4~أَسْرَعْ مِنْ الْمُتَوَقَّعْ
قراءة ممتعة💚
﴿لَا يُغَيِّرُ مَصِيرَ الْإِنْسَانْ إِلَّا إِمْرَأَةْ﴾
- جمال الغيطاني.
●•●•●•●•●•●•●•●•●
حملت ڤانيسا حقيبتها، ولوّحت للبقية ما إن صدح صوت بوق سيارة جونغكوك، فخرجت له بطلتها الساحرة.
كالأميرة في فستانها الرمادي الأنيق، والذي عانق جسدها الممشوق بإحترافية.
كان يتكأ على سيارته، وقد رسم إبتسامةً أظهرت وسامته لمظهرها الجذاب.
قبّل ظهر يدها كتحية، وناولها باقة أزهارٍ الحمراء، فتبسّمت وأمالت رأسها بشكر.
وفي حين أخذت تتنشق عبقها الفوّاح، فتح لها باب السيارة مثبتاً لها نبله وحسن أخلاقه.
- تفضلي.
- شكراً لك.
أغلق الباب من خلفها، ثم صعد بدوره.
- هل أنتِ مستعدة؟
تسائل، فإبتسمت وأومأت، وقد كانت إشارةً منها لينطلق.
وأثناء ذلك كانت هناك سبعة أزواج من الأعين تراقب ما حدث من نافذة المنزل.
- آه...يالها من محظوظة!
ندبت سومي حظها العاثر بملامح باكية، فشخر بومقيو بسخرية.
- من أي ناحية؟!
- زوجها وسيم وذو جسدٍ رجولي، كما أنه ثري ونبيل...إنه فارس أحلام كل الفتيات دون منازع!
إجابتها قد تبدو منطقية للإناث أمثالها، ولكن بما أنّ بومقيو يحب مخالفة المنطق، فقد رسم الفراغ على محياه وأضاف ساخراً:
- النساء بلا عقل حقاً!..أنتن لا تفكرن سوى في المظهر! ماذا إن كان سيء الأخلاق؟!
- كلا هو ليس كذلك! ألم ترى ما فعل قبل قليل؟!
إعترضته للمرة الثانية، إلا أنه مصرٌّ على تحدِّيها.
- ولما لا تدل أفعاله على أنه لعوب مثلاً! ألا يبدو هذا منطقياً أكثر؟!
رمقته بسخط وإلتزمت الصمت، فالنقاش معه عقيم!
- أتمنى أن لا يكون كذلك، ڤاني لا تستحق رجلاً بهذه الخصال!
كان هذا رأي سوبين، فنطق تايهيون من بعده مصححاً تخمينه:
- علاقتهما كزوجين مزيفة، لذا لا تقلق عليها، فحتى إن كان زيرَ نساء لن تسمح له بالتلاعب بها...لا تنسى أنك تتحدث عن ڤانيسا!
- آمُلُ هذا.
صدح صوت يونجون بعد هنيهات يناديهم لتناول العشاء، فما كان منهم سوى إغلاق الحوار على الفور والذهاب قبل أن يستمعوا لمحاضرة جين المملة عن آداب الطعام.
_____________________
Vanessa pov:~
كنا قد وصلنا منذُ مدة، ولن أنكر توتري في بادئ الأمر.
ولكن فيما بعد...تلاشى ذاك الشعور المزعج وبِتُّ أتناغم مع أفرادِ أسرته رويداً رويداً.
هم لطفاء وطيِّبون، وأنا فتاةٌ إجتماعية، فلم يكن من الصعبِ أن ننسجم سريعاً.
وبالحديث عنهم...
أودّ وصف نظرتي الأولى عن كلِّ فردٍ منهم، فمثلاً والده قد يبدو رجلاً خمسيني بشخصيةٍ قيادية، ولكنه في ذات الوقت حسن الطباع ومرن مع أسرته.
والدته طيبة القلب وحنونةٌ جداً على أبنائها، كما أنها متواضعة للغاية ومرحة...لوهلةٍ ذكرتني بالسيدة جورجينا، إنها إمرأة ثرية تقيمُ بذاتِ حيِّنا في بوسيتانو وتتمتع بذات خصال السيدة جيون...آه كم أشتاقُ لكِ يا إيطاليا.
أما شقيقاه...هيجين لطيفة جداً، وقد بدى جلياً أنها طالبة ثانوية، إلا أنّ إعاقتها قد كانت سبباً لأشفق عليها.
ففتاةٌ في مقتبل العمر مثلها حُرِمت من ربيعِ شبابها وظلت حبيسةَ كرسيِّها المتحرك بفضلِ شللٍ نصفي.
وأخيراً أونوو شقيقه الأوسط...هو يشبه جونغكوك الى حدٍّ ما فيما يخص الشكل، إلا أنّ له هالةً أكثر هدوءً من شقيقه وهذا ما يمنحه جاذبيةً خاصة.
يبدو طالباً جامعياً، وما زادَ من توثيقِ ظنوني هو إمتداحهم لإجتهاده وذكائه الحاد في تخصصه الدراسي.
تُرى هل سيُصبح صديقاً للأورجي بعد إلتحاقهم بذات الجامعة بما أنهم من طرفي؟
ولكن يُستحسن أن لا يَحْتكّ بهم كثيراً، فسرّهم لا يجِب أن يُكشفَ لأيٍّ كان.
دراستهم في الجامعة بمثابة قفزة نوعية في حياتهم، وأتمنى أن تكونَ للأفضل.
كنتُ أُبحِرُ في عُمقِ أفكاري، لدرجة أني شرذتُ قليلاً!
فكانت هيجين من أعادني الى أرض الواقع.
- ڤانيسا، فيما شرذتي؟! كنتُ أحادِثُكِ!
إبتسمتُ بخفة وإعتذرت.
- آسفة عزيزتي.
إبتسمت لي بدورها، وكم بدت بريئة بملامحها الناعمة الطفولية...أفراد هذه العائلة حسنوا المظهر دون إستثناء.
وعلى حين غرّة، تسائل السيد جيون، أم عليّ القول عمي جيون من الآن فصاعداً:
- أينَ جيمين؟ لقد تأخر!
مَن جيمين؟!
- هل ذكر أحدكم إسمي؟
أدرتُ رأسي نحو صوت الشاب الذي دخل تواً، إذاً هذا هو جيمين!
