الهروب مِن السيء لتقع في الأسوأ
كنت مخطئًا حينما اعتقدت أنِّي المجنون الوحيد، ولكن أنظر، نحن لسنا بقلة، ربما أنت أيضًا مجنون!
____________________
استيقظ "بصير" على هذه الصاعقه، وشعور غريب اقتحم فؤاده، والرهبة والقلق مِن أن تكون صاحبة تلك الجثة هي "حوراء"، على الرغم مِن أنَّه لم يسبق له الحديث معها، ويكاد يعرفها، ولكن أن تُقتل جارته لهو أمر يشعره بالسوء.
فرَّد "بصير" على صديقه بعدما أزال غطاءه، وخرج مِن فراشه مسرعًا:
حسنًا يا "شهاب"، أرسل لي العنوان على الواتساب، وسأتي على الفور لأرى الجثه.
أغلق "شهاب" الهاتف، فلاحظ "بصير" الساعه ليتفاجأ مِن أنَّ الساعة التاسعة ونصف صباحًا، لقد اِستيقظ منذ عِدة ثواني على أذان الفجر، وانتظر فقط أن ينتهي الأذان حتَّى يخرج مِن فراشه ويتوضأ لإقامة الصلاة، فكيف مرَّ الوقت؟!
ذهب "بصير" إلى المرحاض، ثمَّ توضأ وأصرع إلى الصلاة وهو نادمًا على ضياع صلاة الفجر، وفي أثناء صلاته دعى ربه أن يغفر له، ودعاه ألا تكون تلك الجثة هي "حوراء".
انتهى "بصير" مِن أداء صلاته، ثمَّ أسرع وغيرَّ ملابسه، وخرج مِن غرفته مهرولًا، ففاجأته والدته الواقفة أمامها وهو لم يدري كيف ظهرت، ظلَّت تتطلع له جيدًا، تتفحصه بدقًّة، وانتبهت إلى ثيابه، فقالت له وعلامات التعجب ترتسم على وجهها:
إلى أين أنت ذاهب؟ ألم تأخذ أجازه مِن العمل ؟
تحرَّك "بصير" مِن أمامها، وأكمل طريقه وهو يردف:
نعم، ولكن لدي شيء ما مهم، سأعود قريبُا.
أمسكته والدته مِن ذراعه، ثمَّ قالت:
إلى أين ستذهب بدون أن تتناول الطعام ؟ ألا تدري أن جسدك مريضًا وتحتاج لتناول الطعام؟
مرَّ "بصير" مِن جانبها بصعوبة، وأسرع ليخرج، وحينما وصل إلى الباب، وجد والدته تقف جانبه ممسكةً بذراعه، فرَّد عليها:
الأمر ضروري يا امي، ليس لدي وقت.
فنظرت له بغضب شديد، ووضعت يديها على خصرها وأردفت:
ما هذا الشيء الأهم مِن صحتك؟ لن أسمح لك بالخروج قبل أن تتناول طعامك.
فتنهد "بصير"، وأعاد شعره للخلف بيده، ثمًّ اقترب منها قليلًا وقال:
يا أمي الأمر ضروري، يجب أن أتأكد مِن شيء.
فسألتها والدته:
ما هذا الشيء الضروري الذي يدفعك إلى الذهاب إلى العمل في يوم إجازتك؟
علم "بصير" أنها لن تطركه يمضي طريقة، فشعر بالتردد في إخبارها، وبسبب إصرارها، ها هو يقول بصوت عالٍ:
وُجدت جثه ملقاة لفتاة شابة في منتصف الطريق، يجب أن أتأكد منها لأعرف إن كانت هذه هي "حوراء" ام لا.
صُعقت والدته، فيا لها مِن صدمة غير متوقعة تأتي لها في بداية اليوم، ثمَّ
وضربت بكفها على صدرها وتوسعت عيناها، وشعرت بالخوف الشديد على الرغم من أنها هي مَن ضربت "بصير"، وكانت السبب في كسر عظامه، لقد شعرت بالكره نحوها، ولكن بالطبع لم تكن تتمنى أن تموت، وفي تلك اللحظه تناست كل شيء، وأخذت تدعوا لها ان لا تكون هي صاحبة الجثة.
