17~غَيْرَةٌ لَا مُبَرِّرَ لَهَا!


قراءة ممتعة🖤

﴿الشَّكُّ بِدَايَةُ الْإِيمَانْ، وَالْغَيرَةُ بِدَايَةُ الْحُبْ﴾

- فرانسيس بيكون.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

Somi pov:~

إنقضى الأسبوع الماضي في رمشة عين...

وخلاله كنتُ متحمسة لرحلتنا الميدانية كثيراً، وهانحن ذا نستعد لها الآن.

طلاب قسمنا من الشعبة الأولى، وكذلك أساتذتنا، ونخبة الطلاب من الشعبات المتقدمة...جميعنا نقف في موقف حافلات الجامعة بإنتظار توزيعنا عليها.

وبما أنّ وجهتنا ستكون الى غابات غانغبوك غو، والطقس رطب بعض الشيء، إرتديتُ بنطالاً أسود ممزق وقميص بنفس اللون متجرد من الأكمام، وأخيراً قبعة سوداء هي الأخرى...هذا هو نمطي الجديد على أي حال.

الضجيج كان يعم المكان، والطلاب لازالوا يتوافدون الى موقف الحافلات حد هذه اللحظة!

أعتقد أنّ الإزدحام كبير بعض الشيء.

ولم يمضي الكثير من الوقت حتى باشر رئيس قسمنا بتقسيمنا على الحافلات بعد أن تم حمل أمتعتنا.

ولحسن الحظ أني ورفيقاتي وُضعنا في ذات الحافلة، ولكنهنّ سبقنني بالجلوس على المقاعد الخلفية المفضلة لدى الجميع، ولم يتبقى لي مكان بجوارهن، لذا رحتُ أبحث عن مقعدٍ شاغر لأجلس.

لكنني سرعان ما وسعتُ حدقتاي ما إن لمحتُ جسد مينقيو يدخل الحافلة، وعلى شفتاه تلك الإبتسامة اللعينة بينما يحدق بي!

بحق الجحيم مالذي يفعله هنا؟! إنه ليس من قسمنا حتى!

ظهر عليَّا الإرتباك جلياً، خصوصا وانه يتقدم نحوي وهذا واضحٌ للغاية، ولكني وعلى حين غرة شعرتُ بجسدي يُدفع بخفة نحو إحدى الكراسي الجانبية، وإذا بأونوو يجلس بجواري!

من أين خرج لي هذا الآخر؟!

ولكني تنفستُ الصعداء لتخلصي من مينقيو، الذي ومن الواضح أنه كان ينوي مجاورتي في الجلوس.

- لقد إمتلأت هذه الحافلة بالفعل، إذهب وإصعد على متن إحدى الحافلات الأخرى.
كان هذا رئيس قسمنا الأستاذ بارك، وقد وجّه حديثه لمينقيو الذي بدا منزعجاً بعض الشيء.

ولكن يا جماعة إني بحاجة لتفسير عن سبب تواجده رفقتنا!

ولم أكد أواصل التخمين أكثر حتى أدار أونوو وجهه نحوي وإبتسم لي بخفة.
- ألن تشكريني؟!
بدا وديعاً للغاية مع إبتسامته الهادئة تلك، حتى إني شرذتُ بها للحظات قبل أن أبتسم بدوري وأشكره:
- آه أعتذر، كنتُ مرتبكة ونسيتُ ذلك...شكرا لك.

- العفو.

وبالطبع جميع الطلاب راحوا يحدقون بنا كالعادة، ولكني لستُ أهتم، فسبق وفسرتُ لهم هيئة علاقتنا، لكنهم يستمرون في إختلاق التراهات.

وبعد إنطلاق الحافلات بمدة، قررتُ أن أستفسره عن عدة أسئلة، لكنه كان يضع سماعات الرأس ويغمض عيناه بهدوء.

من المؤكد أنه لن ينام بهذه السرعة، لذا ما من ضير بإزعاجه علّني أشبع فضولي!

وبالفعل نزعتُ له سماعاته، ففرق جفناه لفعلتي، وحدق بي متعجباً.

وقد تحمحمتُ قليلاً قبل أن أتحدث أخيراً:
- أخبرني أونوو...لِمَ مينقيو ذاهبٌ معنا؟! فبحسب توقعاتي هو لا يدرس الطب!

- بلى هو كذلك.

مهلاً لحظة! كيف حدث هذا؟!

- و...ولكن، هو ليس من طلاب شعبتي، ولا أظنه من طلاب النخبة حتى يرافقنا!

- إنه يصغرني بعامٍ واحد، وهو يدرس الطب معنا، كما أنه متفوقٌ دراسياً بالفعل، ولعله الأفضل بين طلاب شعبته.

إجابته كانت صادمة بالفعل! أعني مينقيو فتى سيء!
كيف له أن يكون سيء ومتفوق ويدرس الطب أيضاً؟!

وجُلّ ما أفاقني من صدمتي هو قهقهة أونوو على تعابيري، فقد سارع وقال:
- المظاهر خداعة بالفعل!

إنه محق، ولكن هذا يعني أنّ المتاعب ستتزوجني وسترافقني في السراء والضراء!

يا إلهي كم أنّ حظي عاثر!

حتى هذه الرحلة التي كنتُ أتحرق شوقاً وحماساً لها، بتّ أشعر أنها ستكون مليئة بالمتاعب والمشاكل بفضله!

End somi pov.

__________________________

اليوم هو أول يوم لعودة جونغكوك وڤانيسا الى مزاولة عملهما بعد إنقضاء شهر عسلهما.

وخلال هذه الأثناء من الصباح، كانا يستعدان للذهاب سوياً قبل تأخر الوقت.

- ربطة عنقي كانت على السرير قبل لحظات! أين هي الآن؟!
تحلطم جونغكوك الذي كان متوتراً منذ لحظة إستيقاظه، وراح يبحث عن ربطة عنقه بنوعٍ من الهلع خوفاً من تأخر الوقت، الى أن دخلت ڤانيسا غرفته وبيدها مبتغاه.

- أخذتها بيانكا وظلت تلعب بها...وجدتها ملقية في الرواق.
وقد لوَّحت بربطة عنقه امام وجهه بينما تضحك، فأخذها جونغكوك منها يتفقدها، وسرعان ما عاد للتذمر بعد أن ألقاها على سريره:
- إنها مليئة بلعابها! آه تباً!