يا إلهي...إبتسامته، شعره المرفوع وجبينه الجذاب، عيناه المبتسمة، وأخيراً هيئته الملفتة والأنيقة...إنه وسيم.
قهقه أفراد العائلة لهذا الجيمين وإستقبلوه بأحضانٍ دافئة، من يكون بالنسبةِ لهم يا ترى؟!
- كيفَ حالك يا عبقري.
صافح أونوو بطريقةٍ غريبة...الشبان دائما ما يتصافحونَ بهذا الشكل، كما وأنّ الآخر قد إبتسم بشكلٍ وسيم رغم هدوئه دلالةً على غبطته بقدومِ هذا الزائر.
ومن ثم سار نحو هيجين التي تكتفت وعبست بطفولية، فقهقه بملئ أشداقه، ثم سألها:
- ما بالُ الجميلة؟ لِما أنتِ عابسة؟!
- لأنك وعدتني بسماع مقطوعتي الجديدة ولم تفعل كجونغكوك!
لم يكفّ عن الإبتسام، بيد أنه قد بعثر شعرها وأضاف:
- كنتُ مشغولاً، وبما أني هنا الآن...ما رأيكِ أن تعزفيها لنسمعها سوياً؟
هزت رأسها مراراً بسعادة، وقالت:
- حسناً.
إستدار بعد ذلك متقدماً نحوي، وكردٍ فعل طبيعي مني أن إستقمتُ لأصافحه بأدب...يجبُ أن يكون إنطباعُ الجميعِ جيداً عني.
- مرحباً بكِ...أنا جيون جيمين إبنُ عمِّ زوجكِ المستقبلي.
آه إذاً هو إبن عمهم.
إبتسمت بخفة، وأجبته:
- وأنا ڤانيسا جيوڤاني...تشرفتُ بمعرفتك.
- وأنا أيضاً.
لم أُخطئ التعبير حينما قلت أنّ أفراد هذه العائلة وسيمون للغاية!
وما إن عدتُ للجلوس حتى لمحتُ أونوو وهو يدفع كرسي شقيقته نحو بيانو أسود جميل يتوسط منزلهم الفاخر...يبدو أنها قصدت البيانو قبل قليل بحديثها.
وقبل أن تبدأ، نظرتْ لجونغكوك الذي إبتسم لها ورفع إبهامه ليشجعها، فإرتسمت البهجة على محياها، ثم باشرتْ العزف.
كان عزفها جميلاً، ومريحاً بحق...إنها بارعة.
وكم كانت نظراتُ جونغكوك فخورة نحوها، يبدو أنه من أكبر الداعمين لموهبتها...كم هذا لطيف.
صفقوا لها بحرارة ما إن توقفتْ، وأمطروها بعبارات المدح، فإبتسمت بخجل.
علاقتهم جميلة كعائلة، إنهم مترابطون للغاية، ويبدو أنّ إبن عمهم جيمين بمثابة شقيقٍ رابعٍ لهم.
لم أشعر بنفسي حينما إبتسمتُ بينما أراقب أونوو وهو يحمل شقيقته في حضنه ويدورُ بها، لأتمتم لنفسي بخفوت:
- هذا لطيف.
- أجل، أونوو متعلِّقٌ بهيجين كثيراً ويخافُ عليها من ظلها...قد لا تصدقين هذا ولكنه كذلك بالفعل.
كان هذا ما نطق به جونغكوك الجالس بجواري، والذي على ما يبدو أنه قد سمع حديثي، فأدرتُ وجهي نحوه وعدتُ للإبتسام.
- هذا يبدو واضحاً...علاقتهما وطيدة للغاية.
همهم يراقب شقيقيْهِ وإبن عمه الذين يعزفونَ بعشوائية على البيانو ويقهقهون، إلا أني وما إن حطت عيناي على جيمين حتى عدت لمحادثته:
- جيمين أيضاً يبدو مقرباً منكم بِغَضِّ النظر عن صلة القرابة التي تربطكم به.
- أجل، إنه كشقيقنا تماماً...ونظراً لعيش عمي وزوجتهِ بالخارج، فهو دائمُ التواجد معنا رغم إمتلاكه لمنزله الخاص، يقول أنه يشعر بدفئ العائلة الذي يفتقده بقربنا.
هذا مُحزن...أنا أدرك هذا الشعور جيداً رغم أني لم أُتمّ الأسبوع بعد وانا في كوريا، إلا أني أفتقد أمي وجدتي كثيراً.
جيمين يبدو شخصاً ودوداً وحسن الخصال، فهو لم يكف عن خلق المتعة منذ وصوله.
وبعد برهة، أتت الخادمة لتخبرنا بأن العشاء جاهز.
وما كدتُ أقف حتى سارع جونغكوك بمحاوطة كتفي، إستنكرتُ فعلته في البداية، إلا أني تذكرتُ أمر التمثيلية وشاطرته أفعاله.
دفع الكرسي من أجلي، فإبتسمتُ بشكر لنبله وجلست.
ترأس عمي جيون الطاولة، ومن جهته اليمنى جلس جيمين فهيجين فأونوو، أما من يسراه فجلست خالتي جيون ثم أنا ثم جونغكوك.
وقد برقت عيناي عشقاً ما إن لمحتُ حساء السلمون...آه إنه نقطة ضعفي، بل بالأحرى لا أقاوم جميع المأكولات البحرية.
أخذتُ المنديل ووضعته على فخذاي مدّعيةً الرقي، رغم أني أتناول الطعام رفقة جين والأورجي كالبقرة!
على كلِّ حال، إنتظرتُ حتى بدأ الجميعُ بالأكل، ثم شرعتُ بتناول الحساء، وكم كان مذاقه شهيّاً.
حتى أني تناسيتُ الجميع من حولي وبتُّ أتلذذ بمذاقه الساحر...إنها إحدى العادات المشهورة في بلدنا إيطاليا، حيث يحب الجميع التلذذ بمذاق الطعام والإستمتاع بتناوله، ولكن قُوطع جمالُ هذه اللحظات ما إن نطقت هيجين بحماس:
- حسناً إذاً...أخبرانا كيف تعرفتما على بعضكما، فلمِن الغريبِ أن تحدث أمورٌ كهذه وأنتما من جنسيتينْ مختلفتين!
إرتبكتُ وإبتلع القطُّ لساني...لم نتفق أنا وجونغكوك على كذبة بشأنِ هذا الأمر!
وبغتة...شعرتُ به يحاوط كفي، فرفعتُ عيناي نحوه لأجده يناظرني ببسمةٍ عاشقة قد أتقن تمثيلها!
