(26)
(بعد الليل)
الفصل السادس والعشرون
بقلم نهال عبد الواحد
في ذلك الصباح عادت آمال لبيت زوجها بعد فترة مكثتها في بيت أمها على غير عاداتهم، فالعادات لديهم تجعل الزوجة في بيتها عقب ولادتها وتجيئها أمها أو أختها.
وبعد مرور بعض الوقت من وصولها واقترب منها محمد تظهر عليه رغبته في زوجته رغم كونها لم تتم الأربعين يومًا بعد!
لكن آمال انتهزت الفرصة ونهضت مسرعة وهي تقول: شوف بجى يا محِمد النظام دلجيتي إتغيِر، بعد يعني ما ولدت وجِه وليد.
فأجاب بسرعة محاولًا إنهاء الحوار: أيوة طبعًا طبعًا.
_ وعشان إكده من اهني ورايح لزمن مصروف البيت يكون ف يدي.
فوجم قليلًا ثم قال: إيه اللي عتجوليه دي يا وَلية! مصروف البيت طول عمره ف يد أمي!
_ والأحوال إتغيِرت ولزمن يُبجى ف يدي، أنا أم ولدك ولسه عجيب كتير كمان وماعينفعش نفضل أنا وعيالك مستنيين أمك لما تحن علينا وتحل كيسها اللي بيتحل بالضالين!
_ لمي لسانك يا وَلية واتحشَّمي .
_ أنا جولت اللي عِندي يا محِمد!
فصاح فيها: وأنا باجولك حطي لسانك جوة خشمك أحسن لك!
فوضعت يديها على خصرها قائلة: وانا ما عسكتش عن حجي، وأحسن لك إنت تنفذ كلامي.
_ ولو ما نفَذتش!
_ يُبجى بشوجك يا محِمد، بيت أبوي أولى بيا.
قالتها و هي تسحب وشاحًا وتضعه حول شعرها بعشوائية فأظهرت خصلات شعرها الملونة بفعل الصبغة.
فأسرع نحوها محمد قائلًا: رايحة فين دلجيتي؟ ماانتِ لساكي معودة من بيت أبوكي.
فحملت طفلها بإحدى يديها وحقيبتها باليد الأخرى واتجهت نحو الباب لتخرج، فنادى عليها زوجها: يا بت إستني متسربِعة إكده ليه؟!
_ أنا جولت اللي عِندي، عجبك حديتي كان بها ما عجبكش أن جاعدة متستتة ف بيت أبوي ووجت ما تكون راجل وتنفذ إبجى تعالالي.
خرجت وتركته واجمًا مصدومًا من قولها وفعلها، وبعد قليل دخلت عليه أمه ويبدو عليها أنها قد نادته مرارًا، حتى صاحت فيه: جرى إيه يا واد إنت! كل دي ما سامعنيش! مرتك رايحة على فين؟ وليه معاودة بيت ابوها؟! مش لساتها جاية من عِنديه!
فأجاب متنهدًا: إتشابطنا و راحت بيت أبوها.
_ وده يصح برضو يا ولدي! تتشابط مع مرتك وهي لساتها معاودة من بيت أبوها، وبعدين دي لساتها نِفسة يعني لو عكِرت دمها وزعِلتها النكد يرضعه الواد، وبعدين هو انا لحجت أشوف ولدك ولا أشبع منيه!
فنظر إليها ولم يعقب، فتابعت: روح هاتها وهات الواد أنا عايزة الواد يتربى جاري ويولف على طبعي.
فأومأ محمد برأسه أن نعم بقلة حيلة وانصرف ليلحق امرأته...
أما آمال فسرعان ما وصلت لبيت أبيها؛ فالبيتين متجاورين .
فتحت لها أمها و تفاجئت بها: واه يا بت! إنتِ لحجتي! ده إنتِ مروِحة مفيش حاجة!
فجلست على الأريكة وهي تنحي الوشاح من فوق شعرها جانبًا فأجابت: إتشابَطنا .
فصاحت أمها وهي تضرب على صدرها: إوعي يا بت يكون مد يده عليكِ!
فتابعت بصياح: ليه يعني؟ كُت عسكتله ولا كُت عسكتله؟! ولا يكون فاكرني زي المدعوءة جمر اللي غارَت.
فتنهدت الأم بعدم رضا وتابعت: طب لايميها عشان ما تخربش فوج راسك!
فابتسمت بمكر: ما تخافيش يامّي، بتك واعية وعارفة عتعمِل إيه!
_ نفسي أفهم عتستفادي إيه من ده كلاته!
فصاحت: ماانا مش عطلع خسرانة كل حاجة! مش كفاية عضطر أتحمله وأتحمل جرفه، يُبجى لازم آخد التمن.
_ تمن إيه! كنّك اتدبيتي ف عجلك! وبعدين جرف إيه! في واحدة تجول إكده على جوزها!
_ بس يامّي إنتِ ما تعرِفيشي حاجة، خليني ساكتة أحسن، بس برضو عاخد حجي وأنا ياابن فوزية.
_ عوض عليّ عوض الصابرين يا رب! بس لو أفهمك يا بت بطني!
_ ما تتعبيش حالك!
وهنا دق الباب، فتمايلت آمال وابتسمت بسمة الإنتصار بينما أسرعت أمها لتفتح الباب وكان بالطبع محمد زوجها والذي دلف مندفعًا للداخل.
