(14)
(بقلم: نهال عبدالواحد)
جاء يوم الحفل وكان في فيلا ممدوح على أعلى مستوى، بالطبع جميلة موجودة وعلى أتم استعداد و أبهى صورة.
كانت رائعة الجمال تلك الليلة ترتدي فستان ازرق حمالته عريضة وقصير للركبة واسع من أسفل وفي وسطها حزام فضي و تاركة شعرها للخلف و واضعة وردة زرقاء بلمعة فضية في شعرها و حذاء عالي فضي مع تجميل هادئ.
كان أيضًا ممدوح في قمة أناقته، كان يرحب بالموجودين ولم يجئ حسن واخوته حتى الآن.
همست إليه جميلة: انت مش قلت إنه جاي ما جاش ليه لحد دلوقتي؟
أجاب ممدوح بقلق: زمانه جاي.
-طب كلمه و شوفه إتأخر ليه.
فنظر لها دون أن يعقب، فقالت:طب شكلي حلو؟
- لأ.
-طب قوللي بسرعة أعمل إيه واظبط إيه؟
- ممكن تهدي شوية، انتِ عارفة سألتيني نفس السؤال كام مرة؟
-يووووه بأه.
- مش حلوة، تحفة تجنني، دوري حواليكي لو لاقيتي واحدة ربع جمالك بس ابقي وريهالي، إهدي بأه يا موزتي.
فغمزت له وقالت مداعبة: ما خلاص يا باشا راحت علينا.
- فشر، ده انت موزة الموزز ، آاااااااااه لو ماكنتيش بنت أخويا...
فضحكت وقالت: لا لحد هنا واستوب، قلبي ومفتاحه دول ملك حسن و بس.
فضحك وقال: طب تعالي نرقص عبال ما يجي الشاطر يا حسن يا ست الحسن والجمال.
- يارب يجي بأه.
- طب اهدي واتقلي كده.
ثم جذبها من يدها ورقصا معًا و تمايلا بشكل رائع جعل الجميع يلتفت إليهما.
وفي هذه اللحظة!
بينما جميلة ترقص مع ممدوح بإندماج إذ دخل فتحي، منى، حسن وسارة و وجم الجميع.
كان حسن يشعر بانهيار داخلي إنها جميلة! لقد نسيته لقد صارت لغيره، و لمن؟ لصديق عزيز ، لقد تخطته!
ما الذي أتي بي إلي هنا؟
هل يمكن لي أن أرحل فورًا؟
ماذا دهاكِ يا قدماي لماذا لا تتحركين؟
اصمد يا حسن و لا تظهر أي شيء.
ولم تكن سارة بأقل منه و لم تدري لماذا فهي لا تزال لم تحفظ ملامحه بعد و تتسآل بداخلها..
هل دعانا لنحضر خطبته ونحن من أساءنا الفهم؟!
بالطبع أساءنا الفهم فجميلة هي الأحلى و الأعلى منها والأصبي؟
ما هذه المصادفة الغريبة؟!
ظلا يرقصان حتى انتهت الأغنية فحملها ودار بها وصفق الجميع مما جعل حسن يود لويذهب إليهما ويلكمه ويجذبها منه شاءت أم أبت.
ما أن هبطت جميلة حتى رأته و ممدوح كذلك، ابتهجت جميلة بشدة وكاد قلبها يخرج من مكانه وأهدرت بسعادة بالغة: ده جه... جه.
ابتسم ممدوح وقد قرأه وتنهد قائلًا: آه وعينه بتطق شرار وهيجي يولع فينا إحنا الإتنين.
لم تفهم جميلة مقصد عمها وتابعت بوله: زي القمر حبيبي ف البدلة.
وتنهدت، لكزها ممدوح وقال بصرامة: طب لمي الدور...
ثم قال: بصي معلش تعالي على نفسك واحترميني، بتبصيلي ليه؟! عمك! احترميني حتى أول دقيقتين.
وسار نحوهم جميلة وممدوح و يديهما متشابكتين، و عين حسن على تلك اليدين المتشابكة، شعر أنه سيرتكب جريمة توًا.
سلمت جميلة على منى وسارة عناقا لكنها شعرت بفتور اللقاء ذلك نفس ماحدث مع ممدوح من حسن.
