16: خسارة.
أرخيتُ برأسي على الحائط أمامي لما قرأته، لا أعلم هل أسعد لأنهم بخير أم أقلق لأجل التفكير، لم يتبقى سوى يوم عليه وربّما لن نجده بالوقت المناسب.
يجب أن أعود بسرعة كي نخرج من هنا ونجد المكان.
بدأتُ أركض لنهاية المبنى ولحسن حظي لم أجد أحد، قفزتُ مرة أخرى لكن انزلقت قدمي ليقع نصف جسدي عن الجسر، تمسكتُ بكل قوتي على الجسر وقلبي ينبض بعنف، لا يمكن أن أموت، لم أعش طيلة هذه الازمة ونجوت من متحولين كي أموت لأن قدمي انزلقت قليلًا.
بدأتُ برفع نفسي وبدأ الزجاج يمزق قدمي من الخارج، حبستُ دموعي وصراخي وأكملتُ الحراك، استلقيتُ على الأرض حين نجحت ونظرتُ لجرح قدمي الذي يبدأ من ركبتي ليصل حتى أعلى نقطة لفخذي.
وقفتُ وبصعوبة أكملت المشي حتى المصعد، خرجتُ من المصعد وكان تايلور خارجه. «ما الذي تفعله هنا؟» قلت لكنه لم يقل شيئًا وحملني لأتشبث بعنقه ويبدأ المشي حتى السّيارة، وضعني بالمقعد ثم ذهب للجهة الأخرى وبسرعة انطلقنا من المكان قبل أن يلحقنا أحدهم.
«هل أنتِ مجنونة! رأيتكِ من عندي وأنتِ تتدلين عن الجسر، الدماء كانت تقطر من قدمكِ ورأيتها بوضوح لأنكِ غبية، هل هذه قفزة يقوم بها إنسان عاقل ويفكر؟ ماذا لو سقطتِ! كنتُ سوف أقتلكِ لو سقطتِ» قال بغضب وهو ينظر لي. «لكن سأكون ميتة كيف سوف تقتلني؟» سألته لينظر لي بجانبية ويردف: «سوف أقتل نفسي كي ألقاكِ بعالم الأموات ثم أقتلكِ مرّة أخرى!».
«اوه، لا يمكنك العيش بدوني لدرجة أنكَ ستقتل نفسك فورًا بعد موتي، لطيف» قلتُ بسخرية ليضغط بيداه على الموقد لأعلم أنه غاضب كثيرًا، لم يقل شيئًا لهذا أخرجتُ عدة الإسعافات الأوليّة وبدأتُ بتعقيم جرحي، هو لم يكن عميقًا لهذا ليس بحاجة لتقطيب، لكنه لا يزال جرحًا ويخرج الكثير من الدماء، هو مثل جرح أصبعك بورقة لكن على طول فخذك وأكبر حتى.
«هل كان ما وجدتيه هناك يستحق هذا الجرح؟» سأل بغضب لأومئ، أخرجتُ الورقة من جيبي ليطبع عليها أصابعي المليئة بالدماء وأعطيها اياه.
«هل الحياة ضدنا أم ماذا!» صرخ بعدما أنهى قراءة الورقة. «رغم كل شيء فعلته كي أوصل بنا للمنطقة الآمنة لم يحدث هذا، كيف بإمكانهم تركنا والرحيل هكذا! ماذا عن من يختبأون بمنازلهم، هل يفكرون من الأساس!» صرخ بصوتٍ أعلى وبدأ يضرب مقود السيارة لأجفل، لم يسبق وأن رأيته غاضبًا هكذا وهذا أخافني قليلًا، غضبه وصوت صراخه مخيف.
استيقظ تايسل على صوت صراخه وبدأ يبكي، مسحتُ يداي الداميّة بملابسي ثم التفت وأخذته، حاولت تهدأته لكنه بقي يبكي، معك حق يا فتى حتى أنا أريد البكاء لكن خائفة أن يصيح بي.
أمسكته مثلما يحب يد خلف ظهره ويد خلف رأسه ليهدأ قليلًا لكنه لا يزال يأن، حاولت مسح دموعه وتلطخ مكانٌ من وجهه ببعض الدماء، تنهدت وحاولت مسحها بملابسه لتمتلأ هي بالدماء.
لم أستطع كبح دموعي لأبدأ بالبكاء معه أيضًا، ألم قدمي مع صراخ وغضب تايلور وفكرة أننا لسنا بأمان كثيرٌ عليّ ولا أستطيع التحمل أكثر من هذا.
