12~أَهْلاً بِكَ فِي فَرِيقِنَا


قراءة ممتعة💛

﴿بِمُفْرَدِنَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُنْجِزَ الْقَلِيلِ جِداً، لَكِنْ مَعاً يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْعَلَ الْكَثِيرْ﴾

- راقتني💫

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

Eunwoo pov:~

بعد أن أعلمتني مادام ساندرا بأمر الضيوف والعشاء، خبَّأتُ تلك المذكرة جيداً ولحقتُ بها.

التفكير والشروذ المطوَّل لم يفارقاني طوال مسيري، والى حين بلوغي الطابق السفلي إحتفظتُ بهدوئي، ولكن بعد إقترابي من طاولة العشاء أَلَفَت أذناي صوتاً ليس بغريب، فوقف شعر جلدي ورحتُ أرفع بصري ببطئ حتى توقف عليهم...مالذي يفعلونه هنا بحق الجحيم؟!

رؤيتهم يجلسون حول طاولة الطعام في منزل عائلتي وبرفقتهم أيضاً جعلني أرتعب لوهلة...لا تلوموني! فأنا منذ دقائق إكتشفت كونهم خوارق!

ورغم ذلك حافظتُ على رباطة جأشي وتقدمتُ نحوهم أرسم بسمةً مرحبة.
- ما هذه المفاجأة السارَّة؟!
صافحتُ بومقيو وكاي وتلك الجبانة...هي لازالت تهابني والسبب يثير إستفزازي لشدة تفاهته!

على كلِّ حال جلستُ بجوار كاي، ولم أنفك عن تخمين سبب زيارتهم الغير متوقعة، حتى قالت أمي:
- لقد إلتقى بهم جيمين في طريق عودته، وحينما علمتُ بذلك دعوتهم لتناول العشاء برفقتنا...آه كم هذا لطيف وممتع!

لا تهتموا لأمرها، فهي تحب الضيوف كثيراً وتستمتع بكثرة الحديث معهم دون سبب.

على كلِّ حال، عائلتي سعداء بزيارتهم، فأيُّ شخصٍ من طرف ڤانيسا سيجتذلون برؤيته، وهذا يظهر مدى حبهم لزوجة أخي.

وعلى ذكرهما، علمتُ قبل سويعات من والداي أنهما سيعودان بعد غدٍ الى كوريا، وسينهيا ما تبقى من شهر عسلهما هنا، فبحسب ما فهمت أنّهما قد شعرا بالحنين الى العائلة والأصدقاء...أنا أيضاً قد إشتقتُ لأخي كثيراً.

شرعنا في تناول العشاء منذ مدةٍ بالفعل، ولم يكف إبن عمي جيمين عن خلق الحوارات المسلية كعادته دوماً، ووالدتي بدت سعيدة للغاية بقدومهم، وكذلك أبي، أما هيجين فيسعدني رؤيتها وهي تستمتع بوقتها رفقة من هم قريبون من سنها دون أي تكلف...وأنا أعني بذلك سومي، تبدوان منسجمتان للغاية.

وعلى خلافي أنا...كان من المفترض أن أتحدث رفقة كاي وبومقيو بما أنهما ضيفان في بيتنا، إلا أنّ شروذي المطول منعني من ذلك.

كنت كلما حاولت التركيز مع أحاديثهم أجد عقلي منجرفاً الى ما تحتويه تلك المذكرة، كما أنّ تواجد أمثلتها الحية بجواري أشعرني بالإرتياب والرعب قليلاً.

إكتفيْتُ بإختلاس النظر إليهما بين الحينِ والآخر علِّي أرى شيئاً ملفتاً يثبت لي صحة ما قرأت، ولكن بئساً!

يبدوان طبيعيان، الى أن تقدمت إحدى الخادمات لتسكب لنا عصير البرتقال الطازج!

وحينها أبدى كاي تعبيراً مستنفراً، وقد لمحتُ ذلك وبوضوح!

كمش تعابيره، وقد طلب منها أن لا تسكب له قبل أن تصله حتى!

- ألا تحب عصير البرتقال؟!
تساءلت أمي مبديةً تعجبها، فتكلف الذي بجواري بسمةً خافتة قبل أن يجيب بهدوئه المعتاد:
- كلا...أنا لا أحب الحمضيات مطلقاً.

مهلاً لحظة!

الحمضيات؟!

يا إلهي! لقد صادفتني هذه الكلمة في مذكرتهم وتحديداً في الجزء الذي يتحدث عنه.

فبحسب ما أذكر أنّ الروح التي تسكنه تخص كلب،
والكلاب تكره الحمضيات بكافة أنواعها وتهتاج من رائحتها كثيراً!

تُرى هل هذا يفسر نفوره من عصير البرتقال قبل قليل؟!

من المؤكد أنه كذلك بالفعل!

End Eunwoo pov.

__________________________

إنقضت تلك الليلة، وكذلك اليوم الذي يليها، ليأتي يوم الخميس الذي يوافق رحلة عودة جونغكوك وڤانيسا الى كوريا الجنوبية.

وبما أنّ طائرتهما قد أقلعت في وقتٍ متأخر من مساء يوم الأربعاء، فهاهما يصلان الآن الى مطار إنتشون الدولي، حيث الساعة تشير الى التاسعة صباحاً.

بدا على جونفكوك بعض التعب، أما ڤانيسا فقد كانت في أوجِّ نشاطها.

وفور دخولهما المطار وجدا نامجون بإنتظارهما، وقد تكلف بأخذ حقائبهما وإصطحابهما من المطار الى منزل عائلة جيون حيث الجميع بإنتظارهما.

كان من المفترض أن يعودا مباشرةً الى منزلهما، ولكنهما فضلا الذهاب الى منزل عائلته أولاً ليتناولا وجبة الغذاء كما طلبت والدته حتى يتملصا من الذهاب مساءً ويعودا الى منزلهما بعد الظهيرة.

وفور وصولهما وجدا إستقبالاً برجوازياً من طرف الخدم، والفكرة بالطبع نابعة من عقل السيدة جيون ذات المزاج الغريب كل يوم!

إذ أنّهما وفور بلوغهما بهو المنزل الواسع، قابلهما صفان منظمان من الخدم المرتبين ببسماتٍ بشوشة على كلا الجانبين، وعند نهاية إصطفافهم ظهرت السيدة جيون ذات المعالم المجتذلة برفقة مادام ساندرا.

كانت متأنقة، ومظهرها وقوامها دائم الشباب لم يزد مظهرها سوى حيوية.

