بارت 23

ساعات العمل كانت تمضي بالنسبة له و كأنها عدة ثوان لا أكثر بينما كان النشاط يدب بكل جسده من يراه سيظن أنه بدأ العمل تواً مع ابتسامته المُشرقة تلك بل ربما ظن الآخرين أنه يمتلك العالم بما عليه !

و هو لم يكن يشعر بأقل من هذا ، لم يخطط للاعتذار من توأمه أو افساد مزاجه بأي موضوع لا حاجة للحديث به فقد قرر مُسبقاً أنه سيعتذر و يخبر هنري بكل بمكانته بقلبه و كل ما كان يخبأه بصدره من كلمات لم يقلها عندما ينتهي كل هذا ! سيثق بأن يوم ما سيجمعهما معاً بسلام .

سار باتجاه أحد العاملين لإعطائه الطلبيات التي جمعها و أرقام كل طاولة عندما لمح مارسيلينو يجلس هناك بكل أريحية يضحك مع البعض ليميل برأسه مُفكراً إن كان هذا الرجل يعمل حقاً أم يُمضي وقته بالظهور و الاختفاء كما الأشباح !

مع هذا هو رسم ابتسامة خافتة على شفتيه يقترب منه سراً بنية إخافته لكن الأمر انتهى به هو الذي يتراجع بتوتر عندما عينا مارسيل قابلت عيناه مُباشرة و لثوان نظراته كانت مخيفة قبل ان يبتسم بطريقته المُستفزة للأصغر كالعادة و هو يتحدث :" هذا أنت ! ألا تعلم أن التسلل خلف محقق ما أمر أحمق لفعله ؟ "

رمقه هاري بإنزعاج طفولي أولاً قبل أن يتحدث مُتجاهلاً حديثه الأول :" إن تدربت أكثر سيمكنني الشعور بهذا مثلك ؟ "

أومأ مارسيلينو له و كاد يتحدث لولا أن الصغير حرك جسده بالكامل للخلف و قد اتسعت عيناه بنوع من الحقد ؟! هو أدار بصره سريعاً علّه يوقف انعكاس صورتهم عن الوصول لمُقلتيه ، لذا أراد و بجد أن يُبعد مارسيلينو من أمامه ليغادر هو للخارج حتى رحيلهم من هنا !

إلا أنه و قبل أن يتمكن من الحديث طلب أحدهم من الصغير الإتجاه لخدمة تلك الأسرة التي وصلت تواً و هو أخفض رأسه يشد على قبضة يده بقوة بينما عيناه و بشكل مُخيف انقلبت فجأة لأخرى باردة تخفي خلفها الكثير من نيران الكره و الحقد ؟!

لوهلة هي بدت لمارسيل كعينان مُستعدتان للقتل حتى إن لزم الأمر ! لذا لم يُبعد مُقلتيه عن هاري الذي اتجه لهم بخطوات بطيئة مُستعداً للتدخل بأي لحظة ؟

و هاري وقف أمام الطاولة دون أن يُزيل تلك الملامح عنه بل إن ابتسامته تلك تلاشت ينطق بنبرة باردة أوضحت و بشدة مدى حقده :" ما هي طلباتكم ؟ "

ذلك الصوت المألوف بالنسبة له جعله يلتفت سريعاً ليحدق بالواقف أمامهم بحاجب مرفوع قبل أن ينطق بنوع من التساؤل :" أأنت الأكبر أم من حاول الانتحار بغباء و فشل ؟ "

و هاري رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه بينما يُجيب :" كم أنت أب مذهل لدرجة عدم معرفتك بمن أكون ! "

عاد للبرود و هو يردف :" بأي حال لا تهدر وقتي فأنا لدي عمل علي إنجازه لذا ما هو طلبك ؟ "

و الأكبر نهض يُمسك بيده بنوع من القوة الخفيفة لئلا يُثير انتباه أحد و هو يهمس بسخط :" لا أهتم بمن تكون حقاً لكن أليس عملك أمر غير قانوني ؟ إن وقعت بمشكلة ما بسببك فأنت و شقيقك ستذهبان للجحيم أقسم ! "

و الأصغر ضيق عيناه بشدة و قد نطق بنبرة مليئة بالحقد :" لا يحق لأمثالك بأن يشير بكلامه لأخي هنري فأنت أكثر قذارة من ذكره حتى "

ترك يده و عاد للجلوس بمقعده و هو يجيب بسخرية :" أجل بالطبع ، كم هو واضح حبك له صغيري لدرجة رغبتك بالانتحار و تركه ! أخبرته بهذا يومها أيضاً ! "

كز هاري على أسنانه بقوة عما يتحدث هذا ؟ هل هو تواجد بالمشفى ؟ قطعاً أمر كوجوده سيجعل شقيقه بائس أكثر ! شد على قبضة يده بقوة يلعن ذاته التي سولت له فعلته تلك ، للمرة الثانية هو يجعل شقيقه يعيش بحالة من الذعر و الألم !

استيقظ من شروده عندما الصغير نهض من جوار والدته و اتجه لوالده ينطق بنبرة خائفة :" أبي لا تتشاجر معه أرجوك ماذا إن قام بإيذائك ؟ "

ابتسامته الساخرة ظهرت يراقب ما أمامه حيث مسح الأب على شعر صغيره الأشقر و المشابه لوالدته و هو ينطق :" مجرد بعوضة لا يمكنها إيذاء أحد ! "

و هاري وضع دفتر الطلبات بجيبه قبل أن يمسك والده من قميصه ينطق بغضب مكتوم :" لا تحاول حقاً معرفة ما يمكن للبعوض فعله ! و لا تجرأ و تقترب من أخي ، و لعلمك أظن أنني باليوم الذي حاولت الانتحار به تذكرت فجأة أنك أبي و هذا وحده أمر يثير الاشمئزاز "

أبعده الأكبر عنه بعنف و هو يهمس بنبرة حاقدة :" ليس و كأنني سعيد بتواجدك و ذلك المزعج الآخر بهذه الحياة ، لو الأمر بيدي حقاً لما أبقيت على وجودكما بالحياة لكن أنظر نجحت بالتعايش مع الأمر "

زوجته أمسكت بيده بينما تقف :" لنغادر فقط بأي حال رؤية هذا المجنون بالذات تجعلني أشعر بالغثيان "

و نظرات هاري أُحيلت لتلك النظرات القاتلة بينما رسم ابتسامة حانقة على ملامحه ، ليس إهتماماً بما قالته زوجة والده بقدر إنفعاله على كلمات والده لذا هو فتح فمه ليصرخ به عندما شعر بيدين تحيطان به بينما نطق صاحبهما بابتسامة مخيفة بينما يتحدث " هل لديك عمل مع صغيري ؟ "

نظر الأب لمن أمامه بنوع من الصدمة بينما استغل هاري الأمر ليبعد ملامحه الأولى مُحدقاً بمارسيلينو ببراءة بينما يُجيب هو :" سيدي المحقق تعلم هذا أبي ! "

و الآخر ابتسم ببراءة أكبر وهو يجيب بابتسامة مخيفة :" والدك؟ اوه لم نتعرف قبلاً ، هل ترغب أن تأتي بضيافتي سيد إيفلين "

و مارسيل اختتم جملته يحدق به بعد أن شدد على كلمة ' ضيافتي ' ، و المعني تجمد بمكانه إثر الصدمة فماذا قصد الرجل بكلمة صغيري ؟ و الأهم هو محقق فكيف وصل ابنه إليه ؟!

و هاري تدخل عندما لاحظ توتره بابتسامة مرحة :" سيدي أخبرتك هو ابي ! لما قد تأخذه للسجن ؟ هو لا يليق به هذا "

اختتم جملته بابتسامة مُغايرة لتلك المرحة بل بدت و كأن جملته الأخيرة تعني أكثر مما تحتويه من معنى سطحي !

أجاب من فوره ببراءة :" سجن ؟ أعتذر أن حصل سوء فهم قصدت بمنزلي ! قد يرغب بمعرفة أين يعيش ابنه كما تعلم هاري ، لما قد أخذه للسجن ؟ هل فعل شيء يستحق هذا عليه ؟ "

وجه نظراته للأب المتجمد بينهما و الذي اتسعت عيناه ليحدق بابنه بينما صغيره ذو التاسعة من العمر يتشبث به و بأمه التي تحدق بهاري بكره واضح !

كتف يديه و هو ينطق بنبرة طفولية :" فقط ظننت هذا لأنني أعيش معك لا معه ! ألم تقل من قبل أن هذا لا يجوز ؟ "

أجابه بابتسامة لطيفة :" أوه تقصد هذا ؟ بالطبع لو قصر معك بشيء سيكون علي استضافته هناك لكن هل فعل ؟ "

حدق بعدها بوالد هاري بابتسامة باردة :" ما رأيك يا سيد ؟ لن تفعل شيء كهذا بابنك صحيح ؟ "

نظر لوالده الذي يحاول العثور على اجابة ليتدخل هو بابتسامة مُبهمة المعنى :" لا مطلقا ! انظر كم هو أب جيد حتى أن صغيره يختبئ خلفه ؟ تهديده هكذا أمام اسرته فظيع ! "

ابتسم المحقق بود ظاهري وهو يجيب :" لم أكن اهدده كما تعلم طالما هو بريء لا شيء للخوف منه صحيح ؟ وبأي حال أن كان ازعجك كلامي فأنا اعتذر فقط معتاد على هذا بسبب طبيعة عملي ! وواضح انك آب جيد جدا أظن لذا لا قلق عليك ! "

ابتسم بسخرية بآخر كلامه ثم مد يده ليصافح والد هاري "أهلا بك ، لديك ابن مذهل بحق "

و المعني رسم ابتسامة متكلفة على وجهه بينما يصافحه و يغادر معتذراً على الإزعاج الذي سببه ، هاري حدق به و بأسرته و قد نفخ وجنتيه بنوع من الاعتراض !