قال ممدوح: ده شريكي الجديد يا ستي البشمهندس حسن، بس شكلك تعرفي البنات؟!
أجابت جميلة بإبتسامة رائعة وقد فهمت مقصد عمها اخيرًا: آه، معرفة قديمة يا أونكل.
صاح حسن: يا إيه؟!
شدد ممدوح على يد جميلة وابتسم قائلًا: ماانا لسه ما كملتش التعارف، جميلة بنت أخويا.
صاح حسن: بنت إييييييه؟!
ضحك ممدوح وقال: سلامة السمع، مالك ماسك ف كل كلمة كده ليه؟
تابع حسن: أصل يعني شكلكم...
ضحك ممدوح وصاح: آاااااه، بس ظاهريًا هي موزتي والحتة بتاعتي، صحاب بأه ومقضينها فسح، ده انا كنت بتعايق بيها عياقة أدام صحابي زمان، وعمر ما حد عرف إنها بنت أخويا.
إبتسم حسن بشوق وراحة نحو جميلة قائلًا: أهلًا وسهلًا.
نظرت جميلة إليه بسعادة غامرة قائلة: أهلًا بيك.
تصافحا مصافحة طويلة فالأيدي متشابكة لا تبتعد و العيون معلقة في حديث طويل لهما كله شوق وحنين وتقول الكثير و دقات القلب تتسارع ويعلو صوتها حتى كأنه أعلى من صوت الموسيقي.
كان ممدوح يتحدث إليهم لكن من يسمعه الآن فانسحب هو مني وسارة وفتحي وظل حسن وجميلة على وضعهما.
وبعد فترة همس حسن: سؤال بأه!
- هه!
- ممدوح يعرفني، صح؟
-أكيد! مش بتشتغلوا مع بعض!
-إنتِ فاهمة قصدي.
- ممدوح صحيح عمي لكن طول عمرنا صحاب أوي و شبه بعض بنحب البساطة و بنكره العوجان والعجرفة، حتى لما كان مسافر كنا بنتكلم كتير، لحد مااشتغلت تاكسي و قابلتك، وانت عارف الباقي... و الوقت ده كنت بطلت اتكلم معاه ومع أي حد، لحد ما رجع ولاقيته بيتكلم عن مشروعه اللي هو هو حلمك، كان محتاج مهندس ميكانيكا رشحتك وبس، كل اللي بعده انت اللي عملته ولو ما كنتش مجتهد وكفء ما كنتش نجحت ولا وصلت، ده مجهودك انت، انت موهوب فعلًا صدق بأه، وكنت بتدور على فرص غلط و ف سكك بعيدة عنك تمامًا، وأنا كل اللي عملته نورتلك سكة كانت مضلمة ومش شايفها، و أديك مشيت فيها.
- كنت بحسب نفسي خسرتك بعد اليوم إياه و إنك كرهتيني ونستيني و عدتيني، أول مرة أشوفك صح.
-عشان غبي.
فضحكا.
ثم قالت: مش قصدي طبعًا بس...
قاطعها: كرامتي نقحت على شويتين، وحشتيني أوووووي.
- يااارااااجل لسه فاكر؟!
- معلش راعي المفاجأة والحالة اللي كنت فيها.
- شكلك كنت هتولع فينا وعنيك بتطق شرار.
- كنت ماسك نفسي بالعافية، حسيت إني هرتكب جناية.
- للدرجة دي!
- بتسألي!
فابتسمت، تنهدهامسًا: وحشتني كل حاجة فيكِ، وكنت هتجنن لمجرد إني اتخيلت إنك لغيري.
- طب ليه مش بتقول؟
- بحبك.
فأخذت نفسًا عميقًا و أغمضت عينيها، وهمست: أخيرًا قولت.
- دلوقتي بس أقدر أقول، قبل كده ما كانش ينفع، إده إيه الفستان ده؟!
- ماله وحش!
- حلو بزيادة، بس واضح إن دولابك محتاج يتنسف.
- مش للدرجة دي، وعمومًا ما عنديش مانع بس انت اوصل.
- تفتكري ممكن؟!
- نفسي تشوف نفسك بعيوني، تشوف نفسك زي ماأنا شايفاك.
-بس انا ما عنديش عيون حلوة زيك.
فضحكت، ازداد وجهها إشراقًا، فقال بهيام: الرحمة شوية، اللي يقف أدامك يتبرجل كمان بتضحكِ الضحكة دي!