فتح "بصير" الباب ليجد "حور" تقف متخشبة أمام الباب لا تتحرك، كم تمنى أنَّها لم تستمع لهم، ولكن بدون سابق إنذار سقطت أرضًا أمامه بوجهها الجامد والحزين.
وفي تلك اللحظه شعر "بصير" أنه لم يجدر به القول لوالدته، لقد أراد فقط الذهاب والتأكد، لم يكن يريد أن يحدث ضوضاء، وحتَّى الآن هم ليسوا متأكدين، وكان يعلم أنَّه إذا علم أحد لن يزداد الأمر إلا سوًءا، وها هو الأمر في أسوء الأحوال.
ذهب "بصير" إلى غرفة أخته، وبدأ بطرق باب غرفتها حتًّى جائه صوتها الناعم ظاهرًا عليه النوم والنعاس قائلةً:
ادخل.
دخل "بصير" إلى الغرفة ليجد "ياسمينا" تنظر له بأعين شبه مغلقة، وما إن دخل إليها اعتدلت في نومها وقالت:
صباح الخير ماذا.
لم ينتظر "بصير" أن تكمل سؤالها بل أسرع وقال لها:
حور تكاد تفقد وعيها، هي تفترش الأرض، وفي حال صدمه شديده، هل يمكنكِ الخروج لمساعدتها في الوقوف مع والدتي؟ فكما تعلمين لا يجدر بي لمس امرأه لا تحل لي.
وقفت "ياسمينا" بسرعه ثم احضرت حجاب، وقامت بوضعه على شعرها، ثمَّ هرولت الى الباب وساعدت والدتها في نقل "حور" الِّتي كانت لا تعي شيء حولها.
قبل أن يخرج "بصير" نظر خلفه ليجد "حور" تستند على "ياسمينا"، رفع رأسه مردفًا:
حسنًا، يبدوا أنَّ الأمر قد اكتمل.
أسرع "بصير" نحو المستشفى، وجد صديقه "شهاب" منتظرًا إياه، فركض نحوه مسرعًا حتى اقترب منه ونادى عليه، فنظر ذلك المدعو "شهاب" خلفه ليجد "بصير" يقترب منه حتَّى وجده أمامه، فقال "بصير":
أين الجثة الآن؟
فأجابه "شهاب" بعدما حاول تهدئته وبث به الطمأنينة عن طريق قول بعض العبارات:
انتهى الطب الشرعي مِن تشريح الجثه منذ قليل، لتذهب معي لأريك الجثة.
بعدما ذهب "بصير" لثلاجة الموتى ليرى الجثة، فإذا بجسد فتاه مغطاه بقطعه قماش بيضاء، ولكن كان جسدها نحيفًت مقارنةً "بحوراء"، فتأكد أنَّها ليست هي، فتنهد بعمق، ونظر إلى صديقه مبتسمًا بابتسامة امتنان وقال:
لست بحاجة لرؤية وجهها، لقد تأكدت أنَّها ليست هي.
نظر له "شهاب" باستغراب، ولكنه لم يعلق على شيء، ثمَّ خرج "بصير" خلف "شهاب" بعدما دعى ربه بالرحمه لها هي وجميع أموات المسلمين.
عاد "بصير" إلى المنزل مطمئنًا، وما إن دخل إلى الشقة، نادى على أخته "ياسمينا" الِّتي حضرت بسرعة لتطمئن إن كانت هذه الفتاة هي "حوراء" أم لا، وما إن رآها "بصير" شعر بنظرات خوف في عينيها، فابتسم لها وقال:
اطمئني، لم تكن هي.
فوضعت "ياسمينا" يدها على قلبها كأنَّها تربط عليه، ثمَّ ابتسمت بسعادة بالغة، وأسرعت تركض إلى "حور" بعدما قالت:
حمدًا لله، سأخبر "حور" الآن، إنَّها ما زالت في حالة صدمة.
دخلت "ياسمينا" إلى غرفتها، لتقع عينيها على "حور" المستلقية على فراشها بضِعف ووهن، فاقتربت منها بوجه ارتسم عليه السعادة:
لم تكن هي يا "حور".
