الفصل الثاني
صفحات جديدة
تنويه: هذه الرواية ليست للنسخ أو الإقتباس أو الترجمة و هي تماما رواية ككل الروايات التي تكون من نسج الخيال.
توليب
أجلس غارقة في أفكاري المجنونة، بيد أن الجميع يراني السّامة القوية ، وأتسائل! .. هل لزهرة التوليب أشواك؟
تلك الزهرة الجميلة، بألوانها المختلفة الزاهية، كان رمزي هو توليب أسود، جميل ومختلف، لكن ذلك الاسوداد المنكبة فيه الزهرة ليس سوى كرها وضيعا لشخص مجهول، لوث قلبي بالحقد والضغينة، بينما تحثني الكلمات الباطنة في عقلي، أحيانا معاتبة، وأحيانا مؤيدة، فيما يشغل تفكيري أنا بشاعة تناقضها، فهل هي معي أو ضدي، أهي حليف أم عدو، أتكون حدسا؟ أم همهمات شرير؟
أكاد أنهار وأتصدع إلى قطع أو رقع !، فمن يجمع شتاتي المتناثر؟ ، من يلملم بتلاتي الباكية؟
بينما حصلت على المال والسلطة، المكانة والمعرفة في سن الرابعة والعشرين فقط، أتممت إحاطتي بتلك القوة التي فرضت هيمنتها لعقود.
وبالرغم من ذلك ! .. لم أجده أبدا ! .. مهما بحثت عنه، لم أصل لاسمه الحقيقي حتى!
سأجعله يعاني لأنه اضطرني تلويث يديّ في السوق السوداء فقط كي أمسك به.
فقط دليل واحد! دليل واحد وسأتوقف عندها، تنتهي معاناتي، وأوفي بوعدي وأنتقم.
عندها فقط .. ! سأموت بسلام!
كنت كنذل! يصلي لربه ثم يقترف الجرائم، وسؤالي الشاغل.. هل تغفر لي أعذاري الضعيفة أفعالي الشنيعة؟
للحصول على المبتغى .. أحتاج إلى التضحية..
"الغاية تبرر الوسيلة" … لا يا توليب ! لقد قال هذه المقولة مكيافيللي الشخص المدعو بأبو الشر، الشخص الذي كان يقرأ هتلر كتابه "الأمير" كل ليلة.
لقد قرأت ذلك الكتاب باللغة العربية مع علمي التام بأن المترجم قد حذف ما ينافي ديننا الحنيف!، ولكن رأيي العام به أنه كتاب قد تحدث فيه مكيافيلي عن أشياء غامضة وكأن أي أحد يعرفها، كأماكن وأشخاص لم أعرفهم .. مهديا هذا الكتاب إلى الملك بعد أن خسر مكانته _ميكيافيلي_
سمعت صوت إزاحة الباب جانبا فأجلت عملية تذكري لذلك الكتاب الذي قرأته منذ سنوات _قرابة الثمان_
وكان كالعادة .. لا أحد يجرؤ على دخول مكتبي _اقتحام_ غير ريان، كونه ملازما لوالدي الراحل.
ريان ذو الستة والعشرين ربيعا، والقليل جدا من الأشخاص.
قال بعد أن وقف معتدلا يواجه وجهه وجهي بينما تلفح الشمس المتسللة عبر النافذة وجهه : آنسة توليب ، لديك إتصال هاتفي من شركائنا في فرنسا ويودّ السيد دانيال الحديث معك شخصيا، ولم يرضى التحدث معي.
فأجبته باهتمام : هاته
فأومأ برأسه وهو يمد الهاتف إلي ؛ أعلم جيدا بأن ذلك الرجل يعمل مع الشخص الذي أبحث عنه، وسيكون تتبعه مجرد بداية للبحث عن قطع الأحجية، لن أثق به أبدا.
