5
الفصل الخامس
القصر الوردي
-"جوانا انا ممتن لك كثيرا !" قال تانر وهو يحتضن نيكول الى جواره وهي تحمل حقيبتها وعينيها تملأهما الحزن.
-"ليس هناك مشكلة يا تانر!"....ردت جوانا
احتضن ابنته بقوة واغلق عينيه لفترة وجيزة واحست جوانا بالندم الذي يعتريه , فقد كان متأثرا لأنه لن يتمكن من حضور العرض المدرسي .
ابتسمت تانر لنيكول وقال :
-"كوني فتاة طيبة يا حبيبتي"
-"سأكون!"
-"عندما اعود , اريد ان اسمع كل تفاصيل الحفل "
حاولت نيكول ان ترسم ابتسامة على وجهها فقال تانر :
-"تعرفين اني سأكون هناك ...ان استطعت "
-"اعرف يا ابي .....لا تقلق , ثم انه سيكون هناك الكثير من العروض المدرسية بعد ذلك , كنت افكر انا وكريستن في ان ننطلق بأغنيتنا اذا ابلينا بلاء حسنا كما فعلت ديزي جيلبرت"
-"ديزي من؟"
سأل تانر ورفع رأسه وكأنه ينتظر الرد من جوانا .
-"مغنية بالطبع!"
كانت جوانا لديها شرائط كثيرة اعتادت سماعها وهي في مثل عمر كريستن ولكن الآن من الصعب ان تفرض عليها ما تسمعه , وكان من الواضح ان تانر لم يكن اكثر علما من جوانا .
-"ليست مجرد مغنية يا امي"
صححت كريستن معلومات جوانا واضافت :
-"كانت شيئا خاصا ...فلقد كانت تكبرني ونيكول بشئ بسيط واذا استطاعت ان تجعل من نفسها نجمة للروك فاننا نستطيع!"
على الرغم من ان جوانا تكره ان تهدم مثل هذا التفاؤل فقد كانت تعتقد ان الفتيات قد اغفلوا نقطة هامه اذا كانوا يبحثون على الثراء والشهرة فقالت:
-"ولكن لما لا تغنون!"
-"نعم ولكن نحن نحرك شفتينا بشكل جيد"
-"هيا بنا يا نيكول !"
امسكت كريستن بحقيبة صديقتها وقالت:
-"يجب ان نتدرب من الآن !"
اختفت الفتاتان بسرعة ليتركا جوانا وتانر وحدهما فقال تانر:
-:لديك رقم هاتف الفندق ومكان الإجتماع؟"
-"سأتصل بك في حالة وجود أي مشكلة ...لا تقلق يا تانر , انا متأكدة ان الأمور ستكون بخير " واشاح تانر بوجهه الذي علاه الحزن فأسرعت جوانا وقالت :
-"تانر ....لا تشعر بالذنب !"
اتسعت عيناه في دهشة وقال :
-"هل يظهر هذا بصورة واضحة ؟!"
-"انها تظهر بصورة واضحة جدا"
وقف تانر لحظة ثم مد يده وحك وجهه وهو يقول :
-"هناك اجتماعان علي ان احضرهما شخصيا , فلقد وعدني بيكي ان يتعامل مع الأمور الأخرى ...فأنت تعلمين انني عندما شاركت في هذه الشركة ارتبطت بهذه الرحلات ولم اكن اظن ان تركي لنيكول سيكون بمثل هذه القسوة ...فقد كرهت هذا ...على الأقل كانت تكره الى ان قضت الليلة هنا معك انت وكريستن "
-"انها فتاة من نوع خاص"
-"اشكرك"
لأن تانر يفتخر بها وقد بدا واضحا انه بذل الكثير ليكون اب مثالي وشعرت جوانا بتأنيب الضمير لما قد ظنت به من قبل فقالت:
-"تانر...انصت الي " تمتمت جوانا بشفتيها ثم شهقت شهقة عميقة وهي حائرة كيف تبدأ بالحديث.
-"بخصوص يوم السبت "
-"ماذا عنه؟"
-"اعتقد انه من الأفضل ...لو انه كان مقتصرا عليك انت والأولاد"
قال تانر وهو يهز رأسه :
-"لن يكون الأمر حسنا بدونك وتذكري جوانا ...انا مدين لك , حيث انك لا تقبلين ان ادفع لك لرعايتك لنيكول فأقل ما يكون ان تقبلي دعوتي على العشاء"
-"لكن !"
