بارت 17
بداخل تلك القاعة رهبة شديدة واختناق رهيب شعر به يسحق قلبه ويسلب كل ذرة اوكسجين تحاول دخول رئتيه ، ورغم كل مشاعره الداخلية تلك ملامحه الخارجية كانت مختلفة كلياً، رغم شحوبه وملامحه المرهقة هو لم يظهر أي انكسار أو ذل ولم يترك أي مجال لمشاعر الألم أن تظهر
ثبات وملامح قوية هي ما ظهر وهو يحكم قبضته على تلك الميدالية بين يديه والتي كانت كلماتها منبع ثقته بنفسه ، هو ضغط عليها يستمد منها القوة بينما يتوجه للجلوس على ذلك الكرسي لبدء الامتحان
اقبل المعلم بيده الأسئلة وتواجد مراقبان لمراقبته، هو شعر بألم شديد لكنه تجاهل كل المشاعر التي تحاول أن تحتل قلبه بتلك اللحظة وحرص على تذكر كلمات ال والتي كان يحاول زرعها بقلبه لكي يثق بنفسه ، ووعده له بالنجاح كان الدافع الوحيد ربما لوقوفه هنا بهذه اللحظة ، تقدم بصمت نحو الكرسي ليجلس منتظراً الأسئلة ، وضعها المعلم أمامه بينما يخبره بنبرة مؤنبة
"لا تحاول الغش هذه المرة فنحن لن نتساهل ! وكن ممتناً لهذه الفرصة !"
صر على أسنانه بقوة شديدة ويده احكمت ضغطها على القلم بين يديه وهو يرغب بالنهوض والاعتراض ورمي الأسئلة ارضاً لكن الفين الذي وثق به ووعده بمفاجئة وطلب منه الثقة به يستحق أن يتحمل لاجله صحيح ؟
كان يخبر نفسه بهذا طوال الوقت حتى جاءت الأسئلة أمامه ، هو أخذها بصمت بينما يقرأ الأسئلة وابتسامة ساخرة ظهرت على وجهه
الأسئلة كانت شديدة السهولة وهذا فقط يثبت أنه درس كثيراً حقاً ، لكن لم يشعر بأي سعادة ، هو فقط أخذ القلم بملامح جامدة وبدأ يكتب بسلاسة ولم يرفع القلم أو يحتاج استراحة حتى وهذا آثار استغراب الأستاذ وحاول المراقبة بتمعن حتى يتأكد أنه لا يغش وليو لم يعطي له بالاً حقاً بل تابع يكتب بغير اهتمام
مضت الساعة الأولى من الامتحان فكانت أكثر من كافية لكي يكمل كل الاسئلة بجواب تام !
اقبل المدير لحظتها بينما ليو قد نهض من الكرسي بنية الرحيل فالمكان يشعره برغبة شديدة بالموت وحسب !
تقدم المدير بعد أن جاءه خبر أن ليو أجاب إجابة تامة مجدداً وكم كان هذا صادماً !؟
وقف المدير أمامه فحدق به ليو بنظرات باردة بينما الأخير نطق بصرامة
" لقد نجحت بالاختبار ، ستبقى الآن بالجامعة ! ومن الأفضل أن لا تكرر ما جرى !"
ليو لم يرغب بالرد وهذا ما فعله ، تجاهل كلام من أمامه ليقول ببرود خالجه بعض الضعف
" سأغادر الآن !"
وبينما هو التفت مغادراً فتح الباب بتلك اللحظة ليجعل ليو يتوقف بتفاجأ من مجيء ال بتلك اللحظة بهدوء غريب لا يبشر بخير مطلقاً ، توقف يحدق به مترقباً ما سيجري ومعه انطلق كلام المدير متسائلاً عن وجود شخص غريب هنا
" لما انت هنا سيد اندرسون؟ "
حدق به الفين بهدوء بينما يتحرك ماراً بجانب ليو ووضع يده على كتفه وهمس له بخفة
" تابع ما سيجري أخي ، وعدتك يا اخي أن يندم من يؤذيك وسترى نتيجة الوعد بنفسك !"
اتسعت عينا ليو بفعل تلك الكلمات وحدق بالفين بقلق شديد وخوف بالغ هل صديقه ينوي التورط بسببه ؟! إلى ماذا يخطط؟! وماذا قصد ؟!هل عرف سيتو ؟!
كلمات كانت تزدحم بعقل ليو ولسبب مجهول لم يستطع قولها فالفين تابع طريقه للإمام حتى صار أمام المدير وقبل أن يقول أي شيء اشتغلت السماعة بمساعدة مسؤل الكاميرات بعد أن تسلم المبلغ من الفين والذي كان هذا آخر طلب منه
أراد الفين رد اعتبار ليو ورد كرامته وما أفضل طريقة من جعل المدير والمعلم وكل من اهانه يعترف بخطأه أمام كل الطلاب ؟! هذا سيكون ضرورياً لكي يستطيع ليو العودة بخوف أقل !
مد له تلك الصور والتي جعلت المدير يحدق بها ثم توجهت أنظاره نحو الفين مجدداً ليتسائل بعد أن أخذها
" ما هذا ؟"
مع هذه العبارة كل من بالكلية توجهت أنظاره نحو مكبرات الصوت بحيرة ومن ضمنهم كانت انجيلا وسيتو
أجابه الفين ببرود شديد بعد أن ابتسم بمكر
"انظر اليها وستفهم"
رفع الصور ليراها لتتسع عيناه بشدة ، الصور ذاتها التي ظهر بها ليو والتي اعتبرت دليلاً على غشه الآن يظهر بها المدير كما لو كان هو من يمتحن ويغش وأخرى بها صورة الأستاذ بذات الحال وهكذا
تحدث المدير بعصبية ظهرت واضحة بصوته وهو لا يفهم ما يجري !
"ما هذا بالضبط ؟!