وجه مارسيل نظره إليه و هو يضحك بخفة مُبعثراً شعره :" لما كل هذا الإستياء الآن ؟ "

أجابه بضيق و هو يبعد يده برفق :" عرفت سبب الكابوس ! ثم لم انتهي بعد منه ! "

ابتسم له بنوع من الود :" لا بأس لقد رحل حالياً وبعد قليل سيأتي شقيقك ويرى انك متجهم اتتخيل ردة فعله ؟ سيرتكب جريمة ربما ! "

نظر له بحدة و هو يهتف سريعاً :" لن يفعل ثم أنا لن أسمح لذلك الرجل بإفساد المزيد ! "

أنهى عبارته ليتجه لإكمال عمله محاولاً بكل جهد نسيان تلك المشاعر التي شعر بها بتواجدهم ، رغم أن الحقد و الغضب كان يغلف قلبه إلا أن هناك شعور آخر لا ينفك يتركه و شأنه ، ماذا فعل و هنري لينالا ذلك الكره منهم ؟

ما ذنبهما إن كره كلاهما بعضهما و انفصلا ؟ أكره والده لأمه و العكس يجعل منهما منبوذان من قبلهما ؟ بينما كلاهما يتصرفان كملائكة مع أبنائهم الآخرين ؟

عض على شفتيه قليلاً فهذا ليس الوقت المُلائم لمثل أفكار كهذه فهي قصص قديمة عليه تجاوزها لأنها و بطريقة ما أصبحت آخر ما يشغله فشقيقه الآن يحتل كل أفكاره !

خرج من أفكاره على تلك اليد التي وضعت على كتفه بينما يتحدث صاحبها بابتسامة لطيفة :" هاري وقت استراحتك ثم أظن هنالك ضيف أتى لأجلك "

و المعني أفرج عن ابتسامة واسعة يترك كل ما بيده و يتجه للمدخل حيث وقف توأمه يبحث عنه بعيناه ، هو تسلل من خلفه يحتضنه بقوة بينما ينطق بمرح :" أهلاً بقدومك ! "

و الآخر التف إليه يرسم ابتسامة هادئة على وجهه بينما ينطق بود :" ألن تتوقف عن التسلل هكذا ؟ "

أومأ الأصغر له سلباً بنوع من العبث قبل أن يمسك بيده و يسحبه معه لغرفة العاملين فهو لا ينوي البقاء بل سيأخذه برفقته للحديقة المجاورة و من خلفهما نهض مارسيل ليغادر المكان بعد تأكده أن ملامح هاري عادت لطبيعتها ، هو و بطريقة ما مُمتن لزيارة والده تلك لأنه أدرك حينها أن هذا الصغير يجب حمايته من نفسه قبل أي شيء آخر ! .

•••••

إصطفت تلك السيارة الفاخرة بجوار صغيرة ليو بينما خرج مالكها يحدق بالمكان حوله ، هي بالفعل شقق سكنية فخمة نوعاً ما ، أخرج ورقة صغيرة من جيب معطفه يتأمل رقم الشقة المطلوبة قبل أن يسير بخطوات هادئة لا تعكس كل ما يدور بكيانه من فوضى !

لا يعلم حقاً من قد يقابل لكن خطوة كهذه عليه فعلها قبل أن يفوت الآوان حيث لن يبقى لديه سوى الندم ؟

أوقف أفكاره تزامناً بإيقافه لخطواته أمام الشقة المطلوبة و بعد أن قرع الجرس لينتظر خروج مالكها !

لحظات قليلة هي ما فصلته عن ظهور ذلك الشاب مُجدداً أمامه و الذي ما إن رآه حتى اتسعت عيناه بصدمة بل إن شهقة ما كادت تهرب من فمه لولا تمالكه لنفسه باللحظات الأخيرة .

و كعادته هو تمكن من لمح ما هو أكبر من الصدمة بعينا الشاب الواقف أمامه ، شيء من الرهبة و الحذر تربع بين طيات نظراته تلك قبل أن تتحول نوعاً للسخرية ؟

و مع ذلك فقد أدرك الأكبر أن من أمامه لن يبدأ بالحديث لذا نطق هو بهدوء :" أيمكنني الدخول للحديث ؟ لدي موضوع معك سيد ..." صمت قليلاً يحدق بمن أمامه ليعرف عن نفسه ربما ؟ و بذات الوقت لقراءة تصرفاته !.

و ليو رفع أحد حاجبيه بنوع من الاستنكار و الراحة بآن واحد ربما بما انه لا يعرفه ليبتعد قليلا :" بالطبع تفضل لكن هل من عادتك القدوم لرؤية أشخاص لا تعرفهم ؟"

أجابه بينما يحدق به بتمعن وهو يدخل :" شكراً ، قد لا أعرفك لكن أعرف أن ابنتي تفعل و أنا هنا للنقاش بشأن هذا "

خطواته كانت تتجه لغرفة الجلوس يحدق بها بنوع من الضيق فهي تقريباً تحولت لغرفة نومه ؟ هذا إن تجاهل تلك الأوراق و الحاسوب المحمول الذي ينتصف الغرفة !

لذا تمتم لنفسه بينما يبعد الوسائد و الغطاء لزاوية ما بأنه ليس ذنبه فهو من أتى دون دعوة بأي حال ، و خلال كل ذلك كان جين قد جلس على إحدى الآرائك الفردية يحدق بالمكان بهدوء مُترقباً تعليق من معه للآن على كلماته السابقة و إنتظاره لم يطل حقاً إذ أعاد الشاب بصره له و قد جلس مُقابلاً له ينطق بتذمر فوري :" ماذا تعني أنك هنا لأجلها كما تعلم أنا من يفترض به القدوم و الشكوى ! "

ثوان فقط و تدارك حماقة ما قاله ربما أو مع من هو يتحدث ليشهق سريعاً فكيف بحق الإله أمكنه إطلاق جانبه هذا أمامه بالذات ؟ و بوقت قصير للغاية !

و الأكبر ظهرت الصدمة على ملامحه لوهلة قبل أن يكتم ضحكة كادت تنطلق منه بفعل ردة فعل من أمامه ليتحدث بنبرة أوضحت تفهمه :" أعلم أن ابنتي مشاغبة قليلاً و أنا هنا لأعرف من تكون وكيف تعرفت هي عليك ! "

و هو كاد يسخر على كلمة ' قليلاً ' و بشدة إلا أن سؤاله الأخير ألجمه و قد ذكره أن السيد جين خارج دائرة الثقة ؟ لذا أشاح بوجهه عنه و هو ينطق :" تعرفت عليها عندما اقتحمت مرة الكلية و أثارت الضجيج أثناء حديثها مع انجيلا ! "

ضيق عيناه بنوع من الجد و هو يتحدث :" إذاً باليوم الذي هربت به ؟ لكن ماذا أرادت منك بالذات فأنت لا تبدو لي كشخص يواعدها مثلاً ؟ "

أومأ بلا اهتمام فعلي :" أجل هو ذاته ! ماذا قد تريد مني هي أتت لرؤية انجيلا و انا من تدخل بالنقاش !"

اجاب بينما يحدق بتسائل وهو يحدق بملامح ليو بتركيز عاقداً يديه " ولما تدخلت ؟ "

و المعني شعر بأنه بدأ ينزعج لذا قطب حاجبيه بينما يتذمر بنوع من الهمس :" مذهل متنمر اخر ينضم للقائمة ! "

إبتسم جين بهدوء وهو يقول مُجيباً إياه :" لا أعلم من المتنمر الأول لكن أظن سؤالي منطقي هل لي أن أعرف لما ضايقك؟ هل هناك ما جذبك بها بالذات أم الموضوع الذي تحدثت به ؟ ولما استمرت بالمجيء لرؤيتك ؟ "

عيناه ظهرت بهما لمعة من الشراسة و قد إتضح هذا بملامحه و نبرته :" و لا شأن لك بمعرفته فهو أمر لا يخصك ، و بأي حال لا أفهم سبب تواجدك هنا و تحقيقك معي لكن إن كنت خائفا على صغيرتك إلى هذه الدرجة فأعلم أنني لن أقوم بإيذائها بأي حال من الأحوال لذا يمكنك الإطمئنان و الرحيل ! "

تلك النظرة الشرسة هو يذكر أنها مألوفة بحق بالنسبة إليه لذا ثبت بصره على الشاب أمامه يتحدث بهدوء :" حسناً ، لكن ألا تلاحظ أنني لم أعرف اسمك للآن ؟ و أنت منذ البداية تحاول التهرب من سؤال كهذا "

صمت ليو قليلاً قبل أن يردف بابتسامة بها نوع من العبث و إن حاول إخفاء التوتر خلفها :" اسمي ؟ لكنك تعرفه أو ربما كنت تفعل ذلك بالماضي فهل علي تذكيرك به ببساطة حقا ؟ "

بدى الجد و الحذر واضحاً بنبرة صوته بينما ينطق متسائلاً :" أردت سؤالك عن هذا بالفعل لكن وفرته لوقت لاحق، هل سبق وتقابلنا ؟ تبدو لي مألوفاً لذا أرغب بسماع اسمك بالفعل "

و ليو شعر بالاختناق أكثر ، كشف إسمه قد يعني أنه يسلمه آل فهو تواجد بمنزل شقيقه حيث كان النقاش الدائر حول تواجد الفين ام لا ! هو حقاً بداخله شتم إيزابيلا و ما دفعه لعدم طرد الأب مع إخباره بالاحتفاظ بابنته المزعجة بعيداً هي مشاعر رفيقه إن اختفت تلك المتنمرة فجأة !.