وبالذهاب لمن توقفا بالفعل ينظران الى ما يحدث، فكلاهما لم يكف عن تبادل نظرات التعجب، وإضافةً الى ذلك كتْم جونغكوك لضحكته بمشقة...هو يعرف طقوس والدته الغريبة وغرابتها في تطبيقها أيضا، ولهذا إنتظر رد فعل ڤانيسا على ذلك حتى يتسنى له الضحك بعذر.

وبالحديث عن رد فعلها، فقد كان الصمت ولا شيء غير الصمت!

ظلت تناظر كل ما حولها ببعض التعجب، إضافةٍ الى صمت حماتها الغريب وبسمتها الأغرب من صمتها!

وسرعان ما فتحت ذات منتصف العقد الرابع ذراعيها وراحت تتقدم نحوهما بخُطاً متراقصة حتى بلغتهما.

ضمت كنتها أولاً بشوق تحت نظرات إبنها الفارغة...هل تجاهلته للتو كما لو لم يغب عنها لأسبوعين؟!

ولوهلةٍ سخر من نفسه على شعورٍ راوده بغتة، وقد ردد في عقله: "هل سأشعر بالغيرة منها الآن كما لو كنت مراهقا مدللاً؟!".

- لقد إزددتِ حُسناً يا عزيزتي، علمتُ منذ البداية أنّ ولدي محظوظٌ بكِ!
هتفت السيدة جيون ضاحكة بينما تكوب وجه ڤانيسا المذعورة، وإبنها على يمناها دحرج مقلتيْه وتمتم لنفسه يائساً:
- لا أعلم لما تهمشني بهذا الشكل أمامها رغم أني إبنها؟!

ولم يكد يطبق شفتيه ويخرس فإذا بوالدته تهاجمه بقبلاتها المتفرقة على وجهه بينما تتشبث بعنقه علها تصل لقامته الفارعة مقارنةً بقصرها.

- آه يا حبيب أمك الوسيم، لقد إشتقتُ لك كثيراً!
لمحها تمسح دموعها الوهمية، فإبتسم بقلة حيلة...والدته لا تعيش من دون مشاهد درامية مبتذلة!

أمسك بكتفيها بعد أن إبتعدت، ودنى منها مقبلاً جبينها.
- وانا أيضاً أمي...ثم ما كل هذا الجمال والأناقة؟
قهقه يديرها من يدها حول نفسها، وهي كانت تضحك بملئ أشداقها لغزل إبنها الرخيص.
- انا هكذا على الدوام يا عزيزي.
رفعت أنفها بحركةٍ واثقة، ما جعل إبنها وكنتها يضحكان عليها.

ولم تدم خلوتهما طويلاً، فإذا بهيجين والسيد جيون يحضران هما أيضا ليرحبا بالواصليْن حديثاً.

وبما أنّ الوقت لا يزالُ مبكراً للغاية على الغذاء، فقد قررا الصعود لغرفتهما لينالا قسطاً من الراحة بعد تلك الرحلة المتعبة.

جونغكوك قرر الإستحمام، وڤانيسا إنتهزت دخوله للحمام حتى تعبث بغرفته وأشيائه.

ورغم أنه لا يقيم مع عائلته، وهذه تكون غرفته القديمة لا أكثر، إلا أنها وجدت أشياء عدة عن ذكرياته في السنين الماضية، وأولها هو ألبومُ صور.

ولم يمنعها لا فضولها ولا إحترامها لخصوصيته من فتحه وتصفحه بإعتيادية، وسرعان ما راحت تبتسم على لطافة مظهره حينما كان صغيراً، إذ أنها كانت تجلس على حافة السرير، وإستدارت نحو باب الحمام مخاطبةً إياه بصوتٍ عالٍ حتى يسمعها:
- يا جيون، لقد كنت أرنوباً لطيفاً في صغرك!
ولم تكف عن الضحك على بقية صوره، خصوصا تلك التي كان يرتدي فيها فستاناً وردياً ويضع ربطات شعر بذات اللون.

- آه يا إلهي، مظهره مزرٍ للغاية هنا!
راحت تتدحرج على السرير ممسكةً بطنها لشدة ضحكها، وتزامناً مع ذلك خرج جونغكوك بسيماء متعجبة بينما يجفف شعره.
- ما بالكِ تضحكين بهذا الشكل؟ هل فقدتي عقلكِ؟!

حاولت ڤانيسا الجلوس بإعتدال، إلا انها لم تفلح لشدة تعبها من الضحك.

نزعت ربطة شعرها لينسدل على جانبي السرير حولها، وأخذت تمسح دموعها بينما تلوح له بتلك الصورة:
- بل أنت الذي ستفقد سمعتك وصيتك إن عرضت هذه على العامة!

رمش في بادئ الأمر ولم يفهم، ثم إقترب سريعاً وخطف تلك الصورة من يدها، ولم يتطلب الأمر كثيراً حتى إستوعب أنها عبثت في أغراضه ووجدت هذه المصيبة، فتمتم بإحراج بينما يشيح وجهه بعيداً عنها:
- اللعنة! لِمَ لازالت أمي تحتفظ بها حتى الآن؟!

ومازاد من إحراجه هو عدم توقف تلك المرمية على السرير عن الضحك.

تحمحم مدعياً اللامبالاة، ورمى بتلك الصورة على السرير مجدداً.
- لستُ أهتم، أظنها ستكون لفتة لطيفة عن طفولتي!

رفعت ڤانيسا حاجبيها مدعيةً الدهشة، ثم سحبت تلك الصورة وهمهمت تعتدل في جلوسها.
- حسناً إذاً، مادام الأمر يروقك فسأنشرها على كافة حساباتي في مواقع التواصل الإجتماعي.
كانت على دراية بأنها صارت إمرأة مشهورة من بعد زواجها به، إذ أنّ متابعيها على مواقع التواصل الإجتماعي قد إزدادت بشكلٍ كبير، ونشرها لصورته هذه سيتسبب بتداولها على نطاقٍ واسع.

وإثر كلامها وسع جونغكوك مقلتيه وإستدار نحوها سريعاً، ليجدها متربعة في وسط سريره مع شعرها المسدول على السرير بقربها، ولن ننسى تلويحها للصورة أمام وجهه وبنظراتٍ شديدة الإستفزاز.

- يالها من مزحة طريفة!
قهقه جونغكوك بتكلف منتظراً موافقتها رأيه، لكنها إبتسمت بشر وقالت:
- أنا لا أمزح يا عزيزي...أنا دوماً جادة!

حافظ جونغكوك على تلك الإبتسامة الصفراء، وأخذ يرمش لثوانٍ قبل أن ينطق:
- أنتِ لن تفعليها بالطبع!