- أظننا تعادلنا الآن.
علّقت ڤانيسا بينما لازالت تضحك عليه، وقد عنت بكلامها سرقة بيانكا لأغراضه كما كانت تفعل مع ربطات شعرها.

ورغم رغبتها في إستفزازه بتعليقها، إلا أنه ضحك بدوره وجلس على سريره يدلِّك ما بين صدغيه.
- لا أحب هذا المزاج لنفسي منذ الصباح، ولكني متوتر بعض الشيء.
تمتم وسط قهقهته الثخينة، فأمالت ڤانيسا شفتيها ولانت تعابير وجهها الباسم.
- لا بأس، سيكون كل شيءٍ على ما يرام.
وقد جاورته الجلوس بالفعل وراحت تربت على ظهره علّها تُهدَّأ من روعه.

- لا أعلم...إنه شعور غريب أن أكون أحد أعضاء مجلس الإدارة في شركة والدي، وفجأة أجد نفسي مديرها التنفيذي! أظنها مسؤولية كبيرة بعض الشيء، كما أني لم أعمل لمدة شهرٍ كامل، وأشعر الآن بأني ذاهبٌ لإجراء مقابلة عمل مهمة مع شهاداتٍ رديئة!

قهقهت ڤانيسا على تشبيهه، وهو فعل المثل، لكنها تنفست الصعداء بعد ذلك وإستقامت تسحبه خلفها نحو خزانة ثيابه التي بدت كغرفة ملابس كبيرة، وأخذت تبحث في درج ربطات عنقه عن واحدة أخرى تناسب بذلته الرمادية.

كانت تتخصر بيد، وبأنامل يدها الأخرى تنقر على ذقنها وسط بحثها عن ربطة العنق المناسبة، الى أن سحبت واحدة ورفعتها بجوار جسده حتى ترى مدى تناسقها مع بذلته، وقد نال إختيارها إعجابها نظراً لبسمتها الواسعة التي تشكلت سريعاً على شفتيها.

- إنها مناسبة جداً.
وبالتزامن مع جملتها وقفت قبالته ورفعت من جذعها قليلاً بوقوفها على رؤوس أصابعها حتى تلف له ربطة العنق.

بدت منهمكة ومركزة للغاية فيما تفعله، وهو راح يحدق بها مبتسماً، وقد خطرت له فكرة العبث معها قليلاً كما تفعل هي دوماً.

حيث أنه أراح كفيه بلطف على خصرها النحيل، ودنى نحو أذنها اليمنى هامساً ببحةٍ رجولية:
- تبدين كزوجةٍ صالحة وأنتِ تساعدينني على ربط ربطة عنقي.

قهقهت ڤانيسا، ولكمت كتفه بخفة بعد أن أنهت عملها.
- أنت مبتذل يا رجل! كفاكَ عبثاً!

ثم إستدارت تغلق الخزانة، وهو راح يضحك بينما يتفقد مظهره في المرآة.
- ذوقكِ رفيع يا فتاة!

وقد صدر تعليقه بناءً على إعجابه بتناسق ربطة العنق مع بذلته، ولعلها كانت أجمل بكثير من التي إنتقاها قبلها!

- أعلمُ هذا.
رفعت أنفها بتعالٍ مازح، وأدارت رأسها للجانب مهفهفةً بشعرها الخاطف للأنفاس أمام وجهه.

لكنّ تعابيره سرعان ما إرتخت، حتى تحولت من ضاحكة الى أخرى هادئة بشكلٍ غريب!

- الطقس حار بعض الشيء اليوم، لذا إرفعيه على شكل كعكة او ذيل حصان.
وجّه كلامه إليها، وقد عنى بذلك شعرها الذي كان ملفتاً للإنظار كعادته دوماً، إلا أنها اليوم قد صففته بطريقة جديدة جعلته يبدو أجمل بكثير عما سبق.

قطبت ڤانيسا جبينها، ثم حدقت به راسمةً التعجب!
- لا أظنه كذلك! أخبار الطقس تقول أن الجو هذا الأسبوع سيكون معتدل.

- لا يهم، فقط إرفعيه لأنه يبدو قبيحاً اليوم!
نبرته حملت بعض الجدية الغير مألوفة، فزاد رده من عقدة جبين ڤانيسا، التي سارعت بالقول:
- حقا! لقد صففته بطريقة جديدة اليوم! ظننته يبدو جميلاً!
بوزت شفتيها بينما تحدق بشعرها المنسدل على طول ظهرها في المرآة، لكنّ الآخر دحرج مقلتيه وأخذ ربطة شعرها التي كانت تحاوط رسغها، ووقف خلفها يلملمه برفق دون إنتظار إذنها.

- الرطوبة عالية خلال هذا الموسم من السنة، لذا سيضايقكِ كثيراً ولن يبقى منسدلاً على حاله طويلاً...صدقيني ستتحولين الى رجل ديسكو من السبعينات مع حلول الظهيرة!
إختلق عذراً لها بينما يربط شعرها الطويل على شكل ذيل حصان، وهي ضحكت بملئ أشداقها على تشبيهه الأخير.
- تخيلتُ مظهري كيف سيكون!

اما هو، فلم يكتفي برفعه على شكل ذيل حصان فحسب، بل وأخذ يلفه ويلفه ثم ربطه من جديد على شكل كعكة مرتبة...بدى مظهرها رسمياً للغاية مع فستانها الأنيق بلونه الأزرق.

- هاقد إنتهينا.
أدارها نحو المرآة، فإبتسمت برضى لمظهرها، وسارعت بتقبيل خده كما تفعل دوماً تعبيراً عن شكرها.
- شكرا على مساعدتك.

- على الرحب.
وهاقد عادت ملامحه الباسمة من جديد...يشعر بالرضى الآن.

وبعد دقائق أخرى، كانا داخل سيارته سوياً متجهين نحو وكالة بليدس حيث تعمل هي.

- آه كم أشتاق الى الرفاق في العمل.
عبّرت ڤانيسا مظهرةً حماسها فيما تتأمل ما خلف النافذة، وكم بدت مسالمة وعفوية في نظره.

إذ أنه إبتسم وعلّق قائلاً:
- لو تمنحيني بعضاً من حماسكِ هذا فقط!

- لا تجعل الإرتباك يسيطر عليك، سيكون كل شيء على ما يرام...أنت لها جيون.
رفعت قبضتها تحفِّزه، وقد تنفس الصعداء وأومأ بحزم.

