ألم الوحدة

لن يشعر بوحدتك سوى مَن هو وحيد مثلك.
_________________________________

في اليوم التالي، كانت "ياسمينا" تجلس في المقعد المقابل أمام "بصير" تستمع إلى أحاديثه الذي بدت غير عقلانية بالنسبة لها، وتضع يدها أسفل ذقنها، ثمَّ تنهدت وقالت:
"بصير" هذا  مستحيل، ورجاءً لا تقل مِثل هذا الهراء مجددًا، أنت تبالغ في هذا الأمر.

ثمَّ وقفت "ياسمينا"، وعدلت الوشاح المعغطى به شعرها بعدما قالت:
سأذهب للإطمئنان على "حوراء".

وبينما كانت "حور" تجلس بجوار فراش "حوراء" النائمة، استمعت لطرقات على الباب، فخرجت بعدما ارتدت وشاح يغطي شعرها، وحينما فتحت الباب وجدت "ياسمينا" تقف أمامها، فابتعدت عن الباب لتتيح لها الدخول.

فسألتها "ياسمينا" عن حال "حوراء"، فأخذتها "حور" إلى غرفتها، ثمَّ وقفا كلتاهما بجوار الفراش، وأردفت "حور" بحزن:
بعدما استعادت وعيها غفت، أنتظر أن تستيقظ حتَّى أتحدث معها، ونصبح على وفاق كما اعتدنا سابقًا.

تطلعت "ياسمينا" إلى جسد "حوراء" النائم، ثمَّ وجهت عيونها "لحور"وقالت:
بالتأكيد كان الأمر صعبًا عليها، ولكن يا حور أنتِ مخطئة، كان يجب أن نعرف شعورها، ثمَّ نخبرها عن مرضها، وبسبب تصرفكِ ازداد الأمر سوءً!

فوضعت "حور" وجهها في كلتا يديها، ثمَّ أخذت تبكي، فاقتربت منها "ياسمينا"، وربطت على ظهرها، بينما تحدثت "حور":
أعترف بخطئي، ولكنِّي لم أكن لأتحمل خوفها مني.

بينما كانت "ياسمينا" تواسي "حور"، فإذا بصوت تآوهات نابعة مِن "حوراء"،فتطلعا لها ليجدوها تستفيق، فوقفت "حور" بسرعة، ثمَّ أسرعت تعانقها وهي تبكي، بينما تجاهلت "حور" ذاك الشعور الغير آمن، وبادلتها العناق.

كانت "ياسمينا" تتطلع إلى ما يحدث بحب وعيون تكاد تكاد تبكي مِن السعادة، كم تمنت أن يكون لها أخت، لا يهم إن كانت أصغر أو أكبر منها، هي فقط أرادت أحد يقارب سنها تشاركه همومها، ولكنها تجاهلت هذا الشعور، وظلَّت تنظر أمامها تتطلع إلى ذلك العناق اللطيف والدافىء في هذه الأسرة الصغيرة.

اقتربت منها "ياسمينا"، ثمَّ عانقتها هي أيضًا، وظلَّوا على هذا عِدة دقائق حيث عناق دافىء دون كلمة واحدة، أهناك علاج نفسي أفضل مِن هذا؟!

بعد قليل جلسن جميعًا حول "حوراء"، ثمَّ بادرت "حور" بالسؤال:
لِمَ كنتِ ترتدين فستان عروس حينما عدتي؟

تصلَّب جسد "حوراء" حينما استعادة تلك الأحداث، ثمَّ بدأ جسدها بالإرتعاش، وأخذت تبكي حتَّى خرج صوتها:
لقد خُطفت مِن قبل رجل مجنون، كان يود قتلي.

وقفت "ياسمينا" سريعًا بفزع، ثمَّ أردفت بنبرة يشوبها الخوف:
ينبغي "لبصير" لأن يسمتع لهذا الأمر؛ فهو محقق، وسوف يساعدكِ في إيجاد المجرم، "حوراء" تجهزي حتَّى أناديه.

خرجت "ياسمينا" لتنادي "بصير"، فوجدته يجلس يلعب مع ابنته "سدرة"، فأمسكته مِن ذراعه وسحبته خلفها حتَّى وصلا إلى شقة "حوراء".

بعد قليل كانوا جميعًا يجلسون في غرفة الصالون منتظرين "حوراء" أن تتحدث، فتنهدت "حوراء" ثمَّ بدأت تروي ماذا حدث لها مِن البداية حتَّى وجدتها الجارة "كريمة" بالصدفة في أحد الشوارع.

