الفصل الأخير + رمضان كريم

ملخص لمن نسي  الأحداث ( الجميع فعل غالباً)
ليو والفين بطلا الرواية ، الفين اختطف من قبل سامويل وهو فاقد للذاكرة ، ليو وجده .

هنري وهاري التؤامان وابنا عم سامويل

ارنيست شقيق سامويل و آلكسندر ابنه

جين كاميليا و ايزابيل أسرة آل

برايان ولورين والدا ليو

مارسلينو المحقق الذي ساعد هاري

سيتو ابن عم ليو 

م/ الفصل طويل جداً ، نرجو قرائته بوقت راحتكم دون أن يؤثر على أجواء رمضان من قرآن وتراويح وغيرها  ❤

وكختام شكراً لانتظاركم قراءة ممتعة وانتظر آرائكم

" سيموت قلبي، من كثرة تراكم الأيام، تراكم الأحلام المحطمة، الأمل الخائب، تلك التي أبتلعها بطعمٍ مر بكل مرة مواسياً أنها الجرعة التي سأتجرعها لتنفجر مُجدداً داخل قلب غير قادر على الشكوى حتى"

___
--------

استيعابه كان أكثر بُطئاً من أي وقت مضى، كلمات رفيقه التي حاول بها بث و لو القليل من الأمل بداخله بدت فارغة بشكل لا يقبل النقاش حتى..

صمته كان مُثيراً بالريبة بقلب كل من يعرفه ، هو لم يُبدي أي حركة عندما تقدم رجال الإسعاف لأخذ رفيقه و لا حتى عندما تقدمت الشرطة لاعتقال من حوله..

و مُقابلاً له وقف إيرنيست بنوع من الصعوبة رغم كل إصابته إلا أنه رفض المُسعفين و بقى بجوار ليو حيث انخفض يجلس أمامه القرفصاء لكنه لم ينطق و لو بحرف واحد بل إن دموعه المختلطة بدمائه هي ما فعلت!

لقد كانت مواساة صامتة لعلمه أن لا شيء قد ينطق به سيشكل أي فرق، لكنه رغم هذا لم يود الذهاب لأي مكان و تركه هكذا..

لم تكد الأمور تهدأ حتى عاد بعض الضجيج للصدور أجبر ذلك الشاب على رفع مقلتيه الزرقاوتين و التي امتلئت بالدموع سابقاً ليلاحظ إفلات سامويل من الشرطي الذي يُمسكه ينطق بسخرية :" فقط تبقى عمل واحد غير منجز"

هو نجح بإخراج سلاحه الذي كان يخبأه جيداً بين ثنايا ثيابه لئلا يكون ظاهراً ثم وجهه للاتجاه الاخر تحت تهديد الشرطة له بتركه على الفور

كل تلك الحادثة لم تستغرق عدة ثوان لا يستطيع المرء الغرق بتفاصيلها إلا أن عينا ليو ثبتت بصرها على فوهة المسدس و قبل أن يدرك حتى كان قد شهق لتلوث وجهه و ثيابه بالدماء!

شيء من عدم التصديق كان واضحاً على ملامحه عندما شاهد سقوط جسد الشاب ذو السادسة عشرة عليه إذ تمكن من الشعور بثقله و دفء دمائه التي تم انتهاك حرمتها اكثر من مرة على يد من يفترض به أن يشاركه إياها..

و سامويل رفع يديه باستسلام فوراً، مارسيل و الجميع أرادوا محاكمته حياً فهو عليه الاعتراف بجرائمه و ببراءة ليو و آلفين، عليه الاعتراف عن والد هنري و هاري و كل جرائمه الخفية و المعلنة، و هذه التي وقعت هنا تواً إلا أن أي منهم ما تحرك لفترة من هول الصدمة، خلال تلك الثواني التي أفلت بها انطلق شرطيان لحماية ليو إذ كان الاعتقاد أنه الهدف لكنه حرر نفسه مخاطراً بأن يتم قتله أولاً فقط ليكون ضحية سلاحه هو شقيقه الأصغر دون غيره بمشهد يؤكد للمرة الألف أنه فقد كل ما قد يميز البشر..

_:" إيرنيست؟"

للمرة الأولى هو نطق بنبرة كان من غير الواضح عليها ما تحتويه من مشاعر لكثرتها، أصوته حزين أم مرتجف؟ أدموعه تهدد بالانفجار أم أنه يوشك على تفجير ظلمة لا نور بها؟

ما بال ذاك التناقض بمشاعره الآن؟ يشعر كما لو أنه ما عاد قادراً حتى على إزاحة الشاب عن جسده، فقط كما لو كانت طاقته انتهت، لا هي أساساً كذلك منذ لحظة وصوله لرؤية رفيق طفولته بذاك المظهر..

و الآن هذا، شد على قبضة يده بقوة عندما تقدمت فرق الإسعاف من الشاب الذي كانت عيناه مغلقة لكن ذكرياته و عقله لم تكن خامدة كجسده الذي تم حمله بعناية نادرة..

بل إن ذاكرته أبت إلا أن تعرض عليه العديد من الأحداث التي عاشها، طفولته السعيدة بالبداية ثم بدأ انهيار كل شيء مرورا باللحظة التي أمره سامويل بقتل طفل حاول انقاذه ليقتله الأكبر أمامه جاعلا جسده يمتلئ بالدماء التي أراد حمايتها..

مقابلته لآلكساندر التي شكلت بداية التغيير بالنسبة له حتى اللحظة فقط و إن مات الآن هو ما عاد نادماً لقد نجح بإيصال سامويل للشرطة لتوقفه، ليعدم ليس كرها به بل إنقاذاً لما تبقى من ذكرى ' سامي' خاصته ..

فهو الوحيد الذي عرفه قبل أن تقتله الآيام محولة إياه لهذا الوحش الذي ما عاد يمتلك بصيرة حتى..

بالنهاية الشرطة افرغت المكان بعد أن تم تقييد سامويل ليقوم مارس بعرض أن يوصل كل من جين و ليو للمشفى و كلاهما تجاوب معه بشكل ضعيف خافت..

و من قد يلوم أي منهما؟ للتو شهد كِلاهما منظر ما كان أحد يتمنى أن يكون مكانهما و لو لثوان، أب فقد ابنه للمرة الثانية و رفيق قضى حياته و تابعها لوجود الآخر بجواره لا أكثر...

لذا هذا الهدوء الذي غرق كل منهما به كان متوقعاً و لكنه يأمل أن لا يكون صمت ما قبل عاصفة قد يفتعلاها..

___
--------

خبر اعتقال أحد أهم رجال الأعمال بالبلاد كان له تأثير صاخب حقاً و صدمة كبيرة على مستوى البلاد و خارجها بل إن سماعهم انه هرب من أيدي الشرطة فقط لإطلاق النار على شقيقه الأصغر جعلتهم يفكرون بكم يُمكن لنا العيش و التعامل مع أناس نكتشف لاحقاً انهم أبعد ما يكون عما فكرنا بهم حقاً..

ذلك الخبر رغم انه تسرب بشكل لم تتوقعه الشرطة إلا أن قضية سامويل تحولت إلى قضية رأي عام إذ تم الإعلان بعد الضغوطات أن محاكمته ستكون علنية و يمكن لمن يشاء حضورها..

أسبوع كامل كان قد مر على ذلك و بكل ساعة تمر كان الغطاء على عدة جرائم يكشف بينما تنطلق سيارات الشرطة لاعتقال المزيد من المتورطين..

لكن كل تلك الأخبار ما كانت مهمة حقاً بالنسبة لتلك الأسرة التي كانت تجلس بكل كآبة حقيقية على الكراسي المعدنية بالمشفى..

عندما أوصلت سيارة الأسعاف آلفين للمشفى هم ما تلقوا أي خبر عنه لعدة ساعات وصلت للإثنتي عشرة ساعة مرت كما الدهر عليهم..

بالمقابل بعد ثلاث ساعات أعلن الطبيب أن وضع إيرنيست لازال محتفظاَ بخطورته و عليه البقاء بغرفة العناية المتوسطة و التي ما خرج منها هو الآخر..

لكن على الأقل هو كان قد استيقظ بعد أربعة أيام ليجد كل من آلكس و التوأم حوله حيث تناوبوا على البقاء رفقته و عدم اهمال الاطمئنان على آلفين بذات الوقت...

و الأخير ما استطاع الطبيب حقاً طمأنتهم بشأن صحته و حالته، اجل هو حي لكن متى سيصحو؟ ما نسبة الأضرار التي قد تستمر معه كل هذا كان مجهولاً بشكل مخيف للغاية لهم..

تم نقله بعدها للعناية المشددة و منعت زيارته بشكل قاطع..

بذلك اليوم ليو حدق به من خلف الزجاج بعينين ترتج كل ثانية و بذات الوقت مظلمة بشكل مخيف، هو كان لازال ملطخا بدماء رفيقه هذا و إيرنيست كما لو حظي بحمام ببركة من الدماء حقا

و رائحته كانت تجعله يشعر بالغثيان لذا بوقتها غادر المشفى بكل خطوات هادئة تحت وطئة قلق الآخرين التي تضاعفت لردة فعله بحجة أنه سيبدل ثيابه و يستحم لكنه و منذ ذلك الوقت لم يعد للمشفى حقاً رغم كونه و بعدها بيوم واحد فقط عاد للعمل مع جده و سيتو بالشركة..

و الآن و بعد مرور الاسبوع بالكاد كانت كاميليا تجلس قرب تلك الغرفة تحدق بصغيرها من خلف الزجاج دون أن ترمش لو أمكنها ذلك..

هي رفضت و بشكل قاطع مغادرة المشفى و لو لثانية واحدة بل قضت أغلب الوقت تقف هنا تراقب صغيرها لئلا يفوتها ان رمش مثلا او حرك أصبعه حتى...

جين لم يستطع حقاً ترك زوجته هو الآخر و ان كان جزء منه أراد فقط الانطواء على نفسه بشكل كامل و السماح لتلك الدموع التي لا يمكنه إظهارها هنا من الانهمار

لكن أيمكنه أن يغامر حقاً بترك زوجته و هي شبه منهارة هكذا؟ و كأنه بحال افضل لكنه رب هذه الاسرة الذي فشل بحماية ابنه للمرة الثانية لكن على الأقل ليحاول تدارك الأمور لأجل الفين نفسه و إيزابيلا

حدق بكوب القهوة الذي مد أمامه فجأة قبل أن يرفع بصره بنظرة مُلئت بالامتنان اتجاه برايان و الذي بقي برفقتهم و زوجته دون انقطاع..

إيزابيلا لم تكن بحال افضل من والدتها للحق هي بدت كمن فقد شيء لا يمكنها تعويضه و مغادرتها المشفى و لو لدقيقة كان من المستحيلات حرفيا..

دموعها تيبست فوق خديها لتبقى آثارها بينما مقلتيها الزرقاوتين حدقت بما أمامها بشرود مطلق و كأن مشاعرها انتهت فحسب، أو الصدمة بدت أكبر مما يمكنها احتماله ببساطة..

لورين كانت تجلس تارة و تقف بجوار كاميليا بتارة أخرى , تدرك تماماً أن تخطي هذه المشاعر ليس بالأمر السهل و رغم ذلك كعادتها هي تمكنت من الحفاظ على رباطة جأشها قبل فتره وجيزة ألم تفعلها وتمكنت من الصمود أمام خبر ذلك الحادث الذي كاد يودي بحياة ليو ؟

و الآن هي تعيش موقف مشابه رفقة الشاب الذي إعتنت به خلال السنوات الماضية كما لو باتت تمتلك صغيران , رغم ذلك لم تستطع السماح لمشاعرها الخاصة بالظهور للخارج رغم رغبتها بشكل حقيقي من البكاء كطفلة صغيرة فلماذا عليها حقاً و بوقت متقارب من اشتمام رائحة الموت بالقرب من صغيريها ...

و هل ليو الآن بخير حقاً ؟ ذلك الذي اشغل نفسه بالعمل و كأنه لا يوجد أمامه سوى الغرق أكثر فأكثر به لدرجة تفرغ كل من برايان و والده لوجوده بمكان كلاهما فقط هذا ليس عادلاَ , ليس من العدل أن تدرك هي جيداً أنه إن لم ينجو آلفين و يقاوم فهي لن تفقده وحده بل إن ابنها الآخر سيتبعه بلا نقاش حتى و لو قام بسفك دمائه بيديه هو !

و بخطوات مُلئت بالتردد المصحوب بالألم , وجه شاحب و أعين منتفخة تقدمت أنجيلا منهم لرؤية آلفين لأول مرة ربما؟ كم يحتاج المرء لاستجماع شجاعته لرؤية شخص أحبه بكل جوارحه مُستلقياً بوجه شاحب غير واعِ لما يقع حوله من أحداث بعقل مُغيب عن الواقع كحال جسده الهامد ..

قطعاَ ما كان الأمر سهل حقاَ بالأوضاع الطبيعية فكيف بواقعها هي ؟ ما اقترفته والدتها و الذي يكاد يجبرها على الدوس بكل قسوة على قلبها و مشاعرها ككل , لكن الأن هي تعترف حقاً أنها تفضل فعلها و إلقاء كافة مشاعرها بسلة قمامة حتى , فقط لتعود الحركة و الحيوية لذلك الجسد الراكد هناك و الذي يحول ما بينها و بينه هو ذلك الحائط الزجاجي ..

و ربما ما كنت تخشى وقوعه حدث حقاً فما إن وجهت لها كاميليا بصرها حتى بدى على ملامحها عدم الرضى و الاستياء إذ نطقت بكل برود و ضيق :" غادري فوراً "

فتحت الفتاة الشابة فمها بينما مقلتيها ذات لون البنفسج حدقت بمن أمامها بنظرات مُستعطفة ربما ؟ إلا أنها ما استطاعت الحديث حقا إذ دفعتها الكبرى بنية طردها بالقوة , تماماً كما لو أنها وجدت الوعاء الذي يمكنها سكب كل مشاعرها و توترها به و ما يحدث لم يرق لإيزابيلا التي نهضت من مكانها تحشر جسدها بين والدتها و ابنة عمها تنطق بنبرة مُستنكرة رغم أن صوتها كان مُشبع بتعب ا تواجد به سابقاً :" أعتقد أنه يجدر بك الهدوء أمي دون تفجير غضبك بأنجيلا بلا سبب هكذا مهما كانت مشاعرك و حالتك حالياً "

أجل هي تعلم أن ابنة عمها لابد أنها قد ترددت و فكرت مئة مرة قبل محاولتها للقدوم لذا لا يحق لأحد طردها و هي لم تفعل آي شيء يسيء لهم أو لشقيقها الراقد و إلا لكانت هي أول من يركلها خارجاً...

رغم كلماتها تلك إلا أنها وجدت نظرات والدتها التي وجهتها لآنجيلا توجه نحوها حالياً بينما هتفت الكبرى :" إذن لما لا ترافقين ضيفتنا للخارج؟"

_:" أُمي!"

هي هتفت بحدة غير مقصودة قبل أن توجه بصرها لوالدها لكن و قبل وقوع المزيد حقاً وضعت آنجيلا كف يدها على كتف الصغرى علها تهدأ قبل أن تنحني باعتذار و تغادر فحسب..

هي أتت لرؤية آلفين فقط و فعلت لذا لا بأس بمغادرتها أساساً ماذا يمكنها أن تفعل لأجله؟ ليس و كأنه سيصحو فور تواجدها صحيح؟

و ما إن ابتعدت عن الرواق هي توقفت خطواتها عنوة عندما وصلها صوت عمها الذي وقف أمامها بكل هدوء :" أعتذر يا صغيرتي على ما حدث فقط كاميليا متعبة حقاً و إلا هي تعلم أنك بلا ذنب اتجاه ابننا"

و الشابة حدقت بملامح عمها المُرهقة و الشاحبة قبل أن تومئ له بخفة و تطالبه بالعناية بنفسه

و من جهة أخرى كتفت إيزابيلا ذراعيها لكنها و قبل أن تنطق بحرف انخفضت لورين إليها لتهمس بلطف أنه ليس الوقت المناسب حقاً للحديث الآن..

برايان راقب كل ما جرى بصمت بالغ، بالنهاية لا يوجد ما يسمى بالصواب و الخطأ، هو يمكنه تفهم السيدة كاميليا و مشاعرها فمن سيرغب اقتراب شخص تمت اهانة ابنه بسببه منه؟

و بذات الوقت يعلم أن الفتاة لا ذنب لها و بكل الأحوال هو حقاً لا المكان و لا الزمان المناسب لنقاش أمور عميقة كهذه، فقط ليصحوا آلفين أولاً، لتعود الابتسامة و الحياة لوجوههم و لو قليلاً و حينها فقط ليحدث ما يريد هو و لن يجد من يعارضه حقاً...

_____
------------

خُصلاته الزرقاء الداكنة كانت قد صففت بعناية تامة بينما هو ارتدى قميصاً أبيض رسمي مع بنطال باللون الأسود و الذي صنع من أفخم أنواع الأقمشة..

ساعته زينت معصمه تتفاخر هناك بمدى ارتفاع ثمنها، و صاحب تلك اليد عيناه الزرقاوتين كانت تغوص بالأوراق التي بين يديه بالكثير من التمعن و الجدية..

هذه الصفقة حقاً أتعبته! هي مع شركة من خارج بلادهم و الشروط التي بها يصعب تحقيقها لكنه يريد أن يظفر بها مهما حدث..

و مقابلاً له جلس ابن عمه محدقا به بحاجب مرفوع، ملامحه كلها كُتب عليها الاستنكار التام من أفعال ليو الغير متوقعة أو الطبيعية حتى!

ما بال كل هذا الهدوء الذي يطغى عليه؟ فقط حرفياً يشعر بالخوف من النظر لتلك العينين التي بدت قريبة من أعين شخص ميت..

ثم حرفياً ما معنى عدم توجهه للمشفى؟ لا هو حتى لا يحاول السؤال عن حال صديق طفولته أو ذاك الفتى الذي سقط بين يديه و قد استحم حرفيا بدمائه..

عمه يخبره بالتطورات دوماً عن حالة كلاهما و من أمامه لا يبدي أي ردة فعل حقيقية، هو فقط يستمع له دون تعليق قبل أن يعود للعمل فحسب

الجميع يراقبه بحذر تام، و كأنهم بانتظار انفجاره بأي ثانية و بطريقة ما المعني كان يدرك ذلك جيداً...

انتظارهم لانفجاره هو و مشاعره، يرونه مثل قنبلة مؤقتة لكن دون معرفة كم بقي عليها حتى تنفجر...

و هنا هو وجد نفسه يتسائل هل ينفجر بالنهاية حقاً؟! هو بحد ذاته لا يعلم حقاً...

يشعر ببرود قاتل يسري بجسده بدلاً من الدماء، و كأن لا شيء يعنيه بهذه الحياة و بذات الوقت لديه ذاك الشعور و كأن أحدهم يضع إحدى يديه على عنقه مانعاً إياه من التقاط أي نفس بينما اليد الأخرى امتدت لقلبه تعتصره بقوة رهيبة مؤلمة..

شعور لا يمكن وصفه و ألم لا يشعر أنه قادر عن التعبير عنه، بئر عيناه نفذ مخزونهما فجأة دون أن يستخدمه بعد، فقط هو عاجز حتى عن ذرف أي نوع من الدموع...

لذا حتماً هو لا يعلم ما هي خطواته التالية، كيف قد ينفجر و فقط حتى و إن فعل بماذا قد يفيد هذا؟

لا بحياته كلها هو ماذا فعل؟ ماذا حقق؟ أي وعد أطلقه على نفسه و حققه دون فشل..

و لا واحد، كل شيء يعتزم على فعله يفشل به لذا ما فائدة الغضب أو الانفجار و هو من يستحق حرفياً العقاب على كل تلك الأخطاء الفاشلة التي كانت تجعله يخفق بكل مرة بشكل سخيف للغاية..

يستحق أن تنفجر به قنبلة و ليس أن يفجرها هو..

تنهيدة خافتة صدرت منه بشكل هادئ يضع الأوراق على المكتب و قد أظلمت عيناه بشكل أكبر مما هي عليه هذه الفترة حتى..

حقاً يود الهرب من هذا الجحيم لكن إلى أين؟

أفكاره تم قطعها عند دخول تلك الفتاة ذات السابعة عشرة ربيعاً بخصلاتها ذات لون البنفسج الزاهي و عيناها الزُمردية الواسعة..

أجل بشكل رسمي تم إعلان ارتباط ليزا بسيتو بعد إلقاء القبض على سامويل بيوم واحد فقط إذ كان والدا الفتاة راغبان بتسريع هذا الارتباط مع أسرة سوين و ان لم يكن مع وريثها الأول يكفي أنهم يرتبطون بأسرة شديدة الثراء و واعدة...

هي فقط وقفت قرب سيتو تحدق بليو بعقدة حاجبين تنطق بينما تشير له :" ألا يبدوا قريبك مخيفاً أكثر من العادة سيتو؟"

و المعني حدق بها بنوع من الهدوء المطلق قبل أن ينظر لليو الذي رفع أحد حاجبيه بنوع من الملل و البرود فهو كم مرة يجدر به الاستماع لعبارات مشابهة حقاً؟!

و سيتو وقف ينظر لابن عمه مكتفا يداه لصدره يجيب بسخرية :" لا عزيزتي هو فقد عقله و لا يستطيع إيجاده بعد لذا كما ترين يتصرف بشكل سخيف للغاية"

و تلك السخرية انتقلت لليو إذ رسمتها ملامحه بكل دقة يعيد ترتيب خصلاته التي كانت مرتبة أساساً ثم أمسك بمعطف البدلة التي كانت على الكرسي يثنيها على ساعد يده بينما يمسك بالأوراق بيده :" أجل بالفعل، فقط ماذا يبقيك هنا حول هذا المجنون ها؟ لماذا لا تغادران لسويسرا؟ انتهى كل شيء و يمكنك الرحيل ببساطة"

بالاستنكار ملئ وجه الأكبر بينهما بعدة شهور :" ها؟ هل تقول أن كل شيء انتهى ليو حقاً؟ هل أنت رأيت نفسك مؤخراً في المرآة؟ لا هل قلبك موافق حقاً على تواجدك هنا؟ "

و الأصغر سار لمغادرة المكتب لكنه توقف يجيب بتهكم :" لا، لأنه يطالبني بالتواجد باجتماع أكثر أهمية من البقاء مع طيور الحب اللذان يشعران بالملل"

صك الأكبر على أسنانه بكل قوة قبل أن يتحرك سريعا يمسك ليو من ياقة قميصه ثم و قبل أن يجد الثاني الوقت للاعتراض حتى كان وجهه قد استدار و سقطت الأوراق منه بفعل تلك اللكمة التي وجهت له :" توقف عن هذا الجنون أيها المختل! توقف عن تعذيب نفسك بطرق سخيفة لأنك تتوهم أمور لا حقيقة لها، لست الوحيد الذي عجز عن حماية من يحب و أساساً هل يمكن للمرأ حقاً فعلها دوماً؟ لو كان هذا ممكناً لما فقد أي منا أعزائه و لنجح والدك و والد رفيقك من حمايتكم من السجن! لما مات والداي لأبقى وحيدا، لكن هذه الحياة لا تسير بهذه الطريقة أتفهم؟ "

ليزا كانت واقفة خلفهم تضع يدها على فمها بينما الدموع تجمعت بعيناها، هي لم تبكي لكنها جدياً شعرت بالألم الشديد، بالنهاية سيتو سحبها رفقته للخارج و من خلفهم جلس ليو أرضاً هو جمع أوراقه و تأكد من عدم وجود ذرات الغبار عليها..

الألم كان يحيط بقلبه أكثر فأكثر لكنه لازال عاجزاً عن رسم ملامحه على وجهه حتى..

نهض يمرر يده مكان اللكمة متنهداً بهدوء فهو الآن عليه حضور الاجتماع بهذا الأثر السخيف بسبب غضب الآخر غير المبرر

فقط ماذا حدث له جدياً؟ ليس و كأنهما مقربان لدرجة خوفه عليه مثلاً صحيح؟ ألا يتصرف بشكل درامي مبالغ به؟

أو ربما هو من تحول لقطعة جليد لا تشعر فجأة، لا يعلم حقاً سوى انه تابع سيره للإتجاه نحو الاجتماع ببساطة مطلقة..

___
--------------

النهايات لا يشترط بها حدوث السعادة المطلقة، قد تكون أحياناً نهاية مفجعة و بأخرى قد تحمل بين طياتها السعادة و الألم بذات الوقت..

خُصلاته الشقراء كانت مبعثرة حول تلك المادة الملتفة على رأسه بينما كان بصره شارداً، هم يكادون يصلون لخط النهاية بعد اعتقال شقيقه الأكبر..

شقيق؟ فقط أيستحق سامويل لقب مقدس كهذا؟ هو حتى آخر لحظة أراد قتله، لم يستسلم قط و لم يتردد لحظة واحدة لا بتعذيبه و بالهرب مخاطرا بحياته فقط لأجل إطلاق النار عليه..

لماذا؟ لا يعلم، لكنه لازال واثقاً بقرارك نفسه بكونه تمنى رؤية شقيقه المحبوب و لو لثوان، رؤية الندم بعينيه لكن أحلامه تلك كانت كثيرة للغاية عليه..

و رغم هذا لا تعد نهايته سيئة حقاً صحيح؟! بصره اتجه للطفل الذي يجلس بجواره يغوص بالكتاب الذي بيده ليبتسم بخفة على مظهره...

هو لم يخرج من هذه المعركة وحيداً بل لديه سبب و قوي للغاية لينهض بأسرع وقت..

الأطباء اخبروه أنه قاوم بشدة و إلا فهو كاد يتوقف قلبه عدة مرات خلال العملية و يدرك تماماً أنه ما فعلها إلا لأجل هذا الصغير..

ابتسامته العذبة كانت تصبح أوسع بينما يميل برأسه بلطف :" إذن إلى متى سيبقى آلكس الصغير رافضاً الحديث معي؟"

و المعني تجاهل عمه بشكل كامل يغرق نفسه بالكتاب أكثر فأكثر!!

عبوس لطيف طغى على ملامح الأكبر و الذي آمال برأسه محاولاِ اختراق مجال نظر الأصغر عله يستعطفه أكثر فأكثر..

آلكس قطب حاجبيه فوراً يغلق كتابه بعنف جعل الأكبر يبعد رأسه بتوتر مضحك :" حتى تتعلم الحفاظ على نفسك و حياتك"

_:" لقد تعلمت ذلك أقسم لك! انا الآن فقط لا أتمنى أي شيء بهذا العالم سوى العيش معك و رؤيتك تكبر و تتفوق.."

رفع الأصغر بصره نحوه يبحث عن الكذب لكلماته لكن ما وجده كان أكبر ابتسامة دافئة رآها بحياته كلها.!

لذا هو اشاح ببصره عنه يُحاول أن يمنع دموعه من الانهمار مجددا لقد مل من ذلك يقسم بهذا، لم يعد راغباً بالبكاء..

