المشهد الخامس
بغيرِ راحة استلقيتُ في سريري، لستُ مستقرًا. كالعادة تشانيول غفى بجانبي، تنفساته طويلة واضحة تحتَ القناع. حدقتُ في الساعة المجاورة تعلنُ أن الساعة الآن الثانية وستٌ وثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل. أطلقتُ إحباطي في تنهيدة، الكثيرُ حصل؛ أفكاري تبقيني يقظة لوقتٍ متأخر.
الأمر سيمر على نفس النسق، أيامٌ مملة من اتباع الجداول والبقاء بخير. على الرغم من كل الجهودِ لخفض مستوى الإشعاع، هي تبدو عديمة الجدوى. عشرة أشخاصٍ آخرون تم أخذهم عن طريق الفريق الطبي، يسعلون يستلقون بلا حولٍ وتغطيهم تلك الحروق الكريهة. ذكر الرئيس أن عددنا ينقص ثلاثة بالمائة كل يوم. ولا شيء يمكنه إيقاف ذلك.
أصبح تشانيول يعمل بكثرةٍ مؤخرًا، حتى بالعودة لحادثة انهيار الرجل في الكيفتيريا هو توجه لمساندة الفريق الطبي قدرما استطاع. الوقت الوحيد لي لأراه كان الصباح قبل ذهابه والليل عند عودته. أحيانًا سينضم إليَّ لتناول وجبة ما حين يتم إبعاده قليلًا، وهذا كان يصبح أندر مع مضي الأيام. سألقاه في نهاية اليوم على كل حال، مرهقًا لئلا يمضي حديثًا معي. أصبحتُ أفتقده.
كان هناك الكثيرُ من الاعتراضات والأقاويل تتعلق بالحرب وجميعها تهاجم الحكومة. بعض الناس يصرون أن الرئيس جايشين وحاشيته وراء كل هذا وأنهم ما غرقوا في الحربِ إلا لإثباتِ جبروتهم أمام الدول المعادية. يتهمونه بحق أرضهم وعائلاتهم. والبعض يظنون أن هذا كان ليتم منعه منذ البداية، وغاضبون لظنهم أن الحكومة لم تحاول ذلك حتى. دعاة السلام يقولون أنه ما كان مفترضًا حصول هذا وأحاديث عن المكان. وياللهزل لهم مؤيدون ومعارضون، أنا فقط بقيتُ خارج كل ذلك قدر استطاعتي.
في الأوقاتِ الضيقة التي يتمكن تشانيول فيها من لقائي كان يحاول إطلاعي على كل شيء ما استطاع، أخبرني أن الكثير يحصل دون علمِ العامة للحفاظ على هدوئهم ولمنع الشغب. أخبرني كذلك أن جميع من أُخِذوا بسبب التسمم الإشعاعي لم ينتهِ الأمر بنجاتهم. بمجرد الذهاب هناك، يتم حجزهم في بيئة مستقرة ليموتوا بدون ألمٍ في النهاية. عندما أصبح الصبيُّ الصغيرُ أولَ ضحية هم بذلوا قصارى جهدهم لإنقاذه حتى أدركوا أن الإشعاع قويٌّ وأن الشفاء ميؤوس منه. قال أن كل ما يسعهم فعله الآن هو التحكم في مستوى الإشعاع في الجو بينما يحفظون سكون الشعب قدر قدرتهم. بالنسبة للضحايا، وضعناهم خارج تفكيرنا قدر استطاعتنا، كل شيء الآن عن النجاة والحماية وحفظ السلام.
ليالِ السهاد المنصرمة أضحتْ أفكاري في حالة من اليقظة. على الرغم من ثقتي بالرئيس لم أستطع ألا أشعر بالقلق. أشعر بشكلٍ مضطربٍ كأن شيئًا ما أمامنا ليس كما يبدو عليه، بشيء سيتخذ منحًي سيئًا في أي لحظة. بدأتُ أحضى بكوابيس، لم تكن واضحة، فقط أصواتٌ غريبة تتعالى في رأسي وتستمر بالعلوِّ حتى أستيقظ عرِقًا مفزوعًا. تشانيول قال لي مرة أن هناك أشياءً هو لا يعلم عنها شيئًا، ولا يبدو أنهم يخططون لإطلاعه، وتذرعوا بأنه ليس متمرسًا بما فيه الكفاية وخبرته الطبية لا يسعها استيعابها. وتحت إجراء صارمٍ غرضه كبح أي فوضى قد تتسرب هم فقط يعطونه العلم في حدود احتياجه. فهمتُ أنا ذلك، وهو فعل، لكن الأفكار حول هذا الأمر تستمر بكونها غريبة حين أقلبها في رأسي.
أفلتُ من تشوش أفكاري والتفتُ لوجه صديقي النائم بعمق. مددت كفي أداعب خصلة من شعره كانت تحجب عينيه، أخذتُ تفسًا عميقًا ودفعتُ بتلك الخصلة بعيدًا عنها. أسمح لنفسي بالعجب من جمال وجهه الذي يتمنى قلبي ألا يقضي المزيد من الوقت بعيدًا عنه.