- بل سأفعلها!
راقصت حاجبيها بمكر قبل أن تقفز من فوق السرير هاربةً من الذي إنقضّ عليها.

- ڤانيسا كافكِ مزاحاً وأعطِها لي!
كان لا يرغب بالركض خلفها، لذا إكتفى بالتفاوض معها على أمل أن توافق بينما لازال يقف على سريره، لكنها هزت رأسها نافية وخبّأت الصورة خلف ظهرها.
- إن كنت تريدها فتعالا وأحصل عليها بنفسك إن إستطعت.
أخرجت له لسانها، وتراجعت خطوتين الى الوراء، اما هو فقد أزفر بقلة حيلة وصفع جبينه.
- هل أنتِ متأكدة؟
ناظرها بجدية، وهي أومأت بثقة.

همهم ينزل من فوق سريره، ورمى بمنشفة شعره على حافة الأريكة، وبغتة راح يركض خلفها.

ساعدها حجم غرفته الكبيرة على الركض والمراوغة، ولكنّ ذلك لم يدم طويلاً.

فبعد أن ركضت نحو الحمام ولم تجد مفراً سوى السرير على يمينها، قفزت فوقه على أمل أن تلوذ بالفرار مجدداً، لكنه أمسك ساقها وأفشل مخططاتها.

سحبها نحوه، وحينما أبت التزحزح بتشبثها بعارضة السرير قرر هو أن يأتي إليها.

حاصر ساقيها بين فخذيه حتى لا تهرب، وحاول أن يصل ليدها اليمنى حيث الصورة، لكنها لم تستسلم وأبعدتها بأكبر قدرٍ ممكن وسط ضحكها الصاخب والمرح، فتنهد لإجبارها له على تنفيذ الخطة (ب) والتي لن تروقها ربما!

إعتلاها، حتى يضمن محاصرته التامة لها، وزحف فوقها حتى وصل لذراعها وأخذ الصورة بكل سهولة، وقبل أن ينهض عنها حدق بوجهها وقال ببساطة:
- كان بمقدوركِ منحي إياها منذ البداية دون الوصول الى هذه النقطة.
وقد عنا وضعيتهما الحميمية، لكنها لم تأبه، بل جذبته من تلابيب قميصه الفضفاض حتى باتت سنتيمتراتٌ ضئيلة ما يفصل وجهيهما عن بعضهما البعض، وقد بللت بعض من قطرات ماء شعره المبلل وجهها المحمر إثر ركضها.
- لم أنزعج من ذلك حقاً، فالإستمتاع بإستفزازك يستحق!

أزفر ضحكةً خفيفة، وأمال على إثرها زاوية شفتيه بشكلٍ جذاب، وقبل أن ينهض للمرة الثانية نقر جبينها وقال:
- ومنظر عينيكِ عن قرب يستحق أيضاً...أما الآن، فهل لكِ أن تجففي لي شعري؟ لا رغبةَ لي بفعل ذلك حقاً!

- كف عن التغزل بي يا هذا!
تجاهلت كافة حديثه، وركزت على اول جملة، وكان جونغكوك قد إستقام عنها ينتشل منشفته من فوق الأريكة، ويعود لتجفيف شعره مقهقهاً.

وهي ظلت جالسة على السرير بمظهرها المبعثر ذاك.

- أنتِ تسمينه غزلاً، وانا نيتي كانت المدح لا أكثر!
عبث معها ضاحكاً، بينما يخرج مجفف الشعر ويجلس على الكرسي واضعاً إياها في الأمر الواقع مع تجفيف شعره.

وقد إستسلمت ڤانيسا أمامه بالفعل وإستقامت تربط شعرها بفوضوية، ثم حملت المجفف وراحت تجفف شعره وسط إبتسامته الراضية لنصره.

____________________________

[جامعة سيول الوطنية]

مر يومان على فقدان الأورجي لمذكرتهم...

فبالأمس فتشوا القاعات التي تلقوا فيها محاضراتهم، وكذلك الكافيتيريا، الساحات ووالممرات ولم يتركوا أي مكان إلا وبحثوا فيه شبراً شبراً.

لكن لا أثر لها، لذا قرروا العودة للبحث عنها في المكتبة، راجين أن يجدوها، رغم كونها المكان الذي أصرّ تايهيون على كونه الوحيد الذي أخرجه فيها، ومن بعد ذلك لم يراها.

كان خوفهم من مصيرهم المربوط بها دافعاً كبيراً لألِّا ييأسوا ويستمروا بالبحث في ذات المكان عشرات المرات...وقد أهلكهم التعب لذلك.

كما أنهم سيفعلون المستحيل ليجدوها اليوم قبل أن يلتقوا بڤانيسا، فلن يكون ساراً لها أن يستقبلوها بخبرٍ كهذا.

وهاهم الآن يبحثون في المكتبة مجدداً، تغيّب ستتهم عن وجبة غذائهم في سبيل البحث، لكنهم ولحد هذه الساعة لم يجدوا أي أثرٍ لها، لذا تراود إليهم إحتمال وقوعها في أيدي أحد الطلاب، وقد أرعبهم ذلك وبشدة.

- يا إلهي، سأفقد صوابي إن لم نجدها هنا أيضاً!
جلس سوبين القرفصاء مغطياً وجهه بكفيه، وقد إستشعر الخمسة الباقون إقترابه من الإنهيار باكياً لشدة خوفه، لذا جاورته سومي وكذلك بومقيو يربتان على ظهره.

- لا بأس سوبيني، سنجدها لا تقلق.
أبعدت سومي كفيه عن وجهه، وبالتزامن مع ذلك لمحوا جسد شخصٍ يقترب منهم كون المكتبة في هذا الوقت من النهار تكون شبه فارغة من الطلاب.

ولم يكن ذاك الزائر سوى أونوو، وكعادته هادئ الملامح والمظهر، ويحمل حقيبة ظهره على كتفٍ واحد.
- مرحباً يا رفاق.

حيّاهم، وقد ردوا له التحية وسط تبادلهم النظرات حول مجيئه في التوقيت الخاطئ، إذ أنه سيعيقهم عن البحث بأريحية.

- مالذي تبحثون عنه؟
تساءل مكتفاً ذراعيه، ولم يكف عن مراقبة ردود أفعالهم.

- نبحث عن مذكرة تخص دراسة تايهيون.
أجابه كاي، فإبتسم داخله وعرض عليهم قائلاً:
- هل تحتاجون أي مساعدة في البحث؟

- كلا، شكراً لك، سنتدبر أمرنا.
أجابه هذه المرة تايهيون، لكنهم تعجبوا من بقائه واقفاً في ذات المكان يحدق بهم دون أن يغادر.