أجابه الفين ببرود وهو يخرج شيء آخر
" الدليل الذي يفترض أنه يخص أخي ما هو إلا دليل وهمي أستطيع صنع الالاف منه بكل بساطة كما ترى ! خبير صور كان كافياً ليعرف فوراً أنها مزورة ! من وضعها كان غبياً كفاية ليجعل أخي بالصورة يرتدي ملابس لا يملكها وهذا كان كافياً لكي أدرك أنها مزورة ! "
رفع المدير رأسه ليحدق بالفين بتفاجأ شديد فرؤية صورته بتلك الطريقة وهي ذاتها تماماً صورة ليو جعله يدرك بسهولة أنها كذلك
لم يتوقف الفين بعد فقد أخرج هاتفه ليشغل فيديو توجهت أنظار المدير نحوه ليحدق به بشك وهو يرى المعلم ومعه رجل ما ، أدرك أنه بطريقة ما له علاقة بالأمر ، وبالطبع الصوت والكلام كان ظاهراً للكل عبر المكبرات حيث انجيلا والتي تحدق بصدمة منذ سماع صوت ال وهي تتسائل بما يفكر ؟!
وسيتو والذي بدأ يرتبك ويشعر بتوتر وغضب شديد فهو لم يضع بالحسبان تدخل أحد والاسوء صوت جده وطلبه واسمه كلها ظاهرة !
صوت الفيديو أظهر الحوار التالي
" _ما رأيك بمبلغ 10 مليون مقابل أن تقدم لي خدمة ؟! شخص وضيع يجب التخلص منه وحسب ، وأن حصل وكشف أمرك ساعطيك وظيفة أفضل من التي تعمل بها بضعف الراتب ؟!
_ 10 مليون ؟!من هو ؟ وماذا يجب أن افعل ؟!
_ فقط خذ هذه وقل أنه غش ، مجرد قاتل يصبح الأول على الجامعة ؟ هذه اهانة، يجب طرده
_ اتفق معك ، اعتبر الأمر تم ، ساتخلص منه سيد سوين ثق بي
انتهى الفيديو وكشف الأقنعة كلها ، الأنظار توجهت نحو سيتو والذي كان يقف هناك يضغط على يده بقوة ثم تحرك مغادراً المكان بخطوات غاضبة نحو مكان الامتحان في محاولة لإخفاء أي فضيحة أخرى بينما بدأ همس الطلاب فيما بينهم !
أما بالقاعة فليو كان يقف هناك متجمداً من الصدمة ، جده كان مصدر كل هذا وهذا غير مستغرب لكن أستاذ يقف ضده ؟!والآن هل الفين أثبت برائته؟! كل الأفكار كانت بذات اللحظة جعلته لا يستوعب أي شيء كما يجب ، حدق بضياع بكل شيء وبالفين الذي استرق النظر إليه يطمأن عليه بينما يكمل عرضه
المدير شعر بصدمة شديدة الجمته! معلم من جامعته يفعل شيء كهذا ؟!
معلم للأجيال تجرد من كل ذرة إنسانية ، رشوة كانت كافية لكي يبيع ضميره ونفسه ومهنته السامية ويدمر مستقبل شخص بكل بساطة ظلماً ويشارك بأهانته
شعر بأنه تم استغفاله بشدة فأحتل الغضب ملامحه
وبتلك اللحظة اقبل المعلم بعد أن سمع الفيديو هو الآخر وملامحه تفضح جريمته فهو بدا خائفاً ومتوتراً وهو يبتسم بارتباك بينما يقول بكلمات متقطعة
" سيدي .... انا ... فقط ...هو مجرم كما تعلم ... و انا فعلتها ...."
اقترب من المدير بخطوات مترددة وهو يحاول التبرير
ليو كان قد يحدق بالارض وهو متجمد بمكانه كدمية ، كل شيء بالنسبة له صادم بحق أما الفين والذي سمع تبريرات المعلم فقد تحرك بصمت متوجهاً نحو المعلم تحت أنظار الجميع المستغربة عدا ليو الذي لم يرفع رأسه بعد ليدرك أن رفيقه ينوي على مصيبة ما
سيتو اقبل بتلك اللحظة واقفاً من خلف الباب ليكون أول ما يراه هو الفين الذي أمسك الأستاذ من قميصه ليقوم بدفعه بقوة ضارباً به بالحائط بملامح مرعبة
غضب تفجر بلحظة واحدة وهو يمسك به بكل حقد ثم سرعان ما رفع يده ليلكمه بقوة شديدة والآخر فقط لم يجد وقتاً للدفاع أو الرد حتى بل وجد الضربات تنهال عليه بصورة مفاجئة وكل ما استطاع فعله هو أن يشهق متألماً ، أنظار الكل كانت مصدومة فمن توقع أن هذه الخطوات الهادئة ستقود لهذا ؟!
ورغم شعورهم أن عليهم التدخل طغى الخوف عليهم فالتزموا المشاهدة وحسب !
أما الأستاذة فقد ذهبت لتنادي الأمن لكي يتدخلوا قبل حصول كارثة
لكمة الفين على خده لكمة جعلت الدماء تخرج من فمه ولكمة أخرى على الخد الأخر وهو يصرخ بحقد شديد أخرج ليو من شروده برعب
" وغد لعين ! كلكم كذلك !لا يهمكم ما يحدث مقابل مصالحكم حتى لو ظلم بريء بسبب اكاذيبكم! من تظن نفسك لتؤذي أخي ؟!كيف تجرأ على العبث مع اسرتي الوحيدة !؟أتظن اني قد اتركك حياً الان !؟ "
رفع جسده الذي صار ارضاً راغباً بضرب رأسه بقوة بالارض وهو مستمر بنوبة غضبه بينما من أمامه منظره يجعله محط شفقة أي أحد
وبينما حاول البعض التدخل لإيقافه حين ايقنوا ان الوضع زاد عن حده وبينما هو يحاول ضرب رأسه بأقصى ما لديه شعر بشخص يحتضنه من الخلف ويمسك يده بضعف وهو ينطق متوسلاً بصوت حاقد بالكاد يحافظ على ثباته
" أخي ، أرجوك ، هذا اللعين لا يستحق أن تلوث يديك ! هو مجرد حثالة !أرجوك اهدأ !"
لم تهدأ ثورة غضب الفين إلا حين جره ليو وصرخ بصوت منكسر
" ال أن لم تتوقف صدقني سأغادر للابد !"