- كان لقاؤنا الأول في مدينة أمستردام بهولندا منذُ تسعةِ أشهر، حيث ذهبتُ هناك لقضاءِ عطلةٍ مريحة إن كنتم تذكرون، وبما أنها تُلقّب بمدينة الحب، فقد إلتقيتُ بڤانيسا عن محضِ صدفة ووقعتُ في غرامها من أولِ نظرة...كنا نقيمُ بذات الفندق وفي غرفٍ متجاورة أيضاً، وهذا ما منحني فرصة التقرب منها أكثر بعد أن ظللتُ أتأملها لستِّ ليالٍ من شرفة غرفتي دون كللٍ أو ملل، ومن ثم بتنا نتناول الوجبات معاً، وأحياناً أخرى نخرج للتنزه، أو نلتقي في دهليز الفندق ونجلسُ لساعاتٍ طويلة بينما نتسامر الأحاديث اللطيفة حتى يبزُغ الفجر، ثم بعدَ كرٍ وفر من التردد قررتُ أن أُصارحها بمشاعري، وقد إرتبطنا بالفعل، ورغم بُعد المسافات بيننا إلا أننا لم ننفصل، وبسبب طبيعة عملي فقد إنتقلتْ ڤانيسا للعيشِ في كوريا مؤخراً حتى تكونَ قريبةً مني.
سُحقاً إنه بارع!
أنا لم أذهب لأمسردام من قبل حتى!
لن أنكر أني كدت أفغر فاهي وأرسم الدهشة، لولا إبتسامته الوسيمة التي منحني إياها لأستفيق وأبتسم مدعية الخجل أمامهم...تيقنت الآن أنه رجل يصعب وصف شخصيته والتنبُؤ بأفعاله المفاجئة، وهذا لن يكونَ في صالحي أبداً!
كوّبت هيجين وجنتيها، وبهيامٍ نطقت:
- هذا شاعريْ!
فرفعتُ عيناي ببطئ نحوها وإبتسمت مرتبكة...أشعر بالذنب لكذبي على أُناسٍ لطفاء مثلهم.
اللعنة عليك جيون جونغكوك!
ولكن مهلاً لحظة، أنا قد وافقتُ على هذه الكذبة بالفعل وبرحابة صدر، إذاً لما أشتمه لوحده!..أنا أيضاً أستحقُّ الشتم!
اللعنة عليكِ يا إبنة جيوڤاني!
قد تبدو طريقة شتمي لنفسي غريبة، ولكن هذا تأثير إحتكاكي بيونجون طوال اليوم.
حسناً ڤانيسا، أنتِ تفعلين هذا من أجل تحقيق حلمك وكذلك لأجل الأورجي، لذا لا داعي للندم، فأنا لن أُؤذيهم على أي حال بما أني سأظهر بصورة الزوجة الحسنة لإبنهم حتى تنقضي مدة الإتفاق، ثم سأنفصل عنه وأكمل حياتي بطبيعية...أجل.
إلتزمتُ الصمت أستمع لأحاديثهم، وبدل أن أُجاريهم إكتفيتُ بتوزيع الإبتسامات الخفيفة.
لاحظتُ نظرات أونوو الغريبة نحوي!
هو لم يكف عن مراقبتي منذُ جلوسنا...ليته يتحدث معي بدل أن يرمقني بهذا الشكل الهادئ، هذا موتر للأعصاب.
وقد تعمدتُ النظر نحوه وإبتسمتُ بخفة علّه يخجل من التواصل البصري المباشر، إلا أنه لم يزح عيناه عني وعن شقيقه...ياله من غريبِ أطوار!
تجاهلته وقررتُ الإستماع لأحاديث جيمين المرحة عن طفولته هو وجونغكوك، وكم كان ذلك ممتعاً.
- جونغكوك، أتَذْكُر عندما فقدتَ سروال سباحتك في البحر ورآك بقية الأطفال عارياً؟
ضحك جيمين بصخب بينما يستحضر ذكرى هذا الموقف رفقة البقية.
إلهي الرحمة، سأنفجر ضحكاً!
- كفّ عن هذا يا رجل!
تذمر جونغكوك خجِلاً، فكدتُ أختنق بالطعام...يجب أن أتخلى عن تفاهتي الزائدة وأتوقف عن الضحك على أتفه الأسباب، ولكنني لا أستطيع!
- لا تخجل، لقد كنا بعمر الخامسة حينها، كما أنّ مظهرك كان جذاباً بحق!
لم يكف جيمين عن الضحك، وأنا قد أعلنتُ إستسلامي...لقد ضحكتُ في وجهه يا إلهي!
من الجيد أنّهم قد إحتسبوا فعلتي المفتقرة للخجل كمجرد رد فعل لطيف مني على حبيبي العابس نظراً لإبتساماتهم المتأملة نحونا.
تحمحتُ بعد ذلك وإلتزمتُ الصمت بعد أن ضغط جونغكوك على ذراعي من أسفل الطاولة...أعترفُ بكوني مستفزة وهو يشعر بالخجل من بعد حديث إبن عمه الذي لم يكف عن الضحك...تعجبني روح جيمين المرحة.
ومن بعد ذلك صار الصمت سيد المكان، كلٌّ منشغلٌ في طعامه، وانا وجونغكوك نقوم بتمثيلية مبتذلة!
تارةً يطعمني ويبتسم لي بحب، وتارةً أقترب من أذنه مدّعية الهمس بينما يكتفي هو بالقهقهة ليكتمل المشهد، حتى تحدث عمي جيون بنبره الأجش ومعالمه الباسمة:
- أرى أنكما على وِفاقٍ تام، ولا أظن أنّ إقامة حفل الزفاف بعد أسبوع ستزعجكما، أليس كذلك؟
إختنقت!
أجل إختنقت، وبتُّ أسعل وجونغكوك يربت على ظهري بإبتسامة صفراء...كلمة صدمة لن تصف مظهري المبعثر أمامهم!
هل يمازحني أم أنه جاد؟!
وبينما إنشغلت بإلتقاط أنفاسي وشرب الماء تحمحم جونغكوك جاذباً إنتباهي.
- لِما كلُّ هذا الإستعجال أبي؟
- بني، أظنك تعلم السبب الحقيقي وراء طلبي.
- ولكن...