لذا لم يجد حل سوى بإعادة ابتسامته الأولى و هو ينطق :" تمكنت من معرفة أين أسكن دون معرفة اسمي ؟ ماذا هل أنت تتبع ابنتك لأي مكان تذهب اليه ؟ هذه عادة سيئة سيدي القاضي قد تجعلها تهرب بالفعل ! "

حدق بليو بهدوء ثم ابتسم بقلة حيلة :" ربما لكن حين تصبح أب ستفهم ، خصوصا حين تكون ابنتك مثل إيزابيلا ، لكن السؤال المهم هو كيف عرفت أنني قاضي ؟ "

ليو نظر له بتمعن هو حقاً لا يمكنه قراءة مشاعره أو أفكاره أو شيء آخر كما أنه لا يبدوا كمن يوشك على الرحيل بسبب اليأس ، و كأنه مُستعد لإكمال طرح أسئلته هذه مراراً و تكراراً حتى يصل لهدفه !

و سبب آخر يضيف المزيد من الضيق لصدره تلك العينان اللتان تحدق به بتركيز و كأنها تخترقه و اللهجة الهادئة كلها أمور تذكره بالماضي و ماضي دافئ واخر بارد كالجليد وإن كان بوقتها قد نهض أمامه صارخاً بوجهه و الجميع معه دون أي ذرة خوف واحدة ، لكن ذلك الطفل مات بعدها بفترة و الآن هو لا يملك حتى نصف تلك الشجاعة فروحه تناثرت بعدها .

حاول إبعاد مثل تلك الأفكار من عقله يُعيد نظره لجين يُجبر نفسه على الابتسامة بمرح و هو ينطق :" أب أنا ؟ من فضلك سيدي علي أولاً تجاوز حياتي و الجامعة ثم قد أفكر بأمر مريع بهذا ، ثم من لن يعرف أنك قاضٍ ؟ خاصة بمعرفته لابنتك و ابنة شقيقك ثم أنا قابلتك مُجدداً بحفلة عيد الميلاد تذكر ؟ "

و هو شدد على آخر جملة نطقها بابتسامة شبه ساخرة فهو بات يدرك أنه مع تلميح آخر أو إثنين سيصل لهويته بالفعل !.

ابتسم له بينما حدق به بنظرة عميقة ليشعر ليو كما لو أنه يحاول محاصرته بالزاوية : " حسنا كما تشاء لكن ستفهم وقتها بأي حال ، الأمر ليس بسهل كما تتصور "

اردف بعدها وهو يتسائل بينما يحدق بشك :" أذكر أني قابلتك بالفعل، لكن هذا ليس عذر لتعرف أني قاضي ، دعني أسألك إذاً إلى أي حد لديك علاقة بابنتي؟ ماذا تريد منها بالضبط ؟ وما هو نوع علاقتكما بأي حال ؟ وهل قابلتني قبل الميلاد ؟ "

مسح على خصلاته الزرقاء قبل أن يتجاهل النقاش بالموضوع الأول فهو لا يهمه حقاً بل فقط بات يرغب بمغادرته فحسب فهو خطر على شقيقه و حقا بدأ يندم لاستقباله و مع هذا أجاب بمحاولة ما لإنهاء النقاش فآلفين قد يعود بأي لحظة أيضاً :" أجل فعلنا و عدة مرات ، و علاقتي بها ليس شيء مهم هي تراني كمنافس أو لص و أنا فقط أراها كطفلة لذا أساير تصرفاتها و الآن ألن ترحل ؟ لدي الكثير من الفروض كما ترى "

و هنا ربما كانت أكبر غلطة قام بها للآن بحيث انتقلت عينا جين للورقة التي حملها بيده و التي حملت بخط عريض اسم التقرير و كاتبه ' ليو سوين ' !.

و الأصغر ضرب جبهته بنوع من القوة و هو ينطق :" مُذهل أقسم أن إلقاء نفسي من النافذة أفضل ! "

•••••
جلس أربع أفراد بتلك الغرفة بنظرات متباينه بعضها سيطر عليها الضيق والرغبة بتحطيم كل شيء ربما فمجرد التفكير بما وراء هذا اللقاء يثير أقصى درجات التقزز لدى انجيلا ،أما والدتها فقد كانت سعيدة بمجيئه في محاولات يائسة لجعل بذور الحب تنمو بقلب ابنتها نحوه !

ملامح ابنتها لم تكن مطمئنة مطلقاً وهذا جعل ملامحها هي الاخرى يحل عليها الضيق أما والدها فقد كان يشعر بتوتر الجو لسبب مجهول فكان يحاول فتح مواضيع مع الشاب امامه والذي لم يكن سوى ابن أخت زوجته جيكوب والمرشح ليكون زوج ابنته دون أن يدرك بهذه الخطط حتى !

صوت الباب أعلن عن وصول شخص ما ولم يكن غير الفين دون شك فاتجهت الأنظار نحوه حين اقبل نحو غرفة الجلوس ملقياً التحية بهدوء ، ابتسامة عمه اتسعت بود وهو يرحب به بالفين
"اهلاً بني ، تعال وانظم إلينا عزيزي !"

وهنا والدة انجيلا فقط تدخلت بدورها لتقول بنبرة حاولت إخفاء الإنزعاج منها موبخة زوجها
" عزيزي الفين عاد للتو من عمله كما ترى لا تضغط عليه لابد أنه متعب ليس لديه الوقت لشيء كهذا !"

انجيلا قطبت حاجبيها وهي تحدق بوالدتها بإستنكار خصوصاً وأن طباع أمها لن تخفى عليها وكم أشعرها ذلك بالضيق !

عم الفين لم ينتبه للأمر فقال باعتذار لالفين
" اعتذر بني خذ راحتك لم أقصد الضغط عليك طبعاً ظننت انك قد ترغب بهذا وانت من الأسرة بعد كل شيء !"

جيكوب ونظراته نحو الفين لم تكن ودودة مطلقاً ، عيناه كانتا تحدقان بمن امامه بشيء من الدونية والانزعاج خصوصاً بعد أن سمع أن انجيلا تحبه !

ابتسامة ساخرة رسمت على وجهه وهو يفكر بأن من أمامه لا يمكن مقارنته به فسجله الإجرامي يكفي لرميه للشارع !

الفين ابتسم بهدوء وهو يجيب
"شكراً عمي ، لكن لن أبقى لوقت طويل فقط أحتاج للحديث مع انجيلا بشيء ما لن اؤخرها !"

وهنا والدتها قطبت حاجبيها وهي تحدق به بشيء من الاستنكار أما عمه فلم يعترض طبعاً وان كان يشعر بالفضول عن هذا الذي قد يكون بين انجيلا والفين من حديث وحدهما؟ لكنه لم يكن ليعترض حقاً إلا أن من نهض مترجماً اعتراضه بابتسامة مستفزة وهو يتجه نحو الفين ومد يده له
"أظننا لم نلتقي قبلاً ، انا جيكوب ، ابن خالة انجيلا ،انت الفين صحيح ؟ "

الفين حدق بملامحه وهو يقسم أن من أمامه يذكره ببعض المتنمرين الذين سبق وتعامل معهم لذا كان سهلاً معرفة أن من أمامه لا يملك أي نية بالتعارف بل بالشجار ربما ؟ وان كان لا يدرك سبب لهذا حقاً فهو لم يفعل له ما يستحق هذا ؟

مد يده بغير اهتمام ليقول بهدوء احتراماً لزوجة عمه واقاربها
" أجل انا هو ، اهلاً "

أبعد يده بسرعة ليردف جيكوب بنبرة مستفزة وان حاول جعلها نبرة شفقة لكن السخرية بها لم تخفى عن الفين
"سمعت انك كنت بالسجن بالطفولة صحيح ؟ هل حقاً حصل ؟ اسف حقاً لاجلك !"

وهنا عم الفين وانجيلا نهض الاثنان بوقت واحد ليقول عم الفين بشيء من التانيب
" لا داعي لهذه المواضيع جيكوب!"

وانجيلا حدقت به بكراهية شديدة وهي تعلم من سرب هذا له ! عينا البنفسج خاصتها توجهت نحو والدتها التي بادلتها النظرات بدون أي ملامح الذنب مما جعل انجيلا تصر على أسنانها بضيق ليقول جيكوب بشيء من الاعتذار
"آسف لم أقصد ازعاجه فقط انا لم اسجن قبلا كما تعلم لا أعرف شعور من يسجن ظننت أنني قد اعرف منه لأنه جرب الأمر !"

وهنا الفين فقط ابتسم بسخرية وبدل إرهاق نفسه بالرد اكتفى بأن يحدق بانجيلا وهو ينطق
"ارجو ان تتبعيني ليس لدي اليوم بطوله !"