وهنا جاءت والدتها ديدي مرحبة: أهلًا وسهلًا.
تابعت جميلة مشيرة إلى حسن: البشمهندس حسن بيشتغل مع ممدوح...
أشارت إلى أمها وأكملت: مامي.
أومأ حسن بلطف: أهلًا وسهلًا يا فندم.
تحدثت ديدي: بأه شغال مع ممدوح! زمانه فرمك ف الشغل، واضح إنك مجتهد وبتحب شغلك وبتخلص فيه اوي.
أومأ حسن وتابع بوجهٍ باش: الحمد لله، ميرسيه لحضرتك يا فندم.
اتسعت إبتسامة ديدي وأهدرت: لا وذوق كمان! إيه يا جوجو واقفين بعيد ليه؟ اتفضل ف البوفيه.
أومأت جميلة وأجابت بحماس: أوك مامي.
مسدت ديدي على شعرها بلطف قائلة: أوك يا قلبي، إنجوي بأه.
انصرفت ديدي، اتسعت إبتسامة جميلة بارتياح، تسآل حسن بدهشة: في إيه! مالك!
- أصل كان بيتعملك كشف هيئة يا حلو.
- لا والله!
-وشكلك نلت الرضا كمان.
- بجد!
- يا أخي حس بقيمتك بأه.
وهنا جاء خالها وسلم عليه قائلًا: أهلًا وسهلًا، مش تعرفينا يا جوجو.
قدمته جميلة قائلة: البشمهندس حسن بيشتغل مع ممدوح عمي...
أكملت: خالي دكتور عزت.
ابتسم الخال بمكر قائلًا: زي ما نكون اتقابلنا قبل كده!
فصمتا.
فأكمل: آه افتكرتك، مش انت اللي جيتلي المستشفى من كام سنة معاها، بس ماكانش شكلك كده.
أجاب حسن باقتضاب: أيوة أنا و ربنا فتحها عليّ.
وضع عزت يديه في جيبيه وتابع في كبر: يعني كنت ميكانيكي!
تدخلت جميلة بغيظ: هو بكالوريوس هندسة قسم ميكانيكا زي ممدوح.
استطرد عزت بتهكم و سخرية: والله!
ثم أكمل مشيرًا إلى شاب جواره بفخر: ابني الدكتور رامي.
سلم عليه حسن وجميلة، انصرف بعدها هو وإبنه متجهًا ناحية ديدي، وقف معها وتابعهما حسن وجميلة بعيونهما، كأنما يعرفان ما سيقوله لها وهنا جاء ممدوح، سارة، منى و فتحي.
تسآل ممدوح بقلق: إيه اللي وقف الراجل الرزل ده معاكم؟
نبست جميلة بضيق: عشان يسم بدنا طبعًا...
ثم إلتفتت نحو حسن وأكملت: مالك يا حسن سيبك منه إوعى كلامه يأثر فيك.
فتنهد حسن ولم يعقب، فزفرت جميلة وصاحت: يوووووه! مفيش فايدة ف أخوكم ده.
ربت ممدوح على كتفه وقال: جرى إيه يا ابو علي! بأه معاك قمر زي ده و تاخد بكلام ناس مالهاش لازمة.
عقدت ساعديها أمام صدرها وأهدرت بغضب طفولي: قوله، شكله بيحب النكد و هينكد علي ولا إيه!
إتسعت عينا حسن وأهدر: أنا! ده تعب كل السنين دي كلها عشان أقرب منك وأبقى حاجة تليق بيكِ..
قاطعته جميلة: تبقى حاجة! يا حبيبي إنت أصلًا كل حاجة.
فتنحنح ممدوح فضحكوا، فأكمل: بصي في ناس هنا مالهاش لازمة كتير تيجي نطفشها؟
صاحت جميلة بحماس: يا ريت أحسن ديدي هانم قلبت وشها، شكل الحقنة وصلت.
ذهب ممدوح إلى الدي جي فأدار أغاني شعبية، جذب جميلة من يدها، أخذا يرقصان و الباقي يصفق لهما و كانت بالفعل ديدي و أخيها عزت يقفان، ينظران بغضب شديد نحوهما.
ومرت الليلة و انتهى الحفل......................
NehalAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top