- جونغكوك...لقد كنتَ حاضراً حينما أتى الطبيب بالأمس الى المنزل، وسمعتَ حديثه عن صحتي المتدهورة، لذا أريد رؤية أسرتك قبل أن يغافلني الموت!
- لا تتحدث بهذا الشكل أبي!
كانت هذه هيجين ذات الوجه العابس من حديث والدها المتشائم، وسرعان ما قهقه جيمين ملطّفاً الأجواء برفقة تربيتاته اللطيفة على ذراع عمه.
- عمي كفاك مبالغة! أنت بصحة جيدة...من يسمع حديثك يظنك تحتضر على فراش الموت!
كان لحديث جيمين الفضل في إبتسام الجميع، ولكن ما شد إنتباهي بعيداً عن صدمتي هو تحدث أونوو الهادئ أخيراً:
- دعهما يقررا ذلك بنفسيهما أبي...لربما لديهما ترتيباتٌ خاصة بشأن زفافهما ويودان القيام بها دون تسرع.
- لا بأس، سنقيمه في الموعد الذي تريده أبي...هل هذا مناسبٌ لكِ ڤانيسا؟
سألني جونغكوك بعد أن تنهد، فرمشت مراراً، ثم إبتسمت بإرتباك...إن رفضت فسأبدو لئيمة، وإن وافقت فلن يكون ذلك لصالحي أبداً من ناحية التوقيت!
أعني انا لم أكن أظن أن حفل الزفاف سيُقام بهذه السرعة!
أمي وجدتي لا تعلمانِ بالأمرِ حتى!
مالذي سأقوله؟!
هل أخبرهما أني سأتزوج بعد أسبوع من رجل كوري الجنسية دون أي مقدمات؟!
يالكِ من رائعة ڤانيسا!
ظللتُ أرمش كالحمقاء، ثم تداركتُ الموقف بفضل نظرات جونغكوك المرتابة من صمتي وأجبت:
- أ...أنا موافقة.
بالتفكير في الأمر، أظن أن الرفض لن ينفع، فنحن سنتزوج عاجلاً أم آجلاً، والتأجيل لن يكون لصالحي بما أني أريد الحصول على الجنسية في أقربِ وقتٍ ممكن.
- هذا رائع.
علا تصفيق هيجين المغتبطة وكذلك عمتي جيون وجيمين، بينما إكتفى عمي جيون وأونوو برسم إبتسامة هادئة...أظن أن أونوو قد ورث طباعه الهادئة من والده.
ولن أنسى جونغكوك الذي ربت على ذراعي محاولاً الإبتسام بلطف ليواسي صدمتي.
أما عني...فإكتفيتُ بمشاطرتهم سعادتهم بينما عقلي يبحث عن طريقة حوار مناسبة لأخبر بها كلاًّ من والدتي وجدتي وكذلك الأورجي وبقية الرفاق.
وسرعان ما تنهدتُ بخفة وعدت لتناول طعامي في صمت.
مباركٌ لكِ ڤانيسا على حياة المتاعب التي تنتظركِ رفقة هذه الكذبة الفظيعة!..مباركٌ لكِ.
End Vanessa pov.
________________________
ظلامٌ دامس لا يبدده سوى نور المصباح المكتبي الخافت في منزلٍ يعمه الهدوء.
حيثُ يجلس ذو البشرةِ الشاحبة ويعمل بتركيزٍ تام على أمرٍ ما...أمرٍ قد سرق جُلّ تركيزه وإهتمامه.
وما لبث حتى قُوطِعت خلوته برنين هاتفه، فنزع نظاراته الطبية وأجاب:
- مرحباً هوسوك...حقاً...حسناً أنا قادم.
إستقام من مجلسه داعكاً عنقه المتشنج من كثرة العمل، وسار ليفتح الباب من أجل صديقه الذي وما إن لمحه حتى إبتسم بإشراقه الدائم ورفع كيساً ورقياً كان يحمله بين يديه.
- جلبتُ بعض الدجاج المقلي والسوجو، هيا هيا من المؤكد أنك كنتَ تعمل طوال اليوم ولم تأكل شيئاً.
طأطأ يونغي رأسه وإبتسم بخفة...فلا أحد يفهمه كما يفعل هوسوك.
وعلى ذكرِ الآخر، كان قد دخل بالفعل ووضع الكيس على الطاولة، وأشعل الأنوار وسط تذمراته:
- لما تحب العتمة الى هذا الحد؟!
وما كاد يصمت حتى عاد لتوبيخ الآخر ما إن لمح مكتبه المبعثر دلالةً على عمله، وكذلك مطبخه المرتب دلالةً على عدم تناولهِ لأي شيء:
- كما توقعت، كنت تعمل كالعادة وتهمل وجبات طعامك...متى ستتخلى عن هذه العادة يونغي؟!
كشّر بطريقة بدت للصامت ظريفة الى حدٍّ ما، فإكتفى بالقهقهة على حديث صديقه الخالي من الأخطاء.
- أنت تعلم أنّ نجاح وكالتي الصاعدة هو أهم أولوياتي منذ أن أنشأتُها.
- ولكن هذا لا يعني أن تهملَ صحتك!
وهاقد خسر يونغي نزال الحديث أمام هوسوك ككلِّ مرة، وإكتفى برسم طيف إبتسامة، ثم شرع بإخراج الطعام من الكيس.
- لما أتيت؟! ظننتكَ ستقضي يوم عطلتك برفقة خطيبتك!
تسائل يونغي مزيحاً الصمت بينما يأكل.
- هل بات قدومي إليكَ مزعجاً أم ماذا؟!
أعلن هوسوك إستنفاره، وذلك برسمه تعابير منزعجة على محياه...إلا انه سيظلُّ ظريفاً في نظر يونغي مهما فعل.
وما كان من الآخر سوى الضحك بخفة والنفي سريعاً:
- كلا لم أقصد ذلك، كلُّ ما في الأمر أني متعجب من تفضيلك لي على خطيبتك في عطلة نهاية الأسبوع!
- لا تقلق، لقد قضيتُ اليومَ بطوله رفقتها، ولكن من واجبي الإعتناء بك أيضاً بما أنك تهمل صحتك وترهق نفسك، كما أنك لا تحب الخروج كثيراً، لذا قررت المجيء مع وجبة خفيفة لنستمتع.
إبتسم مُظهراً غمازتيه اللطيفتين قبل أن يسكب لنفسه ولرفيقه كأساً من الشراب.
