بارت 19
انطلق يركض بالإرجاء دون وجهه محددة كل ما كان يهمه هو أن شقيقه ليس بخير منذ ثلاث أيام ، ملامحه مضطربة بشدة وبعض الدموع هربت بالفعل وهو يلعن نفسه على عدم حمل هاتفه معه وعلى تركه وحده !
همس بداخله بألم شديد وهو يوشك على الانفجار بالبكاء كلياً
" اذا أصابه أي مكروه لن اغفر لنفسي ما حييت ! أرجوك هاري أرجوك كن بخير واعدك سأجعل من فكر بأذيتك يرى أسوء كوابيسه ! "
بقي يركض ويبحث بكل حديقة تمر أمامه متجاهلاً لهاثه وانفاسه التي كانت شديدة السرعة ، لم يسمح لنفسه بأخذ راحة رغم أنه يشعر بأن جسده قد ينهار من شدة ارهاقه لكن لم يكن ليرتاح بل ما كان ليسمح جسده ذاته بالراحة سيظل يتعذب مراراً وهو يعذب نفسه متسائلاً هل قد أسمح لنفسي بالراحة حقاً ومصير أخي مجهول ؟! محال ! الموت أهون علي !
ظل يبحث بأستماتة وهو يجذب الأنظار من حوله كل من يرى ملامحه و خطواته التي تضرب الأرض بسرعة ، تلفته بكل اتجاه وملامحه المرعوبة واضح أنه فقد شيئاً عزيزاً عليه لكن لم يستطع أحد التدخل فهو ماكان يقف بمكان واحد حقاً بل ما إن يصل لمكان لا يجد به ضالته سرعان ما ينطلق من فوره للمكان التالي
اختفت الشمس تماماً ليحل محلها ذلك القرص الأبيض مانحاً القليل من الضوء وحسب بالكاد ينير الطريق وهو ما زال يركض بالإرجاء يبحث عنه ، لم يترك مستشفى قريبة منه إلا وسأل ولا نتيجة
خطواته بدأت تتباطئ بمرور الوقت حتى مرت 8 ساعات من البحث المتواصل اختتمها بمحاولة للركض انتهت بتعثره بقوة ليقع جسده ارضاً من فوره ولولا حظه بأن يكون ما وقع عليه عشباً ندياً لكان انتهى به الامر بالحصول على بعض الكسور الخطيرة من قوة اصطدامه
لم يلتفت لألمه بل كور يديه بقوة محاولاً الاستناد بذراعه بقوة لكي ينهض فأرتجف جسده أرهاقاً ووقع مجدداً ، اغمض عينيه بألم لتبدأ دموعه بالنزول بغزارة ، تمسك بالعشب يقتلعه بقوة وهو يحاول كتم شهقاته بألم وهو يهمس
" آسف أخي ! آسف ! أرجوك فقط أخبرني أين أنت ؟ إلهي أرجوك دلني عليه ! احمه لي ! لن احتمل فقدانه أرجوك !"
لم يكن يدرك أن الوقت بلغ بالفعل الواحدة بعد منتصف الليل ولا أحد حوله بالمكان ولم يهتم بأي من هذا حقاً كل ما كان يكترث له هو أنه فشل بإيجاده بجدارة وجسده وصل حده فما عاد يمكنه التحرك اطلاقاً
~~~~~~
حل الصباح دون أن تظهر علامته المميزة ذلك القرص الذهبي فقد كانت مشغولة بالتواري خلف الغيوم العملاقة والتي كانت تزين السماء الزرقاء حتى ليظن المرء اول رؤيتها أن العصر قد حل بالفعل رغم انه ما يزال ساعات النهار الأولى ، التيارات الباردة التي كانت تهب بقوة تسبب ارتجاف كل من يمر بالشارع وتجعله ينكمش على نفسه محاولاً منع ذرات الهواء البارد من التسلل لاجسادهم
وصل صاحب العيون العسلية للمنزل وهو يرتدي معطفاً طويلا يصل لركبته بينما يفتح باب المنزل ، فور ان صدر صوت إزالة القفل انزل يديه وحدق بشيء جانبه يستقر قرب قدمه ، أخذ شهيقاً عميقاً تبعه زفير أعمق ودنى ارضاً حاملاً ذلك الشيء وفتح الباب بتردد لكنه توجه نحو الداخل بأي حال متجاهلاً كل ما قد يجعله يتردد
سمع صوت اطباق من المطبخ فتوقف بالممر يحدق من بعيد ، توجه نحو الطاولة ووضع ما بيده هناك وتحرك نحو المطبخ من فوره ليمد رأسه ليجد ليو يتناول الطعام فأبتسم بخفة وهو ينطق بسخرية
" حقاً صغيرتك تصنع المعجزات ، أن تتناول الطعام لاجلها هي محظوظة "
رفع المعنى رأسه بعد أن كان يحدق بصحنه مستقبلاً رفيقه بأبتسامة تبعها عبوس طفيف ظهر على ملامحه
" لم يكن لصغيرتي وحسب يا متنمر لا تنكر تنمرك علي واجباري على الطعام ، كم هذا مريع ! ثم أين صباح الخير ؟!"
ابتسم الفين بخفة ودخل للمطبخ ليقف أمام الطاولة بعد أن انتبه ان ليو أنهى طبقه ،شرد بافكاره بتردد جعل ليو ينتبه له متسائلاً بقلق
" ماذا هناك أخي ؟! "
رفع آلفين رأسه محدقاً بليو بصمت بينما عيناه تركزان على من أمامه ، تحدث بعد عدة ثوان وهو يرى ليو يترقب جوابه بحيرة
" ليو اتبعني قليلا "
اردف بتردد وحاجباه عقدا بضيق
" هناك شيء يجب أن تراه أظن !"
شعر ليو بأستغراب شديد فنبرة ال لم تكن تدل على مشكلة ما لكن ما سبب ملامحه اذا ؟ ظلت الحيرة ترافقه بينما يتبع ال الذي تحرك للممر كطفل يتبع غريباً لاجل حلواه التي وعد بها حتى توقف الفين فجأءة أمام ما سبق ووضعه على الطاولة ، تقدم ليو بأستغراب مقبلاً بحذر حتى شهق بصدمة وتقدم مسرعاً نحو ذلك الببغاء الملون الذي يتوسط القفص بينما افسح ال له المجال لكي يتعرف على صديقه الجديد وهمس
" هو هدية ...لك "
ليو كان متفاجئاً بشدة من رؤيته وبينما يحاول التحدث نطق الببغاء مقلداً من اشتراه
" تناول طعامك ، وادرس جيداً "
ليو شهق بفزع أولا ثم نطق " متنمر ! أنت متنمر اقسم ! "
الببغاء وبصورة تلقائية نطق الكلمة الثانية التي تعلمها والتي لم تكن سوى :" طفل ! طفل "
حدق ليو بال بعبوس شديد ولوم وهو يتذمر محدقاً بال و هو ينطق بتحد :' انتظر شهر واحد و سيطالبك بالبيتزا معي يا متنمر !"
ال ضحك بخفة عليه ثم تحرك مغادراً ليترك ليو يتعرف برفيقه وقبل أن يختفي من أمام ليو احتضنه بقوة شديدة فجأة قبل ان ينطق :" شكرا لك اخي ... "
وابتسامة ممتنة على شفتيه ، آلفين ابتسم بخفة هامساً
" لا داعي هو فقط سيساعدني برعاية طفل ما كما ترى !"
تابع طريقه متجاهلاً تذمر ليو و بعد رحيل ال أخفى العبوس وضحك هو الاخر بينما يتوجه نحو الببغاء مقترباً منه بسعادة ليكون أول ما يقوله بمحاولة تعليمه
" قل ال متنمر !"
والببغاء حدق به وحسب بينما يحرك رأسه للجانب !
الفين بالغرفة الأخرى كان يحدق بليو ليطمأن أنه لم يخطأ باحظاره، فكرة احظار ما سبق وامتلكه قبلاً ومن والديه لم يكن متاكداً من صحة فعل هذا !
ليس وكأنه كان يحاول أخذ مكان والديه بشيء لكن ليو قال إن لا أحد سيهيده له لذا ان اهداه هو له الن يكون لا بأس بهذا ؟!
رؤية سعادة ليو ابعدت عنه شعور الذنب والتردد الذي كان يشعر به وابتسم براحة متوجهاً نحو غرفته يأخذ بعض الأغراض كما قرر ثم خرج ليجد ليو ما يزال يحاول الحديث مع الببغاء فأمسك به من ساعده بخفة ينطق بملل
" يمكنك تعليمه لاحقاً عبارات التذمر خاصتك حالياً دعنا نذهب للجامعة !"