-"اذا كني قلقة أن الأمر سيبدو وكأنه ميعاد غرامي ...فلا تقلقي ...فنحن نفهم بعضنا البعض"
****
-"يبدو احساس جميل ....كيف يبدو يا حبيبتي؟!"
حقا يا أمي لا اعرف ..انه رجل ...ماذا تريدين ان اقول؟!"
-"حسنا , يبدو انه سيكون هو يا جوانا !"
-"امي من فضلك , كم مرة علي ان اقول لك ...لن اتزوج ثانية !"
مرت فترة من السكون وقالت امها :
-"سنرى ...سنرى يا حبيبتي !"
عند انتهاء المكالمة التفتت جوانا الى ابنتها التي قالت:
-"الن ترتدين ثوب يا امي ؟"
نظرت كريستن الى والدتها نظرة كادت تشكك جوانا في نفسها وخصوصا انها جلست لساعات لتقرر ماذا سترتدي ...فاذا اختارت ثوب بسيط وتقليدي مثل الذي تذهب به الى المكتب ستظهر بمظهر رسمي اكثر من اللازم والأثواب الأخرى لديها هي اثواب حفلات واعتبرتها قديمة .."
-"امي ....الليلة مهمة جدا"
-"سنذهب الى القصر الوردي وليس بيت سبوكين "
-"اعلم ..ولكن السيد لوند ظريف"
قالتها كريستن ونظرت الى باقة الزهور الوردية على طاولة غرفة المعيشة , فقد اوصى تانر بهذه الزهور لتصل الى نيكول وكريستن ليلة العرض.
-"لا يمكنك ارتداء أي شئ على العشاء مع الرجل الذي ارسل لي الزهور"
-"انا متأكدة ان هذا ما يتوقعه السيد لوند
قالت جوانا ذلك بصلابة وثقة مما كانت تشعر به
-"اتعتقدين ذلك؟" كانت تأمل في ذلك وابتسمت وتمنت ان يخيب ظن ابنتها , كان عليها ان توافق كريستن ..فتانر لطيف بل اكثر من لطيف ..., فمع كل لقاء ينمو تقدير جوانا له ..لقد اتصل يوم الجمعة ليشكرها على عنايتها بنيكول والتي عادت الى البيت يوم الخميس بعد عودة والدها الذي ظل ينتظر يوم السبت بفارغ الصبر ,انه حساس ورقيق و والد مدهش بالأضافة الى انه اكثر الرجال وسامة ولكن لسوء الحظ فقد كانت لا تبحث عن زوج لأنه سيكون اول المرشحين .
دوت كلمة زوج داخل عقل جوانا دويا مخيفا كالرصاص ...لقد كانت تلوم والدتها على ذلك وما ذكرته لها جوانا كان صحيحا ....فقد انهت جوانا علاقتها بالزواج ...انهت علاقتها بالحب لقد تعلمت من ديفي مدى الصعوبة على الرجل ان يظل مخلصا لم تكن لدى جوانا النية لتعيد تلك الدروس المؤلمة بجانب انه اذا قدر لرجل ان يشغل جزء من حياتها ثانية سيكون شخص في مستواها الأجتماعي والأقتصادي ...ليس كتانر لوند لكن هذا لا يعني انها كانت تعمى عن سحر الرجال فعلى العكس تماما فقد كانت تواعدهم بيد انها وجدت نفسها تفكر في تانر لوند كثيرا وكان هذا مدعاة لقلقها...كان هذا يقلقها كثيرا كانت ابتسامتها كفيلة بالأجابة فقالت :
-"حسنا , اذا كنت تريد ذلك سأكون مستعدة انا وكريستن في تمام الساعة السادسة"
-"حسنا , اتفقنا!"
كانت جوانا تضع اللمسات الأخيرة لوجهها قبل الذهاب للعرض عندما دق جرس الهاتف
-"سأجيب الهاتف يا امي" صاحت كريستن وهي تجري بسرعة وفي هذا الوقت كانت جوانا تجوب بعينيها انحاء الغرفة وهي تفكر في امر مكالمة الهاتف ...فقد كانت المكالمة من تانر ولكنها سمعت كريستن تقول:
-"مرحبا جدتي"
ابتسمت جوانا بلطف وسعادة لأن والدتها تذكرت العرض ...كان والداها يعيشان في كولفيل وهي بلدة تقع على بعد ستة اميال شمال سبوكين وكانت تعلم انهما سيحضران العرض لولا الظروف الجوية وظروف الطريق ..لاشك كانت تتحدث لتتمنى حظا طيبا لكريستن.