خرج حديث "حوراء" مصحوبًا بالبكاء والتلعثم،  ولكن ما جعلها أكملت حديثها هي تلك اليد الَّتي ظلَّت تربط عليها، وحينما أنهت حديثها، قال"بصير":
إذًا كان مريضًا نفسيًا، إن وجدنا الكاميرا الَّتي التقط بها الصور لكم معًا فلن يكون صعبًا إثبات الجرم.

نظر "بصير" إلى "ياسمينا" "وحور"، ثمَّ قال:
هل يمكنكم الخروج والجلوس في أحد الغرف؟ أريد الحديث معها في شيء مهم.

خرجا الاثنتين مِن الغرفة، وقبل أن تغلق "ياسمينا" الباب أردف "بصير":
اتركيه مفتوح.

تحدث "بصير" بصوت خافض:
آنسة "حوراء" هل أنتِ بالفعل تتوهمين أنَّ دميتكِ كان تتحدث؟

تفاجئت "حوراء" مِن معرفته لهذا الأمر، وظهرت الصدمة على وجهها، ولكنَّها تحدثت بحرج:
أجل، كنت أتحدث معها، وكانت هي أيضًا ترد عليَّ.

فعاد "بصير" ليسألها:
منذ متى بدأ هذا الأمر؟

فأجابت:
منذ عِدة سنوات بعد سفر "حور".

كان "بصير" ينصت إلى حديثها بتركيز شديد، ثمَّ قال:
هل يمكنكِ إخباري عما حدث في اليوم الَّذي رأيتي به دماء على سيارتكِ؟

تألم "قلب" مِن ذكر هذا اليوم الَّذي بدأ عنده كل شيء، ولكنَّها قالت:
حينما نزلت مِن البناية وجدت الدماء تغطى زجاج السيارة الأمامي، شعرت بالخوف والقلق، ثمَّ أسرعت بالصعود، ودخلت إلى غرفتي وأنا أبكي، كنت خائفة مِن "حور"، فلم أفتح لها الباب، ولكنِّي أخبرتها بشأن الدماء، وبعد قليل غابت ولم أسمع صوتها، ثمَّ وجدتها تقول أنَّ لا شيء على السيارة، فنزلت مجددًا، وبالفعل لم أجد شيء، ولكن كان الزجاج الأمامي نظيفًا، أنا لم أستخدم سيارتي منذ زمن، وبالتالي هي مغطاة بالتراب، ولكن كان الزجاج نظيفًا، كان عقلي كالمشلول في تلك اللحظة، فرأت عيني أنَّه نظيف، ولكن عقلي لم ينتبه لهذا الشيء.

حينما أنهت "حوراء" حدثها، سألها "بصير" بجدية:
هل أخبركِ ذاك المدعو "زين" أنَّه مَن وضع الدماء على زجاج السيارة؟

فأتاته الإجابة سريعة:
لا، ولكنَّي تفهمت مِن خلال حديثي معه أنَّه كان يراقبني.

انتهى حديثهم معًا فوقف "بصير" ليخرج، ولكنَّه قال قبل أن يخرج:
احذري يا "حوراء" مِن كل شيء حولكِ، قط يستغل أحد حالتكِ، وإن احتجتي للمساعدة، سأكون هنا دومًا، وبشأن "زين" سأقدم بلاغ في الشرطة، وأبحث عنه حتَّى أجده، لذا لا تقلقي، ولكن لا تخرجي حتَّى نقبض عليه.

سار "بصير" للخارج، وقبل أن يخرج مِن باب الشقة، سمعها تناديه، فنظر خلفه ليجدها تقف تضع عيونها في الأرض وهي خجلة، ثواني حتَّى قالت:
شكرًا لك لمساعدتي، وشكرًا؛ لأنك بحثت عني، وأنا آسفة بشأن ذراعكِ.

فرَّد عليها بحرج مماثل بعكما نظر لذراعه:
الشكر لله.

خرج "بصير"، بينما عادت "حوراء" تبحث عن "حور"، فوجدتها في غرفتها تجلس على فراشها، وبجوارها "ياسمينا" تجلس بأريحية، ويتحدثان معًا، وما إن دخلت، أجلسوها في المنتصف بينهم.