فنظرت لها حور بعدما انفجرت عينيها مِن الدموع، وتحدثت مِن بين شهقاتها:
حقًا؟
فاقتربت منها "ياسمينا"، وعانقتها بحب ودفىء، وظلَّ تربط عليها وهي تقول:
نعم، ليست هي، والآن هل يمكنكِ أن تكفي عن البكاء؟
فأخذت "حور" تكرر مِن بين بكائها:
حمدًا لك يا رب.
ظلَّت "ياسمينا" تعانقها، فكم أرادت أن تخفف عنها كل هذا الحزن، فليس مِن من الممتع دموع البشر، هي فقط تريد الجميع سعداء، ولكنَّها تعلم أنَّ عالم خالي مِن الحزن وكل ما يحتويه هو الغبطة لهو محط هراء، ولذلك لم يكن بوسعها سوى أن تخفف حزن مَن تراه حزينًا.
عاد "بصير" إلى غرفته، واستلقى على فراشه، وبعد مرور قليل مِن الوقت، استشعر بطرقات والدته على الباب، فقام ليفتح لها، وما إن فتح الباب، وجدها تقف أمامه وهي تحمل الطعام في يدها، فابتسم لها بعدما حمله مِن يدها، ثمَّ قبلها مِن جبهتها وقال:
لِمَ فعلتيه بنفسك؟ كنت سأحضر أنا طعامي.
فأجابته والدته:
لا بأس، فقط استريح ولا تفعل شيء، حسنُا؟
وقبل أن يجب "بصير" عليها، فإذا برنين هاتفه يعلوا ويرتفع في كل أنحاء، فحينما أخرجه وجدا اسم زوجته ظاهرًا على الشاشه، فرَّد عليها:
كيف حالك وحال سدرة؟
استمع إلى صوتها الجامد والجاف بعض الشيء وهي تقول:
نحن بخير.
عاد ليسألها مجددًا:
هل فكرتي في الأمر؟
فأجابته بسرعة دون أن يظهر على صوتها الحزن أو التأثر:
نعم، دعنا ننفصل.
تنهد "بصير" وابتلع تلك الغصن التي في جوفه، ثمَّ قال:
هل هذا قراركِ النهائي؟
فرَّدت بنبرتها الجافة:
نعم، وكما اتفقنا ستظل سدرة معك.
في تلك اللحظه شعر "بصير" بانتهاء كل شيء، لقد ابتعد عنها قليلًا هذه الفتره لياركها تفكير جيدًا وتتخذ قرارهاها في حاله الإنفصال، ولكن يبدو أنها لم تغير رأيها، على الرغم مِن أنَّه لم يكن سعيدًاا معها، ولكنه لم يكن يزد أن تبتعد ابنته عنها، أراد لها أن تنشا داخل أسرة سعيدة، ولكن هذه الأسره كانت مملوءة بالشجار، وها هو الأمر يصل بهم إلى الطلاق.
وفي تلك اللحظة أردف "بصير" وهو يتصنع عدم الاهتمام:
حسنًا غدًا سأحضر المأذون وسأنهي هذا الامر، وداعًا.
أغلق "بصير" هاتفه، ثمَّ جلس على فراشه بحزن محاولًا التماسك، كان دائمًا يحاول أن يصلح الأمور، ويتجنب فِعل المشاكل، ولا يحب الشجار، كان رجلًا رزينًا وعاقلًا، وعلى الرغم مِن تلك الفترة التَّي عاشا بها معًا لم تكن جيدة بتاتًا، ولكنه لم يكن يدري أنَّ الطلاق مؤلم أيضًا، لم يكن يدري ماذا يقول لأهله، ولكنهم كانوا على علم بأنَّ هناك عِدة مشاكل بينهم، ولقد كان مِن المتوقع الإنفصال.
في تلك اللحظة اقتربت منه والدتها بعدما تبينت مِن المكاملة انتهاء زواج ابنها، وعانقته وظلَّت تربط على ظهره مردفةً بصوت غلبه الحنان والسكينة:
لا بأس يا عزيزي، هذا البيت يرحب بك في كل وقت، ولا تخشى على ابنتك، ستكون سعيدة معنا، وسنعتني بها دائمًا، ولا تحزن على الفراق، لقد فعلت ما بوسعك، أنت لم تكن يومًا مقصرًا يا "بصير".
فأجابها "بصير" والحزن يسيطر على صوته:
لست أدري لِمَ أنا حزينًا، لقد أردت الإكمال في هذا الزواج مِن أجل ابنتنا فقط!
