البارت الخامس


قل أمثال هذه الأيام.. و سيفخر الزعيم بوجود شخص بقيم عالية ضمن الغرباء...

أرجع ميان دراعه للخلف بينما يحك خلفية رأسه بحرج و قد احمرت وجنتيه بالفعل، بعد أن تدارك نفسه، جثى على ركبتيه مباشرة خلف زين ليدقق النظر في جناحه الجريح.

امتدت يد ميان لتلامس الجناح، و الذي يتساقط منه الريش بخفة و قد أدمى بالكامل و تحول لونه من الأبيض السار للنظر، إلى لون أحمر قاتم بسبب الدماء التي تنساب منه.

بدأ ميان يعدل من وضعية جناح زين و يحاول إرجاع عظامه الرقيقة المتكسرة إلى مكانها، بينما كان زين يقبض على يده و يضغط بها على الأرض من شدة الألم، فجأة توقف ميان ليرفع أكمام يديه، ثم فتح يديه بأن ترك فراغا بين أصابعه.

ثوان فقط و خرجت خيوط ذهبية كأشعة الشمس في أول الصباح، من رؤوس أصابعه، فبادر بتحريك يديه بخفة و بشكل متداخل، حول جناح زين المصاب، لتبدأ عظام الجناح بالرجوع تدريجيا إلى مكانها و الإلتئام، مع العلم أن خيوط ميان تحيطه و كأنه أعاد خياطته.

و عندما توقف اندثر حوله الكثير من البريق، و قد شعر بالقليل من الدوار مما جعله يفقد توازنه لوهلة، لكنه سرعان ما وقف باستقامة و على ثغره ابتسامة انتصار بريئة، تطل من خلف اللثام، بيد أن أحدا لا يمكنه أن يراها.

انتبه له روي فهرع نحوه، و قد فعل البقية المثل أيضا، وقف أمامه و وجهه يحمل تعابير التأنيب ليتحدث بنوع من العتاب قائلا:

كم مرة قلت لك ألا تبالغ في استخدام البريق يا ميان...؟

أرجع ميان يده للخلف و هو يحك رأسه بارتباك ليتحدث بتوتر طغى على نبرة صوته بينما يقول:

أعتذر أيها القائد...

في هذه الأثناء كان زين مذهولا و لا زال يحدق بجناحه بذهول، و هو يحركه بحذر كنوع من الرفرفة البسيطة، و بينما هو بهذه الحال راح يتحدث دون أن يشعر و هو يخاطب نفسه بصوت مسموع:

لا أصدق.. لقد استخدم الزعيم نفس القدرة ليعالج جناح شقيقتي في الماضي.. ظننت أن هذا نوع بريقه.. لكن.. "صمت لبرهة" .. يستحيل أن يمتلك شخصان نفس القدرة...

و غاص في تفكره بعمق، فلم يلاحظ العيون التي كانت تتربص به، و الآذان التي تسترق السمع له، استغرب روي حقا لما تفوه به زين. بالفعل فكيف لشخصين أن يمتلكا نفس القدرة، و ليس بينهما قرابة حتى؟

هنا تدخل الطرف الثالث من الشباب ذا البشرة السمراء و البنية الشامخة، لم يكبد نفسه عناء خلع الرداء او القلنسوة حتى، ليقف بمحاذات زين و الذي رفع رأسه عاليا لينظر إليه نظرا لكونه جالسا على الأرض، إضافة إلى ان الذي أمامه طويل القامة، فلم يرى زين من ملامحه سوى عينيه العسلية الحادة، و التي تنم على مدى جديته و حزمه.

ضيق زين عينيه بانزعاج، ليقف هو الآخر و قد كان بالفعل الذي أمامه أطول منه بقليل، ليستلم دفة الكلام و هو يضم يديه إلى صدره، و الجدية تغلف نبرة صوته:

لقد ساعدناك.. و الآن خذنا إلى زعيمك...

استوطنت نظرات الإستغراب ملامح زين، ليرفع حاجبه باستفسار قائلا باختصار:

من...؟

بدأ الغضب يتسرب إلى هذا الضخم من ردة فعل زين، فقد ظن أن زين يسخر منه أو يحاول المماطلة، عندما رفع قبضة يده بعصبية و بنفاذ صبر، تدخلت كايت بينهما في محاولة لتهدئة الأوضاع، و هي تخاطبه بإصرار قائلة:

لا عليك كارل.. دعني أحاول التحدث إليه...

لا زال زين محافظا على نفس التعابير المتسائلة و قد أمال برأسه قليلا و كأنه ثقل عليه؛ على أي، بعد أن أبعدت كايت كارل عن ساحة الإستجواب، وقفت أمامه و هي تبتسم بودية لتردف قائلة بعد أن تفحصته من رأسه حتى أخمص قدميه:

عذرا يا سيد.. لكننا حقا في أمس الحاجة لزعيمك.. لدينا مهمة لا يستطيع غيره تنفيذها...

ظل زين ينظر لثوان، ثم أشاح بنظره عنها ليرفع إصبعه، و هو يفرك وجنته اليمنى بارتباك، ليجيبها قائلا نفس السؤال:

من..؟ لا أدري عمن تتحدثون...

قطبت كايت حاجبيها بعدم اقتناع، لتردف بنفاذ صبر بدورها و قد رفعت صوتها قائلة بغضب:

إذن من كنت تناديه بالزعيم قبل قليل..؟ أوليس هو نفسه الظل الأسود...؟

هيلين تحرك رأسها بيأس و عدم رضى بينما تحدث كايت في رأسها، فقد استخدمت بريقها و الذي هو التواصل الذهني، قائلة بنبرة ساخرة:

"أنظروا من فقد أعصابه لمجرد كلمتين.. لو تركت كارل على الأقل سيجبره على اصطحابنا و لو رغما عن أنفه..."

قطعت الإتصال قبل أن تسمع رد كايت حتى، لتكمل حوارها الداخلي و هي تخاطب نفسها هذه المرة و قد بدى عليها بعض القلق { لابد أنها لم تستطع قراءة أفكاره.. أجل هذا واضح من تعابيرها.. لكن كيف فعل ذلك..؟ } و بينما هي هائمة في بحر أفكارها، تدخل زين ليتحدث بنفس الإرتباك، بعد أن دار برأسه في المكان كأنه يتأكد أن أكدا لا يتجسس عليه:

حقيقة، الظل الأسود ليس الزعيم.. كل ما في الأمر أننا كبرنا على مناداته بتلك الطريقة.. لدى اخترنا لقب الزعيم تجنبا لمناداته باسمه...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top