التفتت إليه من فورها واسرعت بالمغادرة لتتبع الفين قبل أن تنفجر على امها وعلى التعيس الذي يظن تمثيله الأحمق جيد كفاية !

الفين وان كان شعر بالضيق قليلاً لكن حشرة مثل هذا لم يكن ليؤثر به بعد كل ما تعرض له بشأن ذات الموضوع !

كما أن لديه بالفعل ما يشغله وهو أهم بكثير من ثرثرة الحمقى برأيه لذا وفور وصوله لغرفته،دخلت إنجيلا بعده بتردد وهي تتسائل عما يريد قوله ، التفت يحدق بها بجدية تامة وهو يشرع بالحديث
" انجيلا ، لدي سؤال أحتاج جوابه منك !"

عيناه العسلية أربكتها وهي تحدق بها فاشاحت بوجهها وهي تجيب بدون تردد
" طبعاً ، تفضل ما هو ؟!"

أخذ نفساً عميقاً لينطق بنبرة قلقة
"هل حصل شيء مع ليو ؟ أهناك من يزعجه بالجامعة ؟ هو ليس بخير ومهما سألته لا يجيب ! حتى والده لا يعلم ما به ! كونك معه ربما تعرفين شيء ؟!"

نبرته القلقة جعلتها بحرب بين نارين وعدها لليو بعدم البوح ورغبتها بمساعدة الفين ،حدقت بالفين وهي تجيب بتردد
"ساخبرك بشيء لكن ليبقى سر بيننا حسناً؟"

حدق بها بتركيز تام واومأ فاردفت هي
"هناك فتى بالجامعة يضايقه منذ مدة، يبدو لي أنه يعرف ليو لكن ليو جعلني أعده بعدم اخبارك بشيء لأنه قال انك ستقتل الفتى لو علمت من هو ! كان يتحدث معه اليوم بالممر ربما ازعجه بشيء ما ؟!"

وملامح الفين احتدت بشدة وهو يفكر بالاحتمالات لينطق بصوت بارد
"واسم الفتى ذاك ما هو ؟!"

اخفضت رأسها لتجيب بتردد وهي ترى أنه يبدو كمن قد يقتل سيتو بحق !
" آسفة الفين قلت لك لا يمكنني قول أكثر من هذا اساسا يفترض أن لا أقول أي شيء لكن لأنك قلق وحسب !"

حدق بملامحها فتنهد ليجيب بهدوء
"فهمت ، بأي حال شكرا لاخباري ،ساتدبر الأمر !"

قبل أن ترد تحرك آلفين ليغادر من فوره لتلحق به هي بقلق وهي تحدق به وحين وصل قرب الباب لاحظ الكل ملامحه المخيفة والأهم صوت انجيلا وهي تقول بترجي
" الفين ، أرجو أن لا تتهور ! قد لا يكون حقاً شخص مهم أو شي كهذا فقط تعلم أن البعض يزعجه بكلماته منذ زمن لذا !"

الفين التفت بنصف التفاتة وأجاب بهدوء ظاهري
"لا تقلقي ، اعرف كيف أتصرف !"

غادر تاركاً انجيلا خلفه وهي تلعن نفسها على أخباره فلا ملامحه تطمئن ولا كلامه !!
•••••

السعادة كانت تحيط بهما كهالة من نوع ما أو كشمس نزلت على الأرض تضيء ما حولها ، كيف لا وهو أول لقاء لهما بعد فراق اعتبر الأطول لهما ؟

جلسا بحديقة قرب المطعم على بساط اسفل شجرة عملاقة وابتسامة هادئة على وجه هنري وهو يثبت بصره على صغيره كمن رأى طفله لأول مرة بعد زمن طويل !

أما هاري فقد كان يشع حماس وسعادة كطفل اشترى لعبته التي طال انتظارها ، وهي كانت ما رسم ابتسامة هنري بأي حال وجعلته ينسى ولو لوقت قصير كيف أنه يريد أبعاد شقيقه عن المشاكل لكن بلحظة كهذه يضعف كل شيء بداخله ويخبره أن هاري أسرته هو لا يمكنه فقط أبعاده ؛مشاعره فقط تتضارب لذا هو قرر عدم التفكير والاكتفاء بملامح تؤامه التي تدخل الطمأنينة لقلبه ، أخرج علبة كان قد احظرها وقدمها لهاري الذي حدق بها لمدى بحيرة وهو يتسائل
"ما هذه ؟!"

بابتسامته الدافئة أجاب هنري بهدوء
" شيء ظننت انك قد ترغب بتناوله ، افتحه وسترى !"

شعر بالفضول يتملكه والاهم السعادة لان شقيقه فكر به ، فتحها كطفل صغير لتظهر أمامه قطعة كعكة بالشوكلاة ، المفضلة لديه وما زاد قيمتها أنها من هنري وهو احظرها بنفسه دون أن يطلبها منه !

اتسعت ابتسامته وهو يحدق بشقيقه بأمتنان شديد بل قفز لاحتضانه بالفعل وهو ينطق بسعادة
"أنت الأفضل أخي ، شكرا لك هي مذهلة !"

ابتسم هنري بحنان شديد وهو يبعثر شعره
"سعيد أنها أعجبتك ، وجدتها بالطريق لذا فكرت أن احظرها لتتذوقها "

حدق بالعلبة لينفخ وجنتيه فجأءة وهو يحدق بهنري والذي حدق به بحيرة وهو يتسائل
" ما الأمر ؟"

أجاب هاري بعبوس طفولي
" لما لم تحظر شيء لك لتاكله أيضا ؟ "

وجد هنري نفسه يضحك فجأءة ليقول هاري بعبوس
"ماذا ؟ ما المضحك ؟"

رد هنري بعد أن رسم ابتسامة على شفتيه
"لا شيء فقط توقعت أن تقول هذا ، ساشتري مثلجات من هنا وحسب لا تقلق !"

ابتسم هاري أخيراً ليجيب
' فهمت لا بأس اذا "

كانت نزهه دافئة ولقاء بدا كما لو أنه استغرق دقائق قليلة لكنه كان كافياً ليبث الدفء بالاثنين !

•••••

عينا جين وقعت على التقرير لتتسع زرقاوتاه وحدق بصدمة للحظات وهمس بشك وهو لا يصدق ما يراه " ليو سوين ؟ انت هو الصغير ليو ذاته !؟"

كان بصره مثبت عليه لا يصدق أن هذا الشاب امامه هو ذاته ذلك الصغير الذي كان يقضي معظم الوقت لديهم !

فكر بعمق ليردف بهمس وكانه يحدث نفسه وابتسامة منكسرة هربت منه محدقاً بالارض " هذا يوضح كل شيء ! وجود ايزابيلا ومجيئك ذلك اليوم ! ومعرفتك أنني قاضي ! بل ورغبتك بأن لا أعرف اسمك "

تخلى عن عبوسه وتبدلت ملامحه للجد بينما ينطق أولا بنوع من السخرية :" اجل مذهل لازلت تذكر من أكون رغم مرور ما يقارب التسع سنوات ! "

همس معلقاً على ما قاله بينما يغمض عينيه " هناك أمور وأشخاص لا يمكن نسيانهم!أنت واحد منهم لم أنسى أي شيء ليو "

اردف جين بينما يحدق به بتفهم وشي من ملامح الإنكسار عليه " اظنني قد أتفهم كونك تكرهني ولا ترغب بالجواب خصوصا لو أخذت الأمر على نحو شخصي بالماضي لذا ساسالك قبل أن أكمل هل أنت غاضب مما جرى ؟هل تراني سبب ما حصل وقتها ؟ أحتاج إلى جواب صريح !"

اشاح ببصره عنه و هو يجيب بنبرة أقل سخرية من سابقتها :" يا له من شرف ، بأي حال ان كان الامر يهمك حقاً لم آخذ شيء على محمل شخصي اتجاهك و الا لما قبلت حتى بتواجدك بمنزلي تطرح مئات الاسئلة بثانية واحدة "

ابتسم بخفة وهو يجيب بهدوء "اظنني ممتن لهذا بطريقة ما ، لكن أظن الأمر مختلف لالفين على ما يبدو "

حدق ليو بملامح جين وحين استشعر كلماته جلس مرة أخرى و هو يتحدث بنوع من الهدوء :" أنظر لا يهمني ذلك بصدق ان كان علي الانزعاج من احد فهو المحامي المذهل و من جمع الادلة لكن ربما كل هذا لا يهم الان ، و آل ليس أمرا مختلفا لن يفعل ذلك "

واخر ما قاله جعل الأخير يحدق بجدية شديدة وهو يسأل بحذر "ال؟ من طريقة كلامك هل أفهم انك على تواصل معه ؟!هل تعرف عنه شيئاً؟ أظن من حقي الحصول على جواب عن هذا على الأقل !"

ازدادت ملامح ليو جدية و هو ينهض :" بشأن ال هذا ما لم ولن تحصل عليه مهما حدث ! عن أي حق تتحدث يا سيد بعد سنوات ؟"

حدق بليو بملامح جادة وشيء من الحزن يطغى على عينيه " أعلم أنه يلومني على ما حدث ولهذا رفض العودة لكن أظل والده رغم كل شيء ومن حقي على الأقل معرفة كيف يعيش حياته ! وأن كنت لا تملك الحق بأخباري دعني اقابله بنفسي !"

أجاب ليو وكانه سمع اهانه لال توا بضيق ً" ال ليس من النوع الذي قد يفعل هذا وانا أؤكد لك أنه لا يلومك على هذا الجزء على الأقل !