عبس ليو وهو يجيب بينما يتحرك
" فظيع ! من يترك صديقه الجديد ويذهب للجامعة !"
عبس الفين وهو يحدق به بضيق
" أبقى مع صديقك الجديد اذاً أيها الأحمق سأذهب وحدي !"
ضحك ليو بخفة ليقفز على ظهر الفين بمرح
"لا صديق لي غيرك أيها المتنمر فقط هدية صديقي هو صديقي أيضا !"
ابتسم الفين بينما يبعده بخفة
" أعلم أيها الطفل الأحمق لنذهب وحسب هو لن يطير !"
خرج ليو من فوره بينما يتبادل الحديث مع ال حتى دب الحماس به فجأءة وهو ينطق بسعادة بالغة بينما يخرج مفاتيح السيارة التي تحمل تلك الميدالية
" اخيراً استعدت صغيرتي اللطيفة ولن يبعدني عنها ال المتنمر ! لا أصدق أنني ساقودها مجدداً ! أراهن أن صغيرتي اشتاقت لي ايضاً !"
تحدث الفين بغير اهتمام محركاً يديه بدلالة على عدم اكتراثه
"والدها كان متنمراً كفاية ليهمل صحته فيضطر لتركها ليس ذنب أحد !"
عبس ليو بينما ابتسم ال بعبث وتوجه نحوها سابقاً ليو الذي أسرع بخطواته هو الآخر متوجهاً لقيادتها
~~~~
ذلك الصباح الكئيب ذاته كان ما يعيشه ذو الشعر الثلجي والعيون التي شابهت السماء الكئيبة بزرقتها ، خطواته بلغت من البطئ والتثاقل حداً جعله يبدو كعجوز يوشك على الموت ، ملامحه ذابلة كزهرة لم تسقى منذ أيام وهو ناكس رأسه للأرض كأنه مجرم خجل من جريمته !
لم تكن جريمته سوى أنه لم يجد صغيره الذي وعد بحمايته ! بدا كجثة سائرة حقاً وهو بحالته تلك ، وعيونه يائسة فجأءة وبينما هو بمكان منعزل عن أنظار السكان بمنطقة فرعية سمع صوتاً ساخراً خلفه لم يستطع تميزه كل ما ميزه هو أنه سمع أسم تؤامه يذكر مع نبرة ساخرة من ذلك الشاب ورفيقه
" هاري ؟ أهذا انت ؟! لاتقل لي انك تبحث عني لتستعد ذلك المال لاجل المدعو هنري ! هل ترغب أن تضرب أكثر ؟! ساكون سعيداً بفعل ذلك "
التفت هنري ببطئ شديد وهو لم يرفع رأسه بعد بل ترك تلك الخصل الثلجية منسدلة بينما يهمس بصوت مسموع
" أعد ما قلته !"
حدق اوين بحاجب مرفوع وهو يجيب بتهكم
" هل أصبت بالصمم بسبب الضرب ؟بأي حال لم أتوقع رؤيتك مجدداً ظننتك ستعود للمنزل للاختباء بوالديك أيها المدلل ! "
هنري رفع راسه محدقاً به بنظرة جعلته يجفل مكانه ، رعب حقيقي هو ما كان يشعر به لكنه أنكر ذلك ليجيب بغضب مكتوم
" ما بال هذه النظرة على وجهك؟! هل زالت ابتسامتك اللعينة أخيراً؟! ظننت انك لن تعود إلى هنا أو إلى الحديقة العامة مجدداً ابداً "
وقبل أن ينطق بكلمة أخرى تحرك هنري ليوجه ركلة قوية جداً لبطنه جعلته يقع ارضاً بألم شديد واضعاً كلتا يديه عليها بينما يحدق بصدمة شديدة وغضب تفجر بعينيه
رفيقه أخرج سكينه بحقد لينطلق قاصداً ضرب هنري بينما يهتف بأزدراء
" يبدو أن ضربة واحدة بالسكين لم تكن كافية لكي تتعلم الدرس أيها المدلل !"
كلمات كهذه كانت آخر ما قد يحتاجه هنري حقاً ، قلقه على تؤامه زاد وغضبه تأجج بأوجه حتى ما عاد مهتماً بكبح نفسه بأي شكل من الأشكال ، وقبل وصول النصل إليه أمسك بيد الشاب بقوة والذي ظهر الرعب على ملامحه بينما يحاول التحرر والتراجع للخلف لكن هنري ما كان ليترك له مجال حقاً فقد ازداد تشبثه بها بينما يحدق به بحقد ونظرات باردة انتهت به يقوم بجر ألفتى إليه وجعل يده خلف ظهره ضاغطاً عليها بقوة شديدة بينما الأخير يصرخ بنبرة مرتجفة
" ا...ابتعد !"
لم يكن هنري ليسمع حقاً بل قرب رأسه من إذن من أمامه ليهمس بصوت بارد وهو يزداد ضغطاً على يده
"قلت أن سكين واحدة لم تنفع ؟ ساحرص على أن تحرم مسك السكين مجدداً أيها القذر !"
اتسعت عينا المعني الماً وصرخ بألم شديد بعد أن سحب هنري يده بقوة تسببت بخلع يده من المفصل وقبل أن يجد وقت للنحيب بشأنها تبعها بضربة على رقبته بيده جعلت الأخير يفقد الوعي من فوره واقعاً ارضاً
حدق اوين بهنري بحقد شديد وهو غير مصدق أن هذا الشخص هو ذاته ذاك الذي لم يستطع الهرب منهم حتى ، ونظراته لم تكن هي ذاتها تلك النظرات الساذجة فهل موقف واحد كان كفيلاً بجعله حاقداً لهذه الدرجة ؟!
هنري التفت ببطئ يحدق بأوين وهو قد استنتج أنه المخطط لما جرى لتؤامه فتحرك نحوه بينما اوين نهض بصعوبة بسبب ألم معدته واضعاً يده على بطنه وهو يتسائل بسخرية
" هل موقف واحد أبعد ابتسامتك الغبية ؟! "
هنري اقترب منه بغتة ليوجه ضربة قوية على خده الأيمن جعلت وجه اوين يلتف للجهه الأخرى ، كور يديه محاولاً رد ضربة هنري لكن الأخير تفاداها بكل سهولة فهو من يتعامل مع عصابة ومجرمين هل قد يصعب عليه التعامل مع مجرم شوارع واحد لم يملك من الخبرة شيئاً بعد ؟!
أمسك بيده بقوة وهو يحدق به وهمس بغضب شديد حتى ما عاد يظهر منه من شدته سوى حقد هنري الموجه نحوه وهو قد قرر إخراج كل استيائه به فهو من عبث مع تؤامه ويستحق بكل جدارة
" هل قلت أن ابتسامة أخي غبية ؟! "
همس اوين بشيء من الخوف وهو يحاول سحب يده
" أخوك !؟أيعقل انك هنري ذاك الذي.... !"
وقبل أن يكمل ركله هنري على ركبته جعلته يشهق بألم ليجثو على الأرض بينما هنري يحدق به ببرود شديد وهو للان يعتبر نفسه أنه لم يبدأ بعد
حرك قدمه من فوره لتوجه ركلة أخرى لبطن الجاثي أمامه ليشهق وهو يشعر أن معدته تمزقت من قوة ضربته ، تبع ذلك ضربة وجهه لراسه جعلت اوين يقع ارضاً بينما الدماء يخرج من فمه وهو متكور على نفسه يحاول تخفيف الألم بأي وسيلة ، اقترب هنري منه ليضع قدمه فوق رأسه بقوة بينما اوين اغمض عينيه بألم غير قادر على الحديث بينما هنري همس مقترباً من رأسه
" ابتسامته التي تسميها انت غبية هي كنز شخص آخر ، لذا انت سرقت كنز شخص آخر لذا يمكنك توقع ما سيجري لك صحيح ؟! أم أنك مجرد تافه يستقوي على اشخاص يراهم أضعف منه ليثبت ذاته الفاشلة مثله ؟!باي حال الجواب لا يهمني فأنت أخذت مني شيئاً وستدفع ثمنه "
بنظرات أشد قسوة وبرود هو اردف بنبرة مخيفة
" غالياً !"