__________________________

كان صباح تايهيونغ لهذا اليوم يسوده الهدوء والروقان، فقد أخذ قسطاً وافراً من النوم، كما أنه خرج للركض عند الفجر، وهذا ما جعله يبدو حيوياً ونشيطاً على خلاف ما سبق من الأيام.

وهاهو الآن يوشك على الذهاب الى عمله ككل يوم بعد أن أخذ حماماً منعشاً وغيَّر ثيابه.

وفور إغلاقه لباب منزله، سمع ضجيجاً وتذمراً صادران من حديقة جارته العزيزة جينا، فتملكه الفضول حول ذلك، وتقدم ليرى ما يجري من خلف السياج الخشبي.

ليجدها في حالةٍ يرثى لها!

كانت ثيابها الرسمية الأنيقة مبللة بالكامل بفضل حنفية الحديقة التي ترش الماء بغزارة، فبدت كما لو أنّ تلفاً قد أصابها، وجينا تحاول إصلاحها!

- صباح الخير...مالذي يجري؟!
ألقى عليها تحية الصباح، ثم أشار نحو الحنفية التالفة بحاجبيْه.

- كنتُ على وشك الذهاب الى العمل، ولكني وجدتها تسرّب الماء بغزارة، فخفتُ أن تُغرِق الحديقة وتتدفق الى الشارع!

- وحاولتي أن تكونِ سباكة ولكنّ الأمر إنتهى بأخذكِ حماماً منعشاً وسط الحديقة!
سخر تايهيونغ مقهقهاً، فدحرجت مقلتيها بضجر وتجاهلته معيدةً تركيزها على إيقاف تدفق الماء من تلك الحنفية!

وحينما وجد أنّ مزاجها لا يحتمل مزاحه الثقيل، تحمحم بخفة، وحاول إصلاح الأمر.
- أدخلي وغيري ثيابكِ، وأنا سأهتم بأمرها.
وقد بدا جاداً لوهلة، حتى تعجبت هي من أمره!

ظنته سيكمل سخريته منها ويذهب الى عمله دون أن يأبه لأمرها، فهو لئيمٌ معها على الدوام!

اما هو فقد غادر حيث مرآبه ليحضر صندوق معدات السباكة ليصلح العطب، ولم يلبث طويلاً حتى صار في حديقتها بالفعل.

جلس القرفصاء قرب تلك الحنفية، وأخذ يتفقدها قبل أن يقول:
- يبدو أنّ صمَّامها الخزفي تالف، ولحسن الحظ أنّ معي واحداً جديداً هنا.

- هل أنت متأكد من أنك قادر على إصلاحها؟!
بدت مندهشة بعض الشيء، فإبتسم بسخرية، وبثقةٍ عمياء أجابها:
- وبرأيكِ لِمَ سأحتفظ بصندوقٍ لمعدات السباكة إن كنتُ لا أجيد ذلك!

همهمت جينا بعد أن إقتنعت بحجته، فهي لن تجد سباكاً على كلِّ حال في هذا الوقت من الصباح ليصلح لها الحنفية بالمجان!

- حسناً...سأدخل لأغير ثيابي.
أشارت نحو المنزل وتراجعت ببطئ حتى توارت عن أنظاره، فهز رأسه مراراً قبل أن يتنهد ويباشر عمله.

وحينما أوشك على الإنتهاء، وقع من يده المفتاح الذي كان يحكم على الحنفية، وتلقَّى موجة مياه باردة على وجهه وثيابه في لحظة غفلة!

تبلل بالكامل، ولم يسعه سوى رسم معالم خاوية على وجهه ذو العينان المغمضتان، والتذمر بنبرةٍ حانقة:
- كل ما يخصها لا يجلب لي سوى المتاعب!

وهاهو مزاجه الجميل يتحول الى قمامة بكل بساطة!

تنهد بعد ذلك بثقل، ورفع شعره المبلل لأعلى بعد أن سقط على وجهه وأزعجه، ليكمل إصلاح الحنفية قبل أن يتأخر عن عمله كثيراً.

وفور إنتهائه خرجت جينا بهيئة مرتبة وجافة، لكنها سرعان ما شهقت لرؤيتها له مبللاً بالكامل!

- يا إلهي لقد تبللتَ كثيراً!
وضعت حقيبتها ومفاتيح سيارتها على طاولة الحديقة، وسارعت نحوه لترى ما حلّ به.

لكنه إبتسم بتكلف، وقال بينما يحمل صندوق معداته:
- لا بأس، مجرد حمام منعش في الحديقة.

لم تتمكن جينا من كتم ضحكتها على تعليقه، فهو يستهزئ بنفسه كما فعل بها قبل قليل!

- ولكن...آه يا إلهي، أعتذر بشدة على ما جرى.
إعتذرت منه أثناء ضحكها، فإبتسم بدوره ونفى.
- كلا لا بأس...على كلِّ حال أصلحتها، لن تسرب الماء بعد الآن.
مطّ شفتيه ورفع حاجباه ختام حديثه، فهمهمت تشكره على خدمته:
- شكرا جزيلاً لك.

- العفو...والآن أستأذنكِ.
تراجع ببطئ، ثم إستدار كلياً وسار بخطواته نحو منزله مع كمٍ هائل من الإحراج!

لم يظهر ذلك أمامها، ولكنه محرج من تبلله بالماء بعد أن سخر منها...مهاراته في السباكة قررت خذله هذه المرة، وأمام من؟ أمامها هي من بين الجميع!

- أظن أنّ لؤمي معها يعود عليّ بالسوء ويستمر في تسليط سوء الحظ على حياتي!
تمتم لنفسه بينما يصعد الى غرفته، ولم يكف طوال طريقه عن التذمر لوحده كالأبله!

اما هي...

فقد حدقت بتلك الحنفية للحظات قبل أن تنفجر ضاحكة من جديد!

- يا إلهي مظهره كان لطيفاً وهو مبلل!

وكل هذا جرى أمام مرأى تايهيونغ الذي سمع ضحكها الصاخب، وأخذ يسترق النظر لها من نافذة غرفته مع تعابير ممتعضة!

ثم إستدار نحو المرآة الطويلة في غرفته يحدق بتقاسيم جسده الرجولية البارزة أسفل ثيابه المبللة، وتمتم ساخراً:
- هل تصف كل هذه المظاهر المثيرة بأنها لطيفة؟!
إنها عمياء حقاً!

__________________________

حانَ وقتُ الظهيرة، حيث غادر الطلاب فصولهم من أجل فسحة الغذاء.

