أن أخذ سيارة أجرة لتعيده

---
دخل الشقة ليجد والدة ليو جالسة بمفردها تنتظر عودة الفين وتحدق بتلك الغرفة التي كان ليو بها من حين لآخر ، أدرك من فوره أن ما خطط له تم افساده تنهد بأستياء وحدق بتلك الغرفة مفكراً بمن فيها ، توقع نتيجة كهذه لكنه لم يمنع نفسه من تمني نتيجة أخرى إلا أن آماله خابت كما توقع

انتبهت والدة ليو اليه لتنهض من فورها وتبتسم له بأشراق بينما أقبلت نحوه لتساعده
"أهلا بك صغيري ، دعني اساعدك"

رفض ذلك من فوره وتحرك ليوصل الأغراض
" خالتي يمكنني حملها بنفسي ، سأضعها لك بالمطبخ"

ابتسمت بامتنان وهي ترتدي مأزر الطبخ
" شكراً عزيزي اعتمد عليك !"

فور انتهائه توجهت والدة ليو لبدء العمل لتبدأ بإخراج الأغراض بينما توجه الفين نحو غرفته ليتفقد ليو الذي هدء بشكل مريب ، دخل لها ليجدها مرتبة كما تركها بعد الجهد الذي بذله ليو لاعادتها أما ليو فقد كان قد غفا فوق السرير بملامح مسالمة ارتسمت على وجهه كما لو كان منهكاً بعد معركة طاحنة ،

ابتسم الفين على منظره ثم تنهد مفكراً
" أفسد مخططي بكل جدارة هذا الاحمق ! لكن أظن لا بأس لن تكون الفرصة الأخيرة "

التفت مغادراً ليتوجه نحو المطبخ وفور دخوله رفعت والدة ليو راسها لتحدق به متسائلة عن سبب عودته السريع وهي من توقعت أن يتأخر للحديث مع صغيرها ليو ولم يكن صعباً أن يدرك تسائلها
" هو نائم "

اومأت بتفهم وعادت لتقطع الطعام فأقترب منها بخطوات هادئة ليعرض عليها المساعدة فانتفضت من فورها معترضة بعبوس
" محال صغيري ! انا فقط من سيفعل ! هذا دوري انا لكي ادللكما على الأقل حين أكون هنا لذا إذهب للراحة أيضا بينما انتهي !"

ابتسم بخفة ووافق دون اعتراض ليتجه نحو غرفة الجلوس ، استلقى على الأريكة بينما يده امتدت لتصل نحو جهاز التحكم ، شغل التلفاز وتركه على موسيقى هادئة بينما يده تحركت لتستقر فوق عينيه لتتركه يغوص بعالمه الخاص مجدداً

ترك وعيه ينساب هارباً منه وانسدل جفناه على عسليتيه وغفى دون شعور منه بعد أن بدأت تلك الأفكار توتره من جديد فبدا الهرب منها خياراً حكيماً جداً

والدة ليو أكملت صنع الطعام لتبتسم برضا بعد أن ألقت نظرة أخيرة على المائدة وابتسامة دافئة تسللت لشفتيها وتمنت لو يكون زوجها هنا كما كانوا يتناولونه معاً قبل بضع أشهر ، ابعدت المأزر لتتوجه نحو ليو لتوقضه، رغم علمها أنه قد لا يعجبه هذا لكنها قررت الانصياع لرغبتها على الأقل لهذا الحد ،

دخلت الغرفة بهدوء شديد وأغلقت الباب لتقترب من السرير الذي استقر عليه صغيرها بهدوء ودون أن يسمع لخطواتها صوت ، دنت قربه لتنظر نحو ملامحه الطفولية تلك فلم تشعر بنفسها إلا وقد ابتسمت لرؤيته أمامها ، تدرك أنه لن يعطيها المجال لو كان مستيقظاً فقررت استغلال فرصتها الذهبية لتسترق النظر نحو ملامح طفلها والتي حرمت منها !