هذه الكلمات جعلت جسد ال يتجمد ونهض تاركاً ذلك المعلم ارضاً يحاول التنفس قدر الامكان اما الفين فقد حدق بليو الذي بدت ملامحه منهارة ودموعه توشك أن تخذله
أخذ عدة أنفاس عميقة بينما أنظار الجميع تترقب موقفه القادم ، تقدم ليجر يد ليو والذي لم يقاومه بل تبعه دون مقاومة والفين يجره معه بينما يمسك بيده بقوة وقبل أن يخرج تماماً وقف والتفت يحدق بالمدير بحدة
" ما لم يطرد هذا الحثالة صدقني لن يُسر أحد بالنتيجة ! "
تحرك مجدداً وسحب رفيقه خلفه للخارج بخطوات سريعة وليو بقي يحدق بالارض تابعاً الفين بثقة تامة ، ومن بعيد وقف سيتو يحدق بالفين بحقد شديد وعيناه تنذر بالشر بينما همس بغضب
" تبا له لما تدخل؟! ما الذي استفاده؟! هل يدفع له ذلك اللعين شيئاً؟!لقد أفسد كل ما عملنا انا وجدي لاجله !"
تحرك مغادراً الجامعة وهو يضرب الأرض بعصبية وغيظ
آلفين لم يترك يد رفيقه مُطلقاً بل استمر بسحبه للخارج و الآخر خاضع تماماً بلا أي مقاومة و أساساً لما قد يفعل ؟! من هو الذي قد يبتعد عن تلك اليد التي تعني له الحياة حقاً ؟
خطواتهما توقفت بالقرب من السيارة ليحرر و أخيراً الأول يد الآخر و الذي شعر فجأة بالبرودة تتخلل مكانها و إن كانت يد رفيقه قد تشبثت بيده سابقاً و بقوة شبه مؤلمة ، لكن ذاك الدفء الذي أعطته إياه كان أكثر من جيد لئلا يهتم بشيء آخر .
نفس عميق أخذه آلفين بينما عسليتيه تُحدقان بالأرض و الذنب يشوه روحه ، شعر بانه كان عليه إيقاف جِماح غضبه ذاك و خاصة أمامه بما أنه أكثر من يعلم مدى قلق رفيقه عليه ، شد على قبضة يده بقوة فكيف هو قد يفعل هذا بحق الإله و ذاك البائس نطق بتلك الأعذار الواهية ؟ رفع رأسه و همس بنبرة خافتة
" أنا آسف لم أتمكن من منع نفسي من الغضب !"
الآخر لم يُجبه ، بل هو حتى ما رفع رأسه و إنما احتفظ بهدوء أثار ريبة الأول لثوان قبل أن تتيع عيناه ما إن أظهر له شقيقه وجهه !.
الدموع كانت تتخذ طريقها على وجنتيه بكل سهولة و يُسر بل حتى بلا أدنى مقاومة من صاحبها لإيقافها ، و لماذا قد يفعل و هو منعها طوال الأيام الثلاث الماضية ؟
يشعر بأنه ما عاد قادراً على كتمها بحق و لا بأي طريقة ، لا يعلم حتى أهذه دموع فرح أم ألم ؟! أهو ممتن أم حانق ؟ بل كيف لمشاعر متناقضة كهذه أن تجتمع و تسيل عبر دموعه بيسر كهذا ؟!
سعيد بحق لظهور براءته و هو من ظن أنه كُتب عليه قبول كل الاتهامات بصمت و السير ، الألم لإنه إضطر لتجرع مثل هذه الاتهامات مجدداً بعد أن ظن أنه سيكون بخير و أخيراً ! .
مُمتن و بشدة لرفيق حياته و عمره الذي أمسك بيده بقوة شديدة مانعاً إياه من السقوط مُتحدياً العالم لأجله ، بذل كل ما يمتلكه من جهد للتواجد برفقته و بذات الوقت لإظهار براءته !
حانق و بقوة على قدرة المعلم التمثيلية فقط لأجل المال أو بسبب ماضٍ هو لم يتواجد به ليحكم عليه من خلاله ، غاضب و بشدة من تلك الأسرة التي ترغب بجعله بالقاع و هو منهم و ابنهم ، مُستاء ممن وجدها فرصة مذهلة لإفساد السجل الجديد سريعاً دون الإستماع لألمه و انكساره !
شعر بدموعه تزاد حرقة ليسند رأسه يُخفيه و إياها بكتف رفيق طفولته و أمانه الوحيد ، الشخص الوحيد الذي ما خذله قط ، هو بدى بتلك اللحظات كطفل صغير بفعل شهقاته التي تعالت تدريجياً بطريقة آلمت قلب الآخر .
آلفين شعر بقلبه يحترق حرفياً من الألم لرؤيته تلك الدموع تنهمر من مُقلتي شقيقه ، يده هو رفعها بكل تردد فهل حقاً يحق له أن يكون من يواسيه و هو تركه يتألم حتى وصل به الأمر لهذا الحد ؟ لكن بالنهاية وضع يده على ظهره يخفف عنه ويتركه يفرغ كل تلك المشاعر و ليو تمسك بقميص من أمامه بقوة وظل الوضع كذلك لوقت طويل نسبياً ! ...
بعد أن مر الوقت ابتعد ليو للخلف واشاح بوجهه قليلاً ويمناه ارتفعت تمسح القطرات الندية عن خده
الفين بقي واقفاً بمكانه يراقبه ويعطيه الوقت الذي يحتاجه ليأتي بالخطوة التالية بنظرات وجلة حتى رفع رأسه وابتسم بخفة والمرح عاد لنبرة صوته بعد أن هجرها للأيام الماضية
" من المريع أن سندريلا هي من أنقذت الأمير !"
عينا الفين استقرت عليه لمدة قبل أن تستقر ابتسامة مطمئنة على وجهه ، يده تحركت بتلقائية تستقر فوق رأس من أمامه واحالت شعره فوضى بينما ينطق بتجهم
" لا يوجد سندريلا هنا ! لقد هجرت أميرها وكل ما أمامك هو شقيقك الذي ينوي أن يحشوك اليوم للتعويض ، تبدو كحبة ليمون منذ أيام ولست انا من يسمح بهذا !"
شهق بفزع متذمراً
" مريع متنمر كعادتك !"
ابتسم الفين بينما أسند جسده للسيارة وعقد ذراعيه لصدره
" لا تتوقع غير هذا والآن هيا بنا !"
أومأ ايجاباً وقبل أن يتوجه لقيادة السيارة هو وقف لثواني قبل ان يتحرك بسرعة واحتضن ال مجدداً بينما يهمس بأمتنان ونظرات الآخر تحدق به بتفاجأ فهو لم يتوقع ذلك
" شكراً ال "
ابتسم ال راداً بلا مبالاة ظاهرية
" لا داعي أيها الأحمق لم أفعل شيئاً !"