-"امي انها جدتي وهي تريد محادثتك!"
انته جوانا من وضع احمر الشفاه وانطلقت الى الهاتف
-"مرحبا امي ...كم هو جميل ان اسمع صوتك"
-"ماذا في امر موعد مساء السبت ؟"
-"من قال ذلك؟"
سألت جوانا وهي متجهمة ....فقد كانت امها تقول لها منذ سنوات انه يجب عليها ان تتزوج وشعرت جوانا انها في قمة غيضها من كريستن لمجرد ان تذكر اسم تانر فاخر شئ كانت تحتاجه هو ان يبدأ ابواها الضغط عليها في هذه العلاقة واضافت والدتها :
-"لماذا ...لقد ذكرت لي كريستن كل شئ ويا حبيبتي اذا لم تمانعي يبدو انه الرجل المناسب لك ..فكلاكما ترعيان الأطفال والأطفال اصدقاء....يبدو ذلك مثاليا "
-"امي ....من فضلك ...انا لا أعلم ما ذكرته لك كريستن ولكن دعيني اوضح لك الأمر ....كل ما هنالك ان تانر يريد ان يعبر عن شكره حيال رعايتي لنيكول في غيابه ...وعشاء مساء السبت ليس موعد غرامي"
-"هل سيصحبك للعشاء "
-"انا وكريستن وابنته"
-"ما اسمه ثانية؟"
-"تانر لوند!"
استاءت جوانا , و ودت لو تغير الموضوع فقالت:
-"الم يكن الجو رديئا هذا الأسبوع .!كم اتمنى ان يأتي الربيع لقد كنت افكر في زرع بعض الأعشاب عند السور الخلفي "
-"تانر لوند!..."رددت والدتها الأسم ....افضل شئ ان تدفن هذه العلاقة ...ستخرج معه المرة فقط وستكون هذه النهاية.
-"لقد وصلوا!"
صاحت كريستن التي كانت تنظر من وراء النافذةالكبيرة, فتحت جوانا الخزانة بكل هدوء واخرجت المعطفان ظهرت وكأنها ثابتة ولكن اناملها ارتجفت ...فقد كانت ترتعش كلما تذكرت انها ستقابل تانر فتضاءل احساسها بالثقةالذي نجحت ان تكونه في اليومين الماضيين .
تقدم تانر ونيكول الى الباب الأمامي فتحت كريستن ذراعيها وامسكت بهما نيكول واسرعا الأثنتان بالقفز.
-"استطيع ان اقول اننا بصدد امسية ترفيهيه"
تمتم تانر ...كان يبدو عظيما ...اعترفت جوانا كان يبدو وسيما للغاية ذلك النوع من الرجال الذي تحلم به أي امرأة ودت جوانا لو انها محصنة ضد السيد لوند الوسيم ولكن لسوء الحظ لم تكن , فمنذ مقابلتهما السابقة , حاولت ان تتفهم متى تغيرت مشاعرها تجاهه قالت في نفسها ...كانت ارساله للزهور بأن يوصي تانر بالزهور لكريستن ونيكول كانت لمسة رقيقة , فبعد انتهاءهما من الأغنية حيا الجمهور الملئ بالأباء المعجبين وقف ناظر المدرسة السيد هوليداي وهنأهما وقدم لهما باقتين من الزهور الوردية التي قد اوصى بها تانر لعدم وجوده.
-"هل انت مستعدة؟"
سأل تانر وهو يفتح الباب لجوانا فأجابت :
-"اعتقد ذلك "
رغم ان الوقت كان مازال مبكرا الا ان عند وصولهم وجدوا صفا كبيرا خارج القصر الوردي
-"يبدو اننا سنضطر للأنتظار طويلا"قالت جوانا
-"لقد كلفت السكرتيرة بالحجز, فقد علمت انه دائما ما يكون مزدحما مساء السبت"
كان القصر الوردي تماما كما تذكره جوانا , وما ان دخلا تانر وجوانا حتى جلسا وقدمت لهما قائمة المأكولات , لم تكن الفتاتان بحاجة الى القراءة , فقد قررتا كل شئ قبل وصولهما وكانت جوانا قد قررت ايضا عند وصول القائم بالأعمال في القصر .