لم تكتفي بهذا فإذا بيدها تحركت لتستقر على شعره الذي ينافس المحيط العميق بزرقته لتبعثره بحنان شديد وابتسامة حانية لم تتمكن من منعها أو الشعور بها حتى ظهرت على شفتيها الكرزيتين

بدأ يتحرك بنومه ويتقلب بشيء من الانزعاج الواضح وعقد حاجبيه بشكل طفولي لتبتسم هي بخفة على ملامحه الطفولية إلا أنها سرعان ما تراجعت للخلف حين لاحظت أنه فتح عينيه الزرقاوتين كما لو كانت الغيوم قد انقشعت عن السماء لتظهر زرقتها

اتسعت عيناه لينهض من فوره بحركة لا ارادية ونظر حوله بالغرفة ليسرق بعض اللحظات حتى يستوعب ويتذكر ما حدث

والدته ظلت جامدة مكانها لم تنطق ولم تغادر أيضا بل كانت تعطيه الوقت لكي يتفهم ما حدث

تحدث بتردد دون أن تجرأ عيناه على التحديق بها
"هل عاد الفين ؟"

اومأت ايجاباً
"أجل ، طلبت اليه أن يشغل نفسه بالتلفاز بينما أعد الطعام "

همس بهدوء وان كان لم يقصد حقاً أن يقولها بصوت منخفض
"فهمت "

اردف مجدداً
" اسبقيني"

لم تعترض بل حثت اقدامها على الخروج بصمت ، فور خروجها من المكان تنهد بعمق وأعاد رأسه على الوسادة وأعاد إخفاء سماويتيه باجفانه
" تباً"

همس بها وحث نفسه على الخروج من فوره ليتفقد الفين، تابع خطواته نحو غرفة الجلوس ليسمع صوت والدته من الغرفة وهي تحاول إيقاظ الفين ، تقدم نحو الغرفة ليرى والدته هناك فأقترب بينما يقول لها بهدوء
" سأوقظه انا "

انتبهت لصغيرها الذي اقبل لتعتدل بوقفتها وابتسمت بهدوء وهمت بالرحيل
" انتظركما"

اقترب ليو منه ودنى بقربه ليوقظه ، حركه بخفة بيده ونطق بعبوس
" استيقظ أيها الخائن الذي ذهب بدوني"

بدأ الفين يتحرك بينما يفتح عينيه ليرى ملامح ليو العابسة امامه فنهض من فوره ليعترض
" ما مشكلة هذه الملامح ؟!ألا يكفي انك افسدت كل ما عملت لاجله ؟!"

ازداد عبوسه لينهض ويعقد يديه لصدره
" المشكلة انك عملت كل هذا ! بحق تعلم اني لن أوافق ال !"

تنهد ووقف هو الآخر ليقول بغير اهتمام
" اغلق الموضوع قد تسمع والدتك وكفا عبوساً كالاطفال "

تحرك وغادر الاثنان نحو المطبخ حيث كانت تجلس والدته هناك تنتظرهما

ارتسمت ابتسامة على شفتها الوردية مرحبة بهما بلطف
" تفضلا صغيراي ، أرجو أن يعجبكما الطعام "

ليو لم يعلق فنظر ال بنظرة جانبية اليه ثم أعاد نظره نحو والدة ليو ابتسم بخفة ليعبر عن امتنانه على جهدها
" سلمت يداكي متاكد أنه مذهل "

بدأ الثلاثة بتناول الطعام بصمت فلم يرق هذا الفين فقرر القيام بجولة أخرى من خطته رغم أنه لم يكن معتاد على فعل هذا حقا ولم يكن بدء الحديث مع أي أحد يوماً شيئاً يبرع فيه لكنه وجد أن لا مفر من هذا فطرح سؤاله الذي يطالب بإجابة على ليو
" الطعام مذهل صحيح ليو ؟ "

ليو والذي كان يحاول إنهاء طعامه سريعا لكي ينهض ويترك هذا الجو المربك خرج من حنجرته ودون شعور حرفان عكسا تفاجئه
"ها ؟!"

حدق به الفين بابتسامة مخيفة كانت أبعد ما يكون عن إشارة خير ، تهديد مبطن وتلميح لرد معين يريده الفين كان ما عبرت عنه فلم يكن من ليو إلا أن يشيح بوجهه وهو يختصر الأمر قدر الإمكان
" هو جيد "

رغم بساطة تلك الكلمات إلا أن والدة ليو ابتسمت ابتسامة واسعة من أعماق قلبها ليبدو أن كل الجهد الذي بذلته كان يستحق وكم كانت شاكرة لالفين على محاولاته فهذا اشعرها أنها ليست وحدها وان هناك من يدعمها من خلف الكواليس ومن أفضل من الفين للتعامل مع ليو ؟!

