(9)

(بقلم : نهال عبدالواحد)

وذات يوم ذهبت جميلة عند تحية و تحمل معها شيئًا ما، سألتها سارة: إيه اللي جايباه ده؟

تابعت جميلة: ده نوع كيك جبته من ع النت و جربته وطلعت تحفة وعملت الصوص بتاعها كمان.

قالت تحية: لا ده احنا عدينا، تسلم إيديكِ حبيبتي.

أهدرت جميلة: تسلمي يا ماما، إده! عندكم عزومة إنهاردة ولا إيه؟

-لا يا حبيبتي إنهاردة موسم كل سنة وانتِ طيبة وبخير حبيبتي.

-وانتِ طيبة يا ماما.

-و ف نفس الوقت إمتحان مفاجئ.

إتسعت عينا جميلة وضحكت: بمعنى؟

أردفت تحية: شمري و وريني اتعلمتي إيه طول الفترة دي!

مطت جميلة شفتيها وتسآلت: طب افرضي جبت ملحق هتتغدوا إيه؟

ضحكت تحية قائلة: ما تخافيش ياحبيبتي، يلا عشان يادوب تلحقي الوقت ولمي شعرك ده.

قالت سارة: يا ماما! هتطفشيها كده!

تابعت جميلة بسعادة: لااا توحة دي حبيبتي وتعمل ما بدالها بغض النظر عن اللي هعمله أنا.

فضحكن جميعًا.

دخلت جميلة المطبخ بالفعل، كانت معها سارة تعرض عليها المساعدة لكن جميلة قررت خوض التجربة، بالفعل بدأت في عمل الطعام و بعد فترة من الزمن جاءت منى، دخلت هي وتحية المطبخ.

أهدرت منى: لما ماما قالتلي إنك انتِ اللي هتعملي الأكل ما صدقتش!

صاحت جميلة بسعادة: مووووني...عاملة إيه؟

وتعانقتا، تفقدت تحية ما فعلته جميلة، ثم تسآلت: إده هي البطة لحقت تستوي بسرعة كده؟

أومأت جميلة وأجابت بثقة: لا يا ماما أنا شوحتها وسيبتها تنزل ميتها وتشربها و يادوب الشوربة خدت كام غلوة وطلعتها و شرختها، وآدي باقي التتبيلة اتبلها و هكلفتها و ف الفرن وكل شوية نسقيها م الصوص بتاعها.

قالت سارة: دوقت شوربتها طلعت حلوة أوي يا ماما، دوقي كده.

فتذوقت تحية ثم ابتسمت وقالت: اممممم! ده بأه الطالب لما يتفوق علي أستاذه.

تسآلت جميلة: حلوة بجد؟

إبتسمت تحية وصاحت بحب: ده انتِ اللي حلوة يا حلوة.

فضحكن، ثم قالت: هه! عملتي العصاج؟

أومأت جميلة قائلة: آه وخلصت الرقاق و ف الفرن، نحط البطاية بأه عشان تلحق تستوي .

قالت تحية: طب كفاية كده انتِ تعبتي أوي انهاردة، كفاية عليكِ، ناجحة مع مرتبة الشرف كمان.

فضحكت جميلة وصاحت: لاااا لسه الرز والملوخية، عارفين، بفكر ف مشروع مطعم واطبخ فيه، بس أمشي إيدي شوية ف كام حاجة، أحسن كده هقعد اليوم كله ف طلب واحد.

فضحكن، تابعت منى: لاااا انتِ تطلعي ف برامج الطبخ زي بتوع التلفزيون و هو جمال و شطارة و لباقة.

أردفت سارة: آه! و تسمي البرنامج أحلى الأكلات مع ست الحسن و الجمال.

وهنا تغير وجه جميلة فجأة وتلاشت إبتسامتها، اخذت مافي يدها، وضعته في الفرن دون أي تعليق.

تسآلت سارة بعدم فهم: هو انا قلت حاجة ضايقتك؟

شردت جميلة، ابتلعت ريقها بمرارة قائلة: أصل.. أصل حسن كان بيقولي كده، يا ست الحسن والجمال، يادوب أعمل الرز والملوخية عشان ألحق أروح.

صاحت تحية: لااا ده موسم ولازم تاكلي معانا.

تنهدت جميلة بقلة حيلة وتسآلت: ولو جه حسن ولقاني؟!

قالت تحية: اطمني مش بيجي غير بليل.

تسآلت سارة بحزن: إنتِ خلاص ما بآتيش عايزة تشوفيه؟!

تابعت جميلة بصوت على وشك البكاء: أنا! ربنا يعلم اللي ف قلبي، بس مش هستحمل وجع تاني بسبب أي كلمة منه.

أكملت ما تبقى في صمت تام ثم أخرجتها منى من المطبخ لتغسل هي الأطباق و المواعين، جلست جميلة مع سارة وتحية تتسامرن، تتضاحكن ثم قامت تحية وبعدها رن هاتف جميلة.