- هل أنتهم متأكدون؟
أمال رأسه، وقد طفح الكيل بسومي التي ردت عليه بلكنةٍ عدوانية:
- أجل!

أزعجها كونه يعيق بحثهم ولم يغادر جوارهم.

أظهر أونوو بسمته الوسيمة هذه المرة، وأنزل حقيبة ظهره عن كتفه وسط تحديقاتهم المتعجبة من أمره.

ولم يلبث طويلاً حتى أخرج لهم مرادهم ولوح به أمامهم.
- ظننتكم تبحثون عن هذه، لكن يبدو ومن رد الآنسة سومي أنكم لا تريدونها.

راقب معالمهم المنصعقة وبقوة، وكذلك تبادلهم لنظرات القلق والتوتر، فزاد من إمالة شفتيه وتكتف.
- منذ أول لقاء، شعرتُ بتلك الهالة الغريبة التي تحيطكم، وذاك الحادث الذي تعرضتُ له ومروركم في ذات الليلة من مكان نشوبه ما كان سوى صدفةً منحتني فرصة إكتشاف حقيقتكم.

صمت كحالهم يحدق بوجوههم المصفرّة، ثم أضاف ملوحاً بتلك المذكرة:
- لأَصْدِقَكم القول، مذكرتكم هذه وقعت بين يدي صدفة هي الأخرى، وقد أذهلني محتواها حد مخاصمة النوم لجفوني، ولكني راغبٌ بسماع مضمونها منكم...من أنتم؟! وما هي قصتكم يا أيها الأورجي؟!

___________________________

[حي سامشونج دونغ- الساعة 3:00م]

عند أطراف هذا الحي التراثي ذي الطابع الهادئ والمنزوي عن ضوضاء إزدحام مدينة سيول، يقع منزل جونغكوك المحاط بالخضار والطبيعة.

وكان الثنائي المزيف قد وصل منذ عشر دقائق الى المنزل بعد تناولهما وجبة الغذاء رفقة العائلة.

وبينما صعد جونغكوك الى غرفته، ظلت ڤانيسا تستكشف أطراف المنزل الذي لم تسنح لها الفرصة برؤيته كاملاً في النهار، فوجد الأول حقائبهما التي أوصلها نامجون قبلهما في غرفته.

- ڤانيسا...حقائبكِ هنا إن كنتِ تبحثين عنها.
نادى عليها وسط فتحه لحقيبته حتى يفرغ ما تحتويه، وقد كان من طبعه مقته للفوضى وإهتمامه بالنظام على الدوام، لذلك باشر بترتيب حاجياته.

وبعد هنيهات أطلت له ڤانيسا من باب غرفته، ففتح أحد أدراج مكتبه، وناولها مفتاحاً ما.

- هذا مفتاح غرفتك، إنها تلك التي تقع يمين الدرج ما إن تصعدي، ولكنها مغلقة منذ وقت طويل وتحتاج الى التنظيف.
أخبرها جونغكوك داعكاً عنقه، فهمهمت ڤانيسا تأخذ المفتاح، وقبل أن تغادر أضاف:
- لقد طلبتُ من نامجون أن يشتري لكِ كل ما تحتاجينه من لوازم لترتيب غرفتك من أفرشة وأغطية وتحف، ستجدينها في العلية.

- حسناً، سأتدبر أمري.
فكت الوشاح الحريري المربوط حول عنقها، وربطته حول رأسها لتمنع خصلات غرتها من مضايقة وجهها أثناء العمل، كما أنها لم تكلف نفسها عناء تغيير ثيابها، والتي كانت عبارة عن بنطال عريض أزرق به خطوط رفيعة بيضاء يصل لمنتصف ساقيها، وقميص أبيض من دون أكمام.

أما هو فقد حمل راديو صغير في يده ونزل الدرج.
- إن إحتجتي لأي شيء فسأكون في صوبة أزهاري.

همهمت، وذهبت لباب غرفتها تفتحه، فإستقبلتها عتمتها.

أشعلت الأنوار، وفتحت الستائر والنافذة أيضاً، وقد لمحت طبقات الغبار التي تغطي الأثاث بالكامل.

لكنها تغاضت عن كل ذلك وأخرجت نصف جسدها العلوي من النافذة تتفقد ما تطل عليه غرفتها، وقد إبتسمت بغبطة.

- هذا رائع، غرفتي تطل على الحديقة الخلفية!
رأت المسبح وصوبة جونغكوك في الأسفل، وقد سمعت صوت أغانٍ كلاسيكية صادرة منها، فتكهنت أنّ مصدرها هو الراديو الذي حمله برفقته قبل خروجه.

إبتعدت عن النافذة فيما بعد، وتخصرت تراقب ما ينتظرها من عمل قبل أن تتنهد.
- هيا بنا ڤانيسا، يجب أن أنتهي من تنظيفها قبل الساعة السادسة، فهي ليست بهذا الحجم الكبير.

وباشرت عملها بنشاط ودون إنقطاع.

وبعد مرور ساعتين تقريباً، كانت قد إنتهت من تنظيف الغرفة بالكامل، ولم يتبقى لها سوى وضع الأفرشة والأغطية على سريرها وكذلك ترتيب التحف، لذا صعدت الى العلية حيث أخبرها جونغكوك لتحضر كل تلك الأغراض.

وبالحديث عنه، فمرور ساعتين كاملتين على تواجده في صوبة أزهاره لم يكن بالوقت الطويل بالنسبةِ له، إذ أنه كان منغمساً في الإعتناء بنبتاته بعد أن غاب عنها لمدة أسبوعين كاملين.

وبينما يدندن مع لحن أحد الأغاني التي كانت تُبث، سمع صوت صراخ ڤانيسا فإستقام فزِعاً!

ترك ما بيده سريعاً وركض الى المنزل حتى يرى ما خطبها، وقد كان صراخها صادراً من العلية.

لم يكن ليخمن سبب صراخها هذا، ولكنه لم يظنه أيضاً بهذه التفاهة!

- هل أنتِ بخير؟! ما بكِ؟!
تساءل لاهثاً إثر ركضه، وهي كانت تحتضن مصباح إنارتها وتقف فوق كومة من الصناديق بينما تشير نحو أغراضها مذعورة!

- هناك فأر! لقد خرج لي من خلف أغراضي!