فأجبته قائلة باقتضاب : Bonjour monsieur danyal , normalement tu a compri le plan de cette nuit
" أهلا سيد دانيال من المفترض أنك فهمت مخطط هذه الليلة "
فهمس بصوت غريب أثار تلك الكلمات بداخلي :oui
" نعم "
فقلت مستفسرة سبب اتصاله، مع أني أنوي مفاجأته الليلة : Alors , pourquoi tu m'appelle
" إذا، لماذا إتصلت بي "
فأجاب على أقل من مهله وكأنه يعطي كل حرف حقه :juste attention
" فقط إحذري "
أحذر؟ هل ينصب لي كمينا أم ماذا؟ سألته: ?pour quoi tu dis ça
"لماذا تقول هذا ؟"
أجاب وقد تغير صوته إلى صوت عادي جعلني أترامى بين أفكاري الكثيرة، فقد شوشني حقا :par ce que le plan est très dangé
" لأن الخطة خطيرة جدا "
أردفت وكأنني أطمئنه، بينما أنا التي تحتاج طمأنة أكثر من أي أحد آخر بسبب ما أنا فيه :non , peur pas
" لا ،لاتخف "
فقال : Ok
" حسنا "
ودعت ذلك الشخص الحقير، إنه يحاول تشتيتي : Au revoir
" إلى اللقاء "
وأغلقت الخط، ثم شخصت ببصري نحو ريان الذي كان لايزال واقفا يستمع إلى حديثي ودانيال، إنه يشرد كثيرا هذه الأيام ويبتسم في كثير من الأوقات خلال الشهرين الأخيرين، وينتهز أية فرصة لمغادرة الشركة بعض الوقت ما يناهز الساعتين أو الثلاث ثم يعود، بيد أنه كان لا يفارقها وكأنها حياته وكل اهتمامه منصب عليها.
فأجابني مبتسما على غير العادة القديمة، حيث كانت تكتسي ملامحه نظرة جادة تجعلك تحترمه وتعطيه هيبة أو هالة قيادية من نوع ما: هنا آنستي
بعد تفكير صغير استنتجت فيه كثيرا من الأمور حسمت قراري وأخبرته به : سنغير الخطة
فظهرت عليه أمارات الصدمة الصغيرة التي لن يدركها شخص لم يتعود عليه وقال : لكن لماذا آنستي، لقد خططنا لهذا منذ أكثر من شهر، وقد لا تصلنا دفعة من الكوكايين قبل شهرين آخرين، عندها سنكون في مشكلة مع الزبائن.
شعرت بالقشعريرة تسري في عروقي ما إن ذكر تلك الكلمة، تلك الجمل، وكأنه لا يعلم مخططي الأصلي لذلك حاولت التمهيد أولا : دانيال
فتسائل من لفظي لاسمه : ما به؟
أجبته ناظرة إلى تلك اللوحة المعلقة على الجدار مدعية اللا مبالاة : يخدعنا
فسأل مرة أخرى وقد ظهر التعجب جليا على وجهه هذه المرة : ماذا؟
ريان … يا لك من شخص يسهل خداعه .. مع ذكائك تثق بالحمقى كالمدعو دانيال ..!
أردفت: كلامه المختفي بين الحروف لم يعجبني، مما يجعلني أضع سطرا تحت احتمالين لا ثالث لهما، فإما أنه يتلاعب بنا ليورطنا، أو أنه يعلم بشأن مخطط هذه الليلة.
فقال محاولا إزالة الاحتمال الثاني: لا أحد يعلم بهذه الخطط سوانا نحن الاثنان، فأنى له الإدراك؟
أجبته مفتحة عقله الذي لا يعمل في هذه الظروف، وكأنه يقول'عقل مراسلك مغلق أو خارج نطاق التغطية، يرجى محاولة الاتصال لاحقا، شكرا': أولا وقبل كل شيء يا ريان، عليك الاستيعاب، بأن هذه الحرب التي دخلناها مليئة بالمعارك، لذلك علينا توخي الحيطة والحذر حتى من أقرب الأشخاص، ثانيا وفيما يخص سؤالك، فلتعلم بأن للجدران آذان، حتى وإن كانت هذه الجدران عازلة، وعليك أن تدرك كذلك أن لكل هؤلاء الأشخاص الذين نتعامل معهم نفوذ، هذا النفوذ، يمكنهم من مراقبة من يريدون وإحكام قبضاتهم على الحلفاء لدينا، كمدير الحاسوب وغيرهم من العمال، لا أقول بأنهم خونة، ولكنهم يملكون أشياء سواء مادية، معنوية كانت أو بشرية لخسارتها، لذلك، تهديد صغير سيجعلهم ينقلبون رغما عنهم، وإن كنت تتسائل عن سبب عدم حمايتي لهم، هو أن حمايتي لهم بدورها ستجعلهم معرضين للخطر، وأحكم قرار أتخذه حاليا هو تضييق نطاق الأشخاص الذين يعرفون مخططاتي، وسحب نفسي بطريقة تجعلهم راضين عني وغير مهتمين بي، وفي الوقت نفسه يرونني كمورد يصلهم باحتياجاتهم، فيخضعون لي في الخفاء، في أنفسهم، داخلهم، بينما أحرك الخيوط تحتهم وهم لا يدركون، إلى أن أصل الغاية التي انتظرتها طويلا.
