بارت 24
مرت الأيام شديدة السرعة ومعها العديد من التقلبات التي يفشل المرء في أن يلاحظها إلا بعد فوات الأوان وحين تصبح أعمق من أن يتم استأصالها دون ضرر !
شهر انقضى بعد تلك الزيارة التي جمعته بتؤامه ومن وقتها وهو يكتفي بالرد على اتصالاته في محاولة يائسة منه لابعاده عن الخطر ولسبب أو لآخر تؤامه أيضا ما عاد يطلب منه المجيء
رغم شعوره بالضيق من ذلك وفكرة أن تؤامه وجد بديل له تؤرقه لكن هذا سهل عليه تقبل فكرته التي يسعى لها والبدء بالتمهيد وان كان كل اتصال من تؤامه ونبرة صوته المتلهفة تضعفه وتزرع القلق والشك بقلبه إلا أنه عزم على ما أراده لاجل مستقبل أفضل ربما ؟
وقطعاً لا نية له بإبلاغ تؤامه بذلك إلا أنه يحاول ومنذ مدة أن يضع مسافة أمان بينهما لكي يتقبل تؤامه ما قد يحدث لاحقاً بشكل أسرع لكنه وبكل اتصال يجد نفسه يفشل بهذا !
كان يقف غارقاً بهذه الأفكار بمقر العصابة الواسع والذي كان عبارة عن منزل متوسط لابعاد الشبهات عنهم تجمع فيه عدد من رجالها بأمر من مساعد سامويل ومن ضمنهم هنري والذي رغب بشدة بتجاهل ذلك إلا أنه أقنع نفسه بضرورة تحمل هذا ربما ؟ على الأقل مؤقتاً ! أو هذا ما كان يصبر به نفسه
ظهر فجأءة مساعد سامويل وهو يسير بخطوات بطيئة ليظهر خلفه فتى صغير يبدو بعمر المراهقة وهو يسير خلفه بهدوء ، هنري كان يقف مستنداً للجدار متجاهلاً كل ما يجري حوله وكل من معه بالغرفة وهو يبدو بمزاج سيء بحق ولم يكترث أحد للحديث معه بأي حال بل التهامس عن رغبتهم بالتخلص من مغرور مثله وحسب وهذا لم يضايقه رغم أنه سمع همسهم لكن قابل ذلك بالتجاهل ونظرات باردة غير مكترثة
وقف المساعد والفتى بالمنتصف والذي كان بشعر بني وعينان عسليتان بشرته مائلة للسمرة وملامح الهدوء على وجهه ، هنري التفت إليه بالبداية بسبب صغر سنه مفكراً هل هذا الفتى تورط مثلما حصل معه ومع تؤامه ؟ لكنه أزال هذه الفكرة بعد رؤية ملامحه ! لم يبدو عليه الانزعاج أو الألم من ما يجري ولا الرفض لكل هذا لذا هذا جعل هنري يخفض رأسه ويعود لأفكاره متجاهلاً الوافد الجديد
نطق الرجل بنبرة منزعجة وهو يشير للفتى
" هذا فرد جديد ينظم لنا ، السيد سامويل قبل مجموعة منهم ولكن طالما هو بعمر صغير فقد أرسله إلى هنا ليتعلم العمل !"
التفت إليه أحد الرجال وهو يتحدث بغرور
"رغم أن هذا مزعج لي لكن اعطه لي الفتى يحتاج معلم جيد ولا أحد يمكنه فعلها مثلي !"
هنري اغمض عينيه غير مكترث بهذا وتحرك بخطوات بطيئة ينوي الخروج فاستوقفه صوت مساعد سام لينطق متجاهلاً الرجل
" هنري ،السيد سامويل طلب أن يكون الفتى مساعد لك ! هو صغير بالسن ويجب أن يتعلم ممن هو بمثل سنه ! وهي فرصتك لتثبت له انك قادر على أن تتولى منصب مهم بالمستقبل ! أخبرني أنه حدثك بالأمر !"
وهنا الفتى رفع عسليتيه يحدق بهنري بشيء من الهدوء وهو يراقب الفتى الذي سمع عن مهاراته بالتسلل والاختراق وكيف أنه لم يفشل باحظار أي معلومة من قبل و الفضول يتملكه ، نظرات غامضة وجهها الفتى له بينما ارتفع صوت الرجل الذي عرض تدريبه يعترض بأنفعال
"قلت أنني سأفعل ماذا يمكن لذلك الفاشل فعله بأي حال ؟!مجرد غر أحمق يختبأ بحضن أمه ! سيجعله فاشل مثله فقط ! "
مساعد سام حدق بهنري ينتظر جوابه وهنري التفت من فوره يجيب بينما يضع يده بجيبه بابتسامة ساخرة
" لا تنسى أن هذا الغر كان سبب نجاح آخر مهمة حيث كدت تجعلنا نفشل ! وبأي حال أرفض تدريب أي أحد خذ هذا الفتى هو لك !
وجه بصره للآخر ليردف
" وأخبر رئيسك اني سبق ورفضت عرضه لذا يمكنه التوقف عن محاولة منحي فرص لا معنى لها !"
التفت قاصدا المغادرة ليستوقفه صوت الرجل الذي نطق بتهديد
"لا تنسى أن ذلك الصغير قد هرب لذا لست بموقف يسمح لك بالاختيار ! السيد أمر أن تدربه وأي فشل له ستعاقب انت عليه !ولا تنسى الغلطة التي ارتكبتها أخر مرة ! سيكون العقاب قاسياً هذه المرة !"
حدق به هنري بحدة وهو يرد بحقد "طالما الأمر كذلك إذا لا تجعل الأمر يبدو وكأنك تخيرني ! "
ضحك الرجل الذي سخر من هنري قبلاً بشدة وهو قد وجد اخيراً فرصة الاستهزاء به فنطق من فوره بسخرية
" صحيح سمعت ان شقيقك هرب ! يالك من اخ أكبر مذهل ! أنت فاشل بكل شيء حقاً ! هل اتصل بوالديك ليأتيا لاخذك ؟ قد ترغب بالبكاء قليلاً أو زجاجة حليب ؟! اوه صحيح تذكرت والداك أيضاً لا يريدانك !"