فصاحت خالته بترحاب: يا مُرحب يا مُرحب! إتفضل يا محِمد .
فلم يلتفت لخالته واتجه مباشرةً ناحية زوجته وصاح: يعني عاجبك عمايلك دي يا آمال! وعتخلي اللي ما يشتري يتفرِج علينا!
فأجابت بلا مبالاة: ما حدش جالك تعارضني!
فصاح: ودي كلام يتعجل دي! إنتِ إكده بتجيديها نار يا آمال!
_ وأنا ما طلبتش حاجة عويصة! كل اللي عايزاه أمسك مصروف البيت كيف أي ست! إيه أجرمت ولا أجرمت!
فصاحت أمها و هي تضرب صدرها مجددًا: يا مري يا مري! عتجيديها نار يا بت بطني! عتخربيها وتجعدي على تلها يا بت بطني!
ثم تسآلت: أمك تعرِف الحديت دي يا محِمد!
فأجاب: لا يا خالتي أمي لساتها ما تعرِفش .
فالتفتت ناحية ابنتها: إجصري الشر يا آمال و روِحي مع جوزك.
فحملت ابنها وهمّت لتذهب قائلة: لا، يا مصروف البيت يُبجى ف يدي و يادار مادخلك شر، يا إما خليني جاعدة إهني متستتة واللي عايزاه عاكله مش مذلول أبداني مع كل لجمة عشان بخل أمك!
وتركته وانصرفت، وقف محمد مكانه واجمًا محاولًا استيعاب ما يجري ثم اضطر للإنصراف.
أما في بيت قمر، فتح ضياء عينيه بتكاسل وهو يلكز عبير النائمة جواره بخفة في بشرة ظهرها العاري لتنهض، فتململت وهي مغمضة عينيها: إمممممممم!
_ همي يا بت شكلنا بجينا الضحى.
_ ماجدراش، سيبني نايمة شوية كماني.
_ جومي شوفي العيال.
_ عيحصلهم إيه العيال يعني، زمانتهم مرمحين في الشارع ولو جاعوا يبجوا ياكلوا رغيف بحتة جبنة ولا عمتهم توَكلهم.
ثم تسآلت: ولا تكونش جعان!
فأجاب وهو يستدير بظهره للناحية الأخرى ويسحب الغطاء على نصفه العلوي المكشوف: لا لا، دي الحمام بتاع عشية كاتم على مراوحي.
_ عتلاجي جارك إزازة سفن إشربها وهضّم، وع الضهر أبجى أجوم أجهز الغدا، ععملك بُرمة كفتة.
_ طيب...
وبعد الظهر بفترة وقد نهضت عبير من نومها تحممت وارتدت جلبابها، هبطت للأسفل تبحث عن أبناءها، فوجدتهم حيث توقعت يلعبون في الشارع، فوقفت عند باب المندرة ونادت على أحد أبناءها فأسرع نحوها راكضًا، فقالت: كلت حاجة إنت واخواتك!
فأجاب الطفل: إيوة عمتي عملتلنا بيض بالسمن جبل ما تطلع.
فتسآلت في دهشة: تطلع! راحت فين دي؟!
_ عتجول راحت تجيب شهادة الثانوية العامة م المدرسة وأنا جولتلها تجيب لنا لبان م اللي عيبظ عسل وياها.
فصاحت فيه: يجيك مصيبة! رايح تطلب من عمتك لبان! ما تاخد آهي حتة بخمسة وجيب اللي نفسك فيه، يجيكم الهم و الغم!
تركته واتجهت ناحية المطبخ، جلست تشكل أصابع الكفتة مع الفريك وترص في البرام الفخارية ورأسها شاردة كأنما تخطط لأمرٍ ما، حتى انتهت و صبت عليه تلك الصلصة المسبّكة وزجته بالفرن.
كان ضياء قد استيقظ و نادى على أبناءه وسلم عليهم وهم متجمعون حوله يشاهدون ماذا أحضر لهم، ثم التفت و بحث بعينيه في كل اتجاه، ثم تسآل: أمال فين جمر؟! كنّها ما تعرِفش إني عاودت...
فهمّ أحد أبناءه بالإجابة فصاحت فيه أمه: خد خواتك وروحوا كملوا لعب.
_ يامّي لساتنا عايزين نشوف أبوي جاب إيه كماني!
_ جولتلك روح دلجيتي، هي الحاجة عتطير عايزة أتحدت وياه، يلا هِم من إهني.
فانصرف الأبناء فعاتبها ضياء: ليه كسرتي بخاطر العيال دلجيتي؟! العيال فرحانة بي و متوحشنّي!
_ عشان اللي عجوله ما يصُحش يسمعوه العيال.
فتسآل بقلق: في إيه! وفين جمر؟! إوعى يكون جرالها حاجة!
قال الأخيرة بلهفة شديدة، فأجابت بلا مبالاة: لا إطمّن، دي زي الجرد.
ثم قالت: بصراحة الوضع لا يمكن يتسكت عليه، وأنا ما عُدتش أجدر أداري أكتر من إكده.
فصاح فيها: ما تنطجي في إيه!
_ أختك...
.....................
..................................
Noonazad 💕❤💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top