كل من هنري و هاري حاولا إخفاء إصابة القابع أمامه الآن عنه لكنه علم بها بالنهاية فكل الأخبار و الصحف تحدثت عن إطلاق ذاك اللعنة النار على شقيقه الأصغر، و فقط وقتها شعر بأنه يرغب بإيقاف قلبه عن العمل..

هو اعتقد أن عمه هذا مات فقط و لم ينجح أحد بإقناعه بعكس ذلك حتى رآه لازال حياً و إن ما كان واعياً حينها..

لم يشعر بتلك الدموع التي كانت تنهمر دون إرادة منه إلا عندما شعر بنفسه بين أحضان الأكبر الذي غمره مجدداً بمقدار هائل من الدفء لكن هذا كان لعدة دقائق فقط عندما هتف الصغير فجأة بينما يبتعد :" لحظة واحدة من سمح لك النهوض عن فراشك؟ عد له حالياً و إلا اقسم أنني من سيغادر هذه المرة."

شهقة صدرت من الأكبر الذي رمش عدة مرات متتالية قبل أن يصله صوت ضحك هاري الذي دلف للغرفة قبل لحظات فقط :" فقط أنظر كيف تمكنوا من تحويل طفل لطيف لآخر شرس"

توأمه رفع احد حاجبيه باستنكار فهو و بشكل كلي قصده و آلفين حتى لو لم يظهر ذلك!

و نظرات هنري دفعت ضحكة أخرى للصدور من هاري بينما أشاح آلكس بصره بخجل..

بالنهاية هذه ما كانت أول مرة يجتمع بها الأربعة بعد استيقاظ آيرنيست

الى هنا

___
---------------

الأخ هو السلاح الذي نستند عليه إن تراكمت علينا الضغوطات، هو ذاك الأمان الذي منحته لنا الحياة دون مقابل، الطريق للقمة يبدأ بيده التي تمسك أيدينا، هو من لا ترد حتى الروح إن طلبها كيف لا و هو من يشد به العضد؟

لكن ماذا إن امتلكنا كل تلك المشاعر، لو كنا نود منحه الروح حتى و فشلنا، كم مرة يستطيع الشخص مراقبة انهيار من قال انه يحميه؟

كيف يمكن للفرد اعتبار نفسه شخص ناجح و هو فشل بمهمة واحدة فحسب ' حماية من يهمه أمره'

يؤلمه بشكل خاص أن آلفين الذي خُطف كان فاقداً للذاكرة حتى، يتشبث به دون غيره و خذله هو..

و هل هي المرة الأولى حقاً؟ حادثة كهذه ألم تقع بالسجن أيضاً؟ هناك عندما تحطمت شخصية آلفين اللطيفة للأبد بينما انكسر هو و ثقته بنفسه التي كانت بأوجها سابقاً..

عندما تحطمت أحلامه بأول مرة فوق رأسه! كان طفلاً يدرك هذا لكن رغم خوفه من السجن هو ما بعثر مشاعره و شخصيته..

اعلان جده له أنه تم التخلي عنه و سيحرمه من لقب سوين و الورث لم يهزمه أيضاً، هو وثق وقتها بوالده حقيقة و بكونه عندما يخرج سيصحح الأمور مجددا

أجل ثقته بنفسه كانت كبيرة لهذه الدرجة لكنها تحطمت مع تحطم قدرته على حماية آلفين و نفسه بالداخل..

الاجتماع الذي كان قد اتجه له انتهى منذ وقت قريب و ها هو يقف أمام النافذة الزجاجية الضخمة يحدق بالخارج بشرود تام..

محاكمة سامويل تم تحديدها بعد أسبوع من الآن، و جين سيكون هو القاضي بها!

سيُعاد فتح قضيته و آلفين بتلك المحاكمة أيضاً، تلك المعلومات هو كان قد حصل عليها تواً من والده الجالس على إحدى المقاعد حول تلك الطاولة الكبيرة...

برايان كان يُحدق بابنه بنظرات هادئة، ربما بشكل أدق هو أراد رؤية ردة فعل صغيره على كل ذلك..

و ليو الذي حافظ على صمته عدة دقائق التف أخيراً بذات ملامحه الهادئة رغم تلك الابتسامة الصغيرة للغاية على ملامحه :" جيد لأجله ألا تعتقد؟ بعد كل تلك التهم لن يكون سوى الإعدام مصيره لذا أن ينطق هو بالحكم بطريقة ما يجعله ينتقم؟"

هو قطب حاجبيه يسير للجلوس مُقابلاً للأكبر :" حسناً رغم انه لا فائدة من شيء كهذا لاسيما و ان ابنه لم يصحو بعد"

برايان كتف يداه لصدره مراقبا تعابير ابنه المحايدة، تماماً كما لو كان النقاش الدائر بينهما يخص أحد الموظفين مثلاً أو شخص يعرفونه عن بعد و ليس شخص مقرب و للغاية..

_:" ليو ماذا قد تفعل حقاً بالمحكمة إن ذهبت؟ "

و المعني رمش يشير لنفسه بكل بساطة :" لماذا على الذهاب أساساً؟ لست بانتظار اعتذار المحكمة السخيف فهذا لن يعيد لي تلك السنوات و لا ما تحطم لذا يجدر بي التركيز على القادم فقط أبي"

_:" أنا خائف ليو، أنت لست طبيعياً "

كلمات برايان احتوت مشاعره بكل صدق، ابنه قطعاً ليس بخير، بالطبع هو لا يتمنى رؤيته منهار و متألم لكن لازال عدم التعبير عن ذاته هكذا و كتمان كل شيء ثم التصرف باعتيادية مخيفة أكثر

الكتمان قد يودي بحياة المرء دون شعور منه، ثم هم هنا يتحدثون عن آلفين و هو يدرك تماماً ان ابنه قد يقدم على الاجرام بحق نفسه لأجله لذا كل هذا الهدوء يرعبه بشكل تام..

_:" لا أعلم بماذا على إجابتك أبي، أنا بحد ذاتي لا أستطيع معرفة ما أود فعله، عقلي فارغ كما هي مشاعري لذا حقاً لا أعلم أن كان هذا إيجابي أم لا ما أنا واثق منه أنني حالياً لا أخطط لشيء سيء أو متهور.."

نظرات برايان لم تبتعد عن صغيره بل هو قطب حاجبيه بقلق أكبر :" أيفترض بهذا جعلي أطمأن حقاً؟ أكلمة ' حاليا' التي وضعتها بجملتك أمر جيد؟ "

رد الأصغر كان سريعاً، صادقاً دون تزييف :" لا، لم أقل لك أن لا تقلق، لم أطالبك بأن تثق بي و لا حتى بردود فعلي لكن اخبرتك أنني بالوقت الحالي لا أخطط لشيء و لا يدور بعقلي سوى دفن نفسي بهذه الأعمال ماذا سيحدث غدا لا أعلم "

و الصمت ساد الغرفة الواسعة التي احتضنت كلاهما ماذا يمكن لبريان أن يعلق حقاً؟ هو ماذا يخبر ابنه و كيف يخرجه من حالته هذه؟

لو امكنه استخراج ذاك الألم الذي دفنه ابنه و جعله يعبر عنه لكان الأمر أكثر سهولة لكن ليو فقط قرر دفنه ثم ماذا؟

من قد يضمن ردود أفعاله حقاً؟! الكثيرون يشعرون بالدهشة من تجاهل ابنه التواجد بالمشفى فهم اعتقد انه سيلتصق هناك حتى يصحو آلفين و للحق هو كان منهم..

اعتقد ان صغيره لن يفارق آلفين لكنه خالف كل ذلك و انعزل تماماً عنهم، غرق بالعمل فقط و هذا لن يودي به النتائج ايجابية صحيح؟

بالنهاية ليو نهض بنية مغادرة الغرفة والده غرق بأفكاره بالفعل لذا لا حاجة لوجوده و اضاعة الوقت فقط بالصمت و الغوص بأفكار لا داعي لها و هو من يمتلك قائمة أعمال عليه إنجازها صحيح؟

بالنهاية هو فقط عليه القيام بما يجيد فعله بدلا من التدخل بما لا يستطيع فعله..

____
------------

الأيام كثيراً ما تحاول سرقة احلامنا و سعادتنا رغم بساطتها، قد تصل يوماً ما لوقت تشعر به أن كل شيء من حولك بلا معنى!

أن الأمل البسيط الذي بنيته و خططت له قد يسلب منك بلمحة عين بكل قسوة..

لكن و كعادتها للحياة هي تمنحك ما بعد هذه المشاعر السلبية القاسية سعادة تجعلك تحلق من فرطها!

ان تشعر كما لو انها انصفتك و أخيراً و لو قليلاً بمنحها لك أمنية شديدة البساطة..

و ربما تلك السعادة كانت تشع من عينا الصغير الذي وقف يراقب إجراءات خروج عمه من المشفى و أخيراً!

هو بخير و الأطباء سمحوا بخروجه و والده الوغد بالسجن إذن هو سيبقى معه صحيح؟

لن يفسد راحتهما أي شيء بعد الآن و هو يقسم أنه سيكون سعيدا مع عمه مهما حدث يكفي انه بخير الان..

يده تشبثت بكل قواها بالأكبر بينما ينظر له بكل براءة، تلك النظرات جعلت ايرنيست يبتسم بدفء شديد لأجله، هو حقاً يشعر بالسعادة التي انتقلت إليه من آلكس الصغير..

و ذلك المشهد دفع ابتسامة واسعة و شديدة اللطافة ترتسم على ملامح هاري الذي وقف معهما بانتظار توأمه الذي ينهي تلك الإجراءات..

بالنهاية هم أسرة واحدة صحيح؟ و الأهم ضحايا لذات الرجل و ايرنيست كان بتلك الأوراق السبب الرئيسي لانقاذهم منه!

لذا هو انخفض أمام الكس ينطق بمرح :" هل كانت رفقتي و توأمي سيئة لهذه الدرجة حقاً؟ أنت تتوهج الان و كأننا قمنا بتعذيبك"

الصغير شهق بقوة فهو لم يقصد أي شيء من هذا ثم من أمامه طالما كان لطيفا معه و حضر له العديد من الاطعمة اللذيذة و تحدث معه بلطف لذا هو حقاً لا يود اغضابه رغم وقاحته عادة بالإجابة على مثل هذه الإتهامات!

و رؤية تقلبات ملامح الصغير دفعت ايرنيست للحديث بضحكة :" هو يمازحك فقط"

بصر الأصغر تعلق بهما ثم بهاري الذي غمز له أيضاً بلطف قبل أن يهتف بنوع من الهدوء :" اليوم سأعد وليمة لذيذة حقاً لكن عند استيقاظ آلفين و خروجه من هنا سيخجل الجميع من وصف ما اعده بالوليمة فقط!"

جملته تزامنت مع عودة توأمه و بطريقة ما هي احالت الأجواء للهدوء التام حقاً، لم يصحو آلفين بعد رغم انه يقترب من الأسبوعين، أسرته بجواره و كذلك أسرة رفيق طفولته

بل حتى كبير أسرة سوين أتى عدة مرات، عمه الذي كاد يفلس أيضا بسبب خطط زوجته كان متواجد و ان لم يجرؤ على الاقتراب كثيرا بل حاول البقاء متخفياً...

الكثيرون من طلاب الجامعة الذين علموا بما حدث و اساتذته بها فهو تلميذ متفوق..

حرفياً الجميع إلا أول شخص ستبحث عنه تلك العينان العسلية إن قدر لها ان تفتح مجدداً..

ذلك الشخص فقط هرب من التواجد هنا بشكل ما، هنري لم يكن يلومه فما وقع لا يسهل ابتلاعه لاسيما و أنه أراد حمايته، أعاد نفسه من رماده بعد تحطمه كعنقاء ولدت من جديد فقط لأنه أراد السلطة و المال لحمايته و فشل!

بل و كان فاقدا الذاكرة و يتصرف كطفل وقتها و لو كان بمكانه لما سامح نفسه مطلقا..

أما هاري فقد خالفه الرأي تماماً و هو بقي يلح على الأكبر ان يذهب و يصفعه و يمنحه درس ما عن أهمية عدم الهرب كالجبناء!

ايرنيست كان ذا رأي محايد، فقط جميعهم تعرضوا لأمور تجعل أي فرد يصل الهاوية حرفياً!

تجعلهم يتصرفون بشكل هم غير معتادين عليه مطلقاً، لذا أهو ذنب ليو حقا؟

_:" هل نذهب لزيارته قبل رحيلنا من هنا؟"

افكار الثلاثة تمت مقاطعتها عندما صدر صوت الكس يخرجهم من بحور أفكارهم و تلك الفكرة راقت للجميع لذا دون أي تأخير إضافي هم فقط اتجهوا للقسم المتواجد به رفيقهم

كالعادة والدته كانت هناك و معها شقيقته و والدة ليو التي ربته أيضا لمدة ليست قصيرة...

هم فقط تقدموا و جلسوا بكل هدوء بينما هنئت إيزابيلا إيرنيست بسلامته و كذلك فعلت الأكبر سناً..

و هو انحنى لهن فقط يتمنى ان يكون آلفين التالي..

و تلك الأمنيات الصادقة التي تغادر الجوف على هيئة أدعية صادرة من القلب مباشرة قد تأتي بشائرها سريعاً حقاً

إذ و قبل أن يتحدث أي منهم مجدداً دخل الطبيب للغرفة بابتسامة مشرقة نوعا ما :" لقد صدرت النتائج الأخيرة للتحاليل، جسده و المؤشرات الحيوية للدماغ تتفاعل بشكل أفضل حقا و هذا يعني أننا نتقدم لذا أتوقع أنه سيصحو بأي لحظة بالفعل استمروا بالوقوف معه و الحديث إليه رجاءاً.."

و نسمة دافئة من السعادة المطلقة حلقت بشكل كامل و كلي فوق هذه الغرفة و مادت تنتشر من فرطها حتى أخيرا هنالك خبر إيجابي بشأن الشاب الذي كاد الجميع يستسلم من حالته..

لورين انخفضت تطبع قبلة على جبينه و قد فرت دمعة من عينها :" فقط أسرع بالعودة رجاءاً آلفين، نحن بانتظارك صغيري"

هي نطقت بذلك و ابتعدت تتيح لكل من كاميليا و إيزابيلا الجلوس بجواره!

و بعد هذه الأخبار الجيدة غادر الأربعة َ معهم لورين تاركين الفين بعهدة امه و شقيقته اللتين قررتا الحديث معه كما أوصى الطبيب بالفعل..

____
---------

_:" أنظروا ان كنتم هنا لأجل تكرار ذات الكلمات حول لما أنا لست بالمشفى و غيرها يمكنكم الرحيل و عدم اضاعة وقتي"

حدق الثلاثة ببعضهم البعض قليلا قبل أن يرفع هنري أحد حاجبيه بلا اقتناع بأفعال الشاب أمامه!

و هاري كتف يداه مظهرا الاستياء التام لوضع ليو السيء و الذي هو بحد ذاته يبدوا سخيفا للغاية بالنسبة له..

أما أكثرهم تعاطفاً كان ايرنيست فهو تذكر حالة من أمامه عندما شاهد حالة رفيق طفولته المؤلمة تلك!

و زاد الأمر عليه عندما غرق بدمائه هو ما إن أطلق عليه سامويل النار..

لذا تحدث أولاً بنبرة هادئة لطيفة :" لا، لسنا هنا لإزعاجك حقاً بل لأجل استشارتك بأمر ما"

رمش ذو الخصلات الداكنة بنوع من الحيرة يميل برأسه يكرر :" استشارتي؟"

و هنا نطق هنري بسخرية :" أجل رغم ان حالتك هذه لا تعجبني سيد سوين لكن يبقى انت افضل من ذلك المحقق الذي سأقتله فور رؤيته"

رفع ليو أحد حاجبيه لكنه و قبل أن يجيب كان هاري قد نفخ وجنته ينطق باعتراض ما : "أخي! "

_:" رأيي واضح بشأنه أليس كذلك هاري؟ لم اخدعك كما ترى أنا لا أحبه"

ضحكة صدرت من التوأم الأصغر :" حسناً لأجل هذا أنا صامت فقط "

الشجار القائم أمامه جعلت الشاب الأكبر يحدق بساعته الفاخرة :" لدي اجتماع خلال نصف ساعة لذا يفضل ان تبدؤوا الحديث.."

اجاب هنري بملل يتقدم ناحيته حتى صار امامه ،
"نعم نعم سيد مشغول لن نعطلك عن اكمال تهربك من الفين ، موضوعنا بسيط ، نحتاج ان ترشح لنا مديرا قادرا على اداره شركه المخبول حتى يتخرج احدنا لفعلها، تعرف ان لا احد منا قادر على هذا ولا نملك شخصا مؤهلا لذا ظننا انك قد تعرف احدهم "

بغض النظر عن جملته الأولى التي يرى أنها مليئة بالسخافة ربما هو وجد نفسه يميل برأسه مع تتمة تلك الكلمات..

رمش عدة مرات قبل أن ينطق :" تلك الشركات لم تعد للمخبول و الآن هي تحت المُسائلة القانونية صحيح؟ سيتم التأكد من أموالها ثم سيتم تسليمها للورثة و صاحب أعلى حصة هو إيرنيست كون سامويل لم يعترف أو يسجل ابنه باسمه.."

هو ابتسم بسخرية يسند وجنته بكف يده :" أنت قطعاً لست ملائماً لتصبح مديرها حتى بعد تخرجك إلا إن رغبت بجعل كل من في مجالنا يهرب، ثم هنالك هاري.."

هو وجه بصره لمن نطق باسمه و الذي قطب حاجبيه من فوره يرفع يداه :" لا! أنا سأعمل على افتتاح عدة مطاعم لا تقحمني بشيء كهذا!"

_:" عدة مطاعم؟ لا يزال هذا يجعلك رجل أعمال للعلم، لكن لا يهم إذن إيرنيست هو الأنسب ليكون كواجهة للشركة و أنت سيادتك هنري ستكون بظهره و مساعده.."

تنهد بعدها يبحث حوله عن عدة بطاقات ليخرج ثلاثة منها :" انظروا هؤلاء بعض الرجال ممن يمتلكون كفاءة عالية لإدارة مجلس الإدارة و تسيير الشركة لكن حتى لو كانوا كذلك عليكم التواجد بشكل دوري هناك، إعادة توظيف فرقة جديدة تماماً للتأكد ان اي من رجال سامويل مختبئ كموظف ما و يعمل بأمور غير قانونية دون علمكم و ثانياً يمكن لكم القدوم إلى هنا أو معي الآن لحضور الاجتماع التالي بحكم ان الخبرة مطلوبة فكما قلت وجودكم بالشركة الخاصة بكم بين فترة اخرى امر ضروري للغاية "

رمش هنري من الجواب المفصل ، بطريقه او اخرى ليو المدير يختلف عن ليو الطفولي الذي يعرفونه ، مال براسه قبل ان يجيب بسخريه
" هل ابدو كشخص مهتم باداره اي شيء ؟ باي حال القرار لارنيست للاختيار لن اتدخل بالامر ، طالما انت رشحتهم سنترك الامر بينك وبين ارنيست

كتف ليو يداه باستنكار تام :" أجل دعه بهذه المعركة وحده و اهرب أنت و توأمك و فقط تواجدا عند توزيع الأرباح!"

هو حدق بايرنيست الذي رمش بتوتر خشية انقلاب الحديث لشجار ما ربما :" هو شقيق سامويل أسهم الشركة مضروبة أساساً لذا تواجده وحده لتصحيح كل ذلك بحاجة لشخصية أكثر قوة لذا هنري يفترض ان تكون أنت أو.. "

هو حدق بهاري :" أو أنت بالفعل ملائم للغاية، ستبتسم بلطف بينما يمكنك تهديدهم بالنهاية سمعت عن قصتك مع العصابة.."

و هاري رمش قليلا مع تلك الكلمات ليختفي الاستنكار من ملامحه و تتحول لأخرى متحمسة :" تعني يوجد إثارة بالوسط؟ "

_:" أجل يمكنك اعتبارها حرب باردة"

إيرنيست أغلق عيناه الزرقاوتين بقليل من الاستياء، أجل لاتزال أفعال سامويل تطاردهم و عليهم تنظيف كل شيء من بصمته بما فيها الشركة..

لكنه لازال لم يتحدث أو يشاركهم النقاش هو لازال بالسادسة عشرة من العمر و للوصول للسن القانوني يحتاج لعامين آخرين...

لا فكرة لديه عن كيفية الإدارة حتى لكنه مستعد للتعلم و محو اي شك عنه لضمان مستقبل آلكس و قدرته على احتضانه رسمياً عندما يصل للسن القانوني!

وهاري أجاب بنوع من الحماس على جملة الأكبر :" إذن يمكنني التدرب على ركل البعض بالشركات قبل افتتاح مطاعمي"

هنري تدخل ينطق بحاجب مرفوع " لم اقل اني ساتركه للمصائب وحده بل قلت الاداره ! ولا تعتقد اني ساترك هاري يركل بعض الحمقى بمفرده باي حال نشكر لك تعاونك سنزعجك كثيرا مستقبلا لذا توقع زياره قريبه حاليا اظن موظفيك يلعنونك على التاخير!

و ليو حدق به بحاجب مرفوع قبل أن ينظر لساعته، الواقع لازال يمتلك ربع ساعة قبل موعد الاجتماع فهؤلاء لم يأخذوا الكثير من وقته للحق...

لذا نهض يجمع أوراقه بينما يسير بهدوء تام :" بل أعتقد أنهم يتمنون أن أختفي ليتنفسوا قليلاً براحة.."

أجل بالنهاية حرفياً هو ورط الموظفين معه بعدة مشاريع كبيرة بذات الوقت..

لكن أهذا يهمه؟ ليس حقاً بل هو سيتجه لشراء كوب كبير من القهوة لأجل التركيز على ما بقي من جدوله لليوم

و هو حقا كاد يغادر مكتبه قبل ضيوفه لولا صوت هاري الذي وصله :" هل أنت حقاً لا تنوي الذهاب للمحكمة بعد يومين ليو؟"

_:"أجل حقاً، لا أجد أنني أرغب بحضور شيء تافه كهذا"

إيرنيست فتح فمه بشكل بسيط ليقف عن المقعد الذي كان يجلس عليه :" لكن سيعاد فتح القضية خاصتك ألن ترغب حقا بالتواجد عندما يتم اعلان برائتك؟"

و الإجابة أتت قصيرة و منزعجة :" لا! و الآن حقاً يكاد وقتي الذي خصصته للقهوة ينتهي بفضلكما! "

رفع هاري بصره محدقا بمكتب الأكبر الذي تواجدت عليه عدة اكواب كبيرة ليبتسم بسخرية :" تبقى السجائر فقط "

_:" عما قريب لا تقلق "

هو أنهى جملته تلك بملل و برود لاسيما عندما ظهر سيتو أمامه فالاجتماع تقريبا حان وقته و هم بالفعل منعوه من شراء قهوته لكن لا بأس بعد الاجتماع؟

فقط لا يفهم لماذا يرى الجميع أن عدم رغبته لحضور المحاكمة يعتبر غريباً للغاية؟

_:" سأفعل ذلك أكثر من هذا النقاش عديم الفائدة كما قلت"

هو همس جملته تلك بعد رحيلهم و لازال يحدق بأثرهم؟

ربما لأجل نظرات ايرنيست القلقة و المشفقة؟ لكن لما يشفقون عليه ¿!

أوضعه سيء لهذه الدرجة دون أن يعلم؟

هو فقط يتابع حياته كما يجب صحيح؟ آلفين يتحسن كما أخبرته والدته على وجبة العشاء بالأمس أي كل شيء بخير بالفعل..

كل شيء إلا قلبه الذي لازال ينبض بشكل غير منظم للحظة، لمشاعره التي تجمدت بنقطة معينة إذ لم يبدوا أنه تفاعل حتى مع خبر تحسن رفيقه لكنه سيكون بخير ربما يوما ما..
~~~~~~~~~~~
الجلوس ومراقبه انفاسه بدت كاكثر عمل مهم في الحياه شعرت بنفسها قادره على نسيان تنفسها هي ان كان يعني ذلك ان يستيقظ هو، تمسك بيده بين يديها وتغط في نوم عميق تحتفظ بيده الدافئه قرب قلبها وعلى الاريكه استقرت ايزا نائمه دون ملل رغم مرور اسبوعين كاملين .

جين كان غائبا استعدادا للمحاكمه القادمه وخجلا من فشله في حمايه اسرته من هذا الالم مجددا، يعرف ان نيله فرصه الاقتصاص ما هي الا نتيجه جهود ليو والفين ورفاقهما وما دفعوه من اثمان من اعمارهم لكن رغم ذلك كان يتوق لها، رغم خشيته من تداخل مشاعره مع القرار المتخذ لكنه لا ينوي تفويت الفرصه ، سينتقم بطريقته وان كانت لا تفي حق السنوات الضائعه.

النوم حل ضيفا خفيفا عليهما بعد كثير من السهر والانهاك ، استغل رقودهما ذاك النائم بعمق منذ وقت بدا طويلا للجميع عداه، لم يكن يشعر بكل ما سبب من متاعب ولا ما كسره في قلوب محبيه فاستيقظ كما لو كان وقت ما بعد قيلوله الظهيره يفتح عينيه ببطئ شديد حتى صارت الرؤيا واضحه بعد عده محاولات .

كان اول ما خطر بعقله تمثل بسؤال ملح يخبره ان عليه تذكر ما جرى معه، الذاكره خاصته لم تكن معتمده بما يكفي بالوقت الراهن فقد كانت مشوشه بالكثير من الاحداث دفعه واحده حتى فقد القدره على فهم تسلسلها وما حوته من معنى لكنها بالوقت ذاته نشطت مشاعره ليدرك ان هناك شيء مهم جدا نسيه ،امر ملح عليه تذكره فاصابه صداع حاد اختلط مع تذكره اخر ما جرى، ذاك الوجه الشاحب المنكسر ينظر اليه بكل معاني الانكسار، رجفه يد رفيقه وهو يمسكه ويسنده ... وجه لن ينساه مهما جرى، تلك الذكرى جعلته يفتح عينيه على وسعهما ويحرك يديه بشكل سريع كرد فعل لمحاوله النهوض رغم كل الاجهزه المربوطه فيه لتستشعرها من شاركتاه ايامه الماضيه جميعها بالدعاء والامل .

فتحت كاميليا عينيها اولاً لحركه يده تلك ورفعت راسها تتفقد وجه النائم كعادتها المكتسبه للاسبوعين الماضيين لتفاجئ وبشكل غير مسبوق برؤيه العينين العسليتين، حلمها الابدي لسنوات وكنزها سريع التبخر من بين يديها ينظر الى وجهها الشاحب بعينين بريئيتن مليئتين بفضول طفل يطلب من والديه شرح مساله صعبه الفهم له .

والدته ادمعت من فورها، ارتجفت شفتيهل مع احمرار متبوع ببحيره مائيه مع شهقات متتاليه تلاها دموع منزلقه على خديها وصوت بكاء مرير ايقظ ابنتها مفزوعه خشيه ان يكون ما يرعبها حدث ، هتفت فور استيقاظها تسال بصوت مرتفع "ماذا حدث امي ؟!"

قبل ان تحصل على الجواب من والدتهاعرفت ان الامر ليس كذلك بل العكس فالمعجزه المنتظره حصلت فعلاً

شقيقها كان ينظر اليها ملتفتا يحاول طمانتها ان الامور بخير ولا حاجه للخوف عليه، عرفها وهمس باسمها ، نزلت دموعها رفقه والدتها ونهضت متعجله تركض نحوه لتجثو قرب سريره تمسك بيده الحره ، شهقاتها امتزجت مع كلماتها المعاتبه
توبخه على ما جعلها تمر به
" اخي الاحمق ، اقلقتنا عليك بحق "

والدتها احكمت الامساك على يده تعاتبه بعد ان اغرقت وجهها مع يديه بدموعها النازله بغزاره
"لا تفعل ذلك بي مجددا ابداً الفين، لا تجعلني افقدك مره اخرى، انا حتما لم اعد قادره على التحمل ، اتوسل اليك لا تتاذى هكذا مجدداً !"

ادرك انه اذاى من حوله ورغم شعوره بالذنب لاجلهما فقد بقي مصدر قلقه الاكبر شخص توقع وجوده حوله لكنه لم يجده ... ارتعب من فكره مرت بعقله ، خوف شديد جعله يتحدث رغم كل التعب والصعوبه الناتجه من تحريك حباله الصوتيه المتيبسه
"امي ...اين ليو؟ هل هو بخير!؟"

لم يكن ينوي الاعتماد على جوابها اللفظي لاحتماليه كذبها عليه لو حصل له مكروه فتمعن رغم كل شيء بملامحها ليجدها ترد بدون تاخير مؤكده له خطا شكوكه بملامح هادئه تمسح على شعره تطمانه وتمحو الخوف المرسوم على تعابيره المنهكه
" لا تخشى عليه هو بخير لم يصب باذى"

شقيقتها اردفت مع مسحها لدموعها بضيق
" المغفل لم ياتي ابدا الى هنا ، يحاول التهرب من مسؤلياته! لا تنسى هذا اخي لكي تعرف من يستحقك اكثر"

ابتسم الفين بالكاد وهو يمد يده لها، امسكت بها تعبس كي لا تبكي من جديد لتجد انه وضعها على راسها ومسح عليه فتقوست شفتيها تعلن عن ما تكبحه لتهمس بعبوس
"ربما تكون متنمر بالفعل اخي"

نهضت كاميليا تخبره قبل ان تبتعد عنه لمسافه بسيطه" لا تتعب نفسك ساتي بالطبيب موافق ؟ ارتح قليلا ساعود"

رغم كل ما حوله ظل الشي الوحيد الشاغل لعقله هو رغبه قويه وملحه برؤيه ليو، رغم ادراكه لمشاعر الغضب المتراكم بقلبه غالبا لكنه وحسب يستحق رؤيته حين يستيقظ لذا سيعاتبه قطعا بعد مراضاته!
~~~~~~~

سيارة فاخرة باللون الأسود توقفت عند بوابة المشفى حملت أرقام تدل على كونها مستأجرة للسياح و فقط كم وقت مضى بابن أسرة سوين و زوجته التواجد هنا؟

رغم انه كان عليهما العودة لإيطاليا لكن كيف يتركان كل شيء هكذا و يغادران؟!