وبطريقة أو أخرى كان ذلك كفيلاً بضحك من كان هناك كيف لا وهم يكرهون هنري ! أمثالهم من لم يرغب هنري لتؤامه بعمرفتهم ! لم يرد له أن يعرف كيف يعامل هو لديهم أو كيف يتم التصرف معه ،
بالكاد منع نفسه من قول أي شيء ليحدق بالفتى الذي التزم الصمت منذ مدة لينطق بإنزعاج واضح
" اتبعني انت إلا أن كنت تنوي البقاء مع القمامة فلن تكون مشكلتي حينها !"
التفت متجاهلاً نظرات الحقد التي توجهت له ليتبعه الفتى من فوره بعد أن التفت محدقاً باولئك الرجال قبل رحيله لسبب بنفسه !
سار بخطوات سريعة يحاول اللحاق بهنري والذي كان يضايقه وجود شخص معه خصوصاً شخص يفترض به تعليمه فهذا يزيد صعوبة كل شيء والاسوء عليهه جعله يعيش معه صحيح ؟!
فكرة كهذه لم تكن تريحه ابداً بل جعلته يرغب بالتخلص من الفتى هنا والآن لكن اضطر للقبول فإن كان هو هنا سيتركون تؤامه وشانه رسمياً صحيح ؟ ألا أنه قطعاً لم يكن ينوي الترحيب بالفتى أو التودد له بالكاد يتحمل فكرة أنه يتبعه حاليا دون قتله !
مزاجه كان يزداد حدة بمرور كل يوم وهو يزداد عزم على إنهاء كل ما قرره بأسرع وقت ممكن قبل أن يفقد أعصابه ويفعل ما لا تحمد عقباه !
أما الفتى خلفه فهو فقط تبعه بصمت وهو يراقب كل تحركاته ويحاول الحذر من أن يكون من ينفجر عليه هنري بالنهاية فكان الصمت هو خياره الوحيد !
~~~~~
بمكان اخر ذلك الشهر مر هو الآخر بسرعة شديدة لكن آثاره كانت تزداد يوماً بعد يوم ، خرج الفين من الجامعة متجهاً لمكان وقوف السيارات ، رغبته بالتحقيق بمن يزعج شقيقه ما تزال تثقل عليه إلا أن ذلك الشهر جلب ما هو أعمق وأشد وأخذ كل وقته فيه وبين محاولاته اليائسة لمنع ليو من اكتشاف ما يفعله فأخر ذلك من تحقيقه بما يجري خصوصاً وأن ليو بدا بحال أفضل بآخر مدة عدا عن تهربه منه بسبب العمل ؟
كان ال بالكاد يلتقي بليو بتلك الفترة بحجة أن العمل ازداد لذا فترة الصباح كانت هي الوحيدة التي يتواجد بها ولم يكن لالفين مجال للاعتراض وهو من يحتاج لوقت فراغ أكثر من أي أحد آخر
وصل اخيراً ليجد ليو ينتظره كعادته بالسيارة فصعد من فوره لتستقبله ابتسامة ليو المرحة وهو ينطق
" أهلاً أخي ، هل نذهب ؟"
أومأ ال وهو يرجع جسده للخلف بينما يغمض عينيه بأرهاق ، تثائب وهو يشعر برغبة شديدة بالنوم وبالكاد يبقي عسليتيه مفتوحة ! بل هو غفى حقاً بالمحاضرة لذا صار يحرص على الجلوس بالخلف لتجنب إحراج نفسه ربما بحال غفى دون شعور ؟
لأحظ ليو هذا لينطق بحيرة ويده على المقود
"أخي ، انت بخير ؟!"
أجاب الفين من فوره وهو يحدق به بحيرة
" ماذا تقصد!؟"أنا بخير طبعاً"
أجاب بعبوس وهو يركز بملامح ال بشك
" ومنذ متى سيد متنمر يشعر بالنعاس منذ الصباح ؟! هل حقاً تنام جيداً؟"
حدق به الفين بهدوء ثم ابتسم ببساطة مجيباً
"سهرت للدراسة الدروس صعبة مؤخراً لذا ابذل جهد أكبر !لاتقلق أخي اقلق على نفسك انت لا تجد وقت للراحة حتى ! كيف يسير العمل ؟!"
وهنا أجاب ليو بعد أن حدق به لبرهه بهدوء
"جيد لا تقلق انا بخير ! كما كل يوم أخي لن أستطيع لقائك لذا إلى اللقاء بالغد !"
أومأ الفين بينما ينزل وتحدث من النافذة
" أخي لن أكرر كلامي ! ان لم تأكل العشاء سأقتلك مفهوم ؟!"
اومأ ليو بعبوس " أعلم سيد متنمر !"
انصرف ليلتفت ال لعمله وليو كذلك توجه هو الآخر لعمله
مر الوقت سريعاً ليحين موعد خروج الفين ، هو قرر اليوم التوجه للمنزل رغم عدم رغبته بهذا إلا أنه لم يرد إثارة الشبهات ؟ قضى الأيام الماضية يخبر عمه أنه مع ليو والأخير لم يعترض لعلمه بعلاقتهما لكنه بالوقت نفسه بدأ يلاحظ كثرة تغيبه فلم يرغب أن يجعل الشك ينمو بقلبه خشية أن يصل هذا الأمر لليو !
وصل اخيراً ليتجه للداخل ببطئ حتى سمع صوت ضحكات من المطبخ ، وقف وسط الممر يستمع بحذر فقد كان من السهل معرفة أنها صادرة من ضيوف وليس من أهل البيت وحدهم
لم يكن يشعر بالراحة مؤخراً لا يدرك هل هو صار حساس أم مجرد خيال منه أم هو واقع يحاول هو إنكاره لكن كل ما يعلمه هو أن ذلك جعله يشعر بعدم الراحة ، زوجة عمه بدت له غير مسرورة بوجوده ، أراد التأكد من الأمر قبل اتخاذ أي خطوة فصارت حواسه كلها متيقظة كما حين كان بالسجن ربما ؟ ولم تدم أفكاره طويلاً حتى ظهرت فجأءة زوجة عمه لتراه واقفاً بالممر !