بدا مذهولا، وأنا كذلك قد ذهلت ، فقد كانت تلك المخططات مجرد تكتيكات في عقلي لم أستطع صياغتها على شكل كلمات حتى اليوم، لم يكن بمقدوري ترجمتها بشكل جدِّي وصحيح.
نكس رأسه لبرهة ثم رفع رأسه ونظر إليّ مخاطبا: عذرا على رؤيتي المحدودة، لقد نصحني رحمه الله أن أفكر دائما خارج الصندوق، وها أنت وكأنك مبعوث منه تذكرينني بوصيته التي أهملتها، كم يثير هذا حزني ..
تذكرت نبينا صلى الله عليه وسلم فقلت: لا تحزن، إن الله معنا ..
وكما ذكرني بوالدي رحمه الله واسكنه فسيح جناته، ذلك الشخص الذي زرع فيّ حب البشرية، وأشكال التضحية الملائمة في سبيلها، مع أني لم أعايشه طويلا، كنت أفكر بيد أن ريان قد خرج.. آهٍ .. زمن الحزن عليه أن يولي، ما دام عملي في سبيل العزيز المنان.
بينما كان وفي مكان آخر، دانيال رجل العصابات ذاك مع رئيسه، حليفه، وغريم من جعلهم يرون دماء أحبائهم وأرواحهم تغادرهم، ويأخذهم الموت الرهيب بعيدا عنهم وهم لا حول لهم ولا قوة.
إن ثمن الجور باهظ، ولا أحد يمكنه مجابهته ما لم يتب.
بعيدا وفي وكر الماكر المغتر، يتحاور شريكا الجناية بلغة فرنسية.
دانيال: بوس ، لقد جهزت للعملية ، سنوقع هذه الليلة بتلك المرأة و لن تنافسك في السوق مجددا.
Patron, vous êtes prêt pour l'opération, ce soir nous signerons cette femme et elle ne vous concurrencera plus jamais sur le marché
البوس: هذا جيد دانيال ، أتطلع لخدماتك المخلصة هذه دون تفاني، و اعلم أنه إن لم يقضى عليها فسيكون حسابك عسيرا. C'est bien Daniel, j'attends avec impatience vos fidèles services sans dévouement, et je sais que s'ils ne sont pas éliminés, votre compte sera difficile
دانيال: لا تقلق أبدا سيدي سينتهي أمرها عاجلا أم آجلا
Ne vous inquiétez jamais monsieur, ce sera fini tôt ou tard
توليب
هائمة ضائعة مجددا في بحر أفكاري، في أوج طاقتي واشتعالي، إنفعالي واحتمالي، فأين أنت يا دارا دافئة، صارت سجنا خانقا، أخمن لو لم تكن هذه الرزم من الأوراق التي علي التعامل معها، أكنت قررت الموت والانسحاب؟ من كثرة تفكيري، همهمتي لنفسي وهمساتي المتواصلة لقلبي محاولة للتخفيف عنه وإعطائه تربيتة صغيرة، أربت على قلبي .. وتربتن على كتفي .. صديقاتي …
دخلتا .. وكيف دخلتا؟، أنى لي إرخاء حذري، لم يصل إلى مسامعي صوت فتح الباب بالرغم من أنه يصدر صوت ضجيج مزعج عند فتحه، أهذا ما يسمى حالة التركيز الفائقة؟ أو الانعزال عن العالم للحظات؟ أم الخوض في عالم خاص؟ هل هو السواد الذي يكتب عليه بالنور الذي يحاول محوه باستماتة؟، أم النور الذي يكتب عليه بالسواد حتى ينخره ويمتصه؟
يالعمق المعاني .. عجبا !
صاحت كوثر الطيبة بصوتها العذب: من هو حتى أقاضيه؟
غريب ! أنا أيضا لا أدري عن من تتحدث فأجبتها: لا أدري، ما الذي تقصدينه؟.
فتحت فمها لتقول شيئا ما ولكن شيماء سبقتها وقالت: صباح الخير !، لقد نسيت قول ذلك يا كوثر !
تجاهلتها كوثر وعلى ما يبدو فهي مقدمة على إكمال كلامها المقاطع سابقا: الذي تفكرين به.. من؟
من؟ يا للإهانة العظمى! أتستخدم "من" لأشباه ذلك النذل؟ عذرتها فهي لا تدري: ما وليس من!.
