(24)

بقلم :نهال عبد الواحد

(ضيف الحلقة الرائد سيف بطل رواية حبي الأول و الأخير)

وصل سيف، وليد ورجالهما إلى المكان وسريعًا قد وُزعت المهام على الجميع.

كان المكان عبارة عن بيتٍ متواضع وتأكد من عدم وجود سلم خلفي ودرسوا المكان جيدًا.

صعدوا المكان وانتشروا فوق سطح المنزل ناحية الجوانب التي تقترب من أسطح البيوت الأخرى، اقترب وليد وسيف من الباب حيث كان المكان غرفةً فوق سطح البيت وبعض الرجال كانوا ناحية النوافذ وبذلك يكونوا قد طوقوا المكان من جميع الجهات.

كانت الساعات الأولى من الصباح الباكر و كان الجو هادئًا ساكنّا.

دخل الرجل فوجد مصطفى ومجموعة من رفقاء السوء يتعاطون من السموم البيضاء ويشربون من المنكرات في لامبالاة، دخل وسلم عليهم ثم جلس ليشاركهم وعيناه على مصطفى ترمقانه بحنقٍ تكاد تحرقه من شدة الغضب، لا بل تكاد تحرق المكان بأكمله.

فصاح يتهكم: كنتوا مقضينها من غيري!

أجاب مصطفى: القعدة لسه ما خلصتش أهي.

-يا ترى إيه الأخبار؟

- الأخبار عندك إنت، اتفقت على إيه؟

-إنت ما كلمتش وليد ولا إيه يا مصطفى؟!

- هو إنت قولت حاجة عشان أقولها!

وكانت قولته تلك قد أكدت خيانته فوقف فجأة، فصاح أحدهم: رايح فين؟ إنت لحقت تقعد؟

أجاب ساخرًا: مش في ضيفة جوة لازم نكرمها ولا إيه!

فضحكوا وصفروا إلا مصطفى الذي لازال لا يأبه من كثرة الشراب، فأكمل: بس عارف يا درش سمعت إن أختك إحلوت كتير، العز حلو برضو!

هتف مصطفى: انت بتقول إيه!

-أنا بنفذ وما بحبش اللف والدوران، هه!

واستكمل خطواته نحو الحجرة فأمسك مصطفى بذراعه وصاح: إنت رايح فين على كده؟!

-داخل! المزة الزمني وهتأكد بنفسي هي إحلوت ولا إيه!

- ما تلم نفسك دي أختي يا واطي!

- والله! وده من إمتى؟! ده انت الود ودك كنت...

- شكلك سكرت وبتهجس!

وهم بالدخول فأمسك به مصطفى مجددًا يمنعه من الدخول لكنه أخد يتحدث عن جمالها بكلماتٍ بذيئة خادشة للحياء يود أن يثير غضب مصطفى الذي بالكاد يرد عليه من تأثير الخمر والمخدرات فهذا كل ما لديه.

لكن وليد كان بالقرب من الباب وقد سمع كل شئ وكيف تجرأ ذلك الحيوان على وصف زوجته بتلك الوقاحة المفرطة! لكن قد بلغ غضبه مبلغه وفجأة انقض على الباب دون انتظار سيف فانقض بكل غضبه وثورته حتى حطّم الباب ودخل، ورغم تفاجؤ سيف وانزعاجه لسرعة تصرفه لكنه لم يلومه فوقع الكلمات شديد على أي رجل.

ودخل خلفه وبدأ الاشتباك مع من بالداخل وهم مجرد مجموعة من المخمورين المتهالكين بفعل الخمر والمخدرات فلم يكن اشتباكًا شديدًا.

لكن وليد كان محدد الهدف حيث دخل منقضًا على ذلك الوغد مباشرةً الذي تجرأ وذكر زوجته وتلفظ بما قال، قفز عليه فأسقطه أرضًا ولكّمه لكمة محترفة.

و رغم قوة اللكمة التي أسقطت رباعيته إلا أن ذلك الوغد لم يكف عن حديثه القذر فيزيد وليد من لكماته فصار ينزف من أنفه وفمه بغزارة.

أسرع إليه سيف يمسكه ليكتفي بذلك فكاد أن يقتل الرجل فجذبه ودفعه بقوة أرضًا فجسد سيف له نفس القوة وأكثر.

فصرخ فيه سيف: سيبه وخش جيبها من جوة!

لكن ذلك الوغد رغم كل أوجاعه هذه جذب قدم وليد لألا يدخل فانزلق وليد ثم ركله في بطنه ركلة قوية جعلته يتأوه بشدة ثم قام مسرعًا يلتمس شفق في إحدى الحجرات.

دخل وليد مثل الإعصار فوجد شفق مقيدة وملقاة على الأرض ومتورمة الوجه الممتلئ بالكدمات والرضوض ودماء كثيرة في كل مكان لا يدري من أين تأتي خاصةً مع هيئتها هذه الغير مبشرة بالخير.

جثى على ركبتيه يحاول التأكد أنها لازالت على قيد الحياة لكنه لم يشعر بأي نبض فحاول فك تلك القيود المغروسة في يديها وقد تسببت في جروح.

فك قيودها واحتضنها يهزها بقوة ربما تشعر بوجوده فتستيقظ لكن لم يحدث.