-"هامبرجر بالجبن وطبق الموز."قالت جوانا وهي تنظر الى الفتاتان
-"نفس الشئ هنا "قال تانر
-"قدح من القهوه ...من فضلك "
-"وانا ايضا"
فتحت جوانا حقيبتها واخرجت قطعة صغيرة من القطن فقال تانر:
-"لأي شئ هذا ؟"
كان يريد ان يعرف...وامسكت جوانا بقطعة القطن وقطعتها الى اربع قطع كرات صغيرة وأعطت تانر اثنان متهم واشارت الى اذنيها وقالت :
-"اخر مرة كنت فيها هنا ...ظل رنين الأجراس في أذني لمدة طويلة إثر الضجة"
انحنى تانر الى المنضدة ثم قال :
-"ان الصوت يعلو...أليس كذلك؟" نظرت نيكول وكريستن الى تانر وجوانا ثم قالا سويا:
-"اذا كان عاليا فقد اصبحتما متقدمان في السن!"
رفعت جوانا يدها قائلة:
-"مذنبة في الإتهام الذي وجه الي!"
ابتسم تانر مع جوانا , وشعرت جوانا ان الأبتسامة قد أدت الى اشياء غريبة داخل جوفها فضغطت بيدها فوق جوفها لقمع ما تحس به, لم تكن تعرف ماذا حل بها ولكن ايا كان فهو احساس لا يعجبها ثم وصل العشاء وكان الطعام افضل مما تذكره جوانا.
في حين كان تانر وجوانا يتبادلان بعض الملاحضات من وقت الى اخر , تبادلت الفتاتان الحديث في سعادة بالغة خلال العشاء وعندما جاءت الخادمة لتناول اخر طبق خال , اقترح تانر مشاهدة فيلم .
فصاحت نيكول :
-"فكرة عظيمة!"
ساندتها كريستن بمنتهى الحماس
-"ما رأيك جوانا؟" سألها تانر وما ان بدأت في الأعتذار قائلة ان الليلة مليئة بالعشاء حتى نظرت لتجد امامها وجهان ينظرا اليها في امل ...فلم تستطع ان تكمل ما بدأته وان تفسد عليهما فأجابت :
-"بالطبع!"
-"مذبحة تين ....يعرض الآن في سينما مال" صاحت نيكول ونظرت الى ابيها قائلة:
-"دوني روزنبيرج قد شاهده وادعى انه قد اصابه الرعب منه"
وضحكت كريستن وابدت موافقتها
ولكن بلا تردد هز تانر رأسه قائلا :
-"لا يا نيكول "
-"ابي ....لقد شاهده الجميع والسبب الوحيد في انهم يقتصرون على الكبار هو ظهور الدماء والمعارك وقد رأيت الكثير من ذلك"
-"اغلق باب المناقشة"
اجاب تانر قائلا بدون ان يرفع من صوته وقد بدت السلطة واضحة في كلماته والتي تكفي باقناع جوانا انها ستفسر دائما اذا ما حاولت معارضة تانر لوند ولكن الحقيقة انها كانت لا تتردد في ان تعارضه اذا ما شعرت بخطأه ولكنها توافقه تماما في هذه الحالة .
اقفهر وجه نيكول حتى ظنت جوانا انها ستعيد المحاولة ولكنها لم يصيبها الدهشة عندما استسلمت نيكول بدون جدال.
اختيار نوع الفيلم الذي سيشاهدونه, كان يتطلب مشاورات وكان لدى الفتاتان فكرة عن ما هو مقبول لدى تانر وجوانا , فما كان تانر وجوانا ان يسمحا لهما بالمشاهدة فيلم مقصور على الكبار حتى وان كان بسبب الدماء والمعارك.