قاطع ذلك صوت الهاتف الذي بدء يصدح بالغرفة ليخرج الفين هاتفه من فوره ليتفقد شاشة هاتفه التي كانت تتوهج وذلك الاسم يعلوها ولم يكن سوى عم الفين الذي اتصل ليطمئن بعد أن كان القلق قد بلغ أقصاه بعد أن كان عمه قد مر على مكان عمله ليصله خبر ان سيدة ما جاءت لتاخذه

الفضول والقلق بقيت معه لوقت طويل فكان يأخذ الهاتف ثم يرميه مراراً حتى شعر أن الفين تأخر بالفعل فما كان منه إلا أن قرر ان يحسم أمره ويتصل اخيراً بعد أن انشغل طوال النهار ورغم كل ما قالته ابنته لطمانته باءت كل المحاولات بالفشل وملامح الفين صباحاً كانت كل ما يراه أمامه

فور أن وصل لمسامعه صوت ابن شقيقه تحدث بلهفة وقلق بدأ واضحاً من اندفاعه
"مرحبا بني ، أين أنت ؟! "

أجاب من فوره بعد أن نهض من الكرسي
" بمنزل ليو عمي ، طرأ أمر وقررت البقاء هنا لبعض الوقت "

تحدث عمه من فوره ليضمن عودة الفين اليوم
" بني أريدك أن تعود فلدي موضوع معك "

قلب الفين انقبض حين سمع هذا ولم يدرك أن ملامحه أيضاً شحبت قليلا وخطف لونه كما لو كانت الدماء هربت من خلايا وجهه لتتركه كما لو كان شبحاً من شحوبه لكنه أبعد هذه الملامح من فوره حين تذكر من يجلس أمامه فحاول التماسك ليخفي قلقه وأنهى المكالمة من فوره بقوله
" سأتي من فوري ، وداعا !"

بالطبع لم يكن يمكن ان يصمت أي منهما لا الأم ولا ابنها قد يصمتان بعد رؤية تلك الملامح وقبل أن يقول الفين أي شيء نهضت والدة ليو من فورها لتقول بنبرة متسائلة حملت تهديد
" لا تنوي ان تقول ان كل شيء بخير وأنك ستغادر الآن وحسب صحيح ؟"

صمت الفين واشاح بوجهه دون شعور منه ليقول ليو حين رأى أن الفين لن يستطيع البوح بأي شيء نهض ليقول بشيء من الجدية والتي كانت سبباً لصمت أمه
"سأرافقه للخارج لا تقلقي عليه "

نظرت اليه والدته بأعتراض لكنها لاحظت إصراره بعينيه وتلك النظرات التي يوجهها نحو الفين فما كان منها إلا الصمت لكنها قالت قبل ان يغادر
" أن حصل شيء الفين ستندم أن لم تخبرني هل فهمت ؟!"

ابتسم بامتنان ليقول دون أن يلتفت
" سأفعل ، شكراً خالتي ، اراكي لاحقاً وشكراً على العشاء اللذيذ "

غادرا ليصلا للخارج ليتجه ليو نحو السيارة فتوقف الفين وسحبه من يده ليقول بحزم شديد
" ليو ، لن توصلني اليوم ! ولا اقبل أي اعتراض !"

التفت من فوره لينظر اليه بقلق وتسائل
" ال ماذا قال لك ؟!اهو بشأن موضوع الصباح ؟!"

حدق به الفين لثواني حتى تنهد وابعد يده عن يده ليشيح بوجهه ويتحدث بغير اهتمام
" لا شيء حقاً هو فقط قال يريد أن يكلمني بموضوع وانا فقط قلقت لا غير ! هو لم يقل شيئاً !"

لم يختفي العبوس منه فكان الفين هو من عبس هذه المرة
" لا تحدق بي كمن ارتكب جريمة ما ! قلت لك لا تقلق ! وقطعاً لن توصلني والا اقسم لن اكلمك مجدداً ! والدتك سافرت كل هذه المسافة فهل تعتقد اني ساتركك تتركها وحدها؟! عد والا غضبت منك !"

اشاح بوجهه ليمنع الفين من رؤية تلك الملامح بينما تذمر بأستياء شديد
" حسنا حسنا! سأبقى لكن لا تتوقع الكثير انت تعلم أن ما تحاول فعله غير ممكن ال فلا تتعب نفسك ! سأبقى معها بالمنزل لا غير !"

التفت نحو رفيقه هذه المرة ونظرات جادة حلت محل ذلك العبوس ويداه انقبضتا ليخفف بهما من حدة غضبه
" وانت لو فعل عمك شيئاً ستخبرني فوراً أو ساخرج من المنزل ولن أعود مطلقاً حتى تغادر امي واضح ؟!"