فوضعت "حور" رأسها على كتف "حوراء" مستمتعة بقربها، ثمَّ تحدثت بتعجب:
كيف نجوتِ مِن ذاك المجنون؟!

فابتسمت "حوراء" بعدما نظرت لسقف الغرفة، ثمَّ قالت بامتنان وصوتها منخفض بعض الشيء:
نجوت بلطف الله.

صمتت "حوراء" قليلًا، ثمَّ عاد تتحدث مجددًا بعدما وجدت نظرات "ياسمينا" الفضولية:
كان زين قويًا، وضخم البنية، جسده مملوء بالعضلات، لم أكن بوسعي الهروب منه، ولكن بطريقة ما أنقذني الله بعدما اعتقدت أنَّها النهاية.

عانقت "حور" "حوراء" بشدَّة، بينما نظرت لهم "ياسمينا" بحب، تستمتع باقترابهم مِن بعضهم، ثمَّ عانقت هي أيضًا "حوراء" بعدما ابتسمت، وظهر على وجهها السعادة وقالت:
اسمحي لي أيضًا أن أعانقكِ؛ فلطالما أردت دومًا أن أمتلك أختًا.

فرفعت "حور" جسدها بعدما خرجت مِن عناق "حوراء"، ثمَّ نظرت بحماس إلى "ياسمينا" بعدما سألتها:
إذًا لِمَ لا تكوني أختنا الثالثة؟!

التمعت أعين "ياسمينا" بسعاده بالغة بعدما ألقت "حور" بتلك الكلمات العذبة، ثمَّ شعرت بقلبها يحلق عاليًا بين السحاب مِن فرط السعادة، فأسرعت تعانقها وهي لا تكف عن الضحك بصوت عالٍ، فعانقتهم "حوراء" هي أيضًا ليصبحن ثلاثتهم في عناق واحد.

وأثناء ذلك العناق اللطيف، أردفت "ياسمينا" والشعور بالحب والسكينة يجتاحها برفق:
إذًا سيكون لي أختان بدًلا مِن واحده، لقد مُنِحت أكثر مما تمنيت،كم أنا سعيده الآن!

بدأ ثلاثتهن يتحدثن معًا بحب وود ويحكين عن الماضي والذكريات، وفي لحظة سعيدة، تحدثت "حوراء" بفزع بعدما نظرت حولها في كل أنحاء الغرفة، ولم تجد "لين":
أين "لين"؟ لِمَ لا أراها

هدأت "ياسمينا" مِن روعها، ثمَّ ربطت عليها قبل أن تقل:
لا تخافي، إنًّها تلعب مع "سدرة" ابنة "بصير"، لذا اطمئني ولا تفزعي.

شعرت حوراء بالغرابة، ونظرت إلى ياسمينا باستغراب، ثمَّ سألتها بحماقة:
وهل يمتلك "بصير" ابنة! أنا أعلم أنَّه متزوج، ولكن لم أكن أدري أنَّ لديه ابنة.

أعادت "ياسمينا" رأسها للخلف، وظهر عليها ملامح الحزن، ثمَّ تحدثت بصوت حزين:
لم يعد متزوج، لقد انفصل عن زوجته منذ وقت قريب، كل ما قاله أنهم ليسا على وفاق ورفضت والدتي أن يعيش هو وحده مع ابنته، فعاد ليعيش معنا.

وضعت "حوراء" يدها على يد "ياسمينا" كأنَّها تواسيها، ثمَّ أردفت:
لعله خير، ربي يرزقه الزوجة الصالحة.

حلَّ الصمت والهدوء بالغرفة، فعادت "ياسمينا" تتحدث بحماس وعيون يملؤها السعادة الفرح، ونظرات منتظرة الإجابة:
أريد شراء ملابس جديدة قبل أن يبدأ العام الدراسي، هل تأتون معي؟

تحمست "حوراء" في البداية، ولكنَّها شعرت " بالحزن حينما تذكرت أنَّ "بصير" أخبرها بعدم الخروج، وتحولت معالم وجهها إلى الضيق، ثمَّ وضعت يدها أسفل ذقنها وقالت:
لا يمكنني الخروج، قد يكون "زين" يراقبني الآن، وأخشى أن تخرج "حور"، فيؤذيها؛ لكونها أختي، سأظل حبيسة المنزل حتَّى يُسجن "زين".

