(18)
( بقلم : نهال عبدالواحد)
جرت جميلة باكية إلى غرفتها،نظر سراج لزوجته بحدة، فتسآلت بتعجب: مالك بتبصلي كده ليه؟ إوعي تصدق إني مش بحبك واتجوزتك عشان فلوسك زي ما قالوا.
تسآل سراج بحدة: هو فعلًا رامي ابن أخوكِ خطب جميلة؟!
- أيوة.
- أيوة كده مع نفسك من غير ما تاخدي رأيي ولا حتى رأي بنتك اللي هي صاحبة الشأن ونعرف بالصدفة!
- فيها إيه ده ابن خالها! يعني أولى بيها م الغريب، هتلاقي حد أحسن منه لبنتك؟!
- هلاقي كتير، لا أنا ولا هي موافقين ولا بنبلعه لا هو ولا أبوه، مش معنى إني سايبك تشغليه ف المستشفى وتمسّكيه كل حاجة يبقى حبيبي، ده يادوب بقبل اسلم عليه عشان خاطرك وبس، وما تعمليش إنك متفاجأة لأن ده موضوع قديم ومفروغ منه.
- انت عايز إيه دلوقتي يا سراج؟
- مش بنتي اللي تتجوز غصب عنها وأنا عايش على وش الدنيا.
- احنا اتفقنا على كل حاجة خلاص.
- إنتِ ليه عايزة تكسري قلب بنتك؟ إيه شكلها ما وجعكيش؟! عايزاها تنقهر ولا تعمل ف نفسها حاجة!
- دي عيلة صغيرة ماتعرفش مصلحتها.
- إنتِ عارفة كويس إنها لا عيلة ولا صغيرة.
- وعشان مش صغيرة يبقي تتجوز الموجود دي عدت التلاتين! ولا انت كنت عايزها تتجوز الميكانيكي!
- راجل وبيحبها وهيشيلها جوة عينيه، صحيح كنت زنئه وبعصر فيه بس ده عشان أجيب آخره ماهي بنتي الوحيدة برضو، لكن الحقيقة هو هايل.
- وانا عمري ما هسمح بالمهزلة دي كفاية متحملة عملة أخوك كمان البنت!
- إلزمي أدبك يا درية واعرفي كويس إني عمري ما هغامر بحياة بنتي وسعادتها.
وتركها وانصرف فجلست مكانها مضطربة تفكر.
مرت أيام وأيام وجميلة لا تخرج من غرفتها، لا تتحدث إلى أحد، أما سراج فكاد يجن من تصرفات زوجته الغريبة ويخشى بشدة على إبنته، لكنه ينتظر عودة أخيه من شهر العسل.
ذات يوم مرت درية بجوار غرفة إبنتها، سمعتها تتحدث في الهاتف: الأحوال منيلة بنيلة بس مش عايزة انكد عليك وانت عريس جديد...
أكملت وبدأت في البكاء: تصور حسن يجي لحد هنا يخطبني وهم يرفضوه... أيوة كنا عارفين... بس وضعه دلوقتي اختلف كتير ولسه كمان.... لا وكمان قال إيه رامي هباب خطبني والست مامي وافقت واتفقت معاه على كل حاجة، يعني هتجوز غيره وغصب عني وكمان سي زفت ده، اكتر اتنين ما بقبلهمش ياأخي... خلاص اتكتمت... هموت يا ممدوح تعبت مش عارفة اعمل إيه، قاطعتهم كلهم والله، ماأنا لا يمكن أتجوز غير حسن، مش انت عمي برضو ما ينفعش تبقي وكيلي، أسيبهم واجيلك و تجوزهولي واحطهم كلهم أدام الأمر الواقع، تبقى تبل اخوها وابن اخوها دول وتشرب ميتهم، وتوريني هتعمل إيه...
وهنا دخلت أمها وهجمت على إبنتها، جذبت منها الهاتف، صاحت: هوريكِ هعمل إيه؟!
فتحته، كسرت شريحته، أخذته، وضعته في جيبها، صاحت جميلة بهيستريا: ليييييييه؟ عملتلك إيه؟ بتعذبيني ليه؟ برضو مش هتجوزه.
- عايزة تهربي وتفضحينا!
-برضو مش هتجوزه، ومش هتجوزه يعني مش هتجوزه واللي عندك اعمليه.
لطمتها أمها على وجهها، خرجت وأغلقت الباب عليها بالمفتاح، انصرفت وظلت جميلة تضرب الباب بقوة و تصرخ، بعد فترة سكتت فلا فائدة، أصبحت تتمنى لو تموت لترتاح مما هي فيه.