ضحك الفين بخفة واستدار بينما يلوح معطيا ظهره
لليو
" لا بأس ليس وكانك تحتاج أن تهددني حقاً سأخبرك دون شك !وداعاً "

انطلق مبتعداً بخطوات هادئة ويداه خبئهما بجيبه حين طالبتاه بالدفئ فلم يجد ما يمنحهما به الدفئ بذلك الجو الشتوي غير جيب سترته وتابع طريقه بينما ليو يراقبه إلى أن غاب عن مجال بصره

تنهد ونظر نحو شقته من الأسفل ، وكعادته لم يسلم شعره البحري من استيائه فكان بعثرة تلك الخصيلات وحثها على التمرد صفة معتادة حين يتوتر ، تنهد وعاد إدراجه للداخل بخطوات بطيئة بدت كما لو كان مربوطا بكرة حديدية تثقل خطواته

واصل السير نحو الشقة ليدخل ويتوجه لغرفته ليجد والدته القلقة واقفة تنتظر منه تفسيراً على تصرفات الفين ، وقف مكانه قليلاً يحاول التفكير بجواب ما وكم لعن نفسه على ما خطر على باله وتمرد ليعقد جملة خرجت من فمه دون شعور
" هو بخير لا تقلقي عليه ،فقط عمه غاضب على تأخره "

رفعت حاجبها من فورها ويداها عقدتا الى صدرها معترضة على هذا
" تأخر؟ الساعة العاشرة وحسب ثم هو بمنزله هنا أيضا فهل صار البقاء هنا يعتبر شيء غير مسموح به مثلاً ؟!ثم هو ليس طفلاً !"

بالكاد منع نفسه عن السخرية وأخبارها أنها أكثر من يعامله كطفل هنا ولكنه اكتفى بقول كلام ينهي النقاش
" لا اعلم ، سأذهب للنوم الان ،تصبحين على خير "

دخل لغرفته دون أن يترك لها مجال للحديث فبقيت هي تحدق به وهو يغادر ، ترددت بما يجب أن تفعله إلا أنها حدقت بالغرفة مجدداً وعزمت على الحديث مع صغيرها فهي فرصة لا تعوض

لحقت به نحو غرفته لتجده قد استلقى بالفعل ، التفت نحو الجانب الآخر ليراها قادمة وبمعجزة ما استطاع الحفاظ على هدوءه ليسأل بهدوء
" هل من مشكلة؟"

تقدمت لتجلس على حافة السرير وعيناها تحدقان بصغيرها ، الجد بعينيها اقلقه فكانت لديه رغبة كبيرة بالهرب فشعور بقلبه يخبره أن القادم لن يعجبه

والدته بدأت الحديث بتفهم شديد وهي تحاول التخفيف عن صغيرها
" ليو ، اعلم انك غاضب من والدك على ما قاله ، تعلم هو لم يقصد فقط يحاول أن يفعل ما يراه في صالحك، هو مؤكد لن يؤذي الفين بشيء ومؤكد لن يؤذيك كذلك "

عبس بشدة والتزم الصمت مبتلعاً كل تلك الحروف التي تزاحمت على طرف لسانه أما هي اردفت مجدداً بتفهم
" اعرف انك تخاف من والدك ليو ، انا افهمك تماماً لذا ..."

شهقة صدرت منه ونهض سريعاً مبعداً الغطاء لينطق بأعتراض بينما يشيح بوجهه وانزعاج شديد بدا بنبرته
" أنهي الموضوع عند هذا الحد ودعيني انام أو اقسم سأذهب للنوم بالسيارة !"

حدقت به لثواني قبل ان تقرر المغادرة وتركه فردة فعله كانت كافية ليكون ذلك دليلاً على أنها محقة ولكن خوفاً عليه وعلى مشاعره كان الخيار الأنسب هو تركه
" تصبح على خير صغيري "