وسرعان ما إستطرد متسائلاً فور تذكره لكومة الأوراق تلك على مكتب يونغي:
- هل كنت تكتبُ أغنية؟
- أجل...إنها من أجل ألبوم ايو.
- حقاً!
- أجل، أنا على وشك إنهائها، ولكن لا يزال أمامي إجراء بعض التعديلات على بقية الأغاني.
- آه...ولكن على حسب علمي أنّ ايو قد شاركت في كتابة إحدى أغانيها هذه المرة، هل هذا صحيح؟
تسائل هوسوك بوجنتاه الممتلئتان، فأجابه الآخر:
- أجل، كان من المفترض أن ننهي العمل عليها اليوم، ولكنها إعتذرت عن المجيء لأنها ستزور عائلتها.
- ماذا؟!..ولكنها أخبرتني بالأمس أنها ستقضي اليوم بطوله في منزل حبيبها!
أمال هوسوك شفتيه في حيرةٍ من أمره، بينما إكتفى يونغي برفع حاجبيه وكذلك رأسه ليقابل معالم الآخر المتعجبة.
- مالذي قلته؟
رمش هوسوك مراراً، ثم تدارك حجم المصيبة التي إقترفها فمه الثرثار، حيث أطبق شفتيه وجحظ عيناه لاعناً نفسه.
أما يونقي فقد أغلق جفناه وإستلّ نفساً عميقاً حتى يهدِّأ نفسه.
قد يبدو تصرفه مبالغاً، ولكنه منطقي بالنسبةِ له وذلك لسببان:
الأول لأنه يمقت الكذب والتهاون في العمل، وثانيا لأنه لا يستلطف فكرة خروجها مع ذاك الشاب مطلقاً، ولا سيما قضاؤها ليومٍ كامل في منزله ولوحدهما أيضاً...وقد تكون كلمة غيرة هي ملخص لكل شيء.
إرتعب هوسوك من صمت يونغي المخيف، فأخذ يبتسم بتوتر ويحاول إصلاح الوضع.
- ربما كانت ذاهبة الى منزل عائلتها بالفعل وأنا من سمعتها بشكلٍ خاطئ.
- لا يهم، فلتفعل ما يحلو لها.
إتّشح بالبرود وإلتزم الصمت من بعد هذه الجملة، ثم عاد لتناول طعامه كما لو أنّ شيئاً لم يكن، بينما إكتفى هوسوك بمنحه نظرةً متأسفة لحاله وفضّل عدم الخوض في الأمر أكثر من ذلك حتى لا يجرحه.
__________________________
[مدينة سيول، حي سوديمون...الساعة 9:30م]
داخل هذا الحي، وتحديداً في منزل المحامي الشاب كيم سيوكجين، والذي تحوّل الى ربة منزل في الآونة الأخير، الجميع منشغلٌ في شيءٍ ما.
هو يجفف الصحون والأكواب، بينما سوبين يروي بعض النباتات في شرفة المطبخ، تايهيون يقرأ كتاباً كالعادة، كاي يصنع مجسماً بأعواد الثقاب والغِراء، وأخيراً يونجون وبومقيو المنغمسان في لعب ألعاب الفيديو.
أما سومي، فهي لم تبرح غرفتها المشتركة مع ڤانيسا في الطابق العلوي منذ ساعةٍ تقريباً.
حيث أنها تتحدرج على سريرها كل عشر دقائق بوضعية مختلفة، بينما تتصفح الإنترنت وتمضغ العلكة مع شعرها المبعثر.
وما لبثتْ على هذا الحال حتى قفزت من فوق سريرها فجأة، وصرخت رفقة عيناها الجاحظتان!
سمِع جميع من في المنزل صرختها، فرموا ما بأيديهم سريعاً، وقد كان إحتمالًا وحداً لا ثاني له...ألا وهو أنها قد وجدت صرصوراً!
ودون تفكير خلع جين فردة من خفه المنزلي وصرخ بدوره:
- لاتفزعي صغيرتي، أنا قادم لأقتله!
ثم هرع راكضاً إليها كحال البقية...فجميعهم يدركون مدى مقتها للصراصير.
ورغم أنّ للأورجي قوى خارقة، إلا أنّ جين قد سبقهم في الوصول إليها بطريقةٍ ما!
- لا تقتلوه أرجوكم!
إنتحب سوبين متوسلاً لينقذ حياة هذا الكائن بينما يقف أمام الباب ويمنعهم من دخول الغرفة...إنه يفضّل الموت على أن يرى كائناً حيّاً يتأذى!
ولكن مِن دون جدوى، فيونجون قد أدخل رقبته المطاطية الى الغرفة وراح يبحث عنه.
- سومي أين هو؟
- إبتعد يا مُحِبَّ الطبيعة، أختي ستفقد وعيها إن لم أقتله!
صرخ جين متذمراً، بيد أنّ بومقيو قد حمل سوبين بالفعل حتى يفسح لهم المجال، ولكنهم صاروا جميعاً يطْفـونَ في الهواء بغتة، وذلك بفضل تايهيون الذي تنهد بيأس.
أبعدهم عن الباب، وقد دخل كاي بالفعل ليرى ما يجري، وكل هذا أسفل نظرات سومي المتعجبة.
- لِما كنتِ تصرخين؟!
صاحب سؤال كاي عقدة طفيفة لحاجبيه من مظهرها الفوضوي.
فرمشت سومي للحظات، ثم هتفت بحماس وقفزت عليه تحتضنه.
- لقد تم قبولنا في جامعة سيول الوطنية يا رفاق.
- حقاً!
بمعالمه الضاحكة صرخ تايهيون متفاجئاً، وتزامناً مع رد فعله المندهش أفلت أولئك الأربعة ليقعوا أرضاً مصدرين أنيناً متألماً.
- أبعدوه عني أرجوكم!
همس جين بعينان دامعتان طالباً النجدة بعد أن وقع عليه بومقيو ككتلة فولاذ.
إلا أنّ الآخر قد إستغرق وقتاً ليستوعب كلام سومي لشدة صدمته، ثم صرخ كالمجنون وكان على وشك النهوض لولا تزحلقه ووقوعه مجدداً فوق جين المسكين الذي كادت عيناه وأحشاؤه تخرج!
ولن ننسى يونجون وسوبين اللذان إنضما لعناق البقية اللطيف بينما يهتفون فرحين...قد يبدو رد فعلهم مبالغاً، ولكن قبولهم في الجامعة يُعد أكبر وأهم خطوة ليكوِّنوا أنفسهم هنا، وهاهم يجتازونها بنجاح.