فغر جونغكوك فاهه وظلَّ متصنماً مكانه، كما ولم يكفّ عن الرمش حتى صفع جبينه وتخصّر.
- إلهي الرحمة! صراخكِ قد بلغني في الأسفل رغم تشغيلي للمذياع، وظننتُ مكروهاً قد أصابكِ أو شيءٌ من هذا القبيل! لأكتشف فيما بعد أنه مجرد فأر!
بربكِ ڤانيسا هل تخافينه حقاً؟!

ناظرها بقلة حيلة، وهي أومأت تعكف شفتيها، فتنهد مغمضاً عيناه قبل أن يقترب منها ويناولها ذراعه.
- هيا إنزلي.

ساعدها على النزول من فوق أكوام الصناديق تلك، ثم سألها:
- هل لا يزال خلف أغراضك؟!

- كلا، لقد هرب بالفعل.

- ممتاز، والآن هناك فأرٌ حرٌ طليق يتجول في المنزل!
تمتم مدعياً السعادة، وهي دحرجت مقلتيها تحمل أغراضها.

- سأذهب لأرتب ما تبقى من غرفتي، أما أنت فآمل أن تجد حلاً لهذا الضيف الصغير قبل حلول المساء، وإلا فسأنام معك في غرفتك!
حذرته تنزل درج العلية، وهو قهقه ساخراً وتبعها.
- لن أمانع ذلك حقاً!

رمته بخفها المنزلي، وهو تخطاه يضحك على تعابيرها.
- حسناً حسناً، سأذهب لشراء مصيدة فئران وأعود.

حمل مفاتيح سيارته، وغادر المنزل تاركاً إياها ترتب أغراضها، ولم يستغرق منها الأمر كثيراً حتى إنتهت.

وقفت في منتصف الغرفة وتخصرت مبتسمة.
- وأخيراً إنتهيت!

كانت الغرفة نظيفة بالكامل ومرتبة، ناهيك عن ألوانها المريحة للعين ومظهرها الأنيق العصري.

- أما الآن...فسآخذ حماماً ساخناً لأسترخي.
رمت بقميصها أرضاً لتظل بحمالة صدرها، وذهبت نحو حقائبها في غرفة جونغكوك.

هو ليس موجود، وهي لا تخجل ولن تأبه لأمره، لذلك فالأمر عادي من وجهة نظرها كالعادة.

________________________

Heejin pov:~

تآكلني الضجر كالعادة لوحدتي الدائمة في المنزل.

أونوو سيتأخر في العودة من الجامعة ككل يوم، وذات الأمر مع إبن عمي جيمين، أخي جونغكوك وڤانيسا غادرا بعد وجبة الغذاء مباشرةً، لا حصص بيانو، ولا خروج من المنزل بمفردي، ولا شيء يمكنني فعله لأستمتع عدا صنع الأساور كالعادة.

ولكم تمنيتُ عديد المرات لو كانت لي شقيقة تمضي معي الوقت وتؤنس وحدتي، فليس لي شخصٌ من ذات عمري لأستمتع معه ويرافقني على الدوام...لا بأس، لقد إعتدتُ ذلك.

هذا ما يعانونه أمثالي حقاً.

على كلِّ حال جلستُ في شرفة غرفتي رفقة معداتي، ورحت أكمل صنع سوارٍ كنتُ قد بدأتُ به منذ ليلة أمس لكنني لم أكمله.

إنه هدية...هدية سأقدمها لشخص ساعدني في الآونة الأخيرة وكان أكثر من يفهمني.

إنه من أجل ذاك الشاب هيونينغ كاي.

وكنتُ قد قررتُ صنع سوارٍ له كعربون شكر على سؤاله الدائم عني كلما إلتقينا.

ففي ليلة تناولهم العشاء معنا قبل يومين تذكر أن يسألني عن أحوالي وإن كنتُ قد تحسنتُ بعد حادثة حفل زفاف أخي التي كان شاهداً على تأثيرها السيئ على نفسيتي، ولم يكف أيضاً عن تقديم النصائح اللطيفة من أجلي حتى أتحلى بالثقة التامة وأحب نفسي كما أنا دون الإكتراث لرأي الناس بي...لقد أراحني الحديث معه كثيراً.

كان كما لو كنتُ أخاطب رجلاً أربعينياً له من الخبرةِ في الحياة ما يكفي لحل مشاكل الجميع دون أن يشتكي، يجيد الإستماع الى الغير، وكلماته كبلسم الجراح الشافي، وانا مدينةٌ له بالفعل.

لاحظتُ كونه يحب اللون الأسود، ففي كلِّ مرةٍ ألتقيهِ فيها وجدت ثيابه تعانق هذا اللون.

ولهذا حرصتُ على أن أنتقي خرزاتٍ سوداء من أجل سواره، كما وكسرت بعضاً من سوادها بخرزاتٍ أخرى رخامية بلون الرماد...ستكون جميلةً بالفعل.

صنعتها بحب كتعبيرٍ عن شكري، ولأني لربما لن ألتقيه في القريب العاجل، سأرسلها له رفقة أونوو رغم رغبتي في تقديمها له بنفسي.

لا بأس...يكفيني أنها ستنال إعجابه دون أدنى شك.

End heejin pov.

____________________________

عاد جونغكوك محمّلاً بأغراضٍ عدة، ومن بينهم قطة بيضاء جميلة مع كافة مستلزماتها.

وضع أكياس المشتريات قرب الباب، وحمل تلك القطة مبتسماً.

- ڤاني...أنظري ماذا جلبتُ معي.
نادى على ڤانيسا بينما يسير في بهو المنزل ويداعب القطة في حضنه، لكنه سرعان ما قطب حاجبيه لذاك المنظر الذي إستقبله!

وسائد الأرائك مرمية على الأرض، كرسي البيانو ليس في مكانه، الطاولات الصغيرة مصطفة قرب بعضها، وڤانيسا منبطحة وسط هذه الكومة مع مكنسة كبيرة...كان ما حولها أشبه بالحصن!

تصنم جونغكوك مكانه وظل يرمش، وقبل أن يسألها لمحت هي ما في حضنه وقفزت من مكانها سريعاً بينما تصرخ بسعادة.

- اوه يا إلهي، إنها جميلة للغاية!
أخذت منه القطة وأعطته المكنسة، ثم ذهبت لتجلس على الأرض في مكانها السابق، وكل هذا وسط تحديقات جونغكوك المرتابة بما حل بالمكان...بإختصار، هو يصاب بعطلٍ دماغي في حال رأى أي شيءٍ يخصه مبعثر بفوضوية!