فصرخ بقهر: عملتوا فيها إيه؟

فحملها وخرج بها يسرع نحو المستشفى فقام ذلك الوغد الذي قد جلس بصعوبة بسبب آلام ما لاقى من ضرب وأخرج مسدسه يصوبه نحو وليد فأسرع سيف نحوه وركله أطاح المسدس من يده.

كان قد قيد باقي الرجال وكان هو المتبقي، وصلت سيارة الشرطة فدفع بالمقيدين وذلك الوغد الذي لازال يقاوم نحو سيارة الشرطة.

ذهب وليد بزوجته إلى المستشفى وذهب معه سيف، دخلت شفق إلى الطوارئ ومنها إلى غرفة العمليات ووليد لا يفهم ماذا بها لكنه يقف أمام غرفة العمليات في قلقٍ وتوترٍ شديدين!

كان قد أرسل رجاله ليطمئنوا أمه وابنته ومعهم سيارة الشرطة للقبض على سها.

وبعد مرور وقت خرج الطبيب من غرفة العمليات فأسرع إليه وليد وسأله بلهفة: طمني يا دكتور هي فيها إيه؟ واتأخرتم كده ليه؟

- إطمن حضرتك مفيش كسور دي مجرد كدمات ورضوض وهتروح بالعلاج إن شاء الله، بس...

- بس إيه!

- المدام نزفت كتير وللأسف اضطرينا نضحي بالجنين.

صاح وليد بفجأة: جنين!

- هي كانت حامل وحصل نزيف شديد حاولنا نسيطر عليه لكن الوضع ما كانش يسمح، إطمن حضرتك هي هتبقى كويسة وتقدر تجيب غيره بعد كده إن شاء الله، ده كان أول طفل ليكم؟

فأومأ وليد رأسه بمرارة، فأكمل الطبيب: ربنا يقومها بالسلامة ويعوض عليكم بغيره إن شاء الله، بس.......

قاطعه وليد بحبس أنفاس: أيوة قولي! في حاجة تانية؟

- حاجة تانية إيه!

فصرخ فيه وليد بثورة شديدة: ماترد عليّ إنت بتلف وتدور ليه؟

أجاب الطبيب باستياء: جرى إيه يا وليد باشا! إيه الطريقة دي!

تابع وليد محاولًا السيطرة على انفعاله: أرجوك قدر موقفي، مراتي كانت مخطوفة لمدة يوم كامل وكانوا شوية مدمنين سفلة ولاقيتها في حالتها دي، أرجوك قولي في إيه تاني! عشان لو اللي ف دماغي صح مش هسيبهم على وش الأرض ثانية، قول أرجوك!

- إطمن يا وليد باشا، المدام سليمة مش اكتر من أثر التكتيف والضرب، أنا كنت عايز أقول لحضرتك إن التجربة دي أكيد هتأثر على حالتها النفسية بشكل سيئ وواضح إنها منهارة جدًا و بتهزي بصريخ، ده هياخد وقت ولازم طريقة تعامل معينة من اللي حواليها وصبر كمان، بس هي هتفضل تحت الملاحظة لفترة وفي دكتور نفسية عصبية هيشوفها ضروري، إطمن هي شوية وهتطلع أوضتها، حمد الله على سلامة المدام، عل إذنكم.

أسند وليد على الحائط آخذًا نفسًا عميقًا ومخرجه بتنهيدة شديدة وممسكًا بخصلات شعره قابضًا عليها وجاذبها ثم ابتلع ريقه بصعوبة فظهر في حركة تفاحة آدم.

فاقترب منه سيف مربتًا عليه بأسى: حمد الله على سلامتها وإن شاء الله تقوم بالسلامة وربنا يكرمكم بغيره، إنت أكتر واحد هتحتاجه جنبها الفترة دي، ما تسيبهاش.

فنظر وليد إليه وقال بصوت مختنق: تعبان!

- حاسس بيك طول الوقت عشان كنت مكانك في وقت من الأوقات بس ماكانتش مجرد ساعات كانت شهور ولما لاقيتها كانت بتموت ولما فاقت خدت وقت طويل لحد ما استعادت نفسها، ربنا يخليهالك وتقوم بالسلامة ويعوضك عن الطفل اللي راح.

عانقه وليد وقال بامتنان: شكرًا يا صاحبي تعبتك معايا مش عارف من غيرك كان إيه اللي حصل! كنت هلاقيها بعد أد إيه؟ ولا مش هلاقيها! يسلملي وقفتك جنبي! ختك من أجازتك معلش بأه.

فخبطه سيف في كتفه بمزحة: عيب عليك! بس كويس إني اطمنت عليك وإن دول مش منظر -قالها ضاربًا ذراعيه بمشاكسة وأكمل- ياخربيت اللي يزعلك يا أخي!

فابتسم وليد بإرهاق فقال سيف: أستأذنك أنا بأه، العيال كلها اتقبض عليها وكله تمام والتحقيق مع شفق لسه لما تقدر تتكلم، خلي بالك منها ومن نفسك، سيبلي أجازتي بأه قبل ما تطلعلي حاجة تانية وندى تولع فينا كلنا.

فضحك الاثنان وسلما على بعضهما، انصرف سيف وظل وليد مكانه محاولًا تهدئة نفسه فالأيام القادمة ستكون حتمًا عصيبة.


NoonaAbdElWahed

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top