وعلى بُعد خمسة خطوات تقريباً، حيث جين المُلقى على الأرض، رفع رأسه بصعوبة ونظر إليهم، ثم إبتسم بخفة.
- ستسعد ڤانيسا كثيرا بهذا الخبر الجميل، أما انا...فيجب أن أزور طبيب العظام في الغد.
________________________
بينما الجميع في الداخل، فضّلت ڤانيسا الوقوف في شرفة المنزل الكبيرة والمطلة على الحديقة الخلفية لإستنشاق بعض الهواء النقي.
كما أنها بإنتظار جونغكوك حتى يبدل ثيابه بعد أن وقع عليه صحن الحساء.
أعجبها منظر الحديقة الليلي، وكذلك نسمات الهواء العليلة، فكانت تبتسم بين الفينة والأخرى متمتعةً بجمال الطقس لهذا اليوم.
وبينما كانت تنعم بالهدوء والسكينة، شعرت بجسد أحدٍ يجاورها مكان وقوفها، ولم يكن سوى جيمين.
حدقت في جانب وجهه وخصلاته المُداعبة من طرف نسيم الليل المعطر بأزهار الحديقة، وسرعان ما تسائل مبتسماً قاطعاً الصمت:
- هل أعجبتكِ كوريا؟
إبتسمت بدورها لسؤاله، فلم يكن منها سوى الإجابة بشكلٍ صريح...كعادتها دوماً:
- أجل، بلدكم جميل وطبيعته خلابة، كما أنّ طعامكم التقليدي لذيذ...ولكني أشتاق الى بلدي الأم رغم انه لم يمضي على مجيئي سوى ثلاثة أيامٍ فقط.
- أقدّر هذا، فأنا أيضاً كنتُ لأقول ذات الكلام إن كنت مكانكِ.
- لا بأس، أنا فتاةٌ إجتماعية بطبيعتي وأتأقلم بسرعة مع مثل هذه التغيرات الجذرية، لذا سأعتادُ الأمر قريباً، كما أني سأفعل أي شيء من أجل حبنا انا وجونغكوك.
عقدتْ حاجبيها بعد أن سمعت قهقهته الصغيرة وإشاحته لوجهه، فحدقت به رافعةً حاجبها الأيسر وتسائلت بريبة:
- مالمضحك في الأمر؟!
إستمر جيمين في القهقهة، ثم نظر إليها بدوره وربت على كتفها.
- لا داعي لأنْ تمثلي أمامي أنا أيضاً، فأنا أعلم حقيقة زواجكما المدبر بالفعل.
كادت عيناها تخرجان من محجرهما لولا تداركها للأمر سريعاً وإستيعابها لما قال.
إعترتها الصدمة من رأسها حتى أخمص قدميها، لكنها قهقهت بعدم تصديق رغم ذلك.
- كيف حدث هذا...أعني ظننتك لا تعلم، كما أني بدوت كالغبية وأنا أدّعي الأمر أمامك، اوه يا إلهي هذا محرج!
تحولت قهقهتها المتفاجئة الى أخرى محرجة نهاية حديثها، لكنه إبتسم لها ونفى سريعاً.
- كلا، لم أركِ بهذا الشكل مطلقاً، ثم كيف لي أن لا أعلم وانا من إقترحتُ على جونغكوك هذه الفكرة؟
وسعت ڤانيسا مقلتيها بدهشة بصحبة بسمتها الجميلة.
- حقاً!
- أجل، لقد كان جونغكوك منزعجاً ذاك اليوم ومكتوف الأيدي لأنه لا يملك أي إمرأةٍ في حياته، كما أنه لم يشأ رفض طلب عمي المريض وتحقيق أمنيته بزواجه وتحمله لمسؤولية كل شيء...وبما أني صديقه وإبن عمه، ظللت أفكر معه الى أن إقترحتُ الفكرة، ووجدناكِ صدفةً بفضل تايهيونغ.
معالمها المندهشة إستحضرت رغبته في الضحك مجدداً، خصوصاً بعد أن تحدثت بلكنتها الكورية الركيكة:
- لو لم أكن طرفاً من هذا الزواج، لَمَا صدّقتُ أنّ ما حدث كان مجرد صدفة!
وسرعان ما عبست في وجه هذا الضاحك وعاتبته مقهقهة:
- لما لازلت تضحك؟!
- لأن طريقة نطقكِ مضحكة، آسفٌ على هذا ولكنها الحقيقة.
ضمّ شفتيه محاولاً كتم ضحكه، أما هي فقد أمالت شفتيها وهزّت رأسها موافقةً إياه الرأي:
- الجميع يقول هذا، لا مشكلة، سأحاول تحسين نطقي في أسرع وقت حتى لا يضحك عليّ الجميع مثلك.
- كلا الأمر ليس بهذا الشكل، لم أضحك بداعي السخرية، ولكنكِ بدوتِ ظريفة وأنتي تنطقين الكلمات كطفلٍ كوري في طور التعلم.
توردت وجنتاها بخفة...فهي قد إحتسبت حديثه إطراءً لطيفاً.
وقبل أن تنطق بأي حرفٍ آخر أتى جونغكوك.
- الطقس جميلٌ الليلة، أظن بأني سأقضي الليل بطوله في حديقة منزلي.
إبتسم بخفة بينما النسيم يداعب شعره الطويل بنعومة، ثم حشر كفّاه في جياب بنطاله القطني ووجه حديثه لزرقاء العينين:
- هيا بنا.
_________________________
بعد أن حصل تايهيونغ على حساب المحامية كيم جينا على تطبيق إنستقرام، وذلك بمساعدة جين الذي يكون إبن عمها، هاهو ذا مرتمي على سريره بينما يشاهد منشوراتها ونشاطها على مواقع التواصل الإجتماعي.
والسبب وراء بحثه المستميت عن حسابها هو رغبته الجامحة في معرفة المزيد من المعلومات عنها...ليس إعجاباً بها كإمرأة جميلة، وإنما لفضوله القاتل حول شخصيتها الغامضة كمحامية ترتاد ذات مجاله.
لن ينكر أنها جميلة وتجذب الرجال بسهولة مع هالتها القوية والهادئة، ولكنها أيضاً ليست من نوعه المفضل، فأمثاله يميلون للنساء الرقيقات والمفعمات بالأنوثة الناعمة.