تنهدت "ياسمينا" بحزن حينما علمت أنَّهم لن يستطيعوا القدوم معها، ثمَّ تحول وجهها اللطيف إلى وجه غاضب، فرفعت قبضة يديها، ثمَّ ضربت الوسادة وأردفت:
لو رأيت ذلك الحقير لن أتركه حتَّى أقتله!

ضحكت "حوراء" على تعبيرات وجه "ياسمينا" الغاضبة الَّتي نظرت لها باستغراب، وحينما توقفت  نظرت للأعلى، ثمَّ قالت بنبرة تغلغل بها الحب:
أعتقد أنَّ اليوم سيكون سعيدًا.

فجأة انتفض جسد "حوراء"، ثمَّ وقفت فجأة بعدما قالت:
يجدر بي أن أشكر جارتنا الجدة "كريمة"، هل ستأتون معي؟

فأجابت "حوراء" بعدما وقفت:
ولِمَ لا!

بينما هزَّت "ياسمينا" رأسها مؤكدة أنَّها ستذهب معهم، وبعد قليل كان ثلاثتهن يقفن أمام باب "كريمة"، طرقوا الباب ثلاثة مرات، وبعد حوالي دقيقة فُتح الباب، لتظهر "كريمة" وهي تضيق عينيها وتحاول أن تتعرف على الوجوه الَّتي هي أمامها بينما تقول:
مَن؟

ابتسمت "حوراء" لها بعذوبة، ثمَّ تحدثت بصوت ناعم ظهر على الامتنان والشكر:
هذه أنا "حوراء" ابنة "سليم" و"هدى" جيرانك المتوفيين، ومعي أختي "حور" و"ياسمينا" ابنة "شيماء"، جئنا لنزورك لنشكركِ على مساعدتي.

تهللت أساريرها، وظهر عليها السعادة حتَّى ابتسمت شفتيها دون أن تدري، وظهر الحماس والفرحة على صوتها، بينما ابتعد جسدها عن الباب، وقالت:
تفضلوا، لم أتعرف عليكم؛ لأني لم أرتدي النظارة، هيا ادخلوا!

دخلوا جميعًا إلى المنزل، وقد كان المنزل مظلمًا كئيبًا لا يتسلل له ضوء الشمس حتَّى، أرشدتهم "كريمة" إلى غرفة الصالون، وقبل أن تتحدث "حوراء" قالت "كريمة":
هل تناولتم طعام الإفطار.

فابتسمت لها "حور" في المقابل، وقالت:
لا داعي يا.

وقبل أن تكمل "حور"حديثها قاطعتها "كريمة" الَّتي وقفت فجأة:
أنا لم أتناوله بعد، سأذهب لأحضر الطعام لنا.

فوقفت "ياسمينا" تحاول أن تمنعها بعدما رآتها ذاهبة إلى المطبخ، فصرخت عليها "كريمة" بغضب:
اجلسي وإلا لن أترككِ حتَّى تتناولي طعام الغداء معي.

فجلست "ياسمينا" مجددًا بخوف، وبعدما خرجت "كريمة" مِن الغرفة، خرج صوت ضحك مكتوم، ثواني حتَّى انفجر الجميع بالضحك، فقالت "ياسمينا":
إنها تفقد أعصابها وتغضب بسرعة.

فرَّدت عليها "حوراء":
إنَّه الكِبر في السن يا عزيزتي.

بعد حوالي ربع ساعة عادت "كريمة" وهي تحمل معها صحون الطعام، ووضعته على الطاولة متوسطة الحجم الَّتي في منتصف الغرفة، كانت الصحون مليئة بأكثر مِن نوع جبن وبيض مسلوق وعسل وصحن به زيتون.

فجلسن جميعًا يتناولن الطعام بصمت خوفًا مِن أن تغضب عليهم، وكانت "مكريمة" تحثهم وتجبرهم على تناول كمية أكبر مِن الطعام كلما توقفوا، وبعد نصف ساعة، كانوا يجلسون في النافذة يتطلعون إلى المارين بالشارع حاملين في أيديهم أكواب مِن الشاي، وأمام كل واحدة صحن به العديد مِ قطع الكعك.

تناولت "كريمة" رشفة مِن كوب الشاي، ثمَّ عادت تتحدث باستمتاع:
كنتِ فاتنة للغاية، لا تنظري لمظهري الآن، لقد كان شعري بنيًا يميل إلى الإصفرار، لقد ورثته مِن جدتي، وكان جسدي أيضًا جميل ليس مثل فتيات هذه الأيام نحيفات، كانت الفتاة السمينة هي المرغوبة ويُقدم لها كثير مِن الذهب، كما أننا لم نغطي شعرنا في تلك الفترة، لم يكن هناك حجاب، ولكن كان الرجال لا ينظرون للفتيات.

