المشهد العاشر

بدأت الرؤية تتضح، وأنا استيقظتُ في غرفة غريبة. رفعتُ رأسي بعنق خَدِر ونظرتُ حولي. الحراس يقفونَ قبالة كل مدخل. أجلس في كرسيٍ وأذرعي مربوطة لأذرعه. الرئيس يجلسُ أمامي بابتسامة مريعة يشاهد استيقاظي.

"أنت فتًى مميز للغاية، بيون" قال. صوته الهامس أرسل قشعريرة على طول عمودي الفقري. الهلع والغضب والتشتت ضُخوا في دمي.

"أين هو تشانيول؟" قلتُ بعداء.

"أنا هنا للحديث عنك لا عنه" أجاب بحدة. فتحتُ فمي لأعترض حين رفع سبابته نحو شفتيه إشارة لي أنه من الآمن لي الصمت. ببطء أطعتُ أطبق فمي ليومئ برضًى ثم يواصل.

"أعلمُ أنك لحظت مؤخرًا بضعة تغيُّراتٍ في نفسك، صحيح؟" حدق بي منتظرًا إجابة. بينما أنا أحدق فقط، بدون قول أي كلمة "بيكهيون، أرجوك، إن لم تُرد لنفسك أو لصديقك اللعين الأذى يتوجبُ عليك أن تتعاون معي هنا" زمجر بصوته الأجش. وأنا أومأت بتردد.

ابتلعتُ قبل أن أنطق "كـ.. كيف عرفتَ ذلك؟"

"أوه أعرف الكثير أكثر مما تعتقد"

"ما الذي تعنيه؟" سألتُ حين عدد من المشاعد بنت نفسها عاليًا وأسئلة كثيرة ملأت ذهني.

"لا تقلق؛ أنا هنا لأشرح كل شيء. فقط عدني أن يبقى هذا بيني وبينك، وأي طرف ثالث فقد يتعرض للأذى. أنا فقط.." صوته تلاشى وتردد قبل أن يواصل، كأنه يحاول تخمين ما عليه قوله "حقًا أحتاج لمساعدتك"

أومأتُ مجددًا عاجزًا عن الإتيان برد الفعل التالي، شجعتُ نفسي لئلا أحارب ضد قيود الكرسي ثم اللعنة أجيبه. وعوضًا عن ذلك جلست بهدوء، أجاهد لتجاهل كمية الضغط التي تكاد تفجر جسدي.

الرئيس جايشين نظف حنجرته "ليست بالحقيقة الخفية أن والدي كان الرئيس قبلي. لذا، كنتيجة، أنا كنتُ قد انغمستُ في سياسة هذا البلد بشكل كامل حتى هذه اللحظة. الشيء الخفي _على كلٍ_ هو أن هذه الحرب كان مخططًا لها من قبل ولكونها ستستمر لمدة. على الدعم من التقدم التقني لهذا القرن المنصرم، المعرفة بالإشعاع حول العالم لا زالت شحيحة. لذا الهدف الحديث لكثيرٍ من الدول كان التجارب الإشعاعية، أملًا في جمع المزيد من المعلومات والمعارف لتوفير أمانٍ أقوى لأجل أجيال المستقبل.

الضغط تعاظم على دولتنا خلال العقد الماضي، وواجبي كرئيس هو أن أحصد مالم يتمكن والدي منه: كسب القوة والإعتراف من بقية العالم. وما هي الطريقة الأفضل من جمع المعلومات الصعبة التي لم يتمكن هذا العالم منها؟" بقيتُ هادئًا مشوشًا ومصدومًا.

"السؤال الذي يجب علي أن أواجهه هو: كيف عساي أحضى بتلك المعلومات؟ كيف لنا أن نطبق تلك التجارب التي لن تزودنا فقط بالمعلومات، بل ستكسبنا القوة التي أنا بيأسٍ أبحثُ عنها؟ الإجابة التي اهتديتُ لها كانت: بدءَ حربٍ الكترونية مع كوريا الشمالية، البلد الأكثر تحفضًا ضدنا، وأملنا أن يقود هذا لحربٍ فعلية. ولحسن الحظ نجحنا، ففي حين قاموا بضربنا بقنبلة نووية هم وفروا البيئة اللازمة لدراسة الإشعاع. في ذاك الوقت كانت الأمور بسيطة، كان علينا تطبيق ما تعلمناه. لذا ما الذي فعلناه؟ عندما أتى الجميع إلى المقر قمنا بجمع الحموض النووية للجميع، القليل من المعلومات الأساسية وقمنا بحقنِ كلٍ منكم. للبعض كانت الحقنات مواد جسمانية غير مؤثرة، والبعض زرعنا فيهم الجينات التي تقوم بتطوير مناعة ضد الإشعاع. على أي حال، لا شيء سار على حسب الخطة بعد ذلك. لكن بالرغم من ذاك، أجل هم اكتسبوا المناعة، لكنهم كذلك أصبحوا كليًّا أمساخًا. أنت الوحيد الذي تفاعل بشكل إيجابي، بيك، لذا أنا ألتمس منك أن تساعدنا بهذه الهبة التي تمتلكها" الرئيسُ أخيرًا أنهى حديثه. وابتسابة مخيفة زحفت على وجهه الذي كان مرةً مألوفًا. وأنا سكنتُ بصدمة أحاول تجميع المعلومات التي أُعطيتُ لتوي. وحالما اكتملت الصورة في رأسي تحولت الصدمة إلى ثوران.