ولوهلةٍ شعر بالخطر على إسمه كمحامٍ محترف بعد أن إطّلع على إنجازاتها ونجاحها الباهر...يمكننا القول أن الغيرة قد تمكنت منه بعد أن كان الأول في كل شيء، وهي من أتت لتنافسه على هذا اللقب.
- يا إلهي، ما هذه الإمرأة بحق البطاطس المهروسة!
رفع حاجباه مندهشاً بعد أن رأى ربحها لقضيةٍ معقدة ضد محامٍ معروف في كندا.
رمش مراراً، ثم مرر إبهامه على شفته السفلى مواصلاً بحثه عنها...لقد أثارت إهتمامه بالفعل بعد أن كان منافسه الوحيد هو كيم سوكجين أيام الدراسة.
- لقد شعرتُ بهذا الكم من الدهاء منذ أن إلتقيتها لأول مرة...سُحقاً، كم هي بارعة!
إستمر بإبداء دهشته كلما وجد شيئاً جديداً عنها، ولهذا السبب أضاف:
- لا يجب أن يتحاذق جونغكوك مع ڤانيسا بشأن العقد، وإلا فسأدفع كرامتي وكرامته كثمنٍ لهذه المهزلة!
وبالذهاب لهاذيْنِ الأخِيريْن، فهاهو جونغكوك يركن سيارته أمام حديقة منزل جين.
- إنتظري!
إستوقف ڤانيسا بعد أن كانت على صدد النزول، فتعجبت وسألته:
- ماذا هناك؟
ناظر المقود أمامه لهنيهات، ثم إستلّ نفساً عميقاً وحدق بها.
- آسفٌ لِما حدث اليوم، لم أكن أعلم أنّ والدي سيحدد موعد الزفاف الليلة وبهذه السرعة...أعتذرُ بالنيابةِ عنه.
لكنها إبتسمت ونفت سريعاً.
- كلا، لا تعتذر، فوالدك لا يعلم بشأن العقد وما الى ذلك، كما أنّ الزفاف كان ليحدثَ عاجلاً أم أجلاً، لذلك لن يشكل الأمر فارقاً كبيراً بالنسبةِ لي عدى عن ضيق الوقت...لا تقلق سأتدبر أمري.
- هل أنتِ متأكدة؟
- أجل.
وقبل أن تغادر فتح درج السيارة وأخرج منه قلماً وورقة ملاحظات.
ظلت تراقب ما يكتب في حيرةٍ من أمرها، ولم يكن يدوّن سوى رقميْ هاتف!
- هذا رقمي، والثاني رقم سكرتيري، إن إحتجتِ لأي شيء إتصلي بأحدنا.
- حسناً، شكراً لك.
- العفو...عمتِ مساءً.
- وأنت أيضاً.
غادرتْ السيارة، وقبل أن تغلق الباب أطلت له برأسها وإبتسمت بإتساع.
- بالمناسبة، أفراد عائلتك لطفاء للغاية...لقد أحببتهم.
وتلقائياً إبتسم بدوره لإطرائها اللطيف...يُسعده كون الجميع سيكون على وفاقٍ تام، وهذا يعني سير الأمور على ما يرام.
- هم أيضاً أحبوكِ.
إبتسمتْ مجدداً ولوّحتْ له، ثم غادرت.
أما هو، فقد ظل يراقب طيفها الى أن توارى عن ناظريه بدخولها الى المنزل.
وسرعان ما طأطأ رأسه لأسفل، وتمتم مخاطباً ذاته بنوعٍ من الأسف:
- يؤسفني أنهم قد أحبوكِ ونهاية هذا الزواج هو الفراق.
شرذ للحظات، ثم إنطلق عائداً الى منزله الواقع في ضواحي هذه المدينة، وبعيداً عن ضوضاء الإزدحام المزعجة.
__________________________
في صباح اليوم التالي...
حيث الجميع مجتمعون حول مائدة الإفطار في منزل جين، ويتبادلون أطراف الحديث، تسائلت ڤانيسا بحماس بينما تريح وجنتها على مشط يدها:
- إذاً...ما هو قراركم النهائي بشأن تخصصاتكم الجامعية؟
- أنا سأدرس التاريخ وتحديداً علم الآثار.
أجابها تايهيون أولاً، ليليه في الحديث سوبين الذي إبتسم مظهراً غمازتيه اللطيفتين:
- وأنا سأدرس علم الطبيعة.
- الفيزياء.
تحدث بومقيو أثناء تناوله لشطيرته، فهمهت ڤانيسا مبتسمة، ثم نظرت نحو يونجون المتحمس مثلها حاثةً إياه على الحديث.
- سأدرس الصحافة والإعلام.
- إنه يناسبك بشكلٍ كبير، فكافة الصحفيين والمراسلين يمتازون بالفضول والجنون المزعج الفريد من نوعه، وكذلك إلحاحهم المفرط على كل شيء.
كان هذا رأي جين، فرفع بومقيو إبهامه دلالةً على موافقته لكلامه...وهي المرة الأولى التي يتشاركان فيها ذات الرأي.
حدجتهما ڤانيسا بجانبية، ثم إبتسمت مربتةً على كتف يونجون المتحمس:
- مجال الإعلام يحتاج شخصاً جريئاً مثلك، لذا فهو سيناسبك كثيراً...وماذا عنكما؟
أشاحت بناظريها هذه المرة نحو كاي وسومي اللذان أجابا على التوالي:
- سأدخل قسم الفنون.
- وأنا سأدرس الطب...أمنيتي الأولى والوحيدة هي أن أصبح طبيبة أطفال ناجحة، سيكون هذا لطيفاً.
شابكت سومي أناملها وبنبرةٍ حالمة نطقت، وقبل أن تبدي ڤانيسا برأيها طُرق باب المنزل!
- سأفتح الباب بما أن موعد دوامي قد إقترب ويجب أن أغادر.
كان هذا جين الذي إستقام وحمل حقيبته الدبلوماسية وسترته بين يديه.
وما إن فتح الباب حتى ظهر له رجلٌ غريب ببذلةٍ رسمية، وذلك وسط تحديقات البقية من خلفه لمعرفة هوية الطارق.
- تفضل!
- هل هذا منزل الآنسة ڤانيسا جيوڤاني؟
تسائل ذاك الرجل، فإمتعض جين لنسب ملكية منزله دوماً الى ڤانيسا من قِبل كل الزوار.
- كلا، إنه منزلي!