حدقت به لثواني بصمت فكاد يلقي التحية عليها بهدوء مشابه لكن وجدها تتقدم منه بنظرات صارمة غير سارة تمسكه من يده وتاخذه للخارج بصمت وهو لم يقاوم حقاً بل فقط لحق بها وهو يترقب منها ما يثبت صحة تفكيره من عدمه ؟
وقفت أمامه تعقد يديه لصدرها وهي تنطق بنبرة باردة نوعاً ما بينما هو يحدق بها بصمت وترقب
" جيكوب هنا وهو قد خطب ابنتي كما تعلم ، وهو لا يشعر بالراحة من وجودك معه بالمنزل تعلم مسالة السجن وأنك لديك سوابق ! هو قلق انك قد تفعل شيء أو تعلم امور كهذه لذا ساطلب منك عدم التواجد هنا أثناء وجوده ، لا أريده أن يتراجع عن هذا لأي سبب ، هل تفهم قصدي ؟"
اردفت بينما عيناها لا تفارقه
"ارجو منك عدم التواجد أثناء الطعام لأنه سيتواجد مع انجيلا ،لا تأخذ الأمر على نحو شخصي وساطلب منك أن لا تخبر زوجي لا مانع لديك صحيح ؟"
الفين وقف يحدق بها لوقت طويل بملامح مصدومة ، رغب بالصراخ بها ربما ؟ أو ضربها حتى ! قتلها كان أحد الخيارات أيضاً ، شعر بكرامته تهان بشدة ! هي ببساطة تطرده وكان هذا أمر بديهي أم تقصد أنه يتعمد الإفساد مثلاً؟ لم يتقبل الإهانة من أي أحد منذ السجن والآن تأتي هي لتهينه ؟ لم يكن من طلب المجيء بأي حال ولولا عمه لما جاء اساساً ! رغم تحظره للاسوء فسماع ذلك كان مؤلم ومثير لغضبه وسخطه
رغب بتلك اللحظة أن يخبرها بأنه لم يكن من طلب المجيء اساساً ! لكن لاجل عمه فقط قرر كتم الأمر رغم هذا فردة فعله كانت خارجة عن إرادته حين رد عليها بابتسامة ساخرة حملت بين ثناياها غضب دفين استشعرته هي ولا تنكر شعورها بالخوف منه بتلك اللحظة حين نطق بينما يحدق بها بكراهية واضحة وشيء من التهديد
"افعل له شيء ؟!حقاً؟ هكذا اذاً ! ويبدو لي جلياً انك توافقينه الرأي "
ابتسم بسخرية باردة وهو يردف بينما بالكاد يكبح نفسه "ليس وكأني جئت لاني أردت فعلها حقاً أن كنتي نسيتِ! ولن اخبره لست جبان كغيري اختبأ مثل الفتيات !"
فور رحيله وضعت يدها على قلبها وتنهدت عائدة للداخل بضيق شديد ولم يعلم أحد بما حدث سوى الفين نفسه
فور خروجه من هناك وقف قرب جدار ما ليكور يديه ويضرب الجدار بقوة شديدة وهو يصر على أسنانه ، بدأت انفاسه تتعالى وهو يحاول الهدوء ، أخذ نفساً عميقا آخر إلى أن استطاع إرجاع الهدوء الظاهري لنفسه وانطلق سائراً للمنزل
منزله هو وشقيقه حيث ينتمي ومنذ زمن ، رغم رغبته بفكرة إكمال البحث إلا أنه لم يستطع إجبار نفسه وهو يشعر برغبة شديدة بالصراخ حقاً فقرر العودة لحيث ينتمي كطفل يبحث عن دفء أمه !
لم يستغرق الكثير حتى وصل للمنزل ، توجه بصره نحو مكان السيارة فلم تكن هناك جعله هذا يشعر بفراغ شديد بداخله ،بدا الإستياء عليه لكنه تنهد وتوجه للداخل في محاولة الحصول على الدفء من المنزل بحد ذاته ربما ، فور دخوله صدح بالإرجاء صوت الببغاء وهو يردد "سيد متنمر ، سيد متنمر "
وهنا ال تفاجأ ووقف مكانه حتى استوعب الأمر ليضحك بخفة ، لم يحصل حقاً شيء يستحق لكنه شعر وكانه يتم الترحيب به بدفئ فابتسم من أعماق قلبه رغم كل ما كان يشعر به ليتجه ويرى الطير وهو يردد باقي التذمرات
ابتسم له ال بأمتنان وامتنان أكبر لصاحب الطير دون شك وتوجه للجلوس على الاريكة بملل بعد أن شعر بعدم الرغبة بالعشاء حيث صارت هذه الكلمة تضايقه للوقت الراهن !
استلقى هناك بعد أن فتح التلفاز وشرد بأفكاره ، بين إنزعاجه من طرده بتلك الطريقة وكرامته المجروحة وبين حيرته بهل يترك المنزل أم ماذا يفعل ؟ أن كان عمه لا يعلم بشيء فهل هذا يعني أنه سيكون سبباً بمشكلة بينهما ؟! لم يكن هذا خيار قد يرغب فيه فزفر الهواء بعنف واغمض عينيه بأرهاق، أن كان عليه فعل ما قالته حقاً فهو بحاجة لعذر منطقي للتغيب لكن لكم قد ينفع العذر ؟ ايفترض به الظهور بمظهر الجاحد الذي لا يحب مشاركتهم؟ ليس وكانه يرتاح معهم حقاً لكن لم يرغب بازعاج عمه بهذا لكن الان لا خيار لديه وهذا كان مصدر ضيق جديد
مر بعض الوقت ففُتح الباب بهدوء وملامح وجهه يبدو عليها الهم ، إلا أن هذا زال حين سمع صوت التلفاز الذي ملئ المنزل وهو يقسم أنه أغلقه، ملامح الحيرة ظهرت عليه وأسرع بخطواته نحو غرفة الجلوس ليجد التلفاز موضوع على قناة عشوائية وشقيقه نائم على الاريكة !
تقدم بهدوء وحذر خشية إيقاظه ليدنو منه ، ملامح الفين التي بدأ عليها الضيق وانفاسه المتسارعة رغم نومه اقلقت ليو فرفع يده يتفقد حرارة شقيقه لكنه لم يجد شيء ، بعثر شعر رفيقه بقلق وهو يهمس بهدوء
"ال، ال أخي "
تحرك آلفين ببطئ وهو يسمع صوت شقيقه ، فتح عينيه بهدوء حتى إتضح له شقيقه أمامه فتسائل بصوت منخفض وهو يفرك عينيه بيده
"ليو ؟ كم الساعة ؟"
اعتدل بجلسته فجلس ليو قربه يجيب بينما يحدق به بحيرة
" الحادية عشر ليلاً أخي ! لما لم تخبرني انك قادم !؟ كنت سأحاول المجيء مبكراً !"