عادت "كريمة" لتشرب كوبًا مِن الشاي، ثمَّ مصت شفتيها بينما احتاجها شعور بالحنين، ثمَّ حرَّكت رأسها وهي تردف:
أيام.

وضعت "حوراء" كوب الشاي على الطاولة بعدما أنهته، ثمَّ وجهت حديثها إلى كريمة:
شكرًا لكِ على إحضاري للبناية بينما كنت في حالة سيئة بالأمس.

فجأة انتبهت "كريمة" لما حدث بالأمس، ثمَّ أسرعت تسألها للاطمئنان عليها والخوف ظاهرًا في عيونها:
هل أنتِ بخير، ولِمَ كنتِ ترتدين فستان عروس؟

فأجابتها "حوراء" بعدما تنهدت وهي تنظر للسيارات المارة في الشوراع:
لقد خُطفت مِن قبل مجنون، جعلني أرتدي فستان لأظهر بمظهر العروس، لكنِّي هربت منه بطريقة ما، ولهذا جئت لأشكرك.

فابتسمت لها "كريمة" بحب بعدما عادت تأكل قطع الكعك، فوقفت "حوراء" حتَّى تنهي الزيارة، فأجلستها "كريمة" حتَّى تنتهي مِن تناول الكعك، فسألتها "حوراء":
هل تعيشين وحدكِ هنا؟

فرَّدت عليها بعدما ظهر عليها الحزن والألم، وكادت الدموع أن تخرج مِن مقلتيها:
أجل، لقد تزوج ابني الوحيد، ولم يعد يزورني إلا قليلًا، وتوفى زوجي منذ سنة، فأصبحت أعيش وحدي، ولا أحد يأتي ليزورني، لقد فُجئت حينما وجدت أحدًا يطرق بابي اليوم.

رفعت "كريمة" عينيها الَّتي التمعت مِن آثر الدموع، ثمَّ قالت:
هل سوف تزورني مجددًا؟

شعر الجميع بالحزن عليها، وخاصةً "حوراء" الَّتي كانت على علم بشعور أن تكون وحيدًا، وأخذت تفكر ماذا لو كانت على علم بشعورها، ماذا لو كانا يجتمعان معًا ويتحدثان حينما كانت وحيدتين؟ أكانت حاله "كريمه" ستصل إلى هذا الحزن البالغ والألم؟ أكان توهمها سوف يفوق هذا الحد؟ لكنها ابتسمت لها بألم، ثمَّ اقتربت منها وعانقتها والدموع تخرج من عينيها، وأردفت بصوت خرج مكسورًا:
أعدكِ أنِّ سأزورك  دومًا حتَّى تنتهي أيامي، ولطالما أنِّي قادرة على الوقوف على قدمي هذه لن أتوقف عن زيادتكِ.

بعد قليل كانت "كريمة" تقف أمام الباب تودعهم أثناء رحيلهم، وحينما اختفوا عن ناظرها أغلقت الباب، وما إن سمعت "ياسمينا" صوت الباب وهو يُغلق قالت:
لقد كانت سليطة اللسان دومًا، وتتشاجر مع الجميع، لم أكن أدري أنَّها لطيفة هكذا.

فرَّدت عليها "حوراء" بألم:
إنها فقط تشعر بالوحدة!

في قسم الشرطة الخاص بمحافظة القاهرة، كان "بصير" يسير متجهًا نحو مكتبه حتَّى التقى "بشهاب" فجأة، فنظر له "شهاب" باستغراب، ثمَّ تحدث ونظرات الاستغراب لم تتلاشى:
ألن تنتهي أجزاتك غدًا؟ ما الذي جاء بك اليوم، وماذا حدث لذراعك؟

فرَّد عليه "بصير"، وتحدث باستعجال:
ليس الآن، أتتذكر جارتي المختفية، لقد وجدناها، لقد كانت مخطوفة مِن قبل رجل مجنون جعلها ترتدي فستان عروس، وكان ينوي قتلها.

فكر "شهاب" قليلًا، ونظر أرضًا ثمَّ حرَّك أصابعه أسفل ذقنه وهو يردف:
لا يمكن أن تكون مصادفة، ألا تدري ماذا حدث؟!

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top