"أنت تقول أنك خططتَ لكل هذا؟ كل هذا كان مجرد تجربة لعينة؟"

"فعلًا! يالك من صبي ذكي!" أجاب يتبعها بقهقهة أثارت طبلة أذني.

"آلافُ الناس الذين ماتوا. عوائلهم والأرواحُ البريئة! كلها في سبيل تجربة لعينة؟"

"كل هذا كان لمساعدتك!" أجاب.

"تبًا لك، يا عديم الأصل. تساعدني، في مؤخرتي. الناس عانوا. البلد بأكمله واللعنة عانى!" بصقت.

"استمع إليَّ إيها النكرة الصغير. أنت لا تفهم في أي وضعٍ كنا! نحنُ نبحثُ عن القوة ويجب أن نكوم صارمين لنحوزها"

"لكن ماذا عن الناس؟ ألا يهمك أمرهم؟"

"اللعنة على الناس! آلأمرُ دائمًا حول الناس اللعينة، هاه؟ دائمًا يدعون أنهم يعون كل شيء. يظنون أنهم أذكياء كفاية لمعرفة ما الأفضل لهم. ياللهراء! الناس ليسوا دائمًا على حق. لطالما حافظت الحكومة على كل شيء لشعبها وحمتهم سواء أدركوا ذلك أم لا. لا شيء تغير بسبب ذلك" هاجمني برده، بوجه أحمر وملامح على وشك الانفجار.

"حمتهم؟ تعتقد أنها هكذا حمتهم؟ الصبي عند الحافلات، الرجل عند الكافتيريا، أولك الألوف الذين ماتوا في موقع الانفجار، والمزيد الذين ماتوا عقب ذلك. كانوا محميين؟ الأمر لم يعد يتعلق بالحماية بعد الآن. كل هؤلاء البشر، هيونغ _الصديق اللعين الخاص بك_ مات بسببك!" كافحتُ لئلا أذرف الدموع لصورة هيونغ الميت المشوه التي ومضت في عقلي. وأخذتُ نفسًا عميقًا في محاولة تهدئة نفسي وواصلت.

"تشانيول، الشخصُ الوحيد الذي تبقى لي في حياتي يموت في الوقت الراهن بسببك! بسبب تجربة لعينة؟ اللعنة عليك! اللعنة على تجربتك! اللعنة على قوتك!" حتى مع الثوران في صوتي كانت الدموع تسيل وتحرق خديّ. مع فكٍ محكم، قبضتين مشدودتين، أنفاسٍ ثقيلة، ووهجٍ من الضغينة والاشمئزازِ، أنا حدقتُ بعينيّ الرئيس. بقي صامتًا وجسده استرخى، ملامح العضب واحمرار وجهه وجدواطريقهم بعيدًا، كأنه لم يكن ينفجر منذ ثانية مضت. مسح جبينه وتنهد.

"اسمعني يا فتى. هذا الحوار ما كان يجدر به أخذ هكذا منحى. أرغبُ في اصلاح هذا. أرغبُ في إيقافِ هذا. أريد أن ينتهي كل شيء تمامًا قدرما ترغبُ أنت، لكن لا يمكنني فعل هذا وحدي. أحتاج مساعدتك، بيون بيكهيون. أستطيع فعلها معك.أتوسل إليك، أرجوك ساعدني" توسل بنبرة عطوفٍ لم أسمعها منذ دخلنا أنا وتشانيول المقر الرئيسي.

أبقيت نظري الشكس على عينيه وسألتُ أحافظ على جدية صوتي "كيف سأثق بك؟"

"وهل حقًا لديك خيار؟ إما أن تعرض عن مساعدتي وترى صديقك يموت مع كل هؤلاء المتعلقين بالنجاة أو تقف لصفي وسنحاول الحصول على الحل. خيارك؟" رمى بابتسامة ودودٍ باتجاهي، سببت شعوري بالغثيان. لا زالت الدموع تهطل، والدوار أصابني حين حاولت التفكير مليًّا.

"إذًا أخبرني، هل ستساعدني؟" سأل مجددًا بعينين متضرعتين يحاول جعلهما تقريبًا شيئًا يمكن الوثوق به.

أبدًا.

من بين أسناني المتلاحمة بصقت إجابتي الأخيرة "حسنًا"

لا يمكنني الوثوق بك.

"سأساعدك"

أنت واللعنة ستندم على هذا.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top