اخيرا توصلوا الى حل وسط لمشاهدة فيلم كوميدي ووافقت الفتاتان وبعد نصف ساعة تقريبا كانوا جميعا داخل المسرح وسأل تانر :
-"هل يحب احد تناول الفيشار؟"
-"انا " اجابت كريستن اما نيكول فصاحت قائلة :"وانا ايضا, ولكن هل لنا في بعض الكوكاكولا والشيكولاته؟"
التفت تانر الى جوانا وسألها :
-"ماذا عنك؟"
-"لا شئ"
فلم تكن تدري اين ستضع الفتاتان هذا الطعام ولكنه كانت تعلم اين سيرقد الطعام "في اردافها" ففي كثير من الأحيان كانت تعتقد ان الطعام لا يمر بجوفها ولكن يتخذ طريقه مباشرة الى الأرداف
-"هل انت متأكدة"
-"بالطبع"
لحظات وعاد تانر بالفيشار اخذته الفتاتان حتى اتجهها الى القاعة فنادت عليهما جوانا :
-"انتظرا" سارت الفتاتان بدون توقف ثم وقفا وفي عينيها نظرة رعب وقالت كريستن :
-"لن تجلسي معنا ....اليس كذلك يا امي؟"
-"ولم لا؟"
كان هذا نبأ جديد لجوانا , بالطبع لقد مضى وقت طويل منذ ان اصطحبت كريستن الى فيلم ولكن كريستن كانت دائما تجلس بجوارها في الماضي.
-"من الممكن ان يرانا احد" قالت ابنتها في توضيح
-"الا يجلس احد مع والديه الان!؟" سألت جوانا في دهشة.
-"الجلوس معنا الان محرج اجتماعيا"
-"هل نذهب الان يا امي ؟"ثم توسلت اليها كريستن ...."لا احب ان تفوتني "
وقفت جوانا مبهورة فقد كانت تستمتع بالذهاب لمشاهدة الأفلام من حين لآخر ودائما ما كانت كريستن تصطحب كريستن بل وبعض اصدقائها ...حتى الليلة , فلم يعترض احد على ان تجلس بجانبه ولكن الآن تذكرت جوانا ,لم تكن كريستن تكترث بالذهاب لمشاهدة الأفلام في الشهرين الماضيين..
-"اعتقد هذا ما يحدث عندما يصلون الى الصف السادس!"
قال تانر وهو يمسك الباب لجوانا التي وقفت لحظة لترى اين تجلسا الفتاتين فقد كانت كريستن ونيكول تجلسان على بعد ثلاث صفوف من المسرح.
-"آه هذه متعة الأبوة " قال تانر معلقا وبعد ان جلسوا في مواقعهم "غير متعة الأمومة"
اندهشت جوانا لما حدث , فقد ظنت ان هناك صلة وثيقة بينها وبين ابنتها .... فكريستن لم تذكر أي شئ عن انها لاتريد الجلوس معها , كانت تعم ان الأمر يبدو عاديا....ولكنها لم تستطع ان توقف قلقها بأن هناك شئ ما يهدد الأساس الصلب الذي طالما عملت على بنائه....التفتت الى تانر وهي تحاول ان تبتسم ولكن قد بدا عليها القلق , فقال تانر :
-"ما خطبك؟!"
خانها صوتها فركت يديها ثم قالت :
-"لاشئ"
-"أهي كريستن؟"
وهزت رأسها وهي تقول :
-"لأنها رفضت ان تجلس بجوارنا"
إسترسل شعرها فوق كتفيها وهي تهز رأسها ثانية , فقال تانر :
-"لمجرد ان رغبت الفتاتان الجلوس بمفردهما ....هل هذا يضايقك ؟"
-"لا..نعم..لا أعلم بماذا أشعر , انها تكبر يا تانر واعترف ان هذا قد صدمني"
-"لقد حدث لي ذلك الأسبوع الماضي حين رأيت نيكول ترتدي نوع من البنطلونات لم اعلم انهم يصنعون للفتيات في مثل سنها"
-"يصنعون ..صدق او لا تصدق , كريستن ايضا فعلت نفس الشئ"
هز رأسه وكأنه لا يستطيع تفهم الأمر وقال :
-"ولكنها لا تزال في الحادية عشر"
-"هل حاولت كريستن ان تلصق الأظافر الصناعية ؟"
رفعت جوانا يدها لتغطي فمها ثم قالت :
-"تلك الأشياء اللاصقة انتشرت في كل مكان لأسابيع"
التف تانر في مقعده وسأل جوانا قائلا:
-"وماذا عن الماكياج؟"
-"لقد امسكت بها وهي تحاول ان تخرج من البيت خلسة في الصباح الشهر الماضي وقد وضعت ظلال العين فاقع اللون لم أر في حياتي ...تانر أقسم انها اذا وقفت على الشاطئ سيتسنى لها ان تهدي المراكب الى الميناء ....من فرط قوة اللون"
ابتسم تانر ثم بدا وكأنه قد شعر بالراحة فقال:
-"اذن انت تسمحين لها بوضع الماكياج؟"
-"امنع ذلك كلما استطيع حتى الآن, على الأقل يجب ان تنتظرا حتى تصل الى الصف السابع...ذلك حين سمحت لي امي ان اضع الماكياج ,لا اعتقد انه غير معقول ان تنتظر كريستن حتى ذلك الوقت"
بدت على تانر علامات الراحة وهو يقول :
-"انا سعيد لسماع ذلك...فقد داومت نيكول على ان تضع الماكياج في خلال الستة الأشهر الماضية ولم اعلم من اسألأ في ذلك الأمر , فهو ليس امرا مريحا ان اناقش تلك المسائل مع سكرتيرتي"
-"لم .....اقصد ان اتدخل"
-"لا عليك .... فلم افترق انا وكارمن ونحن على علاقة طيبة , فالآن لديها حياة جديدة ويبدو انها لاتريد أي شئ يربطها بالماضي ....ليس معنى ذلك انني القي اللوم عليها , فلقد تسبب كلا منا بتعاسة الآخر , بصراحة ...ياجوانا ان شعوري تجاه الزواج ثانية مثل شعورك تماما ...فكفاي زواج فاشل واحد"
إنطفأت الأنوار في القاعة وعلا صوت الموسيقى , فرد تانر ظهره في المقعد وارتخت جوانا ايضا وكانت سعيدة لأن الفيلم كان كوميديا, كانت مشاعرها جياشة في تلك الليلة فقد كانت تشعر انها ستنفجر في البكاء بمجرد أي شئ محزن , لقد كانت تفكر كثيرا حتى انها غفلت ما كان يضحك عليه تانر والآخرين وبدون تفكير امتدت يد جوانا لتأخذ بعض الفيشار في يد تانر وامسك تانر بالكيس بينهما وعندما امتدت يد جوانا لطلب المزيد لمست يد تانر فتمتمت جوانا وهي تخرج يدها :
-"آسفه"
-"لا عليك"
امسك بالكيس ناحيتها وامتدت يدها ثانية ولكن هذه المرة امسكت يدها يد تانر وما ان امتدت يده لتمسك يدها ..فقدت جوانا قدرتها على متابعة ما يحدث على الشاشة , تماسك الأيدي بدا وكأنه شعور يرئ فلم يقصد أي شئ , هذا ما ذكرته جوانا لنفسها , لقد كانت مشوشة ومشاعرها غير واضحة ولم تكن تعرف لماذا؟"
كانت معجبة بتانر , واعترفت جوانا مجددا , كانت معجبة به جدا ....وكانت تحب نيكول . لأول مرة منذ طلاقها ترتبط بأول رجل وكان هذا كفيل بتخوفها , لقد اصابها ذلك بالرعب فكان هذا الرجل ينتمي لعالم مختلف , بجانب انها لم تكن مستعدة طيلة ست سنوات ,كانت ينبغي ان تعطيها وقت كاف لتلتئم جراحها ولكنها كانت خائفة من نزع الضمادات .
وعندما انتهى العرض, أوصلهم تانر الى المنزل , وكانت الفتاتان قد ارهقتا ولكنهما استمرا في تبادل الحديث في المقعد الخلفي اما المقعد الأمامي فقد كانت له قصة مختلفة لم يكن لدى تانر او جوانا الكثير ليتحدثا عنه.
-"هل تأتي لتناول قدح من القهوة ؟" سألت جوانا
-"هل لنا ذلك يا ابي؟من فضلك؟ ..."رجته نيكول واسترسلت قائلة: -"فأنا وكريستن نود ان نشاهد برامج مساء السبت معا؟"
-"هل انت متأكدة؟" سأل تانر جوانا ....ولم تستطع الأجابة فلم تكن متأكدة من أي شئ حينئذ ضغطت على نفسها لتقول:
-"بالطبع , فلن يستغرق الأمر اكثر من دقيقة او اثنان لتحضير القهوة!"