وكالعادة يونهي تجلس وحيدة بينما تتناول طعامها، لكنها وعلى خلاف العادة لم تكن تحدق بمن حولها لتطرد الملل عنها، إنما شروذها وعمق تفكيرها كانا كفيلان بإلهائها عن كل ما قد يشغلها.

فهي لم تنفك تفكر بكل ما جرى خلال تلك الليلة الخرافية!

عاشت حياة صعبة وشاقة منذ نعومة أظافرها، ولكنها كانت واقعية بعض الشيء، حتى إلتقت بيونجون الذي قلب موازين كل شيء هو ورفاقه!

حياتها صارت أشبه بفيلم للكاتبة جوان رولينج!

لم تعد تصدق المنطق بعد الآن، بل صارت تؤمن بما كانت تقرأُه في كتب الخيال وما تشاهده في الأفلام.

ونظراً لكونها صارت جزءاً من فريقهم وعائلتهم خصوصاً بعد إنتقالها للعيش رفقتهم، فقد باتت أقرب الى الجميع أكثر من أيِّ وقتٍ مضى.

شعرت ولأول مرة بدفئ العائلة، وروعة أن تمتلك العديد من الأصدقاء، وأخيراً ببعض الإثارة والحماس اللذان أُضيفا على حياتها المملة سابقاً.

أعني من كان ليتوقع أنه سيعيش في منزل به خوارق كالأورجي!

او أن يحصل على صديق محامٍ وسيم يجيد الطبخ ويكون بمثابة الشقيق الأكبر كجين!

او أن يحظى بصديقة وشقيقة ظريفة كسومي!

كانت الحياة كما لو أنها تذكرتها وبدأت تبتسم لها، وكم كانت سعيدة بذلك.

وبينما كانت تشرب علبة عصيرها، فكرت بصوتٍ عالٍ حول جملة كان قد تلفظ بها تايهيون أمامها تلك الليلة، ولم تشأ أن تترك عقلها وشأنه منذ ذاك الحين:
- "نحنُ ملعونون!".

ظلت ترددها مراراً علّها تتقبلها، فهي وطوال حياتها لم تؤمن بوجود هكذا أشياء في الواقع!

- لا يزالُ عليّ مجالسة تايهيون أكثر حتى يُطلعني بالمزيد عنهم...هذا مشوق!

_______________________

وصلت حافلات جامعة سيول الوطنية الى غابات غانغبوك غو منذ قرابة الربع ساعة بالفعل.

وبينما إنشغل الطلاب بإخراج حقائبهم وعدة التخييم، أخذت سومي تتأمل خضار الغابة وجمال أشجارها الشاهقة بفاهٍ نصف مفغور.

- حماسي لم يذهب سُداً بالفعل!
حملت نبرتها الدهشة، ولم يقاطع تأملها ذاك سوى إحدى رفيقاتها وهي تناولها حقيبتها.
- أمسكِ حقيبتكِ! يا إلهي كم هي ثقيلة!
تذمرت رفيقتها، فقهقهت سومي وقالت:
- إني أحب الإعتناء بنفسي حتى في مثل هذه الظروف.

وعلى بُعدٍ ليس بكبير منهما، كان مينقيو يخرج الحقائب رفقة زملائه من الحافلات بينما يراقبها كل ثانيتين حتى لا تغيب عن ناظريْه، وقد عزم على الذهاب إليها فور إنتهائه، وزاد من سرعته حتى يتعجل بذلك.

ولكنه كان أيضاً محطّ أنظار أونوو الذي لم يكف عن مراقبة طريقة تحديقه بسومي، ولم يكن غبياً ليغفل عن فهم مغزاها.

ورغم ذلك، لم يشأ التدخل منذ البداية...سيراقب عن بعد فحسب طالما الآخر لن يضايقها.

ولم يمضي الكثير من الوقت حتى لمح أونوو مينقيو ينفض يداه ويتقدم صوب سومي التي كانت تتجاذب أطراف الحديث رفقة زميلاتها في ذات البقعة، وحينما بلغهم باغتها بمحاوطة عنقها وكتفيْها بذراعه.
- مرحباً بالجميلات.
حيّاهن ببسمةٍ وسيمة، وسومي إكفهرت ملامحها ما إن ميزت نبرته، اما رفيقاتها فرُحن يبتسمن بعدم تصديق!

لم يفكرن سوى في كم أنهن محظوظات ليخاطبهن أحد أوسم شبان القسم بهذه الطريقة المغازلة واللبقة، ناهيك عن محاوطته لعنق سومي من بينهنّ بالذات!

- المعذرة، يجب أن أساعد في نصب الخيام.
منحتهم سومي ابتسامة متكلفة بعد أن أبعدت ذراع مينقيو عن عنقها برفق، فهي لم تكن ترغب بإظهار ما كان بينهما في الماضي لبقية زملائها.

وقد كانت على صدد الإبتعاد لولا استوقاف مينقيو لها بمناداته لإسمها:
- مهلاً سومي!
لكنها إدّعت عدم السمع وأكملت طريقها بمعالم مضطربة...سيكون مصدر إزعاجٍ كبير لها خلال هذه الرحلة!

وعندما نقول مصدر ازعاج، فنحنُ نعنيها بالمعنى الحرفي!

لأنها حينما لم تجبه، لحق بها!

- مهلا يا فتاة! كنتُ أُناديكِ!
حاذاها مسايراً خطواتها بينما يحشر كفاه في جياب بنطاله ويبتسم...ليس وكأنه ذات الشخص اللئيم من أيام الثانوية!

- لم أسمعك.
نبرتها كانت جافية وحادة لأبعد حد، لكنه فضّل الإلتصاق بها رغم ذلك، وأضاف مجدداً:
- هل ترغبين بأن أشرف عليكِ أثناء بحثك عن أغراض الفرض العملي في هذه الغابة...يمكنني مساعدتك.
عرض خدماته المجانية عليها، لكنها نفت دون تردد رغم كونه متفوق دراسياً وقد يفيدها:
- كلا شكرا.

إكتفى بمط شفتيه والهمهمة، هي لا تترك له مجالاً ليتقرّب منها، وهذا يزعجه كثيراً!

وكما كان هو الطرف المبادر بالحوار منذ البداية، إستمر على ذات المنوال دون ملل!
- إذاً...لمَ درستي الطب تحديداً؟ هل لأني أدرس به أيضاً؟!
قهقه ناكزاً كتفها بمزاح، فدحرجت مقلتيها ودنت نحو إحدى الخيام لتباشر بتجهيزها.
- لا شأن لك.