جلست والدته بجواره، ثمَّ وضعت يدها على يده، ونظرت له بحزن وقالت:
ربما تلاشى الحب بينكما، ولكن تعودك عليها لم يتلاشى بعد، سيكون الفراق مؤلمًا، أنا لا أعرف ماذا حدث بينكم ليصل الأمر للطلاق، ولكن قد يكون بعدكم عن بعضكم فرصة ليدرك الخاطىء حجم خطؤه، وإن كان الخير في عودتكما معًا فنأمل أن يكون قريبًا، والآن تناول الطعام.
رفض "بصير" تناول الطعام، ولكن أجبرته والدته بعد عِدة محاولات مِن الرفض، ولكن يبدوا أنها كانت هي الفائزة.
في إحدى بقاع مصر، وفي محافظة القاهرة خصيصًا بدأ شعور "حوراء" بما حولها يظهر بعدما كانت فاقدة للوعي لعدة ، وها هو الإدراك لما حولها يجعلها تستفيق بعدما أزعجتها الأنوار التي اقتحمت عينيها، وإذا فجأة بألم شديد في كل ذرة مِن جسدها وخاصةً ظهرها.
وبعد عدة ثوان فتحت عينيها، ولكنها أغلقتها بسرعه حينما وجدت النور يدخل بشدة في عينيها، وعادت لتفتح عينيها مجددًا ببطىء، في البدايه ظهرت الرؤيه ضعيفة، وكل شيء يبدوا ضبابيًا، ويتحرك أمامها، ثمَّ ظهر فجأه وجه رجل غريب لم تتضح مظهره.
وبعدما اتضحت لها الرؤية، تفحصت مظهره جيدًا، فلم تتعرف عليه مِن قبل، لاحظت أنَّ الرجل ضخم البنية حمل قطة في يديه، وهنا نظرت "حوراء" حولها بخوف وهلع، وشعرت بدقات قلبها المرتعب وهي تكاد تسمع مَن حولها، ثمَّ قالت:
مَن أنت؟ وماذا تريد مني؟ ولِمَ احضرتني إلى هنا؟
ابتسم ذلك الرجل ابتسامه بثت الرعب في جسدها، ثمَّ بدأ يملس بيده على فرو قطته برفق وحنان شديد، ثمَّ اقترب منها بشدَّة حيث لم يفصل بينهم سوى بضعة سنتيمترات، وبدأ بالتحدث بصوته المخيف قائلًا:
ألا تحبين اللعب؟
لم تفهم "حوراء" من حديثه شيء، وظلَّت تنظر له بحذر، فكلما يقترب منها كانت دقات قلبها ترتفع أكثر فاكثر، والشعور بالخوف يحتل كل ذره في كيانها حتَّى كادت أن يخشى عليها مِن كثره الخروف.
وفجأة نزل بجسده إلى الاسفل قليلًا، واقترب بشفتيه نحو أذنها وقال:
أنا اشعر بالملل، لقد كنت وحيدًا منذ فتره، لم يكن معي أحد سوى قطتي، ولكن قد حان وقت رحيلها، والآن جاء دورك بأن تبقي معي لبعض الوقت، سنلعب معًا، ثمَّ ستذهبين إلى مكانًا رائعًا بلا عوده يا عزيزتي، ما رأيك؟
ابتعد عنها ذلك الرجل بعدما ألقى بتلك الكلمات الَّتي بدت له غريبة وغير مفهومة، ثمَّ أمسك صحنًا كان موضوعًا على أحد الفوف، ووضعه على الارض أمام القطه، فبدأت القطه تلتهم الطعام، ولم يمر الوقت حتَّى بدأت القطة بالسعال، وبدأ فمها في زيادة إفراز اللعاب، وانتابها رعشة تشنجات وقيء.