تراجع الفتى بخوف شديد زحفاً يتراجع للخلف وان كانت ملامحه لم تظهر ندماً
تقدم منه هنري وهو ينطق بسخرية مبطنة بغضبه
" أين ذهب لسانك الطويل ؟! ظننتك كنت تريد تلقيني درساً !"
دنى منه والتقط تلك السكين التي كانت قربه وامسك به من خصله البنية ليرفع رأسه بقسوة فاغمض اوين إحدى عينيه الماً بينما هنري يضع السكين قرب رقبته ويحدق به بتهديد
"اقسم لو لم أعد صغيري بعدم قتل أي أحد لجعلتك اول ضحاياي بكل سرور ولتمنيت الموت بنفسك بأي حال ! جرب فقط ...جرب مجددا ازعاجه أو حتى ذكر اسمه وصدقني لن أتردد باقتلاع رأسك من مكانه !"
وقبل أن يجيب اوين قام هنري بتوجيه ضربة أخيرة له ليفقد وعيه بها ، نهض هنري بعد أن افلته وهو يحدق بأزدراء غير راغب بتركه حقاً لكنه ووسط القتال تذكر ردة فعل تؤامه حين كاد يقتل احداً فما كان منه إلا أن كبح نفسه بصعوبة بالغة ولم يكن نتيجة كبح نفسه سوى أنه ازداد غضباً وغادر بصعوبة بعد ان استعاد محفظة هاري وهاتفه تاركاً الاثنين على الأرض منطلقاً للبحث عن تؤامه مجدداً فهو اخيراً وجد دليل أن تؤامه بالقرب من هنا لذا كل ما عليه هو التوجه للمشفى القريب صحيح ؟ أسرع راكضاً بأتجاهها بسرعة وهو يهمس لنفسه بحزن والم
"انتظرني يا اخي ساجدك مهما كلف الأمر !"
~~~~~~~~
خلال ذلك وبذات الصباح الكئيب كان الطرف الآخر أيضا بحال لا يحسد عليه ، لا يزال القلق والخوف بقلبه كيف لا وهذا الشخص هدده بصورة غير مباشرة ؟ لكنه وبالوقت ذاته يشعر ببعض الأمان لحظات أخرى وها هو ذا يتبعه لمنزله بعد أن سمح له الطبيب بالخروج لتحسن صحته ، توجها لسيارة مركونة على جانب الطريق ذات لون ابيض
ذاك الشاب ذو الشعر البني الذي يصل لرقبته وعينيه ذات لون البنفسج والذي رسم إبتسامة على شفتيه ملتفتاً لهاري الذي يسير مطأطأ رأسه قلقاً من كل ما يجري وامسك بيده فجأءة جعلت هاري يشهق ويحدق به بخوف ليخفف عنه مارسيلنو بهدوء
" لا تخف ، انظر سيارتي هناك إذهب للصعود !"
حدق بها هاري ثم أعاد بصره لمارسيل ليومأ بهدوء وتقدم بحذر ليصعد بالمقعد الأمامي ، تقدم مراسيل ليصعد اخذاً المقود وانطلق بالمدينة، عينا هاري تعلقتا بالشارع بالخارج والهواء العليل يضرب وجهه لكن ملامح الضيق هي كل ما يرتسم على ملامحه وهو يشعر أنه فقط يبتعد أكثر وأكثر عن حلمه وأنه فقط يقع بالمشاكل واحدة تلو الأخرى منذ هربه !
أمر آخر كان يرعب قلبه وهو هل تؤامه رأى الصور ؟! ماذا لو كان قلقاً عليه ؟! عليه ان يتصل به لكن كيف وهاتفه ليس معه ؟! وهو قطعاً لن يطلب هاتف غريب ما ليتصل بتؤامه اذا كيف ؟! كيف سيصل إليه ويخبره أنني بخير ؟!
لم يعلم جواب لاسئلته حتى سمع صوت مارسيل ينطق بود بينما يحدق بنظرة جانبية نحو هاري ثم أعاد بصره للشارع مجدداً
" أخبرني هل تشعر بالجوع ؟ ترغب بأن اخذك لمطعم ما ؟ أم تفضل الذهاب للمنزل فوراً؟"
أجاب هاري بدون حماس وصوت خافت
"المنزل !"
فوافق من فوره بغير اهتمام وعاد للتحديق بالخارج ، مارسيل والذي كان يحدق به خطر شيء على باله جعله يبتسم بخفة واعاد بصره للشارع مجدداً حتى شارفا على الوصول
~~~~~~~
غرفة واسعة يجلس فيها عدة أشخاص بحلقة دائرية حول طاولة تباين الجالسون هناك بالإجناس والأعمار وحتى القوميات ويتوسطهم رجل بعقده الرابع يبتسم لهم بحماس مشجعاً الجالسين
"مرحباً بكم جميعاً هنا ، دعوني أخبركم اولاً أنكم اتخذتم اول خطوة لحياة أفضل ، لا يوجد وسيلة أفضل لحياة أفضل من أن تبدأو بالثقة بأنفسكم وساحرص أن تخرجوا من هنا وانتم أشخاص جدد !"
ضمن الحظور كان ذلك الشاب ذو الشعر الأشقر يحدق بكل اهتمام بزرقاوتيه وهو عازم على الاستفادة من كل شيء بشكل تام ، هو وعد نفسه أنه سيصير قوياً بأسرع وقت لذا يتطلب ذلك منه جهد مضاعف ،لديه من يجب ان يحميه ولن يترك شخصيته عائقاً ولن يكون حبه لشقيقه مصدر ضعفه مجدداً
هذا ما كان يعد به نفسه وهو يقبض على يديه بقوة ويحدق بالرجل بكل جدية ،كان لديه أمل كبير بالتغير وأمل أكبر بأن يتجاوز ما كان يضعفه ويجره نحو الهاوية بدون تردد
رغم ما يشعر به من عدم الراحة بوجود الآخرين من حوله إلا أنه تجاهل ذلك تماماً وهو يضعه بعقله صورة ذلك الصغير وحسب دافعاً له يدفعه للصمود أمام كل شيء
~~~~~~~~~~
وصلت تلك السيارة أمام بناية مكونة عدة طوابق ،ترجل مارسيل من السيارة بعد أن أخبر هاري بلطف
" وصلنا ، هيا انزل لتذهب للجروين !"
نزل هاري بينما بصره يتجه نحو تلك البناية بتفاجأ من حجمها الضخم ، صحيح أنه يعيش بمنزل واسع لكنه لم يرى بنايات كهذه خصوصاً وهو ليس من النوع الذي قد يتجول ويلعب كمن هو بمثل عمره ،كل ما كان يراه هو العصابة وقلقه على تؤامه طوال الوقت
لاحظ مارسيل ملامحه فابتسم له بخفة بينما يقف قربه واضعاً يده على كتفه
" ستعيش هنا معي لبعض الوقت ، هيا للداخل !"
أومأ هاري ببطئ وانطلق معه متجهاً للداخل ، استقلا المصعد متجهين نحو الطابق السادس وهاري يراقب كل ما حوله بفضول انساه ولو لثواني قلقه
وصلا بعد بعض الوقت لشقة منفردة بالطابق توجه مارسيل نحوها مخرجاً مفتاحاً من جيبه ليفتحها ، تبعه هاري ببطئ حتى سمع صوت الجروين فجرى نحوهما سريعاً بعد أن ظهر بعض الابتهاج على وجهه وتوجه نحوهما يحضنهما بقوة شديدة بينما قفزا هما له أيضا
الابتسامة لم تفارق وجهه وهو ينطق بسعادة بالغة
" شكراً صغيراي على انقاذي !"
اقترب مارسيل بعد ان أغلق الباب ليدنو منهم باسماً وهو يشير على أحد الجروين بيده
" هذا الذي جاء يطلب مني انقاذك !"
التفت له هاري ليحدق به ثم سرعان ما ابتسم بينما يجيب بامتنان شديد وتأثر واضح
" كنت محقاً حين سميتك ، شكرا لك هنري !"
حدق به مارسيل لبرهه وقبل أن يسأل هذه المرة قرر اعطائه بعض الوقت حتى يتقبله قبل الغوص في أعماق عقله
~~~~~~~~~
عاد الفين لمنزل عمه ذلك اليوم حيث كان لديه عطلة من العمل ولأن ليو مشغول بعمله هو قرر العودة للمنزل وحسب بدل إضاعة الوقت وحده بملل ، توجه نحو غرفته وقبل أن يصلها خرجت تلك الفتاة من غرفة الجلوس بحماس شديد وهي تهتف بسعادة
"أخي !"