كانت تزيد من جرعة الوقاحة في أجوبتها مع كل سؤال عله ينزعج منها ويتركها وشأنها، لكنه لم ولن يفعل!

فهو قد هرع إليها وأبعدها عن ما كانت تفعل، وبنبرةٍ لبقة قال:
- لا ينبغي على الآنسات الجميلات فعل ذلك! إنها وظيفة الرجال!
نفخ صدره العريض متباهياً، لكنّ بسمة سومي إتسعت حتى كادت تشق وجهها حينما تقدم أحد الأساتذة وقال لهما:
- شكراً على تطوعكما...مينقيو أكمل عملك على نصب هذه الخيمة رفقة هايونغ، وأنتِ يا سومي إذهبِ الى ذاك الركن لتساعدي أحد زملائك الفرديين.

- هايونغ؟!
قطب مينقيو حاجباه بتعجب، ثم إستدار حيث زميلته الجديدة ليصرخ بذعر!
- يا إلهي!
كانت فتاة بدينة وضخمة للغاية، ترتدي نظارات طبية مستديرة، وتمسح مخاط أنفها في كم قميصها كالأطفال تماما!

كاد يبكي لشساعة الفرق بينها وبين سومي التي فرّت هاربة بالفعل من جواره!

وبالذهاب إليها، فهي سارت حيث أشار لها الأستاذ، وأخذت تبحث عن مكان شاغر لها لتساعد على نصب الخيام، لكنها لم تجد حتى سحبها أونوو من رسغها لتلحق به.

كان يحمل حقيبة إحدى الخيام على كتفه، ويبحث عن بقعة شاغرة لينصبها بها، وسومي لم تسأل عن سبب فعلته لأنها فهمت مقصده بالفعل.

- هنا.
توقف قرب إحدى الشجيرات حيث بقية زملائهم، ووضع حقيبة الخيمة أرضاً، ليباشر برفع أكمامه.

- هل كان يضايقكِ؟
تساءل بعد فترةٍ وجيزة وسط دقّه لأوتاد الخيمة، فتنهدت سومي بثقل وأومأت.
- إنه مزعج!

- لا بأس، أنا من أرسلتُ هايونغ لتأخذ مكانكِ بموافقة الأستاذ تشوي على كلِّ حال.

- حقا! شكرا جزيلا لك.
ابتسمت له بإمتنان، ثم حدقت بمينقيو الذي كان يعمل وينظر نحوهما بغيظٍ ظاهر.
- يبدو أنه لا يستلطفكَ البتة!
علّقت ساخرة، فأجابها أونوو بهدوءه المعتاد، ولم يكلف نفسه عناء النظر نحو الآخر حتى!
- أظنه شعورٌ متبادل!

أطلقت سومي قهقهتها الشبه مكتومة إثر تعليقه، وقد شجّعها بقاء أونوو بجوارها على الإستمرار في تجاهل مينقيو دون خوف.

____________________________

كانت ڤانيسا تجلس وسط زملائها في حجرة استراحتهم الخاصة داخل الوكالة بينما يتناولون الغذاء ويتجاذبون أطراف الحديث، وقد كان الضجيج يعم أرجاء المكان بفضلهم.

وأثناء ذلك حملت هاتفها ودخلت على غرفة دردشتها هي وجونغكوك.

" كيف جرت الأمور معك؟ "
أرسلت له، ووضعت هاتفها بإنتظار رده، ولم يلبث طويلاً حتى أجابها.
" كل شيء على خير ما يرام...ماذا عنكِ؟ "

" أنا لم أكن متوترة مثلك هذا الصباح لتسألني! "

" سألتكِ من باب اللباقة يا بغيضة! "

لم تتمكن من كبت ابتسامتها على شتيمته...أكثر أوقاتها متعة هي حينما تثير ازعاجه!

" سأعتبر نفسي لم أقرأ شيئاً...على كلِّ حال أنا أقضي وقتاً ممتعاً رفقة زملائي، ترحيبهم بي كان تاريخيا بحق! "

" حقا! كيف يشتاقون لشخصٍ مزعج مثلكِ؟! "

" كفاك غيرةً وإعترف بكوني محبوبة من قِبل الجميع أينما ذهبت! "

" هذا لا يعني سوى أنكِ تزعجينني انا فحسب من بين الجميع! "

" أجل، إزعاجك ممتع أكثر من مشاهدة بيانكا تأكل الذباب! "

" أنتِ شيءٌ ما بحق! "

" أنا شيءٌ عظيم ستفتخر بكونك تزوجته يوماً ما "

" كفي عن كونكِ نرجسية وأخبريني ما الذي تفعلينه الآن؟ "

" لا شيء، فقط أتناول الغذاء رفقة البقية...أتصدق أنهم إشتروا لي البيتزا كترحيب بعودتي؟ "

" زملائكِ لطفاء ^^ "

" إنهم كذلك بالفعل...ماذا عنك؟ هل تناولتَ غذائك؟"

" كلا ليس بعد، كنتُ في إجتماع وأنهيته قبل قليل"

" دعني أرسل لك صوراً للبيتزا حتى أُغيظك"



" يالكِ من لئيمة!"

" أرأيت علبة البيتزا هذه؟ لقد أنهيتُ واحدة كاملة مثلها بمفردي"

" وماذا عن الحمية الغذائية التي قلتِ بأنكِ ستتبعينها قبل أسبوع يا جاموسة؟! "

" آه لا تذكرني بذلك ودعني أتمتع بوجبة غذائي رجاءً!"

" تناولتِ علبة بيتزا كاملة ولازلتِ تريدينَ المزيد؟! أنتِ لستِ جاموسة واحدة! بل أنتِ قطيعٌ كامل من الجواميس!"

" شكرا على الإطراء^^"
كانت ڤانيسا تقهقه لوحدها طوال الوقت، حتى ضحكت ايو عليها وأشارت نحوها أمام بقية الرفاق.
- أنظروا إليها كيف تبتسم! من المؤكد أنّ زوجها يراسلها ويغازلها بكلامٍ معسول.

قهقه الرفاق بلطف على ذلك بإستثناء هوسوك الذي كاد ينفجر ضحكاً لعلمه بحقيقة زواجها المزيف على خلاف البقية.