أجاب جين بينما يحدق به مباشرة " هل صرح هو بهذا ؟ لأن سلوكه يقول عكس ذلك كلياً! لما لم يعد ابداً؟لما لم يترك اي أثر ؟ بحثت عنه طويلا ولم أجده ! لا أظن هذا تصرف شخص لا يلومني"

أجاب ببساطة شديدة :" لا يحتاج للتصريح فردود فعله تشير لما لم يقله !"

حدق جين به ليرى مدى ثقته بما يقوله ليتسائل بحيرة" اذا هل يمكنك أن تفسر لما لم يعد أو يسأل عن أسرته ابدا ؟ وواضح من كلامك انك على علاقة قوية به للآن !

نطق ببرود وهو يجيب :" هذا سؤال مهمتك هي الاجابة عليه لا انا، وال أخي وسيظل كذلك دوماً !"

همس جين بعد أن تنهد "كيف أجيب عن الأمر وهو لم يظهر منذ خروجه ؟! هو لم يعد ابداً ! "

ليو رد بجد و ضيق معترضاً :" انظر انا هو المتمرد هنا و للآن لم اهرب من منزلي للآن ! من هو الشخص الذي لم يعد ؟ أتعاني من خطب ما أم أنك نسيت انكم من رفض عودته و تركتموه بالشارع !"

تنهد بتعب وهو يحدق بليو بشيء من الجدية " هل هو قال اننا طردناه؟! لم نفعل اساساً هو لم يعد ابداً كما سمعت هو فور خروجه من السجن لم يعد ، انتظرناه طويلاً ولم يفعل ابداً، لم يطرده أحد ! واضح أنه يلومني على ما حدث ولا أظن يحق لي التذمر لكن هذا لا يغير حقيقية كوني والده ، انا ووالدته قلقان عليه ونرغب برؤيته بأي طريقة ! "

نطق بحدة و برود مفاجئ وقد بدا الضيق عليه :" أنت لا تجرأ حتى على التلميح انه كاذب ! إن قال أنه طرد فأخي لن يكذب ! و ماذا تعني بكلمة سمعت ؟! أين كنت وقتها اذا ؟"

حدق بجدية وهو يلاحظ كل ردود فعل ليو بدقة ليجيب بضيق " لم أقل أنه كذلك ! لكن ربما حصل سوء فهم ؟ أو حلل كوني حكمت عليه وقتها أنني طردته ؟ لم أره ابداً بعد السجن مطلقاً حتى حين طلبت رؤيته رفضوا ! وقطعاً لم أره بعد خروجه أيضا !
أما بشأن أين كنت فقد كان لدي انا وزوجتي عمل مستعجل لم نتمكن من تأجيله لذا تركت جديه وباقي اسرتي لاستقباله لكنهم انتظروه ولم يأتي !"

صمت فجأءة ليفكر بعمق بعد ما قاله ويتذكر كل ما يجري مع ايزا واسرته منذ ذلك الموقف لكنه لم يتأكد بعد من شكوكه التي تولدت توا فترك المجال لليو ليؤكد أو ينفي ما يفكر فيه

نطق ليو بنفس نبرته السابقة مع اضافة شيء من التهكم :" عمل ! و هل كان عمه مع من استقبله وقتها سيدي ؟ و آل ليس بأحمق ليحلل الأمر كما يرغب هو !

رد جين بدا كدفاع اكثر من كونه اجابة عادية "ليس وكأني استطعت الرفض لو امكنني لما ترددت ! اساساً والدته ظلت تحاول الإسراع قائلة أنها تريد أن تعتني به بنفسها ولم يكن الأمر مختلف معي ! "

فكر بعمق قبل أن يجيب بهدوء وان كان الشك ينمو بداخله أكثر وأكثر " أخي لم يكن هناك فقط اختي وأمي وأبي وبعض اطفال الأسرة بمن فيهم ايزابيلا ، هل لديك فكرة معينة عن ما يمكن أن يكون سبب هذا إذا ؟
إذا سمحت لي برؤيته أو أوصلت له الأمر على الأقل ساكون ممتناً ! أحتاج للحديث معه لافهم الأمر أفضل !"

بعثر ليو شعره بعبوس ورد :" حسناً لا اعلم عن طبيعة عملك بأي حال "

أجاب جين بهدوء "أعلم فقط أن فهمت انت طبيعة الوضع أستطيع القول بثقة أنه سيفهم هو الآخر أن كان كما عرفته بالسابق "

ليو شهق ورد من فوره " اجل بالطبع ليقلب المنزل فوق رؤوسنا ! هو سمع صوتك فقط و احتجت ليوم و نصف لجعله يبعد الالم عن عيناه !

اخفض جين رأسه بابتسامة منكسرة لكنه حاول أبعاد الضعف عنها " وتقول أنه لا يلومني؟ إذا كما ظننت هو كان يومها بالمنزل وسمع كل شيء ! "

اجاب بخفة و نوع من التذمر :" و الفضل لكم تسلقت شجرة ما ثم اجبرته على فعل ذلك لنغادر "

تسائل جين وهو يحدق بتمعن" هل صار عصبي الآن ؟ حين كان صغيرا كان شديد الهدوء والخجل بالكاد يرفع صوته ! لكن أظن لا يمكن أن يبقى كما كان صحيح ؟

اجاب ليو بينما يميل برأسه بضيق :" لا احد يبقى كما هو ! - ابتسم بخفة قبل ان يكمل - على الأقل المظاهر الخارجية لا تفعل لكن مسألة رؤيته ان كان هو ذاته ام لا متروكة لكم أنتم ، اما ترى ابنك حقاً او لا ! "

اومأ بتفهم " فهمت ، أرجو فقط أن التقيه فإن لم أفعل لن أستطيع رؤية أي شيء حينها سواء كان نفسه أم تغير ! وبأي حال حتى لو فعل أظن هذا مفهوم كليا !"

رمش ليو بينما يجيب بابتسامة خافتة :" لا اظن الخجل صفة يمكن ابعادها لكنه بدلا من ان يصمت اصبح يتنمر ان شعر بالخجل او يغضب ليهرب !

ابتسم جين باطمئنان " فهمت ، واضح أنه يثق بك ويعتمد عليك كثيرا ، أظنني مدين لك بالشكر على رعايته ! "

عبس سريعاً ورد :" لست مديناً بشيء فأنا لا انتظر الشكر من احد ! كما انه من انقذني عدة مرات لذا انا الممتن له "

آمال ليو رأسه بينما ينطق بنبرة عابثة :' بشأن تفسيري لما يحدث اترغب بالاستماع لقصة ما ؟"

رفع رأسه مثبتاً بصره على ليو ليردف بهدوء مع تركيز تام " أجل أرغب بسماعها"

ينطق بنبرة بها شيء من التأثر :" ذات يوم كان هنالك اسرة كبيرة مكونة من والدين و شقيقان متزوجان حيث كان لكل شقيق ابن واحد! حدث امر للوريث الشرعي للاسرة فقررت الاسرة طرده ، لكن والديه بذلا الكثير حقاً وحاربا تلك الاسرة لاجل ابقاء ابنهما معهما ، و بسبب موت الشقيق الاخر و زوزجته قرر الجدان الاحتفاظ بذلك الفتى بشرط ان لا يحصل على شيء ! و تم الاتفاق لكن بيوم ما قاما ببيع الفتى بغفلة عن والداه و بعد مرور الوقت و عندما عثر الاب على ابنه وبخه لكونه هارب من المنزل كما اخبره والداه و بعد تحري كشف ما حدث حقا فاخذ ابنه و سافر "

صمت لثوان قبل ان يردف :" اتفهم المغزى من ذلك ؟! "

حدق بليو بتركيز وجدية طوال الوقت وهو أدرك من فوره أن ذلك الفتى ما هو إلا ليو ذاته ! ومن خلال حواره مع ليو نما احترامه بقلبه وادرك أن السجن لم يفسده دون شك وان من أمامه يهتم بشكل واضح بأبنه لذا شعر براحة وامتنان كبيرين واعطاه بعض الأمل أن ابنه أيضا لم تفسده تلك السنوات ، وتلك الرواية أيدت بعض الشكوك التي تكونت لديه ليومأ بجدية " أجل فكرت بالأمر أيضا وان كان يصعب التصديق لكن سابذل جهدي للتأكد ، أظنني ساتولى البحث في هذا الأمر !

و ليو ابتسم بعبث :" قلت ان ايزابيلا كانت متواجدة صحيح ؟ يمكنك البدأ من هناك ! للحق ال لم يخبرني ما حدث و فقط اكتفى بعبارة رفضوا استقبالي ! لكن و مما رأيته بمنزل شقيقك فبعض القما.... اعني البشر فظيعون و ادرك ان الامر لم يكن مجرد طرده ببساطة"

ابتسم بتفهم " فهمت ، انا شاكر لك إخباري بهذا ، هل تعتقد أنه قد يوافق على أن أتحدث معه ؟"

تنفس ليو بعمق وأرجع جسده للخلف :" ان كنت حقا تريده و أمه فأنا أثق انك ستفعل يوماً و الا سأكون انا اول من يمنعك من الاقتراب "

ابتسم جين بهدوء مجيباً " أعلم ،أظنني أحتاج لأخذ موافقتك قبل موافقته هو على ما يبدو ! "

ابتسم باتساع بطريقة غير ودية :" قطعاً لأنه ثق بي يمكنني ان اتحول لأسوء من كابوس ان ازعجه احد !"