جفل الفين وهو يتسائل هل شقيقته الصغرى تحب افزاعه هكذا دوماً ؟!هي دوماً تظهر بطرق صادمة !
ابتسم لها بسكينة حين اقتربت هي منه ليضع يده على رأسها بخفة
" أهلاً ايزابيلا كيف حالك ؟"
أجابت بسعادة بالغة وهي تتعلق بيده كطفل صغير
" بخير ، قررت المجيء لرؤيتك لكن انجيلا قالت انك مشغول بالعمل !هل انتهيت ؟!"
أجاب من فوره
" لدي إجازة وليو لديه عمل فعدت للمنزل !"
عبست وهي تنفخ وجنتيها وتهمس بطفولية
" اذا كان يمكن أن لا استطيع رؤيتك لو لم يكن لديه عمل !"
تسائل بحيرة بينما يحدق بها
"قلتِ شيئاً؟! "
ابعدت العبوس وهي ترد بذات السعادة التي سبق وأظهرتها
" لا شيء الآن لنذهب أخي لقضاء بعض الوقت وحدنا ، أريد قضاء الوقت مع أخي دون إزعاج !"
عمهما خرج من غرفته ليحدق بهما بعطف شديد وسعادة وهو ممتن أن صغيره بدأ يتأقلم مع اخته فهذا يقربه أكثر للأسرة ومن يعلم ربما يتأقلم مع الجميع قريباً فتحدث مقاطعاً الاثنين
"لم استعد الفين بعد حتى تأتي صغيرتي اللطيفة لمحاولة أخذه هي الاخرى ، آلفين حقاً كم يصعب الحصول عليك !"
إيزابيلا ردت بشقاوة وهي تجيب بفخر
" أخي سيتخلى عن العالم كله لأجلي دون شك ، انا اخته اللطيفة بعد كل شيء لا بديل لي !"
وبطريقة ما هي عبست بأخر كلامها حين تذكرت ليو ،آلفين من ناحية أخرى ضحك بخفة ثم ابتسم بخفة رغم أن داخله كانت الأفكار مختلفة كلياً لكنه برع من حسن الحظ بإخفاء ما فكر به وايقن بداخله لو أن ليو كان هنا لادرك مشاعره من فوره ولوبخه دون شك
خرج من شروده على حركة ايزابيلا التي جرته للغرفة من فورها وقبل أن يصل للغرفة ظهرت انجيلا فجأءة من غرفتها هي الاخرى متسائلة بحيرة وحاجبين معقودين
" الفين هنا ؟!هل ايزابيلا جعلتك تترك العمل لاجلها ؟!"
حدقت بها ايزا بحاجب مرفوع وهي تسبق شقيقها بالرد
" ليس وكأن العمل أهم مني بأي حال !"
الفين أجاب بعدها بابتسامة هادئة
" لدي إجازة اليوم ولو ارادت ايزا أن تراني بأي حال كنت لاتركه لاجلها ايضاً !"
وبطريقة ما انتهى الامر بايزابيلا تخرج لسانها وتمنت لو كان ليو هنا لسماع ذلك أيضا بل ندمت أنها لم تسجل ما قاله حتى !
وبطريقة لا إرادية هي تحدثت بطفولية متسائلة بينما تحدق به بتركيز شديد
" لو كان ليو هو من طلبك هل كنت ستذهب له ايضاً؟!"
لم يخفى عليها تفاجأ شقيقها من السؤال وهو يحدق بها بغير فهم فما علاقة هذا بذاك ؟! لكن وقبل أن يستمر بتحديقه جرته هي من فورها قائلة بصوت مرتبك
"دعنا من المواضيع غير المهمة أخي لنذهب لدينا مواضيع أهم من الحديث عن اللصوص والعمل !"
وهو حقاً لم يفهم عن أي لصوص تتحدث حتى !لكنه لم يمانع عدم فتح الموضوع مجدداً حسب رغبتها بينما انجيلا والتي تعرف قريبتها حق المعرفة تنهدت هامسة لنفسها
" هذه الطفلة اختارت الشخص الخطأ للغيرة منه !"
وبعد ذهابهما للغرفة تجولت ايزا من فورها وهي تحدق حولها متسائلة بأنبهار بينما تتحرك في الغرفة
" أخي هل هذه الأشياء التي تفضلها؟!أم عمي من رتبها؟"
هو اجابها بينما يعيد المعطف لمكانه
" عمي فعل ولكنها تعجبني بأي حال !"
اردفت من فورها بتسائل
" وغرفتك بذلك المنزل ؟"
التفت اليها بينما يتجه للجلوس قربها
" فقط اخترت حسب الأكبر بسبب شيء حصل وقتها وهي كانت مرتبة لكن يمكن القول رتبت الباقي على ذوقي "
عبوس طفيف ظهر وهي تجيب بهدوء
" فهمت ،هل سيزعجك لو بقيت آتي لمنزلك هناك ؟!"
أجاب بعد أن حدق بها لثواني ليبتسم حين استشعر قلقها عليه
" لا مطلقاً ، يسعدني مجيئك لرؤيتي دون شك "
أشرق وجهها بابتسامة سعيدة وهي تجيب بحماس
"اذا ستجدني أمامك كل يوم !"
أظلم وجهها فجأءة وهي تردف
" لو سمح لي والدي بالخروج من السجن المسمى منزل طبعاً !"
خلال هذا وبينما يجلس كل من انجيلا ووالديها بالغرفة كل منهم مشغول بما لديه صوت الجرس انطلق ينذر بزائر، رفع تشارلز رأسه عن الصحيفة التي كان يقرأها ليتحدث لزوجته
" يمكنك الذهاب لرؤية من بالباب ؟"
اومأت تاركة جهاز التحكم لتنهض وتفتح الباب لتتسع عيناها وهي ترى عدد من الأشخاص يفوق ال 7 أفراد تنوعوا بين جدا انجيلا وعمها وزوجته والعمة وابنها واختها وابنها وجدة انجيلا من طرف أمها ، لم تستطع النطق لفترة بل التفت بصورة لا إرادية وارتباك واضح جذب نظرهم بالفعل لينطق الجد بابتسامة
" مرحبا يا ابنتي ،كيف حالك ؟"
أجابت تخفي ارتباكها بابتسامة هي الاخرى
"بخير عمي ،أتسائل ما الذي جاء بالجميع هنا !لم يبلغني زوجي بقدومكم لم احظر شي حتى !"
أقبلت زوجته ترفع كيس امامها
" اليوم كل شيء علينا لاجل عزيزتنا انجيلا ! عيد ميلاد صغيرتنا اليوم بعد كل شيء !"
بشيء من الغرور أقبلت العمة تبعدها بينما تدخل وهي تتحدث بسعادة
" دعينا ندخل الآن حتى لا نضيع وقت ميلاد الصغيرة ! أين ابنة أخي الجميلة ! "
وقبل أن تتمكن زوجة عم ال من أبعادها ومنعها من الدخول دخل الباقين غير منتبهين لردة فعلها عدى جين وزوجته من انتبه لكن لم ينطق أي منهما بشيء فقد دخلت سريعاً بخطوات مسرعة لتتحقق من عدم حصول كارثة !
دلفت العمة ذات الشعر الكستنائي والعيون الزرقاء للداخل نحو غرفة الجلوس وفور دخولها التفت كل من انجيلا ووالدها بصدمة نحو مصدر الصوت تاركين ما بيدهما !
هي تقدمت نحو انجيلا تجرها وتحتضنها بحب واضح وهي تقول بسعادة
" صغيرتي الجميلة كل عام وانتِ بخير "
وحال انجيلا بين يديها كان الصدمة الشديدة والقلق وكل ما كانت تفكر فيه هو كيف ستخرج الفين من هذه الورطة ؟!
والد انجيلا نهض ليرى باقي القادمين وبدا التوتر على الأسرة ككل وكانهم مجرمين يحاولون إخفاء الجريمة ولم يخفى ذلك عنهم طويلاً حتى نطق الجد بشك وهو يحدق بابنه
" ما الأمر تشارلز لما تبدو قلقاً هكذا ؟! أعلم أنها مفاجئة لكن ما الذي يدعوك للقلق !"
وهناك حيث يقف جين يحدق بملامح شقيقه لتاكيد شكوكه من عدمها ،أجاب تشارلز بتوتر يحاول اخفاءه بفشل تام
" لا يا أبي لا شيء فقط حقاً صدمني الأمر والاسوء لم أتذكر ميلاد ابنتي الوحيدة !"
