~الفصل السّادس: ليسا في الماضي؟~
"أوقفوا هذا!!!"
صرخَ مجْهولٌ، قادمٌ منْ بعيدٍ، أمّا أنا فشعرتُ باليدِ و هيَ تُسْحَبُ منْ داخِلي
نظَرْتُ إلى أسْفل و لمْ تَكُنْ هُناكَ فوهَةٌ ناحيَةَ قلْبي، لكنَّ الدّماءَ موْجودَة، أستطيعُ اسْتِساغتَها و أستطيعُ رُؤْيَتَها بلوْنِها الأحْمر القاني الذّي أفسد نقاء و شفافيّة الثلج، إذنْ هلْ أوْهموا عقْلي بِذلِكَ المشْهَدِ و قدْ شاركَ قلْبي في بطولَتِه؟ أكانوا يرغبونَ في إجْباري على تقيُّؤ دمائِي كلَّها إلى أنْ أسْتَفْرِغَ أمعائي فيُمْسِكونَ عنْ إيهامي بما هوَ غيْرُ حقيقيٍّ؟
نظَرْتُ إلى ذَلِكَ الآليِّ بحِقدٍ، مُطْلِقًا ضِحْكَةً قصيرةً ساخِرةً عنْدما نظرَ إليَّ و أمالَ رأْسَهُ إلى الجّانِبِ الأيْسَرِ بِبراءة أُقسمُ أنّها مزيَّفة! حقير!
"أنسَيْتُمْ الأُسْطورَة؟
دخيلٌ داخِلَ دخيلٍ حاملٌ في يسْراهُ شُعْلَةَ أملٍ لأنَّهُ المُنْقِذْ"
مزّقوا كمَّ قميصي منْ جَهَةِ ذراعي الأيْسر فاتّسعت عينايَ بصدمَة...متى حصَلْتُ على هذا الوشْم؟ و على شكْلِ طائِرِ حمام؟ هذا مهينٌ و تافِهٌ مقارنَةً بمكانَتي!
"إذن لِنُرْسِل هذا الدَّخيلَ إلى قصْرِ الملِكَة لتقرِّرَ هيَ ما عليْنا فعْلُهُ به"
هذهِ هيَ الكلماتُ التِّي نطقَها ذلِكَ البشريُّ الذِّي حلَّل وظائِفَ أعْضائِي بمنْتهى الوقاحَة، و أنا اسْتَغْرَبْتُ أمرَ امتلاكِهِمْ لمَلكة، فلوْ كانَ لهمْ نظامٌ على ما يبدو لمَ الهمجيَّة؟
*
*
*
أسيرُ أمامهُمْ فوْقَ ذلِكَ المسارِ الأحْمَرِ المرْسومِ على الأرْضِ الجَّليديَّةِ، يتمُّ دفْعي بيْنَ الفيْنَةِ و الأخْرى إلى الأمامِ لأُسْرِع، لكن ما أثْقلني كانَ تفْكيري في سبَبِ كوْنِ الأرْض مقسَّمةٌ إلى طرقاتٍ حمْراءَ و بيْضاءَ لا تتقاطع، نحْنُ كنّا نسيرُ على الخطوطِ البيْضاء
تلقَّيْتُ دفْعَةً أخرى فوقَعْتُ على الطّريقِ الأحْمَرِ، أعْيُنُهُمْ اتَّسعتْ و غطُّوا أفواههُمْ بصدْمةٍ و كأنَّ تلْكَ هيَ حركَتُهمْ الدِّفاعيَّةَ تجاه شخْصٍ، أوْ شيءٍ ما لأكونَ أكثر واقعيّة، يخافونه و لا يرغبونَ في أنْ يسْتَمِعَ إلى شهقاتِهِمْ المكْبوتَة
ركضوا بعيدًا إلّا من كانَ يدفعني و قد كانَ نفس ذلِكَ الرَّجُلِ الوقِح...مدَّ يدهُ لي فهل يشعرُ بالذَّنْب؟
لا يهمّ! أنا مُتْعبٌ لدرجة أنّني غيرُ قادرٍ على مجرّد محاوَلَةِ التَّفكير في النهوض بنفسي
حاولْتُ الإمْساكَ بِيدِهِ لكن..شعُرتُ بأنّهُ قدْ تمَّ حمْلي من قبلِ شيْءٍ شفَّاف، كانَ نوْعًا ما...يطير؟ و كنت نوعا ما بيْنَ يديْنِ شائِكَتَيْنِ جعلتاني أعْبسُ بضيق، أحاوِلُ تحْريرَ نفْسي لكنَّ أوْصالي كانتْ مخدَّرة
لمْ أهتمّ، و اغتنمْتُ الفرْصَةَ لأريحَ ظهْري الذِّي تمَّ تهْشيمُهُ بسبب قبْضتيْن كانتا تدفعانني دون ذرّة رحمة أو أدنى صبْر
*
*
*
دلَفْنا إلى قصْرٍ زجاجيٍّ، محْتملٌ أيضًا أنْ يكونَ مصنوعًا من الثَّلْج، المهمُّ أنَّهُ كان شفَّافًا ما عدا عرْشٍ ذهبيّ اللَّوْنِ اتَّخذ شابٌّ في مقْتَبَلِ العمْرِ منْ مرْكَزِهِ لهُ مقْعَدًا