كانت أمها تخرج يوميًا لشراء لوازم الزواج والعروس حتى فستان زفافها و أخصائية التجميل، كل ذلك ولا تزال تحبسها داخل الغرفة وسراج لايعلم أي شيء، لا يعلم سوي أنها لا تريد لقاءهما ولا الحديث معهما، فقد وضعت أبيها مع أمها في قفص الإتهام و أنهما المسئولان.
لكن ذات يوم وكانت ديدي بالخارج، أراد سراج الدخول لإبنته للتحدث معها خاصةً ما ينتظره قد حدث، فقد عاد ممدوح وعروسه من شهر العسل،
لكنه عندما حاول فتح الباب وجده مغلقًا فظن أنه جميلة هي من تحبس نفسها.
وبعد أن طرق كثيرًا سأل أحد الخدم فأخبروه بما أقرته ديدي من عدم فتح الباب إلا في وجودها ومن أجل إدخال الطعام فقط رغم أن صينية الطعام تخرج كما تدخل دون أن تمسها جميلة.
جن جنون سراج، اتصل بزوجته مرارًا دون فائدة فهاتفها مغلق فنزل، ركب سيارته يقصد بيت أخيه.
وصل سراج إلى بيت أخيه، دخل وبعد قليل جاءته سارة مرحبة به أشد الترحيب: يا أهلًا يا أهلًا، البيت نور.
أجابها سراج: أهلًا بيكِ، حمد الله على السلامة.
تابعت سارة بإبتسامة هادئة: الله يسلم حضرتك! ده ممدوح هيفرح أوي والله! ثواني أصحيهولك.
- آسف جدًا عل إزعاج، واني جيت من غير ميعاد.
- آسف ده إيه بس! ده بيت أخوك يعني تآنس وتشرف ف أي وقت.
أشارت لأحد الخدم ثم أتى بصينية بها كوب من العصير فأخذتها منه، سارت نحو سراج تقدمه إليه.
أومأ لها ممتنًا: متشكر أوي وبنفسك كمان!
أجابت سارة بسعادة: طبعًا، ده انت الغالي أخو الغالي.
- مش انتِ أخت حسن؟ لو ممكن تكلميه يجي دلوقتي.
-آه أنا أخته فعلًا، هو أصلًا زمانه على وصول.
تركته و اتجهت نحو المطبخ ثم صعدت لأعلى، دخلت غرفتها، كان ممدوح نائمًا، أوقدت النور وجلست جواره لتيقظه في دلال: قوم ياحبيبي، قوم أوام.
فتح ممدوح عينيه بتكاسل وقال بلطف: يا صباح الهنا.
- صباحك فل يا قلبي مع إننا بعد الضهر.
فضحكا.
وأكملت :اتفضل قوم أوام، حزر فزر مين مستنيك تحت؟
اعتدل متكئًا وأجاب: مش هحتاج أحزر ولا افزر أكيد حسن وفتحي، باقولك إيه خليهم مستنيين وتعالي جنبي أقولك كلمة سر.
فضحكت وأهدرت: لا مش حسن ولا فتحي، ده أخوك سراج.
فصاح في دهشة: سراج أخويا! انت متأكدة؟ يعني جميلة معاه؟
أجابت: لا جميلة مش معاه، ومتأكده إنه هو.
تنهد وأردف: قلقان عليها أوي، غطسانة من مدة وتليفونها مقفول.
- واضح إن في حاجة لأنه عايزك ضروري .
قالتها ونهضت واقفة، فتسآل: إده انتِ رايحة فين؟
- يادوب عبال ماتقعدوا مع بعض أكون جهزت الغدا، ده الغالي أخو الغالي.
- بنفسك!
- إيه هتعترض من أولها؟ أنا ست البيت ولازم أدخل المطبخ.
فغمز لها مشاكسًا: أحلى ست بيت، تسلم إيديكِ مقدمًا.
وقبل يديها.
انصرفت من الغرفة،واتجه ممدوح نحو الحمام ، إتجهت هي نحو المطبخ، دق الباب، ذهبت وفتحت وكان حسن وفتحي، سلمت عليهما فنظرت ناحية أخيها أومأت إلى الداخل فلم يفهم.
تسآل حسن بتعجب: إيه مش على بعضك ليه؟ جينا ف وقت مش مناسب؟ وبعدين إيه يا بت الحلاوة دي كلها؟!
رفع عينيه فوجد سراج أمامه، وجم قليلًا وبدأ يتراجع، هَمّ بالإنصراف فأوقفته سارة قائلة بتوسل: استني ده جه وطالبك بالإسم.
أجاب حسن باستخفاف: وده من إيه؟!