حدقت به شقيقته بحاجب مرفوع وهي تستنكر بينما صوت كعب الحذاء ارتفع بالإرجاء وفستانها الذي شابه زرقة السماء تموج مع حركتها وهي تتجه نحو شقيقها
" يالك من اب فظيع لو كنت ابي لتخليت عنك !"
أجابت انجيلا بأدب شديد بينما ملامحها بينت بعض الضيق
" هو ليس كذلك إنشغل بالعمل وحسب عمتي !"
اقتربت الجدة منها بشعرها الأبيض القصير الذي غزاه الشيب والذي وضعت فيه دبوس فضي للزينة ، فستانها الأسود الذي يصل لركبتها وحقيبة يدها التي كانت تمسكها ، احتضنت صغيرتها بود وهي تبتسم بسعادة
" عزيزتي كل عام وانتِ بخير ، لطف منك مراعاة ظروف والدك ، والآن نحن سنحتفل معاً لاجل جميلتنا انجيلا "
كل الأسرة تتصرف بغرابة هذا مؤكد لكنهم قرروا تجاهل ذلك بينما يحضرون الأطباق ، توجهت الخالة نحو أختها تخبرها بينما تعد المائدة
" انجيلا فتاة جميلة ومهذبة كما هو متوقع لذا أتيت خصيصاً انا وابني لرؤيتها "
ابتسمت والدة انجيلا بامتنان وهي تساعدها
"ممتنة لك أختي ، ويسعدني مجيئكما بكل وقت ، صغيري جايكوب أيضا لا يسعدني شيء أكثر من وجوده هنا هو كأبني بعد كل شيء !"
رد عليها جايكوب والذي اقبل بابتسامة عابثة على وجهه
" ومن لن يرغب بخالة مذهلة مثلك ؟!وفوق هذا بميلاد صغيرتي الجميلة انجيلا !"
وضعوا ما احظروه بالمطبخ ليبداو بوضع كل شيء بمكانه متعاونين فيما بينهم لاجل إسعاد ضيفة الشرف
والد الفين منذ دخوله التزم الصمت وهو يحدق بأرجاء المنزل يبحث عن بعض الأدلة التي توصله لما شغل عقله منذ أيام ، حدق بشقيقه بعمق ولم يكن صعباً على أي أحد ملاحظة أنه متوتر فكيف بجين وهو الخبير بمعرفة الاخرين؟ زاد الشك بقلبه ليتجه بصره نحو الأعلى ، أن لم يكن آلفين هنا فأما هو بالأعلى وهو ما يحاول شقيقه اخفائه او انه على وشك العودة ؟ شعر برغبة شديدة بالصعود للأعلى وتفقد المكان
أراد التوجه نحو الدرج وقبل أن يخطو اول خطوة على الدرج شعر بيد شقيقه تستقر على مرفقه وتجره للاسفل بتوتر واضح وهو يتسائل محاولاً الثبات
" إلى أين!؟ الجميع هنا لا داعي للصعود ! "
جين التفت يحدق به بملامح مريبة ذات مغزى جعلت تشارلز يحدق بارتباك أكبر متسائلاً بتردد
" ماذا ؟!"
تنهد جين بعد أن أعاد بصره للدرج وسحب يده ببطئ مجيباً بينما يحدق بالدرج
"لا شيء مهم "
توجه نحو غرفة الجلوس بصمت جعلت تشارلز يتنهد براحة بل وحان دوره ليحدق هو بالأعلى بقلق وهو يأمل داخله أن الفين سيكون بخير والا فهو قد يبدأ حرب معهم لاجله دون شك ، تنهد وتحرك نحو غرفة الجلوس حيث شقيقه يجلس هناك واضح أنه هو الآخر ليس على طبيعته
وبين تلك التحضيرات انتبهت والدة ايزابيلا أن ابنتها لم تنظم لهم للان فتنهدت بيأس واستأذنت لدقائق مغادرة لتتجه نحو الأعلى تبحث عن ابنتها لتجعلها تنظم لهم رغم يقينها ان صغيرتها ستجلس عابسة وحسب هذا أن لم تكن تتهرب الأن بالفعل
لم ينتبه لها أحد وهي تصعد وحين اقتربت من الغرفة توقفت وسط الدرج حين سمعت صوت صغيرتها وهي تتحدث بسعادة ظاهرة بصوتها
قطبت حاجبيها فمع من قد تتحدث هي حقا والكل بالأسفل ؟! شرعت بالحركة مجدداً تتجه نحو الغرفة بشك بخطوات مسرعة لتتجمد فجأءة بعيون متسعة وهي تسمع ذلك الاسم على لسان صغيرتها وهي تهتف بطفولية بتلك الغرفة بضيق
" أخي الفين ، ليس عدلاً ، هل تنوي ترك صغيرتك لاجل الذهاب ورؤيته؟!هو ليس طفلاً يمكنه العودة من العمل وحده !"
وما تبعها هو سماع صوت ضحكات خفيفة لصوت شاب وهو يجيب بحنان ظاهر بصوته
" اعتذر صغيرتي ،أؤكد انه سيعبس لو لم أذهب إليه وسيتذمر دون توقف وكما تعلمين يحتاج من يجبره على تناول الطعام !"
دقات قلب والدتها كانت تتسارع بشدة وجسدها يأبى الحركة ، هي شعرت برجفة بيدها والتي استقرت فوق قلبها ، دموعها كانت تهدد بالنزول قبل أن تتأكد حتى ، فجأءة جمعت شجاعتها لتصعد بخطوة أخرى أو هذا ما خططت له لتجفل حين سمعت صوت انجيلا المرتفع ينادي على ايزابيلا بتوتر ممزوج بغضب مصطنع تخفي سبب ذلك الحديث حقاً
" إيزابيلا ، أين انتِ ؟!ماذا تفعلينه وحدك بالغرفة ؟! الكل هنا ينتظرك ، لا ترهقي والدتك وتجعليها تأتي بنفسها لتجرك!"
التفتت والدة ايزابيلا بسرعة وهي تضم يديها قرب قلبها و تفكر بكلمة وحدك ، لم ترد التصديق بل يصعب عليها أن تفعل وهي سمعت صوت شاب ما وصغيرتها دون شك نطقت بأسم الفين
وثواني فقط هي ما سبقت ظهور الإضطراب على كل من آل و ايزا حيث نهض الأثنان معاً بينما يحدقان ببعضهما لتهمس ايزا بأستعجال وهي تمسك بيده
" أخي أبقى هنا قليلاً فقط سأذهب لافهم ما يجري ! يمكن لذلك اللص أن يتحمل لبعض الوقت !"
وقبل أن يجيب وهو ما يزال يحاول استيعاب الوضع ، ركضت ايزا للخارج مغلقة الباب ورائها وهي تسرع بالنزول حين رأت أمها وملامحها لتقول بحماس مزيف
" ماذا تفعلينه هنا امي ؟! كنت أحاول النوم براحة لم أتوقع مجيئك !"
قامت ايزا بسحب يد أمها للاسفل والأخيرة رغبت بالمعارضة وهي ترغب بشدة بالدخول للغرفة إلا أن ايزا قامت بجرها بسرعة في محاولة لسحب انتباهها
الفين كان يقف خلف الباب ودقات قلبه كانت شديدة السرعة ، لحظات قليلة وكاد يلتقي بوالدته وجهاً لوجه ! لم يعرف بما يشعر ؟ هل كان يتمنى حصول ذلك ؟أم العكس ؟ والأهم هل سينجو من ذلك حقاً ؟
وهو للان لا يدرك من هنا ومن لا منهم فكلام انجيلا لا يبشر بخير ، كل ما يدركه أن الصوت الآن بات واضحاً والأسرة مجتمعة بالفعل
شعر برغبة بأن يختفي وحالاً ، ليس مستعداً لهذا بعد ولا يريد أن يظهر على ملامحه ولو قليلاً أي ارتباك أو ألم لو راهم
اغمض عينيه بقوة ثم أعاد فتحها محاولاً التماسك ، لسبب يجهله زادت سرعة انفاسه وكانه يحارب شيء ما لا يدرك ما هو ، كل ما كان يريده بتلك اللحظة هو أن يخرج
ولسبب أو لآخر رن هاتفه معلناً عن وصول المساعدة ومن غيره ليو قد يتصل؟ لم يرد أن يجيب فهو يعلم أنه ومع اول كلمة سيفضح نفسه لكنه لم يدرك حقاً لما أجاب من فوره وهو لا ينوي أخباره بشيء !