توقف تايلور في مكان فارغ لينزل من السيارة ويغلق الباب بقوّة ويزداد بكائي وبكاء تايسل، قرّبته لي وبدأتُ بهزه كي يهدأ قليلًا، لا أعلم هل أواسيه أم أواسي نفسي.
فُتِحَ الباب من جهتي ليأخذ تايلور تايسل مني، بدأ يطعمه وهو يمشي به ليصمت، لم أنتبه أنه حضّر له الطعام، أعدتُ نظري لقدمي وأكملتُ تعقميها بينما أبكي بصمت.
حين انتهيت رفعتُ رأسي وكان تايلور يقفُ بجانبي، نظر كلانا لبعضنا بصمت ليتنهد هو، اقترب وأخذني داخل حضنه فجأة، وضع يد خلف رقبتي والأخرى على ظهري، مثلما أفعل مع تايسل.
«آسف لأنني صرختُ بكِ، أنا فقط كنتُ خائف، حين رأيتكِ على الجسر قلبي وقع ورأيتُ لحظاتنا معًا من بداية لقائنا حتى الآن. الحقيقة أنني لا أريد خسارتكِ، أنتِ السبب الذي أبقاني حيًا للآن وخسارتكِ يعني أنني خسرتُ حياتي أيضًا، لهذا لم أتحمل وغضبت، أعلم أنني أخطأت لهذا أعتذر».
قال لأضغط على حضنه وأعود للبكاء بصمت، بقينا هكذا بضعة دقائق حتى ابتعد، مسح دموعي وأبعد شعري عن وجهي، قبّل جبهتي ثم ابتعد أكثر، أغلق باب السيارة وعاد لمكانه ثم انطلقنا. «هيّا لنذهب للمكان الذي ذكره، يجب أن نصل هناك باكرًا» قال وأومأت له.
---
بعد نصف ساعة وصلنا المكان، كان منزلًا صغيرًا من الخارج، ترجلنا من السيارة ودخلنا المنزل، بدأنا نبحث به حتى وجدنا باب يقود إلى الأسفل، عدة درجات ثم باب حديديّ، بصعوبة فتحناه معًا ليقودنا إلى مكان كبير، به العديد من الطعام يكفي لسنين، أسرّة وأغطية عديدة، أيضًا ماء ومرحاض وكل شيء.
بدأنا بتحميل كل ما لدينا داخل المنزل. «سوف أذهب لأرى لو كان هناك مؤن جديدة أو حتى أشخاص يحتاجون لمساعدتنا، اعتني بتايسل، حسنٌ؟».
سأل وذهب لكنني أمسكته من معصمه: «عُدْ، وإلا سوف أخرج وأقتلك بنفسي» قلت وهو أومأ لي بخفة ثم ذهب مع بعض الأسلحة التي وجدناها هنا، آمل أن يعود حقًا لن اتحمّل البقاء هنا وحدي.
التفت ووضعتُ تايسل النائم على السرير وبدأتُ بترتيب الأغراض بالمكان وتنظيفه من الغبار، لم يكن كثيفًا.
خرجت للمنزل بالأعلى وحاولتُ إحضار الأشياء المهمة داخل القبو، لحسن الحظ كان هناك الكثير من الأسلحة لذا استغليت الوضع وجهزتهم.
حين استيقظ تايسل وضعته على مقعده ثم خرجتُ وجلست خارج المنزل وهو بجانبي ومع أسلحة انتظر تايلور الذي خرج منذ ساعتان، ربّما قد أرى أحدهم وكان بحاجة للمساعدة.
---
بقيتُ انتظر ثلاثة ساعات أخرى، استغلّيت الوقت واستحممتُ جيدًا، تايسل نائم في الوقت الحاليّ ولم أرى أحد أو حتى متحوّل بهذه المنطقة، تايلور لم يعد بعد ولا أريد أن اتصل به الآن، الساعة الآن الخامسة مساءً ولا يزال هناك وقت قبل التفجير، وأنا متأكدة أنه سيعود، من الأفضل أن يعود.
لفت انتباهي حركة في المنزل الذي أمامي، الستائر تحركت غرفة ما ثم ظل أحدهم ظهر وهو يتحرك بسرعة، هل هناك أحد؟ يجب أن أتفقد، نظرتُ لتايسل النائم ثم للمنزل، تنهدت ووضعتُه بالداخل ثم أغلقت الباب جيدًا وتحركت للجهة المقابلة.
كان المنزل مغلقًا، نظرت للأعلى، إذا استطعت تسلّقه من خلال الشجيرات المعلّقة سوف أصل للنافذة، بصعوبة تسلقتها بسبب قدمي، لم استخدمها كثيرًا واعتمدت على وزن قدمي الأخرى ويداي، لحسن الحظ أنني أحبُّ التسلّق وتدربتُ كثيرًا عليه.
