(10)
(بقلم: نهال عبدالواحد)
بعد فترة جاءت أمه طرقت الباب ثم دخلت تحية، أهدرت بنبرة حانية: يلا يا حبيبي عشان تتغدى.
أجاب حسن بضيق: ماليش نفس يا أمي.
صاحت تحية: لأ بأه هتطلع و هتاكل، ده انا محنطاهم برة وحالفة ما حد دايقه غير ما تيجي معانا.
تنهد حسن قائلًا: ليه كده بس؟ كنتِ سبتيهم براحتهم.
-هو كده بأه! يلا.
-حاضر يا أمي أغير هدومي بس.
ثم نظرت تحية نحو السرير ثم قالت: إده انت غيرت فرش السرير ليه؟ ده أنا لسه مغيراه إنهاردة.
تجاهل حسن سؤال أمه وأجاب بتثاقل: هغير هدومي و أحصلك على طول يا أمي.
خرجت من الحجرة وهي شديدة الأسى على حال إبنها فهي تعلم لأين ذهب ذلك الغطاء كما تعلم أين ذهب قميصه.
خرج حسن و جلس على المائدة، الجميع يأكل في صمت حتى هو بدأ يأكل فقد كان منذ قليل لا رغبة له في الأكل لكن الطعام اليوم مغري و قد فتح شهيته وقبيل أن ينهض.
أهدر حسن: تسلم إيديكِ يا ست الكل، الأكل طعم وحلاوته زايدة إنهاردة، يا حلو انت يا حلو.
قال الأخيرة محاولًا المزاح، أجابت تحية: بس أنا ما مدتش إيدي ف الأكل.
تابع حسن: يبقوا اخواتي حبايبي وهم تربية إيدك برضو، تسلم الأيادي.
استطردت منى: لأ برضو، دي جميلة.
فوقف فجأة وترك المائدة دون أن يعقب، صاحت تحية: عجبك كده! كان لازم تنسحبي من لسانك و تقولي جميلة!
قالت منى: في إيه ياتوحة؟ ماانتِ عمالة تلفي و تدوري و بعدين ماهو ماسح الأطباق أدامك أهو! عايزة ايه تاني ؟!
صاحت تحية: يا ختاااااي، رد على طول كده.
وقامت تبعت إبنها، فهمس فتحي لمنى: ده أكل جميلة فعلًا!
فهزت رأسها بأن نعم وضحكت، صاحت سارة بضيق: بتضحكي و أخوكِ متنكد!
أردفت منى: هعمله إيه يعني؟! مش هو اللي محبكها حد كان قاله اتجوزها حالًا؟! كان مشى اليوم، و بعدين ماهو ماسح الأطباق والله يا جماعة!
فضحك فتحي وهمس لزوجته: هحاول أقفل وآجي بدري إنهاردة هه؟! نيمي البت بأه.
فضحكت منى بصوتها، قالت سارة منسحبة: هقوم أغسل المواعين أحسن.
انصرفت و أكملا ضحكهما ثم ألقى فتحي قبلة لزوجته في الهواء و انصرف.
دخلت تحية لإبنها في حجرته وكان مستلقيًا في فراشه، قال حسن: خير في إيه يا أمي؟
ثم تنهد قائلًا: رايحة تعلميها الطبيخ؟! إيه عشان توفري تمن الطباخ والسفرجي؟! عشان هي دي المشكلة!
ربتت عليه تحية، أهدرت برفق: يا حبيبي هدي نفسك، والله البت دي بت حلال وبتحبك أوي، وعندها إستعداد تستناك لحد ما تقف على رجلك.
تنهد حسن قائلًا: و بعدين! هتستني أد إيه؟! هخللها جنبي؟! ما ينفعش، اللي زينا يا أمي مش من حقه يحب لأن الحب م الكماليات، أنا بأه مش أروح أحب، لا ده أنا أبص لفوق و لفوق أوي، و أديني وقعت على جدور رقبتي ولسه مش عارف ألملم نفسي.
-بس هي هتستناك.
-تاني! الموضوع مطول أوي مش عشان بس أقف على رجلي، عشان أليق، عمومًا بعد اللي حصل إنهاردة عمرها ما هتيجي هنا ولا هترضى تبص ف وشي تاني.