- مالذي حل بالمكان؟!
كان يفغر فاهه، وهي أجابت ببساطة:
- بعد أن إنتهيت وأخذت حماماً، قررت تناول بعض المسليات بينما اشاهد التلفاز في الاسفل، ولكن ذاك الفأر خرج لي من جديد، وبما أنني صرت سيدة المنزل قررتُ مطاردته، ولكن هذا ما حلّ بالمكان دون أن أمسكه.
رفرفت رموشها بإعتيادية بينما تداعب فرو القطة، وهو ضحك بعدم تصديق!

- بعد كل هذا لم تمسكيه؟! أنتِ حقاً شيءٌ ما!

تجاهلت ما قال، وسألته بحماس بينما تضم القطة الى صدرها بحب:
- من أين أحضرتها؟

- إشتريتها من متجر للحيوانات بعد أن نصحني صاحب المتجر الذي إشتريت منه مصيدة الفئران بتربية قطة حتى أرتاح من مشكلة الفئران في المنزل وأقضي عليها جذرياً.
جلس على الأريكة المجردة من الوسائد بقربها مداعباً القطة، ولم تكف ڤانيسا عن إصدار أصواتٍ مضحكة طيلة إحتضانها للقطة.

- سأسميها بيانكا.
هتفت تناظر جونغكوك بعينان ضاحكتان، فهمهم لها ضاحكاً بدوره على سعادتها التي لا يكاد المنزل بأسره يسعها!

شيءٌ صغيرٌ كهذا أسعدها، وهي كتعبيرٍ عن شكرها له إحتضنته حتى كاد يتقيأ!

- أنت الأفضل يا رجل!
شدت وجنتاه حتى تأوه، ثم تركته وذهبت تقفز مع القطة في حال سبيلها.

مسد وجنتاه متألماً، وسرعان ما تدارك فرارها وتملصها من تنظيف ما أحدثته في المكان من فوضى!

فصرخ منادياً عليها:
- ڤاني تعالي هنا حالاً! لا تتركِ كل هذه الفوضى لي وحدي!

وحينما لم تجبه لحق بها راكضاً للطابق العلوي متذمراً.
- هذه الفتاة ستقودني الى الجنون حتماً!

__________________________

بعد أن شارفت الشمس على المغيب، غادر جونغكوك برفقة تايهيونغ وجيمين الى نادي البلياردو حتى يستمتعوا، وڤانيسا ظلت تنتظر ضيوفاً بفارغ الصبر.

لقد كانوا الأورجي وسومي وجين، ولكنها وما إن فتحت لهم الباب حتى وجدت فرداً آخر سعدت برؤيته هو الآخر، وقد كان أونوو.

عانقتهم فرداً فرداً حتى كادت تخنقهم، وبسمتها كادت تشق وجهها إجتذالاً.

- عزيزتي ڤاني، لقد أعددتُ لكِ بعض الفيتوتشيني وخبز الثوم الذي تحبينه.
كان هذا جين الذي يحمل بين يديه حافظة طعام، وقد برقت عينا ڤانيسا لحديثه.

- اوه هذا لطفٌ منك جين!
عكفت شفتيها تناظره، فرمش مراراً مبتسماً، ثم ناولها الحافظة وقال بكل نرجسية:
- انا لطيفٌ منذ ولادتي وهذا ليس بالشيء الجديد عزيزتي.

تجاهلته ووضعت تلك الحافظة على طاولة المطبخ، ثم قدمت لهم ضيافة بسيطة وجاورتهم الجلوس.

- إذاً...ما أخباركم وما أخبار دراستكم؟
تساءلت مبتسمة تحدق بوجوه الذين باتوا يناظرون بعضهم بقليلٍ من التوتر، وقد شعرت هي بذلك.

وقبل أن تتساءل أجابها سوبين:
- إنها بأفضل حال ڤاني.

ومن بعدها إلتزم الجميع الصمت، وراحوا يحدقون بجين مستنجدين حتى يفاتح ڤانيسا بأمر إكتشاف أونوو لحقيقتهم، لكنه إدعى الغباء وتجاهلهم، فهو يجلس بجوارها، وإن أتحفها بهذا الخبر قد يصيبه رد فعلها العدواني المفاجئ، وهو لا شأن له بالنهاية!

تملكت ڤانيسا الحيرة من غرابتهم، لذا إستفسرت بحاجبٍ مرفوع:
- ما بكم يا رفاق؟ هل هناك شيءٌ ما؟!

ظلوا جميعاً يتحمحمون، الى أن تنهد أونوو الصامت منذ قدومه وإعتدل في جلوسه محدقاً بها ومبشراً إيها بتلك الصدمة:
- في الواقع...لقد إكتشفتُ حقيقتهم ومن يكونون بالفعل.

نطقها بكل بساطة، فتجمدوا جميعاً بإستثنائها هي التي ظلت تحدق بوجهه دون النبس ببنت شفة!

وسرعان ما أطلقت ضحكة متكلفة وراحت تصفق، ثم توقفت فجأة وتلبست وجهها تعابير الجمود.
- كيف حدث هذا؟
نبرتها كانت مخيفة وهادئة، وجميعم لم يجيبوا لأول وهلة.

وحينما شعر جين بالجو المشحون يتسلل للمكان حولهم، إستقام ببطئ حتى يهرب الى أي مكان، لكنها زجرته دون أن تنظر إليه حتى، وأشارت له بالجلوس:
- عد مكانك!

إرتعب وعاد للجلوس سريعاً، وهي أشارت نحو الأورجي تحثهم على التحدث، إلا أنّ أونوو سبقهم جميعاً وقال:
- يمكنهم الوثوقُ بي، فأنا لن أشيَ بهم ڤانيسا!

صمت لجزءٍ من الثانية، ثم تنهد يخبرها بكل ما جرى:
- في الواقع بدأ كل شي منذ تلك الليلة، صحيحٌ أني كنت شبه واعٍ حينها، ولكني ميزتُ القليل من ما جرى قبل أن أغيب عن الوعي، وحينما إستيقظت كانت تلك المشاهد تمر على ذاكرتي دون رحمة مسببة صدمتي، لم أتمكن من إخبار أي أحد في بادئ الأمر خشية أن ينعتوني بالمجنون، وإحتفظت بذلك لنفسي ولم أكف عن إقناع عقلي بأنها مجرد أوهام.
كما أني لم أكن أعرفهم، ولكن في حفل زفافكِ أنتِ وأخي قادتني سومي الى معرفة هويات منقذيني عن طريق قلادتها وصوتها الذي كان شبيهاً بصوت الفتاة التي أنجدتني قبل أن أفقد وعيي.
ناظر سومي في ختام حديثه علها تفهم حسن نواياه تجاهها، وقد كانت لحظتئذٍ ممسكةً بقلادتها وترمش بعدم تصديق.