وصلتُ النافذة ومن خلال الستائر المشكوفة قليلًا استطعتُ الرؤية وكانت الغرفة فارغة، كانت مفتوحة وأثار هذا فضولي، دخلتُ المنزل بصعوبة. «مرحبًا، هل من أحدٍ هنا؟» صرخت لكن ليس بصوتٍ عالٍ لكن لم يكن هناك إجابة، هل تخيّلت؟
«أنا هنا للمساعدة، غدًا سوف يتم تفجير المدينة بأكملها ولدي ملجأ كي نختبئ به» قلت وأنا أمشي خارج الغرفة، سمعت صوت باب يُفتح أمامي لأوجه سلاحي نحوه، خرج وجه طفل لكنه تراجع فورًا ووقع.
وضعتُ سلاحي جانبًا وتقدمتُ نحوه ليتراجع بينما ينظر لسلاحي بخوف وبدأ يبكي. «لا تقلق يا صغيري لن أؤذيك، أنا استخدمه فقط ضد الأشرار» قلت ليكف عن البكاء ويسمح دموعه.
«هل تأتي معي؟ المكان خطر هنا» سألته وأومأ، يبدو بعمر السادسة أو السابعة، وقف لأمسك يده ثم تحركنا لكنه شدّني إلى غرفة أخرى، نظرتُ له بغرابة ليشير لها، بلعتُ ريقي وفتحتُ باب الغرفة وكان هناك أحدٌ نائم على السرير، قفز الفتى عليه ليظهر صوت فتاة وهي تشتمه.
بقي الفتى يتحرك ويهزها لتستيقظ، حين رأتني وضعت الفتى خلف ظهرها وقامت بحركات قتالية لأتراجع، وقف الفتى أمامها وقام بفعل بعض الإشارات لها، لابد أنه يتحدث بلغة الإشارة، لا تبدو الفتاة أكبر من عمر الخمسة عشر.
«هل أنتِ هنا لمساعدتنا؟ هل ما يقوله أخي صحيح؟» سألت لأومئ فورًا، بدأت تبكي وهي تحتضن أخيها وتهمس له أنهم سيكونون بخير لأبتسم بخفة.
«منزلي في الجهة المقابلة، احضروا كل ما تريدون وتعالوا، سوف انتظركم بالخارج لأنه لدي طفل أيضًا كي أراه» قلت وخرجتُ من الباب الأماميّ.
تفقدتُ المكان ولم يكن هناك أحد، فتحتُ منزلنا وكان تايسل لا يزال نائمًا، جلستُ على العتبة الأمامية وبعد خمسة عشر دقيقة رأيتُ ظل عند باب منزلهم، ظهر وجه الفتاة لأقف وأومئ لها، بتردد خرجت وهي تحمل حقيبتان وتمسك بيد الفتى الذي أيضًا يحمل حقيبة وغطاءان.
وقفا بمكانهما ولم ينزلا عن عتبة المنزل، تقدمت لأرفع سلاحي وأشير حولهم ليشعرا بالأمان، وببطء وصلنا لمنزلنا ليدخلا وتغلق الفتاة الباب فورًا.
«هل صحيح أنه سيحدث تفجير؟» سألت الفتاة لأومئ لها بأسف لتنظر هي حول المكان. «أنا آيسل، وهذا تايسل، وأيضًا صديقي سيكون هناك بعد قليل لكنه خرج كي يحضر بعض الأغراض لنا» عرّفتُ عنا بابتسامة. «أنا تارا، وهذا أخي الصغير جوني، هو أبكم لهذا يتحدث معي بلغة الإشارة» قالت بابتسامة وهي تنظر له، أعرف حركة واحدة وهي مرحبًا لهذا قلتها له ليقف خلف ظهر أخته لتقول: «هو خجول بعض الشيء».
أخذتهم للقبو وأريتهم أين سيناموا، كان هناك أربعة أسرّة فقط، أخبرتني أنهما سيناما معًا لأن هذا يشعرهما بالأمان.
«لقد أحضرنا كل ما لدينا من طعام وماء، ربّما سنحتاجهما» قالت وهي تمد حقيبة لأبتسم لها. «هل أحضرتهم ملابس؟» سألت لتومئ وتشير للحقيبتان الباقيتان.
سمعتُ صوت بكاء تايسل لأخرج فورًا وأمسكه، هدأ بيدي وبدأتُ أحرّكه، تايلور تأخر كثيرًا.
---
لوهلة كنت حخلي الطفلان يسكروا الباب عليهم ويحبسوا آيسل وتايلور برا لكن تراجعت حتى لا أنجلد من ذاتي. 😭
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top