غادرت الغرفة ليعود هو للاستلقاء مغطياً نفسه بالغطاء بل دافناً نفسه تحته ، يداه قبضتا على الغطاء بقوة وعيناه اخذتا على عاتقهما عكس ما بداخله ليبدو فيهما خليط من المشاعر التي ارهقته وكم يكره خوفه من والده الذي يرفض أن يزول منذ سنوات !

~~~
بمنزل عم الفين

عاد بعد وقت قصير بعد أن كان طريق العودة كارثياً له مع أفكار تتضارب بينها كل منها تحاول أن تثبت أنها الأكثر واقعية وهو فقط ضاع بيها والاسوء أن ولا واحدة منها إيجابية فكلما حاول التفائل وجد الف فكرة وخاطرة بعقله تركلها مزيحة لها من عقله تماماً

دخل بهدوء لتأتي زوجة عمه من فورها مرحبة به بنفسها
" أهلا بني ، عمك ينتظرك بمكتبه طلب الي اخبارك أن تذهب اليه فور عودتك"

أومأ دون اعتراض وتوجه نحو الغرفة بصمت لينتبه لشخص ظهر أمامه بشكل مفاجئ ولم يكن سوى ذات الشعر الداكن انجيلا التي فور سماع صوته خرجت من غرفتها لتتاكد ربما أن من راته بالسيارة كان ابن عمها نفسه !

وقفت هناك تراقبه لتلتقي اعينهما إلا أن الفين فقط أبعد عسليتيه وتابع طريقه بصمت لتتبعه حدقتاها بحيرة متسائلة كم أنه شخص مختلف هناك !
هي صارت شبه متاكدة أن سبب تصرفاته هو عدم راحته معهم لا غير وان شخصيته الحقيقة لا تزال مخبئة

وصل لغرفة والدها ليقف أمام الباب بتردد واضح يده التي ارتفعت لطرق الباب وقفت منتصف للطريق وكان الزمن تجمد حولها ، اغمض عينيه لياخذ نفساً عميقاً ويده ما تزال بمكانها تنتظر أن يتشجع صاحبها على الطرق وتحريرها من حالة الجمود

أقنع نفسه أخيراً ليطرق الباب ويدخل ليكون أول ما يراه فور دخوله عمه الذي نهض من كرسيه بقلق واضح فور رؤيته ليبتسم له في محاولة لتخفيف التوتر الذي يطرق الباب ساخرا من محاولات العم بتخفيفه

اقترب من الفين ليقول بينما يضع يده على كتفه بنبرة حانية
"أهلا بك بني ، تفضل بالدخول "

تقدم الفين مخفياً تلك المشاعر التي اجتاحته ليحبسها بصندوق داخل قلبه ويرمي مفتاحه بوادي عميق حرصاً منه على عدم إظهار الضعف أمام من لم يثق بهم بعد ولكي لا يقلقهم وينتهي به الأمر يشعر بالذنب يمزقه

جلس بهدوء مصطنع استطاع الحفاظ عليه بمهارة شجع ذلك عمه على الجلوس أمامه والخوض بحديثه
" بني لدي موضوع معك ، لقد سمعت المكالمة بالصباح صحيح ؟!"

عيناه التي كانتا تحدقان بالفين وتدفقان بملامحه وكانه يستجوب ملامح وجهه عن تلك المشاعر ولم يتلقى أي رد منها فالفين أحكم سيطرته على ردود افعاله فلم يسمح لأي واحد منها بالتمرد وفضحه
" اجل"

اخفض راسه قليلاً وشابك يديه ، حدقتاه لم تفارقا الأرض إلى أن استجمع شجاعته مجدداً وقبل أن يتحدث بما قرر قوله بصعوبة تمت مقاطعة حبل أفكاره بواسطة الفين الذي تحدث بهدوء شديد لم يعكس أي من أفكاره أو مشاعره
" عمي ، منذ أول يوم جئت هنا اخبرتك لا اب لي ، أنت حر بمن تعرفهم وتتعامل معهم ، لا داعي لكل هذا القلق ، يمكنك فعل ما تشاء حقاً طالما انا خارج الصورة لا مشكلة لدي "

حدق بألفين مطولاً ليحاول معرفة أن كان صادقاً بكلامه لكن لا نتيجة ، أشبه بمحاولة رؤية القمر اول الشهر دون منظار !

تنهد بقلة حيلة فهو يدرك أن الفين لن يكون بخير حقا بعد تلك الملامح صباحاً لكن لم يكن لديه خيار آخر غير إكمال ما قرر قوله ، أخذ نفساً عميقاً
"بني لقد دعاني والد.. اقصد أخي معي اسرتي نهاية الأسبوع لذا سنذهب لمنزله "

في محاولة يائسة منه لإنهاء الموضوع تحدث الفين بهدوء شديد بسرعة
"لا تقلق عمي لدي مخططات بالفعل يومها لذا فقط اذهب ، لن أعود للمنزل بذلك اليوم سابيت بالخارج "

كان يمكنه بسهولة معرفة وجهه الفين فلم يتمكن من كبح اعتراضه على ذلك
" ولما هذا ؟! المنزل منزلك لا حاجة لوجودنا لتبقى ! "

اومأ سلباً ليحدق بعمه بثقة تامة غير تارك مجال للرفض
" ليس هذا السبب لدي مخططات بالفعل فلا تقلق لذا فقط إذهب دون قلق ،الآن اعذرني عمي أشعر بالتعب اذا كنت أنهيت كلامك فاسمح لي بالمغادرة "

استياء شديد دخل لاعماقه لكنه ابتلع كل ما أراد قوله بصعوبة ليؤمأ مع ابتسامة مغصوبة
" لا مشكلة بني إذهب للراحة وارجو ان تستمتع "

ابتسم الفين ابتسامة صغيرة ظهرت على شفتيه مجاملة لعمه لا أكثر ليستأذن مغادراً لغرفته
ليعود مجدداً ليختلي بأفكاره السوداء التي ما تلبث تظهر نفسها كحاصد أرواح يحاول خنقه وحصد روحه كلما كان وحيداً

لم يدم الأمر طويلاً فقد رن هاتفه معلناً وصول رسالة فكان واضحاً من المرسل !

اخذ الهاتف ليبتسم بخفة حين قرأ تلك الرسالة
" هل ازعجك؟!هل اتي لاصطحابك ؟! إذا كان كذلك اخبرني دون تردد انا وصغيرتي بكامل نشاطنا"

اصابعه بدأت تطبع تلك الكلمات بسرعة
"أبقى انت وصغيرتك بمكانك ! انا بخير ! سابيت بالمنزل معك بنهاية الاسبوع لذا إياك والعبث بغرفتي خلال هذه المدة !"

رمى الهاتف بعد ان ضغط زر الإرسال ليرمي بجسده على سريره بأهمال ، ثواني حتى رن هاتفه مجدداً فامسك به مجدداً وترتسم ابتسامة على وجهه بكل حرف
" مريع ! لقد رتبتها لك اهكذا تشكرني؟! باي حال اتوق لهذا أخي انتظر مجيئك بفارغ الصبر ! "
غرق بعالم الاحلام بعد وقت قصير بسبب اليوم الطويل لترحمه تلك الأفكار قليلاً أخيراً
~~~~~~
بدأت بعض خيوط الشمس تخرج من مخبأها بينما بعضها الاخر مختبئة خلف الغيوم القطنية تتخذها ستارة لها