تراجع ليو لينطلق بحماس وهو ينطق بسعادة بالغة
" وأخيرا سأستمتع بصغيرتي !"
دخل الفين للسيارة ليذكره من فوره كتنبيه
" كما قلت ليو فقط اليوم لا تزال ممنوعاً عنها !"
عبس بينما يحرك المفاتيح
" أعلم دعني استمتع بها اليوم دون تنمر أيها المريع !"
وضع الفين يده على خده ونظر للخارج بينما يبتسم براحة
" حسناً أيها الطفل الذي إستعاد دميته خذنا للشاطئ ثم سنذهب لتناول بعض البيتزا قبل أن يحين موعد عملك !"
أومأ ليو من فوره بحماس طفولي جعل الفين يبتسم بخفة و فجأءة خطر على باله أمر ما جعله يبتسم بود لكن سرعان ما تغيرت ملامحه للانكسار وطالما أمر كهذا غير مقبول اشاح بوجهه ليحدق بالخارج بينما يبعد تلك الأفكار عن عقله بأي طريقة فهو لن يفسد هذا الوقت الذي خصصه لاجل ليو بأفكار سخيفة لا معنى لها ! احتفظ به لنفسه وسرعان ما استطاع إظهار ملامح ساكنة خالية من الألم بصعوبة بالغة
وصلا بعد مدة وكم كان ذلك الوقت مريحاً لكليهما حيث تيار الهواء الرطب واصوات الأمواج العالية والنسيم العليل كانت بالنسبة لهما بلسماً وعلاجاً يفوق أي علاج وبالطبع معها طعام ليو المفضل البيتزا ليضمن ال أن صديقه سيقضي وقتاً ممتعاً قبل العمل ، وبالفعل حان وقت العمل لكليهما فغادر ليو بعد أن أوصل الفين مع توصيات الفين الكثيرة بشأن القيادة والتي جعلت ليو يتذمر بشدة
خلال عمله أقبلت خلال هذا انجيلا لتحدق بالمطعم قبل الدخول ، هي كانت مندهشة اليوم مما جرى بل وسمعت بكل التفاصيل مع مبالغة دون شك وتزييف من قبل الطلاب فقررت المجيء لتفقده رغم أنها وبعد ما جرى شعرت أنها أبعد عنه حتى
شخصيته وتصرفاته كلها غير متوقعة لها ، وعلاقته بليو لا تفشل مطلقاً بجعلها تصدم دوماً
احكمت يدها قبضتها على الحقيبة وقررت الدخول عاقدة العزم لا تدرك لما فعلت أو ماذا تريد أن ترى لكن قلبها قادها للذهاب لإزالة القلق الذي كان يضايقها منذ ما جرى بالجامعة
دخلت بخطوات متتابعة لتبحث حولها عنه بالمكان ، فور وقوع عينها عليه وهو يعمل كالمعتاد شعرت بأرتياح وتنهدت براحة وتوجهت للطاولة المعتادة ، آلفين فور أن اقبل حياها بود
" مرحباً "
ردت عليه بابتسامتها المعتادة وهي تجيب
" أهلا الفين "
اردفت بتردد
"كان عرض اليوم مذهلاً بالفعل !الجميع يتحدث عن الفتى الذي وقف بوجه المدير لأجل رفيقه "
حدق بها بملامح طغى عليها السكون ثم ابتسم بينما يضع لها طلبها
" ارجو ان يلقن هذا من يفكر بازعاج أخي درساً !"
أخذت كوبها لتبدأ بتحريك الملعقة ليستأذن الفين مغادراً بينما بقيت هي تحدق به وهي تتذكر ما سمعته من كلمات حيث لم يكتفوا بقول ذلك حقاً بل بعضهم تحدث عن كون من الغريب أن يملك مجرم مثل ليو صديقاً والبعض الآخر قال إنه متوحش ولن يكون غريباً أن يكون مجرماً هو الآخر والبعض أبدى إعجابه بالأمر إضافة لحديثهم عن أسرة سيتو دون شك وكيف انهم فظيعون وتبعه حديث عن كون المعلم وغد وأنه جيد التخلص منه
حرصت على عدم ذكر ذلك فهي غير متأكدة مما قد يضايقه فالتزمت الصمت بعد التأكد أنه بخير
~~~~~~
في مكان عمل ليو هو وعلى خلاف اليوم السابق كان يعمل بنشاط بدا واضحاً لمديره والذي تحدث من فوره حين رؤية علامات السعادة والنشاط على وجهه
" هل تم حل ما كان يضايقك؟ تبدو أفضل بكثير اليوم !"
التفت ليو والذي كان يرتب بعض الملابس ليبتسم بخفة مجيباً
" أجل ، انا بخير اعتذر على إقلاقك !"
وطوال باقي اليوم كان يبدو عليه النشاط أكثر من أي يوم مضى حتى مضى الوقت سريعاً وينتهي بذلك وقت العمل ، خرج اخذاً صغيرته ليتجه نحو مكان عمل ال ليقله وحين وصوله فوجئ بسماع أن الفين خرج مبكراً لأن لديه عمل مهم
ليو كان يجلس بالسيارة بينما يفكر بعمق ماذا قد يفعل ال حقاً؟ أي عمل هذا الذي يجعله يخرج دون أخباره؟
عبس وهو يفكر أن رفيقه صار يخفي عنه بعض الأمور ، ملامحه بدأت تشحب قليلاً شعر ببعض التوتر والضيق وهو يحاول إيجاد سبب منطقي لعدم اخباره، فكر أن رفيقه لن يخفي عنه شيء ما لم يكن مشكلة ما أو أنه يفعل شيء لاجله ، فجأءة اتسعت عيناه برعب بينهما يهمس لنفسه محاولاً عدم التفكير بسوء
" محال أنه ذهب لمنزل جدي صحيح ؟ فقط لأنه لم يتحدث عن هذا ، هو لن يذهب دون شك صحيح ؟! "
ضغط على المقود بقوة وانطلق بسرعة شديدة نحو المكان وقلبه ينبض بعنف ، يشعر بالرعب بشدة ويلعن نفسه أنه لم ينتبه أن الفين لم ينطق بشيء يخص جده رغم نوبة غضبه تلك ، كان يفكر أنه فظيع بحق لعدم مراقبته ومشاعر الخوف هذه انعكست على صغيرته ليقودها بسرعة جنونية ، أسوء مخاوفه هي أن يتورط ال معهم ، يدرك أي نوع من الوحوش هم وكيف انهم وهو منهم فعلوا كل ذلك به فكيف بشخص غريب ؟
خلال هذه المدة كان الفين أمام ذلك المنزل واقفاً هناك يحدق به ببرود شديد وعلامات الغضب تسيطر على ملامحه ، هو تعمد الصمت حتى لا يسأله ليو أو يفشي هو ما يخطط له
هو للان لم يغفر له أي شيء فعله بليو ويدرك أن والد ليو لن يفعل لهم شيء حقاً ، والآن وهو يسعى لاذيته مجدداً يشعر الفين بالخوف بحق فماذا سيفعل لو أنهم تسببوا بأذيته مجدداً ؟!كان موقناً أنه عليه التصرف سريعاً وحده قبل أن يتمادوا ، تقدم بخطوات واثقة بينما يخرج المسدس من مكانه ، هو أراد ما يكفي لإيقاع الرعب بقلب من يدمر حياة شقيقه مراراً ولم يستطع كبح احظار واحد حقاً وتفريغه برأسه ربما حتى !