اما المعنية بالكلام، فإكتفت برسم ابتسامة متكلفة وإدعت الخجل أمامهم.
- اوه يا إلهي، كيف خمنتِ ذلك؟!
غطّت وجهها مخاطبةً ايو، فقهقهت الأخيرة وتكتفت بثقة.
- هذا واضحٌ جداً يا عزيزتي.

لم تكف ڤانيسا عن الضحك في داخلها على ما يظنه البقية من حولها...ترى أنه لمن الممتع أن تكون حياتك عكس ما يتوقعه الجميع تماماً، وهذا من منظورها يعطيها بعض الخصوصية وهالة الغموض الجذابة.

وكم رغبتْ بأن تقول لأيو أنّ زوجها الذي يظنونه يراسلها بكلامٍ معسول كان ينعتها بالجاموسة والمزعجة طوال دردشتهما!

_________________________

عند عصر ذات اليوم...

Taehyun pov:~

أنهيتُ دوامي الجامعي قبل ساعةٍ تقريباً، وهانذا أقضي عملي بدوامه الجزئي في المكتبة.

أعتقد أنّ بقية الرفاق منشغلون في أعمالهم الخاصة أيضاً، فعلى حسب علمي أنّ الجمعية الخيرية البيئية التي إنضمّ لها سوبين تقيم حملةً لتنظيف شوارع الأحياء الفقيرة.

وبومقيو حصل على وظيفة عامل توصيل قبل عدة أيام لعدة مطاعم شعبية بما أنه يمتلك دراجة نارية وتلك المطاعم غالباً لا توفر وسائل نقل لعاملي توصيلها.

كاي كالعادة يعمل كعازف في تلك الحانة، ولكنه متفرغ اليوم، أي أنه عاد الى المنزل فوراً.

وأخيراً يونجون الذي أخبرني بأنه سيذهب لإصطحاب يونهي من المدرسة، ثم سيبحثا عن عملٍ جديد لهما سوياً في مكانٍ قريب من منزل جين...أتمنى أن لا تصح ظنوني حول ما قد يجول بباله، لأنه الشخص الوحيد الذي سيتأذى حينها.

على كلِّ حال كنتُ أقضي جل وقتي في هذه المكتبة بمراقبة الزوار، وقراءة كتب الأساطير والخيال.

فلربما الحكايات التي يرويها البشر على أنها من وحي الخيال في هذه الكتب قد تفيد بإنقاذنا، لأننا نحن الخيال بأم عينه.

لطالما آمنتُ بمقولتي: "الوقت من ذهب" و "الوقت حاد كالسيف، إن لم تقطعه قطعك".

ولهذا السبب لا أحبذ تضييع وقتي في شيءٍ كاللهو الفارغ، بل أفضل العيش وسط أكوام الكتب لأجمع أكبر قدرٍ من المعلومات التي قد تساعد على تغير قدرنا المجهول الى الأفضل.

كما أنّ لهذا الفضل الأكبر في قدرتي على التعايش مع روح القوفو بداخلي والتواصل معها بشكلٍ أفادني أكثر من ما ضرّني...أنا لم ولن أندم يوماً على تكريس حياتي من أجل هذا الغرض، وسأكافح حتى النهاية.

وبينما كنتُ على وشك النهوض لأجلب كتاباً يهمني في عملية بحثي، لمحتُ دخول شخصٍ الى المكتبة، ومجيؤه لم يعد يروقُني البتة!

إنه فتى مراهق بعمر الخامسة عشر تقريباً، كان يتردد على المكتبة كثيراً في آخر فترة، ويأخذ كتباً عن القصص الهزلية والخيالية دون أن يدفع مقابلها او يرجعها حتى!

لم أكن غافلاً عن ذلك بالفعل، ولكني أعطيته فرصة علّه يشعر بتأنيب الضمير ويرجعهم بنفسه، ولكنه لا يبدو كذلك أبداً.

فهو يستمر بالمجيء وأخذ الكتب خلسة، وقد بلغ عدد الكتب المفقودة حتى الآن خمسة!

وأظنه يفكر بأخذ السادس اليوم، ولكني لن أسمح بذلك مطلقاً...لقد طفح الكيل!

السيد بارك أمّنني على هذه المكتبة حينما باشرتُ العمل بها، ومن واجبي المحافظةُ عليها، ولهذا سأتصرف بطريقتي.

ذهبتُ بالفعل الى القسم الذي سأجد به كتابي المطلوب، ولحسن الحظ وجدتُ ذاك الفتى هناك أيضاً لأنه قسم الكتب الخيالية.

شعرتُ بنظراته المضطربة لحظة قدومي، لكني لم أبدي أي رد فعل غريب وأخذتُ أبحث عن كتابي بصمت.

هناك نظرية في علم النفس ولغة الجسد تقول أنّ السارق عند إضطرابه يبدأ بالرمش كثيراً، ويحاول أن يتصرف بطبيعية أمام الناس حتى لا يُكْتَشف أمره رغم أنّ القلق يظهر جلياً عليه من طريقة تحديقه، كما أنه يكون مشتت الذهن وأحياناً يظل يختلس النظر لمن حوله حتى يقنع عقله الباطن بأنه في أمان ولا أحد يشك في أمره.

جميع هذه الإيحاءات ظهرت على هذا الفتى منذ لحظة قدومي، وأظنني سأنتقل للخطوةِ التالية.

- هل يمكنني مساعدتك؟ أتبحث عن كتاب معين؟
سألته بعد أن إقتربتُ منه بناءً على وظيفتي في هذا المكان، فقهقه لي مرتبكاً وأخذ يدلِّك عنقه، وهذه علامات أخرى تكشف إضطراب السارق...يالك من سارق غبي!

- آه، في الواقع...لستُ أبحث عن كتاب محدد، ولكني أريد قصةً خيالية جيدة.

كما توقعت، وهذا هو الجواب المطلوب.
- هل تريد أن أقترح عليكَ بعض الكتب؟
عرضتُ عليه الأمر، ومن الجيد أنه وافق على ذلك.

تنهدتُ بخفة، ورحتُ أبحث عن الكتاب الذي سيناسب ما يجول بعقلي عن الدرس الذي سألقنه إياه.

وبعد لحظات أخرجته له وناولته إياه مردفاً:
- هذه قصة خيالية قصيرة ومرعبة، ستعجبك وأنا متأكدٌ من ذلك.

إبتسم الفتى بإتساع، وأخذ القصة مني مهمهماً بسعادة:
- أنا أحب القصص المرعبة حقا!