لورين كانت عابسة فمدير عملها منحها أربعة أيام فقط للعودة يومين لحضور المحاكمة و آخران لقضاء وقت سعيد كما يقول مع أسرتها!

لكن ماذا ان لم يصحو آلفين؟ ثم مجددا هل ليو يمكن قضاء الوقت معه؟

هي بالكاد تحشره بزاوية ما إن رأته لمدة خمس دقائق بالكاد..

تنهيدة صدرت من جوفها بينما ابتسم برايان بخفة لها ما أن تلاقت عيناهما

هو يدرك و يتفهم أسباب قلقها كلها و يراها محقة تماما، أساسا وضع ابنه عجيب للغاية بالنسبة له..

لذا هو تحرك أولا لتتبعه هي بصمت حتى وصلا للغرفة التي حفظها كلاهما من كثرة القدوم و الذهاب..

طرق برايان الباب اولا قبل أن يفتحه و يدلف للداخل و خلفه زوجته التي اصطدمت بظهره ما أن توقف فجأة :" فقط برايان لما لا تخبرني انك ستتوقف؟"

هي كانت مستنكرة بينما تمسح على انفها الذي كان أكثر عضو تضرر باصطدامها به و كل ما وجدته هو انه افسح المجال لها بالرؤية لتشهق من فورها و تتسع عيناها

إيزابيلا افسحت المجال لهما لتقترب لورين اولا تقبله على رأسه :" لقد استيقظت أخيراً! اقسم كدت افكر الاستقالة لاستحالة السفر بينما لم أرى عيناك هذه مفتوحة او ابتسامتك"

و هي عبست كطفلة بنهاية جملتها بينما رفع برايان أحد حاجبيه يربت على خصلات الشاب بابتسامة هادئة :" حمدا لله على سلامتك آلفين، أقلقتنا بشدة يا بني"

هو كان ليوبخه لكن من خطف كان الفين الفاقد للذاكرة لذا لن يكون السبب بتعريض نفسه للخطر بالنهاية صحيح؟

الفين كان قد جلس بالفعل مستقرا في مكانه بعد ان تمت ازاله الاجهزه المزعجه كما سماها واستطاع الجلوس دون معونه رغم ذلك ما كان يشعر بتلك الراحه حقا فقط ظل شغله الشاغل بعيد عنه وكلما اراد التواصل معه تم منعه بحجه انه ما يزال متعب وهذا فقط جعله يقلق لكنه تماشى مؤقتا املا في قدوم رفيقه حتى يمكنه مراضاته لكن ومع رؤيه لورين وبرايان طفح به الكيل !

هو ابتسم لخالته وعمه رغم ذلك يجيب بانهاك لا باس به بصوته يراضيهما قبل المصيبه الكبرى الغاضبه ، شقيقه ليو بالطبع ومن غيره يمكنه جعله مشغول البال بكل وقت ومكان
" اعتذر حقا لاقلاقكم، لكن هذه المره لم يكن الخيار لي حقا ، هل كل شيء بخير الان ؟

لورين قلبت عيناها مع نظرات زوجها لذا تجاهلته و اتجهت لكاميليا تضمها بينما تنطق :" حمداً لله على سلامته عزيزتي"

اما برايان فقد رفع احد حاجبيه لذلك السؤال الاخير الملغم كما وصفه!

هو يعرف الشاب أمامه جيدا لذا احضر مقعد ما و وضعه أمام السرير ليجلس :" سأخبرك بكل ما حدث منذ فقدت وعيك لكن ليكن بعلمك سأفعل هذا لأنك ممنوع من الحركة، أي لن ادعك تحاول المغادرة للبحث عن إجابات ما لذا ستعدني بالجلوس بكل تهذيب حتى يأذن الطبيب بعكس ذلك صحيح؟"

لورين رفعت احد حاجبيها باستنكار مطلق و هو تجاهل ذلك و قد بقي بصره على الشاب أمامه

الفين نظر اليه بحاجبين مقطبين ، لا يفترض ان يعامل كطفل بعد الان فقد استعاد ذاكرته بالفعل ! تجاهل رغبته بالتذمر مؤقتا للحصول على جائزته المتمثلة باجابه فاومئ دون اقتناع حقيقي يرغب بسماع الجواب باي حال !

و حركته تلك مع ملامح وجهه جعلت الأكبر يرفع حاجبيه بتحذير مطلق!

هو لن يكون لطيفاً إن تم نكث الوعد بينهم للحق..

_:" حسناً كما تذكر على الأغلب تدخلت الشرطة مع وجود ليو و والدك بالمكان و تم اعتقال سامويل ثم قدمت سيارات الأسعاف لأجلك و لأجل إيرنيسيت و الذي رغم إصابته وقف محاولا الحديث مع ليو لكن سامويل نجح بالهرب من الشرطة و سرقة سلاح ما ليطلق النار على شقيقه الذي سقط بين يدي رفيقك "

هو تنهد بهدوء قبل أن يتابع :" الجميع تحرك للمشفى مع تلك الاخبار و ليو و والدك تأكد مارسيلينو من إحضارهما بعد اعتقال سامويل مجددا و ليو بالبداية كان يجلس بهدوء ثم نهض بحجة انه يود الاستحمام و تبديل ثيابه المليئة بالدم و هي كانت كذلك لكنه لم يعد للمشفى قط بل استحم و ارتدى ثياب رسمية ثم غادر للشركة و لازال هناك "

الفين حاول الحفاظ على هدوئه رغم الاحداث الصادمه، ارنيست اصيب اذا وعلى يد شقيقه المجنون! اي حقاره يملك هذا الرجل ؟ لا يصح تسميته انساناً حتى! او ربما هذه هي صفات البشر بالنهايه ؟ لقد قابل عدد يكفي منهم ممن جعل نظرته للبشريه تصبح سودوايه لكن لم يصل احدهم لدرجة سامويل حقا! افرحه حقاً ان سير الاحداث لم ينتهي بموت ارنيست وملامح عمه وسلوكه اكدت ان ليو ليس مصاب بل غاضب وتاكدت شكوكه حين قال له عمه انه ذهب للعمل وحسب !

لا ينكر ان جزء منه شعر بخيبه امل ان شقيقه ليس هنا لكنه بالطبع تاذى كثيرا بسبب ما جرى وعلى الاكثر يلومه على ما حدث ؟ لو كان مكانه سيشعر بشعور فظيع ايضا ورغم انه ما كان ليترك جانبه بهذا الشكل لكن حين اصيب ليو هو ايضا ذهب لقتل سامويل !

يمكنه فهم وجهه نظره لكن مع ذلك لا يزال يريد مراضاته ! كيف يمكنه الوصول اليه ؟ الهاتف كان الجواب البسيط لكنه لم يكفي لتطلعات الفين.
اراد رويته والحديث بشكل مباشر لكن لا يبدو ان ذلك ممكن وليو يتجنبه !
" فهمت! هل يمكنني الحصول على هاتفي على الاقل ! ؟ لا انوي تركه غاضباً هكذا ! ولا يبدو انه ينوي منحي فرصه !

_:" غاضب؟! أنا لم أرى ليو أكثر برودة من هذه الفترة عزيزي"

و ذلك كان رد لورين الساخر على تلك الكلمات دون شعور قبل أن ترفع يديها باستسلام تام!

هي ما قصدت لكن حالة ابنها ليست طبيعية مهما حاولت تصنيفها و هو قطعا ليس غاضباً...

لا هو منكسر فقط و بشدة و لا تعلم كيف لها أن تلملم اشلاء صغيرها الذي لا يكاد ينهض حتى ينتكس مجدداِ بشكل اسوء و هذه المرة هي حقا الأسوء!

بالمرات الماضية هو كان يقاتل، يصرخ بهما و يبعدهما لكنه الان فقط صامت بشكل مخيف!

ملامحها تلك جعلت برايان يتنهد قبل أن يخرج هاتفه فكيف سيقنع الفين ان ليو بخير بعد تلك الكلمات و الملامح المتألمة؟

و بعد ثوان من الرنين صدح صوت الشاب الذي بدى مستعجلاً حقاً :" مرحباً ابي، انظر انا لا وقت لدي حقا للحديث الان موافق لدي اجتماع بعد دقيقتين لكن لم أرغب بتجاهلك ثم إغلاق هاتفي لئلا تفكر بشيء سيء لذا لاحقا سأغلق الخط و الهاتف"

و هو نفذ كلماته إذ فصل الخط فوراً دون سماع و لو حرف واحد من الأكبر الذي أغلق عيناه يحاول السيطرة على غضبه..

_:" فقط كما ترى هو بخير و يحتاج فحسب لصفعة ربما "

بالطبع كلماته الأخيرة كانت من استيائه لاغلاقه الخط بوجهه..

_:" صحيح آلفين محاكمة سامويل بعد يومين فقط، سيعاد فتح قضيتكما بالطبع انت لن يمكنك الذهاب لكن هي ستبث بشكل مباشر على التلفاز و والدك سيكون القاضي بها.. "

كان الفين يتلهف لسماع صوته ورؤيته، لا يكفيه كلام الاخرين وحسب ولولا كل الحرس المحيطين حوله ممن يمنعونه من الرحيل متمثلين باسرته واسره ليو لما بقي هنا ولو لدقيقه وان كان يجهل كيف يمكنه الذهاب اصلا وهو لا يزال اضعف من المشي حتى!

سماع صوت رفيقه واغلاقه للخط بتلك السرعه جعل ملامحه المتلهفه تتحول لعبوس تام لانتهاء الامر قبل بدايته ثم الحديث معه باي حال امام الجميع لم يبدو مريحاً فهو لديه الكثير لقوله وهو امر بينهما وحسب فهما من عاش هذه الحياه بمفردهما تقريبا رغم وجود الكثيرين حولهما !

اخفى خيبه امله رغم وضوحها حين سمع تتمه جمله عمه، لما تبدو الاشياء باهته حين نحصل عليها رغم اننا كنا قبل وقت قصير نتوق لها وكانها الهدف الاعظم؟لما بدت محاكمه سامويل حدثا عرضيا لا يعنيه؟ لا يشعر باي حماس ولا يحس بان حقهما سيعود بهذا، ما فائده كل هذا ؟ لن يعود الزمان ! لن تمحى الالام، كل شيء على حاله مع جرح بقلب اخيه تسبب به هو وسام !

اجاب بشيء من الهدوء الغريب لهذا الخبر
" لا تقلق لست مهتما بالذهاب، الامر حقا لم يعد مهما حتى! لكن لما ابي مجددا؟ ماذا يضمن انه لن يهرب وينتقم مجددا !؟

و برايان تنهد بخفة فهو لاحظ خيبة الأمل من رد ليو بأي حال لذا نطق بهدوء :" جيد ليو يقول انه لا يفهم لما عليه الذهاب أساساً، و ثانياً هو حتى و إن هرب مجدداً سيعود للانتقام فكما تعلم لدى سامويل حقد معه و هذه المرة قد يحاول قتله مباشرة لكن لا أعتقد أن فرص هربه هذه المرة سهلة ثروته كلها تم توزيعها فورا بين كل من ايرنيست و التوأم و هم سيضيفون آلكسندر لاحقاً،. أغلب رجاله ان لم يكونوا كلهم تم القاء القبض عليهم هو و ان هرب خاسر "

اومئ متفهما مع تنهيده منهكه ، عقله ما يزال يحاول الاستيعاب ببطئ والكثير يحدث دفعه واحده ، تحدث بعد بعض الهدوء مجددا
" امل هذا، حاليا ساركز على محاوله الخروج من هنا قبل ان اقتل نفسي مللا ! ثم نرى بشان ما سيحدث لاحقا، شكرا لك عمي ، اردت التاكد انه بخير حقا "

_:" والدتك و شقيقتك حتى التوأم و ايرنيست مع ذلك الطفل الذي باسمك انت و والدك لن يسمحو للملل بقتلك ،لا تقلق ،كنت أود وضع نفسي لكنني سأسافر مع انتهاء المحاكمة و لورين بعدها بيومين"

و المعنية بالجملة الأخيرة نطقت :" لن أفعل سأرسل استقالتي"

برايان رفع يداه باستسلام تام :" كما ترغبين! "

ايزابيلا رفعت احد حاجبيها فورا :" هل تخاف منها؟ "

و ذلك السؤال دفع لورين للضحك بينما رمش برايان فحسب بصدمة

ابتسم الفين بابتسامد صغيره على شفتيه ، يشعر ان الجو اصبح اخف من قبل ربما القبض على سام بالفعل وضع خط النهايه لكن لما تبدو النهايه موحشه له هكذا ؟ الجواب كان واضحا ولهذا بالذات اراد ان يختلي بنفسه مع هاتفه باسرع وقت ، ان كلمه هو ربما يضعف ليو امامه ويسامحه ! سيقنعه بطريقه ما !

كانت كاميليا جالسه بقربه ، لم تكن تتفاعل كثيرا معم لسبب واحد وهو انشغالها التام بالتمعن بصغيرها، لديها الكثير من المخاوف الجاثمه على قلبها اولها خشيه انتكاس حالته باي لحظه فرغم اخبارها ان وضعه مستقر لكنها اعتادت القلق حتى ظنت الطمانينه خدعه يحوكها القدر حولها كي ترخي دفاعاتها

زوجها ودوره بالمحاكمة التاليه لم يقل رعباً لها، تكره ذلك الرجل وتخشى على اسرتها منه والان زوجها سيحكم على فرد اخر منهم كما فعل مع والده ونتج عنه ماساه لم يخرجوا منها للان ، ماذا لو اذى زوجها؟ بالكاد عاد ابنها لها لن تحتمل المزيد!

اخر مخاوفها تمثل برحيل الفين ! هو استعاد ذاكرته اذاً اقامته لديهم لن تطول على ما يبدو او هذا ما يخبرها عقلها به وتحاول انكاره بحجج ما .

لاحظ الفين صمتها وشعر بنظراتها لكنه ما يزال يشعر بالخجل من الحديث ، ماذا عليه ان يقول لها؟ كان ينتظر فرصه لكنها لم تاتي ابدا ولا يفهم بعد سبب شحوبها، هل مرضه وحسب ؟ هل يزعجها شيء؟ اراد المساعده في هذا لكن ادرك انه الوحيد القادر على التصرف بعد شحن نفسه قليلا !

غادر برايان ولورين للعمل بعد مده لا باس بها رغبه باكمال المتراكم ولاجل منح المريض وقت للراحه لترتيب افكاره المبعثره كقطع تركيب احجيه كي تتضح له الصوره ومعهما غادرت ايزا للمنزل لاحظار حاجيات مما سيحتاجونه لاكمال باقي ايام العلاج هنا وتحضير وجبه لشقيقها كما قالت من يديها السحريتين كي يشفى سريعا !

بقي الفين بمفرده مع امه الصامته، جو ثقيل اجفل ثقله على صدريهما خانقاً اياهما معا ، كانت والدته تجلس هناك وحسب قربه تراقبه دون قول شي تبقي مسافه بينهما خشيه ان يزعجه شيء ما وهو مستلقي يتظاهر بالنوم رغم تطلعه بالسقف ولا يعلم اهي تعرف انه مستيقظ ام لا لكنه رجح فكره معرفتها كونها لم تمسك بيده خشيه ازعاجه .

كان عليه وضع حد للامر، لا يحب رؤيتها متردده هكذا ، يعرف كم سبب لها من الألم منذ الطفوله ، دمر حياتها المسالمه بسببه وعانت الام لا تحتمل ورغم ذلك ادرك متاخرا انها لم تتخلى عنه ابدا.

نظرات عينيها حين استيقظ كلنت على وشك ابتلاعه فيها كي تبعده عن العالم اجمع ، تريده بخير باي ثمن ، تتمنى لو يمكنها صنع عالم له وحده لكنها عاجزه امام الحياه وامام عناده .

التفت ينظر اليها ليجد عينيها عليه وبلهفه لم تتاخر اقبلت نحوه بتردد تسال بقلبها قبل عقلها
" هل تحتاج اي شيء ؟ هل تتالم ؟"

وهو ابقى عينيه على عينيها يربكها بنظراته لكنها لم تهرب منه فقد خشيت ان يكون يعاني من شيء تجهله .

اقتربت منه تحني ظهرها كي تتاكد انه لن يتعب بالحديث بصوت مرتفع، حرك يده وامسك بيدها رغم الالم مع ابقاء عينيه مكانهما ، في بحر حنانها النابض في انظارها.

استرقت نظره ليده ثم عادت لتبحر في بحر العسل لتجده يخبرها بهدوء مريح ومخيف معا
" امي ، اولا اجلسي هنا من فضلك "

فعلت بدون تردد وتركت له مجال الحديث لتسمعه يردف بلطف اكبر
" امي ، انا اسف "

صمت حين ارتجفت يدها ، توسعت عينيها وكادت تجيبه سريعا فقرر المتابعه مع ضغطه رقيقه على يدها كي يشتتها
" اسف لكل القلق الذي تسببت به وجعلتك تعيشينه، واسف لاني رحلت وتركتك ، ظننت ان وجودي امر غير مرغوب ... فرحلت، لم اعلم اني ساكسر قلبك بهذا، ظننت انك ستكونين سعيده اكثر دوني ، انا حقا اسف على كل ما ذرفته من دموع بسببي "

كلماته كانت لمواساتها لكنها رسمت على شكل دموع تنزل بغزاره على خديها ، لكن ولاول مره لم تكن دموع حزن وحسب بل اختلطت بشعور جديد هذه المره، واحد طال انتظاره بشده ، فرصه لتصحح الامور مع صغيرها في حوار صريح قرره هو، هو يريد الحديث معها! لن يدفعها مجددا ،يمكنها ان تحسن التصرف وتستعيده
ردت عليه بصوتها الباكي وهي تمسك بيده قرب قلبها
" لا تتاسف الفين، ان كان هناك من يجب ان يفعل فهو انا ووالدك، لو حصلت على والدين افضل، لو استطعنا العثور عليك سريعا ، لو...لو فقط استطعت حمايتك من العالم، انت لم تستحق اي من هذا الاذى، لكن ... لا يمكنني تغير الماضي ، ان كان يمكنني، ان كنت ستسمح لي ، ابقى بقربي ... اريدك ان تكون امام ناظري، لقد ... لقد فقدتك مبكرا، اريد ان اشبع عيني بوجودك !"

دمعت عيناه هو الاخر وبالكاد كتم بكائه، اراد ان يكون كتفها فقرب يدها ليقبلها ، ابتسم لها يومئ برفق
"لكِ هذا، لن اتمنى شيء اكثر من وجودك قربي، اشتقت لك.. جداً"

وضعت راسها على صدره برفق وحرصت ان لا تثقل عليه بوزن فقط ارادت القرب من قلبه وتركت دموعها تتولى الباقي، استعادت ابنها رسميا اخيرا، بكامل ذكرياته ومشاعره !

ومع نهايته ادرك الفين من وقف مكانه منذ لا يعرف متى يراقب من الخلف سبب بكاء زوجته ، ارتبك قليلا حين راى تلك التعابير على وجهه وكاد يحاول التهرب كعادته مستغلا شرود والده بزوجته لولا انه قرر ان وقت المواجهه قد حان ووضع النهايه لكل قصه غير منتهيه فلا خير ياتي من بقايا قصص تترك بالمسوده وتعود للظهور عند كل محاولة قلب الصفحه لبداية جديده، لم يرد اي هرب اضافي سيصفي كل شيء ويرسم مستقبلا جديداً لنفسه .
شعرت والدته بتردده فالتفتت لتنظر ظنا انه ليو لتجد جين يقف هناك ينظر اليهما فابتسمت له ونهضت تعانقه معانقه دافئه حملت معها اعتذارها له على كل سنوات العذاب معها.
تحمل الكثير منها ووقف لجانبها حتى النهايه رغم انها قست عليه كثيراً وحملته ما حدث لالفين ، كان صبورا ومحبا حتى النهايه ولا تجد ما يكفي لتعوضه عن ما حدث حتى سوى الامتنان التام وجعل ايامه القادمه تستحق التضحيات المقدمه من قبله !

ادركت ان الوقت التالي ليس لها، هناك امر مهم لدى كليهما ، هذه اول نظره له على ابنه بعد استيقاظه وتعرف ان جين ليس قادرا على اخذ الخطوه حاليا !
فور اغلاقها الباب التفت جين ينظر الى الباب المغلق كما لو كان يستنكر خيانتها !

الفين حاول النهوض فشعر بالالم يجتاح جسده كله دفعه واحده فتاوه جاعلاً جين يهلع اليه قلقا مما حدث وامسك بكتفه وحاول جعله يستلقي مع انسحاب اللون من وجهه خوفا عليه
"استرح الفين ، لا تتعب نفسك "

اومئ الفين سلبا يطلب منه ان يعينه على الجلوس ففعل مع تتبعه لكل التفاصيل الدقيقه للتاكد انه لن يتاذى وحين فعل الفين وجه بصره نحو والده ، جين نظر اليه فعرف ما يريده ، ثبت بصره عليه ثم قرر اخيرا الجلوس لمنح الفين ما يحتاجه ، حرم لعب دور الاب له مرارا وحان الوقت لاخذ زمام المبادره من هنا فقد فعل الفين ما عليه والتتمه على جين نفسه ، عيناه على ابنه ويده على يده
" الفين ، اولا وقبل كل شيء حمدا لله على سلامتك، لقد عانيت الكثير حقا بسبب ارتباطك بي ، ارغب حقا بقول انك تقول انك تتمنى لو لم اكن والدك لكن... عيناك تقولان شيئا اخر، كلام لا استحقه منك غالبا، ان كان لديك ما ترغب بقوله فابدا ، ان اردتني ان اكمل اولا سافعل "

الفين تردد ، يتذكر هذا الجزء من والده ، جزء صقل فيه الكثير رغم صغر سنه يوم كان دوما يعلمه مهاره الاختيار رغم انه قاضي واختيار الامور المصيريه على عاتقه لكنه منح لابنه مساحه حريه كافيه ليعبر ويختار ويخطئ، لطالما كان ابا لا مثيل له وكم يؤلمه حقا تخيل ما اضاعه من ذكريات وامور جميله كان ليتعلمها لولا حرمانه منه طوال تلك السنوات .

الفين قرر ان يكون البادئ فابتدئ كلامه بابتسامه صغيره مع رفع راسه لينظر لعيني والده
"ابي، لقد كانت مواجهتك هي الاصعب دوما ، لكن ... لا مزيد من الهرب تعبت، اريدك ان تعلم انك افضل اب بالعالم، ربما لم اكن محظوظا بما يكفي لاعيش معك طوال السنوات لكني اذكر كل ما كنت تفعله لاجلي، انا حقا ارغب بتعويض ما فاتنا، لذا ... انهي امر سام وعد لي سالما ، اريد ... ان اكون ابنك ، اتعلم منك وان اجعلك فخورا بي يا ابي "

كانت تلك اول مره يسمعها من الفين صاحب الذاكره المجروحه ، لقد قبله الفين اختياريا ويريده كاب رغم كل شيء ، يعرف انه ابعد ما يكون عن الاب الجيد فاي اب حيد يحكم على ابنه بالسجن؟

كيف لم يتمكن من رعايته بعد خروجه حتى؟ ماذا فعل حين تم استهدافه مرارا؟ حين رمى بنفسه للتهلكه بكل مره حاول النيل من سامويل بها ؟ واسرته التي جرحته جرحا عميقا وحرمته من العيش معهم ؟ اكل هذا وهو اب جيد؟

لم يكن يراها كذلك لقد فشل بكل المعايير العالميه لكنه وحسب كان محظوظا بابن قرر مسامحته رغم انه لم يستحق هذا مطلقا !
لكنه كان سعيدا رغم هذا، لديه فرصه وان كانت لن تمحو الاخطاء لكن ابنه يريده، يرغب برجوده ولم يكن ليتمنى شيء اكثر من هذا !