- ومن تكون يا سيد؟
تسائل ذاك الرجل مجدداً بإحترام، إلا أنّ الآخر قد أفلت حقيبته وإتكئ على حافة الباب راسماً بسمته النرجسية المشهورة.
- أنا المحامي الوسيم كيم سوكجي...
وقبل أن ينجرف في ثرثرته الزائدة دفعته ڤانيسا بعيداً ووقفت مكانه، وذلك بعد أن سمعت إسمها في حوارهما.
- أنا هي ڤانيسا جيوڤاني يا سيد، هل من خدمة أقدمها لك؟
- السيدة جيون بإنتظاركِ في الخارج.
- المعذرة، من؟!
قطبت حاجباها بعدم فهم، فما كان منه سوى أن إبتعد قليلاً حتى تبيّنت لها تلك التي تلوح لها من نافذة السيارة الفاخرة.
- سيدة جيون؟!
فغرت ڤانيسا فاهها بدهشة من زيارة الأخرى الغير متوقعة، وكذلك سبب مجيئها الذي جعلها تحدق بالرجل يمناها، ثم بالبقيةِ خلفها، وأخيراً بتلك الأربعينية البشوشة من خلف النافذة!
روتينها الصباحي الذي من المفترض أنه منتظم منذ ثلاثة أيام، سيتم تخريبه بسبب هذا الزواج قبل أن يحدث حتى!
●•●•●•●•●•●•●•●•●
#يتبع...
- رأيكم بالبارت؟
- رأيكم بقرار السيد جيون على العشاء؟
- رأيكم بالأورجي المجانين ومواقفهم مع جين واخته؟
- توقعاتكم للقادم؟
- نسبة حماسكم؟
- أي سؤال؟
أتمنى تجاوبو ع كل الاسئلة لانو طريقة تفكيركم وتوقعاتكم لمنحنى الاحداث بيهمني كتير🤍
وحابة أوضح عدة أشياء عشان ما تخربطوا القدام وتظلوا تسألوني عنها:
- سومي أخت جين الصغرى وعمرها 19، وجين تقريبا سويته بعمر 25 مثل كوك وتايهيونغ وجيمين.
- جينا إبنة عم جين وسومي، وهي كمان محامية ودرست بالخارج ومتمرسة بمجالها كتير، وهي بعمر جين تقريبا، يعني 25.
- جين وتايهيونغ زملاء دراسة في السابق، بس جين إنتقل للعيش في إيطاليا من سنوات طويلة وظل هونيك لحد ما رجع هلا برفقة فانيسا والاورجي لكوريا، ولما كان بإيطاليا كان جار فانيسا بالسكن، لهيك هو صديق قديم.
- الأورجي ما رح أوضح شي عنهم هلا غير أنهم كانو طول الوقت مع فانيسا في إيطاليا وعايشين معاها ببيتها رفقة أمها وجدتها ويلي اثنيناتهم بيعرفو حقيقتهم عنجد.
- عائلة جيون عندها شركة خطوط جوية إسمها "آي سي" وهي نفسها يلي أجو على متنها جين وفانيسا والأورجي.
- جونغكوك وضحت أنه الإبن الأكبر بعيلته، ورح بيصير المدير التنفيذي لشركة عيلته بعد ما يتزوج ويتنازله ابوه عن المنصب، وكمان وضحت انه عايش لحاله من فترة طويلة بحي بعيد عن ضجة المدينة.
- هيجين شقيقة جونغكوك واونوو الصغيرة تعاني شلل نصفي، بس رح وضع القدام سبب إصابتها ومن إيمتا، وعمرها 18 سنة.
- جيمين واضح انه أحد أعضاء مجلس الإدارة بشركة العيلة، وعلاقته ببيت عمه كتير حلوة ومتينة.
- يونغي عنده وكالة ترفيهية صاعدة يعني مثل ما في الكيبوب، بس شركته لساتها صغيرة، وهو كمان منتج وملحن وكاتب وفنان بوكالته.
- هوسوك زميل سابق لفانيسا في أكاديمية الرقص يلي درسو فيها سوا بالولايات المتحدة، وهلا صارو زملاء عمل بوكالة يونغي.
- ايو فنانة بوكالة يونغي، وهي الورقة الرابحة للشركة، وكمان وضحت ان يونغي عنده مشاعر تجاهها بس هي مرتبطة بشاب تاني وبتواعده والإعلام بيعرف بهالشي.
- بالنسبة لقدرة فانيسا على التحدث باللغة الكورية رغم انها ايطالية وما إجت بعمرها لكوريا ولا مرة قبل هلا، فالفضل بيرجع لجين يلي ساعدها على تعلمها، وكمان هوسوك، وطبعا بمساعدة بعض الدروس لتقوية اللغة لانها بحاجة إلها كتير عشانها مخططة تستقر بكوريا لفترة طويلة حتى تحقق حلمها.
- حلمها تكون من اشهر مدربي الرقص، واشهر راقصي الباليه، وكمان بدها تحصد لقب البجعة البيضاء ويلمع إسمها بالعالم.
- قصتها وعلاقتها بالاورجي ما رح احكي عنها شي هلا عشان ما احرق الاحداث، لهيك القدام رح تفهموا اكتر.
وفي شي تاني كمان هو أنّ هاي الرواية بتحوي قصتين بقصة وحدة، يعني البطولة مشتركة بين فانيسا وكوك والأورجي، لهيك انا مركزة عليهم اكتر شي.
وهاد فستان فانيسا يلي لبسته لما رتحت لبيت عيلة جونغكوك:
والحين نروح للمقتطفات التشويقية...
عنوان البارت القادم: بدون سابق إنذار!
المقتطفات التشويقية:~
- أتمنى لكِ نزهةً جميلة رفقة حماتكِ اللطيفة ڤاني.
~
- الآن يمكنني التفاخر أمام صديقاتي والقول بأني أمتلكُ كِنَّةً حسناء بقوامٍ جميل...جسدكِ وطول قامتكِ هو المفضل لدى إبني بالفعل.
~
- أنرتي هذا المبنى يا إبنة عمي الوسيمة.
~
- يالكما من شقيان! أعتذر عن المقاطعة.
~
- المعذرة...هل لي أن أعرف من أين تحضر هذه اللاقطات؟
~
- كيفَ تجرؤ على التلاعب بحبيبتي؟!
البارت الجاي أحداثه مرة حلوة...كونوا بالانتظار🤍
I purple you 💜
See you next part...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top