وقبل أن يصل لتلك الباب شعر بيد تسحبه من يده وصوت أنفاس شخص ما يلهث ، التفت بسرعة ليفاجأ بشقيقه خلفه مما جعله يرتبك وظهرت ملامح الضيق عليه بينما يشيح بوجهه خصوصاً حين لاحظ ملامح ليو الغاضبة بشدة فور وقوع بصره على المسدس بيده
هو سحب يده بقوة شديدة نحو السيارة والفين تبعه بصمت دون أي كلمة ، فور الصعود بها الفين تجنب النظر له حتى ، ليو كان جالساً هناك يحاول استيعاب ما جرى ! لم يكفي قلقه على رفيقه وحسب بل الأكثر أن يحمل معه مسدس ومن يعلم ماذا كان سيحدث ؟! ضرب المقود بيده بقوة ثم التفت يحدق بالفين بعبوس شديد بينما يمد يده وهو يقول بنبرة غاضبة
" أعطني المسدس ال فوراً !"
سماع نبرة صوته ورؤية ملامحه جعلته يتنهد بضيق وسلمه السلاح دون أن ينظر
حين استمر الصمت لوقت طويل وبشكل خانق شرع ال بالتبرير بضيق
" ذلك الشخص اذاك مراراً ولابد من إيقافه ووضع حد له قبل أن يتمادى أكثر !"
أجابه بأستياء شديد وهو يحدق به بإستنكار
" اجل و الذهاب لمنزله مع مسدس حل مذهل اخي ! تذكر انه عرض حفيده للبيع اعطني سبباً واحداً لن يدفعه لزجك بالسجن ! "
ثم اردف بضيق اكبر
"ستكون فرصة مذهلة اساسا له ، احدنا طرده المساهمون و الاخر سجن و بهذا ابي فقد ما يقاتل لاجله ! "
الفين كز على أسنانه واجاب بضيق شديد
" أليس لهذا تماماً انا ذاهب له ؟! لأنه عرض حفيده للبيع هذا ما يجعلني لا أشعر بالأمان عليك منه وانظر هذه البداية فقط وانظر ماذا فعل ! فقط نويت اخافته وحسب ولن يجد دليل حقاً !"
استأنف حديثه مجدداً
" ولو ضايقك مجدداً لن اهتم بشيء حقاً سافرغه برأسه !"
هتف بشيء من الانفعال
" قصره اللعين مليء بالخدم و الكاميرات و المئات ممن سيشهدون حتى انك كدت تطلق لولا تدخلهم !
ثم أضاف بضيق :" لن اعيده لك و لن تشتري اخر او اقسم سأكون ضحيتك الاولى به !"
عبس ال بشدة ورد بعناد
"احتفظ به لا أحتاجه لقتله يمكنني قتله بالسكين ! ثم لا تقلق لن اقتله بهذه الطريقة السهلة بأي حال !"
عبس ليو بتذمر بينما التفت نصف جسده نحو رفيقه
" أنت أحمق ، لا تورط نفسك معه فحسب ! ليس و كأنه سيفعل امر اخر لفترة"
حدق به الفين بضيق بعد ان التفت ورد عليه بأستنكار
"تعلم أن هذا مستحيل ! هو أذى أخي ! لو اذاني شخص هل ستتجاهله؟"
رد من فوره دون تردد
"لا ! لكن مؤكد لم أكن لأخذ مسدس ما معي لمنزله !"
ابتسم بشر و هو يردف
" أعني من المذهل رؤية تساقط أسنانه أولاً ! "
ثم سرعان ما قطب حاجبيه سريعا يكمل بعبوس طفولي :" و أنت لا تقلب الأمر علي !"
ضحك الفين حينها دون شعور ثم قال بشيء من الإرهاق " حسناً لكن لن اعتذر على ما جرى !لست نادماً !"
اردف بينما يتذمر " كم هذا ممل حرصت على عدم اخبارك وبالنهاية علمت ! "
نظر له ليو بنوع من القلق قبل أن يبتسم براحة
"لا تفعل المهم انك بخير سيد متنمر"
ثم رفع أحد حاجبيه بكل غرور مصطنع و هو ينطق بنبرة متفاخرة :" ثم من المريع ألا يعلم أفضل و أروع صديق بهذا العالم عن أمر بسيط كهذا !
تسللت ابتسامة لشفتي الفين بينما يرجع جسده للخلف " لا بأس الأن عد للمنزل لكي أستطيع العودة قبل أن تنطلق الحافلة دوني يكفي اني خسرت فرصة مسح الأرض بذلك الوغد"
شهق من فوره معترضاً " مهلاً فظيع سأوصلك أنا !"
حدق به الفين بإستنكار بعسليتيه " لا تنسى انتهى اليوم لم يعد يحق لك استعمالها"
عبس ليو بقوة معترضاً " لا ! هذا تنمر لم ينتهي اليوم ساوصلك و أعود للمنزل مباشرة يا متنمر !
تنهد آلفين حين رأى اصراره وقال بصرامة بينما يحدق بليو بجدية "حسنا فقط اليوم ولا استثناءات أخرى !"
الحماس دب به مجدداً وانطلق مبتعداً واخيراً عاد قلبه للنبض بصورة طبيعية بعد أن كاد يفقد عقله حقاً ، هو قلق على رفيقه بشدة ورؤيته قربه وبخير هي كل ما تمناه !