لم يكن يوما من محبي البكاء لطالما كان قويا وحتى دموعه الهاربه من عداله قانونه اتخذت جنح الليل بعيدا عن الاعين مرتعا لها لكنها هذه المره كشفت عن نفسها باحمرار طفيفه مع عناق قوي تبادلاه مطولا لاول مره ، بطعم مختلف ودفء تاق له الاثنان جعل من اللحظه الراهنه كجائزه لكل سنوات الحرمان ومعها زاد عزم جين على جعل من تسبب بهذا يدفع الثمن غالياً!

كثره الناس حوله رغم لطفها كنت تعكر صفوه قليلا ، كان لديه مخطط يتاجل يوما بعد يوم حتى حان موعد المحاكمة، اليوم الموعود لكثير منهم الا اياه ربما ؟ او هو كان في مرحله انكار ولم يعد يمكنه التميز، بات الامر غامضا في ما يتعلق بالمشاعر فكان عليه ان يتجاهلها حتى تعلن عن نفسها صراحه ومن بين كل الفوضى كان ما يؤرقه حقا هو امر واحد ،منذ استيقظ للان لم تبدر اي حلول له !

بهذا اليوم وحين صار لابد من التصرف طلب من والدته بشكل صريح ان تتركه مع نفسه لبعض الوقت فهو بحاجه لتصفيه باله وقد وافقت على مضض بعد ان تجرات وسالته ان كان سيعدها انه لن يخرج لاي مكان وقد اكد له ذلك بان جسده لا يقوى على السير لمسافه طويله بعد ناهيك عن القفز من الدور الرابع !
فور خروجها امسك بهاتفه مع نبضات مضطربه، هل سيغلق الخط بوجهه؟ هو يملك ما يكفي من القلق ازاء كيف يرضيه لكن ان رفضه ماذا سيفعل ؟ وهو عاجز عن الذهاب اليه !
تجاهل كل مخاوفه وضغط على الرقم وقد تجمدت ملامحه لوهله مع وضع يده على قلبه ، رن الهاتف ومعه احترقت اعصابه والمه قلبه بانتظار الطرف الاخر

بالطرف الآخر هو كان يرتدي على غير العادة ثياب غير رسمية، بنطال جينز بلون أسود داكن مع بلوزة بيضاء دون أي رسومات أو تخطيطات بكم كامل و فوقها معطف خفيف كون الشتاء عاد، لكن الشعور بالبرد لم يكن يخترق جسده بعد

أو ربما هو من لم يعد يشعر حتى بجسده لا يعلم... هو كان فقط يسير بالطرقات دون وجهة محددة

بما يفكر حقاً لا شيء، إلى أين ينوي الذهاب لا يعمل!

لا فكرة لديه سوى كونه أراد السير، رفيقه استيقظ منذ يومين و هو علم اليوم فقط..

لكن هل ينوي الذهاب و رؤيته؟ لا..

يشعر أنه ليس مستعد لشيء كهذا، ثم هو لازال عليه الخضوع لعلاج طبيعي او ما شابه لذا لن يغادر المشفى قريبا بمعنى اخر لن يظهر أمامه فجأة..

لكن لما هو لا يود رؤيته لهذه الدرجة؟ حتماً لا فكرة لديه أو لا هو يدرك لماذا..

أفكاره تمت مقاطعتها عندما بدأ هاتفه بالرنين هو أجفل و توقفت خطواته عندما شاهد اسم المتصل الذي أضاء الشاشة لا من قبل ذلك فنغمة الاتصال التي وضعت لرفيقه مختلفة تماماً عن البقية كما هي مكانته لديه...

هو فتح الخط و وضع الهاتف على أذنيه و قد استند للجدار من خلفه دون الحديث لكن هو حقا أراد سماع صوت الاخر للتأكد انه بخير ربما؟

الفين و قلبه المرتعب ظن انه فعلا بلغ اعلى مراتب الهلع حين ضغط زر الاتصال دون علم بمقدار السرعه القادر على ضخها لنبضاته الا حين فتح الخط مع صمت مطبق، لم يكن يتوقع الكثير لذا كان رده مفاجئه ساره جدا ومخيفه بالوقت ذاته لكنه كان عليه استغلالها، ان لم ينطق قد يغلق الخط ! كان يمنحه فرصه وها قد جاءت اخيرا !

صوته ارتجف قليلا حتى استطاع اخراجه واضحا لليو ، قرر وضع كل ما عنده وليصل له ما يصل
" اخي، اعرف انك غاضب مني ، اعني ... تعرضت لكل هذا وجعلتك تتالم، انا حقا اسف ، فقط لو كنت املك الطاقه الكافيه حقا لجئت اليك حتى لو لنهايه العالم لكن... اعرف انك لا ترغب بهذا ... انا حقا اعتذر على كل ما سببته لك ، اتعلم ؟ سامويل سيحاكم"

ابتسم بسخريه يتابع بعد ان انخرط دون ان ينتبه لاي شيء اخر، فقط يخرج كل ما تراكم بقلبه دفعه واحده ليجد ان عيناه دمعت دون ان يشعر بها
" لكن لا ادري اهو امر جيد ام لا ، لا اعرف ان كان الامر سيعني شيء عند هذه النقطه ، لكن اخي ... بكل هذه الفوضى كل ما يهمني حقا انك حي وبخير ، ساحاول مراضاتك باي شيء حتى تعود ... افتقد احاديثنا حقا لكني اعرف اني لا استحق هذا بعد ما مررت به بسببي ، ساحاول كسب الاحقيه عما قريب ، ترقب هذا !"

لم يعرف ما عليه قوله اكثر فاردف وقد خرج الجزء المتنمر منه مع عبوس طفيف وهمس انفسه
"رغم ان غضبك مني تنمر حقا فقد كنت انتظر تواجدك قربي ولم اقصد التسبب بالاذى حقا ، لكني الاكبر ساتحمل ..."

و الاخر استشعر صمت آلفين الذي جعله يدرك انه يحاول استجماع كلماته فأغلق عيناه بنوع من الندم!

هو حتماً لا يود الاستماع لأي كلمات يدرك أنها لن تعبر عن حالته الحالية..

و لا يعلم كيف سيجيب و أساسا أليس هو بعيد لأجل هذا ربما؟

غرقت يده الأخرى بخصلات شعره قبل أن يبعدها مقرراً السير مجدداً بلا هدف عندما انتشر صوت رفيقه عبر السماعة لأذنه..

بعض النظر عن مدى فداحة ما يقوله حيث هو آبعد ما يكون عن الغضب عليه كان سماع صوته أمر نشر بجسده و قلبه الراحة الحقيقية..

لا بل حتى سماع تلك الاعتقادات المعتادة منه حول كونه السبب و غيرها جعلته يدرك ربما أنه بخير حقاً..

ثم هو رمش مع آخر كلمتين من الجملة الأولى، سامويل سيحاكم حسنا هو يعلم ذلك و محاكمته...

فتح فمه عندما أدرك شيء ما، اليوم هو يوم المحاكمة بالفعل!

هو حقا انتبه لذلك تواً لكنه عاد للتركيز عندما استمع لتتمة حديث رفيقه، هل تعني محاكمة سامويل أي شيء له؟

لا يعلم، لكنه لا يعتقد ذلك حتى مهما كان الحكم الذي سيطلق عليه لن يفعل اي شيء...

تنهيدة غير مقصودة صدرت منه مع تتمة كلماته تلك حول احقيته بالحديث معه أو ما شابه...

ثم جملته الأخيرة التي جعلته يرفع أحد حاجبيه بتلقائية.. لما هو مصمم على كونه غاضب منه؟

أجل الإجابة بسيطة بالفعل لأنه آلفين فقط و يبرع دوماً بجعل نفسه المذنب

وحين لم يتلقى اي رد لبعض الوقت هو اردف بتردد يجهل ما سينتج عنه
"انظر... قريبا ستجدني امامك اعدك ، وحينها لن تهرب مني ، حتى وقتها ليو ... اعتني بنفسك ، اعني لست هناك لفعلها للاسف لذا انت طفل كبير ناضج وذكي وسيمكنك الاعتناء بنفسك صحيح ؟

والمعني اعتبر تلك الكلمات اشعار بانتهاء تلك المكالمة فأغلق الخط...

هو فقط بعدها فقط حدق بالهاتف بنوع من الشرود فقط ماذا يحدث له حقاً؟

لماذا تجمد بهذه الطريقة هل عليه الذهاب لتلك المحاكمة؟ هل سيشعر بشكل أفضل إن شعر أن العدالة اخذت مجراها أخيراً؟