تسائل جين بهدوء " أتسائل متى قد يسمح لي بالحديث معه !

مال برأسه بحيرة وهو يجيب بتفكير :" حسناً مؤكد بعلمه لن يحدث لكن صدفة كما قابله العم تشارلز ممكن ان كنت ستتحمل ردة فعله فعلى الاغلب هو سيحاول المغادرة سريعا ، لكن قطعا لن تقترب منه دون وجودي و ليس قبل ان أتأكد ان اسرتك لن تحاول ازعاجه"

ابتسم بخفة ثم نطق بتفهم وهو يغمض عينيه" يمكنني تحمل هذا فانا اعذره بالفعل لكن لا أعلم أن كان سيمنحني فرصة فعمه ليس من حكم عليه كما تعلم ، بأي حال انا مستعد لهذا أن وافق سارغب بالطبع بالحديث بأقرب فرصة !

نطق ليو بتذمر حين تذكر حديثه عن ايزا :" بشان ابنتك ما عرفته عن ايزا ا نها فتاة متمردة تقفز حول اخي ال و تحاول المقارنة بيني و بينها و كأن هناك معركة على احدنا الانتصار بها بل و نسخت مفاتيح هذا المنزل دون علمي ! لذا حقا كيف يمكن لشقيقة ال ان تكون هكذا؟أين الفتاة اللطيفة من الماضي !

ضحك بخفة وهو يجيب بحنين " يبدو أنها تحاول أخذ شقيقها لها وحدها ، منذ الطفولة كانت متعلقة به بشدة وهو كان يفعل أي شيء لاسعادها، هي كانت كبيرة كفاية لتتذكره جيدا ويبدو انها كانت تبحث عنه دون علمي "

اردف بينما عيناه تلمع بود وابتسامة دافئة على وجهه " هما مختلفان منذ البداية ، لطالما اختبأ الفين خلفي بخجل أو جاء واختبأ من أبسط المواقف أم هي على العكس تماما تتقدم للإمام بتحدي ولطالما أخاف هذا الفين عليها"

اسند ليو جسده للخلف و هو يبتسم :" اجل هي تفعل لكنها تسعد ال بتصرفاتها لذا لا يهم ، لا افهم اساسا سر تلك المقارنة هي فتاة بأي حال و علاقة الشقيق بشقيقته مختلفة عن علاقته بشقيق او اخ لذا هي فقط تضيع من وقتها لا اكثر - بتجهم - لو كانت فتى لكان هناك داع للتنافس اظن -
ةثم يميل برأسه مفكرا انه حتى لو كان فتى و اسعد ال و ان ابعده عنه كان ليصمت ؟! و هذا جعل تتحول لضيق قبل نفضه لفكرة كهذه بما انها فتاة

لاحظ تقلب ملامحه ليبتسم بخفة وهو يجيب " معك حق هي فقط طفلة تحاول استعادة شقيقها ستفهم الأمر لاحقاً"

ضحك ليو بخفة :" لكنها لطيفة يمكننا تشكيل فريق ما يوماً ضد من يزعجه و سينتهي الامر به بركل كلانا للخارج بكل تنمر !

ابتسم بخفة "يمكنني تخيل هذا"

صمت ليو قليلا بنوع من التردد قبل ان ينطق :" لدي سؤال لك اتجيب ؟"

اوما بهدوء وهو يحدق بليو " أسأل "

نطق بارتباك :" الامر لا يخص ال هنا ، لكنه فضول لدي فقط ربما موافق ؟ قبل فترة رسالة التهديد تلك التي وجدتها انجيلا و الفين هل عرفت صاحبها؟"

تفاجأ قليلا ليجيب بهدوء مخفيا قلقه " هل قرأها الفين ؟ هل اخبرك أنه لاحظ أي شيء غريب بشأنها ؟"

اومأ سلباً :" لا لم يفعل مع هذا اعلم انه لاحظ امرا فهو لم يكن بخير يومها حتى ان الكوابيس هاجمته لكنه اصر على الصمت لذا لم اسأله مجددا مع هذا انت للان لم تجب على سؤالي"

حدق بالارض بينما يضغط على يده " لا لم أعلم بعد ، اترك الأمر لي ولا تشغل نفسك به دعه للكبار"

رفع احد حاجبيه بأستنكار :" ماذا تعني للكبار ؟ ثم انا لا أشغل نفسي بهذا لنقل انه فضول فحسب ! الم تجد اي دليل يشير اليه ؟ سمعت ان هناك من تم قتله ايضا

رد جين من فوره " أقصد أنك لديك الجامعة والكثير للعناية به لا أرغب لك بأن تتورط بأمور لا معنى لها ؛ دعه لي وحسب وفكر بمستقبلك"

ابتسم بنهاية كلامه موضحاً " أكبح هذا الفضول بعض الأمور يجب أن تبقى طي الكتمان لا تبحث أكثر لاجلك ولاجل الفين مفهوم؟

ابتسم ليو بنوع من السخرية و هو يفكر بالمستقبل الذي يستمر ال بذكره بينما يراه هو ينهار امامه اساسا !

لذا تجاهل العبارة الاولى و تحدث بنبرة بان بها نوع من الجد :" ليس و كأنني ارغب بالتوغل بالأمر ! و قطعا حتى و ان فعلت لن اجر اخي معي فقط كسؤال اخير و هو ما يهمني للحقيقة أأنت لديك اي نوع من العداوة مع شخص يمتلك الكثير من النفوذ و المال يدعى بسامويل ؟"

ووالده يبعثر شعره ويرد على ليو بعد أن حدق به بتركيز " من أين تعرف شخص كهذا؟ أظن معرفتك باسم شخص مشتبه يعني أنك تتوغل!"

اردف بهدوء وان كانت نبرته بدت محذرة
" لا استطيع ان اجيبك على سؤالك ليو، قد يكون وقد لا يكون ، طبيعة عملي تضع لي الكثير من الأعداء ولن اتذكرهم جميعا دون شك وحتى لو فعلت لن أقول ، لا تضع نفسك بموضع خطر مجدداً "

يقطب ليو حاجبيه :" سمعت اسمه بمكان ما ! و لا افعل بل فقط كانت صدفة و كلمة مشتبه به تعني انه بالفعل ليس جيدا !"

عض على شفتيه بتفكير ايعني هذا ان ذاك الشخص تعمد فعلها ؟ و ان كان على عداوة مع والد ال فهل هو قصد شقيقه ؟

ابتسم ببساطة ليردف :" حسنا لكن اعطيتك تواً اسم شخص لتبحث من عنده قبل ان تصاب بأذى ، لا اظن ال سيسعد حقا بامر كهذا

يتنهد وينطق بجد" ليو، أكرر لك كلامي ،لا تحاول التحقيق بالأمر ستتورط بأمور لا معنى لها ! ولا تتواجد حيث يتواجد ذكر اسم أشخاص مشبوهين، ولم أقل أنه مشتبه به بل قصدت أن كنت تشتبه به فهذا يعني أنك سمعته بمكان يتوافر فيه أسماء مجرمين "

عبس من فوره و هو يتحدث :" مذهل يمكنني الوثوق انك ستنسجم مع ذلك المتنمر سريعاً ! كلاكما تحبان اعطاء الاوامر على ما يبدوا !"

ابتسم بخفة مؤكداً كلامه " اترك الأمر لي من الآن وصاعداً واضح ؟

رفع يديه باستسلام : لدي مشاكل بحياتي اكثر من كافية لست بحاجة للمزيد خاصة فأنا ارغب بالهرب ببساطة ، بأي حال اكان هناك شيء قد يدل على الفاعل بتلك الرسالة ؟ او يذكر اخي بشكل خاص فهو من عليك القلق بشأن تدخله من عدمه !

اردف بنوع من الهمس :" سيقضي علي حرفيا لو علم بمحادثتي هذه اساسا"

اجاب جين بثقة "سأترك لك الأمر أن شعرت بأنه يتصرف بطريقة مريبة أخبرني لاتصرف وساتولى الباقي

مد ورقة لجين قائلاً" ايمكنك ترك رقمك لي هنا ؟ لنبقى على تواصل؟

أومأ من فوره وبدا بتسجيل الرقم ليسلمه لليو ثم وقف استعداداً للمغادرة ليقول ليو بتردد :" و فقط اخيرا تعلم ان ال بكلية القانون ، اظن لا مانع من اخبارك بهذا"

حدق بتفاجأ شديد ثم ابتسم بعدها ومد يده لليو " اشكرك على إخباري ، بغض النظر عن أسبابه هذا يعني لي الكثير"

مد يده له ليصافحه :" لا داعي لذلك "

وبينما ينوي الرحيل صوت الباب وهو يفتح جعل ليو يشهق من فوره وهو يحدق بجين والذي فهم الأمر من فوره فهمس ليو بسرعة وهو يشير له لباب غرفته بتوتر "اذهب لتلك الغرفة من المبكر أن يراك ! "

أومأ جين وتوجه نحو الغرفة ليقف خلف الباب بسرعة وهو يفكر هل هذا ما شعر به الفين حين عرف عن وجودهم ؟ هل توتر هكذا أم تألم ؟ هل شعر برغبة بالحديث معهم ؟ أم اللوم وأخباره كم أنه خاب أمله به هو كان ما يريد قوله ؟ كل هذه التساؤلات وهو لم يسمع صوت الفين بعد أما ليو فقد كان يحاول إخفاء توتره وقلبه ينبض بقوة شديدة بينما يحاول التصرف بطريقة طبيعية وان كان سلوكه أبعد ما يكون عن الطبيعي !

