3
"لا! أنَـا لَـن أستخدِم قُدرَاتِي لمُساعـدة بشريَة آثِـمة! ثُم إنهَا امرأة! أنا أكرهُ النسَـاء! أنَا أكرههَا!" صَـاح نَـات ثُـم هرب ركضًا للخارِج وسَـحب الباب خَـلفه مُصدرًا ضجيجًا مُزعجًـا.
يتَـم إهدَاء كُـل حاصد أرواحٍ منَّـا بقدرِة أخرَى مُنفصلَة عن حَـصد الأروَاح.
ويُقَـال أن كُل قدرة تندرِج تحت فِئة؛ منهَـا العلاجيَّـة، ومنهَـا التخاطريَّـة كمَـا الحسيَّة.
كمَـا أن طبيعَـة تِلك القُدرة تُحددهَـا خصائص حاصِد الأرواح وشـخصيته.
وُهِـب نَـات قُدرة علاجيَّة، ولأنهُ لا يـحصد سوا أروَاح الحيوانَات للأن فهُـو يحرِص على تخليصهم من الألَـم، وقد ينطبق الأمر علَـى الحَـي منهَـا.
وذلك بلا رَيب يعُـود لطبيعته الرقِـيقَة وشخصيته الحسَـاسَة، إنهُ طفلٌ مزعِـج وكثير البكَـاء وسريع التأثِـير.
ولكنهُ لَـيس بسيء.
وأستطِـيع القول أن تِلك الطبيعة الحساسة لم تنمُـو إلا بتأثر من حياتِه السَـابقة التِـي لا يعلَـم سوَا القَـلِيل عنهَـا.
لَـيس وكأننِـي أعلم شيئًا عن حياتِي أنا الأخَـر.
وُهبتُ قدرَّة حسيَّة؛ ولكنهَا بشكل مَا تطورت لتشمل بعد الخصائص التخاطريَّة.
أستطِـيع اشتمَـام روائِح مختلفَة، دائمًا ما تُطلعنِـي على طبيعَة من أمامِي مِن البشَـر.
بمَـا أننِي أكبَـر سِنًا وأكثَر خبرة من الصغير المُزعَج، فقَـد حصلتُ علَـى قُدرة حسيَّة أُخرَى؛ وقد مكنتنِي من النظَـر خلال الرُوح.
ولأنهَا تستنزَف كمًا كبيرًا من الطَـاقة والوعِـي فلم أستخدمهَـا سوَى مرة للتجرُبة.
وموضع التجربة كان نات؛ الذِي رأيتُ كم أن ماضِيه قاسٍ بالنسبة لطفل.
كَـان بإمكانه أن يُصبِح مانِح حظٍ أو ملاك رحمَـة أو شيء من هذَا القبِـيل.
ولكنهُ اختَار عملًا لا يناسبهُ.
"بدأتُ أشعُـر بالصدَاع مرة أخرَى.." تمتمتُ، سبابتِي تفرُك المنطقَة بين حاجبَاي وأنا أتنهَـد حائرًا.
بعد حادثة الأمس لم أكن أستطِـيع جلبهَا لمشفَـى لذَا عُـدت بهَا إلَـى منزلنَا آملًا أن يُعالجهَا نات وأن أُخرجهَا بعدهَـا.
نَـهضتُ عن مقعدِي الذِي ظللتُ جالسًا به لساعَـاتٍ أراقِـب الجسد الفاقِـد للوعِـي فوق فراشِـي.
أستدرتُ قاصدًا البَاب الذِي يفصل الشِقة الصغيرة عن المقهَـى الذِي هو مكان عملنَـا.
هُنَاك رأيتُ نَات جالسًا بأحد الطاولَات؛ وجههُ يحدِق بالشَـارِع المُظلِم خارج النافذة.
"نَـات، استمِع إلَي" أقتربتُ أجذب أحد الكراسي لأجلس بمقابلتِه.
"إن مَـاتت، فسأقـع بمُشكلَة، تعلم أننِـي لا أتمتَع بشيءٍ كالشفقة، أنا مخلصٌ لعملِي؛ ولهذَا السبب أيضًا لا أستطِيع إرسَال أحدٍ لم يردنِي اسمه"
التزَم الصبي أمام الصَـمت أمامِـي وأستطعتُ الشعُـور بتردده.
"إنهَـا المرة الأولَى التي أطلُب مساعدتك، وأعدك بأننِي سأثني عليك بعدهَا" قُـلتُ أحاوِل الابتسام بوجهه فدفع هو كرسيهُ للخلف ينهَـض دُون النظَر لِي.
"حسنًا" بموافقته عَـاد كلانَا للغُـرفَة حيث تُـركِت البشريَّة صاحبة الجسد الهزِيل.
وقفتُ أنا عن بُعدٍ أُراقِـب نَات حَـيث بقَى مطولًا ينظُر إليهَـا.
"اسرِع!" حثثتهُ علَـى البدأ فتنهَـد يرفَـع كفهُ باتجاههَا.
وظللتُ أنا أتأمَـل المشهَـد الذِي يبدُو رائعًا بشكلٍ خيالِي.
أكرهُ الإعترَاف بهذَا؛ ولَـكِن الطريقة التي طور بها قُدرتهُ مُثيرة للإعجَـاب.
تتشَـكَل طاقة نَات في هيئَـة خيوطٍ متوهجَـة تنسدِل من أطرَاف أصابعه وتتصِـل بكُل المناطِق الحيوية بالجَـسَد.
إنهُ تقريبًا يبدُو كملاكٍ بذلك التوهج والشَـعر الذِي يرتفع خارقًا قاعدة الجاذبيَّة؛ أكاد لا أُصَـدِق أنهُ حاصد أروَاح.
بشكلٍ طَـفِيف؛ أشتممتُ تِلك الرائحـة الزاهيَـة مرة أُخرَى وعلمت أنهَا على وشك استعادة وعيهَـا بأي لحظة قريبَـة.
"توقَـف نَات" قُلتُ أعقِـد ذراعاي فأومأ الأخَـر الأمَـامِي، يفصِل كفهُ عن جسدهَا وأخذ يبتعد عدة خطواتٍ للخَـلف.
"والأن كَـيف سنتخلَص منهَا؟" سأل يُعطيني وجهًا مُنزعجًـا.
"تتخلصُـون مني؟"
___________________________
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top