أطلقت شيماء صفيرا عاليا من بين شفتيها ثم قالت: ذكرتني بالمتنبي عندما نظم قصيدة بيت منها
حولي بكل مكان منهم خلق
تخطئ إذا جئت في استفهامها بمن
هذا هو الكلام الأصح والأصدق، نعم .. يمكنني أن أستسيغ هذه الكلمات، صدقت أيها المتنبي!.
أردفت كوثر متجاهلة شيماء: ما رأيكن بالذهاب إلى مدينة الملاهي، لقد مرت فترة طويلة مذ تسكعنا معا آخر مرة.
قالت شيماء بينما تلف خصلة من شعرها حول أصبعها: نعم، هيا، توليب! لا أود أعذارا! ولا حججا! هذه الأوراق التافهة ستنتظر.
ماذا؟ أنى للعمل أن ينتظر؟: كيف ذلك؟ الأعمال لا تنتظر!
قاطعتني كوثر بينما تخترقني شيماء بنظراتها المهددة: ليس وكأنك تعملين عند أحد، يمكنك التوقف لبعض الوقت، ثم تعودين للانغماس في هذه الأوراق التافهة.
تافهة؟ تااافهة!؟؟!!
ويلي! ويلي! أيا ويلي… المشكلة هي أنني لا أتمكن من إنكار هذا، نعم، هذا السافل تافه بالطبع، ولكن كلمة تافه؟ أليست قليلة بحقه؟، فلأذهب عل عقلي يكف عن التقلب في الفراغ، علي أشغل هذا القلب الشريد، علي أطهر وجداني وتفكيري من دنائة العالم لبضع لحظات وإن كنت أحمل بعض الشك تجاه هذا، لأن العالم، لا! عذرا! بشر هذا العالم لا ينفكون يصنعون المفاجآت، ويكتشفون أبهى الطرق لإبهار الغير!: وهل بإمكاني الرفض؟
هزت رأسها يمينا وشمالا ببعض الحركات الدرامية قائلة: لاا!
حسنا، وكأنني توقعت غير ذلك: إذا، فلنذهب!
وقفت بحماس داخلي، ولكن، ما إن تقدمت حتى أبت قدماي الانصياع ومشيت القهقرى، تشنجت للحظة، ثم تحركت، وكأنني شحذت همتي الباقية ثم انطلقت، بينما سرنا وركبنا السيارات، كنت أفكر.. أفكر في الكثير، في حين كانت كوثر وشيماء تتبادلات نقاشات بسيطة من حين لآخر، فضلت الولوذ بالصمت، فضلت الرحلات الصامتة، وكم انزعجت عندما توقفت السيارة معلنة نهاية الرحلة، أردت البقاء أكثر مستمتعة بنقاش داخلي شيق بيني وبين نفسي.
جبنا العديد من المحلات قبل الشروع في اللعب، لم أكن أهزم حقا بذلك، لهذا، قررت الإيماء على أي شيء يقررنه ومواكبتهن.
أمشي كتائه يتخبط في الحطام، كمنافق يظهر أجمل التعابير وأنقاها وأصدقها، ولكنه في دواخله يحمل تجهما، برودا يفوق برودة القطبين، تلك البرودة التي بسببها تشل الأطراف، وإن قطع لك طرف فلن تشعر بذلك، فقد بردت!
عندما تشل الأطراف، ذلك يعني أن الجسم يعطي الأولوية للمناطق المهمة كي يستمر الجسد بالعيش، ولكني لا أشعر بالبرد في الأطراف، بل في سائر الجسد..
من بعيد لمحت ذلك الظل، إنه لسارة، أحد القلائل الذين يعرفون حقيقتي، أو لنقل عملي _الذي من المفترض أن يكون سريا_
إلتقت أعيننا لوهلة فأشحت بوجهي سريعا عنها، لم أرد الحديث إليها، سيكون التظاهر بعدم رؤيتها أفضل.
لكن! وكما تتدخل كلمة "لكن" في مثل هذه المواقف، إقتربت إلي، لقد كانت تقود فوجا من الأطفال الصغار، ربما أيتام؟، تركت الفوج عند أحد من مرافقيها بينما تدنو بخطواتها إلي في حين لم أفارق عينيها، وكأنها تتربص بي، ليس وكأنني سأوَلِّي على أي حال، دعها تقترب، تقترب..
تم تعديل هذا الفصل
من الآن فصاعدا، من يجد اسم أسماء يستبدله بتوليب لأنني غيرت اسم البطلة وكلما أغيره في الفصول، يعود كما هو، وقد سئمت ورفعت الراية البيضاء.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top