لاحظْتُ بوضوحٍ أنَّهُ يرْتدي عدساتٍ في عيْنَيْهِ كجَميعِ منْ هُمْ هُنا و قدْ أثار فضولي سببُ اختيارهمْ للّوْنِ البنفْسجيِّ المنقَّطِ بالأحْمَرِ بالذَّاتِ لتتلوّن بهِ، شعْرُهُ أسْودُ فاحِمٌ و فكُّهُ حادٌّ كنصْلِ السَّيفِ الذِّي أشكُّ في أنَّهُ سيطْعنُني منَ الخلْفِ في أيِّ لحْظةٍ
افْترَّ ثغْرُهُ كاشِفًا عنْ ابْتِسامَةٍ حُلْوَةٍ و غامِضَة، دلَّتْ على كوْنِهِ لطيفُ الملامِحِ مجْنونُ العقْل
نظرَ إلى ما بجانِبي و أشار بيدِهِ آمرًا بفعْلِ شيءٍ أجْهلُه، و بدى مهتمًّا عقْبَ ذلِكَ فخمَّنْتُ أنَّ ذلك الشَّيْءَ يتكلَّمُ و أنا تحْديدًا منْ لا يسعُني سماعُه
تمْتمتُ بصَوْتٍ خافتٍ لأتأكَّد من شكِّي و...جيِّدٌ لسْتُ أصمًّا
لكِنْ أظُنُّ أنَّ الصَّوْتَ الذِّي أصْدَرْتُهُ قدْ أزْعَجَ منْ هُوَ أمامي و هذا ما تبيَّن لي منْ ملامِحِ وجْهِه التّي جعلتْني لوَهْلَةٍ أسْتحْضِرُ في ذِهْني مشْهَدَ تلاطُمِ أمْواجِ البحْرِ الهائجِ، و تخيَّلْتُ نفْسي غريقًا في أعْماقِ نفْسِ ذلكَ البحْر
ما انْتشلني مِنْ دوَّامةِ أفْكاري كانَ شعورِي بيَدَيْنِ توضعانِ على كلِّ كتفٍ على حدة و تدْفعانِني نحْوَ الأسْفَلِ زاعمتيْن أنّني سأقاومُ لو لمْ تفْعلا ذلِك، لا يعلم صاحباهُما أنَّني حاليًّا متوعِّكٌ أكْثَرَ منْ كوْني متمرِّدًا
شعرْتُ بانقباض عضلة قلْبي عنْدَما صاحَ ذلِكَ الشَّابُ ناهضًا عن مقعدِهِ بغضبٍ نابِسًا بكلماتٍ لمْ تنلْ إعجابَ الجُّزْءِ المسؤولِ عنْ تحليلِ المسْموعِ في عقْلي
"ما هذا الهراء و تلكَ الأسْطورَة؟ فقط أقتلوه!"
"جونكوكْ لا تتهوَّرْ!"
صوْتُ فتاةٍ اخْتَرَقَ المكانَ، نظرْتُ إليْها و... نبضاتُ قلْبي أوْشكَتْ على التوقُّفِ عنْدَمَا اعتصرتْهُ الصّدمةُ لا قبْضةُ رجلٍ آليٍّ
هي اقتربَتْ منْهُ رافعةً أطْرافَ فستانِها الثَّقيلِ الدَّافئِ إلى أعْلى ثمَّ جلستْ مكانهُ في تزامنٍ مع انحنائهِ لها
تلْكَ النُّسْخَةُ المطابقَةُ لليسَا..ليسَ حرْفيًّا فهي ليستْ نفسها حبيبَتي نظرًا إلى شعْرِها الذِّي كان أبْيَضَ كالقُطْنِ المنْدوف و قزحيَّتُها التّي اتَّخذتْ لها منَ الأزْرقِ السماويِّ لوْنًا بعيدًا تمام البُعْدِ عن خاصّةِ ليسا العسليَّة، و الجدير بالذِّكْرِ هو امتلاكُها لفروقاتٍ بسيطةٍ في الملامِحِ
أمّا عنْ نفسي فبالرّغْمِ منْ صدْمتي سبقتها في السُّؤال
"من أنت؟"
و بنبْرةٍ رقيقةٍ و ابتسامةٍ دافئةٍ خدَّاعةٍ ردَّتْ عليَّ
"أدْعى لاليسا...ملِكةُ البشرِ و كائناتِ ال'نمسيس' و تعني بالإسبانيَّةِ المنتقمونَ..لا تتحرَّكْ كثيرًا أوْ سيُغْرزُ في عنُقِكَ سلاحُ أحدِهِم المسْموم!"
~يتبع~
رأيكم في الفصل؟
نسخة ليسا؟ طيّبة أو شرّيرة؟
مستقبل جين أسود أو فيه بصيص أمل؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top