"أحبك يولي خاصتي" همست. شعرتُ بالحزن فجأة يعتريني، مؤخرًا كنت مشغولًا بالجداول والروتين والعمل حتى بات الشعور بأي شيء غرضًا ثانويًا "أنا واللعنة أفتقدك كثيرًا، أشتاقُ هيونغ أيضًا. أعلمُ أني لن أدعك تسمعني أعترف بهذا، لكن أنا خائفٌ يول!" حدقتُ به قليلًا قبل أدفع أي إحساسٍ جانبًا. انقلبتُ للجهة الأخرى مغلقًا عينيّ، أنتفضُ مبعدًا أي فكرة من رأسي، ولم يطل الأمر أكثر حين وقعتُ نائمًا أخيرًا.
~~~~
انتفظتُ يقظًا من نومي على صوتِ الضوضاء الآتية من الخارج، دقاتٌ وصراخٌ اخترق الباب جاعلًا إياي وتشانيول نحدق ببعضنا بتساؤل هَلِع.
"أرجوكم أدخلوني! إنه يحاول الإمساك بي! ساعدوني!" رجلٌ كان يستنجد وتشانيول هرع بسرعةٍ نحو الباب وفتحه سامحًا للرجل بالاندفاع للداخل "أغلق الباب! حالًا!" الرجل صرخ مجددًا. واضحٌ ذعره بسبب شيء ما هناك.
تشانيول بسرعة صفع الباب، لكن قبل أن يتمكن من قفله شيءٌ ما اندفع للداخل وتمكن من عض ذراعه. صيحة ألمٍ غادرت فم صديقي "تبًا! النجدة"
عيناي اتسعتا بخوفٍ أحدق بصديقي يكافح لئلا يُجر بعيدًا. أسرعتُ نحو جهاز الاستدعاء الذي قدمته لنا السيدة تشوي بينما الرجل أخذ بأحد الكراسي يحاول إبعاد الكائن الذي يهاجم صديقي.
"ابتعد عني!"
"اتركه! و! شأنه!" الرجل كان يفصل كلماته مع كل ضربة. وأنا بعجلٍ مسعورٍ ضغطتٌ الزر الأحمر في الجهاز وصرختُ للنجدة. وبعد ثانية طويلة مفجعة كنتُ قادرًا على سماعِ خطواتٍ ثقيلة وصراخٍ خارجًا.
"المخدر بسرعة!"
"لقد تمكن من فتى الدكتور مينسوك!"
"كونوا في غاية الحذر"
"جهزوا الأسلحة! صوبوا!"
"أطلقوا!"
طقطقة الأسلحة
سكون.
"هل أنت بخيرٍ سيدي؟" امرأة سألتْ. ركضتُ نحو الباب، قلبي يقفز ورأسي يدور. مجندون بأسلحةٍ على أكتافعم وقفوا هناك. واحدٌ ساعد تشانيول، الثاني ساعد الرجل، والأخير أبقي عينيه تراقبان المخلوق الذي هاجمنا.
"أنا بخير، لكنه نوعًا ما آذى ذراعي" تشانيول قال بأنفاسٍ ثقيلة. صرَّ أسنانه بينما ينكمش وجعًا من إعتصار كفه لجرحه. جرحٌ بيِّن كبير مفتوح استقر على ذراعه، والدماء تندفعُ خارجه ببذح. ذلك أشعرني بالغثيان.
"تشانيول.. اللعنة، يول" قلتُ بقلق. تزاحمت الأفكارُ في رأسي وأنا أحاول فهم ما الذي جرى توًا "لقد.. لقد حاول قتلك!" زخاتٌ عامرة من الهواء تلج وتخرج من رئتيَّ في محاولةٍ لالتقاط أنفاسي.
نظرتُ لما هاجمنا وياللفاجعة. جلدٌ أصلع سميكٌ ورديُّ اللون. عروقّ خضراء وزرقاء برزت من داخل جسده على نحوٍ مريع، دماء ثقيلة تتقاطر من أذنيه وعينيه وفمه، ارتعش بسبب صدمة مخدر الأعصاب، وعيناه المحتقنتان بالدم تحدقان مباشرة بعينيّ. نبض قلبي في أذنيَّ والرعشة سرت حتى أسفل نخاعي الشوكي. حواسي تعطلت عند ذلك المشهد البشع، أمسك نفسي لئلا أتقيأ.
"إلهي!" الرجل همسها بغير تصديق "إلهي! هذا.. هذا ولدي!" جرى نحو الكائن اللابشري وجثى قربه.
"ابق بعيدًا عنه" أمره الجندي، ثم تم قسره بعيدًا عن الكائن.
"هذا ولدي! أيقظني حين قال أنه لم يكن يشعر أنه بخير. حروقٌ بدأت تظهر على جسده.. كان يتألم. الإشعاعات طالته، لذا كنتُ أستعد لطلب المساعدة من أحدهم. استدرتُ وهو اقترب مني عندها هو فقط.. بدأ يهاجمني بشراسة، هو كان.. هو أصبح هذا!" أشار للمخلوق. والناس بدأوا يغادرون غرفهم ليعرفوا ما هذه الجلبه، شهقوا وأبدوا اشمئزازهم "صحتُ لأجل النجدة وفررتُ هاربًا وهو طاردني، فقط يزمجر ويصرخ باتجاهي" الرجل شهق باكيًا، والجندي ساعتها أدرك التجمهر الذي يكبر شيئًا فشيئًا، حينها منع الرجل من مواصلة حديثه.
"أبلغ الرئيس بذلك واستدعِ مزيدًا من الفريق الطبي. أنتم آتون معي"
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top