الفين تذكر فجأءة ما حدث فأرجع جسده للخلف بعد أن تنهد وظهر الضيق على ملامحه لكنه سرعان ما أخفاه مجيباً بابتسامة صغيرة
" حصل الأمر هكذا فقط ولديك عمل لا تفكر بتركه فقط للمجيء للمنزل أخي ! "
أجاب ليو بينما يقطب حاجبيه
" لم أقل ساتركه كان يمكنني تدبر الأمر لو أخبرتني ! هل اخبرت عمك انك ستبقى هنا اليوم ؟"
صمت الفين لثواني ليتذكر أنه لم يفعل حقاً ! وهذا فقط زاد إنزعاجه فهل عليه إرضاء عمه بجهة وزوجة عمه من جهه أخرى وهو لديه ما يكفي من الهموم حقاً ؟!
ليو لاحظ تبدل ملامحه فنطق من فوره بقلق
"ال أخي ما الأمر ؟ هل ازعجك بشيء ؟!!"
الفين التفت ينظر إليه بهدوء حتى تنهد بخفة وأرجع جسده للخلف " لا شيء يستحق أخي انا فقط أبالغ بالأمر !"
ليو كرر كلامه بعبوس هذه المرة " ال !"
فتح ال عينيه وحدق بالارض لينطق بصوت مثقل بالضيق
"حسنا ساخبرك لكن لا تنزعج مفهوم ؟!"
كتف يديه و جلس بجواره ينطق بهدوء ؛" انا استمع و الانزعاج سأجيبك عليه بعد معرفة ما يزعجك "
أخذ نفساً عميقاً وكتف يديه بصورة لا ارادية لينطق بتردد وهو يحدق بالتلفاز هرباً من نظرات شقيقه القلقة
" فقط أخي الأمر بسيط ، جيكوب ذاك خطب انجيلا كما تعلم وهو يكره وجودي لذا طُلب مني عدم التواجد هناك طالما يأتي هو لأنه يتضايق لذا فقط لا تكترث حقاً "
اتسعت عيناه الزرقاوتين سريعاً و هو يقف بينما يداه امتدت تمسك كتفي شقيقه يهزه بلا شعور ينطق بغضب :" ماذا تعني بعبارة لا تكترث ؟ بل كيف أنت هنا دون امتعتك ؟ الأمر ليس بسيطاً أجننت ؟ اتعلم أنا سأذهب و أتفاهم مع ذلك اللعين بنفسي "
الفين أمسك بيده من فوره وهو يسحبه ليجلس بعبوس " قلت لك أخي الأمر فقط .... تعلم هي تريد هذا الزواج وليس ذنب أحد هو ذنب المزعج ! فقط لا أريد التسبب بمشكلة حقاً أخي ليس وكأني كنت مرتاح لديهم لذا سأبقى فقط مؤقتاً ! تعلم أن أكثر ما اكرهه هو أن توجه لي اهانة لكن...."
اخفض راسه قليلاً وهو ينطق بشرود
"لوقت أطول فقط ، لا أريد أن أكون الجاحد هنا ! هو لا يعلم بشيء ولا يفترض بي أخباره لذا حتى لو غادرت سيكون بالتدريج"
عض على شفته بقوة و هو يجيبه :" لا ! ليس عليك الصمت حقا لا شأن لك بزواجها من ذاك المختل ! إن كان أحدهم يرى أنك تشكل عائقاً إذا غادر فقط هو ليس منزلك أخي ! أنا منزلك و أسرتك لذا دعهم فحسب و ان كان عمك لا يعلم و لا ترغب باخباره فلا بأس سأجد حلا ما معه "
ابتسم الفين وهو يحدق به بأطمئنان " أليس لهذا جئت هنا ؟ احتجت لاسرتي لذا جئت للمنزل كما ترى ! فقط لمدة أخي ، سامهد للأمر بطريقتي أعدك لن يطول الأمر "
اردف بعد أن تنهد بابتسامة حزينة
"صدقني لن تعلم كم أكره الذهاب إلى هناك الآن لذا انا أكثر من يريد الرحيل لكن فقط لوقت قصير ! أكره أن أكون من يهدم منزل استقبله !ساكره نفسي !"
صمت و حدق بالفراغ قليلاً قبل ان ينطق بجد :" ال اي امر اخر يزعجك ستغادر مفهوم ؟"
ابتسم الفين بسخرية وبالكاد كبح تلك النبرة لتظهر نبرة هادئة وهو يبعثر شعر ليو " أجل لا تقلق !"
وهو رغب بقول أي أمر آخر يزعجني وقد اقتلها بيدي دون شعور لكنه فضل كبح قول ذلك على اقلاق رفيقه أكثر بسبب كلام ظهر بلحظة غضب يدرك حق الإدراك أنه لن يفعل حقاً لكنه فقط لديه هذه الرغبة منذ سماع ما قالته
شعر بيد رفيقه توضع على كتفه وهو يحاول بصورة واضحة تغير مزاج رفيقه بتذمره المعتاد
" أخي طالما نحن هنا علينا تناول شيء كما تعلم لذا أنهض!"
وال حدق بحاجب مرفوع وهو ينطق بعدم تصديق " أخي بنفسه يطلب الطعام ؟ معجزة ! لننهض قبل أن يغير الطفل رأيه !"
عبس ليو من فوره وهو يجيب بتذمر " مريع لست طفلاً ! ثم انظر انا أكل دوماً انت مريع ال !"
والفين ضحك بخفة وهو شعر بالتحسن كلياً وان كانت المشكلة لم تحل لكن يمكنه الآن التنفس بشكل أفضل وكأن حمل ازيح عنه؟
فور انتهائهما خلد كل منهما للنوم بغرفته أو هذا ما ادعى الاثنان حدوثه رغم أن كل منهما غرق بأفكاره الخاصة !
~~~~~~~
بعيداً عن كل هذا وبمنزل ضخم بالخارج في ايطاليا جلست لورين مع والدتها في شرفة المنزل التي كانت تطل على حديقة واسعة وأكواب الشاي والكعك امامهما
كانت تمسك بكوبها بهدوء وتتبادل الحديث معها حتى أقبلت الخادمة باحترام لتنحني
" سيدتي السيد برايان يطلب مقابلتك !"
رفعت رأسها من كوبها لتحدق امها بها وهي تقنعها" عزيزتي عليك الحديث معه ، هو بذل جهده بالفعل لا تنسي ليو ابنه ايضاً لذا لا تعامليه بهذا البرود ! "
تنهدت لورين بضيق وهي تضع كوبها بموقعه
" أعلم امي لكن...."