بتلك المدرسة الثانوية سار صاحب الشعر الثلجي هنري بمفرده ككل يوم غير آبه بما حوله يحمل بيده ذلك العصير والسماعات على اذنه

شعر بيد أحدهم تجر ذراعه فتوقف لينظر للفاعل باستنكار امتزج ببرود إلا أن كل ذلك زال حين سمع الفتى أمامه يقول بتوتر ملحوظ وهو يتهرب من النظر لملامحه
" هاري بمأزق ! إنه يتشاجر مع بعض طلاب الصف السادس في السطح !"

عيناه الزرقاء اتسعت واحتدت كبحر هاجت امواجه بفعل الرياح العاتية ضغطت يده على العصير ليرميه بقوة ويسرع بخطواته نحو السطح بملامح جادة كما لو كان ينوي على ارتكاب جريمة ما !

في سطح المدرسة
ذاك الشاب بملامحه الغاضبة والعبوس سيطر عليه وقف بصعوبة ناوياً الهجوم على أولئك الثلاثة أمامه بينما هم يبتسمون بسخرية على محاولته اليائسة بينما ينطق هو بغضب شديد صارخاً بهم
" اسحبوا ما قلتموه !"

وصل هنري لحظتها لينظر نحو تؤامه المحاصر وبعض الخدوش على وجهه بالفعل !

ملامحه بدت لمجرم متمرس على وشك ارتكاب جريمته ولم يتاخر أكثر بل تقدم بسرعة ليركل أحد الثلاثة بمعدته بقوة شديدة جعلته يقع ارضا من فوره ليتأوه الماً بينما توجهت الأنظار نحو هنري
بسبب هذا

اتسعت عينا هاري بشدة وهمس
"ما الذي جاء به ؟!"