يده كانت ترتجف عاكسة ما تحاول ملامحه اخفاءه وان كانت ملامحه هي الاخرى شاحبة لكنه يبذل جهده للتماسك ، تحرك لمكان بعيد خشية أن يسمعه أحد فقد فات الأوان على الإغلاق لذا أجاب محاولاً عدم فضح نفسه
" اهلاً أخي "
وقبل أن يقول ليو أي شيء كان السؤال الذي وصل لمسامع الفين والذي ظن أنه أجاد التمثيل
" ما بك اخي!؟ صوتك لا يعجبني ! هل حصل لك شيء ؟! "
والفين بتلك اللحظة لعن نفسه مراراً على فعلته ، هو أراد استمداد القوة من معرفة أن ليو قربه دون أقلاقه معه وها هو مع أول كلمة فشل بجدارة !
ابتسم بخيبة وهو يشعر أنه أحمق بشدة لأنه ظن أنه قد يخدعه فقرر إنهاء الأمر بأقل قدر ممكن من القلق
ليجيب بأكثر هدوء ممكن لديه
" لا فقط مرهق أخي لهذا لن يمكنني المجيء ، اعتذر ليو اتصل بك لاحقاً !"
اغلق الخط وهو بسبب توتره نسي تماماً أنه فقط أضاف الزيت للنار بتصرفه واشعل قلق الآخر وحسب وها هو يملك شيء آخر يلعن نفسه عليه !
بالأسفل حيث البقية
جين والذي شهد موقف ابنته وانجيلا هذا تأكدت شكوكه الآن ، كل ما يفصل بينه وبين ابنه هو درج ما يحاول شقيقه وأسرته بل وحتى ابنته منعه من للوصول اليه، حدق بتلك الغرفة حتى أقبلت الجدة والعمة ليروا ايزا وهي فور رؤيتهم نسيت نفسها ونسيت أنها تحاول التمثيل بل كان كل ما تذكرته انهم امامها وان شقيقها بالأعلى وتذكرت الماضي لتتحدث ببرود شديد عبر عن كراهية لا مثيل لها
" لما هم هنا ايضاً ؟! "
وهنا تدخلت عمتها قائلا بضيق ويدها على خصرها
" ايزابيلا ! ما هذه التصرفات مع عمتك ؟! كيف تتحدثين بهذه الطريقة ؟! "
والأخيرة ظلت تحدق بها بغضب شديد ، وامها بدل ردعها هي أمسكت بيدها وهي تبدو شاحبة بشدة ، بل بدت أنها لم تسمع أي شيء مما قيل فهي غارقة بافكارها وامانيها وحدها
التفتت ايزابيلا اليها وهي تراقب ملامحها بقلق واخفضت راسها لسبب تجهله وكانها كانت تحاول الهرب من نظرات امها لتنطق والدتها بصوت مهزوز
" إيزابيلا ، لا تكذبي علي ، هل كنتي هناك وحدك حقاً ؟!"
تجنبت النظر لامها لتشيح بوجهها وهي تجيب بضيق
"ما هذا السؤال امي !؟ من قد يكون معي ؟ "
أجابت المعنية بصوت شبه باكي وهي تنطق بتردد بينما تضع يديها على كتفها
" سمعتك تقولين أخي الفين ! هل تعلمين عنه شيئاً ايزا ؟ أهو هنا ؟! هل لديك تواصل معه ؟! اخبريني أهو بخير ؟ "
الفين والذي كان يسترق السمع شهق فور سماع ما قالته بصدمة ، انعزل فجأءة عن العالم ، أن يسمع اسمه من فم والدته مجدداً وبكل هذه العاطفة التي تتسرب مع نبرتها ، رغبته بالبكاء زادت بالفعل لكنه كبح نفسه مجدداً وهمس بصوت منخفض دون شعور منه
" أجل امي ، انا هنا ، وأنا بخير "
لم يدرك كم أنه من الصعب منع الدموع الأ بمواقف كهذه
فكر بأعماقه أنه ربما هي فقط تسأل لترضي ضميرها؟ ربما هي ليست مهتمة به حقاً ؟ أو أن كانت كذلك حتى لما لم تساعده اذا ؟! لما تركته يتجرع الألم ؟ ورغم كل ذلك قلبه استجاب لصوتها رغماً عنه
اما عند من بالخارج فقد توجهت كل الأنظار نحوها ، الصدمة على ملامح انجيلا وعم الفين كانت واضحة كل الوضوح فهم سبق واتفقوا على اخفاء الامر
اما جين فقد حدق بملامح الجميع دفعة واحدة وايقن الكثير حقاً ، أعاد بصره ينتظر جواب صغيرته لكن قُوطع الحديث بصوت العمة يرتفع وهي تجيب بكراهية واضحة
" ذلك القاتل محال أن يكون هنا ! لا تذكري اسم ذلك المجرم مجدداً !محال ان تكون ايزابيلا على تواصل مع مجرم مثله ولن نسمح بذلك بأي حال ! "
وتلك الكلمات كم استفزت الكثيرين بالفعل !
الفين والذي سمعها ،ابتعد عنه ذلك التأثر ليحل محله حزن واضح بينما يخفض رأسه ، يدرك انهم لن يتقبلوه وهو لا يريد ذلك بأي حال لكن سماع ذلك بشكل مباشر يظل مؤلماً خصوصاً أن كانت تهينه أمام من يحاول أن يكون مثال جيد امامها !
جين حدق بهم بضيق واضح بينما يتحدث بأنزعاج
"يكفي ريا ! ليس وقت هذه المواضيع اغلقي الموضوع "
وتشارلز لم يختلف عنه بذلك هو ظل يشعر بالضيق
والدة الفين لم تكن تهتم بكلام العمة بقدر اهتمامها بسماع جواب أبنتها فإن كان هنا هي قطعاً لن تسمح لأحد بأن يقترب منه مطلقاً أو يزعجه ولو وقفت ضد الجميع
انجيلا قطبت حاجبيها بضيق شديد من فورها وغضب واضح وقبل أن تنطق فاضحة الفين ايزابيلا وفور سماع ذاك التفتت تحدق بعمتها بكره شديد وهي تجيب بتهديد بعد أن دفعت يدها بقوة
"اخرسي !"
الأنظار توجهت نحوها وصدمة عمتها كانت كبيرة بحق وهي تحدق بها بعيون متسعة بينما اردفت ايزابيلا بأحتقار شديد
" أخي ليس هنا ولا أعرف عنه شيئاً للأسف ولكن لو كان هنا فلا انتِ ولا غيرك سيمنعني من رؤية أخي ! ولا تجرأي وتقولي عنه قاتل مجدداً لا تنسي اني اعرف ما حدث أم نسيتي؟ ! "
اقتربت جدتها من فورها تجيب برعب
" إيزابيلا ما هذا الكلام ؟! ذلك الشخص ليس من الأسرة ! هو قتل طفلاً بريئاً بكل وحشية وفوق ذلك لم يحترم تضحيات أسرته بل ذهب وشوه سمعة أبيه ! هو مسخ جاحد لن أسمح بوجوده !انتِ لا تعرفين أي نوع من عديمي الضمير هو ! "
صرخت ايزابيلا بصوت أعلى من سابقه بألم شديد فهي تدرك أن شقيقها سيسمع هذا وكم كانت ترغب أن تضرب من امامها وترديها قتيلة !؟
" كفى بحق كفى ماذا تعلمين انتِ بأي حال ؟! لا تتحدثي عن أخي هكذا !سابحث عنه واجده رغما عنك وعن الجميع واضح ؟! هل تعتقدين انك تعرفين كيف هو ؟!لا تتدخلي بما لا يعنيك ولا تفتحي فمك وتذكري اسمه مجدداً"
انجيلا تدخلت بعد أن شعرت بغضب شديد هي الاخرى لتتحدث بانزعاج واضح وارتفع صوتها لأول مرة
" هي محقة لا يمكنك الحكم على شخص لم تريه حتى ! ثم لا أحد هنا يعلم بما حصل وقتها حقاُ فبأي حق تتحدثين ؟!"