نهضت والدتها وهي تجيب بابتسامة "دون لكن سأدخله إلى هنا !"
اومأت لورين بعبوس وهي تتظاهر أنها غير مكترثة لمجيئه رغم أنها قضت الأيام الماضية تنتظر مجيئه؟
دخل فجأءة للشرفة وفور ظهورها أمامه وقف بمكانه يحدق بها من بعيد ، اشتاق لوجودها قربه ويشعر أن الحياة أصعب بمراحل دونها ، هي دعامته بالحياة وجانبها المشرق الوحيد بحياته
تقدم بهدوء ليجلس امامها فرفعت لورين رأسها تنظر إليه وهي تحدق بعبوس
رسم ابتسامة خافته و جلس بجوارها و هو ينطق بهدوء :" ألن تتوقفي عن هذه التصرفات لورين ؟ تعلمين أن ليو ابني أيضاً و يهمني أمره أكثر من أي شخص آخر ! لكنه من لم يحاول فتح قلبه لنا"
أجابت بينما تقبض يدها على ثيابها بقوة لترد بألم " أليس لأننا خذلناه مراراً؟! وأنت الآن مجدداً تبقي سيتو حوله ومن يعلم ماذا يفعل له !"
تنفس بعمق :" تعلمين انه ما إن يتخرج عليه مواجهته أولا ! ماذا سيفعل لاحقاً إن فشل بالجامعة و خاصة أن سيتو لديه معارف بالفعل و ليو لا ! كيف سيقف أمامهم ؟
حدقت به برجاء بعينيها وهي تنطق بقلق " اذا كيف نساعده ؟ أشعر أننا نفقده هكذا !
تنهد يمسح على خصلات شعره :" لا حل سوى الحديث المباشر معه ! "
مد يده يخرج تذكرتين من جيبه :" لدي عمل هذا لشهر و نصفه لكن من بعده أخذت اجازة لشهرين تقريباً و انتي يمكنك نقل عملك معك لهناك خلال تلك الفترة ، حتى آل أشعر أنه منزعج هذه الفترة من أمر ما "
شهقت بقلق " ال أيضا ؟!لما ؟!
اجاب بخفة :" لا أعلم لكن صوته لا يعجبني "
استوعبت اخيراً ما بيده لتنطق بحماس " هيا بنا وفورا ماذا ننتظر اذا ؟!هما بحاجة لنا صحيح ؟!
تنهد قبل أن يضحك بهدوء :" قلت بعد شهر و نصف لكنني حجزت التذاكر من الان "
عبست لتعود للجلوس كطفلة منعت من دميتها المفضلة " فظيع ! كيف ساصبر كل هذا ؟! "
تنهدت ثم نهضت لتمسك بيده " لكن لأنك حجزت لي ساعود معك خلال هذا الشهر للتذمر فوق راسك فتحمل نتائج قرارك !"
أجابها و كأنه توقع سؤال هذا :" هناك عرض يفترض ان تتواجدي به خلال شهر ! لذا ان ذهبنا الآن ستضطرين للعودة ! دعينا ننهي اعمالنا المهمة هنا لنعود لوقت طويل نسبيا ! "
ثم ابتسم بخفة :' ثم تعلمين لن يسعدني شيء اكثر من هذا "
عانقته من فورها لتجيب بحماس " جيد سيد برايان ولو كان الامر علي لتركت العمل لكن لا بأس سأحاول أن أصبر!"
وبهذا اخيراً انتهى شجار دام لوقت طويل نسبياً وكم كان برايان يشعر بالراحة لعودتها معه وهي لم تختلف فقد كانت تشتاق له بحق لكنها أرادت أن تثبت له أن صغيرها مهم جدا لها ولن تتساهل بما يخصه مجدداً !
~~~~~~~~~~~~~~~~~
وفي انكلترا وبمنزل متوسط الحجم جلس جين على كرسي ما مقابلاً لوالدته التي جلست تضع أمامه بعض الأطباق بابتسامة سعيدة لمجيء صغيرها
" لو أنك أخبرتني انك قادم مقدماً لصنعت لك ما تفضله ! لما لم تخبرني بهذا ؟!"
أجاب بهدوء شديد وهو يحاول مبادلتها الابتسامة "لا تهتمي امي ، جئت لرؤيتك وحسب !"
أقبلت شقيقته بتلك اللحظة بثوبها العشبي وشعرها البني المنسدل على كتفيها لتجلس قربه بدلال
"اظنك اشتقت لاختك الصغيرة اللطيفة صحيح ؟ وطعام امي الذي ليس له مثيل ، المنزل منزلك متى ما رغبت طبعاً ! "
انظم ابنها يلقي التحية على خاله بشعره الذي شابه شعر أمه وعينيه العسلية وابتسامته الهادئة
" مرحباً خالي"
ابتسم المعني بهدوء ليكون آخر القادمين هو والده والذي اقبل بابتسامة هو الآخر مرحباً بأبنه بفخر ، لطالما شعر بالفخر وهو يراه أمامه يكبر ليكون خليفته فقد سبقه ليكون قاضي وها هو قد تقاعد ليكون ابنه الأصغر من حافظ على اسمه عالياً ويعتني بكل من حوله ، جلس قرب زوجته لينطق جين بشيء من الهدوء وان كانت ملامحه تنتقل على كل من بالغرفة بتركيز
" لدي سؤال "
أجاب والده بحيرة وهو يمسك بالملعقة أمامه "ما هو ؟"
حدق به جين بتركيز وهو ينطق بحذر
" هل تذكر قبل 5 سنوات أبي ؟ حين طلبت منك انتظار الفين "
ملامح والده أظهرت الهدوء وهو يجيب بحذر بينما زوجته اشاحت بوجهها وشقيقته قاطعته بشيء من الضيق والعصبية المخفية خلف نبرة صوتها
" لا تتحدث بهذا أخي ! تعلم ان هذا الموضوع يزعج الجميع ! هو وبعد كل ما حدث لم يعد حتى رغم كل ما بذلناه لاجله! "
جين التفت يحدق بها بتركيز اربكها لتنطق بعصبية
" ماذا ؟! لما تحدق بي هكذا ؟! "
اجابها بينما يحدق بهدوء
" هل انتِ متاكدة أنه لم يأتي ؟ "
أجابت أمه بضيق وهي تقترب منه لتمسك بيده بمودة ظاهرة وان كان بعض الحزن ظهر بعينيها
"طبعاً صغيري تعلم أننا تجمعنا لاجله لكنه فضل التشرد على ما يبدو ! ماذا تتوقع من شخص عاش طفولته وجزء من مراهقته بالسجن ؟تعلم مثل طباعهم !"