اقبل الفين وفور دخوله نطق ليو بارتباك
" أهلا أخي ، لم أتوقع مجيئك الآن !"

الفين حدق به بصمت وتركيز لوقت طويل جعل ليو يهمس بعبوس
"ما بال الجميع اليوم يحدق بي بهذه الطريقة المخيفة ! "

قطب الفين حاجبيه وهو يجيب بإستنكار
"ما بال الجميع ؟ من تقصد بالجميع ؟ هل ازعجك أحد ؟! "

وهنا جين والذي كان يستمع ركز كل حواسه بما سمعه، صوت صغيره قد تغير لم يعد ذاك الطفل ذو الصوت الخافت والذي لا يجرأ على قول أي شيء دون ظهور حمرة الخجل على خديه الصغيرين ، أشعره ذلك ببعض الغربة وذكره أن صغيره لم يعد كما كان هو الآن شاب بالفعل ولا يمكن للأيام السابقة أن تعود ، كانت اول مرة يسمع بها صوت ابنه بعد 8 سنوات !

تمنى لو يخرج ويتحدث إليه بتلك اللحظة ويساله عن كل ما يشغل عقله أو يخوض معه حديث فقط و يستنتج هو الباقي لكنه كبح نفسه ضاغطاً على يده بقوة ، اغمض عينيه وأخذ نفساً عميقاً بينما يستمع لكلام ال ، ربما لا يمكنه الحديث معه لكنه يمكنه معرفة الكثير من سماع كلامه لذا كان هذا بداية كافية وهو ممتن عليها !

اما ليو فقد حدق به لثوان بحاجب مرفوع قبل أن يضحك بخفة :" مذهل بحق ! أخي هل أتيت للتحقيق ؟"

اجاب بينما سكنت ملامحه مجدداً وان كان بعض البرود ظهر فيها "تحقيق ؟ وهل حصل شيء لا أعلم بشانه مثلاً ؟ أكرر سؤالي ليو هل هناك شخص يزعجك ؟"

عبس سريعاً و هو يتقدم ليقترب منه بينما يكتف يديه استعداداً للتذمر :" مريع أي مزاج فظيع هو هذا الذي تعود به إلي سيد متنمر ؟! لا شأن لي أن التحريات الخاصة بك فشلت ! "

حدق الفين به لثواني بصمت تام وهو يثبت بصره عليه جعلت ليو يتوتر أكثر وبالكاد حافظ على هدوءه قبل أن يتنهد ال ويبتسم بهدوء " ليس وكأني اتوقع منك أن تجيب بأي حال ،سيكون هذا غريباً لو فعلت !"

رفع أحد حاجبيه يستنكر كلام رفيقه :" مهلاً ماذا تعني ؟ و ماذا فعلت بمنزل عمك ؟ "

أجاب الفين وهو يحدق بليو " من اخبرك اني كنت بمنزله !؟ وهل يمكن أن أعرف منه شيء لم تخبرني به ؟!"

رفع احد حاجبيه وقال بعبوس :" انت من قال انك ستذهب لمنزله صباحاً يا سيد متنمر ! ، اذا ليس و كأن انجيلا تعرف مع من تشاجرت و سبب تلك الكدمات و انا اخبرتك بالفعل انني لم ارهم من قبل "

اجاب بذات النبرة الهادئة التي شابهت نبرة والده والتي تخفي خلفها الكثير " أهذا كل ما يجب أن أعرفه ؟ أليس هناك شيء آخر حصل قبل الشجار ؟ ولا تقل لي انك بخير فالجلوس بصغيرتك وسماع موسيقى صاخبة وانت شاحب لا أظنه المعنى الجديد لكلمة أنا بخير"

رد بضيق :" بل أخبرتك أنني سأخبرك لاحقا ! ما المشكلة مع أن تنتظر قليلا ؟ ليس و كأن ما أغضبني وقتها امر يمكن حله

ثبت بصره على ليو بقلق واضح ثم تنهد " المشكلة أن حالتك تزداد سوءاً لهذا لا يمكنني الانتظار ! تشاجرت مع والدك وأعلنت انك ستتخلى عن اسم سوين ! ومرضت حتى!وأن ترفض إخباري يعني أنه أمر سيغضبني ! صحيح ؟

اجاب بنوع من التعب مخفياً المه :" لكنني بخير الآن ، حسنا تقريبا كذلك لكن لن تصبح حالتي أسوء فأنا لست كالأمس ، لا يحق لومي بعد ما احضار... "

يقطع جملته و هو يذكر تواجد والد الفين ليعبس و يتنفس بعمق :" فقط دعنا نغلق النقاش قلت سأخبرك لاحقاً ثم أساساً الأمر سينكشف وحده خلال فترة ! "

تنهد الفين " حسنا أيها الطفل لا فائدة من النقاش معك وللحق توقعت شيء كهذا اساساً لا أعلم لما ناقشته معك !أنسى الأمر ! كما قلت سينكشف عاجلا أو آجلا ! والآن لما لم تغير ثيابك للعمل ؟!

عبس بطفولية :" من الطفل ؟ لست كذلك سيد متنمر ! عمل ؟ هل علينا الذهاب حقاً ؟ أطالب بإجازة او حتى باعدام من اخترع هذه الكلمة " ينطقها بينما يلقي بجسده على الاريكة

حدق بإستنكار " إجازة ؟ لما ؟ أما تزال مريضاً؟"

وضع يده على جبهته ليتاكد من حرارته ليجيبه ليو سريعا :" و هل الاجازة فقط للمرضى أخي ؟ صغيرتي المسكينة لم اعتذر منها جيدا بعد ! علي أخذها لمحطة الغسيل و تعبئة الوقود لها و تبديل الأطر و الزيت و ربما اشتري هاتفا جديدا مع رقم"

كتف يديه لصدره ونطق بتهكم " يالها من أعمال مهمة ! تستدعي ترك العمل بحق ! "

تقدم منه ليجر أذنه " يمكنك تأجيلها، العمل أولاً !"

نهض سريعاً و هو يحاول تحرير نفسه :" حسنا هذا مؤلم فظيع ! سأذهب أولا للاستحمام انت انتظر"

قطب حاجبيه قائلاً بتسائل " وماذا فعلت بغيابي؟ لا تقل لي انك جلست تحدق بالحائط"

اشار للأوراق بعبوس :" حاولت ايجاد موضوع جيد للبحث و تعلم انتهى الامر بي بكتابة اسمي فقط ! "

يعبس اكثر و هو يذكر ان اسمه هو ما كشفه

فأجاب الفين بعد ان تنهد " مذهل أخي ياله من إنجاز !"

اجاب ليو بإستنكار "مريع ! اخبرتك عما قاله المتنمر بالامس ! علي ايجاد موضوع يليق بتوقعه لذا كنت أفكر "

أجابه بينما يحدق بحيرة " ومنذ متى انت تهتم بما يقال لك ؟!الفصل الماضي بقيت أتوسل بك حتى تدرس والآن تحاول اقناعي انك تدرس لاجل توقعات معلم ما ؟

كتف يديه و هو يجيبه بذات نبرته :" و لأنك يا سيد متنمر فعلت و أجبرتني ان اكون الأول فهناك مسؤوليات مريعة ! كان عليك تركي و شأني "

تنهد الفين وهو يحدق به ليجيب بإستنكار بعد أن نظر لساعة يده " اتعلم محاولاتي لجعلك تختصر الأمر لكي لا نتأخر انتهى بها تاخرنا أكثر ! لذا أنهض وحسب سيد متذمر سانتظرك بالخارج ! تأخر قليلا وستجد صغيرتك قد خطفت !

شهق سريعا و هو ينهض :" فظيع يا متنمر ! صغيرتي لا شأن لها ، مهووس بالعمل و الدراسة "

تمتم باخر جملته بنوع من العبوس و هو يتجه لغرفته بسرعة

اما الفين فقد ابتسم بخفة لكن وفور التفات ليو حدق باثره بقلق وهو يتذكر ما سمعه من انجيلا ،شخص يزعج رفيقه وهو لا يعلم عن الامر حتى هذا جعل ملامحه تبرد وهو يتوعد من يزعجه بأن يتمنى الموت ولا يجده خصوصاً أن كانت شكوكه صحيحة !

التفت يذهب للسيارة ليجلس فيها ويهدا نفسه لبعض الوقت أما ليو فقد اتجه لغرفته وفور دخوله تقدم من جين ليعطيه المفتاح هامساً"يمكنك استعماله للمغادر فور رحيلنا ثم ضعه اسفل الباب ساخذه انا !"

أخذه جين منه واومأ بهدوء فالتفت ليو ليغادر إلا أن يد جين امتدت لتمسك بيده فالتفت ليو بحيرة يحدق به ليسمع صوت جين ينساب إليه بتحذير
"أي كان ما تخفيه يمكنني معرفة أنه يعلم بشانه وهو يحذرك من الكذب أو يلمح لك أنه يعلم ! يمكنني معرفة هذا من كلامه !"