حدق العم بأبنته بصدمة ولكنه سرعان ما ابتسم بفخر أما والدتها فقد حدقت بتركيز شديد وعقلها يفكر بالكثير بحق ! لم تبعد بصرها عن ابنتها حقاً إلا بعد أن سمعت صوت جرس الباب فتحركت نحو الباب تفتحه وقلبها يشعر بالضيق من كل ما يجري ، لا تريد أن تكون شكوكها صحيحة والا فهي لن تسكت مطلقاً
الجد نطق هذه المرة بنفسه بصرامة وهو يأمر الكل
" لا أريد سماع اسم ذلك اللعين مجدداً ! لا أسمح به بهذه الأسرة !ومن سيفعل سيعاقب بقسوة ! هو مجرم قذر قتل طفلاً بريئا وشوه سمعة الأسرة بتصرفاته وبعد ذلك قرر أن يصير مشرد بنفسه
الفين بتلك الغرفة طبعاً سمع كل كلمة قيلت ، صر على أسنانه بقوة شديدة ويده انقبضت بقوة ، شعر برغبة بالصراخ بشدة وتحطيم كل شيء فوق رؤسهم رغب بأن يخبرهم أنه لا يريدهم ايضاً ، أنه ليس بمجرم وأنهم كاذبون بأدعائهم لكن بما ينفعه هذا ؟
فتح ربطة العنق التي بات يشعر أنها تخنقه وهو يلعن نفسه على المجيء لمنزل عمه ، لديه رغبة بأن يخرج ويحطم غرروهم جميعا ويمسح بهم الأرض لكن هو ليس هكذا ،ولا يريد المشاكل لعمه
جلس ارضاً مستنداً للحائط بينما يضع يديه على اذنيه،وكل كلمة قيلت تتحرك بعقله مراراً ثم تستقر به وما تلبث أن تجرح شعوره ، ممتن لدفاع ايزا وانجيلا لكن كرامته ترفض تقبل ذلك ، لما على فتاتين الدفاع عنه ؟ لما لا يخرج هو ويدافع عن نفسه ؟ لا يريد الاختباء والهرب ذلك يجرح كبريائه بكل مرة ويثبت لنفسه أنه مجرم وان كان يدرك أنه ليس كذلك
رفع راسه يحدق بالنافذة متذكراً آخر لقاء له مع عمته لتحتد ملامحه بشدة ، كان على وشك أن يفقد أعصابه ويحطم ما أمامه حتى سمع ما الجمه وجعله يصدم بشدة
بالأسفل حيث كان جده يحاول إكمال حديثه شهق فجأءة بصوت مرتفع حين شعر بشيء بارد يسكب عليه مبللاً كل ثيابه وشعره الذي خالطه الشيب ليلتفت ويحدق بغضب شديد
" من فعل ..."
وقبل أن يكمل صوت ليو وصله بكل براءة وهو ينطق بلطف مصطنع
" اعتذر اعتذر تعثرت فجأءة !"
وهنا كانت صدمة الفين حيث اتسعت عيناه بشدة وهو يهمس بغير تصديق
"ليو ؟! مستحيل! لما جاء ؟! "
اقترب من الباب ليسمع بشكل أفضل وهو يتمنى أنه يهلوس فقط لكن صوت شقيقه وصل له مجدداً
ليو اردف ببرود ونظرات باردة تتجه نحوهم
" لم أستطع رؤية طريقي بسبب كثرة القمامة !"
والنظرات كلها تركزت عليه لحظتها ، عم الفين كاد ينطق باسم ليو لكنه فقط من شدة صدمته ظل يحدق به متوقعاً حصول كارثة انجيلا هي الاخرى الجمتها الصدمة ايزابيلا شعرت وكأن احدهم سكب ماءاً بارداً على قلبها هي ! رغبت بالتصفيق له بشدة ومشاركته حتى وتجاهل غيرتها منه !
جين حدق بالوافد الجديد بشك واضح ، كان واضحاً أنه لم يتعثر ، وجملته الأخيرة بدت مريبة ايضاً لكن بقي السؤال لديه لما فعلها ومن هو ؟ وكعادته راقب الوضع بينما يحلل ما يجري
الجد حدق به بغضب مكتوم بينما زوجته تمسح عنه ذلك العصير بسرعة
" من أنت اساساً؟ وكيف دخلت ؟!"
حدق ليو بانجيلا قائلاً بتهكم و صوت شبه مرتفع ليجعل الفين يعلم بوجوده وهذا ما حصل حقاً :" أتيت الى هنا لتهنئتك بعيد ميلادك ! لكن لم أكن أعلم أن هذا المنزل مليء بالقمامة و من الفظيع حقاً بقاء اشخاص مذهلين بمنزل كهذا!"
وحقاً هم بالفعل ما عادوا يدركون عن ماذا يتحدث ؟! ومن القمامة ومن المذهل ؟!
انجيلا حدقت بالارض وكأنها مذنبة ما ليأتي فجأءة ابن خالتها ويضع يده على كتفها وهو يجيب بدلها بضيق
"ومن انت ؟ بما تقرب عزيزتي انجيلا؟!"
وهي استفزها ذلك بشدة لتبعد يده بقوة وحدقت به بعصبية وكأنها تحذره من تكرار ذلك
ليو تجاهله تماماً ونظر لوالدها بحاجب مرفوع :" صحيح عمي ؟"
حينها هتف جيكوب بانزعاج شديد
"انا اكلمك كيف تعرفت على انجي؟!"
ليو نظر نحوه بسخرية وابتسم ببرود والتفت مغادراً بينما يلوح لها
"عيد ميلاد سعيد عزيزتي انجي"
وآخر كلمتين ما نطقها إلا ليثير غيظ جيكوب والذي شعر بالغضب يغلي بعروقه
وهو فور إغلاق الباب خلفه احتدت ملامحه على رؤيتهم لينظر نحو الشرفة بملامح جادة ، نظر حوله بسرعة ليجد ضالته حيث تلك الشجرة العالية التي تطل على الشرفة ، ابتسم بعد أن وجد ضالته ليتجه نحوها من فوره ، همس بعبوس وهو يشرع بالتسلق
"ال أيها الكاذب هل هذا ما يسمى بالخير ؟ سترى أيها المتنمر !"
بذل جهدتً كبيراً بحق بينهما هو يتسلق الشجرة حتى وصل اخيراً الشرفة ليتمسك بها ويصعد اخيراً ، توجه نحو الباب ليلاحظ أنها مفتوحة فدخل من فوره لتصل لمسامعه شهقة عرف صاحبها من فوره
الفين اقترب منه وكأن صدمته الأولى لم تكن كافية وقبل أن يتقبل كل ما جرى يظهر ليو أمامه من الشرفة !
اقبل باتجاه ليو وهو يتحدث بتوبيخ بصوت هامس
" ما الذي تفعله هنا أيها الأحمق ؟! كان هذا خطيراً كيف صعدت إلى هنا ؟! هل فقدت عقلك ليو ؟! "
ليو حين لاحظ أن شقيقه غرق بالتوبيخ شعر ببعض الإطمئنان رغم ملامح من أمامه والتي كانت شاحبة لكنه لم يتوقع اقل من هذا دون شك فصوته والذي جعل ليو يأتي من فوره كان دليلاً كافياً أنه لن يجد الفين بأفضل حال
" اصمت أيها المتنمر أين الخير الذي ذكرته؟! من يستطيع التنفس اساساً بوجود هذه القمامة ؟! هيا بنا لنخرج فوراً ! بالكاد كبحت نفسي عن تفجير المكان بهم !"
أجاب الفين مستنكراً
" نخرج من الشرفة ؟! "
أومأ ليو ببساطة وهو يجر يد الفين
"أجل طبعاً لديك طريق آخر ؟! لا أريد رؤية وجوههم الغبية مجدداً !"
والفين لم يستطع الاعتراض بل لم يرغب بفعلها ، وجد نفسه ينقاد خلف ليو بصمت وسرعان ما ابتسم بامتنان شديد ، بطريقة سحرية شعر بكل مشاعره التي كانت تضايقه تبخرت ! أجل لا يزال هناك البعض لكن هو يشعر بنفسه أقوى بكثير ، ليو والذي نظر بنظرة جانبية حين رأى ملامح الفين شعر ببعض الإطمئنان أخيراً وسرعان ما تسلق الاثنان نزولاً وخرجا مسرعين
~~~
اما داخل المنزل وفور خروج ليو حدق جد انجيلا بها بضيق واضح وهو يتسائل
" من قليل التربية هذا ؟! "
جفلت انجيلا من فورها لتجيب بهدوء
" هو صديق لي من الجامعة !"