عينا جين احتدت حين سمع هذا فانتبه والده لهذا لينطق بشك
"ما الأمر جين؟ لما تفتح هذا الموضوع الآن ؟ هل سمعت شيئاً عنه لا نعرفه ؟ "
شعر جين بالضيق ليتلفت لوالده وهو ينطق بنبرة متألمة لا تظهر بصوته عادة لكن مشاعره خانته أمام اسرته وهو يتذكر كل ما جرى
" لا، فقط عيد ميلاده قريب لكن يبدو انكم من نسي أن الفين ابني مهما حدث ! اعتذر أظن يجب أن أغادر الآن !"
التفت بينما يبعد يد أمه عنه بينما يحدق بها بأنكسار أشعرها أن قلبها هو من كسر مع تلك النظرة ، شعرت باللوم بعينيه ولم تعلم هل ابنها يعلم بشيء مما حصل أم هو فقط يلومها على عدم تذكر ميلاد ابنه ؟ لم تستطع قول شيء وهي تشعر بدموعها تهدد بالتحرر بينما جين تجاهل كلام شقيقته التي كانت تحاول أن تستوقفه ليغادر المكان كلياً وهو يشعر بألم شديد كلما تخيل شعور ابنه بتلك اللحظة!
أيقن من ردود فعلهم انهم حقاً من له يد بالأمر ! بطريقة أو أخرى هم من أبعد صغيره الذي وعد هو بحمايته عنه ! كان يرغب بقول الكثير لكنه خشي أن يدرك والده الأمر من ملامحه فيؤذي ابنه بالنهاية فما كان منه سوى كتم المه لنفسه فلا يمكنه إبلاغ زوجته بهذا وهي من تنتظر أي خبر عن صغيرها !
رغب بأن يتصل به ليو بأي ثمن ربما ليخرج شي من مشاعره ؟ ذلك الطفل الذي رباه لوقت طويل صار شاباً وليس أي واحد ، شاب يعتمد عليه ابنه فربما لو حدثه قد يشعر ابنه بالتحسن بطريقة ما ؟ كانت هذه أفكاره وحسب وقد أدرك اخيراً لما ايزابيلا تكره أسرته !
بقيت عدة أسئلة تؤرقه ومنها هل حصل ذلك بمرأى من شقيقته ؟ لما لم تخبره اذا ؟ هل هددها أحد اذاً؟ ولما قد يذهبون لهذا الحد ؟ كل هذه الأسئلة فضل تأجيلها حتى يتحقق أن ابنه سيكون بأمان من تصرفاتهم ولو نسبياً ثم سيتاكد من جعلهم يجيبون على كل هذا !
~~~~~~
أشرقت شمس الصباح لتعلن أنه وقت النشاط مجدداً ، بدأ الجميع يتجهون إلى أعمالهم أو مدارسهم منهم من كان الكسل رفيقه ومنهم من كان ذاهبا بكل حماس ومن ضمنهم انجيلا التي كانت ذاهبة وهي تكاد تضرب كل من يظهر امامها !
مؤخراً ولسبب مجهول كانت تشعر أن الفين لم يعد يأتي للمنزل كثيراً فكان القلق يكبر بداخلها خشية أن يكون ورط نفسه بشيء بسبب ما قالته ؟ لا تدرك السبب لكنها تعلم أنها تشتاق لرؤيته وللأسف لا يبدو لها أنه يفعل المثل
أما السبب الأقوى فهو كثرة وجود جيكوب حولها رغم رفضها التام للخطبة ! محاولاته للتقرب منها تثير تقززها وتلميحاته السيئة عن ال ، هي اعترضت مراراً ولم تصمت لكن هذا زاد إصراره وتقربه بحجة تهدئة غضبها وهي كادت تستفرغ بحق من أسلوبه خصوصاً أنها تدرك أن امها تدعمه !
كل ما كان يقلقها هو أن يتاذى ال بطريقة ما بسببها أكثر مما حدث خصوصاً وامها بدأت تتحدث معه بحدة ،وعدت نفسها بالتخلص من جيكوب بأي طريقة لكن يبقى السؤال الذي يشغل بالها هو كيف حال الفين هذه الأيام !
لم تكن منتبهه للطريق حولها حتى سمعت فجأءة صوت سيارة مسرعة بشدة فحدقت للخلف بحاجبين معقودين وهي تفكر من المختل الذي يقود بهذه السرعة الجنونية منذ الصباح و بطريق فرعي !
لاحظت أن السيارة لم تتوقف بل كانت تقترب أكثر وأكثر بسرعة جنونية جعلتها تشعر بالرعب لسبب تجهله ،جسدها تصلب مكانه وكل هذا لم يستغرق أكثر من خمس ثواني ربما في الحقيقة وقبل أن تصدمها السيارة بثواني شعرت بجسدها يسحب كورقة شجر تحركها الرياح لكنها وخلاف تلك الأوراق وجدت من يلتقطها بين يديه لتكون بمأمن وتلتقطها تلك اليدين بكل رقة لتتمسك هي به بكل رعب بينما أكملت السيارة طريقها
لاحظت سقوط ورقة قرب قدمها لكنها لم تكن بمجال يسمح لها حقاً بالتحرك فالرعب لم يغادرها ، كانت تحاول تنظيم أنفاسها والتماسك لكي تستطيع السيطرة على مشاعرها ثم شكر من انقذها أي يكن لكن صوته سبقها وهو يسأل بينما يبعثر شعرها بهدوء وصوت عميق قلق وانفاسه تبدو غير مستقرة هو الآخر كما لو كان قد ركض للوصول إلى هنا أو أنه قلق عليها ؟
" لا تخافي ،انتِ بخير الآن ، اهدئي !"
وهنا رفعت راسها من فورها لتحدق بعينيه العسلية بغير تصديق فهو من كانت تتسائل عنه صباحاً ظهر بظروف غير متوقعة وهو فقط انقذها تواً من موت محتم ؟! عيناه بثت بداخلها طمأنينة لم تعرف مصدرها وشعور بالسعادة حين رأت قلقه وتمسكه بها يبث بداخلها الطمأنينة
كادت تبكي لولا جهودها الكبيرة التي بذلتها لمنع هذا لتنطق بصوت بالكاد ابقته ثابت وهي تتراجع للخلف بينما تحاول جعل قدمها ثابته
"شكراً الفين انا بخير ، فقط .... الأمر ليس حادث صحيح؟!"