الغضب تملك رفيقيه الآخرين ليتوجه الثاني نحوه مكورا يديه قاصدا ضربه على وجهه إلا أن هنري تراجع بسرعة ليوجه ركله بقدمه له على وجهه ويوقعه ارضاً مع دماء تخرج من بين أسنانه ليقع متألماً مع رفيقه الآخر

لم يكن حال الثالث افضل حين حاول الانتقام فقد تم الإمساك بيده بسهولة ليقوم بدفعه للحائط وتوجيه ركلة لمعدته ليتركه يقع ارضاً ويداه تحاول بشتى الطرق تخفيف الألم ولا فائدة ، لم يكتفي هنري وكان ينوي التقدم لفعل المزيد إلا أن تؤامه أسرع نحوه ليسحبه بسرعة للخلف ويعطي المجال للثلاثة بالهرب ، فور رؤية هذا التفت هنري من فوره بعبوس شديد محدقاً بتؤامه بأعتراض
" ابتعد هاري علي تعليمهم درساً ! لن اغفر لهم اذيتك!"

هاري عبس بشدة ليقول بغضب مكتوم واستياء ظهر بشكل واضح
"لقد كنت من بدا الشجار !"

لم يكن يتوقع شي كهذا من تؤامه المسالم فرفع حاجبه مستنكراً يخبره بهذا أن حجته لا تصدق
مما جعل هاري يشيح بوجهه ويدافع عن نفسه بأستياء
" لقد تحدثوا عنك بسوء لهذا لم أحتمل ! قالوا انك شخص فاشل لا يمكنه صنع أصدقاء حتى وتبدو كفتى عصابات ماذا تتوقع مني حقاً ؟!"

حدق به هنري لمدة وجيزة وهاري يتجنب النظر له حتى إلى أن شعر بشعره يبعثر فرفع رأسه محدقاً بشقيقه ليرى ابتسامة لطيفة على وجهه ازالت كل ملامح الغضب عنه
"أخي ، لا تتهور هكذا ! لا يهم ما يقولونه ليقولوا ما يشائون !كل ما يهمني سلامتك وقطعاً ما حدث اليوم لا أريد أن يتكرر ! مفهوم؟!"

عبس هاري بشدة فتؤامه مجدداً يعامله كطفل ! ليس وكانه لا يحب اهتمامه هذا لكن فقط يتمنى لو يعتمد عليه ويعترف بمشاعره أكثر بدل محاولة التظاهر أنه بخير دوماً وهو أبعد ما يكون عن ذلك !

صوت رنين الجرس اخرج الاثنين من دوامة أفكارهما فسحب هنري هاري معه نحو الداخل بلطف
" عد للصف هاري ، اراك لاحقاً !"