هو بالفعل غير وجهته لتلك المحكمة فهي محاكمة مفتوحة

ومع اغلاق الحط الفين تنهد يدفن راسه على ركبتيه، هناك تقدم هنا ، استطاع الحديث اليه وكل ما بقي ان يمكنه النهوض لكي يستطيع الوصول اليه والحديث بشكل افضل !
~~~~~~~~

منذ متى هو يعمل بالمحاكم؟ على كم مجرم حكم بالفعل ؟ لم يبدو ان لكل تلك الخبرات اي فائده تذكر فقد تغلبت هذه المحاكمه عليه كليا لما فيها من مشاعر شخصيه تجاوزت على قلبه وجعلته متوترا حد الجنون.

اساسا هو اصبح القاضي فيها بتدخل من ليو واسرته كوسيله لجعله يقتص والا لما سمح له بالحكم بنفسه لكن كما اجبروه على الحكم على ابنه يوما حصل على فرصه الاقتصاص ممن دمر حياته وقد كان ينوي استغلالها باي وسيله !

يذكر جيدا ليله الامس يوم وقفت زوجته امامه تنظر اليه بعينين دامعتين ، ذابله وممتنه معا خارج غرفه ابنها بممر بعيد عن الاعين، عانقته بقوه بدون مقدمات وهمست له كما لم تفعل منذ زمن
"اسفه جين، اسفه لكل الالم الذي عشته وحدك، لحملك المسوليه وحدك ، لاني لم اكن الى جانبك بل ضدك، وشكرا لانك صبرت لاجلنا ، احبك وساحبك للابد، انا حقا محظوظه بك، احكم غدا بالعدل ، سارضى باي قرار تتخذه ! شكرا لك لارجاع ابني الي !"

عاد للواقع امام المراءه ، لم يعد شيئا ولم يستحق الشكر ، ضاعت سنوات ابنه منه بسببه وبسبب رجل منح نفسه حق تدمير حياه الاخرين ، سيحقق العداله كما فعل دوما لكن هذه المره سيقتص فيها ممن دمر حياته !
خرج من الغرفه بمجرد قدوم مساعده متجها للقاعه، حان وقت وضع نقطه النهايه !

الضجيج كان يملئ المكان، الصحافة تواجدت بالأرجاء منتشرة حول المحكمة من الخارج بينما تواجدت قِلة تم السماح لها بالتواجد و نقل الأحداث بشكل مباشرة لمن هم خارج الأسوار..

بالنهاية هذه القضية تحولت لرأي عام و المتهم كان حتى قبل فترة وجيزة أحد أنجح رجال الأعمال بالبلاد كلها و الجميع يتمنى العمل معه!

ثُم اتضح أنه مجرم فحسب بل و حاول قتل شقيقه الأصغر بدلا من محاولة الهرب مثلاً !

كل ذلك دفع القضية لتصبح الحديث الأول على ألسنة الناس بينما حضر عدد كبير لرؤية هذه المحاكمة..

و من بين تِلك الجموع الغفيرة جلس كل من إيرنيست و آلكسندر هناك، الأصغر نظراته كانت رغم صغر سنه كارهة و ربما بأن بها شيء من الشماتة بينما يحدق بمن تم وضعه خلف القضبان بانتظار الحكم عليه..

بينما على خلافه نظرات الأكبر حملت نوع من الألم و الحزن، لماذا فقط وصل الأمر إلى هنا؟

هو حتماً ما كان يتمنى حدوث هذا لكنه كان القرار الصحيح لفعله، لإنقاذ سامويل نفسه من ذاته، ليوقف سيل الدماء الذي لا ينتهي بسببه..

لأجل ذاك الطفل الذي قتله الأكبر عندما حاول حمايته! و لأجل آلكسندر الذي فقد الحنان و الأمان منذ ولادته فقط لأنه ابن سامويل، تخلت عنه امه خشية على حياتها إن هي حاولت حمايته..

لأجل من يفترض أنهما ابنا عمه الذي لا يعرفه حتى و اللذين كانا ضحية لشقيقه حيث جعل حياتهما جحيماً لا يطاق..

لكل من ليو آلفين اللذين فقدا طفولتهما ظلما بسبب رفض سامويل للعدالة كأول جرائمه...

و الكثيرون ممن لا حصر لهم، هو كان لابد من وضع نهاية لوجوده مهما كلف الثمن و مهما كان يتمنى لو أنه استطاع فقط استعادة شقيقه الذي مات بموت والدهما...

و بجوارهما جلس هاري بملامح هادئة رغم تلك البرودة التي عصفت بعينايه الزرقاوتين، بطريقة ما هو كان يمكنه رؤية كل ما عانى و توأمه منه بسبب ذاك الجالس خلف السجن الصغير بالمحكمة بكل استرخاء..

يود حرفيا ان يراه معلقا على المشنقة بهذه الاريحية كلها!

و على بعد مقعدين أو ثلاثة بالأمام تواجد كل من برايان و لورين رفقة سيتو و خطيبته بحيث صمم الشاب على التواجد هنا اليوم، أو ربما هو فقط أراد التأكد ان يمضي اليوم بخير قبل أن يسافر لسويسرا و يستعد للزواج بعد تجهيز ما يحتاجه هناك...

برايان جلس بهدوء مطلق و عقله بدى كنت يحاول استيعاب ما يحدث و كأنه أفاق تواً من رحلة طويلة كان مغيب العقل بها!

ان تخلصوا من هذا الرجل ايمكنهم عيش حياتهم براحة حقا؟ دون الخوف و القلق من حدوث ما لا يحمد عقباه!

على الأقل هم واثقين هذه المرة أن ورثته لن يرغبوا بالانتقام فجأة كونهم حاضرين هنا و بسعادة للتخلص منه..

اما لورين فهي كانت بعالم مختلف، أفكارها كلها تربعت حول صغيرها و تصرفاته الأخيرة..

هل هي ستفقد شخصيته مجدداً؟ لا تمانع أن يتغير ابنها لأي شخصية يريدها، لكن يؤلمها قلبها بكل مرة تدرك بها أن اسباب هذه التغييرات نفسية محطمة و جروح بقلبه لا أكثر

ودت الاتصال به و حثه على القدوم لكنها تذكرت انه صباحا تنهد بيأس بسبب اصرارها لذا فقط هي حقا ستستقيل من عملها و تبقى هنا لأجله

وصل الضيف المنتظر، الضحيه الاولى والاخيره في السلسله فاليس هو من خسر ابنه بطفولته وكاد يفعل للمره الثانيه وبابشع من المره الاولى؟ لم يفهم البعض كيفيه حصوله على العمل في هذه القضيه لكنهم لم يملكوا ما يكفي من الاهتمام القانوني فقد كانت رغبتهم برؤيه ما سيفعله القاضي المعروف مع قاتل ابنه اكثر امتاعا واهميه كما وان بعضهم اراد رؤيه العداله تاخذ مجراها على يد الاب المجروح حين تخيلوا المعاناه والالم التي عاشها بغير وجه حق .

جلس جين لتعم السكينه والهدوء بالقاعه ككل مره يظهر فيها، حضوره القوي وصرامته كانت كافيه لتجعل الجميع يبتلع ريقه بصعوبه ، نظراته سكونه المخيف كلها كانت تجعلهم يفكرون كيف يملك شخص كامل قواه العقليه ويعبث معه؟
جلس كل بمكانه، جين تجنب النظر لسام بالبدايه حتى حان موعد المواجهه، نظر اليه هذه المره بكل ما امتلكه من هدوء نفسي متبقي اختلط معه روح الاب المجروح والقاضي العادل معا موجها كل ما يملكه نحو من انتظر مقابلته لسنوات !

الروح كم هي شيء رغم تعقيدها و أهميتها هشة للغاية!

تتحطم بسهولة كما لو كانت شظايا زجاجية لتصبح مشوهة، ثم هنا يظهر الفرق بين البشر بالفعل، البعض إن تهشمت روحه و تشوهت فهو يوجه الزوايا الحادة لنفسه، يؤذي ذاته و ينغلق ببساطة على نفسه..

و آخرون يوجهون كل تلك الشظايا نحو الآخرين، يحاولون حماية أنفسهم من خيبات أمل جديدة، و بعضهم يبدأ الهجوم بشكل عدواني و عشوائي لحماية كل ما كان يؤمن به و إن شهد على تحطمه!

و المتهم بهذه القضية كان من تلك الفئة الثالثة، شخص تحطمت حياته المثالية فجأة فوق رأسه، هو كان يمتلك كل شيء يحتاجه بهذا العالم ليصبح الأفضل!

والدين يحميانه و يُحبانه، شقيق أصغر يرى به قدوة و يعتمد عليه، يمتلك أحلام كبيرة أراد تحقيقها يوماً ما و باعتقاده هو كان قوياً للغاية و سينجح بلا ريب..

ثم تحطم كل شيء مع سجن والده بعدة تهم مروعة، ذلك الرجل الذي كان يعود إليهم يوميا بابتسامة لطيفة و دافئة كان بالحقيقة يمتلك وجه آخر!

يداه التي كان يربت بها على خصلاتهم كانت ملوثة بالدماء و المخدرات و غيرها، هو حطم كل شيء بعدة ثوان فوق رؤوسهم وبشكل مؤلم و صادم..

ثم و قبل أن يتجاوز أي منهم صدمته تم الحكم عليه بالإعدام و تنفيذه بشكل مباشر خشية هربه..

والدته ماتت قبل ذلك حتى من الصدمة و العار الذي لحق بهم، هي لم تتوقع لثانية أن يكون زوجها الحنون مجرد مخبول بالواقع، لم تتحمل تلك الصدمة القاسية مطلقا و ما استطاعت تحمل نظرات الناس الكارهة نحوها..

الألم كان قاتلاً و أكبر من قدرته على احتماله، كِلا والديه رحلا بغمضة عين و هو بقي بهذه الحياة رفقة شقيقه الأصغر و بوسط البشر ممن كره كلاهما و كأنهما مذنبين!

بوقتها هو كان يعلم والده السبب بكل هذا و كرهه بشدة لكن معاملة الآخرين لهم بكل تلك القسوة و الحياة الفظيعة التي تلت ذلك كانت أكبر من قدرته على التحمل، لم يستطع حقاً احتمال دفع ثمن شيء ما ارتكبته يداه..

و رويداً رويداً بات يشتاق لوالده! هو كان يحميه دوماً، يبتسم لهم بعطف بالرغم من كل شيء كان والده صالحاً معهم إذن هو ذنب من فضحه و أخذه منهم صحيح؟

تلك الأفكار ازدادت بعقله حتى سيطرت عليه بالكامل ثم عندما ظهر اتباع والده يسألونه إن رغب بأخذ مكانه كوريث له أغرته حياة الرفاهية مجدداً

هو أراد بشدة أن يمتلك القوة لإخضاع كل من أهانه، أراد و بشدة إيذاء كل من آذاه و إيرنيست، ثم تطور كل هذا و بات راغباً بالانتقام ممن أمسك بوالده و من حاسبه و من أعدمه، وضع خطط لتحويل حياتهم لجحيم..

أسقط ضحيته الأولى فتوالت جرائمه ببساطة، هو كان مجرد فتى يتمنى أن يصبح مهندس و يبني مدينة لا مثيل لها لكن الحياة أخذته لمنعطف لا رجعة منه..

لكنه على خلاف والده لم يحاول أن يكون لطيفاً مع أسرته مطلقاً، لم يرد ان يمتلك وجه مظلم و اخر جيد لئلا يسقط غيره بما سقط هو به!

ظُلمته أعمته و تجاهل كل شيء حتى شقيقه الأصغر، عذبه و آذاه أكثر ممن كان يتنمر عليهما سابقاً، لم يكن يوما سنداً له و هذا ما أراده أساساً

شخص قاتل لا يمكن اعتباره سند صحيح؟ لكن ان سار إيرنيست على دربه يوماً قد تتحسن علاقتهما؟

لكن الأصغر لم يفعل قط، لم يجعل امتلاكه لابن يلين قلبه و لو بمقدار ذرة واحدة بل وضعه ضمن خطط أخرى فقط..

ما فعله بآلفين و رفيقه لم يكن الأذى الوحيد بالنهاية وعدد ضحاياه لا يحصى..

هل استيقظ ضميره و لو لمرة واحدة بعد تلوثه؟ أجل فعل و لا يمكنه إنكار ذلك مطلقاً...

بذلك اليوم الذي كان إيرنيست مربوط على كرسي ما و دمائه تنهمر، عندما شقيقه ذاك ناداه لأول مرة بعد سنوات طويلة ب'بسامي' متوسلاً له لأجل ابنه!

شيء من القشعريرة سار بجسده وقتها لذا كان هادئاً بينما يسأل إيرنيست بماذا قد يفعله ضده ثم استمع لرد الأصغر بكونه سيرسله للإعدام بيديه

وقتها هو حرر الأصغر و جعله يرحل، جزء منه كان بانتظار تحقيق ذلك الوعد، شيء ما كاد يصحو بداخله لا بل ربما استيقظ؟

هو عندما عذبه آخر مرة ثم أطلق عليه النار أمام الشرطة أراد فقط أن يجعل الجميع يصدقون براءة الآصغر و كونه لم يلوث معه..

أجل هو خاطر بقتله حقا لكن إن مات فهو سيموت بريئاً و ان عاش كما حدث لن يتنمر أحد عليه بقدر شعورهم بالتعاطف اتجاهه..

ليس مهتم حقيقة بأن يفهم أحد تلك النوايا حقاً، لا يعلم أن كان نادماً حتى على أفعاله السابقة فهو لا يمتلك الكثير من المشاعر الدافئة للحق!!

بل يؤمن ان لكل فعل ردة فعل و هكذا كانت ردة فعله و انتهى اذا ليتم إعدامه فقط هم ماذا يتوقعون منه بمحاكمة كهذه؟

أن ينهار متوسلاً الرحمة مثلاً؟

بصره كان مليء بالملل و لامبالاة الحقيقية بينما يحدق بهم فقط ثم مع دخول جين و هيئة المحلفين للقاعة التي ساد الصمت بها ابتسم بسخرية حقيقية..

نظراته كانت مليئة بالتحدي الذي لا يعرف سببه، أياً كان الأمر هو ببساطة قلب حياة القاضي أمامه رأساً على عقب عدة مرات، لذا أليس من السخيف التصرف الان كما لو أنه عادل للغاية؟

حسناً الحكم عليه واضح و إن كان القاضي شخص لم يؤذه هو لكن رغم هذا يجد متعة غريبة بكون جين من سيلقي ذلك الحكم عليه تحديداً

و ابتسامته تلك كانت مستفزة لأغلب المتواجدين! هاري الذي رفع أحد حاجبيه بسخرية شديدة مفكرا أن الأكبر مجنون فحسب، بينما ود برايان لكمه حقا ليخفي تلك الابتسامة اللعينة عن شفتيه..

لورين أغلقت عيناها فحسب، هو لا يبدوا نادماً بأي شكل كان! فقط أي حظ هو ما جعلهم يقابلون مختلاًعقلياً كهذا؟

ايرنيست أخفض بصره ببساطة بينما آلكسندر حدق به بحقد حقيقي، سيتو تنهد فقط مفكرا انه ربما كان من الجيد عدم تواجد ليو؟

لكن الرياح لا تجري دوماً كما نود فهناك بإحدى الزوايا البعيدة و بين الناس وقف ذلك الشاب بعينين باردتين يحدق بذلك المتواجد خلف القفص و ابتسامته التي تجعله راغباً بالاتجاه له و منحه سبب ما لاظهارها!

لكنه رغم هذا كان يقف و كأن العالم كله لا يعنيه حقاً، هو فقط أراد مراقبة مجريات هذه المحاكمة التي يفترض بها تبرئة اسمه و رفيق طفولته فحسب!!

و دون معرفة اي أحد تواجده حتى بين الجموع..

هل كان جين عقلانيا؟ نعم باغلب الاوقات واشدها، هل رغب بالجنون هذه المره؟ نعم وبشده ! تلك الابتسامه المستقره على ثغر المتهم ، من دمرهم بلا رحمه وسلبه اعز ما يملك لاجل انه حكم بالعدل هل فعل شيئا يستحق العقاب لاجله ؟لا عدا عن فشله مع اسرته لا يذكر انه ظلم احدا او تعمد اذيه احد !

قبل ان يعلن بدا المحاكمه اخذ نفسا عميقا يهدا نفسه، وضعه النفسي لم يرقه لا يهم مقدار الاذى ولا ما يشعر به حاليا ما هو هنا الا قاضي حصل على فرصه لوضع حد لمن دمر حياه اسرته اما جزء الاب المجروح عليه الانتظار جانبا كي يظل كما هو قاضيا عادلا ، الخروج عن طبعه والانقضاض على سامويل بنفسه امنيه ستظل حبيسه أحتراماً للقانون الذي يدافع هو به عن المظلومين لا غير !

رفع مطرقته ليعلن بدا المحاكمه اخيرا وقلبه يخبره ان الاوان قد حان، ارسل بقلبه رساله خفيه لابنه يخبره ان كنت تشاهد فارجو ان ترى من اذاك يدفع الثمن على نفس اليد التي سبق وحكمت عليك ظلما لعجزها عن اخراجك !

اعلان البدء هدا بشكل كبير فقد اعلن لنفسه قبل الجميع ان المنطق قد حان ، تفحص القاعه فانتبه لوجود ذاك الشاب هناك ولولا قدرته الاستثنائيه مما مر به للان لما استطاع اخفاء قلقه من وجود ليو هناك وكم تمنى لو ينتبه اي من المتواجدين لليو كي يكونوا بقربه فاي شخص بكامل قواه العقليه كان ليخرج عن طوره من رويه ابتسامه المختل بعد كل ما فعله وان كان ليو ليس بكامل قواه العقليه باي حال!

انتبه لسامويل بعدها وقد شعر بالخجل من نفسه لكنه ادرك عميقا انه ولاول مره لم يحاول التعاطف ولا فهم من يقابله، لا يهم اسبابه ودوافعه النتيجه واحده !

ومن ضمن المتواجدين جلس التوام الاكبر قرب شقيقه ، لم يستغرب من ابتسامه سام المجنونه فقد عرف هذا الرجل لفتره ويعرف انه لا يملك اي نوع من المشاعر لتستيقظ! ميت من الجذور ولو تكرر الزمن لكرر نفس الافعال !

لم يعرف هنري سبب لهذا لكنه كان يشعر بالراحه؟ كانت امنيته رويه سام خلف القضبان فبدا ذلك كحلم على وشك التحقيق منتظرا ان توضع نقطه النهايه باعدامه الفعلي كي يمكنهم المضي بحياتهم ، لا هم بالفعل مضوا لكن ظل القلق مصاحبا لهم وقد ان اوان العيش دون خوف من الوحش المتربص

وبمجرد بذا المحاكمه بدا جين بدوره، كانت الاوراق امامه لكنه لم يحتج اليها قط فقد حفظها عن ظهر قلب بكل حرف فيها ومع كل دليل على كل منها فوجه بصره لسامويل يتحدث بكل ثقه وهدوء اخذاً دوره في خط نهايه هذه القصه الماساويه
" سامويل ..... تم القاء القبض عليك بموجب القانون لارتكابكك العديد من الجرائم بحق الكثير من الابرياء ، قتلت الكثيرين، تاجرت بالمخدرات والاسلحه، ابتززت اناسا وخطفت اخرين ، تلاعبت بغسيل الاموال انت واتباعك ،ودمرت حياه طفلين بريئين بتهمه زائفه ملفقه لهما ، هل تقر بجرائمك المرتبكه ؟"

الهدوء الذي كان مسيطراً بقي على حاله لكنه تحول للكثير من الترقب تلك الابتسامة كانت تجعل من يشاهدها يعتقد أنه سينفي كل ذلك مهما كانت الادلة!

لكن هذا كان ابعد ما يكون عن الحقيقة، سامويل رفض وجود محامي له حتى ذاك الذي قد تكلفه الدولة مجاناً فهو حقه بالنهاية..

هو يدرك تماما أنه و إن كان مُحامياً بارعاً سيخفض العقوبة من الإعدام للحبس المؤبد مع الأعمال الشاقة او دونها.. و الحق يقال السجون ليست أكثر مكان ملائم له و لا يتخيل نفسه يقضي بها ما تبقى من حياته او اكثر من عشرين عاما الا إذا قام بإنشاء عصابة جديدة و هرب..

و حسنا لا رغبة له ببداية جديدة هو ألم يطلق سراح ايرنيست ليوصله إلى هذه النقطة؟

لينتهي كل شيء و يذهب هو و يصبح و العدم واحد..

_:" أجل، أجل أقر بكل ما قلته سيادة القاضي المحترم لذا هلا تكرمت و نطقت بالحكم لننتهي من هذه المسرحية السخيفة؟ انظر ان كنت تعتقد أن ما فعلته بابنك و رفيقه فظيع لأخبرك أنهما محظوظان أكثر من بعض من قابلتهم حقاً!"

هو أغلق عيناه قبل أن يعيد فتحهما :" أنا ترأست المافيا التي كان أبي قد ترأسها بالسابق و ارتكبت ذات جرائمه لكن ليكن بعلمك أنك و غيرك السبب بهذا ليس لحكم الإعدام الذي اصدرته بحق والدي لكن لأن قانونكم السخيف لا يحمي الأبرياء ممن يرتكب قريب لهم الجرائم!"

آمال برأسه بسخرية تامة :" تتظاهرون دوماً بالمثالية لكن هذا المجتمع هو تماماً من يجعل أمثالي يولدون! و أنت سيادتك رفقة أسرة سوين كلا الأسرتين محظوظة تعلم لماذا؟ "

هو راقب ملامح الاستنكار على وجه كل من برايان و زوجته ثم أعاد بصره للقاضي بكل هدوء و استمتاع ربما ينتظر اجابته؟

جين استمع له رغم انعدام الرغبه ، يمكنه ان يفهم الكلام الذي يقال عن انهم من يجعل المجرمين يولدون، يعرف قصص كثيره لكن هل كلهم انتهوا مثله ؟ لا ! الكثيرون مثل ارنيست حافظ على استقامته وتابع حياته واصبح نموذجا يقتدى به في الكفاح! ما كان كلامه سوى اسقاطات يحاول فرضها كي يبرر سلوكه الاجرامي !

ما ازعجه حقا هو تحدثه عن تلك القضيه وكانها لا شيء ، يعرف انه يحاول استفزازه وقد اقر بداخله انه نجح كليا ! رغم هذا هو ما اظهر غضبه علانيه بل كبحه ليجيبه برسميه للحفاظ على الجو في المحكمة كونه المسول عن هذا
" تابع كلامك "

عيناه استطاعت التقاط ذاك الانزعاج بعينا القاضي أمامه، هو كان واضحاً كما الشمس له على الاقل فحسب كونه طالما راقبه أثناء تخطيطه لتحطيمه لكنه مع هذا يقر أنه حقا يمتلك قدرة هائلة على السيطرة على نفسه..

و ليو حافظ على وقفته كما لو أن محور الحديث لا يعنيه مطلقاً، عيناه لاتزال باردة كقطعة جليد كما هي ملامحه كلها، و مع عودة سامويل للحديث هو أغلق عينيه فحسب..

_:" ببساطة أنت كنت لتقف هنا و بدلا من وجودي أنا كمتهم كان ابنك ليقف مجددا لكن بجرائم حقيقية لولا حقيقة واحدة هي وجود رفيقه الذي منع كل منهما الاخر من الوجود هنا و إلا كل منهما يمتلك من الغضب ما يكفي و ذلك الغضب لست سببه"

هو حرك كتفيه بلا اهتمام حقيقي يتابع :" بل منكم أنتم سبب الخيبة التي حلت على كلاهما، أسرتك المعروفة طردت طفل للشارع كان يمكن أن ينضم للعصابات و تجار المخدرات حتى لولا ايجاد ليو له و اخذ أسرة سوين له، و أيضا أسرة سوين التي تبرات من الطفل قبل دخوله السجن ثم كل الظلم و التنمر الذي وقع عليه و بعدها تم بيعه لشخص من يعلم ما كان سيجعله عليه لولا أن الطرق جعلته يصادف الفين مجددا "

عيناه التمعت بسخرية أكبر و أشد :" كان الأمر ليكون ممتعاً لو لم تتقاطع طرق كلاهما مجدداً، لو لم ينقذ أحدهما الأخر حقاً حينها اتسائل كيف سترون الأمر "

وذاك التبرير ما جعل اي شيء يبدو اقل سوءا، ايفترض بهذا ان يجعل الوضع افضل ؟ هو يخبره ان ما فعله بهما ليس السبب ؟ صحيح ان العالم قسى عليهما لكنهما رغما هذا لم ينخرطا في الاجرام مثله ولم يفعلا افعاله رغم ان ما تعرضا له كان ربما بذات السوء لكنه امتلك ما امتلكاه وتخلى عنه بنفسه ، زفر الهواء وتسائل كقاضي يبحث مع المتهم عن اسباب ضياعه محاولا اقصاء مشاعره لحظيا رغم صعوبه الامر
" الم يكن بحياتك من يرشدك؟ لقد امتلكت كما امتلكا هما شقيقا بجانبك لكنك من تخليت عنه بارادتك!"

ليو بصره كان معلقاً بسامويل بشكل خاص لاسيما مع تلك الكلمات التي صدرت منه!

لو لم يتواجد آلفين ماذا كان ليحدث له؟ أهو كان ليتحول لقاتل مختل كهذا؟ أكان سيحاول الانتقام من العالم كله؟..

لا يمكنه تخيل الأمر للحق لكن لا يعتقد أنه كان ليفعل، بالنهاية هو عندما وصل لأقصى حدود طاقته كانت ردة فعله هو التوقف التام عن العيش بكل عفوية..

لم يرغب بالانتحار لكنه توقف عن تناول الطعام و الشراب، لم يعد يتحدث و ما عاد يتفاعل مع شيء كالجثة الحية...

أما المتهم فبصره انتقل من القاضي إلى حيث يجلس ايرنيست، هو كان قد رآه قبل أن تمتلئ القاعة لهذه الدرجة التي حالت بينه و بين رؤيته مجدداً الآن لكن تلك النظرة جعلت شهقة خافتة لا صوت لها تصدر من ذاك الذي انقلب الحديث عنه فجأة!

لا هو شعر برغبة حقيقية بالبكاء أيضاً، لماذا لم يستطع حماية شقيقه و إعادته للطريق السليم كما فعل آلفين و ليو لبعضهما البعض؟

أكان أكثر ضعفاً؟ لما لم يكن كافياً لشقيقه لئلا يهرب من الطريق السليم؟

إلا أن عيناه اتسعت عندما عاد صوت سامويل للحديث مرة أخرى :" و هنا يأتي دور الاختلافات البشرية ألا تعتقد؟ البعض يبحث عن أي سبب لئلا يتخلى عن نفسه و انسانيته المزعومة أيها القاضي و آخرين الانتقام و السلطة و الشعور بلذة الانتصار على كل من آذاه يوماً و رؤيتهم خائفون منه تنتصر على أي فطرة أخرى.."

هو تابع بكل هدوء دون أن ترمش عيناه حتى يعيد بصره للقاضي و من معه :" إيرنيست فعل! لم يتوقف عن تكرار أن علي التوقف قبل الغرق و عندما استسلم أخيراً استدار و قرر إيصالي إلى هنا و إن مات أولاً بحجة أنه يود انقاذ و لو ذرة واحدة من ذكريات شقيقه ، تعتقد من هو الأقوى؟ برأيي كلا الفريقان بائسان للغاية و ان كان عدم الركض خلف الأهواء الشخصية و لذة الانتقام و الجنون أكثر صعوبة للحق.. "

هو ابتسم بسخرية :" لا، لست نادماً أنا اتحدث بشكل موضوعي فقط! أنا ممتن لكوني فعلت و اتخذت الطريق الأسهل و انتقمت من كل شخص آذاني بحجة أن أبي من المافيا! رؤية خوفهم و توسلهم كانت متعة حقيقية "

المحاكمه كانت تسير بكل سلاسه ، لا نيه للماطله او الهرب بل الامر اشبه بتقديم نفسه على طبق من ذهب وحسب ، الفين كان يشاهد ويتسائل اذا لما كان يشعر بكل هذا الغثيان؟ لما كلماته لا تبدي اي ندم رغم انه دمر حياه الكثيرين؟ هل سيكفي موته حقا ؟ هل سيعيد ذلك اي شيء ؟ لا !

كلماته ربما كانت صحيحه هو كان ليصبح شخصا سيئا لولا ليو لكنه قطعا لم يكن ليصل لمستوى سامويل لذا لا حق له بلوم احد ؟ بالنهايه عاشا كمجرمين لوقت طويل بسببه وهو هنا يعترض عن معامله الناس للابرياء! كانت حياته صعبه قطعا لكنها لم ولن تبرر او تعوض كل من اذاهم.

كان يستمع باهتمام بمفرده بعد ان طلب منهم تركه وحده، كانت تلك  اللحظات تعيد له الماضي وما كان يمكن ان تكون عليه الامور، راى كلمات والده وما خلفها من الم و ترقب مع البقيه واعلان موته الاخير كي يمكنه ان يقول هذه المرك ان الامر انتهى حقا !

وبالمحكمه بعد قوله لكل هذا الكلام جين تنهد وقد بدا صبره ينفذ من ترهات هذا الرجل هو ليس نادما وهذا متوقع من مجرم مثله اذا لما هو منزعج هكذا؟ لما يشعر ان لا شيء من هذا سيجعل الفين وليو يشعران بالتحسن؟. اعاد صرامته سريعا ورفع راسه يعلن امام الملئ
"اذا انت تقر بجرائمك جميعها ، سيتم الاعلان عن الحكم النهائي بعد التفاوص مع هيئه المحلفين !

وبمطرقه العدل خاصته عم الصمت لكي يتناقش الخبراء فيما بينهم وان كان لا حاجه للنقاش فقد بدا واضحا ان الاعدام قليل يحقه وحسب !

مع تلك الضربة من المطرقة غرق كل فرد بأفكاره الخاصة، كل منهم كان يفكر فقط بكل ما حدث..

هم يقتربون من النهاية بالفعل لكن اي أثر ستتركه هذه النهاية؟

هاري الذي لاحظ دموع إيرنيست عبس! أهو حزين بجدية على مختل مثله؟ شخصياً لا يهمه حقاً ماضي سامويل و لا ما قاساه من أمور فهو عدوه و كاد ينتحر بسببه و يتحول توأمه لقاتل!

ليس مضطرا بأي شكل كان مراعاة مشاعره السخيفة تلك مهما حدث.. لكن أهو مخطئ بكلماته بشكل تام؟

لا يعتقد ذلك بشكل شخصي يرى ان الخير و الشر بقلوب البشر مربوطة معاً، كلاهما متواجد لكن أحدهما هو السائد ببساطة.. فقط إن تم قلب الموازنة و فك الخيط المربوط أو إزاحته فإن الأمور ستنقلب.. لكل منا خطوط حمراء ان تم قطعها ننقلب رأساً على عقب و بالنسبة له هنري هو ذلك الخط ان انقطع فهو قد يقف مكان سامويل بذات ابتسامته تلك!

لذا لم يجد نفسه مؤهل لقول و لو حرف واحد لإيرنيست لمواساته..

و بطرف آخر كان هنالك سيتو، أفكاره كانت مختلفة رغم تشابهها مع هاري بشكل متناقض!

هو ليس شخصا جيدا و لم يكن كذلك و كاد يقتل ليو و هو ثمل أيضاً بل تمنى موته بكل صدق بمرحلة ما!

سعد لألمه و ما فعله سامويل به و انزعج من خروجه من السجن و عودته للعيش بالقصر، فعل كل شيء لجعله يجن و نجح!

لم يهتم بحالته النفسية و لا دموعه و لا اي شيء آخر و لا حتى توقفه عن تناول الطعام و الشراب و انهيار صحته، لم يشعر بذرة تأنيب ضمير واحدة مطلقاً..

لكنه ما فعل هذا بسبب فقده لوالديه مثلاً أو ظلم قاهر بل الخوف كان دافعه الرئيسي، خائف من الخسارة و من المقارنات المستمرة هنا و هناك، من ان يلقى بالشارع دون مساعدة، من الوحدة و الألم..

و عندما بدأ خوفه ذاك يختفي عادت له الرؤيا بوضوح تام، شاهد ما لم يستطع رؤيته عندما سيطرت مشاعره عليه..

لم يصل لمستوى من أمامه بالطبع لكنه جرب ذلك و الآن يرى هذا مخيفاَ،. قدرك المرء على وأد الحقائق بسبب المشاعر المشتتة هو ممتن للغاية لليو الذي انقذه من السقوط بقاع واد لا مخرج منه و إن كان واثقا بكونه مختلف عن المختل أمامه!

برايان أغلق عيناه فقط، لا أفكار معينة تدور بعقله للحق،  هو لن يعنيه كل هذا الهراء، فقط يود الشعور بالراحة بأن ابنه و رفيقه سيكونان بخير دون مزيد من المصائب و الأذى..

و ذات الأفكار دارت بعقل لورين التي رغبت بالنهوض و ضرب المختل بنفسها بسبب كلماته السخيفة و أفعاله التي حرمتها من صغيرها لسنوات..

إيزابيلا التي كانت تشاهد هذا من المشفى حيث مقاعد الانتظار هي و أمها رمشت بملل واضح! السؤال الوحيد بعقلها هو لماذا لا يقوم أحدهم بسحب رشاش ما و إطلاق النيران عليه فحسب؟

هو سيعدم اذن ليحدث ذلك دون سماع كل ذلك الهراء، فقط لو كانت هناك لقفزت حرفيا داخل القفص لقتله بالنهاية أي شخص يمكنه التسلل له بخفة ،الشرطة تراقب المتهم فحسب صحيح؟

أما الشاب الواقف بعيونه الزرقاء المتجمدة فهو كان لازال يحدق بمجريات الأحداث بذات الهدوء حتى أنه فكر بالذهاب لا شيء آثار اهتمامه و لا يشعر بذرة تحسن واحدة!!

لكنه ما أن أراد الاستدراة عاد صوت المطرقة ليصدح بالارجاء فقطب حاجبيه مفكرا لا ضير من عدة دقائق إضافية!

كان وقت الحكم الاخير، نقطه النهايه الفعليه حلت ، سيكون بذلك ختام الفلم الدرامي الماساوي من بطوله سامويل وتبدا مسرحيات جديده بعيدا عن كل الحزن والالم ، كان هو من سيضعها، سيقطع حياه من اقتطع ابنيه منه ، من سلب الكثيرين سعادتهم وامالهم دون ابداء اي ندم ، ضيق عينيه واعلن بينما يراقب الرجل بملامح هادئه المعالم مع لمعه عين لا تخطا من تصيبه، الغضب المكبوت اعلن عن نفسه بعينيه
" حكمت المحكمه على المتهم سامويل نتيجه لكل ما ارتكبه من جرائم بالاعدام شنقا حتى الموت "

ضربت المطرقه للمره الاخير ، انتهى الامر وثبت الحكم ولم يبقى سوى التنفيذ ولم يشعر بالخجل من الاعلان بذلك لنفسه، لا يطيق صبرا لرويه هذا الرجل جثه ولو امكنه لرغب بتنفيذ الحكم بنفسه لكنه اكتفى بان ينهي حياته المليئه بالاذى عن طريق ما عاش حياته لاجله وفقد ابنه بسببه والان يعيد حقه المسلوب بواسطته ايضا !

الفين في تلك الغرفه ابقى عينيه على الشاشه، كان هناك خواء رهيب لكنه حاول تجاهله، خواء افضل من الم صحيح ؟ انتهى الامر وحسب ولا بقايا لتنظيفها في ماضيهم بعد اليوم ، لكن مجددا اين الفرق الان ؟ ماذا تغير حتى؟

اخفض راسه واغمض عينيه يتنهد بتعب، اعاد خصلاته للخلف وابقي ذراعه على عينيه
" اهذا ما كنت انتظره حقا ؟ ياللملل !"

بالخارج جلست كاميليا رفقه ابنتها، طوال الوقت كانت تشاهد بصمت ومع كل حرف كان يتفوه به كانت تشعر بالغثيان والقشعريره، هذا المسخ هو من دمر ابنها ؟ هل الاعدام كافي بحقه؟ الا يحق لها طعنه وسلبه كل شيء منه كما فعل معها ؟ لا شيء يشفي غليلها ولم تتعاطف ولو مع اي حرف مما قاله ! فقط لانه تالم لا يعني ان يؤلم الاخرين !

اما هنري فقد كان اول ما فعله حين سمع الحكم هو التنهد، لم يتعاطف مع سامويل هو الاخر ، الناس الاشرار بكل مكان لكن نحن من نختار هل نصبح مثلهم ام افضل منهم، لقد عاش وتوامه مع نموذج تعيس كان كافياً ليحولهم لقتله مجانين لكنهما اختارا دربا اخر وخاطرا في سبيل الحفاظ عليه ان اختار طريق الشر ليتحمل التبعات !

و مع النطق بالحكم أغلق ليو عينيه، لم يستطع الشعور بالتحسن لكن لماذا؟

ماذا حدث له حقاً؟ هو استدار بنية المغادرة فلا شيء يُثير انتباهه مُطلقاً بل هو يشعر بالفراغ و الفراغ فقط!

هل سيكون من الجنون القول انه تمنى ببساطة ان يشعر بالألم مثلاً؟ بالغضب او الحقد او حتى الشماتة؟ لكن لا لم يحدث...

خطواته توقفت عندما صدح صوت سامويل الساخر فجأة :" جيد أنكم اختصرتم الأمر بجلسة واحدة لا مزاج لدي لحضور عدة جلسات! فقط سيادة القاضي كيف هو وضع آلفين سمعت أنه نجى مع الأسف و قد لا يبقى اي أثر حتى يذكره بي كشلل أو شيء كهذا"

نظرات ليو الخاوية كانت كما هي، لم يبدوا عليه أي تغيير لكن عقله بدأ استحضار عدة مشاهد فجأة!

هو غاب ذهنه عن رد جين و استنكار كل من بالقاعة حتى و اتجه فقط بأفكاره و ذكرياته..

عيناه كانت ترى فقط تلك المشاهد..

__

الدموع أغرقت تلك العينان الزرقاء، وجهه الطفولي كان شاحب على غير العادة بينما يسند جسده المتعب لشجرة ما بمنتصف هذا المكان الملوث و الذي لن يغادره إلا ملوثاً!

لقد تعب و انهار أخيراً رغم كل مقاومته البائسة، حياته انتهت يقسم بهذا بشكل مؤلم للغاية..

هو ماذا بقي له؟ قبل دخوله لهذا السجن تبرئ جده منه، والده الذي أراد دوما ان يكبر و يساعده بالشركة ليصبح لديه وقت له و للأسرة تخلى عنه!

بل هو بات عبئاً عليه و على أمه بلا ريب فاين أسرة سوين مجرم و بالسجن، حلمه الكبير تحطم فوق رأسه لكنه وجد لنفسه هدف آخر لئلا يسقط و يتهشم و هو حماية رفيقه المقرب اللطيف

و الآن هاهو يفشل بهذا أيضاً بل و آلفين أمره ان لا يقترب منه مجدداً، لم يعد رفيقه ذاته بل يكاد لا يتعرف عليه حتى؟!

تلك النظرات المخيفة و كل تلك العدائية، هذا ليس آل خاصته ليس صديقه الذي يعرفه لقد خذله و لم يستطع حمايته هو مجرد فاشل ينتهي الأمر به بالفشل دوماً إذن من آين له تلك الثقة العمياء؟

لا و بكل سخافة كان يصدق أنه ذكي للغاية و معجزة و طفل واعٍ بينما هو فاشل بالحقيقة!!

عادة هو لا يبكي و ليس بمكان مفتوح كهذا لكن قلبه يؤلمه و بشدة هذه المرة لدرجة أنه ما استطاع منع دموعه هذه من التساقط..

____

المشهد اختلف سريعاً لموقف آخر عرض أمام الشاب و هذه المرة ما كان لوقت بعيد للغاية بل هو قريب ربما؟

عندما وجد رفيقه أمام باب شقتهما المشتركة مصاباً بالحمى بعد أن خذله عمه!

صوت انفاسه المتعبة و ذبول ملامحه، انغلاقه أكثر على نفسه و تعاسته هو كيف لم يستطع حمايته من ذلك؟

لقد سلمه لهم بيديه، سمح لعمه الاقتراب منهم و منحه أغلى ما يمتلكه ثم حطمه و زوجته بشكل سيء للغاية، منحوه تلك الفكرة حول كونه لن يجد من يتقبله حتى!

و مشهد ثالث عندما عاد سامويل للساحة، هو قرر أن السلطة تحتاج لسلطة لذا اجتهد و أعاد مكانته بأسرته، ليصبح تحت حماية سوين مجدداًو هذه المرة هو كان واثقاً بأنه سينجح كون انضمامه لعصابة ما فجر قلق رفيقه على رأسه دفعة واحدة..

و النهاية؟ هو وجد رفيقه بمكان شبه مهجور ملقى بواد ما بعد أن تم ارسال رسالة له من هاتفه الذي فقده بالحادث!

و آلفين فقد ذاكرته! عاد ليصبح ذلك الطفل اللطيف لكنه كان خائفاً، هو أخبر ابن عمه أنه لن يسامح نفسه ان فشل هذه المرة للأبد!

و النتيجة؟ فشل و بجدارة بل و استحم بدمائه و دماء ايرنيست..

لقد فشل و الآن..

ملامحه كانت جامدة كما هي، مشاعره لاتزال متجمدة لكنه تحرك عائداً للداخل و بشكل سريع هو سرق سلاح احد الشرطة دون انتباهه!

ليس غاضباً لكنه لازال يتقدم و عينا سيتو رصدت وجوده و حركته تلك عندما كان ينوي المغادرة لتشحب ملامحه و يشهق بقوة، ملامح ليو الجامدة كما الثلج أثارت خوفه بشكل خاص..

لذا و باستغلال الهدوء السائد كون القاضي لازال متواجدا يجمع أوراقه التي تم ختمها و توقيعها من قبله و قبل الهيئة هو هتف :" لقد سرق سلاح الشرطي أوقفوه الان!"

و تلك الجملة جعلت الأعين تتجه نحو الشاب الذي كان يقترب من قفص المتهم دون أدنى اهتمام حتى لهتاف رفيقه!

لورين شهقت بقوة بينما غادر برايان مقعده لإيقاف ابنه و الشرطة تأهبت بالمكان بقيادتهم مارسيلينو..

هاري وقف بفم مفتوح بينما يهتف :" إياك أن تجن الان! "

لكن أليست نصيحة متأخرة قليلا؟ فهو جن تماما أساسا و ما عاد قادراً على الشعور سوى بالبرود!

و ايزابيلا من خلف الشاشة رمشت و وقفت من مكانها بحماس :" أخيرا شخص عاقل بينكم!"

تلك الكلمات التي قالها سامويل استفزت جين بما يكفي لجعله يضع وجه غاضبا هذه المره دون قول شيء وقد صفق لنفسه بصدق داخليا حين لم يبح بالكامات العالقه على طرف لسانه لعلمه ان تلك رغبه سامويل

هنري هو الاخر ادرك هذا فصر على اسنانه هامسا لنفسه بانزعاج ليقطع احد لسان الوغد وحسب حتى يخلصنا من ازعاجه !

الفين من سمع هذا كان ينظر اليه بهدوء لم يكترث لكلامه لكنه خشي حقا على رفيقه من مطبات هذا ، كيف سيشعرليو ؟ وصله الجواب سريعا حين سمع ذلك الصراخ من سيتو، شحب وانتفض جسده رغبه بالنهوض وقلبه صار حصان طرواده يهرب من ملاحقيه من سرعته الشديده ، ليوقفه احد ، اي احد ! ليس الان وبعد كل هذا يفقده ! عيناه شخصت واقبلت والدته راكضه نحوه تسانده كي يجلس مع رؤيتها للمشهد معه بعيون دامعه! لا تريد حصول هذا ، تمنت لو تقتل سامويل بيديها لكن ليس بيد ليو ابنها الثاني ! لا تريد خسارته مجددا هو وال معا ! ستفقد كليهما لو حصل هذا

دعت من اعماقها ان تحدث معجزه، ان يعيد ايو التفكر او يتصرف جين !

جين كان بالمحكمه هناك حيث راى ليو يسير بهذا الشكل المخيف نحوه، يعرف تلك النظره ومع السلاح المفقود نهض من فوره ومن هول الصدمه نسي انه القاضي هنا ، لم يذكر كل الرجال الذين تحت امرته ولا ان كلماته لها سلطان يفوق اي احد اخر واختار ان يكلم ليو كاب خائف على ابنه بدل هذا ليصرخ به وسط المحكمه
" ليو ، ليس هذا ما يريده الفين توفف رجاءاً"

سامويل بصره اتجه للشاب الذي يسير للأمام مُتجاهلاً أي شيء آخر حرفياً بابتسامته ذاتها!

هو حُكم عليه بالإعدام بالنهاية لذا ما الفرق بالموت رصاصاً أو شنقاً؟! ثم رؤية ذاك البرود القاتل على ملامح ليو ممتع نوعاً ما ، هو يبدوا مغيباً عن الواقع بقدر ما هو واعٍ بشكل متناقض كبير...

و طريق الشاب تم قطعه من قبل والده و رجال الشرطة ثم انضم لهم جين و إيرنيست..

و هو وقف بمنتصفهم يحدق بهم، مارسيلينو مد يده أولاً مُطالباً الشاب أمامه بصمت بأن يمنحه السلاح الذي بيده..

برايان هتف بابنه بنبرة حاول السيطرة عليها :" ماذا تعتقد نفسك فاعلاً سوين ليو!؟ لن تفسد الأمر بعد نهايته صحيح؟"

و المعني حدق بهم بتلك النظرات الهادئة قبل أن يرفع بصره محدقاً بسامويل و ابتسامته!

هو رفع يده التي تحمل السلاح و منحه لمارسيلينو بنوع من الطواعية قبل أن ينطق بهدوء :" اردت تجربة الأمر فحسب ردود أفعالكم هذه سخيفة! "

هو لوح لهم بيداه يتابع للمحقق أمامه :" هل أنا معتقل الان أم يمكنني المغادرة؟"

و مارسيلينو أخذ نظرة للقاضي قبل يشير نحو البوابة و للشرطة بالابتعاد :" إرحل فقط"

تلك الكلمات تم تنفيذها من قبل الشاب الذي وضع يداه بجيبه و سار حقا للخارج فقط رغم بقاء الجميع على اهبة الاستعداد لأي تصرف اخر حتى غاب عن أنظارهم..

لورين غادرت مباشرة خلفه و من خلفهما تحرك كل من برايان و سيتو..

أما و بداخل المحكمة فقد جلس هاري بمكانه بينما يرمش و كأنه لم يتجاوز صدمته بعد!

آلكسندر بعثر خصلاته الشقراء بتوتر قبل أن ينطق :" ذلك الشاب جن تماماً!"

ايرنيست وجه نظرة مُستاءة لشقيقه قبل أن يتجه لآلكسندر و البقية علهم يغادرون فحسب!

بعدها تم سحب المتهم تحت احاطة الشرطة حتى موعد تنفيذ الحكم عليه

هنري راقب تصرفات ليو بشحوب تام ولولا تدخل البقيه لما تركه يكمل باي ثمن لكنه حقا تنهد بارتياح فور ان سلم السلاح فهو لم يرغب برويه خلف القضبان وان كان يفهم اسبابه !
من قد يبقى صامتا بعد جنون هذا المختل ؟ بعد كل ما فعله بالفين ياتي ويقول هذه الكلمات بكل بساطه ! لو كان مكان ليو لفعل المثل ولم يكن ليندم وان كان يعرف انه خاطئ!

جين تنهد بارتياح وجلس على كرسيه بتعب ، اي تاخير وكان سينتهي مستقبل ليو حرفيا امام عينيه ! اغمض عينيه بتعب وخشي بداخله ان الفين راى هذا ، كيف رد فعله يا ترى؟ اهو بخير؟

الفين بمجرد ان سلم ليو السلاح انهار يضع واسه على كتف امه يتنفس بعمق،مسحت والدته على يده بعد ان استقر قلبها هي الاخرى تحاول احتواء خوفه
"انتهى الامر بني، لا تقلق انتهى ليو بخير"

الفين امسك بها بقوه ، همس برجاء كسر قلبها بشده
"امي، اريد الذهاب اليه ، ارجوك "

ردت عليه تدوس على قلبها رغم رغبتها بتحقيق كل امنياته
"فقط تحسن بني وسنذهب موافق؟ "

القين اوما سلبا يعيد طلبه
"اريد الذهاب الان ، لا مزيد من التاجيل !

لم تعرف بما عليها قوله فتحججت بالاطباء تعطيه املا زائفا
"سانادي على الطبيب ان سمح لك ساخذك بنفسي ان لم يفعل فانا اسفه لن اقبل بهذا لكن اعدك ساحاول المجيء بليو لاجلك !"

خلال كل هذه المحاكمة كان مارسلينو يقف مع الشرطه مسولا عن الحراسه رفقه البقيه بعد ان اصر على التواجد لضمان سلامه الصغار والقاضي على حد سواء.

لقد كانت رحله طويله واراد ان يشهد الختام بنفسه ، فاخيرا تنتهي قصه سامويل بعد مطاردته له لسنوات ، ما فعله ليو لم يكن مستغربا فقد شعر منذ البدايه ان وضعه غير طبيعي مع كلمات سامويل الاخيره لم يبعد مارسلينو عينيه عنه الا حين كان القاضي ينوي الرحيل ليصدمه ليو برد فعله المتاخر !

حين تمكن من اخذ السلاح منه واذعن ليو بهذه السهوله كان ممتنا حقا انه لم يضطر لاخذ اجراءات اخرى، يكفي ما مرت به الاسرتان فعلا ولا رغبه له بجره للسجن !

كانت النهايه فعلا هذه المره لا مزيد من الاحداث الدراميه المنهكه فقط نقطه تضع حد لكل شيء

أحياناً يود الفرد منا الذهاب، الإختفاء بمكان ما حيث لا يتواجد به سواه!

يبحث عن الهدوء و لحظاته مُراجعاً بها نفسه، باحثاً عن مشاعره و مُعالجاً لنفسه التي تحطمت..

لا يود سوى التخلص من كل الكتمان و الألم وحده، يداوي ذاته الجريحة عله يعود يوماً بابتسامته المعتادة و قلبه النقي!

و هكذا كانت حالته بالفعل، هو ليس بخير و كل تصرفاته تشير إلى هذا!

لقد تجاوز كافة الحدود و الأسوء لا يشعر بذرة ندم واحدة، رغم انعدام شعوره حتى بالغضب حالياً اتجاه أحد لكن جزء منه ربما حقاً أراد ببساطة ان يسجن بمفرده بعيداً عن الجميع..

بصره تعلق بالنافذة التي بجواره فهو و مع خروجه من المحكمة أوقف سيارة أجرة و انطلق، هو الآن يعلم أين يود الذهاب لكن ما بعد ذهابه للمنزل هو المجهول تماماً..

مع توقف سيارة الأجرة عند العمارة التي يسكن بها و رفيقه هو حدق بالمبنى بهدوء مُستذكراً أول مرة قدم بها إلى هنا!

سيارته التي كان متحمس لها بشدة لم تكن بانتظاره كما تخيل إذ تم إرسالها للتنظيف فاستغل آلفين انزعاجه و اختار الغرفة الأكبر من الشقة..

خطواته كانت هادئة بينما يذكر كل هذا و يتسائل لو أن سيارته يمكن أن تعود له بعد أن تحولت لحطام هل سيشعر بالسعادة كما كان؟

لماذا يشعر أنه من تحول لحطام؟ طوال السنوات الماضية هو اعتقد أنه بالفعل مجرد حطام و الآن أدرك أنه كان بحال جيدة للغاية إن رغب بمقارنة نفسه السابقة بالحالية ...

تنهيدة عميقة صدرت من جوفه عندما أمسك حقيبة سفر كبيرة يضع بها ثيابه و حاجياته بهدوء مطلق و رغم انتباهه لتلك الأعين التي تراقبه منذ فترة لم يتوقف بل استمر..

هو لاحظ خروج والديه و ابن عمه خلفه، و جزء منه ادرك أنهم يلحقون به و بسيارة الأجرة لذا وجودهم هنا ليس أمراً مفاجئاً بقدر احتفاظهم بالصمت الذي هو ممتن لهم على ذلك حقا!

و بالطبع لم يكن هذا ليستمر عندما أخرج هو جواز سفره و هويته و غيرها من وثائق و البطاقات الائتمانية خاصته..

_:" ليو ماذا تخطط أن تفعل الان؟ أرجوك لا تجعلني أجن يا بني"

نظراته اتجهت لوالده يرمش بخفة قبل أن يحمل الحقيبة يميل برأسه بهدوء :" بل أنا من يتوسل لك أبي لفترة فقط، دعوني و شأني"

هو لا يعلم ما مدى قصر المدة أو طولها لكنه بحاجة للاختلاء بنفسه بمكان ما مجهول لهم جميعاً..

لا يريد سماع مواساة أحد، لا يود الحديث معهم حول اي شيء و قطعاً لا يريد سماع أي اعتذارات أو ترهات هو فقط يريد الانزواء وحده!

القلق كان يكبر بقلب برايان الذي رغب بالاعتراض لكن و مجدداً كانت لورين من نطق أولا بهدوء :" دعه و شأنه برايان، ليو ليس طفلاً و يقول انه بحاجة لوقت بمفرده لذا دعه يمضي فحسب"

_:"شكراً لكِ أُمي كالعادة"

هو نطق جملته بنية المغادرة بينما احتفظ سيتو بصمته بالنهاية ماذا قد يقول له حقاً؟

هو فقط نطق بجملة هادئة :" سيجن آلفين للعلم لذا حاول التحدث معه لئلا يقطع تدريبات المشفى و يهرب "

و خطوات أصغرهم لم تتوقف بل سار للأسفل مجدداً رافضا أن يوصله أي أحد للمطار حيث قرر حجز للدولة المجهولة التي لا يعرفها هو بعد هناك..

طلب سيارة أجرة أخرى و وضع رأسه على النافذة و قد اخرج هاتفه يحدق به بشرود تام..

الطريق للمطار استغرق ما يقارب الساعة لذا هو اتجه للداخل وضع حقيبته جانباً و قبل أن يتجه لرؤية ما الدول المتاح السفر لها و برحلاتها لليوم هو فتح على محادثته مع رفيقه يرسل له رسالة صوتية فهو حقا لا رغبة لديه بالنقاش!

' آل أنا سأسافر لبعض الوقت لا أعلم إلى أين و لا المدة أيضاً لكنني بحاجة ماسة لوقت مستقطع لنفسي، انظر أنا لست غاضباً منك حتى كما تدعي بكل سخافة فما هو ذنبك أساساً لأفعل؟ لكنني بحاجة للبقاء بمفردي أنت تفهم ذلك جيداً صحيح؟ بالنهاية ذات يوم قررت أن تبتعد عني و ان كنا بالسجن لأنك احتجت لاستجماع نفسك "

أغلق عيناه بعد أن صمت لبرهة يتابع :" تابع علاجك بشكل جيد للغاية، و لا داعي للهلع ان كنت رأيت ما حدث بالمحكمة رغبت فقط بحشو المسدس بفمه لكن نسيت عدد المتنمرين هناك، بأي حال هذا الجزء انتهى لذا لا داعي للقلق اتفقنا؟! '

تلك الرساله وصلت لهاتف الفين ، كان الهاتف قربه بطبيعه الحال كونه رغب بشده الاتصال لكنه كان محاطا بالكثيرين وغاضبا جدا منهم ومن نفسه ، يعرف انه يتصزف كطفل حاليا لكنه رغب ان يفعل ، سيغضب عليهم كما يشاء وعليهم التحمل فهم لم يعطوه لعبته كما رغب وبحالته هو لم ياخذوه لليو !

رويه ذاك الاسم جعلته يفتح الرساله سريعا، ليجد تسجيلا صوتيا طويلاً نسبيا ، حدق به قبل ان ينظر حوله ليجد ووالدته تجلس هناك تراقبه ، لم يعطه قلبه قابليه على طرد كليهما لكنه حقا رغب بان يستمع لها وحده فوجه حديثه لامه بصراحه
"اسف ولكن.. هل لي بالبقاء وحدي لدقائق ؟ اعدك لن افعل اي شيء سيء"

والدته اعتادت هذا ورغم رغبتها بمشاركته بكل حياته الا انها احترمت كونه بحاجه لوقت لنفسه فاومات بابتسامه وغادرت لتعطيه وقتاً مستقطع فضغط زر الاستماع مع اعطاء كامل تركيزه لها.

استمع لصوته اخيرا بعد طول غياب وفهم محتواها قلبا وقالبا، صوت ليو اظهر له كم انه ليس بخير ، كان يبدو تائها شده ،هو اراد ان يهدا وان يستكشف نفسه فهم هذا جيدا جدا فقد مر به بالفعل كما قال ليو لكنه خشي على رفيقه من نتائجه !

اراد ان يعطيه المساحه اذا ليكن ! سيحترم رغبته وصراحته معه ، شغل تسجيل الصوت ليرد عليه برساله هو الاخر ، وضع كل كلمات وجدها بها
"اهلا ليو، شكرا لابلاغي اقدر هذا، لا باس ساحترم قرارك ، لكن لا تتاخر او ستجدني فوق راسك !"

ضغط ارسال ثم نادى على والدته ، تحدث لهم اخيرا بعد صمت طويل يطلب منها بشيء من الخجل
"امي، اريد التدريب، سامت البقاء هنا ، هلا استدعيتي المعالج ؟!

وهي فقط نظرت اليه بفم مفتوح حتى استوعبت واومات لتحظره اليه !

ان كان سينتظر سيفعلها لكن مع فعل كل ما يقربه خطوه لاخيه، عليه ان يسرع بالتعافي كي يكون فادرا على الذهاب اليه لو احتاج !
~~~~~~~~>