~~~~~~
بمكان آخر وبتلك الغرفة الصغيرة عاد ذلك الشاب ذو الشعر الثلجي بعد أن قضى النهار بالخارج يبحث عن عمل ، اقبل الشاب ذو الشعر البني ليستقبله بينما يتسائل
"اذا ، هل من جديد ؟"
ابتسم هاري بود وهو يخفي يأسه ببراعة
"للأسف لا ! لكن لا بأس ساجد دون شك أن بحثت أكثر !"
حدق الشاب به بصمت ليتقدم هاري ويدنو من الجروين بينما يعبث بفروهما الأبيض بابتسامة لطيفة على شفتيه ، اخرج بعض ما اشتراه والذي كان طعام كلاب اشتراه لهما ليضعه بصحنهما ليجلس قربهما بينما يتناول طعامه أيضاً بسعادة ظاهرية
ذلك الشاب خرج من الغرفة حينها بصورة مفاجئة ليتوجه للخارج ،فور أن صار هاري بعيداً عنه ظهر الانزعاج الشديد على ملامحه ليكور يديه ويضرب الحائط بخفة وغادر المكان ككل بضيق
هاري والذي بقي وحده رفع قدميه ناحية صدره ليغمض عينيه ويسند رأسه على ركبتيه وهو يحاول الحفاظ على ابتسامته تلك رغم أنه يشعر بقلق شديد ويأس يتسلل لقلبه ، اخرج هاتفه ببطئ ليظهر صورة تؤامه فهمس بألم بينما يبتسم بإنكسار
" أخي العالم قاسي دون دفئك لكن لن أستسلم ، سأفعل ما بوسعي لاساعدك ! انتظرني وحسب !"
شعر بشيء اصطدم به فرفع رأسه ونظر ليجد الجرو قرب قدمه يحاول أن ينال من دفئه فأبتسم واخذه بين يديه ليحضنه في محاولة للصمود !
~~~~
بذلك المنزل
ايزابيلا تابعت استعمال كل الوسائل المتاحة للتهرب وبدل أن ينجح هذا بإغلاق الموضوع زاد الشك بقلب والديها
حتى والدتها التي لا تلح بالعادة شعور بداخلها يخبرها أن عليها الالحاح وهو ما جعلها تشعر بأستغراب شديد فلما داخلها يصرخ لهذا الحد مطالباً بالجواب ؟ هل صغيرتها بخطر ؟! لكن لم تصل لنتيجة بل زادت تفرعات أفكارها لتزيدها قلقاً
زوجها من ناحية أخرى بقي يحقق بملامحها وتصرفاتها كما لو كانت هي متهم ما ويجب إثبات أما ادانته أو براءته ، مر يوم بالفعل وهي تستمر بتصرفاتها فما كان منه إلا أن قرر أن يعقد جلسة أخيرة يتخذ فيها حكمه على الوضع
بينما كانت ايزابيلا جالسة بغرفتها تحدق برقم ال وتفكر بالاتصال به للسؤال عن ما حصل مع ليو افزعها فتح الباب من قبل والدها لتبعد الهاتف من فورها وضعته جانباً بتوتر واضح مثيرة شك أكبر بقلب والدها والذي حافظ على هدوء ملامحه بينما يتقدم نحوها
" إيزابيلا "
حدقت به بتوتر مجيبة بسرعة
" نعم !"
جلس على طرف السرير لتبقى عيناها العشبية ثابتة عليه وهو يحدق بها بنظرات ثاقبة لاكتشاف ما تخفيه
"اجيبي بصراحة وكفي عن اللف والدوران ايزابيلا ، من كان ذلك الشاب بذلك اليوم ؟ ولما تتهربين من الحديث كلما سألناك؟"
حاولت النطق للتبرير كالعادة لتستوقفها نظراته الجادة تلك والتي اربكتها أكثر لتخفض راسها وتجيب بعبوس ونبرة صوتها تصاعدت بشكل تدريجي
" لا رغبة لي بالإجابة ابي ، لا تضغطا علي اكثر ! يمكنك الإطمئنان هو ليس بشخص سيء كن واثقاً ، وصدقني سأغضب منك بشدة لو تدخلت وازعجته سأترك المنزل من فوري هذه المرة وليحدث ما يحدث !"
حدق بصغيرته بحاجبين مقطبين وعيناه احتدتا قليلاً حين سمع تهديد صغيرته ، تنهد بينما ينهض قائلاً بصوت هادئ قدر الإمكان
" لا تهدديني ايزابيلا تذكري انك تتحدثين مع والدك ! لا بأس ساتركه لفترة لكن لو تأخر بالتعريف عن نفسه سأتصرف!"
لم تجب بل زادت تجهماً وعبوساً وفور إغلاقه الباب هي امسكت بهاتفها ورمت بجسدها على السرير لتتنهد فاردة يديها على جانبيها ، رفعت الهاتف بين يديها لتحدق برقمه بوجنتين منتفختين
" اتلف مزاجي الآن أظن الأفضل تأجيل الحديث معه لوقت لاحق "
~~~~~~~
وصلت تلك السيارة لذلك الشارع الضيق ليتوقف ليو أمام منزل عمه هذه المرة ، كانت المرة الاولى التي يقود بها السيارة بعد صلحه مع عم الفين ، فتح الفين حزام الأمان ثم التفت مع ابتسامة على شفتيه
" اذا حان الوقت للعودة أخي ، كما قلت عليك القيادة ببطئ ، أن شعرت بالدوار توقف ، أن تعبت اتصل بي ، .."
قاطعه ليو بتململ
" وحين أصل اتصل بك لاطمئنك اعلم اقسم حفظته ! لا داعي لكل هذا القلق أخي لست ذاهباً للمريخ المنزل قريب ولست طفلاً يقود سيارة لاول مرة وتعلم انا من لن يقود مجدداً الأمر أشبه بحرب نفسية لكلينا ! وأن كان ما تفعله يعد تنمر !"
ابتسم الفين بخفة واستعد للنزول
" مع السلامة اذاً أراك غداً أيها الطفل !"