-ربنا يخفف عنك و يكتبلك الخير يا حبيبي!
ثم خرجت وتركته في همه.
مرت أسابيع و أسابيع، حسن في ورشته يعمل كثيرًا ليلًا نهارًا لينهض بحاله و حال ورشته، ربما من أجل أن ينسى، لكنه لا ينسى فذكرياتها تلاحقه في البيت والورشة حتى في أحلامه وتمنى أن ينساها، ود لو يدعو الله لكنه يخشى أن يستجيب له وينساها فعلًا.
فهو يتألم ويعشق ألمه، يفتح خزانة ملابسه من حينٍ لآخر، يفتح قميصه و غطاء السرير، يشتم رائحة عطرها فيجدها لا تزال فيها فيتلمسها كأنه يراها.
أما هي فمضت وقتًا طويلًا لا تخرج حتى من غرفتها و أقصى ما تذهب إليه هو النزول ليلًا إلى حديقة الفيلا.
بقدر ما وجعها أسلوبه معها إلا أنها لم تستطيع أن تكرهه، التمست له العذر، تشعر بقلة حيلته تلك وتقدر و تتمنى لو بدل الله الأحوال إلى خير حال.
بدأت بعد ذلك تخرج جميلة للعمل مع أبيها في شركته، كان صاحب لشركة سياحة، بدأت تتعلم و نفضت من حياتها أي أفكار أخرى حول الزواج وخلافه فحسن قد دخل وسكن القلب و أغلقه و ألقى بالمفتاح.
أنا وقلبي يا روحي حياري يا روحي حياري
سنين و لا بننسي يا عيني خسارة
دريتك دمعتي دريتك دمعتي خايفة ليشوفوها
و ذات يوم جاء عمها من السفر، زارهم في المنزل، كان عمها ممدوح يكبرها بأعوام قليلة فهو الأخ الأصغر لسراج أخوه من أبيه، كان مسافرًا من فترة وكان قريبًا من جميلة حتى في الطباع، لعله جاء في الوقت المناسب، فرغم انغماسها في العمل لكن لم تخرج من تلك الحالة أبدًا.
وما أن علمت جميلة بمجيئه حتى هبطت مسرعة على الفور، تعانقا، حملها و دار بها ثم جلس الجميع بعض الوقت يتحدثون في أمور شتى.
لاحظ ممدوح بسهولة ذلك التغير في شخصية و نفس إبنة أخيه فلم يعهدها بذلك الهدوء و الذبول.
تسآل سراج: هه! وقاعد أد إيه المرة دي؟
قال ممدوح: لا خلاص على طول أنا اشتريت مصنع عربيات صغير، هو مش مصنع أوي يعني، حاجة صغيرة كده و ربنا يسهل.
ولاحظ فجأة تغييرًا في وجه جميلة فلم يعلق.
أكمل سراج: مش فاهم وجع القلب بتاعك ده ليه؟ ما تيجي تشتغل معايا وتسكت، ما كله ليك انت وجميلة ف الآخر.
تأفف ممدوح وأهدر بضيق: يا خويا ربنا يديك طولة العمر! كلام ايه اللي بتقوله ده؟!
-طب مش ناوي تتجوز ونفرح بيك!
نظر ممدوح إلى جميلة و قال بمزحة: طب وخطيبتي دي اعمل فيها إيه؟
فضحك سراج وصاح: يا بني بتكلم جد.
إلتفت نخو إبنة أخيه قائلًا: طب ما تشوفيلي عروسة يا جوجو، واحدة صاحبتك تكون حلوة زيك.
أجابت جميلة بتثاقل غير معهود: يا ريت، إلا كلهم تافهين.
ابتسم ممدوح وقال: طب بقول إيه، ما تقومي تلبسي كده و نخرج خروجة حلوة مع بعض، وحشاني وعايزين نرغي.
أومأت جميلة: تمام.
وانصرفت.
أهدرت ديدي براحة: أخيرًا هتخرج.
وبالفعل بعد قليل نزلت جميلة بعد أن بدلت ملابسها
لكن لم تكن تلك الهيئة التي يعهدها منها عمها في السابق...................
NehalAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top