أشاح بنظراته عنها وأعادهم حيث ڤانيسا تحدق به في صمت.
- صوتها كان نسخةً طبق الأصل عن تلك الفتاة، وقلادتها كانت آخر ما لمحته أمام عيناي، كما أن مواصفات طاقم التمريض التي أدلوا لنا بها عن كونهم خمسة شبان وفتاة زادت من توثيق ظنوني.
ثم فيما بعد وجدتهم يدرسون معي في ذات الجامعة، وقد لاحظت عدة تصرفاتٍ غريبة منهم جعلتني أشك بهم أكثر وأكثر، إبتداءً من تهربهم الواضح من لينو ورفاقه كلما إلتقوا بهم صدفة، وإنتهاءً برد فعلهم المذعور حينما واجههم بحقيقة كونه يعرفهم.
كان بمقدوري حينها تمييز كونهم هم ذاتهم الذين أنقذوني، ولكني لم أجد تفسيراً منطقياً لِما رأيته من إعجاز ليلتها، وما قادني للجواب هو مذكرتهم.
وجدتها صدفة في مكتبة الجامعة، وقد ظننتها كتاباً من المكتبة نفسها وليست غرضاً شخصياً لأحد، ولهذا أخذتها معي بعد أن تملكني الفضول حول مظهرها واللغة المستعملة في كتابتها، ولأنها كانت تحوي صورهم وأسمائهم فقد علمت من يكونون بالفعل.

حل الصمت أرجاء المكان، وما بتره هو نطق جين بعد وضعه لإحدى ساقيه على الأخرى وغمزه لأونوو:
- أنت تروقني يا فتى!

حدقوا به جميعاً لهذيانه الغير مفسر في التوقيت الخاطئ!

لذا تحمحم يعتدل في جلوسه قبل أن يتمتم:
- أعتذر.

دحرجت ڤانيسا مقلتيها عنه، وتنهدت تدلك جبينها، وقد سارع تايهيون بالتبرير كونه السبب في وقوع مذكرتهم بين يدي الآخر:
- ڤاني لقد كنت أحملها معي كالعادة لأبحث عن شيءٍ يفيدنا طيلة وقت فراغي، لكنني لا أعلم كيف أسقطتها ونسيتها في المكتبة، أعتذر بشدة على إهمالي.
طأطأ رأسه لأسفل، وسوبين عكف شفاهه محدقاً بتايهيون ثم بڤانيسا.
- ڤاني نحن آسفون على إهمالنا حقاً، سنكون أكثر حذراً في المستقبل.

- لا بأس لا بأس، لقد حدث ما حدث الآن.
كانت تدلك جبينها مغمضة العينين، وأونوو تنهد قائلاً:
- أقسم لكم بأني سأحفظ سركم ولن أشيَ بكم يا رفاق.

همهموا جميعاً، فتذكر أمراً جعله يطرح سؤالاً عنه على ڤانيسا:
- ولكن مهلاً لحظة! هل أخي يعلم بهذا؟!
بدا متعجباً للغاية، فنفت هي تخلل أناملها الرفيعة في خصلات شعرها.
- كلا، هو لا يعلم بأمرهم.

همهم متفهماً، وقد شعر يونجون بكون أونوو غير مرتاح من رد فعلهم، ولهذا إبتسم له وربت على كتفه مراراً.
- سنثق بك يا صاح، وستكون جزءاً منا من الآن فصاعداً.

إبتسم أونوو، وراح يناظر ردات فعل الجميع، والتي لم تختلف عن يونجون في شيء، وهذا ما دعاه ليرتاح ويطمئن.

وقد أشارت نحوه ڤانيسا مبتسمة بجانبية.
- لقد تخوشتُ منك منذ البداية لعلمي المسبق بأنك ستكتشفهم عاجلاً أم آجلاً...ولكن، أهلاً بك في فريقنا.

قهقه أونوو مميلاً رأسه كعلامة شكر على طريقة ترحيبها، ثم وعلى حينِ غرة خرجت لهم القطة بيانكا من العدم تتبختر حتى جلست في حضن سومي المندهشة.

شقت الإبتسامة وجهها، وأشارت نحو القطة متسائلة:
- يا إلهي هذا لطيف! هل هي قطة جونغكوك؟
ظنتها تخص جونغكوك، ولكن أونوو قطب جبينه ونفى:
- كلا، إنها ليست لأخي!

- إشتريناها اليوم حتى نتخلص من الفئران، لقد وجدنا واحداً عصر هذا اليوم في العلية و...

- كلا! لا تقتلوه!
صرخ سوبين مقاطعاً ڤانيسا التي قفزت من مكانها فزعة، والبقية أخذوا يحدقون به مستنكرين.

إذ أنه وقف بالفعل مفزوعاً بالتزامن مع صراخه، والوسادة التي كانت في حضنه قد طارت نحو وجه بومقيو!

- ستدفع ثمن ذلك أقسم!
تمتم له بومقيو منزعجاً، وهو لم يلقي له بالاً مع ما يشهده الآن من حربٍ ضد الطبيعة كما يزعم!

- أرجوكِ ڤانيسا لا تدعوا القطة تأكله!
توسلها بعينان بريئتان وشفاهٍ معكوفة.

- ولِمَ سأفعل! أنا أمقت الفئران وأخافها كثيراً!

- ما تفعلينه يعتبر حرباً ضد البيئة وضد كائناتٍ لطيفة مثله!

- هل حقاً ترى الفأر كائناً لطيفاً؟!
تساءل جين مقهقهاً بسخرية، فأدمعت عينا سوبين بالفعل!
- أجل!

دحرج جين مقلتيه وعاد لمضايقة أخته التي تحمل القطة، وسوبين حدق بڤانيسا هذه المرة وقال:
- أرجوكم لا تدعوا القطة تأكله، أعدكِ بأني سآتي غداً لأخرجه من منزلكم نهائياً.

لم تصمد ڤانيسا أمام مظهره اللطيف وكذلك لمعان عينيه الطفولي، فتنهدت مهمهمة.
- حسنا، ولكن إن لم تتمكن من إخراجه غداً سأعمل على قتله إن...

- شكراً لكِ ڤاني.
إحتضنها وقاطعها للمرةِ الثانية، وهي إبتسمت بخفة مربتةً على ظهره.