- جيد...سأمهلك يومين لتقرأها بما أنها قصة قصيرة، ثم ستعود إلي لتخبرني بالعبرة التي فهمتها من أحداثها.

- بالطبع، هذا يبدو ممتعاً!
قهقه الفتى بحماسٍ بالغ، وأنا إبتسمتُ بجانبية وقلت:
- أجل سيكون ممتعاً...ممتعاً للغاية.

لدى الفيلسوف العالمي دوستويفسكي مقول شهيرة تقول: إنّ أفضل طريقة لمنع سجين من الهرب، هي أن نتأكد من أنه لا يعلم بكونه في سجن.

End taehyun pov.

_________________________

شارفت الشمسُ على المغيب، وأثناء ذلك كانت سومي داخل خيمتها المشتركة مع إحدى رفيقاتها بعد أن تناولوا وجبة العشاء باكراً.

- أعتقدُ أنّ مينقيو معجبٌ بكِ يا فتاة.
تحدثت رفيقتها مبتسمة بينما ترتب أغراضها، فأزفرت سومي ضحكة ساخرة من أنفها وقالت:
- أنه شاب لعوب وأنا أعرف غايته جيداً.

- حقا! إحذري منه إذاً.

- انا كذلك بالفعل.
قهقهت بعد جوابها حينما وجدت علبة بخاخ مسحوق الفلفل الحار في حقيبتها مع ورقة ملاحظات لاصقة دُوِّن عليها: "رشيها بكل قوة على وجه أي شاب يحاول الإقتراب منكِ! مع حبي...خليفة آفروديت".

ولم يكن من وضعها لها في أغراضها سوى شقيقها المعتوه جين!

هزت رأسها بقلة حيلة، وإرتدت الهودي خاصتها وحشرت في جيبه الكبير ذاك البخاخ، ثم إستقامت بقصد الخروج لولا إستوقاف صديقتها لها متسائلة:
- الى أين؟!

- سأتمشى قليلاً في الغابة قبل أن تغرب الشمس كلياً.

- ولوحدك؟!

- أجل لا تقلقِ.
إبتسمت سومي لرفيقتها مطمئنةً إياها، ثم خرجت بالفعل من الخيمة قاصدةً طريقها الى الغابة.

وقد كان أغلب الطلاب آنذاك في خيامهم يغيرون ثيابهم ويستريحون ليستعدوا للجلوس حول النار وشيِّ حلوى الخطمي مع حلول الظلام.

أخذت سومي بخطواتها نحو الغابة بينما تفكر في فرضها العملي الذي أوشكت على جمع كافة متطلباته من الغابة بفضل مينقيو الذي جمع لها كل شيء وأعطاه إليها دون مقابل...ولعلها الطالبة الوحيدة من بين زملائها التي حصلت على معظم النباتات والحشرات بفضله.

- لا أظنه أصبح لطيفاً بهذا الشكل فجأة!
تمتمت لنفسها ساخرة، وسرعان ما إنفجرت ضاحكة حالما تذكرت وقوعه في مستنقع الوحل بعد أن حاول تقبيل وجنتها دون علمها!
- يستحقُّ ذلك!

أمضت قرابة العشر دقائق وهي تسير متوغلةً في الغابة حتى سمعت صوت خرير الماء في أرجاء المكان.
- أعتقد أنّ هناك شلال بالقرب من هنا!
خاطبت نفسها بذهول، ولم تشعر بساقيها وهما تقودانها نحو مصدر الصوت حتى وجدت نفسها أمام جنةّ على الأرض!

- يا إلهي ما هذا المكان؟
فغرت فاهها إفتتناً بجمال الطبيعة الخلابة في هذه الرقعة المنزوية من الغابة، وقد راهنت بأنه أجمل ما رأت عيناها منذ أبصرت النور!

بحيرة تطفو على سطحها أوراق الشجر الملونة كما لو كانت زوارق صغيرة، وتغذيها مياه الشلال ذو الإرتفاع الشاهق والصخور المتدرجة الضخمة.

تقدمت ببطئ محدقةً بكل ما حولها، وعيناها تتلألآن ببريقٍ ساحر.

- أتمنى لو كان بمقدور سوبين رؤية كل هذا، كان ليسعد بذلك كثيراً!
وأخيراً بلغت ضفة البحيرة ذات التراب الرطب، فجلست القرفصاء وغمرت كفها في مياهها الدافئة باِبتسامة لم تفارق محياها مطلقاً.

ثم تراجت بحذر حتى لا تنزلق بها، وعادت لتفقد أرجاء المكان بحماسٍ لم ينطفئ بعد!

وسرعان ما وقعت عيناها على طائرٍ غريب يقف على غصن إحدى الشجيرات الصغيرة، جميل اللون والمظهر، وذا صوتٍ عذبٍ رنان.

فهرولت نحوه دون تردد، لكنها إنزلقت فوق الصخور الرطبة المغطاة بالطحالب قبل أن تبلغه!

- آه يا إلهي!
تأوهت بألم حينما إجتاح الوجع كاحل قدمها اليمنى رفقة بعد الخدوش التي غطت كفيها وركبتيها.

ورغم ذلك حاولت الوقوف، إلا أنها لم تقدر على ذلك!

حاولت مراراً وتكراراً ولكنّ الألم كان شديداً، فقرع قلبها طبول الخوف لكونها بمفردها وسط الغابة والظلام أوشك على الحلول!

- يا إلهي ما الذي سأفعله؟!
تمكن الذعر منها، فحتى هاتفها لم يلتقط اي إشارة في المكان لتتصل بواسطته وتطلب النجدة!

مرت دقائق أخرى وهي على ذات الحال، تحاول النهوض والسير ولكن دون جدوى، لذا زحفت نحو أقرب شجرة وإتكأت على جذعها مستسلمةً للأمر الواقع!

حيث أغمضت عيناها ورفعت رأسها حتى تمنع دموعها من السقوط، وراحت تتنهد كل ثانيتين لتهدِّأ من روعها، ولكن بئساً! تذكرت أمر دوائها الذي من المفترض أن تتناوله بعد ربع ساعة!

وما زاد الأمرَ سوءاً هو بدأْ تلاشي النور وتخييم الظلام على أرجاء المكان!

_________________________

Vanessa pov:~

إصطحبني جونغكوك من مكان عملي لإنتهاء دوامنا في ذات التوقيت، لكننا لم نعد الى المنزل مباشرةً، بل أضطررنا للمرور على إحدى البقالات لإقتناء بعض الأغراض المهمة.