-"حسنا"
اطلقت الفتاتان صيحات الفرح وتعجبت جوانا عما اذا كانا سيسأمان من صحبة احدهما الأخرى وعلى الرغم من انه لم يظهر عليهن أي علامات ولكن على حسب ما علمت انهن لم يختلفا قط.
اختفت نيكول وكريستن ما ان وصلا الى البيت وفي غضون ثوان , علا صوت التلفاز بينما تبع تانر جوانا الى المطبخ ووقف منحنيا الى الطاولة في حين كانت جوانا تقوم بتحضير القهوة , كانت قلقة وحركاتها غريبة فلأول مرة تكون بمفردها مع رجل ولكنه كان شيئا سخيفا وخاصة وان الفتاتان تحومان حولهما ....قالت جوان :
-"لقد استمتعن كثيرا....الليلة"
-"وأنا كذلك!"
بادلته الأبتسامة لكن سرعان ما أمسكت عيني تانر بعينيها وبدا الأمر وكأنها تراه لأول مرة , والتفتت لناحيته وكأنما تدرك لأول مرة كم هو طويل القامة ووسيم كم كان شعره كثيفا وداكنا وناعم, وبجهد كبير ابعدت نظره عن عينيه الزرقاوتين ورجعت الى تحضير القهوة , ولكن اناملها لم تساعدها.
-"جوانا!"
كان تانر يقف خلفها مباشرة وتبعتها فترة كبيرة من السكون قبل ان تستدير لتواجهه.
وامتدت يدا تانر لتمسك كتفيها وأكمل قائلا:
-"لقد مضى وقت طويل منذ ان جلست لأشاهد عرضا وامسكت بيد فتاة"
ظرت بعينيها بعيدا وهي تقول:
-"وانا كذلك"
-"شعرت وكأنني طفل من جديد"
-"أود ان اقبلك يا جوانا"
لم تكن تحتاج لأي تحليل لتعرف ان تقبيل تانر كان شيئا من الأفضل ان تتجنبه , وكادت ان تخبره بذلك لولا ان امتدت يداه لتمسك جسدها وجذبها ولكن يد جوانا امتدت لتحاول ان تبعده ولكن ما ان لمست يداها صدره المشعر حتى فقدتا هدفهما ففي اللحظة التي لمست فيها شفتا تانر الدافئة شفتيها حتى شعرت بإثارة لم يكن لها مثيل وارتفعت يداها لتمسك بقميصه وكأنما تشعر نفسها بالأحساس الذي طالما فقدته , فقد مر عليها وقت طويل منذ ان قبلها رجل بهذه الطريقة. اشعلت القبلة في داخلها شئ ظنت انه قد مات وقد كانت مندهشة من رجوع ذلك اليها وعندما أسقط تانر ذراعيه وتركها شعرت جوانا بوهن شديد وانها لاتقوى على الوقوف . امتدت يدها لتتحسس صدرها والذي احست في داخله بنفس عميق وقالت :
-"لا أظن انها فكرة جيدة"
إلتصقا حاجبا تانر وقال :
-"اعتقد ذلك ايضا ولكنه بدا الشئ الصحيح ....لا أعلم ماذا يحدث بيننا ....جوانا ....وذلك يشعرني بالقلق "
-"انت ؟ لقد كنت انا التي اوضحت من البداية ,انني لا اسعى الى علاقة غرامية"
-"اعلم وانا اوافقك ولكن.."
-"انا اكثر سعادة لأن كريستن ونيكول قد اصبحا اصدقاء اكثر ولكنني احب حياتي كما هي ....اشكرك"
علا وجه تانر الغضب وقال"
-"اشعر بنفس الشعور , لقد كانت مجرد قبلة وليس اقتراحا ان نعيش معا"
-"كم تمنيت لو لم تفعل ذلك يا تانر"
-"اعتذر ....ارجوك ثقي بي ...لن يتكرر ذلك"
-"من الأفضل ان تنسى الأمر برمته"
-"اوافقك تماما"
-"حسنا"
خرجا من المطبخ ولكن ليس قبل ان تجد جوانا نفسها تتعجب وتتساءل عما اذا كان من الممكن ان تنسى ما حدث...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top