إتجه إليه سراج وقال: من فضلك يا حسن محتاج أتكلم و تكون حاضر كلامي.
نظر فتحي بينهما وقال: طب هبقى اعدي وقت تاني.
قال سراج: لا خليك.
هنا نزل ممدوح، نظر بين الجميع لمح التوتر السائد، اتجه مرحبًا بأخيه أفضل ترحاب ثم سلم على فتحي وحسن، وأهدر: اتفضلوا يا جماعة واقفين ليه؟
جلس الجميع خاصة حسن الذي جلس متكدرًا على مضد، ربتت عليه أخته وذهبت.
تسآل حسن: خير ياباشا عرفت إن حضرتك عايزني.
قال سراج: أنا عارف إنك واخد موثف مني، بس والله ماليش ذنب! والله كنت زيي زيك بسمع لأول مرة بموضوع الخطوبة ده!
تابع حسن باستخفاف: ليبييه! مش أبوها برضو!
تدخل ممدوح: بالراحة ياحسن، في إيه يا سراج وفين جميلة؟ ما جاتش ليه؟!
قال سراج بحزن: أنا فوجئت بموضوع الخطوبة ده، وعمري ما كنت هوافق على ابن عزت ده.
نبس ممدوح بغيظ: سبحان الله ماحدش بيقبله أصلًا لا هو ولا ابوه.
تابع سراج: طول عمر ديدي بتجيب عرسان لجميلة وهي بترفضهم و يفضلوا يخبطوا ف بعض، اشمعنى المرة دي وافقت من برة برة، ما رامي طول عمره موجود إيه اللي جد؟! البنت مقطعاني مع أمها وحطاني ف كفة واحدة معاها، واللي زاد وغطا إني اعرف إنها حبساها ف أوضتها يادوب تدخللها الأكل.
أهدر ممدوح بقلق: كده يبقى في حاجة غلط، ديدي طول عمرها بتحب تترسم لكن مش سودا كده.
تابع سراج: ما ده اللي بقوله.
تحدث فتحي: تسمحلي بكلمة ياباشا .
أومأ سراج: اتفضل.
قال فتحي: من زمان لما جميلة خدت منة بنتي المستشفى كانت واقعة واتعورت ف وشها ومحتاجة خياطة نضيفة، ويوم ما كانت بتفك الخياطة منى مراتي راحت معاها وساعتها خالها ده قابلهم وحش وفضل يرمي بالكلام عل أشكال دي و مش عارف إيه وجميلة ردت عليه تمام وغسلته، وقالتله ف وشه إن المستشفى باسم الست والدتها وهو يادوب بيديرها.
ضيق ممدوح عينيه وتسآل: عايز تقول إيه؟!
أردف فتحي: كأنه تار بايت! بس ياترى المستشفى لسه بإسمها؟
أجاب سراج: من زمان أول مااتخرج بسلامته طلبت مني أفتحله عيادة يعني أخته وعايزة تقف جنبه، فجبت المستشفى دي وكاتبتها باسمها وقلتلها خليه يشتغل فيها طبعًا ده عشان خاطرها وقلت برضو ده هيبقى خال ولادي يبقى حاجة تشرف، ومن يومها وهو ماسكها وبيديرها وبصراحة عمل شغل وتوسعات كتير فيها ويادوب بيدي لديدي نصيبها وبس.
تابع ممدوح: طب يعني كان عايزها تكتبهاله ولما رفضت فكر يناسبكم ويضمن كل حاجة!
تأفف سراج قائلًا: في حاجة غلط، حاجة ف سر قلبتها على بنتها الوحيدة، وبعدين رامي ده يجي إيه ف اللي كانت بتجيبهم لها قبل كده.
استطرد حسن: متهيألي في حاجة تخص المستشفى، حاجة لازم تبقى قوية عشان تضغط عليها كده.
قال سراج: أنا جاي أفكر معاكم بصوت عالي حاسس إن فيه حلقة مفقودة، حاسس إن في مصيبة هتحصل.
هنا جاءت سارة وقالت: كفاية كلام بأه، اتفضلوا الأكل جاهز.
نهض ممدوح مبتسمًا وأهدر بترحاب: اتفضل يا سراج ، أحلى أكل هتدوقوا دلوقتي، ناكل الأول وبعد كده ربنا يفرجها، اتفضلوا يا جماعة.
جلس الجميع على السفرة، سارة جوار زوجها، نظر سراج نحوهما، أدرك سر إعجاب ممدوح بسارة، إنها هذه الطيبة، العفوية، الشخصية الحنونة وهو ما كان يحتاجه ممدوح منذ توفى والديه................
NehalAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top