الحياه تسير بنا شئنا ام ابينا ويبقى القرار بيدنا هل نواكب ؟ ام نظل عالقين في الماضي نبحث عن مجرمين لادانتهم على ما اخترناه لسهولته متناسين ان ما ياتي بسهوله يذهب بسهوله .

لم يحب المدرسه يوما فمن يفعل وهو بكامل قواه العقلية ؟ تسائل بينما يرتدي ثياب المدرسه ،لما هو متحمس لهذا الحد اذا؟ ادرك الجواب بعد القليل من التفكير، هذه اول مره يذهب مع هنري ارنيست والكسندر بدون ان يكون ظل سامويل مخيما على الامل في حياتهم .

كان المستقبل امامهم ولديهم كامل الحريه في العيش وفعل ما يشائون، لا مهام قتل تنتظرهم ولا اتصالات مزعجه تحمل اوامر مجنونه، طلاب مدرسه يصنعون مستقبلهم بأيديهم لا غير ولديه الوقت المتبقي لصنع ذكريات جميله مع هاري والبقيه !

كان الاربعه يعيشون معاً باتفاق مسبق بينهم فهم اقارب بالنهايه ولم يكن هناك اي سبب يمنعهم من فعلها فقد افتقد كل منهم جو الاسره وحان الوقت لصنعه بايديهم !

استدار بمجرد سماعه لطرق على الباب ليرى القادم ليجد هاري قد اطل عليه بذات الزي مع ملامح مشرقه كعادته

هو آمال برأسه بمرح كما هي عادته بينما يهتف :" أنظر من الجيد العودة للمدرسة صحيح؟ تم سجن و محاكمة والدنا أيضاً، لذا لم يعد هنالك مختلون بحياتنا"

الحماس كان بادياً على ملامحه فهم بالفعل الآن بوضع جيد للغاية، لا يوجد من قد يزعج راحتهم و لا يعانون من الفقر لأنهم ورثوا الشركة خاصة سامويل المختل و منزله..

و أيضاً كلاهما حصل على أموال كتعويض من والدهم ثم هنري بالفعل بين كل فترة و أخرى يتعاقد مع شركة ما لصنع برامج حماية لها..

و هو يعمل بالمطعم و لم يتخلى عن ذلك بينما صرح إيرنيست أنه سيبدأ الذهاب للشركة مع مدير الإعمال الذي رشحه ليو لهم لفهم كيفية سير الأمور و إدارتها بعد المدرسة..

بالنهاية هو هتف يسحب توأمه :" هيا كل من إيرنيست و الكسندر جاهزين و أنا أعددت الإفطار و وجبات خفيفة لنا بالمدرسة و للصغير لذا لننطلق ألست متحمس؟"

هو لم يتوقف عن جر الأكبر بينما ينطق بجمله تلك بكل سرعة و حماسة للحق هو اشتاق للمدرسة!

ثلاثتهم انتقل من مدرسته السابقة لمدرسة اختاروها معاً بينما تم وضع الصغير بمدرسة أخرى إذ كان بمرحلة مختلفة عنهم..

ابتسم هنري له براحه، اجل هو متحمس لعيش حياه طبيعيه كاي مراهقين مع شقيقه ، حتى ارنيست والكسندر باتوا جزء من اسرته ولا يستثنى من هذا الفين وليو، تعرف الكثيرين من الاشخاص المذهلين لكنه قطعا لم يكن ليعترف بهذا امامهم بصراحه ح
خصوصاً المتنمرين الكبار!

تذكر فجاءه وجه ما فعبس يهمس متناسياً الرد على كلمات شقيقه
" ذاك اللعين سيظل بقائمتي السوداء لاخر يوم بحياته !"

و هاري آمال برأسه بكل هدوء محاولاً فهم عمن يتحدث شقيقه حقاً قبل أن يرمش و يهتف باستنكار :" تتحدث عن مارس ؟ حقاً ألن تتجاوز الأمر هنري ؟"

هنري راقب ملامح شقيقه بهدوء تام قبل ان يكتف يديه ويشيح بوجهه بعيداً عن شقيقه كطفل غاضب " لا ولا تحاول حتى، غلطته خاصه ولا تغتفر ! يمكنه التعفن بالجحيم وحسب !

_:" لن يذهب للجحيم هذا فظيع !"

هو رفع يداه باستسلام تام بعدها :" حسنا لا تحبه كما ترغب لكن أنا لن أتوقف عن مقابلته لتعلم هذا "

ابتسم هنري على تعليق شقيقه ، اكد له موافقته بوضع يده على راسه مبعثراً
" حسنا هنري القديم لم يعجبه هذا لكن اتفقنا ان احترم قرارتك ورغباتك ومع موت سام لا حاجه لي لحشر نفسي يمكنك زيارته وحدك !

_:" جيد إذن هيا لنتناول الافطار و نغادر للمدرسة "

هو أمسك بيده لجره مرة أخرى حيث المائدة التي جلس عليها كل من إيرنيست و الكس حيث نطق الأصغر بملل و تقطيبة :" هل سوف نتناول الافطار اليوم أم غدا؟ هنري أنت تتسبب بتأخرنا "

هنري نظر اليه بحاجب مرفوع مكتفاً يديه لصدره مستنكرا تذمر الاصغر بينهم" ومنذ متى وانت متحمس للمدرسه هكذا ؟ لا تزال صغيرا باي حال اقصى ما يعلمونه لك هو كيفيه كتابه الكلمات ان واجهت صعوبه بسبب تاخرك عزيزي ساعلمك عليها !"

و الصغير رفع أحد حاجبيه بينما بدأ بتناول طعامه :" أنا أحب الدراسة و القراءة بأي حال ! ثم أليست هذه بداية جديدة علينا الانطلاق بحماس و ليس بتخاذل هكذا "

هاري ضحك بخفة يبعثر شعر الأصغر بينما يجلس :" انت محق تماما صحيح إيرنيست ؟!"

تلك الكلمات جعلت من كان عقله مغيباً بأمور أخرى أن يلتفت لسماع اسمه قبل أن ينطق الأصغر مجددا بعدم رضى :" لا تحاول حتى عقله ليس هنا منذ يوم المحاكمة "

هنري جلس يراقب صحنه قبل ان يزفر الهواء مشيرا لارنيست بملعقته
" انت تحتاج لدروس خاصه مني ارنيست، كي تعرف كيف تعتني بالقزم الذي معك ، انت قلت انك ستكون المسؤل عنه صحيح ؟ انظر سوء مزاجه نابع من سوء مزاجك انت! تعلم المشاركه قبل ان يتمرد عليك الصغير كما فعل هاري قبلا !

فتح إيرنيست فمه للتعليق إلا أن الطفل سبقه :" لن يحدث ! بأي حال لا يهم سأكبر أنا و أدافع عنه لأنه أكثر طيبة من أن يفعل "

شهقة صدرت من جوف العم ليضحك هاري أكثر :" لكن تستحق هذا عزيزي إيرنيست لإنشغالك عنه "

و المعني عبس بشكل لطيف قبل أن يبعثر شعر الأصغر :" لكن ما معنى هذا الان آلكسندر ؟ انت عليك التفكير لمستقبلك و الايام السعيدة فقط و انا بخير قطعاً! "

هنري ابتسم بسخريه بعد ان اكمل شرب الكبتشينو خاصته محدقا بارنيست
" اترى ارنيست؟ الاطفال يتعلمون ما تفعله وليس ما تقوله ، ان لم تفكر باوقات سعيده كيف سيفعل الكسندر هذا ؟ حتى انه بدا يضع خطط لحمايتك"

و العبوس طغى على الفتى الذي كتف يداه لصدره :" لكن هذا ليس عادلاً "

و الأصغر نطق بينما يشرب من كوب الحليب خاصته :" الحياة ليست كذلك بالفعل "

هاري أومئ له ببساطة ليحدق إيرنيست به بحاجب مرفوع مليء بالاستنكار

ضحكه هربت من هنري لينهض محفزا البقيه
"هيا بنا هذه المره سنتاخر فعلا ، لا رغبه لي بالشحار منذ الصباح مع الاساتذه ! لنذهب !"

و هاري شهق ينهض سريعا خلفه :" لا شجار هنري مطلقا "

بينما نهض كل من العم و ابن شقيقه خلفه بكل هدوء

لم تكن حياه غير اعتياديه بالمعنى الحقيقي، ايام روتينيه تتكرر لكنها بالنسبه لمن ذاق العذاب طويلا كانت كنزا يبعث على السعاده والبهجه، وجبه جماعيه فيما بينهم بدون خوف ولا متاعب بانتظارهم، الذهاب للمدرسه والاهتمام بالدراسه وحسب.

لا مهام تترقب عودتهم كي يلوثوا قولبهم وايديهم بها ، التجوال وتناول الطعام وصنع صداقات طبيعيه والنوم مع علمك ان لا اشباح ستطاردك لتسلبك كل شيء كان الكنز المفقود منذ زمن واخيرا ان اوان عيشه كامر طبيعي مسلم به.

الفرق الوحيد انهم قادرون على الاحتفال به كل يوم كما لو كان الغايه العظمى للحياه وعيش كل يوم بحلوه ومره معاً بفهم عميق وصبر فاق ما امتلكه من بسنهم لكنه كان نعمتهم كي يحظوا بالسلام النفسي بعد طول عناء

~~~~~~~
غرفه فاخره في اثاثها وتزيينها واسعه المساحه استقر فيها ذاك الرجل الثلاثيني بقميصه الاسود وبنطال الجينز الرمادي ساعه معصمه كانت بذات لون البنطال شعره ترتب بعشوائيه مرتبه مستعينا بطبيعته المرنه معه، كعادته الازليه يقلب الاوراق بيده متجاهلا كل ما حوله من امور ثانويه غير مكترث بها ولو قليلاً وهذا ما اثار غيظ الجالس امامه بملل
" اتعلم مارس انت لا تستحق الترقيه، ما فائده منحها لشخص لا يقدرها، يا اخي اظهر بعض الفرح على الاقل !"

ابتسم لتعابير رفيقه ليعيد عينيه بعدها لاوراقه المتراكمه
" يمكنك اخذها لو احببت لم اسعى لفعلها منذ البدايه لاجل الترقيه كما تعلم، اكبر جائزه حصلت عليها هي موت ذاك الوغد وتحقيق العداله"

توقف الشاب ذو الشعر الاسود والعيون البنيه عن التململ وتحولت نظارته لاخرى جاده ، تردد في السوال فساعده مارس بنفسه حين راى نظرات عينيه
" قل ما عندك، لا داعي للتردد، لقد حصلت على انتقامي وبات من السهل الحديث عن الامر اكثر من ذي قبل "

تنهد الشاب ليضع يده على خده مستندا للطاوله الخشبيه المنحوته بعنايه تفصل بينهما
" كان والده من قتل والدك وشقيقك صحيح ؟"

توقف مارسلينو عن التقليب هذه المره ، كان يظن ان الامر فعلا سهل لتقليب صفحاته الان لكنه لا يزال يحمل ثقله الخاص
" اجل، والده كان صاحب العصابه ، هم من خطف اخي وطالبوا بمعلومات سريه مقابل حياته ثم قتلوا كليهما لاحقاً بعد ان الصقوا تهمه الخيانه بابي "

تنهد الشاب ليحاول سحب رفيقه من هذا الجو فما نفع الماضي طالما لا يمكن تغيره؟ الحق ظهر وتم تبرئه كل المظلومين ومن فعلها ومن تابع اعماله كلاهما يرقد في قبر يدفع فيه ثمن افعاله
" حسنا اذاً اظن ان والدك حقا فخور الان ، لذا مجددا افرح بالترقيه فقد نلتها عن استحقاق، حتى انك بت تبدو كبطل خارق لذاك الصغير الذي رعيته، هاري صحيح ؟"

ضحكه هربت من شفتي مارسيلينو ليعيد جسده للخلف مستندا للكرسي
"نعم وعدو شرير لتوامه، اظنه سيلعنني حتى يوم مماتي ! وان كنت افهم اسبابه، باي حال طالما يهمك الاحتفال لهذا الحد تعال معي اليوم بعد العمل انت مدعو بمناسبه ترقيتي وان كان يجب حدوث العكس"

نهض الشاب مستندا للطاوله مع ابتسامه انتصار واسعه
" اقبل دعوتك بكل سرور ! اراك لاحقا "

الكثير حدث خلال يومين وحسب، حقوق عادت وحقائق انكشفت واقنعه سقطت ولا يكاد يصدق انها مجرد يومين.

كم هي غريبه الحياه يوم تتقلب من حال الى حال لكنه وحسب سعيد انه كان احد اسباب كشف الحقيقه .

كان محظوظا حقاً بالتعرف عليهم ، اولئك الشبان من كانوا اكثر من تاذى واكثر من صمد لا يحق له حقا القول انه من يستحق الترقيه فاكثر من بذل جهده وضحى وخاطر كان هم .

تفكيره بهم جعله يتسائل هل الوضع بخير؟ يمكنه الاطمئنان على التوامين لكن ماذا عن الاخران؟ وارنيست؟ رغب حقا برؤيتهم لكنه اضطر للتاجيل لمنحهم الوقت ولاكمال المتراكم مما لم يضع له نقطه النهايه

~~~~~~
الفتى الذي نبذوه وطردوه وكرهوه بأسرته كان بريئاً بالنهايه و هو من مثل الحق والقانون طوال حياته كان مصدر الظلم بحق اقرب الناس له .

هو سعيد ان برائته ظهرت فهو بذلك تاكد ان اسرته بكل افرادها لم يدنسهم الاجرام ، يعرف انه لن يحصل على الغفران ولا ينوي طلبه باي حال يكفيه ويسعده ان حفيده بريء .

سيحبه هو بطريقته من بعيد طالما لم تتلوث يداه ولو قرر ذات يوم العوده لهم سيرحب به بايدي مفتوحه لاجله لكن لو قرر عدم العوده مطلقا فلن يجبره فهو لم يندم ولو للحظه على ما فعله فقد تصرف بناءا على ادله وحقائق ملموسه وعامله كما كان سيعامل اي مجرم اخر وهذا جزء من عدالته الخاصه !

جدته كانت خلاف زوجها تحاول التواصل مع زوجه ابنها لكي تقنعها ان الامر يستحق ان يحتفلوا به ، تجمع عائلي لاصلاح كل شيء سيكون ما يحتاجه حفيدها اللطيف وللاحتفال بنجاته من الموت على يد ذاك المجرم لكن مساعيها قوبلت برفض قاطع اعتبرتع وقاحه في حقها لكنها حاولت تفهمه حين رات نظرات ابنها لها يوم قالت لها كاميليا بنبره قاطعه
" عمتي، ما يحتاجه الفين حقا هو ان لا يرى اي شيء يزعجه ، ان قرر انه يريد رويتكم سادله بنفسي عدا عن ذلك اطلب منك بكل تهذيب ان تتركيه يرتاح فقد مر بما يكفي !"