العمة تحدثت بضيق شديد
" أنه قليل التربية أي اعتذار هو ذاك ؟! إنه يثير حنقي بشدة ! وما هذه الكلمات بحق ؟! ماذا كان يقصد بالقمامة ؟أهو مختل ؟! إلهي أشعر بالأنزعاج !"
هنا تحدث الجد من فوره بأنزعاج أشد
" اغلقوا الموضوع وفوراً وهيا للاحتفال ! "
لم يجادل احد وتوجهوا له بالفعل رغم أن مزاجهم حقاً لم يعد مناسباً لأي شيء سوى الشجار ربما ؟
الكل تحرك عدا عن والدة الفين ووالده والذي انتبه ان زوجته لا تزال مكانها فتقدم نحوها ليضع يديه حولها ليهمس لها
" ترغبين بالتأكد ؟ لنذهب ونرى لتطمأني !"
وهي حدقت به بعينها التي احمرت لتنزل دموعها بالفعل بينما تومأ بملامح جادة عاكست دموعها ، مسحتها سريعاً وتوجهت نحو تلك الغرفة بتردد وبطئ وجين قربها ، امسكت يدها بمقبض الباب بحذر لتفتح الباب لتكون خيبة أملها كبيرة بحق حين لمحت الغرفة فارغة ، تنهدت بألم وهي تضغط على يدها بينما تجبر ابتسامة على الظهور
" لننظم للبقية !"
خيبة أملها لم تخفى عليه لكنه لم يرغب أن يحي قلبها الخافق بأمل غير مؤكد ، حدق بالغرفة مجدداً قبل أن يلتفت مغادراً وينظم للبقية
~~~~~~
انتهى عيد الميلاد بعد مدة طويلة نسبياً وكان انتهائه بمثابة حكم براءة بعد محاكمة طويلة الأمد ، رغبت ايزابيلا بالبقاء لكن انجيلا نصحتها بالذهاب حتى لا تثير أي شبهات أكثر مما جرى بالفعل !
فما كان منها إلا أن وافقت بضيق شديد وهي توصي انجيلا بتفقده حين يعود وطمأنتها
بعد خروجهم تنهدت انجيلا براحة لتجلس بأرهاق على الاريكة
" كان ذلك مرهقاً !!"
رد عليها والدها والذي بدا الإرهاق عليه هو الآخر
" بالفعل كان يمكن حدوث كارثة ! خصوصاً مجيء ليو كاد يشعل حرباً بكلامه ! لكن أشعر بالاطمئنان على الفين معه ! فقط أتسائل من أين أخرجه بحق ؟! لقد صدمت بشدة حين لم أجده "
صمتت انجيلا وهي تتذكر كلامه وكيف وجدت غرفة الفين فارغة بعد وقت قصير من مجيئه لتقطع أفكارها والدتها التي أقبلت بهدوء مريب
" انجيلا ، تعالي أريد الحديث معك !"
رفعت انجيلا راسها ونهضت رغم ملامحها التي حملت للتسائل والقلق من نبرة أمها
" حسناً امي "
توجهت الاثنتان نحو غرفة انجيلا لتغلق أمها الباب بعدها ، حدقت انجيلا بوالدتها بتسائل
" ماذا هناك امي ؟!"
جلست والدتها على السرير لتشير لها للجلوس قربها
فما كان منها سوى الأمتثال وهي لا تفهم سبب كل هذه الجدية ، دخلت والدتها بصلب الموضوع فوراً وهي تحدق بملامح ابنتها
" انجيلا ، لقد كبرتِ بالفعل يا ابنتي، وليس لدي أمنية أكبر من رؤيتك سعيدة بحياتك وحولك ابنائك ، وبصفتي امك فأنا اعرف بمصلحتك وأظن حان وقت الزواج بالفعل !"
عينا انجيلا اتسعت ثم احتدت بشيء من العبوس من فورها والضيق الذي سيطر عليها
" ما مناسبة هذا الحديث امي ؟! ساتزوج حين يحين الوقت المناسب ممن يختاره قلبي !"
حدقت أمها بها ثم سرعان ما تحدثت بهدوء وهي تركز بصرها عليها
" ابن خالتك ، هو شاب مذهل ولن تجدي غيره قد يسعدك ويحبك مثله ، اليوم خالتك حدثتني بشانه وانا موافقة !"
حدقت انجيلا بها بصدمة حقيقية لتهتف من فورها بعد أن نهضت بعصبية
" ماذا تقصدين انك موافقة !؟ اتدركين كم اكره ذلك الشاب ؟! انا من ساتزوج يا أمي وانا ارفض ذلك تماما ! لا تفكري بالموضوع حتى !"
نهضت والدتها من فورها لتتحدث بأنزعاج شديد
" وما مشكلته بالضبط ؟! فتى محترم يدرس بجامعة مرموقة وحالته المادية جيدة وهو قريبنا تربى معك ويحبك أكثر من أي أحد وليس لديه سوابق !"
حاجب انجيلا ارتفع من فورها لتتسائل بإستنكار
" من دون سوابق ؟ أولا دعيني اخبرك ما مشكلته ، انا لا احبه ، اتسمعين؟ لا اطيقه ،ثم ماذا يفترض أن يعنيه كلامك ؟ ما معنى بلا سوابق ؟! إلى ماذا تلمحين بالضبط ؟!"
اجابتها بجدية شديدة وانزعاج لم يغادر ملامحها وشيء من الاشمئزاز ظهر عليها
" قصدي واضح ، يمكنني معرفة انك تحبين ابن عمك الفين ، قد اتقبله بالمنزل لاجل والدك وكونه فتى مسكين بلا أسرة لكن ليس زوج ابنتي الوحيدة ! لن يحدث إلا على جثتي مفهوم ؟!"
ملامح انجيلا تجمدت من الصدمة ، وسرعان ما تحدثت بغضب مكتوم وهي تحدق بوالدتها بانزعاج شديد وقد ضيقت بنفسجيتيها
" حقاً؟! أهذا رأيك طوال الوقت ؟! حسناً أجل انا احبه ربما ، ولا أظن من حقك فرض من ساتزوج ومن لا ، وشيء آخر ، لا تتصرفي وكأنك تتصدقين عليه ليس بحاجة لنا اساساً لم يكن ليوافق لولا تقديره لأبي كما تعلمين لذا لا تقللي من شأنه مجدداً ! ولا نقاش بالأمر لن أتزوج يعني لن أفعل ولا تفتحي الأمر معي مجدداً ! انا متعبة غادري من فضلك !"
تنهدت والدتها لتجيب بينما تحدق بالارض
"هذا ردك اذاً ؟ حسناً !"
مرت من قرب انجيلا لتغادر بصمت أما انجيلا فقد توجهت نحو سريرها لتمسك بوسادتها وترميها بقوة ، جلست على السرير بضيق شديد وهمست بأنزعاج وهي تخفي بنفسجيتيها
" تباً لك جيكوب ليتك تختفي وحسب !"
~~~~~~~~
وبذلك المنزل عادت تلك الأسرة أخيراً ، وقبل أن تتجه ايزابيلا لغرفتها امسكت والدتها بذراعها لتلتفت الصغيرة من فورها بأرتباك ، والدتها حدقت بها برجاء شديد وتوسل بصوتها
" ايزا أرجوك اريحي قلب امك ، هل تعرفين شيء عنه ؟ أي شيء ! فقط أريد أن أعرف كيف هو !"
إيزابيلا شعرت بضعف شديد رغبت بالإجابة بشدة لكن لا يمكنها وحسب ، لا يمكنها اخلاف الوعد مع شقيقها فما كان منها إلا أن سحبت يدها ببطئ لتهمس بينما تنسحب لغرفتها
"اسفة ، لا استطيع المساعدة بشيء ، تصبحين على خير !"
انسحبت لغرفتها فعاد الياس لقلب والدتها ، توجهت هي الاخرى نحو غرفتها بصمت ليبقى جين وحدها بتلك الغرفة ، توجه نحو مكتبه ليجلس على الاريكة براحة ،استلقى هناك واغمض عينيه ، همس بينه وبين نفسه بعد أن فتح عينيه وحدق بالسقف مفكراً بعمق بكل ما جرى
" أتسائل هل هناك ربط ؟ "
تنهد بتعب وهو يشعر بألم شديد برأسه ، كان طوال اليوم يحلل كل ما يراه وها هو يصل لحدوده ليغفو فجأءة ودون شعور بعد أن نال الآرهاق منه
يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top