وكل ما جرى كان أمام ناظري أونوو المتعجب من ترابط علاقتها الشديد بهم، وقد أشبع فضوله حديث كاي المجاور له بعد أن لاحظ إستغرابه:
- ڤانيسا بمثابة أمنا وأختنا وكل ما قد يكون عزيزاً على قلب إنسان...إنها منقذتنا.

إبتسم أونوو محدقاً بها وهي تضحك على تايهيون الذي عضته القطة لإحساسها بروح البومة داخله، وعلى خلافه بومقيو الذي فرت منه ما إن حاول مداعبتها خوفاً من روح ثعلبه، وقد فكر بأنها فتاةٌ عشرينية بشجاعة وجرأة مئة رجل لتحملها مسؤوليةً كبيرة كهذه، وكم أنّ عائلته وشقيقه محظوظون بها.

___________________________

Taehyung pov :~

قضينا سهريتنا أنا وجونغكوك وجيمين في نادٍ رياضي شهير يقع وسط حي غانغنام، حيث إستمتعنا بالشرب ولعب البلياردو حتى الساعة الحادية عشر ليلاً.

وخلال هذه السويعات تجردنا من أي مسؤوليات، وأطلقنا العنان لجموحنا مسترجعين ذكريات أيام الثانوية الصاخبة.

تراهنا، وخسر من خسر وفاز من فاز، وكان ذلك يضفي جواً خاصاً بالنسبةِ لنا كشبان يتقمصون التحرر بعد أشهر من الإلتزامات والعمل.

عاد كلُّ واحدٍ منا الى منزله بعد ذلك، ولم أكف عن الدندنةِ بألحان الموسيقى التي أنعشت سمعي في ذاك النادي طوال طريق عودتي...كنت بحاجة الى ليلةٍ كهذه رفقتهم حتى أتخلص من كل ما يزعجني.

وفور بلوغي غرفتي رميت مفاتيح سيارتي على الطاولة، وكذلك سترة بذلتي الرسمية التي تجردت منها منذ مغادرتي مكتبي في العمل.

رغبتُ بأخذ حمامٍ سريع قبل أن أخلد للنوم، لذا شرعتُ بنزع أزرار قميصي واحدة تلو الأخرى، وقبل أن أخلعه كلياً تلقيتُ إتصالاً من أبي...رائع!

أعرف ما سيقوله لي حقاً!

- مرحبا أبي، كيف حالك؟

- بخير، هل فعلت ما أخبرتك به؟

إلهي الرحمة!

تحمحمت أغمض عيناي وأتقدم من نافذة غرفتي.
- كلا، لقد إنشغلت طوال اليوم، ورأيتُ أنَّ الإعتذار منها في العمل غير لائق، لذا سأفعل غداً بما أنه عطلة.

- جيد، وأتمنى أن لا يتكرر ما حدث مجدداً.

- حسنا، عمت مساءً.

- وأنت أيضاً.

أغلقتُ الخط متنهداً، ثم أبعدتُ الستائر عن النافذة، وقد لمحتها تجلس بجوار النافذة تقرأ كتاباً كالعادة.

عدتُ لإغلاق الستائر سريعاً قبل أن تلمحني، وجلستُ على السرير أفكر.

والدي طلب مني أن أعتذر منها على ما بدر مني تلك الليلة، وأنا أتهرب من فعل ذلك منذ يومين!

أجد صعوبةً في ذلك حقاً رغم علمي بأني المخطئ!

ولكني فقدت أعصابي تلك الليلة ولم أحتمل حديثهم، لذا كانت هي ضحية إنفعالي وتصرفي الطفولي.

كبريائي هو ما يمنعني من التنازل، ولكن ما من مفر بعد الآن من الإعتذار، لأنني وإن لم أفعل غداً فلن أسلم من محاضرات والدي عن تربيته الفاضلة لي وكم أنه خَجِل من تصرفي، وأنا لن أسمح لذلك بالحدوث.

فلطالما إعتدتُ أن أكون الأفضل بنظره، وسأحاول أن أبقى كذلك هذه المرة أيضاً.

أما الآن...فرغبتي بالإستحمام قد تلاشت، ولا أرغب سوى بالنوم دون أن أغير ثيابي حتى!

لا بأس، القميص وقد تجردتُ منه، والبنطال مريحٌ بالفعل.

End taehyung pov.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- توقعاتكم؟

- نسبة حماسكم؟

حابة أتكلم معاكم عن شي بخصوص الرواية.

مثل ما بتعرفو انا لساتني عم بكتب الرواية وما خلصتها، ومع تقدم الفصول بتبلش الاحداث تتعقد اكثر وتصير صعبة وبدها تركيز ووقت عشان تترتب وتنكتب على هيئة فصول جديدة.

وانا لساتني عم بنشر الفصول بالموعد المحدد من اول ما نشرتها، وعم حاول خصص وقت إلها عشان اكتب واتقيد بالموعد، بس بآخر فترة ونظراً لظروف دراستي فما أظن اني رح استمر بالنشر عند الموعد المحدد.

محسوبتكم طالبة جامعية بقسم الهندسة المعمارية😂
ولازمني ادرس منيح عشان أجيب محصل عالي بنهاية الفصل الدراسي، وتخصصي بده كثير شغل يدوي ورسم وخرا، وانا ما عدت ألحق أرفه حتى عن نفسي.

لهيك يمكن من هلا ورايح ما عاد أتقيد بموعد النشر، وبدي صير انشر الفصول اول ما بخلصهم، وانا رح حاول جاهدة اني ما أطوّل كتير عليكم، لأني قبل ما اكون كاتبة انا قارئة ع الواتباد مثلي مثلكم وما احب يلي يتأخرو كثير بنشر الفصول.

أتمنى تقدّرو وضعي وتتفهمو الظرف يلي عم مر فيه بالهفترة، وانا اكيد رح أبلغكم على منصة رسائلي بموعد نشر اي فصل جديد من هلا ورايح بما انو ما عاد رح يكون كل يوم أحد.

والحين...يلا نطلع من مود النكد ونرجع لموضوع الرواية.

معليش بس سؤال👈👉

كيف بتشوفو علاقة كوك وفاني؟

طبعا رح حطلكم صور بيت كوك بالكامل عشان تتخيلوه 3D وانتو بتقرأو.

هاد البيت من قدام:




وهاد مدخل البيت:


وهاد وسط البيت من عدة زوايا:






وهاد المطبخ المفتوح:


وهادول درج الطابق العلوي:

غرفة كوك:


غرفة فانيسا:


لو بحطوني ببيت متله متنازلة عن كل حقوقي الاجتماعية وراضية ما اطلع منه وصير متوحدة😂

والحين أشوفكم على خير قمراتي💜


See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top