تحرك ببطئ نحو الورقة التي استقرت على الأرض ليلتقطها وهو يجيب بداخله بسخرية وغضب
بان سيارة تسير باقصى سرعة بطريق فرعي لا يفترض وجود سيارات به وتترك بعدها رسالة وتغادر دون التأكد من الخسائر لا أظن أن كلمة حادث تشمل هذه الأمور للأسف خصوصاً بوجود رسالة سابقة !
لكنه اكتفى بأن اجابها بينما اقترب منها مجدداً
"لا ليس كذلك دون شك !
اقتربت منه وهي تحدق بالورقة بيده بينما هو خباها بجيبه بينما ينطق بنبرة جادة
" عودي للمنزل انجيلا ! الوضع غير مريح وحادث كهذا لا يطمأن لذا عليك العودة للمنزل وعدم الخروج حتى يتم اتخاذ إجراء ما !"
حدقت به لوقت طويل وكادت توافقه الراي لكن فجاء تخيلت وجود جيكوب هناك من فورها فعبست و نطقت بعناد وشيء من الحدة
"لا ، سأذهب للجامعة ! حادثة القتل هذه ليست أسوء شي قد يحدث لذا.... إن لم يكن لديك مانع ارجو أن ترافقني للجامعة ! وطبعاً لا تخبر أبي بما جرى!"
استغرب من ردة الفعل هذه حتى أنه حدق بها بحاجب مرفوع لكنه رد من فوره بجدية أكبر
" ليس وقت العناد بحق ! الأمر ليس مزحة لا يمكن المجازفة ..."
قاطعته من فورها وهي تحدق به بقوة
"لا الفين لن أعود ! وتعلم أن لا فائدة لو ارادوا اذيتي لدخلوا للمنزل كالمرة الفائتة! ساكون بخير وانت لن تخبر أبي مفهوم ؟! "
حدق بها بأستنكار رغم انه يدرك انها محقة أن كان نفس الفاعل فلديه ما يكفي من القوة والنفوذ للتلاعب بكل شيء ولن يمكن لاي احد التصرف بهذه السهولة التي قد يتخيلها اي احد لتردف هي بينما اقتربت أكثر وردت بجدية أكبر وعبوس
" لن تغادر من هنا حتى تعدني !لن يعلم مطلقاً ! ساتدبر الأمر بطريقة ما واضح ! لا حاجة لاقلاقه ! "
تراجع الفين للخلف قليلاً بارتباك واجاب بعد أن تنهد بشيء من الجد
" لكن مستقبلاً لا تخرجي وحدك مجدداً الأمر ليس مزحة كما ترين ! لذا عديني بهذا وسأنفذ ما تريدينه "
اومأت من فورها دون تردد ثم حدقت به لتتسائل بحيرة
" الرسالة ،هل ستتولى أمرها ؟"
تنهد مجيباً " أجل ، سأجد حل ما فقط كوني حذرة "
وان كان ما يفكر به الفين حاليا هو هل عمه آخر من يعلم بكل شيء ؟ ! هو حرفياً لا يعلم بشيء تقريباً
انجيلا فقط اومأت وهي تشعر بقلقها يتزايد بدل ان تطمان عليه ها هو مصدر قلق آخر وهي تتسائل بداخلها إلا تنوي المشاكل التوقف ؟!
اوصلها الفين بطريقه وقد كان يفكر انه محظوظ بوجوده هنا اليوم فمشاغل ليو قد طالت فترة الصباح اليوم فخرج مبكراً تاركاً ال وحده ولولا ذلك لما تواجد بالوقت المناسب رغم أن القلق داخله قد زاد بالفعل بسبب كل ما يحدث مؤخراً
~~~~~~
حل الظهر وقد حان وقت لقاء ال بليو لأول مرة اليوم فتوجه ليستند على السيارة منتظراً وصول ليو ، لم يركز طوال اليوم بشيء مطلقاً فكل ما كان يفكر به هو ما حصل صباحاً وتلك الرسالة التي ما زالت بجيبه بطريقة ما
لم يستطع الصبر أكثر فخرج متجاهلاً المحاضرة بل هو قد تركها اساساً وخرج حين شعر أنه لم يكن مصغياً لأي شيء !
اخذ نفساً عميقاً وهو يحاول الهدوء قبل رؤية المحتوى ، فتح الظرف ببطئ وعيناه تحدق بجدية شديدة
(هذا ليس سوى تنبيه ، لسنا نلهو و قريباً سنصل لمن هو أقرب منها)
عيناه مرت على السطر بهدوء حتى سمع شهقة صدرت من خلفه افزعته وجعلته يلتفت من فوره بسرعة ليجد ليو يقف خلفه وقد قرأ الرسالة !بل وقد قام بسحبها من يده من فوره وهو ينطق بقلق
"فظيع ما هذه أخي ؟!ماذا حدث ؟!أنت بخير ؟!"
رد ال من فوره وهو يحدق بحاجب مرفوع
" منذ متى وانت هنا ؟!ولا تقلق انا بخير !"
أجاب ليو من فوره بينما يحدق بال بجدية
" تعلم اني لن اقتنع أخي ! ماذا جرى بالضبط ؟!ومن أين حصلت على هذه ؟!"
ارجع ال جسده للخلف مجدداً وعقد ذراعيه لصدره ثم تنهد بأرهاق " اليوم صباحاً سيارة ما كانت تحاول إصابة انجيلا ! كنت هناك بالصدفة فأنقذتها ، من بالسيارة التي حاولت سحقها رموا هذه واختفوا!"
شهق من فوره واقترب من ال وهو يتفقده مما جعل ال ينطق من فوره بملل
" قلت أنا بخير لا داعي لكل هذا أخي!"
تنهد بعدها وهو يردف بابتسامة " لا تقلق فقط سحبتها بعيداً عن السيارة ولم يصب أي منا !"