تذمرت طويلا مع ابنتها وكل الكراهيه الموجهه سابقا لالفين تحولت بشكل عجيب نحو كاميليا دون ان تبدي هي او جين اي اهتمام بهذا بل جين كان يؤيدها وان استخدم اسلوبا اقل حده احتراما لوالدته مع ذلك امكنها معرفه انه يرفض لقائها بالفين فاضطرت لتاجيل الامر حتى اشعار اخر !
~~~~~~~
مرت الأيام سريعا محملة بعبق ربيعي نثر عبيره على الجميع عداه ، لا يمكنه الإحساس بما حوله فقد تعطل عقله عن العمل وبات غير قادر على عيش اللحظه فقد غفلت عيناه عن كل ما أمامه عدا هدف واحد ، نقطه تضع نهايه لقصتهم الماساويه وتمنحهم صفحة جديده للكتابه عليها .

فقط تحتاج عنصرا واحدا لتفعل ، وجود لابد من حضوره كي تنقلب الصفحه ولم يكن بيده سوى الاستعداد وبذل كل ما عنده كي يكون جاهزا لعودته أو أن يضطر لكسر وعده أن طال الغياب وبعيدة بنفسه .

اسبوعان من التمارين المكثفة ، الجهد المستمر والانشغال التام انتهت بخروجه من المشفى قادرا على رعاية نفسه بما يكفي والسير دون عكاز أو معاونة من أحد .

إنجاز استحق الذكر كونه كان كل ما شغله طوال غياب ليو ، تكررت زيارات رفاقه ولم تترك أسرته وأسرة ليو جانبه مطلقا طوال تلك الفترة لكنه ظل يشعر بوحدة غريبه فبالوقت الذي توجب عليه مراعاة جهودهم احتاج من يشاطره ذات همومه ، نفس الحياه والشعور الفاتر ، أراد شقيقه معه وحسب ولم يهم سبب هذه الرغبة فهل هناك داعي للبحث عن دوافع تجعلنا نرغب بوجود مصدر قوتنا إلى جانبنا ؟

~~~~~
كالخريف هي حياتنا ، تتساقط منا أيامنا كأوراق الشجر..
تبكينا أحياناً لكن لتجعلنا نبتسم بعد حين !

و كل هذا بيوم ما لن يكون سوى ماضي .. لن نكون إلا ذكرى بحيث لن تبقى سوى الصور و الذكريات !

الأيام تمضي بلا عودة لذا ليطيب كل منا ذكرياته ..

كم مضى مُنذ مُغادرته وطنه ؟! لما هو غادر أساساً ؟

للبحث عن نفسه أليس كذلك ؟! لإيجاد تلك المشاعر التي تجمدت فجأة كما لو أنها لم توجد !

أين هو الآن ؟ بمكان لم يذهب إليه قط حيث تواجد بجزيرة ثيرا الواقعة بشمال جنوب اليونان ..

لما اختار هذه الوجهة تحديداً ؟ ربما لأن لا أحد سيتوقع ذهابه لبلاد لم يقل يوماً أنه يود رؤيتها حتى !

و هو بالفعل لم يكن يوما مهتما بالسفر لها , لكنه فعل للهرب من كل شيء و قبل كل ذلك من نفسه التائهة ..

الليل كان قد أسدل ستائره لتحل الظُلمة بالأرجاء ، الأجواء كانت باردة بالفعل كما هي نظراته التي انبثقت من تلك العينان الزرقاوتين !

ارتدى ثياب رياضية دون معطف ثم هو وضع السماعات بأذنيه و سار بكل هدوء حيث تركت خطواته آثار على تلك الرمال الحمراء ..

الغيوم حجبت ضوء النجوم و ربما القليل جداً من ضياء القمر أطل و رغم كل هذا هو ما اهتم !

بالنهاية أليس ذاته الذي ذهب للعمل و حضور الاجتماعات بدل التواجد و الامساك بيد رفيقه ؟

أليس هو من سافر بعيداً بدل التواجد هناك بعد نهاية كل شيء ؟

أما كان عليه المساعدة ؟ البقاء رفقة أسرته و طمأنته ؟ الامساك بيد آلفين حتى يقف مجدداً ؟

لكنه هرب فحسب مغلقا هاتفاً و كل طرق الوصول له ، لم يعد قادراً على الصمود أكثر بمنتصف تلك المسرحية التي سيقوم بها ..

لم يستطع استيعاب أي شيء ! هل انتهى حقاً كل شيء ؟

هو هنا منذ أسبوعين و نصف و لا يبدوا أنه يتحسن بأي شكل ! قدم عبر موقع الجامعة طلب لتأجيل فصله الدراسي الحالي ..

فصله الدراسي الحالي ، هذا يذكره كم تغيير طرأ عليه منذ لحظة دخوله الجامعة و قراره و آلفين على الدراسة بإنجلترا دون غيرها ؟!

أين هو ذلك الشاب الذي كان متحمسا لرؤية السيارة التي حصل عليها ؟! صغيره التي تحطمت بشكل نهائي عندما سقط هو و إياها بفضل سامويل ، هي ذهبت بشكل نهائي بينما هو عاد ببساطة للحياة !

سامويل مجدداً ، هو سلبه حتى سيارته التي اعتبرها كنز ثمين ..

هو من حرض على قتل آلفين بل كاد حرفياً ينجح بهذا ، أراد سلبه رفيق طفولته و صديق طفولته ..

سلبه طفولته ، فخر والداه و أسرته به ، حتى شخصيته و قواه كلها تم استنفاذها بشكل كامل !

تلك الخطوات الهادئة كانت تتحول لأخرى سريعة رويداً رويداً حتى تحولت للركض مع كل ذكرى سيئة عاشها ، فترة المحاكمة و الاعتقال بعمر صغير ، السجن و كل ما عاشه و آلفين هناك ..

مخاوفه ، شعوره بتخلي أسرته عنه ، خروجه و غرفه بجحيم جديه و سيتو و كأن هذا لا يكفي فصله عن آلفين و منعه من مغادرة المنزل !

هو كاد يموت حرفيا وقتها ، ثم محاولة بيعه من قبل جده و حينها هربه و أسرته خارج البلاد رفقة آل الذي أنقذه ...

عودته هنا و العودة لمواجهة كل شيء تركه ، جديه و سيتو ، تلك الذكريات و السمعة السيئة بشخصية مهزوزة و منعزلة !

نظرات الاتهام الباردة و الأحكام المُسبقة التي كانت تُحيط به ، اليأس من ظهور حقيقة برائته حتى بمواقف تافهة كيوم اتهامه بالغش بالجامعة ..

لم يهتم أي أحد بكلماته و تم اعتباره أكثر الأشخاص وقاحة بهذا العالم فقط لأنه دافع عن نفسه !

كل ذلك الخراب هو لا يشعر بأنه قادر على تجاوزه ، تلك المواقف المؤلمة واحدة تلو الأخرى و التي انتهت برؤية آلفين بذلك المنظر تجاوزت حدود قدرته على الاستيعاب ..

يشعر بأنه تائه تماماً !

يرغب بالبكاء لكنه عاجز عن هذا بشكل كلي ، يشعر بنقص رهيب للغاية و هذا يؤلمه بشدة ...

أغلق عيناه بهدوء و قد توقف عن الركض أخيراً ليتصاعد صوت أنفاسه ، صدره كان يعلو و يهبط بينما يشعر أن رئتيه قد تمزقت بسبب سرعة أنفاسه و البرد المحيط به !

البرد الذي كاد ينساه تماماً بفضل تلك النيران التي تشتعل بصدره ، و رغم هذا كان يشعر بأنه لازال غير قادر على النطق أو التعبير بحرف !

لا هو حتى عاجز عن الصراخ كما كان يتمنى أن يفعل , أراد أن يطلق عدة صرخات تغادر جوفه و تثقل كاهله ..

يشعر بأنه عالق تحت أنقاض و تراكمات لا حصر لها ، و حسناً هو بات واثقاً من أمر واحد فقط ، لقد كان تقديره للأمور خاطئ فحسب .

لا يمكنه مداوة هذه الجروح هنا و ليس بمفرده أو بشكل أدق ليس دون رؤية رفيقه بصحة جيدة ليمحو صورته المليئة بدمائه من عقله فسماع صوته ما كان كافياً حقاً لذا أعليه العودة ؟

لكن هل آلفين بخير تماماً الان ؟

هو تنهد قبل أن يرفع رأسه للسماء التي بدأت ترسل مياهها النقية للأرض الملوثة برأيه ليفتح يداه على وسعهما و يغلق عيناه بعد أن ابعد قبعة ثيابه الرياضية تلك سامحا لتلك القطرات بالوصول لخصلاته و وجهه الموجه نحوها للأعلى كسائر جسده !

ابتسامة صغيرة للغاية ارتسمت على شفتيه ما إن فعل هذا ، لازال يحب المطر و الابتلال تحته ، هو لازال يفعل حقاً

في مكان اخر بعيداً كل البعد ، رفيقه في مكان راحته لم يصدق ما يحدث فبمجرد ان فتح هاتفه اهتزت يده برجفه خفيفه، مسح عينيه بذراعه يتحقق مما يقراه، هل هي حقا رساله من رفيقه؟ هل بات يتوهم ربما من فرط الانتظار ؟

تردد خوفا من زوالها، ماذا لو اختفت بمجرد ان يحاول الرد؟ لكنه حين ادرك ان تردده لن ياتي بنتيجه اسرع يرد عل الواقع يكون حليفه ويكون رفيقه بالفعل من ارسلها ، قلبه نبض بقوه وبملامح مضطربه كتب على عجل
"اجل، انا بخير، خرجت من المشفى، ماذا عنك؟ اين انت؟ هل يمكنني رؤيتك؟انا حقا ارغب بهذا، احتاج وجودك ...فقط اينما كنت اخبرني وساتي اليك، ام انك لا تزال غاضبا مني على ما حدث ولا ترغب برؤيتي؟"

لا يعرف كيف استطاع كتابه كل هذا بهذه السرعه ولا متى ضغط زر الارسال حتى لكنه جلس معطيا كل انتباهه للهاتف وعيناه لا تغادر الشاشه املا بوصول ما كان ينتظره منذ وقت بدا له بعيدا جدا من فرط ما اثر فيه واشعره بوحده وبروده قارصه

ليو الذي كان يجلس على إحدى الأرائك بالجناح الذي حجزه لنفسه رمش مع رؤيته لرد آلفين !

هو بقي ينظر لتلك الكلمات التي شعر لوهلة انه قادر على سماع صوت رفيقه ينطقها بكل بساطة !

أصدر تنهيدة ما بينما يهتف لنفسه :" و هذا عاد تماماً لطبيعته المتنمرة ! "

هو أمسك بهاتفه بعد ان تركه لثوان يعود للكتابة :" هل عدت للجامعة ؟"

بمجرد ان اهتز هاتفه شعر بالارتباك مجدداً، عيناه نظرت للمرسل تتحقق وحين تاكد انه ليو فعلاً شعر بقلبه يقفز داخل صدره ، عليه فقط الحذر لئلا يجعله يختفي مجددا بسبب افعاله كما حصل قبلاً، فتح الرساله لتفقدها وبمجرد ان انتبه لقصر طولها اصابه شي من الاحباط، لم يكن يبدو كرد لكل ما ساله لكنه تابع لتفقد المحتوى باي حال عله يكون عنوانا او شيء ما يوصله اليه
" اليوم وحسب، ولم احظر للدروس، ... اين انت؟ لا تتجاهل سوالي، الم تعاقبني بما يكفي ؟ ليس عدلاً حقاً حتى انا غاضب لعدم وجودك قربي! فقط اعطني تلميحا وساتولى الباقي!

لم يكن الاخر قد ترك هاتفه حتى لأنه توقع هذا الرد السريع هو شاهد ما كتبه الأكبر ليتنهد قبل أن يرد هذه المرة بشكل جدي أكثر ؟!

_:" أنا حاليا بدولة اليونان لا تسأل حتى حول ما أقوم به هناك لأنني لا أعرف ! بأي حال أنا سأعود قريباً .. لا تترك الجامعة اكثر "

بمجرد ان قراه الفين نهض من مقعده كرد فعل ، لم يكن ليمرر رساله كهذه وحسب، ان كان ليو يظن انه لن ياتي اليه لانه في اليونان فهو واهم!

لم يكن هناك اي شي اخر لفعله، تقرر ما سيفعله بالفعل ولم يتبقى سوى ابلاغ والده كي يتكفل بايصال الموضوع للبقيه.

لديه هدف واحد حاليا وهو مستعد لرمي كل شي لاجله ، اخيرا وبعد طول انتظار وجد طريقا يقود لرفيقه ، سيمكنه ان يلتقيه .

حماسته للقائه فاقت مشاعره عند خروجه من السجن !

لم تصل لها حماسته للقاء والديه ولا سعادته بمعاقبه سام، شعر لاول مره وكان الدنيا تبتسم له وان هناك ما يستحق ان يذهب اليه دون ان يلتفت لاي شي حوله.

من فرط حماسه نسي سترته خلفه وحيده على الكرسي الخشبي ولم ينتبه لها الا بعد ان قطع عده امتار حين لسعه البرد.

توقف للحظه ينظر خلفه نحو اتجاهها ثم قرر ان يتجاهلها وحسب كأي جزء من الماضي الذي يمنعه من التقدم ، لا مزيد من التاخيرات، لتذهب للجحيم، ان تاخر قد لا يمكنه الوصول اليه او قد يغير ليو رايه ويختفي مجددا.

ارسل رسالته عاجلا دون تاخير قبل انطلاقه بالفعل مبلغا ليو بما ينويه برساله مختصره قصيره لكنها اوصلت مدى اضطرابه لرفيقه عبر بضع كلمات قصيره بدت وكانها مدفوعه من شخص سلم عقله لشخص اخر
"انا قادم اليك ، لا تذهب لاي مكان ، لن اتاخر!"

والرساله التي وصلته تاليا فعلت حين كان داخل سياره الاجره بالفعل فقد اخذ اول سياره امامه متجهاً للمطار .

عيناه حدفت بالسماء فوقه محاولا ان يحصل على بعض الصفاء فيها فرغم انه منذ اسبوعين لا يفكر سوى بانه يرغب برويه ليو حين بات الامر واقعا شعر بالخوف يتسلل اليه،ماذا سيقول له ؟ هل هو غاضب ؟ لم يبدو له هذا من رسالته ، هل هو بخير؟ ماذا كان يفعل؟ ماذا لو اخبره ليو هناك انه لم يعد يريد العوده ؟ ماذا لو اخبره انه شعر بالراحه دونهم؟

ابعد هذه الافكار سريعا من راسه فقد بدت سودوايه اكثر مما يجب ولم يرغب بافساد الامور سلفا بسبب فرط تفكيره.

كانت قدمه تهتز وتنهيدات متكرره تخرج من جوفه تعكس النشاط المتقد لخلايا دماغه تحاول وضع سيناريو يضمن عوده ليو ، بين حماس رهيب وقلق جعل الاضطراب يتسلل اليه افزعه رنين الهاتف بيده فاسرع يتفقده ليجد اسم والده يزين الشاشه ، رد عليه من فوره ليرى ما يريده ليصله صوت جين باهتمام تام استطاع استشعار قلقه فيه
"الفين ماذا يحدث؟ ما قصه اليونان فجاءه؟ ليو هناك ؟ هل انت متاكد انه هناك؟"

الفين حاول تذكر ما كتبه بالرساله دون نتيجه،كان مضطربا جدا ليفعل لذا تجاهل هذه الجزئيه ورد عليه يوضح له باكبر قدر من الهدوء
"لقد ارسل لي عنوانه بالفعل واخبرني انه هناك، ساذهب لتفقده لذا فقط احتاج جواز سفري ابي، لن اتاخر وساكون بخير هذا وعد"

جين بالطرف الاخر صمت لوهله متنهدا،ليس وكانه قد يمنعه من هذا خصوصا مع كل الحماس المكتوم بنبرته،يمكنه معرفه انه ان رفض باي شكل لن تتلقى كلماته اي اذان صاغيه وباي حال لم يكن ليفعل ، ليس وابنه الاخر طرف بالامر هو بذاته راغب بعوده ليو باي ثمن لذا لم يتاخر بمنحه الجواب ريثما ينهض من مكتبه
" دع الامر لي بني، رحله موفقه ، لا تتاخرا بالعوده "