نظرت جميلة إلى المتصل وقالت: إده! دي مامي، عايزة أخش ف حتة أتكلم فيها.

أشارت لها سارة نحو إحدى الحجرات قائلة: خشي ف الأوضة دي.

دخلت جميلة تجيب أمها، كانت معها حقيبتها حيث كانت تشتم رائحتها ورائحة يديها من أثر الطبخ فدخلت و أغلقت الباب خلفها نصف غلقة، جلست على سرير بداخل الحجرة تحادث أمها، أسندت الهاتف برقبتها، أخرجت أنواع من الكريمات هذا لليدين وذاك للأظافر و تلك معطر لليدين ثم أنهت برش عطرها في كل ملابسها وهي جالسة حتى أنهت المكالمة ثم رجعت بظهرها قليلًا تستند إلى وسادة خلفها فقد كان يوما مرهقا لها حقًا فغلبها النعاس.

بعد دخول جميلة مباشرةً دخلت سارة مع منى إلى المطبخ، دخلت تحية تصلي العصر و ذهبت عينا جميلة في إغفاءة قليلة من النوم .

وفجأة جاء حسن من الخارج، إتجه لحجرته، دخلها و تفاجأ عندما رآها، إنها حبيبته تنام في فراشه و رائحة عطرها تملأ المكان و هيئتها الرائعة الأخاذة، كم اشتقت إليكِ يا حبيبتي! لرؤياك والكلام معك!
لمسكة يديكِ والنظر في عينيكِ! أن أغرق في زرقتهما دون أن أريد الخروج!

وفي تلك الأثناء فتحت جميلة عينيها بتكاسلٍ، فرأته أمامها، هبت واقفة على الفور متهللة أساريرها، قد انسدل شعرها خلفها بطريقة ساحرة وأخاذة.

أخيرًا قد رأته و ربما يتحدثان، كم اشتقت إليك يا حبيبي!

لكن سرعان ما انقلب الموقف رأسًا على عقب ورفع حسن صوته بغضب: إنتِ إيه اللي جايبك هنا؟ بتعملي إيه؟ ممكن افهم ده معناه إيه ألاقيكِ كده؟

جاءت منى، سارة، تحية وفتحي أيضًا داخل الحجرة على صوته.

أهدرت جميلة بصدمة: أنا دخلت أرد ع التليفون قعدت عيني راحت ف النوم ، والله ده اللي حصل! أنا عارفة إنك بتيجي بليل مااعرفش إنك جاي دلوقتي.

أومأت سارة مؤكدة: أيوة فعلًا مامتها اتصلت وأنا قولتلها خشي الأوضة دي اتكلمي منها على إنها أوضة فاضية يعني من غير ما تعرف دي أوضة مين، ما كنتش اعرف إنك جاي عل غدا.

تابعت تحية: خلاص خلاص ماجراش حاجة واستهدوا بالله!

صاح حسن: آسف يا أمي إزاي تسمحيلها أصلًا إنها تيجي البيت ده؟ إحنا مش فاضيين للتسلية بتاعة الهانم، وكفاية لحد كده وياريت ماتعتبيش هنا تاني، وجودك بالعربي مش مرغوب فيه، يلا اتفضلي من هنا!

نظرت جميلة نحوه بصدمة كبيرة والدموع في عينها محبوسة، أدار بعينيه عنها حتى لا يراها و يحن إليها، الباقون في ذهول و صمت، انطلقت مسرعة تخرج من الحجرة بل من الشقة بأسرها في حالة إنهيار شديدة يرثي لها.

انطلقت جميلة منهارة تقود سياراتها متجولة في الطرقات دون هدف حتى وصلت لذلك المكان الذي جاءت فيه معه يومًا، كان من أسعد أيام حياتها وإن كانت للحظات قليلة وأخذت تبكي بحرقة ومرارة شديدة.

أما حسن فبمجرد خروج جميلة بتلك الطريقة المهينة تسلل الجميع واحد خلف الآخر في صمت تام و تركوه وحده واقف مصدوم لا يصدق أنها كانت هنا و قد طردها شر طردة، لكن ماذا بيده لقد سدت كل السبل و شعر باختناق شديد يكاد يذهب بصدره وقلبه، كيف لذلك الوجع أن ينتهي؟

نظر نحو فراشه، هنا جلست هنا نامت، يا لحسن حظك يا فراشي لقد نعمت بقربها، بإحتضانها، بعطرها، نعم بعطرها، إنه يملأ المكان، ذلك الفراش المعطر بعطرها، أخذ يشتمه، تنفس نفسًا عميقًا و يذوب ويغيب، و تلك الوسادة قد نعمت أيضًا باستنادة رأسها، مهلًا ما هذا؟ إنه مشبك شعرها وبه عدة شعرات منها.

مر بعض الوقت و فجأة نهض، نزع غطاء السرير وأزال كل شيء و أخفاه، أجل بجوار قميصه..............


NehalAbdElWahed

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top