غادر تاركاً تؤامه يحدق باثره وهو بعقله يعترض على كل ما جرى ! تؤامه تشاجر بالنهاية وفوق ذلك علم انهم تحدثوا عنه وبالنهاية لم يظهر أي من مشاعره وهو لم يحصل على انتقامه فماذا كان نتيجة ما فعله حقاً ؟! نفض تلك الأفكار قدر الإمكان ونزل الدرج ليذهب لصفه رغم أن الرفض وعدم الرضى بقيا بعقله طوال الوقت

~~~~~~~~
توجه الفين من الصباح الباكر نحو الشقة خلاف كل مرة فلم يرغب ان يأتي اليه ليو كما أن عليه إلقاء التحية على والدة ليو فتوجه اليه دون تأخير ودخل للشقة ليلقي التحية وقبل أن يكمل سمع صوت والدة ليو تتحدث مع شخص ما فتقدم بهدوء ليتحقق من ما يجري وشيء من القلق تملكه من أن يكون ليو قد فقد أعصابه أو قال شيء ما قاد لشجار لكنه شعر بالاطمئنان فور أن صارت ضمن مجال رؤيته ليرى الهاتف بيدها

تنهد براحة فالتفتت لتراه واقف هناك فأبتسم بود لتبادله هي كذلك بينما تستمر بالتذمر عبر الهاتف ، توجه الفين نحو غرفة ليو ليوقظه بينما تكمل هي فدخل ليجده مستيقظاً

تحدث بنبرة متفاجئة حملت شيء من التهكم
" مستيقظ بهذا الوقت المبكر ؟! أي معجزة هي هذه؟! "

التفت من فوره ليرى الفين فاتسعت ابتسامته وشعر ببعض الراحة فلم يكن استيقظه سوى أنه لم يتمكن من النوم جيداً بسبب ما سمعه من والدته ولم يمنعه من الخروج باكراً سوى قلقه من كيفية مواجهتها !

رد على الفين بأعتراض وعبوس طفولي
" فظيع ! كم مرة علي اخبارك اني نشيط ولا أحتاج من يوقظني ؟!ثم لما جئت ؟!كان عليك انتظاري لاتي لاصطحابك !"

فتح باب غرفته فالتزم الصمت بينما التفت الفين ليرى والدة ليو وهو مقبلة عليهما بملامح حزينة ، دب القلق بقلب الاثنين لكن ليو اكتفى بالصمت وهو يدرك باعماقه أن الفين سيسالها لذا لم يجد ضرورة لتدخله وفعلاً حصل ما توقعه حين سأل الفين بنبرة قلقة وشيء من التردد
" خالتي ، هل حصل شيء؟!"

نظرت اليه ثم وجهت كلامها للاثنين أمامها لتقول بأستياء ونبرة اعتذار كما لو كانت ارتكبت ذنب ما
" اعتذر صغيراي ! سيكون على المغادرة ! مديري في العمل يطالب بعودتي لعمل مستعجل !"

شعر ليو أنه على وشك التحليق من السعادة فاخيراً مصدر توتره سيغادر والأهم أن كل شيء بخير ولم يحدث أي سوء لذا فكرة مغادرتها راقت له حقاً

الفين ابتسم لها مطمئناً ليقول بتفهم
" لا بأس خالتي ، المهم أننا رايناك اخيراً بعد مدة طويلة ! إذهبي دون قلق ! سنوصلك للمطار قبل الجامعة "

قبل ان يعترض ليو والدته كانت من فعل رغم رغبتها الشديدة بأن ياتيا لكن رأت أن الأفضل لهما الذهاب فابتسمت بود بينما تقدمت لاحتظانه بينما هو فقط تجمد لثواني ثم سرعان ما بادلها العناق
" لا داعي صغيري لن اؤخركما على الجامعة سأذهب بنفسي فقط حقاً سأشتاق لكما !تمنيت لو أعتني بكما اكثر حقاً ! لكن سأعود قريبا لرؤيتكما لذا حتى ذلك الحين اهتم بنفسك ال ! رقم هاتفي لديك فلا تتردد بالاتصال !"

الامتنان الذي يشعر به كلما قالت له تلك الكلمات لم يكن ليعبر عنه شيء حقاً
" سأفعل خالتي ، كوني حذرة وارجو لك رحلة آمنة !"

ابتعدت عنه لتبدو تلك الدموع التي ملئت عينيها بالفعل فكم تكره وداع صغيريها حقاً وها هي تودعهما بعد يوم واحد فقط !

توجهت نحو ليو بتلك النظرات المنكسرة لتحتظنه ايضاً فلم يستطع الرفض حقاً ، نظرتها جعلته يلتزم الصمت بينما هي تخبره بتوصياتها المعتادة وتبكي وهو فقط مشاعره بين ارتباك منها وبين سعادة لذهابها وبين شعور بالدفئ حين تحتظنه وكم يرغب بانكاره !

ابتعدت لتحدق بملامح صغيرها الذي اشاح بوجهه بعد وقت قصير حين لاحظ مراقبتها له ولم يختلف الأمر مع الفين فقد ذهبت لتحدق به ثم ابتسمت بصعوبة في محاولة يائسة لتخفي حزنها
"حسناً صغيراي الفطور على المائدة ، كلاه قبل الخروج ! سأذهب الآن "

خرجت من الغرفة ليتوجه الفين معها ليوصلها للخارج ولم يكن لدى ليو تلك النية مطلقاً !

توقف ال قبل الخروج ليتوجه نحو ليو ويسحبه من يده بقوة ، نظر له ليو باستنكار إلا أن نظرة الفين منعته من قول شيء إضافة لأنه همس بصوت خافت قرب اذنه
" هي ستغادر بالفعل لذا فقط تحمل قليلاً وتعال لتودعها ، فقط قف كتمثال لو لزم !"

لم يكن لديه مجال للرفض فالفين بعد قول ذلك فقط استمر بسحبه للخارج ليتبعاها حتى خرجت ، أوقفت سيارة أجرة فتقدم الفين ليحمل الحقيبة لها ويضعها بالصندوق

ابتسمت بخفة وهي تشعر بالفخر بصغيريها كلما فعلا شيئاً حتى لو كان بسيطاً !

وقف ال قرب ليو لتبتسم لهما هي بينما عادت عيناها لتدمع مجدداً إلا أنها مسحت دموعها قبل الفرار من مقلتيها لتقول بصوت باكي
" حسناً صغيراي إلى اللقاء !"

ابتسم لها الفين بينما ليو فقط اخفض راسه ويده وضعها بجيبه بحركة لا ارادية

ركبت السيارة لتنطلق بها بينما ظلت هي تنظر إليهما حتى غابا عن ناظريها !

يتبع
ارجو ان يعجبكم ❤😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top