لم يستغرق الامر سوى بضع ساعات كون الفين حجز باول طائره وبالدرجه الاولى منفقا كل مدخراته،جين حرص على تسليمه الجواز وكاي اب قلق على ابنه احضر معه بعض الادويه في حال هاجت عليه الالام ومعها ستره لتقيه البرد الموجود هناك كونه يعرف سلفا ان ابنه لن يفكر باي شي اخر غير الوصول لرفيقه وبالختام منحه عناقا تشجيعيا ليتركه يذهب متمنيا له كل التوفيق وبمجرد وصوله كالعاده تابع الفين طريقه كي يصل اخيرا للنقطه المحدده ، لم يشعر بنفسه ولم ينتبه للطريق ولم يلاحظ بروده الجو القارص فقد كان عقله يتارجح بين فكرتين لا ثالث لهما كلاهما تمثلت بما سيفعله وما قد يحدث دون قدوه على منح نفسه ولو القليل من الهدوء حتى بات الامر واقعاً ووصل فعلا للمكان وكل ما كان يفصل بينهما الان هو باب الفندق الخشبي ، هو الحاجز والحامي والحد الفاصل بينه وبين المصير ، رفع يده ينوي الطرق ثم توقف مباشره امام الباب قبيل وصول يده اليها، هل هو مستعد؟ هل سيتمكن من ارجاع ليو ؟ كلما طال وقوفه كثرت الاسئله منعدمه الاجابات واحيرا وبغد الكثير من المحاولات لتشجيع نفسه طرق الباب مبتلعا ريقه بتوتر منتظرا ان يرى رفيقه، الشيء الوحيد الذي قد ينسيه كل ما مر به !

~~~~~
مضت الايام سريعة رغم بساطتها فقد كان لكل تلك التحولات وما رافقها من محاولات بائسة ممن حولهم للتواصل معهما من جديد اثر في ملئ ايامهما فحتى في الجامعه ، لم تتوقف الاحاديث عن الامر وما انفك الطلاب يحاولون التقرب اليهما بحثاً عن ما يشبع فضولهم حول تلك القضية الكبيرة التي هزت البلاد باسرها .

رغم انه كان يتوقع ان يزعجه هذا بالبداية، الا انه وجد ان هذه الامور الثانويه لا تحمل ذاك التاثير القوي بعد الان بعد ان استطاع عبور اكبر عقبة وضعت له بعد تلك الحادثة واختتمت بعودة رفيقه معه بمعجزة ما بعد ان عاش لايام طويلة بعد استيقاظه يحاول ايجاد اي طريق للعوده اليه .

كان هذا اليوم مميزاً رغم هذا اذ انه بعد تلك المحن الكثيرة، اخيراً جاء يوم ميلاد رفيقه ، واحد افسدته الاحزان طوال اعوام كثيرة وترافق مع ذكريات مؤلمة حاول بكل مرة محوها من ذاكرة رفيقه وزرع السعادة فيه.

ما اختلف بهذه المرة سوى انه  حضر له بشكل مختلف بمساعدة من باتوا جزئاً من حياتهما  بشكل رسمي وبعد ان زالت مصادر القلق والخطر السابقة كي تتفرغ قلوبهما للفرح لتعويض كل ما فات .

رغم ان رفيقه لم يعد لطبيعته كلياً بعد ، الا ان وجوده حوله كان يكفيه كي يطمان ولم يدخر الفين فرصه الا وحاول جعله يتفاعل كالسابق راضياً بمحاولات رفيقه للانخراط رغم فقدان الحيويه فيها .

تابع الفين السير خارج اسوار الجامعة وتوقف قرب بوابة جامعة رفيقه بابتسامة على وجهه بعد ان اختفى الكثير من ملامح الانكسار والالم منذ عودة ليو بل ان ما كان يشغل باله منذ تلك المحاكمة اصبح فجاءة بلا قيمة حين ادرك انه بالفعل يملك كل المقومات الضروريه للسعادة حين ادرك ان وجودهما مع كل من يحبانه يكفي ليمنح لقلبه الرضى والسلام

القى الفين نظره على ساعة يده وطالع الافق ينتظر قدوم ليو بشيء من التعجل ليخرج هاتفه ويقرا تلك الرسالة الواردة حديثاً من  والده تبلغه بما انتظر وصوله .

تنهد براحة وعاود التحديق  باتجاه قاعة المحاضرات منتظراً خروج ليو بعبوس متذمراً من تاخره بشكل خاص اليوم
" هل اصبح تلميذاً مجتهداً فجاءة الان ؟ منذ متى يتاخر حتى اخر محاضرة؟"

تلك التذمرات سمعها من وصل خلفه دون ان ينتبه اليه جاعلاً اياه يلتفت ليراه امامه
دون ان يفهم من اين خرج حتى
" حين اجتهد لا يعجبكم، حين لا افعل لا يعجبكم، من المتنمر الان؟"

الفين مال راسه يطالع ليو ليتنهد ويتقدم منه ليجره من ذراعه خلفه دون انتظار متابعاً تذمره دون توقف
" نعم ،نعم، انا المتنمر هنا ، فقط لنذهب الان ، تكاد شمس الظهيرة تذيبني "

لم يفهم ليو سبب تعجله لهذا الحد ولا عرف اين ينويان الذهاب لكن كلماته توقفت عن الانسياب حين راى تلك السيارة تقف على جانب الطريق والزجاج الامامي نزل  ببطئ ليظهر  داخل تلك السيارة والدا الشابين  في المقدمة .

الفين القى التحية بابتسامة وسحب ليو خلفه للجلوس بالمقعد الخلفي دون ان يستوعب ليو اياً مما يحاولون فعله فقد بدى بشكل واضح ان هناك شيء مريب يحدث جعل الفين يختطفه بهذا الشكل بوضح النهار !

عيناه الزرقاوتين التفت لِتحدق بِالنافذة من الخارج ، أساسا هو لا يفهم لما على والده أو والد رفيقه التواجد يوجد شيء يدعى حافلة أو سيارة أجرة أليس كذلك ؟!

و كأنهما سيهربان و الرحمة !

حسناً بشكل تقني سفره دون إبلاغ أي شخص يعد هرباً بطريقة ما لكن هذا لم يمنعه من التذمر بداخله حقيقة أثناء الطريق دون توجيه بصره لأي منهم بالواقع ! ..

الفين كان يطالع رفيقه من حين لاخر وادرك ما يدور في خلده من افكار  فقد كان من الواضح انه لا يذكر ما تاريخ اليوم ولم يملك اكتراثاً كافياً ليفعل .

كان ينوي اخذه بسياره اجرة الا ان  والده  اثر ان يقلهما اثناء طريق عودته رفقة والد ليو بعد ان  اقله من عمله هو الاخر بشكل خاص .

رغم رغبته باخذ ليو للاحتفال وحدهما ، الا انه كالعاده قرر منح الجزء الاول من اليوم لكل من احبوا رفيقه كي يقدموا له التهاني ثم سيكون التتمه له كما اعتادا منذ المراهقة   فقد كان لديه الكثير مما اراد قوله دون ان يجد طريقه لفعلها فكان استخدام هذا اليوم لقول بعضها عن طريق الافعال  فرصة لا تعوض مع امنيته العميقة بان يرى رفيقه يعود لطبيعته دون كتم مشاعره  .

رغبته نبعت من ادراكه كالجميع ان هذا الجمود ما هو الا بقايا جرح عميق وطالما هو هكذا، فالالم لم يزل بعد ولهذا تماماً حاول بكل فرصة ان يمنح رفيقه ما يجعله قادراً على التعبير من جديد  .

حين وصلوا للوجهه المحددة ، لم تكن سوى منزل جين ذاته  .

اختلفت الاقتراحات عن اختيار مكان الاحتفال حتى قرروا  اختياره كوسيلة للتعبير عن  الحقبة الجديدة ولكونه الاكثر استقلالية عن الماضي المرتبط بحربهم ضد سامويل.

بمجرد ان توقفت السياره، ابعد الجميع حزام الامان وعلق جين يخرج ليو الصامت من شروده
" هيا ، وصلنا، لينزل الجميع."

رفع ليو بصره نحو المنزل الذي وصلوا له ليقطب حاجبيه قليلا بينما ينطق :" هل نحن تمت دعوتنا للغداء أو ما شابه ؟ لم يخبرني أحد و لم يكن هذا على جدول أعمالي لليوم !"

هو كان يكمل كلماته بينما يخرج من السيارة ليقف لذات تقطيبته تلك يحدق بالمنزل الخاص بأسرة رفيقه إلا أنه تلقى ضربة خفيفة على رأسه ليحدق فورا بصاحب تلك اليد الذي نطق :" لا تقل لي أنك لا تريد إغضاب أبي لهذا ستذهب للعمل عزيزي ليو ! لأنه و حسب ذاكرتي طالما كنت أقنعك بالتصرف بلطف مع جديك و أنت كنت ترفض "

و المعني قلب عيناه بينما بدأ بالسير للأمام يجيب بلا اهتمام حقيقي :" بالطبع لأنني كنت أرغب بإغاظتك فحسب! "

ابتسامة ساخرة ارتسمت على ملامح برايان الذي تبع ابنه دون تعليق فهو يود إغاظته الان بردوده هاته لكن اليوم لن ينساق خلف رغبة ابنه حقا ..

ليو وجين بقيا بالخلف مؤقتاً يطالعان الشاب ووالده كعادتهما في اغاضة بعضهما البعض فتنهد الفين جاعلاً والده يربت على ظهره كتشجيع حين راه يظهر امارات القلق
" لا تبتئس الفين، انه يتحسن بالتدريج،  لا تتعجل في رغباتك فما ياتي بسهولة يذهب بسهولة، ليس وكانه كان في قمه سعادته سابقاً ايضاً لذا استمتع بهذا اليوم وسيفعل ليو حتماً"

اومئ الفين مؤيداً لينطلقا للداخل بعد ان  انغمس الفين قليلاً بالتفكير متذكراً كم عدد المرات التي انهار فيها رفيقه بعد ان مثل لوقت طويل انه بخير ثم انكسرت روحه بدون  ان يستطيع فعل شيء لاجله.

لوهلة شعر ان ما يحدث ربما نعمة فعلى خلاف السابق ، لم يخفي ليو المه ويتظاهر ان كل شيء طبيعي لذا اليست اشبه بنداء استغاثة ؟ هذا جعله يتنفس بعمق محاولاً ايقاف افكاره فكلها لا تؤدي سوى الى فرضيات لا تقدم ولا تاخر.

بمجرد ان دخلوا للمنزل ، الاضواء كانت مطفئة كما لو ان الليل حل مبكراً وبمجرد ان حطت اقدام ليو المنزل، صوت انفجار صغير متبوع بتطاير اوراق الزينة الصغيرة مع هتاف جماعي من اصوات الفها ليو هتفت بعبارة " عيد ميلاد سعيد "

اما الجزء ما بعدها فقد صدحت كلمة متفاوتة مستقلة عن الباقين والتي كانت واضحة كوضوح الشمس خارجة من  ايزا بعبارتها الشهيرة" ايها اللص المكتئب"

جاعلة الجميع  يبتسم بخفة.

الفين وقف بجانبه يطالعه ودفعه للداخل كي يجلس على الكرسي المستقر امام الطاولة المليئة بكل اصناف الطعام والحلويات وبوسطها كعكة عيد ميلاد تزينت بالشموع ترسم عمره  عليها مع امنيات كتبوها فوقها بعد الاتفاق عليها .

شهقة لا إرادية صدرت من الشاب الذي أتم التاسعة عشرة ..

هو فتح فمه يحدق بالمتواجدين و بتلك الزينة التي انفجرت على رأسه و ثيابه و الكعكة و كل شيء تقريباً دون ردة فعل ملائمة ربما ؟!

رفع أحد حاجبيه بفضل جملة ايزا قبل أن يقلب عيناه بملل بجدية هذه الفتاة تحب الألقاب أكثر منه كما يبدوا !

لكنه سار رفقة رفيقه الذي دفعه بوقاحة كما يرى ليجلس أمام الطاولة بنوع من عدم الاقتناع ، هو فكر أنه لا ينقصه سوى تاج ما يضعه على رأسه ليبدوا كطفل !

و رغم هذه الأفكار السلبية هو ابتسم بخفة شديدة عندما عيناه تأملت المتواجد على الطاولة و الكعكة و الأمنيات التي كتبت ..

كل الأصناف التي يحبها متواجدة ، و بالطبع البيتزا ..

رفع بصره ليرى توتر والدته و ترقبها ربما ؟! الواقع هو شعر بأن الجميع يترقب ردة فعله حقا لذا نطق بذات الابتسامة السابقة :" لكن الآن أنتم تقومون بإفسادي للعلم لن يشتكي أي منكم إن عاد الطفل المتذمر حينها .. "

جملته تلك مع الابتسامة دفعت لورين للتوجه له لاحتضانه بينما تنطق :" لكنني لم أشتكي يوما منه أيها المتنمر ! "

هو رمش قليلاً قبل أن يبادلها بهدوء بينما بعثر برايان خصلاته له بابتسامة حانية جعلت الشاب يقطب حاجبيه ..

بجدية هو يفضل الشجار معه على أن ينظر له بهذه الطريقة المتنمرة ..

إيزابيلا نطقت تعلق بتهكم :" جيد اكتشفنا أنك لا تزال قادرا على الابتسام و لم تتحول لآلة بعد .. "

جين كان اول من تقدم منه بينهم يضع يده على كتف الشاب مع عيون مليئة بالفخر به وقد جعلت ابتسامة ليو وعبوسه الراحة ترتسم على ملامحه بالكامل
" عيد مولد سعيد ليو، لقد كبرت بشكل مذهل كما هو متوقع من ذاك الطفل الكبير، اتطلع لانجازاتك القادمة "

تقدمت كاميليا نحوه بابتسامة فخورة مع عيون دامعة حين رات تلك الابتسامة الغائبة منذ مدة على شفتيه لتحمر عيناها بفعل كبحها لتلك المياه وتقدمها نحوه لتعانقه بقوة تمسح على ظهره بلطف
"شكراً لك لانك ولدت ليو، انت ثاني بطل في حياتي حتماً بعد جين،وثاني ابن لي بعد الفين، شكراً لانك اعتنيت به طوال هذه السنوات"

قطب الشاب حاجبيه فور استماعه لكلمات والدا رفيقه قبل أن يشيح بوجهه عنهما رغم أنه بادل الكبرى ذلك العناق :" لكن منذ متى و تعتبر أعياد الميلاد مكان مثالي للتنمر على صاحبه ؟"

هنري ضحك على تعابير وجهه واستغلها لقول ما لديه من كلمات اخيراً عبر ما يجيده وما غيره التنمر على ليو كلما تذكر كم عانى مع هاري كاخ اكبر فاخذ دور محامي لال بشكل غير مباشر
" انت بالذات يحق التنمر عليك بكل فرصه، عيد ميلاد سعيد  ، وان كنت اظن الفين يستحق الهدايا اكثر منك بعد كل ما عاناه مع شقيقه الاصغر المتنمر"

الفين لم يقصر وحرك راسه يعبر عن شعوره بالاسى على حاله  متذمراً  رغبة في ازعاج ليو وتعبيراً عن ما اختلج بداخله من سعادة لرويه ابتسامة شقيقه مجدداً
" اتفق معك هنري لكن كاخ اكبر، هذا اقل شيء علي فعله ، انطر على الاقل هو بالغ  رسمياً الان قد يكون اصبح اكثر تعقلاً ، وان كنت لا امانع حل الفوضى التي يسببها من حين لاخر "

و ليو حدق به باستنكار تام قبل ان يبتعد من مكانه و ينطق بسخرية :" أجل تفضلا كلاكما هنا و هذا العناق أيضا ما رأيكما ؟ "

هاري ضحك بخفة على ذلك الرد قبل أن يتقدم هو و يضع هدية مغلقة على الطاولة :" دعك منهما اساسا كل منهما يتوق فقط لإلقاء الأوامر "

_:" أليس كذلك ؟ "

كان هذا رد ليو البسيط على جملة هاري تلك بينما غمز له الأصغر كدليل على التوكيد ربما ؟!

إيرنيست و الكسندر كلاهما تقدم ليضع هديته للأكبر بينما انحنى الأول بنوع من الخفة :" برأيي انت تستحق الافضل حقا ! شكرا لأنك انقذت حياتي أولا "

و هذه الجملة جعلت حاجب ليو يرتفع باعتراض تام :" أي انقاذ بأول مرة رأيتك بها كانت عندما اصطدمت بسيارة ذلك المختل سيتو "

كان هنري قد وضع الهديه امامه دون تسليمها ليتحدث بشيء من المرح بعد ان راى الجميع فعل
" تفضل هذه الهديه لك ، ان لم تعجبك فاضرب راسك باقرب جدار عسى ان يتعدل ذوقك"

كتف ليو حاجباه محدقا بالفتى أمامه قبل أن ينطق :" فقط من قام بدعوة هذا الطفل الوقح جديا ! "

رغم جملته تلك هو حمل تلك الهدية قبل أن يردف :" و لن أعيدها لك بالطبع بحال غيرت رأيك و قررت استعادتها يفترض أن كل ما بهذا المكان لي الان ! "

ضحك برايان بخفة و كاد يعلق حقا بجملة ' من هو الطفل حقا ؟ "

الكسندر ضحك بخفة قبل ان يتقدم يتبع ما سبقه به عمه وابنا عمه  ليمد يده للاعلى كي يوصلها لليو وعيونه البريئة حملت الكثير من التطلع فقد كانت اول مره في حياته يحظر احتفاليه ميلاد شخص مقرب وفوق ذلك يقدم هديه له من مصروفه لهذا امل حقاً ان تكون مفيدة له  وتعبر عن مقدار امتنانه وبالوقت ذاته التردد والخجل من طلب تلك الخدمه جعل كلماته رغم نضجها ممتزجة مع براءه الطفل وتطلعاته
"شكراً لانقاذ عمي ومساعدته دوماً، ارجو ان تساعده مستقبلاً في امور الشركة من فضلك ، حين اكبر ساعيد لك الدين واقدم لك مساعده ما بالمقابل هذا وعد لذا .. ارجو ان تفعل ، عيد ميلاد سعيد لك "

  صاحب الميلاد رمش قليلاً ثم انخفض بعد أن استلم الهدية ليبعثر شعر الصغير بابتسامة لطيفة :" أتعلم أنت فقط من يمتلك عقلا بين هؤلاء ! مستقبلهم جميعا بيدك "

الكسندر ابتسم بسعاده وشيء من الخجل بان عليه رغم كل نطرات الاستنكار من البقية  فعلق ال بمرح بعد ان ابتسم بخفة مستغلاً جملة ليو ذاتها
" افرح الكسندر، سيد العقلاء منحك اعترافه " 

كاميليا ضحكت هي الاخرى ثم تولى جين دعوتهم للجلوس وبدء الاحتفال بعد ان اغلق الاضواء مجدداً
" حسناً اظنه اوان اغلاق الشموع وبدا تناول الطعام، لا ارغب بان تتذمر لاحقاً ان البيتزا سيئه لانها بردت صحيح ؟"

و هو تجاهل تعليق آلفين حقا بل و قلب عيناه ببساطة ..

لكنه التفت لكلمات والد رفيقه ليقطب حاجبيه فوراً معترضا ربما :" لحظة لما اطفاء الشموع هل أنا طفل ؟ "

هو تحرك بعدها لإلتقاط قطعة بيتزا :" لن اعترض لأنني سأتناولها الان و نتجاهل فقرة اطفاء الشموع و ما الى ذلك ! "

الجميع ضحك على تصرفه بينما ينساب الاطمئنان والراحه لقلوب الجميع كنسمة ربيع دافئة وزعت على قلوبهم السعاده مالئه اخر ما تبقى من قلوبهم المنهكة بالرضا حين شعروا ان اخر فرد فيهم يبدو بعد طول انتظار بخير.

انقضى الاحتفال باجواء لطيفه بالكامل والكثير من العبث بالارجاء حتى حل الليل سريعاً وان اوان التفرق كل منهم لعمله الخاص .

هذا الوقت الذي انتظره الفين لكي يكمل عمله المتمثل باحتكار ليو لنفسه لبعض الوقت وقد استغل خروجهم للخارج بغية الرحيل للقبض على ذراع شقيقه وتوجيه كلامه لوالدي رفيقه بابتسامة مقرراً نيابه عن الاخر مصيره
" سابقي ليو معي لبعض الوقت، ساعيده اليكما قبل منتصف الليل كي يعود للنوم بدون تنمر   لذا لا تقلقا عليه "

والدا الفين ابتسما وحسب فقد كانا يدركان انه نوى هذا بل وابلغهما بما يخطط له سلفاً ولهذا لم يتدخلا في الامر واكتفيا بتمني وقت لطيف للاخوين

و ليو الذي كتف يداه لصدره نطق معترضا للمرة المئة لهذا اليوم :" لحظة ألا يحق الاعتراض مثلاً ؟ ثم ما بال جملة ما قبل منتصف الليل ؟ ليس وكأني طفل عليه النوم مبكراً"

ضحك الفين بينما يسحبه خلفه ملوحاً للبقية حتى غابوا عن ناظريه "لا يحق لك الاعتراض وهذه الجمله كانت كي لا يعترض والداك من باب القلق عليك ولك كي لا تقول لدي عمل مع جدي بالغد، ستعود للنوم في سريرك المريح اسرع مما تتصور حضره المدير المشغول "

و هو سار خلفه بينما يبتسم بنوع من الخفة دون اعتراض حقيقي الا أنه نطق مُصححاً ربما :" لكنني لا أنام حقاً عندما يتواجد لدي عمل باليوم التالي "

توقف الفين عن السير ليرمقه بنظره توبيخه حاده  رغبه منه بجعله يقلع عن هذه العاده التعيسه والتي جهلها لوقت طويل على ما يبدو  دون ان يدرك ما يفعله رفيقه بنفسه
" من الافضل ان لا  اراك تفعلها مجددا حتى لا  امسح بك الارض سيد ليو، سامررها اليوم لانه عيد مولدك !"

و المعني عبس بلا وعي بينما ينطق:" أجل بالطبع أي أوامر أخرى ؟ "

هو نطق بعدها:" مع الأسف سيادتك لا تجري الاعمال هكذا ! "

ارتفع حاجبه مستنكراً وتابع سحبه لمكان ما دون اي تعليق او توضيح لاين ياخذه مع تذمره مع نفسه يتمتم بغير اقتناع رغم جهله لوضع باقي رجال الاعمال
" اشك بكلامك اكثر مما تتصور لكن باي حال ها قد وصلنا"

المكان كان قرب شقتهما السابقة بالفعل حيث سبق وعاشا لوقت طويل وقضيا ايامهما الماضية فيه يصنعان ذكريات ويحاولان بكل ما امتلكاه من امال ان يصمدا امام عواصف الحياه ولهذا بالذات اختاره كمكان لمنح هديته البسيطه لرفيقه رغم ادراكه ان ليو قادر على الحصول على ما هو افضل واغلى ثمناً، لكنه اراد ان يكون من يمنحه النسخه الاوليه موقتاً حتى يتجاوز بها كل الذكريات المريره لسابقتها وينطلق منها نحو ما هو افضل.

اخرج من جيبه شيئاً ما امام ناظري ليو التائهه قبل ان يقف امام ويطلب منه بعبوس عبر عن شعوره ان هذا حتماً غير كافي لكنه كل ما استطاع منحه له بالوقت الراهن
"مد يدك سيد ليو "

الحيرة بدت واضحة على ملامح وجهه بينما يميل برأسه محدقا بما حوله ، هذه الشقة بالفعل تم افراغها مع عودة والديه للبلاد هو عاد للعيش بقصر أسرة سوين مع والديه و جديه بينما عاد آلفين لمنزل والديه لذا تواجدهما الان هنا يبدوا غريبا ربما ؟

لذا هو مد يده لأخذ ما ما بيد الاخر بذات حيرته :" لكن لما نحن هنا و ما هو هذا ؟ "

اخذ الفين نفساً عميقاً قبل ان يبدا بشرح الامر وان كان يشك بانه قادر على ايصال الامر كما هو بعقله فقد كان ينوي بالفعل حذف الكثير من الاجزاء منه لرويته انها لا تستحق الذكر ويكفي انها قادته للاختيار الا ان سؤال ليو تطلب بعض التوضيح
" هذا المكان الاكثر   ارتباطاً بذكرياتنا الماضيه لذا رايت ان اي بدايه جديده يفضل ان تبدا منه ايضاً؟ او شيء كهذا؟ لاصدقك لست متاكدا فقط شعرت انه اكثر مكان يخصنا وحدنا وما قد يساعد على منحك بدايه جديده "

ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه قبل أن يومئ بالموافقة على تلك الكلمات :" لم يكن هناك اي متنمر آخر سواك يعيش بهذا المنزل رفقتي و هذه تعتبر ميزة مهمة ! "

تابع ال وقد اخذ نفساً عميقا قبل ان يردف  بشيء من التردد
" اعرف انك قادر على شراء ما ترغب فيه دون اي تفكير حتى ، لكن لانك فقدت صغيرتك بسببي نوعاً ما اردت منحك صغيره جديده تتجاوز بها السابقه ثم تختار بنفسك ما تشاء لاحقاً، لذا… هذه السياره هديه عيد مولدك ليو "

تابع وقد ابتسم بخفة يؤكد على رفيقه ما حمله من افكار نحو الامر
" فقط لعلمك، يمكنك تبديلها باول فرصه اعني اعرف انها ليست النوع المفضل لديك لكن هذا كل ما يسمح به حسابي المصرفي كما تعلم "

ختم كلماته وقد بانت السعادة على ملامحه رغم قولها بشكل متنمر متعمداً
" وفقط … يسرني رويتك تتذمر كطفل مجدداً لعلمك، امل ان هذا يعني ان الالم بداخلك بدا يزول ، لان هذا كل ما يهمني  بالامر !بالنهايه ليو الناضج والطفل كلاهما ليو الاحمق الذي اعرفه

هو ضحك بعدها قبل أن يميل برأسه مع بدأ رفيقه الحديث عن قدرته بشراء ما يريد متى ما أراد لكنه شهق فجأة و اتسعت عيناه ..

هو حدق بتلك السيارة التي اصطفت أمامهما قبل أن يرفع أحد حاجبيه للاعتراض على أغلب الجمل المتنمرة التي نطق بها رفيق طفولته تواً

_:" أنت هل يتم تقديم هدية أحدهم مع الكثير و الكثير من التنمر !؟ أولا كلمة ' بسببي ' هاته تعتبر سخيفة بالفعل و ثانيا أنا بالفعل اخترت البقاء دون سيارة حالياً كنوع من الحِداد على صغيرتي السابقة كما تعلم ! "

هو عبس من فوره ربما قبل أن يتابع :" لكن ان كنت أنت أحضرت لي صغيرة جديدة فعل سأرفضها برأيك ؟ و لا تتنمر عليها بقول ليست نوعي المفضل هي اصبحت صغيرتي الجديدة ! "

تنهد بعدها :" ثم جديا أنت هل وضعت على نفسك دين ما فوق ما كان بحسابك ؟ يفترض بك شراء شيء ما لنفسك سيد آلفين ! "

هو عاد للعبوس بعدها:" من هو الأحمق أهذه جملة تشجيعية أم تنمرية ! أساسا انت متنمر بكل حالاتك ! "

الفين تركه يتذمر مستمتعاً بسماع كل حرف من حروف تذمره دون رغبه بمقاطعته من باب المزاح حتى فقد افتقد هذا اكثر مما تخيل فيكفي انها كانت وسيله رفيقه بالتعبير لوقت طويل ومنذ غابت اصبح ليو اكثر تكتماً عن كل ما يؤذيه.

كل كلمه قالها جعلت الفين غايه بالسعاده فهو لم يعبر عن نفسه وحسب بل بدى جلياً انه احبها حقاً ولو معنوياً وهذا كان اكثر من كافي ليشعره بالرضا والسرور فارتسمت ابتسامة واسعه على ثغره واكد على رفيق طفولته ان ما يقلق بشانه لا يهم الفين ولو قليلاً
"  اشتريت لنفسي ما اردته بالفعل ليو ، انظر لقد اشتريت تذمرك بها ، وقد جعلتني ادرك كم هو غالي الثمن"

ضحكة بمرح قبل ان يطالع ليو بعينين دافئتين وابتسامته المتنمره كما سماها ليو دوماً كانت رفيقه  المعبر عن مشاعره
" ليو ، من اليوم وصاعداً، لنعوض ما فات ، قد لا تكون الايام القادمه كلها سعاده لكن نحن معاً بالفعل ، اظن هذا كافي لي بعد كل ما جرى"

اغمض عينيه قبل ان يطالع السماء بشيء من الشرود ليعترف بعد صمت قصير دون ان ينظر لملامح رفيقه
" بالنهايه، اظن كل ما حدث رغم  ما حمله من الالام جلب معه جائزة قيمه ، لا اظنني ساقاضيها باي شيء اخر"

لم يذكر الامر صراحه وتركها لليو كي يفهم ان هدية الفين منذ البدايه كانت حصوله على اخ سانده وكان بجانيه خطوه بخطوه رغم كل التعثرات والالام في دربهما ، شيء ما كان يتخيل يوماً ان يحصل عليه ولا يتخيل الان حياته دونه .

و الأصغر رغم تلك الابتسامة المتنمرة هو وجد نفسه يبتسم بذات الطريقة ربما ؟!

هو تجاهل تلك الجملة الأولى التي جعلته يود التذمر حتى الألف سنة القادمة ربما و ركز ربما مع العبارة الثانية أكبر من غيرها ..

_:" أجل ، لا يمكننا تعويض الماضي لكن لنعش الغد بشكل أفضل قطعاً ! "

هو اتجهت زرقاوتيه لرفيق طفولته بابتسامة لطيفة حقيقية :" و أنا ذات الأمر سيد متنمر ! لو كرر التاريخ نفسه لقررت العيش بذات التجربة و الالتصاق بالسيد متنمر .. "

كان الفين منذ المحاكمه للان يفكر اين تلك السعاده التي كان ينتظرها طوال الوقت؟ اراد ايجاد التغير الحاصل، ان يرى ما خسراه يعود اليهما ليدرك اخيراً ان السعاده كانت دوماً امام ناظريه وما اراده من تعويض لكل المعاناة كان بجانبه طوال الوقت.

وحده عقله من انتظر ما لا وجود له وبحث عن اواهام يعلق سعادته عليها منتظراً حدوثها فكان بحاجة لهذا الدرس القاسي كي يدرك ان  بعض الامور القيمه تكون امام ناظريك لكنك من يتغاظى النظر اليها وما ان تزول، تدرك حينها قيمه ما فقدته بعد فوات الاوان .

كان بالفعل محاطاً باخ لا مثيل له ، اسره امنت به حتى اخر لحظه رغم كل سوء الفهم بينهم بسبب من لم راه لا يستحق كل هذه السعادة ، ومستقبل فرشه لهما والدا رفيقه ومن كانا معه طوال الطريق يمنحانه المعونه والدفء رغم انه كان بدايه ماساة ابنهما .

منحته الحياة درساً مهماً حرص على جعله  نصب عينيه اينما اخذتهما الحياة او دارت بهما عجلتها، كان رغم كل ما جرى شخصاً محظوظاً احاطته العناية الالهية واعطته القوة كي يستحق الحصول على تلك الجوائز .

لا يعرف هل كان الفين القديم ليستطيع ان يصبح بهذه القوة لو لم تعصف به الايام وترميه بعيداً عن العش ، لكنه متاكد الان ان كل ما جرى كان له سبب وان النتيجة الحاليه هي الافضل حتماً .

حدق بساعه هاتفه  فالقى نظره على رفيقه يستفسر منه عن مخططاته التالية
"اذاً؟ تعود للمنزل؟ ام ترغب باكمال ما بقي من اليوم بشكل اخر؟ الخيار لك حتى الساعه ال ١٢ كونه ما يزال عيد مولدك، بعدها ستذهب للمنزل دون جدال "

ليو عيناه كانت تراقب السماء دون ملل حقاً ، التفكير بكل ما حدث او ما سيحدث لم يعد ضمن أولوياته بالنهاية مهما حاول التخطيط أو محاولة ضمان كل ما يحدث من حوله فهو سيفشل بكل بساطة ..

ليس بيده تسيير الأمور بل محاولة مواكبتها فحسب...

بصره عاد لرفيقه مع ذلك السؤال لينطق بحاجب مرفوع :" بجدية ما بال هذا التنمر ؟ يمكنني اختيار ان نفترق الان ثم لا اعود الا عند الفجر سيد  آلفين فكيف ستعلم انت ؟"

ضحك بخفه قبل ان يضع يده على خصلاته ويبعثرها بفوضويه تامة مظهراً لاول مره منذ رمن سعاده حقيقة نابعه من اعماقه
" لانك طفل جيد ربما ؟ او بالغ مهووس بالعمل لا ادري ايهما ، لكن باي حال ان رغبت بفعل مصيبه ما اخبرني وساشاركك بكل سرور بعد توبيخك"

و هو قلب عيناه بملل ينطق :" لن أخبرك بالطبع ! مريع "

هو رغم ذلك ابتسم بعدها بخفة لرؤية ضحكة الاخر ربما ؟

_:"إذن ثم ماذا سيد آلفين ؟ هل لديك خطط ما ؟"

الفين تظاهر بالتفكير لبضع ثوان كما لو انه لم يقضي اياماً طويله بفعلها محاولاً ايجاد الكيفيه الملائمة لقولها ربما بعد ان تكونت افكار كثيره فوضويه لم يتمكن من حصرها
"لا اعرف سيد ليو ، هناك الكثير مما يدور بذهني لكن اظن القاعده واحده ، ساستمر بالمضي قدماً وحسب ، بالنهايه قراري منذ البدايه كان اتباعاً لرغباتي  وبفضل طفل ما، لم احدد نفسي بسبب تلك التهمة او ابتعد عن الطريق الذي اريده"

ابتسم  بشيء من السلام وحك رقبته اثناء اتمامه اجابته يراقب ملامح ليو اثناء قولها
"  ماذا عنك؟"

هو استمع لرفيقه بنوع من الخفة قبل ان يبتسم و هو ينطق :" سيد متنمر كلانا بكل بساطة حقق حلم طفولته ؟ رغم كل شيء و عنوة عن الجميع !"

هو تابع ربما :" أنت أردت دوماً أن تكون كوالدك و تعمل رفقته و الان أنت بعامك الثاني و يمكنك التدرب رفقته بالمكتب ، و انا أخذت من ابي إدارة الشركة و بات لديه الكثير من وقت الفراغ "

ضحك بخفة :" لا أعلم كيف لكن دون شعور نحن حققنا ما قلنا أننا نود الوصول له فعلنا ذلك "

اومئ وقد تلئلئت عيناه بنوع من الفخر حين ادرك ما انجزاه رغماً عن كل من وضع العراقيل لهما وكل من سخر من جهودهما .

لم تكن الامور سهله ولم تفرش لهما الارض بالورد لكنهما بطريقه او اخرى استمرا باانهوض كلما اوقعتهما الحياة في مطباتها يسحب كل منهما الاخر ويمنحه القوة للمسير وها هما اخيراً حيث سعيا طويلاً .

ابتسامته  تربعت على شفتيه والرضا بان على ملامحه ليتعمد العبث مع رفيقه مازحاً رغم ادراكه ان المزحه ستصبح واقعاً يوماً حتماً وهذا ما ينوي ضمانه
"بقي فقط ان ارى ابناء اخواي وتتحقق كل احلامي"

ليو حدق به بنظرة جانبيه دون تعليق تاركاً ضحكة ترتسم على ثغر الآخر.

كانت رحلتهما في بدايتها لكنها بدت وكانها أخذت قرناً من الزمن بفصلها الاول، رغم ذلك ادرك بعد الكثير من الصقل وتعلما  بعد الدروس الكثيرة ما احتاجه للمضي قدماً وتعلما بعد الكثير من التجارب أن السعادة تصنع بأيدينا وحدنا والقرار لنا في أن نرسم حياتنا سواء كانت الظروف معنا أو ضدنا .

منحتهما الحياة العبر وزودتهما بالقوة وكل دمعة وكل جرح انطبع على قلبهما أصبح مصدر قوة وخبرة تزودا بها للحياة جاعلين من الحطام وسيلتهما لبناء درب للمستقبل وتلوينه بذكرياتهما كمتحف يزورانه كلما عبثت معهما الظروف وحاولت اسقاطهما على ركبتيهما .

لا توجد حياة مثالية فهذا هو مصيرها المكتوب منذ الخلق ومهما تالمنا ورفضنا تقبلها وكرهنا لحظات الألم ، تظل حقيقة أنها وحدها من يصقلنا مثلما يصقل الحديد بالنار كي يخرج تحف فنية تستحق النظر .

لنجعل من لحظات الألم قوة ولتكن املاً بالقادم فكما تأتي العواصف لتغطي الأيام ، لابد من أن تتبعها الشمس لتشرق على الظلام ، درس قيم تعلماه بعد الكثير من الصراعات وهو ان يتحليا بالصبر والقوة  في مواجهه الألم كي تأتي الثمار وتمسح كل ما جرى وحينها لا يكون أمام قلوبنا المتعبة سوى الرضا .

النهاية

الكاتبتان وكل طاقم الرواية يقدمون شكرهم لكل من دعمهم ويشكرون استمراركم  معنا في هذه الرحلة رغم طولها متمنين لكم اجمل الأيام واسعد اللحظات و حياة مليئة بكل ما فيه خير لكم

رمضان كريم وكل عام وانتم بخير ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top