كتف يديه سريعا بينما يقطب حاجبيه :" انجيلا !؟ بعد ما فعلته والدتها ؟ لما لم تترك خطيبها ذاك يأتي لإنقاذها ! "
اجاب ال من فوره بهدوء " أجل اخي اعلم لكن هي فتاة جيدة وليس ذنبها ما حدث ،هي حقا تحاول مساعدتي بعدة أمور وبأي حال لا أفهم كيف قد تحب شخص مثل ذلك الفتى لكن بأي حال هي حقا شخص لطيف لا أرغب برؤيتها تموت وامامي "
وقف بجواره بنوع من الهدوء و الحذر و هو ينطق :" آل أنت إن حدث لها مكروه هل ستحزن لأن عمك كان لطيفا معك و لا يستحق أم ستحزن شخصياً عليها ؟
أجاب بحيرة من فوره " وهل هناك فرق ؟
بعثر له خصلاته قليلا و هو يجيب :" بالطبع ، تعلم مثلا ان تعرضت انا لحادث لن تفكر بأبي كثيرا صحيح ؟
أجاب من فوره بعبوس " لن تتعرض لواحد ! و حسناً أجل طبعاً فأنت أخي !
تنهد ثم حدق بالسماء " لست متاكداً أخي لكن لا أعتقد للأمر علاقة بوالدها هي فقط كشخص حقاً يعتمد عليها ولطيفة !يمكنني الثقة بها بطريقة ما أيضاً لذا أظن كشخص
ابتسم ليو ابتسامة غريبة نوعا ما :" اجل لن افعل لكنه ليس موضع حديثنا اخي كان مثالا فقط ! "
اردف بهدوء :" فهمت أظن ، لكن لا تتورط بأمر خطر اخي
نظر ال به بحيرة " أمر خطر مثل ماذا ؟!"
التفت بنصف التفاتة لينظر إليه مجيباً بمرح :" لا تقم بمحاولة التصرف كالأبطال أخي ! ان كان أحد ما يستهدف اي منكم فهذه المشكلة ليست للصغار صحيح ؟
حدق ال بنظرات مريبة قبل أن يشيح بوجهه بتردد وهو يجيب " معك حق لا تقلق"
اقترب منه :" حقاً أخي لا تفعل ! قد يكون ذلك العدو وغد أكثر مما تتصور "
تنهد ال وأجاب بضيق " أعلم أخي لكن لا أظنه وغد أكثر من اسرتك كما تعلم لذا لا قلق علي !
كتف يديه بضيق :" بل هو كذلك ! توقف عن العبث ! ثم اسرتي انا لم اتحدث الى اي منهم منذ فترة طويلة
حدق به بشك وهو يسأل بينما يركز على ملامح شقيقه " احقاً؟"
رد بسرعة :' اجل ! و مجددا انت تبدل الموضوع !"
تنهد ال وهو يجيب " سأحاول"
تنفس بعمق و هو ينظر له بنوع من الريبة
جر ال يده للتحرك " سنغادر أم سنظل اليوم كله هنا ؟ لديك عمل صحيح ؟!
اجاب بعبوس :" حسنا لنذهب سيد متنمر !"
ابتسم الفين بخفة وتوجها للسيارة لكي يذهبا للعمل وكالعادة أفكار كل منهما اتخذت منحى مختلف
~~~~~~~~
بدأ المغيب بعد نهار طويل لتكون تلك الأشعة البرتقالة تغطي عشب الميتم بينما الشمس تتوارى خلف الغيوم استعداداً للرحيل ، جلس ألكسندر وحده مع كتابه كالعادة بينما ينغمس في حروفه هرباً من الملل والوحدة ، اعتاد هذه الاجواء منذ مدة الا ان هناك تغيرات تحاول فرض نفسها عليه
قاطعه ذلك الصوت الخافت وجعله يرفع رأسه من فوره وها هي التغيرات تظهر أمامه مجدداً ليحدق بالشاب الأشقر أمامه وعيناه الزرقاء التي تستقر عليه وهو منذ أول لقاء لا يكف عن التفكير به
"مرحباً"
نطقها ارنيست بشيء من الهدوء ليجيب الفتى بعبوس وصوت هادئ شابه من أمامه
" ماذا تريد ؟!"
دنى ارنيست من الصغير لينطق بهدوء
"رؤيتك وحسب ، هل يزعجك وجودي ؟"
أجاب الكس من فوره بأنزعاج طفولي وهو يعيد بصره لكتابه
"أجل ، ليس لديك سبب لرؤيتي بأي حال فلما تأتي ؟!"
ابتسم ارنيست بأنكسار وهو يجيب
"لدي سبب ، وحتى لو ضايقك وجودي انا لن أغادر ، ساظل آتي !"
نهض ووقف أمام الصغير بابتسامته تلك والتفت مغادراً بينما همس للصغير قبل رحيله
"يوماً ما ارجو ان يتحقق ما أريده وحينها ساخبرك بكل شيء حتى وقتها اعتني بنفسك !"
قطب الصغير حاجبيه بحيرة وهو لا يفهم قطعاً أي مما قيل اما ارنيست فقد غادر المكان كعادته بينما عينا ألكسندر لم تغادر مطلقاً وهو يحدق به بحيرة ، يشعر بشيء غريب تجاهه لكنه يحاول تجاهل ذلك لتجنب أي ألم أو خيبة لا داعي لها ! نهض متجهاً للداخل بضيق حين فقد رغبته بالقراءة حتى !
~~~~~~
وبذلك المطعم كان المكان مكتظ بالزبائن حين حل الليل لتأتي الأسر لتناول عشائها أو مجموعة من الرفاق لتبادل أطراف الحديث ومنهم من احظر رفيقه معه وبين كل هؤلاء كان هاري يتحرك بالمكان بنشاط يقوم بعمله المعتاد
وكالعادة وبينما هو يعمل وقف بمكانه فجأءة يحدق بإحدى الطاولات ثم سرعان ما تقدم إلى هناك لتقابله عينا البنفسج الخاصة بمارسيلينو مع ابتسامته الودودة
كتف هاري يديه وهو ينطق بإستنكار
"جدياً متى تعمل ؟!"
ابتسم مارسيل بخفة
"من يعلم ؟ يمكنك تجاهل وجودي !"
عبس هاري بينما يجيب
"لست شخص يمكن تجاهله بالسهولة التي تتصورها"
ضحك مارسيل بخفة ليجيب بينما ينهض
"من حسن حظك اني انتهيت اليوم ، سأذهب الآن لذا استمتع بعملك ! قمت بعمل جيد !"
ابتسم هاري واومأ بهدوء بينما يراقب اختفاء مارسيل
يتبع
ارجو ان يعجبكم ❤
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top