اغلق الباب قبل سماع تذمره وتوجه نحو الداخل بينما ليو غادر المكان مع ابتسامة مرتاحة على وجهه كانت قد هجرت ملامحه خلال الأيام الثلاثة الماضية ، انطلق عائداً للمنزل
فور دخوله استقبله عمه مرحباً بعودته بود
بالنهاية دخل غرفته الخاصة ليغلق الباب خلفه وتوجه نحو سريره من فوره ليرتاح ، اليوم كان طويلاً بحق عليه وان كان راضياً عن نتائجه، حدق بالسقف يستذكر كل ما جرى وشعر ببعض الذنب وهو يتذكر أن رفيقه اكتشف أمر السلاح ، هو ما رغب بذلك ابداً فهو خير من يدرك أي أفكار قد تخطر لليو الآن ، تنهد بأسى وتذكر المشكلة الثانية ، أكثر ما الم شقيقه كان تصرفات والده والذي تصرف دون أن يحسب حساب مشاعره وان كان يدرك أنه ليس بموقف يحسد عليه ، معرفة أن والده كان سبب ذلك ذكرته بوعد والد ليو له منذ زمن بعيد وجعلته يقطب حاجبيه بضيق فهو بما فعله الآن اخلف وعده لالفين تماماً !
التقط هاتفه وهو على ذات الحركة ثم رفع جسده لينهض ويتوجه لمكانه المفضل وهو الشرفة ، أرسل ما وجده لوالد ليو ثم انزل الهاتف مغمضاً عينيه ليستنشق الهواء بعمق ، قاطع لحظة شروده تلك رنين الهاتف ليرفعه ويرد من فوره حين وصله صوت ذلك الرجل القلق والذي كان يتحرك بمكتبه ذهاباً واياباً
" الفين ، ما هذا الفيديو ؟!هل ارسلته للجامعة ؟ وكيف ليو ؟!هو لا يرد على اتصالاتي !"
صوته القلق جعل الفين يتنهد قبل أن يهمس لنفسه بضيق
"كلاهما أحمق يقلق على الآخر ويؤلمه بالمقابل !"
رد حينها على عمه
" اريته للمدير بالفعل "
صمت الفين بعد هذه العبارة ليعود والد ليو للتسائل بقلق
" وماذا عن ليو ؟"
نبرته كانت هادئة كعاصفة على وشك الاهتياج لكنه كبح جزء غضبه مكتفياً بالكلمات لتعبر عن ما لديه من لوم
"عمي ، هل تذكر وعدك لي ؟"
توجه والد لليو للجلوس على كرسيه بينما يضع يده على رأسه وأجاب عن سؤال الفين بشيء من الضيق
" طبعاً أفعل !ما سبب هذا السؤال ؟"
أغمض الفين عينيه العسلية لثواني بينما يحاول استجماع كلماته ثم تباعد جفنيه واستند بالسور بظهره وهو يجيب بنبرة صارمة
"عمي أعلم أنك تمر بالكثير وأنك ربما لم تقصد لكن الوعد يبقى وعداً ، الحماية ليست جسدية وحسب بل نفسية كذلك وللأسف ما حطم ليو نفسياً هذه المرة كان انت لا غير !"
استأنف حديثه بعد ثواني بذات النبرة
" هو لا يعترف بهذا لكن كلمة واحدة منك تكفي لتحطيمه ودعني اخبرك آخر جملة قلتها له حطمته بجدارة ! هو ما كان مهتماً بقدر الامتحان بقدر كلامك ، أحتاج لشخص يدعمه نفسيا وظن انك ستفعل بحكم السجل الجديد لكنك خذلته !"
والد ليو صمت فحسب يغلق النقاش قليلا قبل ان ينطق بتعب و إرهاق :" أدرك أنني قسوت عليه بكلماتي لكنه من يدفعني للغضب بكل مرة ! أتريد إقناعي أنه لم يكن يعلم ان جده هو السبب ؟ اذا لما يصمت حتى يصل الاخرون لما يريدونه ؟ هو حتى لا يجيب ! ، انت تدرك أنه يوماً سيجلس على المقعد الذي اجلس عليه و يرى ان كل الضغط الذي يشعر به الان ليس سوى مزحة ! عليه ان يتماسك و ينهض بكل مرة فبعالم الاعمال لا مكان للسقوط و الراحة لانها النهاية اتفهم !؟"
أخذ آلفين نفساً عميقاً مجيباً بتفهم
" أعلم عمي لكن هي مسؤليتنا لمنحه الثقة الكافية للبوح ! هو يظن أنه أسوء شيء حصل بحياتك وانت أكدت له هذا لذا ان كان ظني صحيحاً فلا أظنه سيرد عليك حتى إشعار آخر هذا أن لم يحاول فعل شيء آخر للانسحاب تماماً ! أعلم أنك بذلت جهدك لاجله لكن عمي انت تدرك شخصيته منذ البداية لذا انت مسؤل عن وعدك "
اردف بينما يتجه للداخل
" وكما قلت لك قبلاً أن شعرت بالضيق بشدة لدرجة لا يمكنك كبح غضبك عليه أخرج غضبك بي انا حتى تهدأ فأنا خلافه أدرك انك لا تقصد ما تقول !"
تنهد مرهقاً وهو يحاول أن يرد ليشعر بالهاتف يؤخذ من يده ففتح عينيه اللتين اغلقهما ارهاقاً بتفاجأ ليظهر الارتباك على وجهه وهو يرى زوجته لورين تحدق به بعبوس شديد بينما تضع الهاتف على اذنها بعد أن سمعت كل المحادثة وايقنت من سبب الم صغيرها فكانت نبرتها ثابتة واثقة وتحمل الغضب والإنكسار
" الفين اترك الباقي لي ! ساتصرف انا ! لا أحتاج أن اوصيك دون شك لكن من فضلك اعتني به فهو كما قلت قبل قليل سيرفضنا لمدة على الأغلب !"