وحينما وجدت "حوراء" القطه الضعيفه تموت أمامها، ولكن ذلك الرجل يبتسم بشر، حاولت الصراخ ولكنَّه اقترب منها بسرعة فائقة، وكتم بيده فمها، وأخذ يضحك بخبث قبل أن يقل:
لا حاجه للصراخ يا عزيزتي، لقد أخبرتكِ أنَّه حان وقتها؟
أخرج ذلك الرجل قطعه قماش مِن جيب سرواله، ثمَّ وضعها على فم"حوراء" كي لا يخرج صوت صراخها، ثمَّ عاد ليتحدث مجددًا:
لن ينقذكِ أحد، لقد قررت أن تكوني أنتِ أول ضحاياي من البشر، أوه يا إلهي!لقد نسيت شيئًا، لم أعرفكِ على نفسي، أنا لست بدايتكِ، ولكنِّي مَن سأقف في نهايتكِ، أنا لست السعادة، ولكنِّي سأجعل لكِ شعور غامر بالتعاسة، أنا الخوف والفزع، أنا الهلع والمهرب منه،
أنا الجنون، وفقدان السيطرة على الذات، أنا زين، وأعدكِ أنني سأزين حياتكِ بكل ما هو مؤلم.
صمت ذلك الرجل المدعو "بزين" قليلًا يتطلع إلى وجه حوراء المرتعب، ثمَّ عاد ليبدأ مجددًا:
ينبغي أن تكوني سعيده أنكِ أول مَن سأتخلص منها مِن البشر، ألن يجعلكِ هذا مميزه؟ ستكوني ذكرى لن ترحل مِن رأسي أبدًا، في الحقيقه أنا سعيد جدًا وأتطلع إلى الشعور الذي سأشعر به وأنا أقتلكِ، بالتاكيد سيكون شعورًا لطيفًا، ألا تتفقين معي؟
عاد "زين" لينظر لحوراء مجددًا، فوجدها تحرك رأسها وعلامات الخوف تظهر على عيونها الَّتي خرجت منها دموعها بكثرة، فشعر بلذه رائعه تنتشر في جسده، وظلَّ ينظر لها مستمتعًا بنزظراتها الخائفة.
اصطنع "زين" وجهًا حزينًاد ونظر إلى "حوراء" نظرات معاتبة وقال:
أنتِ حزينة، لا أصدق هذا! ينبغي أن تكوني سعيدة، لكن لا بأس، سأساعدكِ بطريقتي الخاصة.
أخرج "زين" حقنة، ثمَّ نظر إليها نظرات مليئة بالشر وأخذ يقترب منها مردفًا:
تتفحصت حقيبتكِ، ووجدت حقن الأنسولين، يبدوا أنكِ مريضة سكر، سأكون رجلًا جيدًا، سأعطيك الحقنة، وأجعلكِ تتناولي الطعام أولًا، ألست لطيفًا؟!
قام "زين" بغرز الحقنة في فخذها، ثمَّ نظر إلى ساعات وقال:
سأنتظر بعض الوقت.
وبعد حوالي ربع ساعة وضع صحنًا به قطع الخبز وأسماك، ثم أحضر سكينًا وأقترب منها، ووضع السكين على عنقها وقال:
لست بحاجة لأخبركِ كم ستكون نهايتكِ بائسة إن رفضتي تناول الطعام، أو حاولتي بالصراخ حتَّى، تناولي طعامكِ يا عزيزتي بهدوء، حسنًا؟
حرّكت "حوراء" رأسها ويكاد الخوف أن يفتك بها، ثمَّ "زين" بإطعامها؛ لعدم رغبته في أن يزيل قيود يدها، وحينما انتهت مِن تناول الطعام الذي ابتلعته بصعوبة وكأنَّ هناك شيء يمنعه مِن النزول إلى حلقها.
وقف "زين" ثمَّ ابتعد عنها قليلًا، وأدار لها ظهره، ثمَّ استدار نحوها مجددًا بملامح وجه سعيدة للغاية، ويبدوا عليه الجنون والشر، وبدأ يسير نحوها ببطء مستمتعًا بصوت خطواته المنطلق إلى أذنها، ومع كل خطوة يخطوها يزداد شعورها بالخوف، حينما وصل لها اقترب منها وضع يده على عنقها بقوة حتَّى كادت أن تتوقف عن التقاط أنفاسها، ثمَّ همس في أذنها:
كنت أمزح معكِ، لن تموتي هذه الميتة المريحة، لقد أردت فقط أن أجرب الشعور يالقتل، وكم كان شعورًا رائعًا! والآن هل أقطع يدكِ أولًا، أم قدمكِ؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top