وبعد إنتهائنا وبينما كنا في طريق عودتنا، راسلتُ سوبين الذي كنتُ قد طلبتُ منه إسداء خدمةٍ لي في وقت سابق من اليوم.

"سوبيني...هل فعلت ما طلبته منك؟"

ولم يستغرق طويلاً حتى ردّ على رسالتي.
"أجل، جلبتُ لكِ رسائل الجدة غابرييلا من صندوق بريد جين، وأطعمتُ بيانكا كما طلبتِ"

"شكرا جزيلاً لكَ أرنوبي^^"

"العفو ڤاني:)"

تنفستُ الصعداء بعد ذلك، فالغرض الأول ألا وهو رسائل جدتي، كانت لا تزال ترسلها على الطراز القديم بواسطة البريد الورقي، وتصر دوماً على وضع عنوان منزل جين بدلاً من عنوان منزلي الجديد، وإن لم أقرأها سريعاً وأرد عليها بذات النمط قد أعلق بتوبيخات لا طائل منها!

اما الغرض الثاني، وهو إطعام بيانكا، فقد كان يفترضُ بي أن أضع لها طعاماً كافياً قبل مغادرتنا المنزل صباح هذا اليوم، ولكنني نسيتُ بالطبع.

لم يكف ضميري عن تأنيبي طوال اليوم، ورغم ذلك لم أشأ أن أخبر جونغكوك بذلك لأنه سيوبخني هو الآخر وأنا لستُ بمزاج يسمح لي بمسايرته!

وكحلٍّ أمثل لم أجد غير سوبين ليساعدني.

إذ أني طلبتُ منه إحضار رسائل جدتي وإطعام بيانكا قبل أن يلتهي في أعماله التطوعية رفقة تلك الجمعية، وذلك نظراً لإمكانية دخوله منزلنا دون أي مفاتيح بإستعمال قدرته على الإختفاء.

وبذلك أكون حصلتُ على الرسائل دون أن أُتعِب نفسي، وتخلصتُ من موشحات جونغكوك المملة حول تناسيّ لأمر إطعام بيانكا التي صارت بمثابة إبنتنا المدللة.

كم هو رائع أن تمتلك خوارق كالأورجي حيث المستحيل يتحول الى ممكن في حضرتهم!

وصلنا بعد فترةٍ وجيزة الى المنزل، وفور فتحنا للباب إستقبلتنا بيانكا بنشاطها الطريف ورغبتها الجامحة في اللعب ككل مساء.

- حبيبتي الصغيرة تريد اللعب؟
حملها جونغكوك في حضنه مداعباً إياها بعد أن وضع أكياس المشتريات على طاولة المطبخ، وأنا لحقتُ به بينما أفكُّ رباط شعري المزعج.

وعلى حين غرة لمحتُ جونغكوك يقطب جبينه وينزل بيانكا من حضنه، ثم دنى نحو سجاد غرفة الجلوس ذو اللون الفاتح وقال بريبة:
- هناك آثار حذاءٍ كبير المقاس على السجادة!

قطبتُ جبيني بدوري، ولحقتُ به لأرى ذلك، فأضاف متلمساً الأثر:
- المقاس كبير حقاً وأنا لا أدخل المنزل بحذائي!
كما أنّ المنزل تم تنظيفه بالأمس، ولم يزرنا أي أحد!
هل يعقل أنّ سارقاً إقتحم المنزل في غيابنا!
إستقام بجزع من مكانه، وراح يتفقد أبواب المنزل ونوافذه، بينما بقيتُ أنا شارذة الذهن أحدق بتلك البقعة حتى جُحِظت عيناي لإحتمالٍ داهم عقلي!

هل يعقل أنّ الفاعل هو سوبين؟!

أساساً لا أحد غيره دخل المنزل غيرنا اليوم، كما أنّ الأثر قريبٌ الى مقاس حذائه، وهو وبقية الأورجي معتادون على النظام الأوروبي فيما يخص إمكانية الدخول بالأحذية الى المنزل بخلاف عادات وتقاليد الشعب الكوري التي تمنع ذلك.

وزوجي العزيز يظن أنّ سارقاً إقتحم منزلنا!

أعني من قد يركز على بقعةٍ غير واضحة كهذه بعد يومٍ شاق من العمل؟! ألا يجب أن يكون متعب؟!

أحياناً أمقتُ هوسه الشديد بالنظافة والترتيب!

لم يسعني سوى صفع جبيني بقلة حيلة، فالفاعل واضح بالفعل، وليس أمامي خيار الآن سوى أن أجاري جونغكوك حتى لا يشك في الأمر.

- اوه يا إلهي هل يعقل أنّ سارقاً قد إقتحم منزلنا بالفعل!
صرختُ أُمثِّل الفزع أمامه رغم أنّ رد فعلي كان متأخراً جداً، ولكن لا بأس.

End Vanessa pov.

_________________________

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- ايش اكتر مومنت عجبكم؟

- توقعتوا ان الاورجي يكونو ملعونين او لا؟

- تعليق بخصوص علاقة كوك وفاني وكيف بتشوفوها؟

- نسبة حماسكم؟

طبعا عرفتو الحين ان الاورجي ملعونين، بس بصراحة بصراحة توقعتوا انهم يكونوا ملعونين عنجد او توقعتوهم يكونو شي تاني؟

طبعا فيه لسا كثير خفايا ما انكشفت بخصوص قصة لعنتهم وهيك حركات...بتعرفوا القدام ان شاء الله، واستمرو بتحليلاتكم عشان تكتشفو الباقي😘

نسيت بالبارت الماضي احطلكم صورة المز مينقيو، بحطلكم ياها الحين.

وكمان لقيت واخيرا صورة بنت تشبه فانيسا مثل ما كنت متخيلتها تماما.

بس تخيلو شعراتها اطول من هيك...المهم ايش رايكم فيها؟

طلعت بتشبه صورتها بخيالكم او لا؟

تحسونها لايقة على كوك؟

على كل حال اعتذر على تأخري بالنشر...خذو بوسات عشانكم انتظرتوني وقدرتو ظروفي💋💋💋

بتلاقو بارت اسئلة الشخصيات بعد هاد على طول، وفيكم مثل ما قلت مسبقاً تسئلوهم اكتر من سؤال عادي.

لوف يوووووووو💜💜


See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top