الفين والذي فوجئ بها تتحدث فجأءة وعدها فوراً ببذل جهده بهذا واخبرها أنه يعتمد عليها منهياً المكالمة محدقاً بالسماء بأرهاق ، دخل نحو غرفته وقرر النوم بعد ذلك اليوم الطويل
~~~~~
جلس ذلك الشاب بالزنزانة الصغيرة دون طعام أو شراب لمدة 5 أيام متوالية ، شعور بأن معدته تحترق وجسده كله ثقيل بشدة كان كل ما أستطاع الإحساس به
شعره الثلجي غطى عينيه وهو مستلقي بأرهاق رغم كل ذلك لم يكن نادماً على خطأه أو قلقاً على نفسه حقاً بل طوال الوقت هو كان يفكر بتؤامه وكيف يقضي وقته بالوقت الراهن وان كان على ما يرام او لا
سمع صوت باب الزنزانة يُفتح مصدراً صريراً مزعجاً وظهر الضوء مسبباً الضيق لعينيه اللتين ما رأيتا سوى ضوء مصباح صغير بالكاد يصل إليه فكان كل هذا المقدار من الضوء كافياً لجعله يغمض عينيه بأنزعاج بشيء من الصعوبة محاولاً النهوض ليسمع صوت أحد رجال الزعيم الذي غلفت السخرية صوته وكأنه يرى أمامه منظراً مسلياً لا شخصاً تم حرمانه أبسط حقوقه لخمس أيام متتالية
" انتهى عقابك ارجو انك تعملت الدرس ! الزعيم كان رحيم معك فكن شاكراً"
آثار هذا اشمئزاز هنري رغم أنه بوضع سيء اساساً ملامحه اقتضبت ونهض بينما يستند على يديه بصعوبة بالغة
استقام بعد جهد كبير ليتحرك ببطئ نحو الخارج ولا ندم ظهر على ملامحه مطلقاً ، وصل للخارج بعد مدة ليتسقبله تيار هواء بارد جعل اوصاله ترتجف بينما وضع كلتا يديه لتدفأه محتضناً جسده بخفة
تحرك مشجعاً نفسه بصعوبة للتوجه للمنزل والذي كان قريباً من حسن حظه وان كان الألم بانحاء جسده هو كل ما كان يسيطر عليه ، توجه قرب أقرب آلة بيع وقام بأخذ قنينة ماء من فوره فرغم كل شيء العطش كان مصدر معاناة آخر بكفة أخرى مقارنة بأي شيء اخر
فتح القنينة بصعوبة بينما يستند للحائط وشربها دفعة واحدة ، قام برميها فور انتهائه بينما ذراعه أخذت طريقها لتمسح باقي القطرات وتحرك مجدداً هذه المرة وبدل أن يكمل طريقه للمنزل قرر التوجه نحو الحديقة التي اعتاد قضاء الوقت فيها
فور وصوله ذهب نحو الشجرة الكبيرة ليستظل تحتها ويستلقي على العشب الأخضر تحته والذي بانت عليه ملامح الشتاء متمثلة ببقايا ثلوج لونت الأرض بلون شعر هنري حتى صار الأخضر والثلجي مزيجاً واحداً يرسم لوحة على الأرض وجاء هنري ليكون طرفاً جديداً بتلك اللوحة ، وضع كلتا يديه اسفل رأسه واغمض عينيه متجاهلاً الم معدته الذي يمزقها بسبب الجوع
لم يمضي سوى ساعة ربما حتى فتح عينيه بصعوبة وهو يرى ظل شخص ما فوقه يبتسم له بحنانه المعتاد وهو يمسح على شعره بخفة جعلته يفتح عينيه بأرهاق وهو يحدق به بابتسامة واهنة
"هل عدت ؟اشتقت اليك هاري "
ابتسامة الأصغر بدأت بالتلاشي و هو يضع رأس شقيقه بين أحضانه ينطق بنبرة مُتألمة :" أنت لم تفعل أخي ! لو اشتقت لي حقاً لأعتنيت بنفسك لأجلي ! أنا بذلت الكثير لأعتني بنفسي فقط من أجلك أنت"
حدقتا المعنى اتسعت ثم سرعان ما أشاح بوجهه بخجل من تؤامه على تصرفه وهو يجيب بعبوس
" لم أفعل شيء أخي انا ارتاح كما ترى !"
المعنى نفخ وجنتيه بعبوس شديد وهو يجيب بطفولية
" وعدم تناول أي شيء منذ خمسة أيام للان ؟!إن لم تأكل سامتنع عن الطعام !"
شهق هنري ونهض سريعاً وهو يمسكه من كتفه
" ساتناول أعدك !"
ضحكة هربت من بين شفتيه وسرعان ما ضحك بخفة ليجيب بامتنان
" شكرا اخي ، اعتمد عليك !"
فتح هنري عينيه وشعور بالدفء أجتاحه لكنه وفور نهوضه بصعوبة لم يجد تؤامه معه ، شعور الدفء ذاك امتزجت معه خيبة أمل من الواقع وايقن أن ذلك مجرد حلم من صنع خياله ، ابتسم بإنكسار بينما يهمس
" أن كان هذا ما تريده حتى ولو بالحلم سأحققه لك !"
نهض بصعوبة ونفض التراب عن ملابسه بينما يتجه للمطعم القريب لتناول الطعام وهو يفكر بتؤامه مجدداً وان كان حقاً يأكل أم لا !
~~~~~~
بمكتبه جلس ذلك الرجل ذو الشعر الداكن بينما يقرأ بعض القضايا الممنوحة له حتى سمع صوت طرق على الباب ، رفع رأسه بينما يضع الأوراق جانباً معطياً الأذن للرجل بالدخول ، دلف للغرفة مساعده الأيمن والذي احظر له نتائج تحليل البصمات فأبتسم له معبراً عن شكره ثم أخذ النتائج من فوره ومعها نتائج تحليل عينة الدم
بدأت زرقاوتيه تتجولان بين السطور بينما يقرأ النتائج ، ثواني حتى انقبضت يده تمسك بالورقة بقوة وعيناه لا تصدقان ما قرأه ، دقات قلبه ازدادت وهو يربط كل ما يحدث مؤخراً ، همس وعيناه لا تفارق ذلك السطر
" أيعقل أنه هو ؟! هل كان طوال الوقت ....."
ترك الأوراق من يده ورفع يده لتستقر على جبهته وهو يفكر بعمق ، سرعان ما همس مجدداً وهو لا يصدق بعد ما يجري
" ذلك اليوم ايزابيلا ....."
فجأءة خطر على باله شيء جعل قلبه ينقبض أكثر ، أسرع يتفقد الأوراق الخاصة بتحليل الدماء ليقراها بهلع لكنه سرعان ما تنهد براحة ، أعاد بصره للورق مجدداً ثم همس بأرهاق
"ادام البنسون؟ من كان يظن أنها دمائه ! "
نهض من كرسيه متوجهاً نحو الدرج الذي ضم أكثر الملفات سرية بحثاً عن بعض القضايا القديمة وما يشغل عقله أكثر من كل هذا هو هل ما توصل إليه صحيح ؟ وبدل أن يترك نفسه لتلك التساؤلات هو قرر إجراء أبحاثه الخاصة بخصوص الأمر
يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top