وهنا شهق ليو واتسعت عيناه بنوع من الصدمة قبل أن يُبعثر شعره و ينطق بتذمر :" و الآن ابنة شقيقك تنضم لقائمة المتنمرين ! "

حدق بليو بحيرة وهو ينطق " انجيلا ؟ هل هي تعلم شيء لا يعمله هو رغم أنه الأقرب لك ؟

عبس وهو يجيب مدافعاً :" فقط مثير مشاكل أرغب بأن يبقى ابنك بعيد عنه و هو بذات كليتي و التي صادف من حظي المذهل أنها معنا ! لذا ترى كل شيء"

تنهد ثم ابتسم بهدوء "واضح ان لديك الكثير للاعتناء به ، أن شعرت أنه ينوي القيام بشيء قد يتسبب بتوريطه بمشكلة أخبرني لاتصرف ولو من بعيد !

ابتسم هو الآخر بهدوء :" هذا معنى أن تمتلك أسرة من الأوغاد !ولا تقلق لن يفعل أو على الأقل سأمنعه من ذلك ، ان فشلت أنا سيكون هناك حديث آخر "

صوت ال ارتفع وهو ينادي ليو ليسرع جعل جين وليو يحل بينهما الصمت بينما ليو لوح لجين بينما يهمس " سأذهب الآن إلى اللقاء !"

وبالنهاية لم يستحم ليو حتى بل بالكاد بالكاد بدل ثيابه لئلا يصعد ال اليه ويفسد بذلك كل ما فعله ليو لإخفاء جين !

أما جين ففور خروجهما خرج من تلك الغرفة وهو يحدق بالمكان من حوله بهدوء يراقب المكان الذي يعيش فيه ابنه فشعر ببعض الراحة وهو يرى المكان جيد فتنهد وابتسم بطمانينة مفكراً أن ابنه على ما يبدو عاش بطريقة جيدة رغم كل شيء ولو نسبياً

كما أن وجود ليو أشعره براحة أكبر فتحرك مغادراً تاركاً المفتاح حيث اتفقا بينما توجه لسيارته التي كانت بالخارج وفور صعوده بها تحرك مبتعداً ليضمن أنه بعيد عن المنزل ، طوال الطريق كانت ملامحه تتبدل من حين لآخر ذلك اللقاء أدخل على قلبه طمأنينة على أن ابنه بحال جيدة وأكمل دراسته وهذا يعتبر جيد نسبيا صحيح؟

أما المشاعر الأخرى فهي شعوره بالحزن انه لم يكن هناك ليرى صغيره يكبر أمامه ، يشاركه كل لحظاته وينصحه ويوجهه كما تمنى لكن تجري الرياح بما بما لا تشتهي السفن ! كل امنياته حالياً هي إمكانية رؤية ابنه ثم ربما يمكنهما التقارب والتعويض؟ رغم أن شيء بداخله يخبره أن صغيره لم يعد بحاجته كالسابق لكن أمل صغير بداخله ما زال يشتعل وبالنهاية تظل سلامة وسعادة الفين ولو وهو بعيد عنه كافية لتطفا جزء من خوفه الذي ظل يعيشه لوقت طويل
•••••
خرج جين ليتجه لسيارته ، جلس فيها وحرك سيارته
مبتعداً عن المكان ليضمن عدم وجود احتمالية لأن يراه ،لم يصدق أنه اخيراً وجد الخيط الذي قد يصله بأبنه بل لم يتوقع أنه قد يتحدث عن الفين بكل هذه الاريحية مع شخص ما !

ابتسم براحة وهو يتذكر كل شيء ، مكان سكنه رفيقه الذي بقي معه ، صوته وكلماته لم يكن شخصية مهزوزة بل شعر بقوة تنبعث منه تجعله فخور لسبب ما !

ابنه كبر ليكون شاباً يمكن الاعتماد عليه بل وسلك درب المحاماة ، حدق بسقف السيارة ويداه على المقود ، لكن كان هناك شعور مؤلم بقلبه يضيق عليه الخناق فهو مثله مثل أي أب أراد أن يكبر ابنه أمام عينيه ، أن يأخذه لمدرسته أن يفرح بتخرجه ويحظر للمدرسة بالمناسبات، يأخذه لعمله ويرشده في الحياة ويلعب معه من حين لآخر !

تسائل بداخله أين أخطأ ؟ كيف سلب صغيره منه فجأءة ؟ أي ذنب ارتكب ليحدث ؟ هو لم يطرده هذا ما هو متأكد منه ! يعلم أن صغيره مسؤليته وهو رغب بتحمل مسؤليته مهما كانت التبعات فلما يظن أنه طرده ؟

شيء من الحدة ظهر على ملامحه وهو يفكر بأن أن كانت لأسرته يد فهو حقاً لن يدع الأمر يمر ! ولن يغفر لمن تسبب بإبعاد صغيره عنه اول مرة !

أما مسألة تقبل الفين له فقد شعر أنه لا مكان له لكنه لم يرد الاستسلام ، رغم الصوت الذي بداخله والذي يخبره ومنذ مغادرته " ابنك لم يعد طفلا لديه حياته ولا مكان لك بها !"
لم يرد الاستماع خصوصاً وانه سمح لشقيقته بالتواجد اذا ربما يسمح له أيضاً؟ وان كان قد عقد العزم بداخله أن كان وجوده يؤذي الفين سينسحب بهدوء ويكتفي بأنه بخير وسعيد كما عاش حياته الماصية محروم منه

•••••

لم يكن يمكن لليو ترك يوم آخر من الجامعة فما كان منه سوى الرضوخ لالحاح الفين والذهاب للمحاضرات خصوصاً وانه شعر ببعض التحسن النسبي أو أن أفكاره ربما ازدحمت أكثر فما عاد يمكنه الغرق باليأس أكثر رغم أن أكثر ما يشغله هو ماذا سيفعل أن كان الفين سيحقق بشأن سيتو ؟

كانت رغبته بأن يكون هو من سيخبره قوية جداً لكنه يخشى ردة فعل رفيقه لذا فإن التأجيل هو كل ما استطاع فعله وظل الخوف من ردة فعل الفين وإلى أين سيوصله التحقيق ترعبه

وبينما هو جالس يغرق بهذه الأفكار قاطع أفكاره سماع صوت ضجيج بالقاعة كان كافياً ليلفت انتباه الكل دون استثناء ، رفع ليو رأسه بعد أن كان قد اسنده للطاولة أمامه ليكون أول ما وقع بصره عليه هو سيتو وهو محاط بالعديد من الطلاب وعلامات البهجة على وجوههم بينما هو يوزع عليهم بطاقات يجهل ما هي لكن لم يكن صعب أن يحزر خصوصاً وأن الأصوات وصلت اليه والتهاني تنهال على سيتو من الجميع وهو يبادلهم بابتسامة واسعة بينما يعطيهم البطاقات

أشعر ذلك ليو بالضيق الشديد فقطب حاجبيه واعاد رأسه للطاولة متجاهلاً ذلك الضجيج إلا أنه رفع رأسه لعد ثواني حين سمع فوق رأسه أكثر صوت يكرهه ومن غيره سيتو قد يحظى بهذه المنزلة ؟

ملامح ليو الباردة استقبلت سيتو الذي كان يبتسم بمرح مصطنع وهو ينطق بود ظاهري
"هذه بطاقة الدعوة للحفل ليو ، لاتقلق انت مدعو بالطبع ! إنجاز كهذا مجرد مقدمة لاسعاد عمي وعمتي، لذا يجب حظور ابنهما المثير للمتاعب بهذه المناسبة !"

ثم دنى منه مستنداً بيده بالطاولة بينما همس بأذنه :" يمكنني اعطائك بعض النصائح الجيدة لرد دينك عندما كانا طفلين!"

استقام بوقفته وحدق بليو بشيء من الكراهيه ليبتسم بخبث بالنهاية ويغادر المكان متجهاً لرفاقه بعد أن وضع البطاقة وابتعد ، يد ليو قبضت على الدعوة وهو يحدق بها بشيء من الألم ، أمسك بها بيده بقوة واخفض رأسه ليقوم بالضغط عليها بيده بقوة ونهض أخذاً كتبه بعصبية ورمى الدعوة للقمامة بيده الأخرى متوجهاً للخارك متجاهلاً المحاضرة كلياً

خطواته المسرعة كانت تعبر عن جزء من استياءه ورغبته بالهرب أو الاختفاء من حياة والديه ، ملامحه كانت ترسم ملامح ألم مطلق وبالكاد منع نفسه من ترك دموعه تتحرر ، وصل إلى صغيرته بعد وقت قصير ليجلس فيها ويلقي بجسده على المقعد ليغمض عينيه من فوره ويضع يده فوقها

فجأءة خطرت على باله كلمات سيتو الأخير لترسم ابتسامة ساخرة متألمة على شفتيه وهو يتذكر الأيام الماضية والتي ولت بلا عودة همس وهو يحافظ على تلك الابتسامة
" هل كانت تلك النصائح مؤذية لمشاعره كما هي لي الآن ؟"

لم يكن ليحصل على جواب فالوضع الآن يختلف كلياً عن الماضي وأي كانت نواياه فيبدو أنها وصلت للآخر بشكل مشوه جعلها تنمو كنبات سام وما زاد ألم ليو أكثر هو فكرة أن سيتو على ما يبدو حقا قادر على إسعاد والديه وبوقت قصير بينما هو كل ما يفعله هو التسبب بالمتاعب لهما ؟هذا جعل فكرة التبني اشد الماً عليه وهو يرى نفسه أسوء شيء حصل لهما بالعالم !

يتبع
ارجو ان يعجبكم😍😍😍😍
الفصل مشترك ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top